التراضى فى عقود التجارة الالكترونية

مواضيع في القانون الرقمي و الدولي

التراضى فى عقود التجارة الالكترونية

 التراضى فى عقود التجارة الإلكترونية

العقد الإلكترونى ما هو إلا توافق بين إرادتين أو أكثر على إحداث أثر قانونى سواء كان هذا الأثر هو إنشاء التزام أو نقله أو تعديله أو إنهائه ... ، ويعتبر الإيجاب هو الخطوة الأولى فى إبرام كافة العقود ومنها العقد الإلكترونى ، ولذلك سوف نقوم بتقسيم هذا المبحث إلى أربع مطالب على النحو التالى :

المطلب الأول : الإيجاب الإلكترونى .

المطلب الثانى : القبول الإلكترونى .

المطلب الثالث : وقت ومكان إبرام العقد الإلكترونى . 

المطلب الرابع : تنفيذ العقد الإلكترونى .

المطلب الأول الإيجاب الإلكترونى

ونتناول فى هذا المطلب المقصود بالإيجاب الإلكترونى وتمييزه عن الإيجاب التقليدى وبيان خصائص الإيجاب الإلكترونى وذلك على النحو التالى :

أولاً : المقصود بالإيجاب الإلكترونى

الإيجاب الإلكترونى لا يعدو أن يكون نفسه هو الإيجاب التقليدى ولكن تختلف أدواته ويبقى المضمون والجوهر، فالإيجاب فى العقد الإلكترونى يتم بوسيلة فورية من خلال شبكة عالمية تنقل الصوت والصورة فى الحال والسرعة فى نقل البيانات والمعلومات .

ولما كان الإيجاب التقليدى هو التعبير البات عن إرادة شخص يعرض على آخر أن يتعاقد معه ، حيث يعتبر الإيجاب فى القانون المصرى تعبيراً عن إرادة الموجب بقصد إحداث أثر قانونى هو إنشاء الالتزام  لذلك لاعبرة بالإرادة التى لم تتجه لإحداث أثر قانونى .

وقد وضعت اتفاقية فيينا لعام 1980 بشأن البيع الدولى للبضائع فى المادة (14/1) معياراً لتحديد الإيجاب فنصت على أن " يعتبر إيجاباً أى عرض لإبرام عقد إذا كان موجهاً إلى شخص أو عدة أشخاص معينين  وكان محدداً بشكل كاف وتبين منه اتجاه قصد الموجب إلى الالتزام به فى حالة القبول ، ويكون العرض محدداً بشكل كاف إذا عين البضائع وتتضمن صراحةً أو ضمناً تحديدا للكمية والثمن أو بيانات يمكن بموجبها تحديدها " . 

حيث عرفت المادة (14) من اتفاقية فيينا 1980 فى فقرتها الأولى الإيجاب بأنه العرض المحدد بطريقة كافية ويعبر عن إرادة الموجب فى أن يلتزم فى حالة صدور القبول من الطرف الموجه إليه الإيجاب .

ويعنى هذا التعريف بأمرين ، الأول أن الإيجاب لابد أن يتضمن عرضاً محدداً من الطرف الذى يصدر عنه إلى الطرف الذى يوجه إليه ، أما الأمر الثانى فهو التعبير عن التزام الموجب بالبقاء على إيجابه متى صدر القبول من الطرف الذى وجه إليه الموجب إيجابه .

فالإيجاب ليس هو مجرد الدعوة إلى الدخول فى مفاوضة وإنما هو ثمرة هذه المفاوضة وتعبير عن إتجاه إرادة صاحب العرض إلى الالتزام بالشروط التى أسفرت عنها فشروط الإيجاب وفقاً لاتفاقية فيينا هى :

(الشرط الأول : أن يكون العرض قد تم توجيهه إلى شخص أو أشخاص معينين مثل العرض الذى يوجه من منتج إلى مستشفى محدد لبيع أدوات طبية محددة أو العرض الذى يوجه من تاجر التجزئة إلى منتج السلعة لشراء كمية معينة من هذه السلعة(1) ، أما العرض العام الموجه إلى كافة الناس أو إلى طائفة من الناس دون تعيين فلا يعتبر إيجاباً وإنما "دعوة إلى عمل إيجاب" .

الشرط الثانى : أن يكون العرض محدداً تحديداً كافياً وذلك بتحديد البضاعة تحديدا صريحاً أو ضمنياً لكميتها وثمنها أو أى بيانات يمكن بموجبها تحديد الكمية أو الثمن.

الشرط الثالث : أن يتضمن العرض تعبيراً عن اتجاه إرادة الموجب إلى الالتزام بإبرام العقد إذا صادف العرض قبولاً من المخاطب وهذا الشرط هو العنصر المؤثر فى النص لأنه هو الذى ينقل العرض من مرحلة المفاوضة إلى مرحلة العزم على التعاقد بالشروط التى أسفرت عنها المفاوضة أو التى ذكرت فى المنشور أو الكتالوج) .

وقد عرفت محكمة النقض المصرية الإيجاب بأنه " العرض الذى يعبر الشخص الصادر منه على وجه جازم عن إرادته فى إبرام عقد معين بحيث إذا اقترن به قبول مطابق له انعقد العقد "(2) .

ولما كان العقد يتم تكوينه بمجرد أن يتبادل طرفان التعبير عن إرادتين متطابقتين حيث تنص المادة (89) من القانون المدنى المصرى على " يتم العقد بمجرد أن

يتبادل طرفان التعبير عن إرادتين متطابقتين مع مراعاة ما يقرره القانون فوق ذلك من أوضاع معينة لانعقاد العقد " , فإن الإيجاب كتعبير بات مقترن بقصد الارتباط

العقدى يكون صادراً عن إرادة شخص تم التعبير عنها بداءة . بحيث يكون هو التعبير الذى ظهر فى العقد بصرف النظر عن وسيلة إخراج هذا التعبير من حيز النفس ، أى سواء كانت اللفظية أو الكتابة أو الإشارة المتداولة عرفاً أو إتخاذ موقف لاتدع ظروف الحال شكاً فى دلالته على حقيقته المقصود منه . 

وفى هذا تنص المادة (90) من القانون المدنى المصرى بقولها " التعبير عن الإرادة يكون باللفظ وبالإشارة المتداولة عرفاً , كما يكون بإتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً فى دلالته على حقيقة المقصود منه " ، ولفظ إلكترونى إذا ما أضيف إلى الإيجاب فلا ينال من أصله المتمثل فى المعنى المراد منه وفقاً للنظرية التقليدية فى الالتزامات وقانون العقد ، فالمسألة مجرد وصف لا أكثر بسبب اختلاف وسيلة التعبير عن الإرادة فى عصر رقمى قوامه إلكترونيات تتجسد فى وسائل الاتصال الحديثة عن طريق النقر على الحاسب الإلكترونى ليظهر التعبير عن الإرادة على شاشة هذا الحاسب ثم النقر مرة أخرى لينقله فى شكل الأصفار والآحاد عبر شبكة الاتصالات العالمية - الإنترنت - ليتم استقباله من كل ما يملك منافذ الدخول إلى هذه الشبكات أو إلى طائفة خاصة من الجمهور وذلك من خلال البريد الإلكترونى الخاص بكل منهم ، فالإيجاب الإلكترونى عبر شبكة الإنترنت يتميز بالاستمرارية وعلى مدار الأربع وعشرين ساعة ويكون موجهاً لكافة بقاع المعمورة . 

وقد عرف التوجيه الأوروبى رقم 7/97 الخاص بحماية المستهلك فى العقود التى تبرم عن بعد الإيجاب الإلكترونى بأنه " كل اتصال عن بعد يتضمن كل العناصر

اللازمة بحيث يستطيع المرسل إليه أن يقبل التعاقد مباشرة ويستبعد من هذا النطاق مجرد الإعلان "(1) .

ورغم أن هذا التعريف يتلاءم وطبيعة التجارة الإلكترونية التى تقوم أساساً على التبادل الإلكترونى للبيانات والمعلومات وخصوصاً ما يتعلق بالشئ المبيع حيث يقوم المنتج بتوجيه إيجابه إلى الجمهور فى صورة مغرية وجذابة ، إلا أنه لم يحدد وسائل الاتصال عن بعد ، كما لم يبرز أهم خصائص الإيجاب الإلكترونى  وهى الصفة الإلكترونية فى هذا الإيجاب ، لكن يتضح منه اهتمامه بضرورة تضمين الموجب عناصر الإيجاب اللازمة حتى يتمكن القابل (المستهلك) من إصدار قبوله وهو على بينه . وبالرجوع إلى الملحق المرفق بالتوجيه الأوروبى رقم 7/97 نجده قد ذكر على سبيل المثال لا الحصر وسائل الاتصال عن بعد ومنها ، المطبوعات غير المعنونة  الخطابات النموذجية ، المطبوعات الصحفية مع طلب الشراء  الكتالوجات ، التليفون مع إظهار الصورة ، التلفاز ، الإنترنت(2) .

ويتم التعبير عن الإيجاب الإلكترونى بعدة وسائل مثل البريد الإلكترونى أو عبر غرف المحادثة أو ما يعرف اسم الـ Chatting وهى ما تعرف بمواقع المحادثة الفورية والمباشرة حيث يكون الموجب والقابل فى نفس اللحظة على الكمبيوتر ، أو من خلال مواقع الويب المنتشرة على شبكة الإنترنت والتى تقترب فى تقديم عروضها على الواجهات الإلكترونية إلى حد ما بواجهات المحلات التجارية أو غير ذلك من وسائل التعبير الإلكترونى عن الإرادة .

ويشترط فى الإيجاب الإلكترونى ، كما هو الحال فى الإيجاب التقليدى ، أن يكون جازماً ومحدداً وباتاً لا رجعة فيه ، بمعنى أن تتجه نية الموجب إلى إبرام العقد بمجرد اقتران القبول به ، أما إذا احتفظ الموجب بشرط يعلن فيه أنه غير ملتزم بما عرضه فى حالة القبول فلا يعتبر هذا إيجاباً بل مجرد دعوة إلى التعاقد.

والإيجاب الإلكترونى قد يكون إيجاباً خاصاً موجهاً إلى أشخاص محددين ، وهو يتم فى الغالب فى عروض التعاقد عبر البريد الإلكترونى أو برنامج المحادثة Chatting ، وقد يكون إيجاباً عاماً موجهاً إلى أشخاص غير محددين ، وهو ما يحدث فى حالة التعاقد عبر مواقع الويب التجارية المنتشرة على شبكة الإنترنت . ويترتب على هذه التفرقة نتائج وآثار قانونية مختلفة ، ففى الإيجاب العام الموجه إلى الجمهور لا تكون شخصية القابل ذات أهمية بالنسبة للموجب ، ولذلك فإن أى شخص يستطيع التقدم بالقبول ، حيث يحصل الارتباط حينئذ وينتهى مفعول هذا الإيجاب بالنسبة للأشخاص الآخرين .

كما قضت محكمة النقض الفرنسية بأن الإيجاب العام يلزم الموجب تجاه أول قابل له بالشروط المبينة فيه  كما لو كان موجهاً إلى شخص محدد (1) .

ويفرق البعض بين الإيجاب الإلكترونى الصادر من مواقع الويب التجارية والإيجاب الصادر من المتاجر الإفتراضية ، على أساس أن الدخول إلى المواقع التجارية يكون عادة مفتوحاً للجمهور عامة ، أما المتاجر  الإفتراضية ، فبعضها يقصر دخولها والاتصال بها على العملاء الحاصلين على اشتراك خاص ، وعادة يتم تزويدهم برقم سرى Password للولوج إلى هذه المحلات ، ولذلك فإن مثل

هذه المحلات لا تكون متاحة للعامة ، ويترتب على هذه التفرقة أن الالتزام بالقواعد والإجراءات المنظمة للإعلان عن المنتجات والخدمات ، كمراعاة الدقة والأمانة فى الإعلانات يقتصر على المواقع التجارية ، أما المتاجر الإفتراضية فلا تتقيد بالقواعد السابقة المتعلقة بالإعلان(1).

فالعقد الإلكترونى يمثل وليداً جديداً فى مجال الأسرة العقدية , كما أن الوسيط الإلكترونى يتميز بصفات خاصة تميزه عن غيره من الوسائط التقليدية مثل الطابع العالمى والفورى وأيضا وجود غير مادى لمواقع تجارية إفتراضية وهو ما يطلق عليه "التاجر الفضائى" ، والواقع أن صدور الإيجاب الإلكترونى ينبغى أن تسبقه مرحلة تفاوضية وهى من المراحل ذات الأهمية البالغة والتى تستوجب حماية قانونية للمستهلك وتبصير إرادته بما يعرض عليه فالمفاوضات لا تعد إيجاباً .

فالقانون الأوروبى المنظم للبيع عن بعد وتقنين فرنسا للاستهلاك يتعلقان بضرورة التزام الموجب بالإدلاء بالمعلومات التى تبصر الموجب له أو المستهلك (القابل) فى هذه الصورة العقدية للتعاقد بين غائبين وهذه النصوص محل تطبيق حتمى فى نطاق عقود التجارة الإلكترونية .

فمن حق المستهلك أن يتم تبصيره بالمعلومات الجوهرية والأساسية بمعنى أن يتضمن الإيجاب الإلكترونى الخاص بالتجارة الإلكترونية والصورة الغالبة له هى عقد البيع الإلكترونى – المعلومات الآتية :

(1) - تحديد شخصية الموجب

حيث يجب على الموجب أو المحترف (المهنى) فى نطاق مبدأ حسن النية والثقة المشروعة أن يعلم المستهلك بكافة بياناته التى تحدد شخصيته بطريقة قاطعة وقت أن يعرض عليه الإيجاب الإلكترونى

ولقد فرضت المادة (8-121 l) من تقنين الاستهلاك الفرنسى الصادر بالمرسوم رقم 741/2001  فى 23 أغسطس من عام 2001  على الموجب أو المحترف بأن يدلى ببياناته التى تحدد شخصيته بطريقة قاطعة لاغموض فيها إلى المستهلك مثل :  اسم الشركة – طبيعتها القانونية – عنوان مركز إدارتها الرئيسى إذا كان لها أكثر من فرع وتوضيح أنه المسئول عن الإيجاب المعلن .... الخ ، وإلا عوقب الموجب عند إخلاله بتنفيذ هذا الالتزام بالغرامة هذا من جانب ومن جانب آخر يتطلب المجلس الفرنسى لحماية المستهلك ضرورة إعلام المستهلك بإسم الممثل القانونى للشركة والسجل التجارى الخاص بها بالاضافة إلى كل ما من شأنه تمكين المستهلك من النفاذ إلى موقع الشركة بكل سهولة ومعرفة كل ما يتعلق بالمنتج الذى تعرضه أو الخدمة التى تقدمها .

ولكى لا تختلط المواقع التجارية عبر الإنترنت ينبغى على الشركة بيان اسم المالك فضلاً عن كل علاقة جديدة تميزها . ولن يكون هناك ثمة توازن موضوعى وحقيقى بين الطرفين إلا فى نطاق الأمان والسلامة بين الطرفين فى رحاب الثقة التى ينبغى أن يودعها كل منهما أمانة لدى الآخر(1) .

(2) - وصف السلعة أو الخدمة محل التعامل 

حيث ينبغى وصف المنتج أو الخدمة محل العقد من جانب الموجب وصفاً دقيقاً يتحقق بموجبه علم المستهلك بمحل العقد علماً كافياً نافياً للجهالة .

