العقد لا ينفع الغير
مجموعة مواضيع في النظرية العامة للالتزام في القانون المغربي لإنجازالبحوث والتحضير للمباريات القانونية
إن الغير الأجنبي لا يتأثر بعقد يبرمه غيره و لا يسري بحقه أي أثر من ذلك العقد وقد عبر المشرع المغربي في قانون الالتزامات و العقود عن هذا المبدأ في المادة 228 التي نصت على أنه :"الالتزامات لا تلزم إلا من كان طرفا في العقد ، فهي لا تضر الغير ولا تنفعهم إلا في الحالات المذكورة في القانون".
وهنا نود أن نشير إلى أن المشرع المغربي على غرار نظيره الفرنسي قد عمد إلى بحث آثار العقد في معرض حديثه عن آثار الالتزامات بوجه عام ، معتبرا بذلك آثار الالتزام هي نفسها آثار العقد مع أن هناك اختلاف كبير بين الموضوعين ، إذ العقد يرمي بصورة أساسية إلى إنشاء الالتزامات ، أما الالتزامات فهي تهدف بالأساس إلى إجبار المدين على تنفيذ ما التزم به.
ورجوعا إلى نص المادة أعلاه يتبين أنها تتضمن البحث في قاعدتين مختلفتين ، تعتمد الأولى على الجانب السلبي المتمثل في عدم سريان ما ينتج عن العقد من التزامات تجاه الغير الذي لم يكن طرفا في العقد).
.
.
فهي لا تضر الغير.
.
.
(.
والثانية على الجانب الايجابي ؛ حيث إنه إذا كان الأصل أن العقد لا يضر الغير ، فالأصل أيضا أنه لا ينفعهم ، وهذا الأصل الأخير هو الذي يقره المبدأ الذي نحن بصدد دراسته والذي يقول بعدم انصراف الحقوق المتولدة عن عقد لم يكن الغير طرفا فيه إلى هذا الغير إلا استثناء وبنص القانون ، كما هو الأمر بالنسبة للاشتراط لمصلحة الغير الذي يعد من أبرز هذه الاستثناءات .
الفقرة الثانية : استثناء الاشتراط لمصلحة الغير الاشتراط لمصلحة الغير هو عقد ينشأ بموجبه لشخص أجنبي عن العقد - ويسمى المنتفع - حق مباشر تجاه أحد المتعاقدين - ويسمى المتعهد - اشترطه عليه المتعاقد الآخر - ويسمى المشترط-ومن هذا التعريف يتضح أن الاشتراط لمصلحة الغير يشكل استثناء من مبدأ العقد لا يكسب نفعا للغير ، واستثناء لما قرره الفصل 33 من قانون الالتزامات و العقود وقد خصه المشرع المغربي بالفصلين 34 و 35 من قانون الالتزامات و العقود ؛ حيث أقر فيهما جواز الاشتراط لمصلحة الغير وبين الآثار التي تترتب عليه سواء بالنسبة للمشترط أم بالنسبة للمنتفع أم الغير.
و للاشتراط لمصلحة الغير صور عديدة ؛ إذ إن نطاقه واسع جدا في الحياة العملية ، فهذه الصور نجد أثارها في عقود الهبة بعوض ، وفي عقود التأمين ،وفي عقود نقل البضائع وفي عقود المرافق العامة.
.
.
.
؛ ففي عقد التأمين مثلا يؤمن المتعاقد على حياته لمصلحته ومصلحة أولاده بعده إذا مات قبل مدة معينة ، أو يؤمن لمصلحة أولاده فقط وللقول بتحقق الاشتراط لمصلحة الغير ، لابد من توافر ثلاثة شروط: · أن يتعاقد المشترط باسمه لا باسم المنتفع وهذا ما يميزه عن الوكالة و الفضالة .
· أن تنصرف إرادة المتعاقد إلى إنشاء حق مباشر للمنتفع ، فمصدر هذا الحق هو العقد ذاته .
· أن تكون للمشترط مصلحة شخصية ) مادية أو أدبية (، وهذا ما يميزه عن الفضولي في الفاضلة .
والاشتراط يصح لمصلحة شخص ولو كان غير معين وقت عقد الاشتراط.
أما فيما يخص آثار الاشتراط لمصلحة الغير فيستلزم للإحاطة بتا أن نميز بين علاقات ثلاث: · علاقة المشترط أو المتعاقد بالمتعهد أو الملتزم : تحدد هذه العلاقة بمقتضى العقد الذي توافق عليه الطرفان ، وبقوته يمكن للمشترط أن يطالب المتعهد بتنفيذ التزامه.
· علاقة المشترط بالمنتفع : قد تكون هذه العلاقة إما من قبيل التبرع وإما من قبيل المعاوضة ، وذلك تبعا لقصد المشترط من العقد ، وهو ما جاء به الفصل 34 من قانون الالتزامات و العقود الذي نص على أنه : " ومع ذلك يجوز الاشتراط لمصلحة الغير ، ولو لم يعين إذا كان سببا لاتفاق أبرمه معاوضة المشترط نفسه أو سببا للتبرع لمنفعة الواعد .
.
.
" ،ذلك أنه سواء كانت طبيعة العلاقة بين المشترط والمنتفع علاقة تبرع أم معاوضة ، فإن حق المنتفع في الاستفادة من الاشتراط متوقف على عدم رفضه له · علاقة المنتفع بالمتعهد : تعد هذه العلاقة أهم ما في الاشتراط لمصلحة الغير ، لأنها هي التي تضفي عليه طابعه الخاص كاستثناء من قاعدة نسبية آثر العقد وعدم انصراف أثاره إلى غير المتعاقدين ؛ إذ ينشأ عن هذه العلاقة حق مباشر للمنتفع يكون مصدره عقد الاشتراط.