وكان القانون الإنجليزى يتضمن قبل نفاذ تعليمات الاتحاد الأوروبى تنظيماً قانونياً للإعلانات المتعلقة بالبيوع عن بعد يستوجب فى الإعلان أن يتضمن الاسم الكامل للمعلن وعنوانه والخصائص الأساسية للسلعة أو الخدمة ومقدار تكاليف النقل ورسم القيمة المضافة وإظهار أى قيود أو شروط للعرض يمكن أن تؤثر فى صحته والميعاد المتوقع للتسليم وبيان إمكانية رد السلعة . كما يجب تزويد المستهلك ببيان مكتوب عن تدابير المدفوعات والائتمان والتقسيط وعن الحق فى سحب القبول أو إلغائه وعنوان الاتصال وغيرها من البيانات . وإذا تضمن الإعلان شرطاً يستلزم اتصال المستهلك شخصياً بالمعلن فيجب أن يظهر هذا الشرط بوضوح فى الإعلان ويسير تقنين الاستهلاك الفرنسى على نفس النهج .

حيث توجب المادة (1-111l) من تقنين الاستهلاك الفرنسى على عاتق كل موجب من البائعين التزاماً بتبصير المستهلك بالخصائص الأساسية للسلعة أو الخدمة محل التعامل وبالثمن والشروط العامة للبيع والتاريخ المحدد لتسليم السلعة أو تقديم الخدمة . كما يجب على المعلن أن يخطر المستهلك بمدة سريان العرض بطريقة واضحة  ولذلك فإن العرض الذى يتضمن أن الإيجاب يسرى لحين نفاذ المخزون  هذا العرض لايستجيب للإشتراطات القانونية مادام العرض على شبكة اتصال إلكترونية لايقوم على دعائم مادية دائمة وبالتالى لايمكن تحديد تاريخ بداية ونهاية مدة العرض على نحو دقيق ، غير أن الواقع العملى ينبئ عن أن وصف المنتجات أو الخدمات الذى يتم فى عروض المواقع التجارية عبر الإنترنت يتسم بالإيجاز

وعدم الدقة . ونجد أن المادة 1602 من القانون المدنى الفرنسى تنص على الزام البائع بأن يحدد بوضوح محل التزامه وبالتالى فإن كل شرط غامض أو مبهم يكون تفسيره ضد مصلحة البائع وذلك لأن المهنى أو المحترف هو الطرف القوى الذى يعلم بالوصف القانونى الدقيق لمنتجه أو الخدمة التى يتعهد بتوريده ، ومن ثم يجب عليه التعهد بإعلام الطرف الآخر – المستهلك - بذلك الوصف وفقاً لمبدأ الأمانة العقدية والثقة المشروعة فى المعاملات فى نطاق حسن النية التى تعد أصلاً واجباً ترجمته فى بنود العقد(1) .

ونجد الفقرة الأولى من المادة (151) من القانون المدنى المصرى تقرر بأن الشك يفسر فى مصلحة المدين ، فالمستهلك فى نطاق العقد الإلكترونى يعد طرفاً مذعناً لشروط الموجب وهو المهنى المحترف كطرف قوى فى الرابطة العقدية ، ونجد الفقرة الثانية من المادة المذكورة تقرر " ومع ذلك لايجوز أن يكون تفسير العبارات الغامضة فى عقود الإذعان ضاراً بمصلحة الطرف المذعن " .

فالكتالوج الخاص بالسلعة أو الخدمة والذى يتم عرضه إلكترونيا على خدمة الويب أو الصفحة التى تظهر أمام المستهلك تؤدى بالضرورة إلى إختلاف الكتالوج عن طبيعته ولذلك يقال بأنه " كتالوج تقديرى " وذلك للخصوصية الإلكترونية والوسيط الإلكترونى . 

(3) - ثمن السلعة أو مقابل الخدمة

يجب على الموجب أو المحترف إعلام المستهلك وقت الإيجاب الصادر منه بالمقابل النقدى لكل منتج أو كل أداء لخدمة وفقا لمحل هذا الإيجاب . وبالنسبة للإيجاب الإلكترونى فإن موقع الويب يعد وسيلة مناسبة لتنفيذ ذلك فالغالبية العظمى من المواقع التجارية على شبكات الإنترنت تنفذ هذا الالتزام بالإعلام بأسعار السلع أو أداء الخدمات . ويجب فرض هذا الالتزام بالإعلام عن طريق المعاهدات الدولية مع توقيع الجزاء المناسب على من يخالفه ، لأنه كيف يعلم المستهلك برسوم الشحن والضرائب وكافة المتطلبات والالتزامات المالية الأخرى.

(4) - الوقت المحدد لصلاحية الإيجاب

وفقاً للنظرية التقليدية للالتزامات فى القانون المدنى لا يكون الإيجاب ملزماً للموجب كقاعدة عامة  ومن ثم يكون يكون له العدول عن إيجابه مادام لم يقترن به قبول . غير أنه قد يلزم نفسه بالبقاء على إيجابه المدة التى يحددها صراحة للقبول أو يقضى بها العرف .

والواقع أن الحالة التى يقترن فيها الإيجاب بوقت معين هى التى نقصد بها بالوقت المحدد لصلاحية الإيجاب وتحديد هذا الوقت مرهون بإرادة الموجب وفى هذا تنص المادة 93 من التقنين المدنى المصرى على أنه " 1 – إذا عين ميعاد للقبول التزم الموجب بالبقاء على إيجابه إلى أن ينقضى هذا الميعاد . 2 – وقد يستخلص الميعاد من ظروف الحال أو من طبيعة المعاملة " .

فالإيجاب لا يكون ملزماً بذاته إلا إذا اقترن بميعاد صريح أو ضمنى ، ويكون أساس التزام الموجب عندئذ هو الإرادة المنفردة .

وبخصوص العقد الإلكترونى الذى يتم مباشرة عبر الإنترنت فينبغى الخروج عن هذه القاعدة العامة بأن يتم الزام الموجب بأن يحدد الوقت اللازم لصلاحية إيجابه وأن يقوم بإعلام المستهلك بهذا الوقت .

فمن الملاحظ أن هناك عدداً قليلاً من المواقع التجارية تقوم بتحديد المدة اللازمة لصلاحية الإيجاب الصادر عنها . وأن عدم تحديد هذه المدة يمثل إضعافاً للمركز القانونى للمستهلك فوق ما هو فيه من ضعف اقتصادى ومعلوماتى يجعله جديراً بالحماية القانونية قبالة المهنى أو المحترف .

ونظراً لأهمية تحديد الوقت اللازم لصلاحية الإيجاب نصت المادة الرابعة من المرسوم الخاص بحماية المستهلكين فى التعاقد عن بعد الصادر فى 20 مايو من سنة 1997 على أن يكون الإيجاب الصادر من المهنى ملزماً فى حد ذاته وأن عدوله عن إيجابه يجعل المهنى مخطئاً ويتمثل الأساس القانونى لهذا الخطأ فى القوة الملزمة للعقد وليس فى تسبب الإضرار بالغير .

وأيضاً نجد أن المادة الرابعة من المرسوم السابق ذكره بأن من حق المستهلك أن يتم إعلامه قبل تمام العقد بأنه يملك الحق فى العدول وفقاً لمصلحته(1) .

وعلى سبيل التأكيد قررت المادة (16-121L) من تقنين الاستهلاك صراحة بأنه بالنسبة لكل البيوع عن بعد والتى تتضمن بالضرورة البيع عبر الإنترنت تخول المستهلك حق العدول عن العقد خلال مدة 7 أيام كاملة . وللمستهلك أن ينفذ حقه ويعدل عن العقد دون أن يكون ملزماً بتبرير موقفه ، فقد يكون السبب هو عدم مطابقة المنتج أو بسبب التفاوت بين الصور التى تم بثها عبر الشاشة وحقيقتها فى

الواقع وحتى لمجرد هوى المستهلك . بينما حدد المشرع المصرى فى قانون حماية المستهلك رقم 67 لسنة 2006 هذه المدة بأربعة عشر يوماً فيحق للمستهلك خلال المدة المذكورة فى أن يقوم باستبدال السلعة المعيبة أو إعادتها مع استرداد قيمتها وذلك إذا شاب السلعة عيب أو كانت غير مطابقة للمواصفات أو الغرض الذى تم التعاقد عليها من أجله ويلتزم المورد فى هذه الأحوال – بناءً على طلب المستهلك بإبدال السلعة أو استعادتها مع رد قيمتها دون أية تكلفة إضافية ، وتكون مسئولية الموردين فى هذا الخصوص مسئولية تضامنية وكان من الأجدى إضافة عبارة "البيع عن بعد" لينطبق هذا القانون على حالة عقد البيع الإلكترونى الذى يتم عن بعد بالإضافة لانطباقه على عقد البيع التقليدى الذى يواجه المشترى البائع . 

الإيجاب الملزم فى القانون المدنى المصرى 

وفقاً للمادة (93) من القانون المدنى المصرى

 " 1 - إذا عين ميعاد للقبول التزم الموجب بالبقاء على إيجابه إلى أن ينقضى هذا الميعاد  2 – وقد يستخلص الميعاد من ظروف الحال أو من طبيعة المعاملة " .

فالإيجاب المقترن بميعاد للقبول ملزم للموجب أى أن الالزام يقوم على الإرادة المنفردة طبقاً لنص القانون وهذه هى إحدى الحالات التى نص فيها القانون المدنى على أن الإرادة المنفردة تكون فيها مصدراً للالتزام .

ويكون تحديد الميعاد الذى يبقى فيه الإيجاب ملزماً صريحاً فى الغالب . ولكن يقع أحيانا أن يستفاد هذا التحديد ضمناً من ظروف التعامل أو من طبيعته .

الإيجاب الملزم فى اتفاقية فيينا 1980 

حددت الفقرة الثانية من المادة (16) من اتفاقية فيينا حالتى الإيجاب الملزم وهما(1):

1 – حالة تحديد مدة للقبول أو استخلاص أن الموجب ملزم بعدم العدول عن إيجابه من واقع ظروف الحال المرتبطة بتفسير الإيجاب .

2 – إذا اعتمد الموجه إليه الإيجاب اعتماداً  له ما يبرره على عدم قابلية الإيجاب للعدول عنه وتصرف على ضوء ذلك . 

وبخصوص العقد الإلكترونى الذى يتم مباشرة عبر الإنترنت فينبغى أن يتم الزام الموجب بأن يحدد الوقت اللازم لصلاحية إيجابه وأن يقوم بإعلام المستهلك بهذا الوقت .

ونظراً لأهمية تحديد الوقت اللازم لصلاحية الإيجاب نصت المادة (16-121l) من تقنين الاستهلاك الفرنسى صراحة أنه بالنسبة لكل البيوع التى تتم عن بعد والتى تتضمن بالضرورة البيع عبر الإنترنت  تخول المستهلك حق العول عن العقد خلال مدة 7 أيام كاملة . وللمستهلك أن ينفذ حقه ويعدل عن العقد دون أن يكون ملزما – وفقاً لرأى جانب من الفقه – بتبرير موقفه فقد يكون السبب هو عدم مطابقة المنتج أو بسبب الاختلاف بين الصور التى تم بثها عبر الشاشة وحقيقتها فى الواقع أو حتى لمجرد رغبة المستهلك فى ذلك .

(أ) - التفرقة بين الإيجاب والدعوة إلى الإيجاب

وفقاً لنص الفقرة الثانية من المادة (14) من اتفاقية فيينا " ولا يعتبر العرض الذى يوجه إلى شخص أو أشخاص غير معينين إلا دعوة إلى الإيجاب مالم يكن الشخص الذى صدر عنه العرض قد أبان بوضوح عن اتجاه قصده إلى خلاف ذلك "

ويعالج هذا النص الحالة التى يوجه فيها شخص دعوة إلى الجمهور للتعاقد وهنا يجب أن نفرق بين توجيه الإيجاب إلى الجمهور ودعوة الجمهور إلى التعاقد أو إلى تقديم إيجاب للتعاقد ، فالإيجاب الموجه إلى الجمهور يحدث عندما تعرض البضائع على الجمهور من البائع مع تحديد ثمنها ، أما النشر والإعلان وبيان الأسعار الجارى التعامل بها وكل بيان آخر متعلق بعروض أو طلبات موجهة للجمهور أو للأفراد فلا يعد إيجاباً وإنما يكون دعوة إلى التفاوض .

حالة الإيجاب الإلكترونى الخاطئ :

يثور التساؤل عن المسئولية عن الخطأ أو التحريف فى إبلاغ الإيجاب فى حالة وقوع غلط أو غموض أو عدم وضوح , مثال ذلك ما أن يقرر التاجر مثلاً أن سلعة معينة عليها تخفيض معين , ولكن العرض يظهر على موقع الإنترنت بأن التخفيضات على جميع أنواع السلع المعروضة وليست على السلعة التى يريد التاجر إجراء تخفيض بشأنها فقط , ويكون الموجب له – وهو المستهلك فى الغالب – قد قبل هذا العرض وتم إرساله فعلاً للتاجر . فإذا كان مقدم الخدمة الإلكترونية هو ذاته الموجب فلاتثور مشكلة ويكون هو المسئول عن كل خطأ أو تحريف فى الرسالة الإلكترونية , أما إذا كان مقدم خدمة الإنترنت هو شخص آخر غير الموجب فهنا تثور مشكلة مدى قيام مسئولية مقدم الخدمة وحدود هذه المسئولية .

ولتفادى تلك المشكلة نص التوجيه الأوروبى رقم 66/1997 الخاص بحماية المستهلك على التزام الموجب ببيان الخطوات التى يجب اتباعها من أجل إنشاء تعاقد إلكترونى ملزم , وتحديد الخطوات التى يلتزم المستهلك باتباعها من أجل الحصول على الخدمة أو السلعة مثل الضغط على زر الموافقة أولاً بما يفيد قراءة شروط التعاقد والموافقة عليها ثم كتابة رقم بطاقة الائتمان الخاصة بالمستهلك والمستخدمة فى الدفع فى الخانة المخصصة لذلك على صفحة الويب وغير ذلك من الخطوات , فإذا لم يتبع الموجب له هذه الخطوات المحددة سلفا فلا يكون الموجب ملزماً بإبرام هذا التعاقد .

وقد بين التوجيه الأوروبى السابق فى المادتين (11,10) أنه يجب على الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى وضع الخطوات التى يلزم اتباعها من أجل إبرام العقد الإلكترونى بطريقة تضمن أن الأطراف تعطى موافقتها المبنية على العلم اليقينى , ويعنى هذا أن الطريقة الواجب اتباعها سوف تبين بواسطة مقدم خدمة الإنترنت قبل إتمام التعاقد ، وعليه أن يقدم بصفة خاصة معلومات عن الخطوات اللازم اتباعها من أجل إبرام العقد . كما يجب على مقدم الخدمة بيان الطريقة التى يمكن بها معالجة الأخطاء فى الإيجاب الإلكترونى وأن يبين للموجب له أو المتلقى الوسائل المناسبة والفعالة التى يمكن بواسطتها اكتشاف وتصحيح أخطاء التوصيل أو التحريف .

(ب) - متى ينتج الإيجاب أثره

تقضى الفقرة الأولى من المادة (14) من اتفاقية فيينا 1980 بأن "  يعتبر إيجاباً أى عرض لإبرام عقد إذا كان موجهاً إلى شخص أو عدة أشخاص معينين وكان محدداً بشكل كاف وتبين منه اتجاه قصد الموجب إلى الالتزام به فى حالة القبول ، ويكون

العرض محدداً بشكلٍ كافٍ إذا عين البضائع وتضمن صراحة أو ضمناً تحديداً للكمية والثمن أو بيانات يمكن بموجبها تحديدهما .

كما تقضى الفقرة الثانية من ذات المادة ولا يعتبر العرض الذى يوجه إلى شخص أو أشخاص غير معينين إلا دعوة إلى الإيجاب ما لم يكن الشخص الذى صدر عنه العرض قد أبان بوضوح عن اتجاه قصده إلى خلاف ذلك " .

ويمكن تحديد الثمن ضمناً عن طريق الإشارة إلى قائمة الأسعار الواردة فى الكتالوج الخاص بالسلعة محل الإيجاب ويمكن أيضاً أن يحدد الثمن صراحة أو ضمناً بالإشارة إلى سعر السوق عند التسليم أو فى أى وقت يحدده الموجب فى عرضه . ومتى تضمن الإيجاب عرضاً محدداً بطريقة كافية على النحو السابق  فإنه ينتج أثره متى وصل إلى الموجب له أى الموجه إليه الإيجاب ، وفى هذا تنص الفقرة الأولى من المادة (15) من اتفاقية فيينا على أن ينتج الإيجاب أثره متى وصل إلى الموجب له ، أى المتعاقد الآخر الذى يوجه إليه الإيجاب .

(ومعنى ذلك أن الإيجاب من وقت وصوله إلى الموجب له يعتبر قائماً ويلزم الموجب بالتعاقد إذا تقدم له من يقبل إيجابه . فالإيجاب متى استكمل وجوده القانونى يلزم الموجب بالتعاقد فى حالة قبول الموجه إليه  ولكن لا يعنى هذا أن الإيجاب يعد ملزماً منذ صدوره ، إذ يظل العدول عنه جائزاً قبل أن يستكمل الإيجاب وجوده القانونى ، والإيجاب يستكمل هذا الوجود كما قدمنا متى تضمن عرضاً محدداً على النحو السالف بيانه  ومتى وصل إلى الموجه إليه العرض .

ويقول العلامة السنهورى فى هذا المعنى " ومعنى ذلك أن الإيجاب من وقت العلم يعتبر قائماً لا يجوز العدول عنه ، وكان قبل العلم أى قبل أن ينتج أثره يجوز فيه العدول ، ولكن هذا ليس معناه أن الإيجاب الذى أصبح من وقت العلم قائماً لا يجوز

العدول عنه هو إيجاب ملزم لا يجوز الرجوع فيه ، ما لم يكن ملزماً .... " ومن ذلك يتبين أن العدول لا يكون إلا قبل أن يستكمل الإيجاب وجوده القانونى ، أما الرجوع فلا يكون إلا بعد أن يستكمل الإيجاب هذا الوجود بشرط ألا يكون ملزماً  فإذا كان ملزماً فلا يجوز العدول عنه ولا الرجوع فيه " .

وتطبيقاً لما تقدم تقضى الفقرة الأولى من المادة 15 من اتفاقية فيينا بأن يحدث الإيجاب أثره عند وصوله إلى المخاطب كما تقضى الفقرة الثانية بأن الإيجاب ولو كان غير قابل للعدول يمكن سحبه إذا وصل سحب الإيجاب إلى الموجب له قبل أو وقت وصول الإيجاب إليه(1)) .

(جـ) - الإيجاب الإلكترونى وتمييزه عن الدعوة للتفاوض أو التعاقد

قد ينتج عن المرحلة السابقة على التعاقد الإلكترونى الكثير من صور التعبير عن الإرادة منها ما يعتبر دعوة إلى التفاوض ، ومنها ما يعتبر إيجاباً تاماً ينعقد به العقد بمجرد قبوله ، أى أن الدعوة إلى التفاوض ما هى إلا تعبير عن الإرادة وكذلك الإيجاب . ويقصد بالدعوة إلى التفاوض العرض الذى يتقدم به شخص للتعاقد دون أن يحدد عناصره وشروطه ، أما الإيجاب فهو التعبير عن إرادة باتة يتضمن جميع عناصر العقد الأساسية(2) .

ولا يرتب القانون بحسب الأصل على المفاوضات أى أثر قانونى لأنها عمل مادى  إذ من حق المتفاوض أن يقطع المفاوضة فى أى وقت ولا مسئولية عليه فى هذا المسلك ، على أن العدول عن المفاوضات قد يرتب مسئولية على من قطعها إذا اقترن العدول بخطأ ممن قطع المفاوضات ، وتعد المسئولية هنا تقصيرية أساسها

الخطأ وليست تعاقدية ترتكز على العدول عن التفاوض . وعلى من يدعى الضرر من العدول أن يثبت خطأ المتفاوض فى قطع المفاوضات(1) .

وقضت محكمة النقض المصرية بأن المفاوضات ليست إلا عملاً مادياً ولا يترتب عليها بذاتها أى أثر قانونى ، فكل متفاوض حر فى قطع المفاوضة فى الوقت الذى يريد دون أن يتعرض لأية مسئولية أو يطالب ببيان المبرر لعدوله ، ولا يرتب هذا العدول مسئولية على من عدل إلا إذا اقترن به خطأ تتحقق معه المسئولية التقصيرية ، ولا يعد مجرد العدول عن إتمام المفاوضة فى ذاته خطأ ، فلابد أن يثبت الخطأ من وقائع أخرى اقترنت بهذا العدول(2).

ويصعب التمييز فى الإعلانات عبر شبكة الإنترنت بين ما إذا كان هذا الإعلان إيجاباً بالمعنى القانونى للكلمة أم مجرد دعوة للتفاوض والتعاقد وذلك لأنه إذا اعتبر إيجاباً وصادفه قبول فإن العقد الإلكترونى يتم  أما إذا اعتبر مجرد دعوة للتفاوض فإن العقد لا ينعقد وهو ما يثير التساؤل حول معيار الإيجاب الإلكترونى والتفاوض  فيذهب جانب من الفقه إلى أن الفارق بين الإيجاب والدعوة للتفاوض هو فارق وظيفى ، فوظيفة الدعوة إلى التفاوض هى مجرد الإعلان من صاحبها عن رغبة فى التعاقد بقصد اكتشاف من تكون لديه رغبة مقابلة ، بينما الإيجاب يهدف إلى صياغة مشروع محدد المعالم قابل للتحول إلى عقد متكامل الأركان بمجرد إعلان من يوجه إليه عن قبوله(3) .

بينما يرى البعض الآخر أن الفارق هو وجود النية الجازمة فى التعاقد ، فيجب لكى يعد عرض ما إيجاباً أن يخرج هذا العرض من دائرة الدعوة إلى التفاوض ليدخل فى إطار الإيجاب ، أى أن الأصل هو اعتبار أى عرض يهدف إلى التعاقد هو دعوة للتفاوض ما لم يثبت اعتباره إيجاباً ، وهو يكون كذلك إذا اتصف بصفة مميزة وهى كونه يعبر عن رغبة أكيدة ونية جازمة فى التعاقد(1) .

بينما يذهب غالبية الفقه إلى أن التفاوض على العقد ينتهى فى اللحظة التى يصدر فيها الإيجاب ، فعندما تنتهى المفاوضات ويدخل الطرفان فى مرحلة إبرام العقد يقوم أحدهما بتوجيه إيجاب للطرف الآخر فإذا صادفه قبول مطابق انعقد العقد . وهناك فارق بين الدعوة إلى التفاوض والدعوة إلى التعاقد ، ففى الدعوة إلى التفاوض تتجه إرادة صاحبها إلى الدخول فى مفاوضات تمهيدية لمناقشة شروط العقد على قدم المساواة ، بينما فى الدعوة إلى التعاقد تتجه إرادة صاحبها إلى عدم التفاوض على العقد نهائياً ، ولكنه يهدف إلى دعوة الناس فحسب إلى التعاقد معه فى الحال دون تفاوض ، ومثال الدعوة إلى التعاقد فالإعلان الذى تنشره شركة التليفونات عن فتح باب الاشتراك فى خدمة التليفون الدولى فمثل هذا الإعلان لا يعتبر دعوة إلى التفاوض لأن شركة التليفونات لا تقبل مطلقاً التفاوض على شروطها .

وبتطبيق ذلك على عقود التجارة الإلكترونية نجد أن توجيه الإيجاب عبر البريد الإلكترونى أو من خلال المواقع الإلكترونية أو بأية وسيلة والمتضمن كافة عناصر العقد مثل تحديد السعر وآلية التسليم ومواصفات السلعة إلى غير ذلك من العناصر

الأساسية للعقد ليكون الموجب له على علم تام ودراية بمحتويات الإيجاب ولديه حرية القبول أو الرفض فيكون إيجاباً ، أما إذا كانت الرسالة المرسلة غير متضمنة

لكافة عناصر العقد الأساسية والبيانات اللازمة لتحديد المبيع تحديداً وافياً فهذا التصرف لا يعد إيجاباً وإنما يمكن اعتباره دعوة إلى التعاقد .

( د) - العرض الإلكترونى عبر شبكة الإنترنت

يبرم العقد حين يقدم أحد الأطراف إيجاباً باتاً ونهائياً ويقبله الطرف الآخر ، بينما العرض الذى يوجهه شخص إلى آخر لا يعتبر إيجاباً ما لم يكن جازماً وباتاً فالعرض هو أدنى مرتية من الإيجاب .

ولذلك يثور التساؤل حين يبدأ شخص ما فى التجول بين صفحات الويب التى تعرض ملايين المنتجات والخدمات ، عما إذا كانت تلك الصفحات تحتوى على إيجاب بالمعنى القانونى أم لا ، وبمعنى آخر هل يمكن اعتبار العرض الموجه إلى الجمهور عبر شبكة الإنترنت إيجاباً ؟

إذا نظرنا إلى اتفاقية فيينا بشأن البيع الدولى للبضائع لعام 1980 نجد أنها تستلزم فى الإيجاب أن يكون موجهاً إلى شخص أو مجموعة أشخاص(1) فتقضى المادة

(14) بفقرتيها الأولى والثانية بالآتى :

1 – " يعتبر إيجاباً أى عرض لإبرام عقد إذا كان موجهاً إلى شخص أو عدة أشخاص معينين وكان محدداً بشكل كاف وتبين منه اتجاه قصد الموجب إلى الالتزام به فى حالة القبول .

ويكون العرض محدداً بشكلٍ كافٍ إذا عين البضائع وتضمن صراحة أو ضمناً تحديداً للكمية والثمن أو بيانات يمكن بموجبها تحديدهما .

2 – ولا يعتبر العرض الذى يوجه إلى شخص أو أشخاص غير معينين إلا دعوة إلى الإيجاب ما لم يكن الشخص الذى صدر عنه العرض قد أبان بوضوح عن اتجاه قصده إلى خلاف ذلك".

فاعتبرت الاتفاقية أن العرض الذى يخلو من تحديد الشخص أو الأشخاص الموجه إليهم بمثابة دعوة إلى الإيجاب أو دعوة للتفاوض ما لم يتضح أن إرادة الأطراف اتجهت إلى خلاف ذلك .

ويذهب الفقه إلى أن العرض الموجه إلى الجمهور لا يعد إيجاباً وإنما دعوة للتفاوض إذا كان لا يتضمن الشروط الجوهرية للتعاقد كعرض السلع فى واجهات المحلات التجارية دون بيان أسعارها ، أما إذا حددت هذه الأسعار كان العرض إيجاباً(1) . وتطبيقاً لذلك قضت محكمة النقض المصرية باعتبار الإعلان عن فتح باب الحجز مجرد دعوة للتعاقد وليس إيجاباً بالبيع(2) ، كما قضت أيضاً بأن طرح مناقصات التوريد وغير ذلك من البيانات الموجهة للجمهور أو الأفراد كالنشرات والإعلانات ليس إيجاباً وإنما دعوة إلى التفاوض ، فالإيجاب هو الاستجابة لهذه الدعوة ويتم التعاقد بقبول الجهة صاحبة المناقصة لهذا الإيجاب(3) ، أى أن الإيجاب هو ما يصدر ممن تقدم بعطائه بالشروط المبينة فيه ويتم القبول بالموافقة على العطاء متى صدرت هذه الموافقة ممن يملكها . وعلى ذلك فإنه لكى يعتبر العرض الموجه إلى الجمهور إيجاباً يجب أن يكون محدداً للسلعة تحديداً نافياً للجهالة وأن يحدد الثمن والعناصر الأساسية للتعاقد وإلا فإن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد دعوة

للتعاقد ، أى يجب أن يعبر الإيجاب عن إرادة نهائية وباتة فى التعاقد ، بمعنى أن تتجه نية الموجب إلى إبرام العقد فى الحال إذا ما صادفه قبول مطابق ويجب أن يكون الإيجاب خالياً من أى لبس أو غموض وأن يكون محدداً بشكل كاف .

وإذا طبقنا ذلك على عقد البيع الإلكترونى باعتباره أكثر العقود استخداماً عبر شبكة الإنترنت ، فإنه يشترط لكى يصل العرض إلى مرتبة الإيجاب أن يتم إعلان المستهلك بالشروط الجوهرية للتعاقد وطبيعة المنتج أو الخدمة وتحديد الثمن وكيفية السداد وميعاد ومكان التسليم .

ويمكننا تشبيه التاجر الذى يقوم بعرض المنتجات والخدمات من خلال صفحات الويب عبر شبكة الإنترنت مع تحديد ثمنها والشروط الجوهرية للتعاقد ، بماكينة البيع الإلكترونية التى يضع التاجر بداخلها السلع الخاصة به ويقوم العميل بعملية الشراء عن طريق وضع النقود فى المكان المخصص لذلك فى الماكينة وتتم عملية البيع والشراء بدون أى تدخل من البائع ، فهنا يكون البائع قد حدد السلعة المباعة والثمن وطريقة استلام السلعة من خلال الماكينة ، فهو إيجاب بمعنى الكلمة بل وأكثر من ذلك نجد أن البائع يسقط حقه فى رفض عملية البيع من خلال ماكينة البيع الإلكترونية ويصبح ملزماً بإتمام التعاقد . 

وانطلاقاً من ذلك تعددت الحلول التى قدمها الفقه ، فالبعض يرى أن العبرة لاعتبار العرض الموجه عبر شبكة الإنترنت إيجاباً أم دعوة للتعاقد هو تحديد الثمن من عدمه ، فإذا حدد السعر عد إيجاباً وإذا لم يحدد عد دعوة للتعاقد(1) .

بينما ذهب البعض الآخر إلى أن المرجع فى ذلك هو صياغة الإعلان نفسه ، وعما إذا كانت الألفاظ المستخدمة تعتبر إيجاباً أم مجرد دعوة للتعاقد وهى مسألة موضوعية يحسمها قاضى الموضوع ، أى يعتبر الإعلان إيجاباً بالمعنى القانونى متى اشتمل بصياغته على طبيعة العقد وأركانه الأساسية التى تدل على نية المعلن الارتباط بالعقد(1) . وتجنباً لهذه المشكلة غالباً ما يقوم الموجب أو التاجر الذى يعرض منتجاته أو خدماته عبر شبكة الإنترنت بإضافة تحفظات معينة بشأن الإيجاب المقدم منه لعدم الالتزام بالتعاقد كأن يضيف عبارة حتى نفاذ الكمية مثلاً أو توافر أماكن شاغرة فى الإيجاب الصادر من شركات السياحة والطيران فيما يتعلق بالنقل أو أن يحتفظ العارض بحقه فى تعديل الأسعار تبعاً لتغيير الأسعار فى السوق أو البورصة.

وإذا كان الإيجاب المقترن بشرط يمنع من انعقاد العقد ما لم يتحقق ، فإن الأمر يختلف بالنسبة للتحفظ حيث يثور التساؤل حول طبيعة العرض المقترن بتحفظ عبر شبكة الإنترنت وهل يعتبر إيجاباً أم دعوة للتعاقد ؟ ونقصد بالتحفظ القيد الذى يضعه الموجب والذى من شأنه أن يقيد إرادته فى التعاقد ، ويأخذ التحفظ أحد صورتين فهو إما أن يقيد قرار التعاقد نفسه مثل عرض إبرام عقد معين مع الاحتفاظ بحق رفض التعاقد مع الشخص الذى لا يروق له ، أو أن يقيد شروط التعاقد التى حددها الموجب مثل عرض بيع بضاعة معينة بسعر محدد مع حرية تعديل الثمن فيما بعد .

نجد البعض بذهب إلى أن الصفة الجازمة للإيجاب تستبعد بالضرورة وجود أى تحفظ صريح أو ضمنى لأن التحفظ يتعارض مع فكرة الإيجاب(1) ، ومتى تضمن العرض تحفظاً فإنه يفقد صفته كإيجاب ويصبح مجرد دعوة إلى التفاوض أو طلب

تقديم عروض(2) أو عرض بدون ارتباط ، ومن ثم فلا يوجد إيجاب بل دعوة إلى عمل إيجاب . بينما يرى البعض الآخر أن مثل هذه التحفظات لا تسلب الإيجاب خصائصه ، إذ يكون ملزماً للموجب طوال المدة المحددة أو الأجل المحدد ، وطبقاً لذلك فإن أى عرض لسلعة أو خدمة عبر مواقع الويب مقترناً بتحفظ لا يسلب الإيجاب صفته لأن كل قبول يؤدى إلى إبرام العقد حتى نفاذ ما لديه من السلعة ولكنه لا يلتزم بأى قبول يصدر بعد نفاذ هذه السلعة .

ونرى أن اعتبار العرض الموجه إلى الجمهور لا يعد إيجاباً وإنما دعوة للتفاوض هو ما يتفق مع طبيعة ومستلزمات عقود التجارة الإلكترونية ، فقد يتسلم المنتج أو العارض مئات بل آلاف الرسائل الإلكترونية بالموافقة على طلب الشراء دون أن يكون لديه كل الكمية المطلوبة أو تكون لديه ولكن بأسعار تزيد عما كانت عليه وقت الإعلان نتيجة لازدياد الطلب على السلعة أو لارتفاع الأسعار ، ولذلك فإن اعتبار الإعلان الإلكترونى الموجه للعامة عبر شبكة الإنترنت مجرد دعوة إلى التعاقد من شأنه أن يمكن العارض من رفض الطلبات الزائدة عن إمكانياته لعدم توافر كميات كبيرة من المنتج أو الخدمة أو بسبب تذبذب الأسعار صعوداً أو هبوطاً. كما أنه من الخطورة بمكان اعتبار العرض الموجه للجمهور إيجاباً ، إذ أن

ذلك يعرضه لخسارة كبيرة سواء من ناحية التزامه بالتعويض أو لتقديمه بضاعة بأسعار غير مناسبة .

ثانياً : خصائص الإيجاب الإلكترونى  

1 – الإيجاب الإلكترونى يتم عبر وسيط إلكترونى

حيث يتطلب الإيجاب الإلكترونى وجود وسيط إلكترونى وهو ما يطلق عليه مقدم خدمة الإنترنت ( ISP ) Internet Service Provider  حيث يقوم بعرض الإيجاب من خلاله ، وبالتالى فإن الوجود المادى للإيجاب يكون منذ اللحظة التى يتم إطلاق الإيجاب من خلال شبكة الإنترنت ولا عبرة لصدوره من الموجب ، أما إذا تم سحب هذا الإيجاب نتيجة خلل فنى فى شبكة الإنترنت أو جهاز حاسب المستخدم فيعتبر الإيجاب هنا كأن لم يكن لأن شبكة الإنترنت تمثل وسيلة التعبير عن الإرادة فى التعاقد الإلكترونى من خلال رسائل البيانات التى يتم تبادلها بين طرفى العلاقة العقدية .

ويقترب الإيجاب فى التعاقد الإلكترونى من الإيجاب فى التعاقد عن طريق التلفاز ففى كلتا الحالتين لاتوجد دعامة ورقية , ورغم هذا التشابه فإن الإيجاب الإلكترونى يتميز بأنه يتضمن استمراراً معيناً  بحيث أن الموجب له يستطيع دائماً أن يعود ليقرأ مرة أخرى الكتالوج أو الإعلان الموجود على الموقع الإلكترونى أو المرسل إليه عبر البريد , بينما يتميز الإيجاب فى التعاقد عن طريق التلفاز بوقتية الرسالة المعروضة عبر شاشة التلفاز , فمدة البث عبر التلفاز تكون محدودة وتتميز

بالسرعة وباختصار المعلومات , أى أن الإيجاب عبر التلفاز يتميز بالاختصار وسرعة الزوال(1)

2 - الإيجاب الإلكترونى يتم عن بعد  

نظراً لأن العقد الإلكترونى يتم إبرامه بدون التواجد المادى لأطرافه ، فهو يتم بين عاقدين لا يجمعهما مجلس عقد حقيقى حيث يتم التعاقد باستخدام وسائل إلكترونية  لذا فهو ينتمى إلى طائفة العقود التى تتم عن بعد فيتم تبادل الإيجاب والقبول من خلال مجلس عقد إفتراضى يطلق عليه مجلس العقد الحكمى ومن ثم فإن الإيجاب الإلكترونى ينتمى إلى تلك الطائفة ومن ثم فهو يخضع للقواعد الخاصة بحماية المستهلك فى العقود المبرمة عن بعد والتى تفرض على المورد مجموعة من القيود والواجبات التى يلتزم بها تجاه المستهلك الإلكترونى والتى منها , تزويد المستهلك بمعلومات حول شخصية التاجر وعنوانه والمركز الرئيسى له , وعنوان البريد الإلكترونى , والخصائص الأساسية للمنتجات والخدمات المعروضة وأوصافها وأثمانها ووسائل الدفع أو السداد وطريقة التسليم وخيار المستهلك فى الرجوع فى التعاقد  وإعادة إخطار المستهلك وخدمة ما بعد البيع , ومدة الضمان(2)  وهى الالتزامات التى أشار إليها التوجيه الأوروبى رقم 7/97 فى شأن حماية المستهلك فى العقود عن بعد , والمرسوم الفرنسى رقم 741/2001 الصادر فى 23 أغسطس 2001 .

3 – الإيجاب الإلكترونى يعد إيجاباً دولياً

لما كان الإيجاب الإلكترونى يتم من خلال شبكة عالمية للاتصالات عن بعد  وذلك بوسيلة مسموعة أو مرئية ، ولا يثير استخدام هذه الوسائل مشكلة فى حد ذاته ، إذ يكفى أن يراعى الموجب فى إيجابه مقتضيات الشفافية والوضوح لكى لا يعد إيجابه إيجاباً مضللاً ، فالمواقع المعروضة على شبكة الإنترنت هى فى حقيقتها أشبه بواجهات المحلات التجارية ، وأن هذه المواقع لا يتوجه فيها التاجر أو صاحب الموقع بإيجابه إلى أشخاص معينين ، حيث أن العميل المحتمل لم يحدد بعينه ، فيكون الإيجاب وفقاً لذلك عاماً ويصبح لمستخدم الموقع الحرية فى الرد على الإيجاب وفى التعاقد معه وذلك بإرسال البيانات التى تحدد شخصيته وبعض البيانات المصرفية المتعلقة بالسداد . وينعقد العقد فى حالة ما إذا لاقى الإيجاب المعروض عبر الشبكة قبولاً مطابقاً ، ويجب على الأطراف احترامه وإلا قامت المسئولية العقدية . ويتم الإيجاب الإلكترونى باستخدام وسائط إلكترونية وعبر شبكة دولية للاتصالات والمعلومات , لذلك فهو لايتقيد بحدود الدول السياسية والجغرافية  ويكون الإيجاب الإلكترونى تبعاً لذلك إيجاباً دولياً نظراً لما تتسم به شبكة الإنترنت من الانفتاح والعالمية .

 (أ) - سريان الإيجاب الإلكترونى

لا يكون للإيجاب الإلكترونى فاعلية بمجرد صدوره من الموجب ، وإنما يكون بعرضه على الموقع عبر شبكة الإنترنت على الجمهور أو إرساله بالبريد الإلكترونى ، أو غير ذلك من طرق التعبير عن الإرادة مشتملاً العناصر الجوهرية اللازمة للتعاقد ، ويترتب على ذلك نشوء حق لمن وجه إليه الإيجاب الإلكترونى فى قبوله ولكن هذا الحق لا ينشأ إلا منذ وقت علم الموجب له بالإيجاب ، فلا

يترتب على مجرد صدور الإيجاب من الموجب أى الزام طالما لم يتصل الإيجاب بعلم من وجه إليه .

وللموجب فى الإيجاب الإلكترونى ، كما فى الإيجاب التقليدى الرجوع عن إيجابه ويكون ذلك بسحبه من موقع عرضه على شبكة الإنترنت بشرط أن يعلن عن رغبته فى الرجوع عن الإيجاب ، إلا أن هناك استثناءً على ذلك حيث يكون الإيجاب ملزماً إذا كان مقترناً بأجل للقبول(1) ، غير أن هذا العدول لا يكون له أى أثر قانونى إلا إذا علم به الموجب له ويقع عبء إثبات ذلك على الموجب .

وإذا كان الأصل فى الإيجاب التقليدى أنه غير ملزم قبل وصوله إلى الموجه إليه (مرحلة الوجود الفعلى) أو بعد وصوله إليه (مرحلة الوجود القانونى)(2) ، وللموجب أن يعدل عن إيجابه طالما لم يقترن به قبول  ويكون الإيجاب ملزماً إذا عين ميعاداً للقبول التزم الموجب طوال هذا الميعاد بالبقاء على إيجابه إلى أن ينقضى هذا الميعاد م(93/1) مدنى . إلا أن البعض يذهب إلى أنه إذا كان الإيجاب وفقاً للقواعد العامة لا يكون ملزماً إلا إذا اقترن بميعاد صريح أو ضمنى ، إلا أنه فى الإيجاب الإلكترونى ينبغى الخروج عن القواعد العامة  بأن يحدد الموجب بدقة الوقت اللازم لصلاحية إيجابه ، وأن يقوم بإعلام الموجب له بهذا الوقت(3)  وبعبارة أخرى يجب أن يكون الإيجاب الإلكترونى دائماً مقترناً بوقتٍ محددٍ .

ولا شك أن هذا الرأى يهدف إلى حماية المستهلك واستقرار المعاملات الإلكترونية وتوفير الثقة فى التعامل ، مما يتطلب اعتبار الموجب ملزماً بإيجابه ولو إلى مدة محددة ليتدبر الموجب له أمره وترتيب شئونه بالرد بقبول الإيجاب أو رفضه .

ونجد أن الأساس القانونى فى بقاء الموجب على إيجابه هو المدة التى تحددت من جانبه ، فإرادة الموجب فى أن يبقى على إيجابه مدة معينة وسكوت الموجب إليه يكونان اتفاقاً بين الطرفين يعتبر مصدر التزام الموجب بالبقاء على إيجابه(1).

(ب) - تحديد النطاق المكانى للإيجاب

(من أهم خصائص العالم الرقمى الجديد إلغاء فكرة الحدود الجغرافية ، فهذا العالم لا ينقسم إلى عدة أقاليم بل يمكن القول أنه قد أصبح إقليماً واحداً ، فالتجارة عبر شبكة الإنترنت لا تتقيد بحدود الدول فيمكن أن يظهر الإيجاب على الشبكة فى اليابان فى أقصى الشرق أوفى بيرو فى أقصى الغرب ، وبالتالى فإن هذا العالم الرقمى قد أزاح مبدأ الإقليمية السائد فى القانون الكلاسيكى .

ولذلك نلاحظ أن هناك بعض العقود تنص صراحة على ما يمكن أن يسمى بنطاق التغطية أى النطاق الذى يغطيه الإيجاب ، ومن أمثلة تلك العقود عقد المركز التجارى الفرنسى الذى ينص على أن "العروض ليست صالحة إلا فى الإقليم الفرنسى"(2) .)

وتعتبر اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة باستخدام الخطابات الإلكترونية فى عقود التجارة الدولية والصادرة فى 9/12/2005 أن مكان الإيجاب يرتبط بموطن مقر عمل الشخص الموجب ، وأن مكان تلقى هذا الإيجاب هو مكان عمل المرسل إليه 

إذ تنص الفقرة الثالثة من المادة العاشرة على "يعتبر الخطاب الإلكترونى قد أرسل من المكان الذى يوجد فيه مقر عمل المنشئ ، ويعتبر قد تلقى فى العنوان الذى يوجد فيه عمل المرسل إليه حسبما تقرر المادة السادسة" .

وبالرجوع إلى المادة السادسة نجد أنها تنص على

" 1- لأغراض هذه الاتفاقية يفترض أن يكون مقر عمل الطرف هو المكان الذى يعينه ذلك الطرف ما لم يثبت طرف آخر أن الطرف الذى عين ذلك المكان ليس له مقر عمل فيه .

2– إذا لم يعين الطرف مقر عمل وكان له أكثر من مقر عمل واحد  كان مقر العمل لأغراض هذه الاتفاقية هو المكان الأوثق صلة بالعقد المعنى مع إيلاء اعتبار الظروف التى كانت الأطراف على علم بها أو تتوقعها فى أى وقت قبل إبرام العقد أو عند إبرامه .

3– إذا لم يكن للشخص الطبيعى مقر عمل أخذ بمحل إقامته المعتادة .

4– لا يكون المكان مقر عمل لمجرد أنه أ- توجد فيه المعدات والتكنولوجيا الداعمة لنظام المعلومات الذى يستخدمه الطرف فى سياق تكوين العقد أو ب- يمكن فيه لأطراف أخرى أن تصل إلى نظام المعلومات المعنى .

5-أن مجرد استخدام الطرف اسم نطاق أو عنوان بريد إلكترونى ذا صلة ببلد معين لا ينشئ قرينة على أن مقر عمله يوجد فى ذلك البلد " .

ويمكن للشخص الموجب أن يستعين بالعديد من الأنظمة والأساليب لإثبات إرساله للإيجاب ووصوله إلى الشخص الآخر مثل استعمال إشعار العلم بالوصول الإلكترونى وهو عبارة عن نظام يسمح للمرسل التأكد من استلام رسالته من طرف المرسل إليه . ويلاحظ أن الشرط الذى يحدده النطاق الجغرافى للتسليم يقوم بدور

مماثل ، ولكن ينبغى على أى حال تمييزه عن الشرط الذى ذكرناه حالاً ، لأنه لا يتعلق بتحديد المنطقة الجغرافية التى يكون الإيجاب صالحاً فيها ، ولكن بمسألة لاحقة للانعقاد وهى كيفية تنفيذ العقد . ومن أمثلة ما ورد بشروط المركز التجارى من أنه " يجوز للمتجر المشارك أن يقيد الأماكن التى يتم فيها التسليم من الناحية الجغرافية " ، ونجد أن آثار هذا الشرط تقترب كثيراً من سابقه ، إذ أن العميل الذى لا يقع فى النطاق الجغرافى الذى يتاح فيه التسليم سوف يتردد كثيراً دون شك فى قبول العرض . 

ولكن لا يجوز تبسيط الأمر على هذا النحو ولو اقتربت آثار الشرطين من الناحية العملية ، ففى الشرط الأول الذى يقيد صلاحية الإيجاب بنطاق جغرافى معين فإن العقد لن ينعقد أصلاً إذا قبل الإيجاب شخص يقع موطنه خارج هذا النطاق الجغرافى إذ لن يصادف القبول إيجاباً صالحاً ، أما على فرض قبول العميل للإيجاب رغم وجود الشرط الثانى الذى يقيد النطاق الجغرافى للتسليم فإن العقد ينعقد دون أن يكون البائع ملزماً بتسليم المشترى الشئ المبيع إلا فى الأماكن التى تعهد بالتسليم فيها .

ويجب أن يتم الاهتمام بالشرط الذى يحدد النطاق الذى يغطيه العرض ، فعلى الرغم من أنه يضيق بالتأكيد من نطاق عمل التاجر من الناحية الاقتصادية إلا أنه يحقق له من نوعاً من الأمان من الناحية القانونية إذ لن يلتزم بإبرام عقود فى نطاق جغرافى وقانونى لا يسيطر عليه .

وبالتالى نجد جواز قصر الإيجاب الإلكترونى على منطقة جغرافية محددة  بحيث يكون له نطاق جغرافى ومكانى معين , فقد يقصر الموجب عرض المنتجات والخدمات على منطقة جغرافية معينة , مثال ذلك ما نلاحظه فى بعض مواقع

الويب الفرنسية المنتشرة على الإنترنت والتى تقصر الإيجاب فقط على الدول الفرانكفونية الناطقة بالفرنسية(1) , وأيضا ما تقرره الولايات المتحدة الأمريكية من حظر توجيه الإيجاب للدول الموقع عليها عقوبات اقتصادية مثل كوبا وكوريا الشمالية , أى أن الإيجاب الإلكترونى قد يكون إقليمياً أو دولياً , ومن ثم فإن الموجب لن يلتزم بإبرام عقود أو تسليم منتجات خارج النطاق الإقليمى الذى حدده سلفا . كما أجاز العقد النموذجى الفرنسى للتجارة الإلكترونية تحديد المنطقة الجغرافية التى يغطيها الإيجاب أو تلك التى يغطيها تنفيذ العقد (2) .

ونجد أن البند الرابع من العقد النموذجى الفرنسى للتجارة الإلكترونية فى فقرتيه الثالثة والرابعة قد أشار إلى تحديد المنطقة الجغرافية التى يغطيها الإيجاب وكذلك المنطقة الجغرافية التى يغطيها التسليم ، كما ورد فى التعليق عليه فائدة أخرى لهذا التحديد الجغرافى وذلك لأن بعض القوانين الأجنبية قد تتضمن حالات يحظر فيها التعامل أو قيوداً أخرى وفقاً لتصورها الخاص بشأن حماية المستهلكين ، ولذلك ينصح التاجر الفرنسى أن يحدد مقدماً النطاق الجغرافى الذى يغطيه الإيجاب تجنباً لوقوعه فى هذه المشكلة .

المطلب الثانى

 القبول الإلكترونى

 

ونتناول فى هذا المطلب تعريف القبول الإلكترونى ووسائل التعبير عنه ثم العدول عن القبول الإلكترونى وإختلاف صيغ الإيجاب والقبول الإلكترونى وذلك على النحو التالى :

أولاً : تعريف القبول الإلكترونى

القبول بصفة عامة هو التعبير البات عن إرادة الطرف الذى وجه إليه الإيجاب يفيد موافقته على هذا الإيجاب(1) فهو الإرادة الثانية فى العقد، إذ لا ينعقد العقد إلا باتفاق إرادتين ويجب لكى ينتج القبول أثره فى انعقاد العقد أن يتطابق تماماً مع الإيجاب فى كل جوانبه وإلا فإن العقد لا ينعقد  فإذا اختلف القبول عن الإيجاب اعتبر إيجاباً جديداً وليس قبولا .

ويعرف القبول بأنه " تعبير عن إرادة الطرف الآخر الذى تلقى الإيجاب يوجه إلى الموجب ليعلمه بموافقته على الإيجاب "(2) ، فهو الإجابة بالموافقة على عرض الموجب . ولا يشترط أن يكون القبول فى شكل محدد فيصح أن يكون كتابة ً أو شفاهة ً أو من خلال أى تصرف أو أى وسيلة تؤدى إلى تطابق الإيجاب مع القبول وإتمام التعاقد  وينطبق نفس الحال بالنسبة للقبول الإلكترونى الذى لا يخرج عن مضمون هذا التعريف سوى أنه يتم عبر وسائط إلكترونية من خلال شبكة الإنترنت  فهو قبول عن بعد ، مع ملاحظة أنه قد يشترط التاجر الإلكترونى فى عقد البيع أن يكون القبول عن طريق البريد الإلكترونى أو عن طريق ملئْ الاستمارة الإلكترونية المعدة سلفاً والموضحة بالموقع ، فإذا أرسل المستهلك قبوله فى شكل آخر كأن يرسل هذا القبول عن طريق البريد التقليدى أو بالفاكس أو بالاتصال تليفونياً ، فإن هذا القبول لا يكون صحيحاً ولا ينعقد به العقد .

وقد اشترط القانون التجارى الأمريكى الموحد (UCC)(1) أن يتم القبول بنفس طريقة وصول الإيجاب حيث جاء نص المادة 206/2 على أن " التعبير عن الإرادة فى القبول يتم بذات طريقة عرض الإيجاب " . وبالتالى إذا أرسل الإيجاب عن طريق البريد الإلكترونى أو عبر موقع الويب فيجب على القابل إن قبل التعاقد أن يعبر عن القبول بذات الطريقة ، وإذا لم يحدد الموجب وسيلة لإرسال القبول  فطبقاً للقانون النموذجى فإن الرسالة الإلكترونية المتضمنة يجب إرسالها إلى نظام المعلومات التابع للموجب والذى يكون عادة صندوق البريد الإلكترونى الخاص به  أو إرسال القبول بذات الطريقة التى أرسل بها الإيجاب .

فالقبول الإلكترونى يخضع لذات القواعد والأحكام التى تنظم القبول التقليدى وإن كان يتميز ببعض الخصوصية التى ترجع إلى طبيعته الإلكترونية ، كما أنه ينتج آثاره إذا تطابق مع الإيجاب بغض النظر عن الوسيلة المستخدمة فى التعبير سواء كانت من خلال التوقيع الرقمى أو عمل Double click  على المكان المخصص للقبول أو بأى وسيلة أخرى يتم استخدامها فى التعبير عن الإرادة  والقبول الإلكترونى . وهناك شروط عامة يجب توافرها فى القبول ، فالقبول يخضع للشروط العامة المطلوبة فى كل تعبير عن إرادة فيجب أن يكون باتاً ومحدداً ومنصرفاً لإنتاج آثار قانونية وذا مظهر خارجى ، وأن يصدر القبول فى وقت يكون فيه الإيجاب قائماً وأن يطابق القبول ، فإذا كان القبول مطابقاً للإيجاب ولا يتضمن أى تحفظات أبرم العقد  فالقبول يجب أن يطابق الإيجاب مطابقة تامة ولا

يجوز أن يزيد فيه أو ينقص عنه وإلا اعتبر رفضاً يتضمن إيجاباً جديداً عملاً بنص المادة (96) من التقنين المدنى المصرى .

ثانياً : تحديد لحظة القبول الإلكترونى

ترجع أهمية تحديد لحظة القبول إلى أنها لحظة انعقاد العقد ، فوفقاً للقواعد العامة ينعقد العقد بتلاقى التعبير عن الإرادتين لطرفى العقد أى الإيجاب والقبول  ويتوقف على تلك اللحظة تحديد زمان ومكان انعقاد العقد وما يرتبط بهما من آثار قانونية  ونجد أن لحظة علم الموجب بالقبول تتحقق عندما يفتح الموجب صندوق خطاباته الإلكتروني ويطلع على الرسالة التى تتضمن القبول ، ويعتبر تسلم الموجب للقبول بدخول الرسالة فى صندوق البريد الإلكترونى على جهاز الكمبيوتر الخاص بالموجب قرينة على العلم به ما لم يثبت الموجب عكس ذلك .

إلا أن المشكلة التى تثور هنا هى أن التجارة الإلكترونية تتجاوز كثيراً إقليم الدولة وهو ما سيؤدى إلى احتمال التداخل بين العديد من القوانين ، وقد أخذت اتفاقية فيينا الخاصة بالبيع الدولى للبضائع بنظرية تسلم القبول أى أن العقد ينعقد بتسلم الموجب للقبول .

ومن الجدير بالذكر أن المادة (15) من قانون الأونسيترال النموذجى بشأن التجارة الإلكترونية الصادر عام 1996 حددت فى الفقرة الثانية وقت استلام البيانات بقولها " ما لم يتفق المنشئ والمرسل إليه على غير ذلك يتحدد وقت استلام رسالة البيانات على النحو التالى :

أ- إذا كان المرسل إليه قد عين نظام معلومات لغرض استلام رسالة البيانات يقع الاستلام :

1- وقت دخول رسالة البيانات نظام المعلومات المعين ، أو

2– وقت استرجاع المرسل إليه لرسالة البيانات ، إذا أرسلت رسالة البيانات إلى نظام معلومات تابع للمرسل إليه ولكن ليس هو النظام الذى تم تعيينه .

ب- إذا لم يعين المرسل إليه نظام معلومات يقع الاستلام عندما تدخل رسالة البيانات نظام معلومات تابعاً للمرسل إليه " . 

وهنا نجد أن نظام المعلومات بالنسبة للعقود الإلكترونية يتمثل فى المواقع المنتشرة عبر الشبكة وعناوين البريد الإلكترونى ، ولكن ينبغى ملاحظة أنه لا تعتبر الرسالة الإلكترونية قد أرسلت بمجرد وصولها إلى نظام المعلومات التابع للمرسل إليه فقد يكون نظام المعلومات الخاص به معطلاً أو يعمل بصورة سيئة مما يعوق دخول الرسالة إليه ، وفى هذه الحالة لا يعتبر الإرسال قد تم وفقاً للقانون النموذجى(1) .

ولتحديد وقت استلام رسالة البيانات وفقاً لهذا القانون النموذجى يتعين التمييز بين حالتين وذلك تبعاً لما إذا كان المرسل إليه عين نظام معلومات لاستلام رسالة البيانات أم لم يعين مثل هذا النظام وذلك على النحو التالى :-

الحالة الأولى :

حين يعين المرسل إليه نظام معلومات لاستلام الرسالة الإلكترونية فإن العقد الإلكترونى يبرم فى الوقت الذى تدخل فيه الرسالة الإلكترونية نظام المعلومات المعين أو وقت استخراج المرسل إليه للرسالة الإلكترونية إذا أرسلت إلى نظام معلومات تابع للمرسل إليه ولكنه ليس هو الذى تم تعيينه .

وطبقاً لذلك إذا اتفق طرفا العقد على اعتبار البريد الإلكترونى نظام معلومات وأرسل القابل قبوله إلى الموجب ، فإن العقد يتم منذ اللحظة التى يدخل فيها القبول لصندوق البريد الإلكترونى الخاص بالموجب . ويلاحظ هنا أن المعيار طبقاً للقانون

النموذجى هو وقت دخول رسالة القبول صندوق البريد الإلكترونى للموجب وليس مجرد وصول الرسالة وهو ما يفترض وجوب علم الموجب برسالة القبول وبالطبع يعتبر ركن العلم ذا أهمية كبرى وبصفة خاصة فى حالة الإيجاب المحدد المدة حيث تبدأ هذه المدة بالنسبة للمرسل إليه من تاريخ العلم . أما إذا أرسل القابل رسالة القبول إلى الموجب عن طريق نظام معلومات آخر كأن ترسل رسالة القبول إلى وسيط يقوم بإرسالها بعد ذلك إلى المتعاقد الآخر وهو الموجب ، فإن العقد يبرم فى الوقت الذى يتم فيه استخراج الموجب للرسالة الإلكترونية والعلم بها .

الحالة الثانية :

عدم تعيين المرسل إليه لنظام معلومات محدد لاستلام الرسائل الإلكترونية ، وطبقاً للقانون النموذجى فإن العقد الإلكترونى يبرم منذ لحظة دخول رسالة القبول نظام معلومات تابع للمرسل إليه ولا يشترط فى هذه الحالة علم المرسل إليه .

ثالثاً : وسائل التعبير عن القبول الإلكترونى

القبول الإلكترونى يتم التعبير عنه بعدة طرق من أهمها الكتابة بما يفيد الموافقة أو باستخدام التوقيع الإلكترونى من خلال البريد الإلكترونى أو من خلال اللفظ باستخدام غرف المحادثة Chatting Room أو من خلال التنزيل عن بعد من خلال تنزيل المنتج أو البرنامج أو السلعة عبر الإنترنت (1)Download  وتحميلها على جهاز الكمبيوتر الخاص بالقابل .

ومن طرق القبول الإلكترونى أيضاً الضغط على مفتاح الموافقة على جهاز الحاسب الآلى عن طريق اللمس أو الضغط على فأرة الكمبيوتر بتحريك السهم نحو أيقونة القبول Icon حيث نجد عبارة " أنا موافق " وتستخدم مواقع الويب الإنجليزية عبارة " ok"  الذى تلقى عرض الإيجاب كتعبير عن إرادة الموجب له عن قبول العرض ما دام القابل قد أكد أنه قرأ محتويات العرض وقبله كما ورد إليه ، وقد يشترط الموجب فى إيجابه وبغرض التأكد من صحة إجراء القبول أن يتم اتخاذ احتياطات أخرى لتأكيد الاختيار حيث أن هناك ثمة برامج لصفحات المواقع على شبكة الإنترنت تلفت نظر المستخدم بأن تسأله عما إذا كان قد قرأ شروط العقد أو بنوده وأنه قد قبلها بحيث إذا لم يؤكد طلبه فإن من حقه أن يسحبه التأكيد النقر مرة واحدة بالموافقة على العلامة الخاصة بذلك كما يمكن الضغط مرتين "Double Click  " على الأيقونة المخصصة للقبول والموجودة على الشاشة وقد يتضمن العقد ما يسمى برسالة قبول نهائى وذلك لتجنب الوقوع فى أخطاء تلقائية أو عفوية قد تصدر من اليد أثناء العمل على جهاز الكمبيوتر ، وقد تأتى هذه الرسالة على شكل تساؤل مثل هل تؤكد القبول؟ وتكون الإجابة بنعم أم لا أو على شكل طلب بالتعبير عن القبول وذلك بإحداث ضغطتين متتاليتين على الزر المخصص بدلاً من الضغط مرة واحدة وفى هذه الحالة فإن الضغط مرة واحدة لا يرتب أثراً بشأن انعقاد العقد ويصبح القبول عديم الأثر ، وغالباً ما يلجأ الموجب إلى هذه الطريقة للتأكد من موافقة القابل على التعاقد وحتى لايتحلل القابل من التزامه بالقول بأن الضغط الأولى كانت عن طريق السهو أو الخطأ ، فالضغط مرتين دليل على موافقة القابل على إبرام العقد . وللبعد عن الاحتمال الخاطئ فى التعاقد مثل القيام بالضغط سهواً على أيقونة القبول نجد أن أغلب المواقع قد وضعت عدداً من الإجراءات التى تسبق وصول القبول

للتأكد من صحة البيانات المرسلة من خلال الضغط عدة مرات على كل مرحلة وفى كل مرحلة يتم إدراج نص مفاده الموافقة على الشروط ثم الانتقال إلى المرحلة التى تليها وذلك بالإجابة على بعض الأسئلة التى توجه إلى القابل مثل تحديد محل إقامته الذى يتعين إرسال المنتج إليه أو كتابة بعض البيانات الخاصة التى تظهر على شاشة جهاز الحاسب الآلى كرقم ونوع بطاقته الائتمانية ، والقصد من هذه الإجراءات اللاحقة هو تأكيد القبول وجعله فى صورة أكثر فاعلية ، بمنح القابل فرصة للتروى والتأكد من رغبته فى القبول وإبرام العقد ، حتى إذا تم منه بالشكل المطلوب كان معبراً بالفعل عن إرادته الجازمة فى القبول(1)

كما أن هناك العديد من التقنيات التى تسمح بالتغلب على هذا الشك ومن ذلك وجود وثيقة أمر بالشراء يتعين على العميل أن يحررها على الشاشة وهو مايؤكد سلوكه الإيجابى فى هذا الشأن أو تأكيد للأمر بالشراء يرتد إلى موقع البائع ، ومن ذلك مثلاً ما ورد بالبند السابع من العقد النموذجى الفرنسى للتجارة الإلكترونية بشأن القبول من ضرورة وجود تأكيد للأمر بالشراء ، كما ورد بالتعليق على ذات البند أن القبول وتأكيد الأمر بالشراء يجب أن يتحقق بمجموعة من الأوامر على صفحات الشاشة المتعاقبة ، بحيث تتضمن هذه الأوامر صراحة ارتباط المستهلك على وجه جازم . ونجد أن اشتراط تأكيد القبول من جانب المستهلك يثير التساؤل حول القيمة القانونية لهذا التأكيد للقبول  وللإجابة على هذا التساؤل يجب أن أن تستخلص من خلال تفاصيل البرنامج المعلوماتى الذى يتم من خلاله التعاقد ، ولن يخرج هذا البرنامج عن فروض ثلاثة :

 الأول : إذا كان هذا البرنامج لا يسمح بانعقاد العقد إلا بعد تأكيد القبول فى هذه الحالة لا يتم القبول إلا بصدور التأكيد ، فصدور القبول مجرداً عن تأكيد هذا القبول يكون منعدماً .

الثانى : حيث يسمح البرنامج بانعقاد العقد دون النص صراحة على التأكيد هنا يكون القبول قد صدر حتى بمجرد لمس أيقونة القبول .

الثالث : وهو فرض وسط بينهما وهو أن يتضمن البرنامج ضرورة التأكيد ولكنه لا يمنع من انعقاد العقد بدونه وهنا يمكن القول أن اللمسة هى قرينة على الانعقاد ولكنها قرينة قابلة لإثبات العكس ، بمعنى أنه يجوز للعميل أن يثبت أن هذه اللمسة قد صدرت منه عفواً على سبيل المثال ويستطيع هنا أن يتخذ من عدم صدور التأكيد منه دليلاً على أنه لم يقصد قبول التعاقد . كما أن اشتراط تأكيد القبول يثير تساؤلاً آخر وهو هل يعد التحميل عن بعد لأحد برامج الكمبيوتر طريقة معقولة للقبول بحيث يترتب على القيام به انعقاد العقد ، ونلاحظ أن هذه الصورة تمثل الصورة المثلى لإبرام العقد (عقد بيع البرنامج أو المعلومات) وتنفيذه على شبكة الإنترنت دون اللجوء للعالم الحقيقى خارج الشبكة .

حيث تقوم بعض الشركات أحياناً بالإعلان على موقعها بتوافر برامج لديها وعلى من يجد فى نفسه الرغبة بالاشتراك بها الاتصال معها من خلال الموقع المعلن عليه ويقوم بعمل تحميل أو Download للبرامج مما يعد هذا التحميل قبولاً للإيجاب  ونجد مثالاً عملياً خاص بشركة Microsoft الأمريكية وهى من كبرى شركات إنشاء برامج نظم التشغيل مثل windows وغيرها من برامج التطبيقات المختلفة والتى تمنح على موقعها على الشبكة فرصة للتجربة المجانية لأحد برامج الكمبيوتر وذلك لمدة تسعين يوماً ، مع التنبيه على مستعمل شبكة الإنترنت بخضوع هذه

التجربة لشروط الترخيص التى لا تظهر للعميل إلا بعد تحميل هذا البرنامج والتى تتضمن شرطاً ينص على أن " تحميل البرنامج يعد قبولاً للشروط التالية ......"

ويذهب الرأى الراجح إلى أن التعبير عن إرادة القبول الإلكترونية لا يكون إلا صريحاً(1)  فالقبول الإلكترونى يتم عن طريق أجهزة وبرامج إلكترونية تعمل آلياً  وهذه الأجهزة لا يمكنها استخلاص أو استنتاج إرادة المتعاقد . ووفقاً لهذا الرأى فإنه لا محل للقول بأن التعبير عن إرادة القبول الإلكترونى يمكن أن يكون إشارة متداولة عرفاً أو باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً فى دلالته على حقيقة المقصود منه ، ولكننى أجد أن هذا الرأى يخالف القواعد العامة لنظرية العقد ، إذ أن لطبيعة المعاملة دور أساسى فى إبرام العقود يستوى فى ذلك العقود التقليدية أو العقود الإلكترونية ، كما أن المعاملات التجارية تتسم بالسرعة وتعتمد على العرف التجارى فالعبرة هنا بطبيعة المعاملة بين الطرفين وليس بوسيلة الاتصال بين هذين الطرفين . ونجد أن المشرع فى قوانين المعاملات الإلكترونية وفى قانون الأونسيترال النموذجى للتجارة الإلكترونية لم يحدد وسائل وطرق القبول الإلكترونى نظراً لأن هذه الوسائل فى تطور مستمر .

رابعاً : هل يعد السكوت تعبيراً إلكترونياً عن القبول ؟

القاعدة أن السكوت المجرد لا يصلح تعبيراً عن القبول وفقاً لما يقول به فقهاء الشريعة الإسلامية فإنه "لاينسب لساكت قول" . فالسكوت المجرد لا يصلح أن يكون تعبيراً عن الإرادة ، كما إن إرادة الموجب لا تستطيع وحدها أن تنشأ مثل هذا الالتزام على عاتق من يوجه إليه الإيجاب ، لذلك من يتسلم رسالة إلكترونية تتضمن إيجاباً ونص فيها على أنه إذا لم يرد على هذا العرض خلال مدة معينة

اعتبر ذلك قبولاً يستطيع ألا يلتفت لمثل هذه الرسالة وألا يعيرها اهتماماً(1) ، لكن يرد على هذه القاعدة استثناء تتضمنه القاعدة الفقهية التى تقول أن "السكوت فى معرض الحاجة بيان" ، ومعنى هذا أن السكوت إذا صاحبته دلالة الرضاء فإنه حينئذ يعتبر قبولاً وقد تضمنت المادة (98) من القانون المدنى المصرى أمثلة لهذا النوع من السكوت بقولها "

1 - إذا كانت طبيعة المعاملة أو العرف التجارى أو غير ذلك من الظروف تدل على أن الموجب لم يكن لينتظر تصريحاً بالقبول ، فإن العقد يعتبر قد تم ، إذا لم يرفض الإيجاب فى وقت مناسب .

2 - ويعتبر السكوت عن الرد قبولاً ، إذا كان هناك تعامل سابق بين المتعاقدين واتصل الإيجاب بهذا التعامل ، أو إذا تمخض الإيجاب لمنفعة من وجه إليه " .

فالسكوت الملابس هو الذى يقترن ببعض المظاهر الخارجية التى تخرجه عن حالته السلبية وتضفى عليه وضعاً إيجابياً كتعبير عن الإرادة كطبيعة المعاملة أو العرف أو وجود تعامل سابق بين الأطراف أو كان الإيجاب لمنفعة الموجب إليه . فهذه الشروط يمكن تطبيقها فى حالة التجارة الإلكترونية مع بيان حقيقة الإيجاب بأن يكون إيجاباً باتاً وليس مجرد دعوة إلى التعاقد حتى يتلاقى مع حالات السكوت الملابس التى ترد فى حق القابل ، فإذا كان هناك تعامل بين الطرفين فإن سكوت أحد الطرفين يمكن أن يستخلص منه القبول مثله فى ذلك مثل النظرية التقليدية . فاستعمال الوسائل  الإلكترونية لا يعد مبرراً للخروج على القواعد العامة . وبالرغم من أن اتفاقية فيينا لم يرد فيها نص صريح يؤدى إلى اعتبار السكوت الملابس قبولاً فإنه يمكن أن يستخلص هذا الحكم من عبارة الفقرة الأولى من المادة (18)

التى تنص على " يعتبر قبولاً أى بيان أو أى تصرف آخر صادر من المخاطب يفيد الموافقة على الإيجاب ، أما السكوت أو عدم القيام بأى تصرف فلا يعتبر أى منهما فى ذاته قبولاً " . فإذا كان السكوت وفقاً للقواعد العامة لا يصلح تعبيراً عن إنشاء الإيجاب ، فإنه على العكس من ذلك قد يصلح أن يكون قبولاً. وهنا يثور التساؤل عما إذا كان السكوت يمكن أن يكون تعبيراً عن إرادة أحد الأشخاص فى التعاقد الإلكترونى ، فالأصل أن السكوت فى حد ذاته مجرد من أى ظرف ملابس له لا يصلح أن يكون تعبيراً عن الإرادة ، فالإرادة عمل إيجابى والسكوت شئ سلبى وليس إرادة ضمنية لأن هذه الإرادة تستخلص من ظروف إيجابية تدل عليها . ولكن إستثناءً من هذا الأصل فإن السكوت يمكن أن يكون تعبيراً عن الإرادة ويعتبر قبولاً بناء على نص فى القانون أو اتفاق طرفى التعاقد إذا أحاطت به ظروف ملابسه من شأنها أن تفيد دلالته على الرضاء وهو ما قضت به محكمة النقض المصرية بأنه من المقرر وفقاً لنص المادة 98/2 من القانون المدنى أن مجرد السكوت عن الرد لا يصلح بذاته تعبيراً عن الإرادة ولا يعتبر قبولاً إلا إذا كان متعلقاً بتعامل سابق بين المتعاقدين واتصل الإيجاب بهذا التعامل بأن كان مكملاً أو منفذاً أو ناسخاً له(1) . كما يعد السكوت قبولاً إذا اتفق أطراف التعاقد أثناء المفاوضات صراحة على اعتبار سكوت الموجه إليه الإيجاب قبولاً فى ظروف معينة مثال ذلك أن يتفق الأطراف على اعتبار السكوت قبولاً إذا مضت مدة معينة دون رد ، أو كانت طبيعة التعامل تقتضى ذلك أو العرف أو كان الإيجاب لمنفعة الموجب إليه . ومن أمثلة الإيجاب الموجه لمنفعة الموجب أعمال التبرعات التى من

الصعوبة تحققها كثيراً من خلال شبكة الإنترنت  وبالرجوع إلى تشريعات المعاملات الإلكترونية لا نجد أى نص من نصوصها يشير إلى اعتبار السكوت وسيلة يعتد بها للتعبير عن القبول .

خامساً :العدول عن القبول الإلكترونى

حق العدول ومبدأ القوة الملزمة للعقد

إن حق المستهلك فى العدول عن العقد يعنى إعادة المتعاقدين إلى الحالة التى كانا عليها قبل التعاقد  ويكون بأن يرد المستهلك المنتج الذى تم تسليمه إليه ، مادام أن ثمة مبرراً معقولاً دونما شطط الهوى الشخصى للمستهلك .وبموجب القوة الملزمة للعقد فإن أياً من طرفيه لا يستطيع أن يرجع عنه ، فمتى تم التقاء الإيجاب بالقبول وقام العقد فإن تنفيذه يصبح ملزماً ولا رجعة فيه(1) ، ولكن نظراً لأن المستهلك فى العقد الإلكترونى ليس لديه الإمكانية الفعلية لمعاينة السلعة والإلمام بخصائص الخدمة قبل إبرام العقد فإنه يجب أن يتمتع بحق العدول ، ومن ثم تعليق إتمام العقد على صدور الإرادة الواعية المستنيرة للعميل وذلك حتى لا يستفيد مورد السلعة أو الخدمة من قصر الوقت المتاح للمستهلك للنظر فى العقد المعروض عليه ليحصل منه على التوقيع بصرف النظر عن احتمالات اعتراض المستهلك على بعض البنود فى وقت لاحق على التوقيع حيث تكون لا فائدة من اعتراضه(2) ، وهذا يعنى تخويل المستهلك حق نقض العقد بعد انعقاده بالإرادة المنفردة ، وهو ما يعد مخالفاً لقاعدة العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه أو تعديله إلا باتفاق الطرفين أو

للأسباب التى يقررها القانون ، ولذلك فإن هذا الحكم المخالف لتلك القاعدة يجب النص عليه صراحة إما فى اتفاق الطرفين أو فى القانون .

وقد أقرت العديد من التشريعات ، كالقانون الفرنسى والقانون الأمريكى والقانون الإنجليزى أحقية المستهلك فى العدول بشأن العقود الإلكترونية خلال فترة السماح وتختلف هذه المدة من قانون لآخر باعتبار أن المستهلك فى التعاقد عن بعد لا يرى المنتج أو السلعة ، فقد يتسلم منتجاً لا يتفق مع المواصفات المتعاقد عليها ، ومن ثم يحق له إرجاع هذا المنتج خلال فترة معينة هى فترة السماح .

الطبيعة القانونية للعقد الإلكترونى المتضمن حق العدول

إن الحق فى العدول عن القبول أو العدول عن العقد وفق قانون الاستهلاك الفرنسى يتسم بالصفة التقديرية  فهو حق إرادى محض يترك تقديره لكامل إرادة المستهلك وفقاً للضوابط القانونية وهو حق يمس بالقوة الملزمة للعقد ويشكل خروجاً على هذا المبدأ ، ولذلك ذهب كثير من الفقهاء فى شأن تحديد الوصف القانونى للتعاقد مع الحق فى العدول)1( إلى بعض الأنظمة القانونية التى تتشابه معه مثل البيع بشرط التجربة أو المذاق والبيع مع خيار العدول ، والبيع المعلق على شرط واقف أو فاسخ والوعد بالتعاقد والعقد التدريجى .

ويرى جانب آخر من الفقه أن حق العدول هو إعطاء المستهلك مكنة فسخ العقد الذى ارتضاه على عجالة وهو يعد اعتداءً على مبدأ سلطان الإرادة فى العقود) 2( 

بينما يذهب جانب آخر من الفقه إلى أن حق العدول هو مهلة قانونية معقولة للتفكير

يرجى إبرام العقد خلالها وذلك حماية للمستهلك من التسرع فى إبرامه(1) .

الحق القانونى فى العدول عن القبول الإلكترونى

تقرر هذا الحق للمستهلك بنص المادة 121/26 من تقنين الاستهلاك الفرنسى التى نصت على أنه " يحق للمشترى فى كل عملية بيع عن بعد إعادة المنتج خلال مدة سبعة أيام كاملة تبدأ من تاريخ تسلمه سواء لإستبداله أو لإسترداد ثمنه دون مسئولية أو نفقات فيما عدا تكاليف الرد " .

كما تقرر هذا الحق أيضاَ بمقتضى المادة الأولى من القانون الفرنسى رقم 88/21 الصادر فى 6 يناير 1988 التى نصت على أنه " فى كافة العمليات التى يتم فيها البيع عبر المسافات فإن للمشترى الحق فى إعادة النظر فى المبيع برده سواء لاستبداله أو لإسترداد ثمنه " .

وينطبق هذا النص على الحق فى العدول بالنسبة للمنتجات فقط ، أى الأشياء المادية المنقولة دون الخدمات ، سواء تم هذا البيع عن طريق التليفون أو الفاكس أو التلكس أو الميناتل أو التلفاز ، وهو ما ينطبق أيضاً على التعاقد الإلكترونى عبر الإنترنت باعتباره تعاقداً عبر المسافات .

كما نص قانون الاستهلاك على حق المستهلك فى الرجوع عن قبوله بالنسبة لعمليات بيع السندات المالية خلال مهلة سبعة أيام فيما يخص العمليات الأولى وخمسة عشر يوماً للعمليات الأخيرة ، تتضمنها أيام الأجازات والعطلات ، كما نص هذا القانون على مهلة ثلاثين يوماً فى حالة التأمين على الحياة ، ويستثنى من تطبيق هذه النصوص عمليات الإقراض والتأمين وتوظيف الأموال .

كما قرر توجيه المجلس الأوروبى رقم 7/97 الصادر فى 20 مايو 1997 هذا الحق أيضاً حين نص فى المادة (6/1) على أن " كل عقد عن بعد يجب أن ينص فيه على أحقية المستهلك فى العدول خلال مدة لا تقل عن سبعة أيام تبدأ من تاريخ إبرام العقد أو من تاريخ كتابة المورد الإقرار الخطى ، وتصل هذه المدة إلى ثلاثة أشهر إذا تخلف المورد عن القيام بالتزامه بإرسال إقرار مكتوب يتضمن العناصر الرئيسية للعقد . وهو ما يتضح منه أن القانون الفرنسى اتبع هذا التوجيه وأجاز للمستهلك فى التعاقد الإلكترونى إمكانية إرجاع المنتج أو استبداله خلال فترة سبعة أيام من تاريخ استلامه بدون أى مقابل فيما عدا مصاريف الانتقال وبدون إبداء أسباب ، ومدة السبعة أيام تشمل أيام العمل فقط وليس من بينها أيام السبت والأحد وتبدأ من تاريخ تسلم السلعة ، وممارسة المستهلك لحقه فى العدول قد لا يجدى نفعاً من الناحية العملية فى بعض الحالات مثل عقود برامج الحاسب .

وقد عرف التوجيه الأوروبى الصادر فى 14/5/1991 برامج الحاسب الآلى بأنها " مجموعة من الأوامر التى تؤدى إلى إنجاز المهام المستهدفة من خلال نظام معلومات الحاسب " (1)، ولم يضع المشرع المصرى أو الفرنسى تعريفاً محدداً لبرامج الحاسب كما فعل المشرع فى كثير من التشريعات المقارنة المتعلقة بموضوع برامج الحاسب الآلى وذلك حتى يتلاشى التدخل بشكل مباشر فى تعريفه مستنداً فى ذلك إلى التطور المستمر الذى يلحق هذا المجال ، وذلك إذا تم إرسالها بالبريد العادى وقام العميل بفض الأختام ونزع الغلاف أو تم إرسالها إلكترونياً إلى ذاكرة الحاسب الآلى الخاص بالمستخدم(2) .

وإذا كان كل من القانون الفرنسى والتوجيه الأوروبى قد اتفقا على حق العدول ، إلا أن التوجيه الأوروبى الخاص بالبيع عن بعد له مجال أوسع حيث يتضمن حق المستهلك فى العدول عن المنتجات والخدمات بعكس القانون الفرنسى الذى قصر حق العدول على المنتجات فقط دون الخدمات ، ومع ذلك فإن التمتع بهذا الحق ليس مطلقاً فمثلاً فى حالة تنزيل برنامج موسيقى أو أغانى من على شبكة الإنترنت على جهاز الكمبيوتر الخاص بالعميل ثم يقوم بعد ذلك بنسخ تلك الأغانى واستعمالها  يكون العقد قد أبرم ولا يجوز العدول عنه ، وقد نص التوجيه الأوروبى على أنه

" فى حالة تنزيل البرنامج من على الشبكة ، فإن العقد يكون قد أبرم ولا يجوز العدول عنه ، ما لم يكن هناك اتفاق مسبق بين الطرفين على خلاف ذلك " .

أما القانون الأمريكى فإن فترة السماح فيه أطول من القانون الفرنسى ، فهى ثلاثون يوماً يحق للمستهلك خلالها أخذ مهلة للتروى والتفكير فى إتمام العقد أو إرجاع البضاعة ، وتبدأ هذه المدة من تاريخ استلام السلعة أو الخدمة ، ولكن هذا القانون مطبق فى بعض الولايات دون غيرها من الولايات الأخرى .

رابعاً : اختلاف صيغ الإيجاب والقبول الإلكترونيين

إذا كان الأصل أنه يجب لكى يبرم العقد أن يكون القبول مطابقاً للإيجاب ، عملاً بنص المادة (89) مدنى مصرى وهو ما يعنى أن الاتفاق على بعض شروط العقد لا يكفى من حيث الأصل لإتمام التعاقد بل يجب أن يتم الاتفاق على جميع مسائل وشروط العقد .

ولكن إستثناءً من ذلك قررت المادة (95) من القانون المدنى المصرى أن الاتفاق على الشروط الجوهرية يكفى لانعقاد العقد حتى ولو جدت مسائل تفصيلية تركت دون اتفاق عليها ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك . ويتضح من ذلك أنه يلزم

لإعمال حكم هذه المادة توافر ثلاثة شروط هى : أن يتم الاتفاق على جميع المسائل والشروط الجوهرية فى العقد ، وأن يحتفظ الطرفان بمسائل تفصيلية يؤجلان الاتفاق عليها فيما بعد ، وألا يكون انعقاد العقد معلقاً على هذه المسائل المؤجلة بينهما . 

ويقصد بالمسائل الجوهرية فى العقد وعلى ما قضت به محكمة النقض أركان العقد وشروطه التى يرى المتعاقدان وجوب الاتفاق عليها والتى ما كان ليتم العقد الموعود به بدونها .

ويعتبر من المسائل الجوهرية التى يجب توافرها لانعقاد العقد الأركان الثلاثة اللازمة لقيامه وهى التراضى والمحل والسبب ، ولذلك لا يعتبر العرض الصادر عبر شبكة الإنترنت من شخص لآخر بإبرام عقد من العقود إيجاباً بالتعاقد ما لم يتضمن تحديد المسائل الجوهرية ، فإذا لم يتضمن هذا العرض الإلكترونى تحديد طبيعة العقد وشروطه الجوهرية وأركانه الثلاثة فإنه يعد مجرد دعوة إلى التفاوض يختلف حكمها عن حكم الإيجاب بالتعاقد .

أما المسائل الثانوية فيمكن التمييز بينها وبين المسائل الجوهرية عن طريق معيارين هما المعيار الموضوعى والشخصى ، ويقصد بالمعيار الموضوعى ضرورة توافر الاتفاق على الأركان الثلاثة اللازمة قانوناً لانعقاد العقد وهى التراضى والمحل والسبب ، بالإضافة إلى الأركان المحددة لكل عقد من العقود المساه والتى تحدد ماهية العقد وتميزه عن غيره من العقود ، وهو ما عبرت عنه المادة (14/1) من اتفاقية فيينا بشأن البيع الدولى للبضائع من أنه " يعتبر العرض محدداً تحديداً كافياً عندما يحدد البضائع ويبين الثمن صراحة أو ضمناً أو يقدم إيضاحات تمكن من تحديده ".

أما المعيار الشخصى الذى يفرق بين المسائل الجوهرية والثانوية فهو الإرادة المشتركة للمتعاقدين والتى يتم الكشف عنها بجميع الطرق ومنها المعاملات السابقة المحيطة بإبرام العقد .

وبناءً على ذلك فإذا عرض الأطراف لعناصر العقد الجوهرية فقط دون بيان المسائل التفصيلية فإنه يعتبر إيجاباً حتى ولو لم يتضمن كافة شروط هذا العقد ومن ثم فإن هذا العقد يتم ويكون الرجوع فى شأن المسائل الثانوية للعرف والقواعد التشريعية المكملة المنصوص عليها فى التنظيم القانونى الخاص بالعقد وإن كان من العقود المسماة ، وللقواعد المنظمة للنظرية العامة للالتزام إن كان من العقود غير المسماة .

ومن ثم فإن إبرام العقد الإلكترونى وفقاً لنص المادة (95) مدنى يتطلب الاتفاق على المسائل الجوهرية فقط دون المسائل التفصيلية ما لم يوجد نص أو اتفاق مخالف .

وتحديد العناصر الجوهرية للعقد يختلف بحسب ما إذا كان العقد من العقود المسماة أم من العقود الغير مسماة ، فبالنسبة للعقود المسماة فإن العناصر الجوهرية يتم استخلاصها من القواعد العامة والتنظيم التشريعى ومن الظروف التى تحيط بإبرامه .

أما بالنسبة للعقود الغير مسماة فإن تحديد العناصر الجوهرية يترك للسلطة التقديرية للقاضى ، فإذا تبين له حدوث اتفاق بشأن هذه العناصر فى العلاقة التى يفحصها فإنه يصدر حكمه مثبتاً انعقاد العقد ، وهذا الحكم يكون كاشفاً عن وجوده وليس منشئاً له ، ذلك أن القاضى فى تحديده للعناصر الجوهرية للعقد إنما يتحرى الإرادة المشتركة للمتعاقدين للوقوف على حقيقة الغرض من التعاقد ، وهذا التحديد ليس

تحكمياً وإنما يستخلصه القاضى من المفاوضات والخطابات المتبادلة وطبيعة التعامل والعرف الجارى ومقتضيات العدالة ، فبعد دراسة هذه الرسائل والمستندات وإعطائها التكييف القانونى السليم يقرر القاضى ما إذا كان هناك عقد قد انعقد أم لا .

عدم تطابق صيغ الإيجاب والقبول الإلكترونيين

لا يبرم التعاقد الإلكترونى فقط عبر صفحات الويب ، بل يتم أيضاً عن طريق البريد الإلكترونى ، وفى هذه الحالة الأخيرة قد تثور مشكلة عدم تطابق الإيجاب والقبول ، أو بمعنى آخر اختلاف صيغ التعاقد الإلكترونى حيث يقوم التاجر مثلاً بإرسال رسالة عبر البريد الإلكترونى تتضمن إيجاباً ويشير فى هذه الرسالة إلى أنه ملحق بها مرفقات ، وهذه المرفقات عبارة عن صيغة معدة سلفاً لشروط وبنود التعاقد فيقوم الطرف الموجب إليه بقبول هذا العرض ويرسل رسالة إلكترونية بالموافقة على الإيجاب ولكن بالاعتماد على شروطه الملحقة برسالته والممهدة سلفاً أيضاً والتى قد يكون بها شروط وبنود ومصطلحات تختلف عن شروط الصيغة المرسلة من الموجب .

فى هذه الحالة يثور التساؤل هل يكون العقد الإلكترونى قد أبرم بين الطرفين أم أن القبول الذى يحتوى على شروط مغايرة لشروط الإيجاب يعتبر إيجاباً مضاداً ؟ وسبب هذه المشكلة أنه غالباً لا يهتم الطرفان بملحقات الرسالة الإلكترونية ويطلق عليها اسم Attachement(1) ومن ثم لا يقوم القابل أو الموجب بقراءة ما تتضمنه

من شروط وبنود للتعاقد  أو أن ينكر أحد الطرفين حجية ملحقات الرسالة على أساس أن العبرة بالرسالة الإلكترونية الأصلية فقط .

ولحل هذه المشكلة يقوم الموجب (التاجر) غالباً ببيان أن على القابل (المستهلك) غالباً أن يوافق على شروط التعاقد وفق الصيغة المعدة سلفاً والملحقة بالرسالة الإلكترونية المتضمنة الإيجاب أو رفضها بحالتها . وقد تنبه واضعو القانون النموذجى للتجارة الإلكترونية لتلك المشكلة فقاموا بإضافة المادة الخامسة إلى نصوص القانون النموذجى للتجارة الإلكترونية الصادر عام 1996 والتى نصت على الإعتراف القانونى بالمعلومات التى ترد فى ملحق رسالة البيانات الإلكترونية والمشار إليها فى الرسالة الأصلية وصياغتها كالآتى

" لا تفقد المعلومات مفعولها القانونى أو صحتها أو قابليتها للتنفيذ لمجرد أنها فى شكل رسالة بيانات " .

ونجد أن العبرة فى تحديد إبرام العقد الإلكترونى من عدمه هو بالنظر إلى ما يحتويه ملحق الرسالة من بنود وشروط ، ما لم يتضح أن المتعاقدين قد اشترطا بأن العقد لا ينعقد إلا بالاتفاق على المسائل الثانوية كإشتراط الدفع عبر بطاقات الائتمان أو بواسطة النقود الإلكترونية ، فعندها ترتفع المسائل الثانوية إلى مرتبة المسائل الجوهرية من حيث اعتبارها أساساً لإبرام العقد .

الأمر الذى يعنى أنه إذا كانت المسائل التفصيلية والموجودة بملحق الرسالة الإلكترونية لم يتعرض لها الطرفان سواء عن عمد أو إهمال واقتصرا فقط على مناقشة المسائل الجوهرية وتراضيا بشأنها فإن العقد يعتبر قد أبرم إعمالاً للقواعد العامة ، ما لم يتفقا على خلاف ذلك وهنا يقوم القاضى بإكمال العقد وفقاً لما تقضى

به القواعد القانونية المكملة عملاً بنص المادة (148/2) من القانون المدنى المصرى والتى تقضى بأنه " لا يقتصر العقد على الزام المتعاقد بما ورد فيه ولكن يتناول أيضاً ما هو من مستلزماته وفقاً للقانون والعرف والعدالة وذلك بحسب طبيعة الالتزام " .

أما إذا كانت الشروط جوهرية فإن العقد لا يبرم ويعتبر القبول الصادر هو بمثابة إيجاب موجه إلى الموجب يلزمه قبول لإبرام العقد .

وتظهر هذه المشكلة أيضاً بوضوح فى حالة التعاقد بواسطة العقود النموذجية المعدة سلفاً من خلال مواقع الويب ، وبصفة خاصة بين منشأة تجارية وأخرى حيث يتعذر إدخال تعديل على العرض المقدم من كل متعاقد ، فنجد أن كل منشأة تقرر القبول وفقاً للشروط المبينة فى ملحق الرسالة الإلكترونية كأن تشترط إحدى المنشآت الإحالة بشأن بنود العقد إلى أحد العقود النمطية الدولية مثال ذلك أن يشترط الطرف الأول فى حالة تصدير معدات وماكينات الإحالة بشأن بنود العقد إلى العقد النموذجى الذى وضعته اللجنة الاقتصادية الأوروبية للأمم المتحدة بشأن توريد الأدوات والآلات اللازمة لتجهيز المصانع ، فيقبل الطرف الآخر، ولكن يشترط الإحالة فى تفسير العقد إلى القواعد الدولية لتفسير المصطلحات التجارية الصادرة من غرفة التجارة الدولية بباريس عام 1953 وهو ما يطلق عليها قواعد الـ Incoterms ، بينما يشترط الطرف الآخر الإحالة فى التفسيرإلى مبادئ العقود الدولية الصادرة عن معهد توحيد القانون الخاص بروما عام 1994 والمعروفة بقواعد الـ اليونيدروا .

المطلب الثالث

زمان ومكان إبرام العقد الإلكترونى

إن أطراف العقد الإلكترونى يباعد بينهم المكان ، وبالتالى قد يكون هناك فاصل زمنى بين صدور الإيجاب من الموجب واتصاله بعلم من وجه إليه ، ونجد نفس المسألة بالنسبة للقبول فإنه قد تمر فترة زمنية بين إعلان القبول من الموجه إليه الإيجاب وعلم الموجب بهذا القبول ، وبالتالى يصعب تحديد وقت ومكان إرسال واستقبال رسالة البيانات الإلكترونية .

كما أن زمان ومكان إبرام العقد الإلكترونى فى بعض الأحيان يختلف من وجهة نظر الموجب عن وجهة نظر القابل ، فمثلاً نجد أن العقد الإلكترونى الذى تم توقيعه فى مصر يوم 15 يناير مثلاً يصادف فى نفس الوقت يوم 14 يناير فى ولاية لوس أنجلوس بأمريكا .

وتعتبر مشكلة تحديد زمان ومكان انعقاد العقد من أهم وأدق المشاكل القانونية التى يثيرها التعاقد الإلكترونى عبر شبكات الاتصال ، لاسيما وأن قانون التجارة الإلكترونى النموذجى لسنة 1996 والتوجيه الأوروبى بشأن التجارة الإلكترونية الصادر سنة 2000 لم يحدد أى منهما لحظة ومكان إبرام العقد الإلكترونى تحديداً صريحاً ، مما قد يؤدى إلى اختلاف الدول فى تبنى مفهوم موحد لتحديد وقت ومكان إبرام العقد الإلكترونى .

ويبدو أهمية تحديد زمان ومكان إبرام العقد الإلكترونى لما يترتب على ذلك من نتائج قانونية هامة  فتحديد

زمان إبرام العقد الإلكترونى يترتب عليه معرفة الوقت الذى يحق فيه للمستهلك العدول عن التعاقد وكذلك تحديد وقت انتقال الملكية وتحمل تبعة الهلاك وحساب

بداية مواعيد التقادم ، وكذلك بالنسبة للعقود التى يبرمها التاجر الذى يشهر إفلاسه حيث يتوقف مصيرها على معرفة وقت انعقادها .

كما يترتب على تحديد مكان إبرام العقد الإلكترونى تحديد القانون الواجب التطبيق والمحكمة المختصة بالفصل فى النزاع فى حالة حدوثه .

ولم يعالج نظام التعاملات الإلكترونية بأحكام واضحة المعالم مسألة زمان ومكان انعقاد التعامل الإلكتروني بصورة مباشرة ، فقد تركها عرضة للاجتهاد والتحليل  الأمر الذي من شأنه أن ينعكس سلبا على قرارات المحاكم واللجان التي ستتولى تطبيق أحكام النظام لذلك يُقترح تلافي هذا القصور.

وعلى ذلك سوف نقوم بتقسيم هذا المطلب إلى فرعين على النحو التالى :

الفرع الأول : زمان إبرام العقد الإلكترونى .

الفرع الثانى : مكان إبرام العقد الإلكترونى .

الفرع الأول

 زمان إبرام العقد الإلكترونى

تمهيد :

يتم إبرام العقد بتلاقى الإيجاب والقبول وذلك فى الزمان والمكان الذى يتم الاتفاق عليه بين أطراف العقد بينما إذا لم يتم تحديد زمان زمكان إبرام العقد فيتم الرجوع إلى القواعد العامة لنظرية العقد ولأحكام قانون التجارة والمعاملات الإلكترونية .

وبالنسبة لتحديد وقت إبرام العقد الإلكترونى فهل يعتبر قد أبرم عند دخول الرسالة الإلكترونية المتضمنة القبول نظام الكمبيوتر الخاص بالموجب أم عندما يصل القبول

 

 

 

نظام الكمبيوتر الخاص بالموجب ويسجلها الكمبيوتر أو عندما يصل القبول لنظام المعلومات الخاص بالموجب ويقوم بالإطلاع عليها ومعالجتها وتفسيرها(1) .

وتكمن صعوبة تحديد وقت إبرام العقد الإلكترونى نتيجة لصعوبة تحديد زمان وصول الإيجاب والقبول إلى الطرف الآخر ، فعندما يتم نقل التعبير عن الإرادة إلكترونياً عن طريق الضغط على مفاتيح  الكمبيوتر فإن هذه الإرادة الإلكترونية تنقل عن طريق ترددات كهربائية يتم تشفيرها إلى ومضات إلكترونية تصل إلى جهاز الكمبيوتر لدى المرسل إليه ويصعب تحديد تاريخ وصول الومضات الإلكترونية إلى الطرف الآخر . 

وإذا كانت القاعدة العامة أن تحديد المكان يتبع تحديد زمان انعقاد العقد ، فإن الأمر يختلف فى التعاقد الإلكترونى إذ يختلف مكان العقد عن تحديد زمانه ، فمثلاً لو أن شركة ما فى الولايات المتحدة الأمريكية أرسلت إيجاباً إلى شركة أخرى فى جمهورية مصر العربية عن طريق شبكة الإنترنت تعرض عليها بيع أجهزة كمبيوتر وبثمن معين وذكر أن هذا العرض يعد سارياً خلال أسبوع من تاريخ وصول الرسالة الإلكترونية إليه ، وعند وصول الإيجاب إليها أجابت الشركة المصرية بالرد برسالة إلكترونية بالموافقة فوصلت تلك الرسالة إلى الشركة الأمريكية وعلمت بالموافقة ، هنا يثور التساؤل متى ينعقد العقد ؟

هل هو وقت إعلان التعبير عن إرادة القبول من الشركة المصرية أم هو وقت علم الشركة الأمريكية بقبول القابل ؟ وللإجابة على هذا التساؤل نجد أن الفقه قد انقسم

فى تحديد زمان إبرام العقد الإلكترونى إلى أربع مذاهب أو أربع لحظات(1) على النحو التالى :

(1) إعلان القبول

طبقاً لهذا المذهب فإن لحظة إبرام العقد الإلكترونى هى اللحظة التى يحرر فيها القابل رسالة إلكترونية تتضمن القبول دون تصديرها . ويضيف البعض(2) أنه يمكن إعلان القبول الإلكترونى وفقاً لهذه النظرية عن طريق قيام القابل بالنقر على الأيقونة المخصصة لتلك الشاشة Accept / Ok   وعدم تصديره وذلك بالنقر على مفتاح التوقف Stop الموجود فى أعلى صفحة البريد الإلكترونى حيث أن القبول لن يخرج فى هذه الحالة عن سلطة القابل وسيبقى بذلك فى مرحلة إعلان القبول .

ولما كان العقد هو توافق إرادتين ، فمتى أعلن الطرف الآخر قبوله للإيجاب المعروض عليه فقد توافقت الإرادتان وتم العقد ، فاللحظة التى يقوم القابل بالإعلان عن إرادته من خلال إرسال رسالة البيانات عبر الوسائل الإلكترونية تتضمن قبولاً مطابقاً للإيجاب الموجه للقابل تطابقاً تاماً ، وبتمام تحرير القبول فإن هذه اللحظة هى وقت القبول دون حاجة إلى علم الموجب بالقبول أو عدم علمه ، فالقبول هنا تعبير إرادى غير واجب الاتصال فيكفى مجرد إعلانه من صاحبه .

ويستند هذا المذهب إلى أن المعاملات التجارية تتطلب السرعة والشفافية فى التعامل ، فالقابل يستطيع بمجرد إعلان قبوله أن يطمئن إلى انعقاد العقد ويجرى تعامله مع الغير على هذا الأساس .

ويؤخذ على هذا المذهب أمران :

الأول أن هذا المذهب لا يتفق مع الواقع العملى فى جميع الأحوال فالمشرع لا يعتد بالنوايا ، فإرداة الإنسان أى الإرادة الفردية لا يمكن أن تنتج أى أثر قانونى وحدها وإنما لابد من وجود إرادة أخرى مطابقة لها تتلاقى معها .فليس من الضرورى أن تكون الإرادتان متوافقتين بإعلان القبول ، فالقبول عمل يصدر من القابل وحده دون أن يعلم به الموجب ولا يستطيع إثباته إلا القابل الذى يكون فى وسعه إنكار صدوره منه أو يعدل عنه وبذلك لا يستطيع الموجب إثباته طالما أن القابل قد اكتفى بصدور قبوله ولم يخبر الموجب به 

أما الأمر الثانى هو أن القبول إرادة والإرادة لا تنتج آثارها من وقت صدورها وإنما من وقت العلم بها .

 (2) تصدير القبول

لا يختلف هذا المذهب عن المذهب السابق كثيراً ، إذ ينتج القبول أثره بإعلانه على أن يكون هذا الإعلان نهائياً أى لا رجعة فيه وبإرسال القبول إلى الموجب .  فوفقاً لهذا المذهب فإنه  يشترط حصول واقعة مادية هى تصدير القبول زيادة على إعلانه حتى يكون نهائياً لا يمكن الرجوع فيه وذلك بأن يرسل القبول فعلاً إلى الموجب  أى خروج القبول من يد صاحبه .

فإذا تم إرسال بريد إلكترونى إلى الموجب فإن العقد يعد مبرماً منذ لحظة خروج الرسالة الإلكترونية المحتوية على القبول ودخولها فى سيطرة الوسيط الإلكترونى  مقدم الخدمة الإلكترونية حيث لا يشترط وصول الرسالة إلى صندوق البريد الإلكترونى الموجود فى موقع الموجب على شبكة الإنترنت ، وذلك لأن القابل لا يمكنه استرداد قبوله الذى أرسله إلى الموجب من خلال الوسائل الإلكترونية .

ولكن يؤخذ على هذا المذهب إمكانية حدوث عطل ما أو خلل ما فى الأجهزة الإلكترونية وذلك أثناء إرسال الرسالة الإلكترونية مما يؤدى إلى عدم وصول الرسالة إلى الموجب الذى لا يكون على علم بالقبول الذى تم إرساله .

(3) تسليم القبول

لا يكون القبول نهائياً بتصديره وذلك لإمكانية استرداده وهو فى الطريق ، وإنما يكون القبول نهائياً إذا وصل إلى الموجب فهنا ينعقد العقد سواء علم به الموجب أو لم يعلم ، لأن وصول القبول يعد قرينة على العلم به . فوفقاً لهذا المذهب نجد أن وقت انعقاد العقد هو وقت وصول الرسالة المتضمنة القبول إلى الموجب والمقصود بالوصول هنا هو السيطرة الفعلية للموجب على الرسالة المتضمنة للقبول بحيث تكون تحت تصرفه ، فالقبول بوصوله إلى مكان الموجب يصبح نهائياً لا يستطيع القابل استرداده ، ومن ثم يعتبر العقد قد انعقد وذلك سواء أكان الموجب قد علم فعلاً بالقبول أم لم يعلم به .

وبتطبيق هذا المذهب على التعاقد الإلكترونى نجد أن لحظة إبرام العقد ليست هى لحظة دخول الرسالة الإلكترونية للقابل فى سيطرة مقدم خدمة الإنترنت بل هى لحظة وصولها إلى الصندوق البريدى الخاص بالموجب أو إلى الموقع الذى تم الإرسال إليه .

ولكن يؤخذ على هذا المذهب  أنه قد يؤدى إلى إهدار حقوق طرفى التعاقد واستخدامه للتنصل من الالتزام التعاقدى وكمثال على هذا حالة وصول رسالة القبول إلى مقدم خدمة الإنترنت وعدم وصولها إلى الموجب فى الوقت المحدد ؟ فمثلاً لو حدد الموجب إيجابه بفترة زمنية معينة  تنتهى فى وقت محدد بتاريخ وساعة محددة ، وقام القابل بإرسال قبوله قبل الموعد المحدد ، ولكن نظراً لوجود

خلل فى شبكة الاتصالات أدى إلى عدم تسليم الرسالة بشكل سليم أى فى شكل رموز غير مفهومة وغير مقروءة ثم قام مقدم خدمة الإنترنت بتوصيل الرسالة ولكن بعد الميعاد المحدد . وقد أدى هذا الفرض إلى البحث عن رأى آخر يكون أعم وأشمل ويقوم بحماية أطراف التعاقد وعدم تعرضهم للمسئولية .

(4) العلم بالقبول

نجد أن هذا المذهب قد جاء متفرعاً من المذهب السابق وذلك لسد الفراغ الفراغ الناشئ عن المذاهب الثلاثة السابقة ، فلا يكفى إعلان القبول بل يجب علم الموجب بهذا الإعلان ، ويعد وصول القبول قرينة على العلم ولكنها قرينة قضائية يمكن الأخذ بها أو عدم الأخذ بها فهى قرينة قابلة لإثبات العكس فى جميع الأحوال .

فعند إرسال القابل لرسالة البيانات متضمنة القبول وقام الموجب باستلام هذه الرسالة وعلم بتعبير القابل عن إرادته فمنذ هذه اللحظة يعتد بالقبول ويعتبر هذا الوقت هو وقت القبول .

فطبقاً لهذا المذهب يتم التعاقد فى الزمان والمكان الذين يعلم فيهما الموجب فعلاً بقبول القابل بأن يطلع على الرسالة الإلكترونية المتضمنة لقبوله ويعلم بما تضمنته  وذلك لأن القبول إرادة والتعبير عن الإرادة لا ينتج أثره إلا إذا اتصل بعلم من وجه إليه . فكما أن الإيجاب لا ينتج أثره إلا إذا اتصل بعلم الموجب له فإن القبول لا ينتج أثره إلا إذا اتصل بعلم الموجب ، ولما كان العلم الحقيقى قد يكون صعب الإثبات فإن وصول القبول إلى الموجب يعتبر قرينة على العلم به ولكنها قرينة تقبل إثبات العكس ، فيستطيع الموجب إثبات أنه لم يعلم بالقبول رغم وصوله .

وظاهر هذه النظرية ترجئ تمام العقد إلى وقت علم الموجب بالقبول (1) ، ولذلك يرى البعض(2) أن العقد الإلكترونى ينعقد فى اللحظة والمكان الذين يصل فيهما إلى الموجب قبول من وجه إليه الإيجاب ، وحيث أن الموجب يعلم بهذا القبول حين يقرأ الرد على جهاز الكمبيوتر فإن العقد يعتبر قد انعقد فى المكان الذى يوجد فيه الكمبيوتر وفى اللحظة التى وصل فيها الرد .

وقد أخذ القانون المدنى المصرى بمذهب العلم بالقبول إذ نص فى المادة (97)  على " 1 - يعتبر التعاقد ما بين الغائبين قد تم فى المكان وفى الزمان اللذين يعلم فيهما الموجب بالقبول ، ما لم يوجد اتفاق أو نص قانونى يقضى بغير ذلك . 2 – ويفترض أن الموجب قد علم بالقبول فى المكان والزمان اللذين وصل إليه فيهما هذا القبول " .

ونرى أن هذا المذهب والذى تبناه المشرع المصرى يصعب الأخذ به فى مجال التعاقد الإلكترونى ولا يصلح كمعيار لتحديد لحظة إبرام العقد الإلكترونى لأن القابل لا يملك دليلاً لإثبات علم الموجب والتزامه بالعقد مما قد يعطى الفرصة للموجب بأن يدعى عدم علمه بالقبول إذا دعته الظروف لذلك . بينما نجد اتفاقية فيينا قد أخذت بمذهب وصول القبول فى حالة التعاقد بين غائبين إذ نصت المادة

(23) من اتفاقية فيينا لعام 1980 على " ينعقد عقد البيع الدولى فى اللحظة التى يعد فيها القبول منتجاً لأثره وفقاً لأحكام هذه الاتفاقية " ، ففى هذه اللحظة يقترن الإيجاب بالقبول . وقد تكفلت المادة (24) ببيان متى يصل التعبير عن الإرادة إلى الطرف الآخر وذلك فى الصور الآتية :

1 – إذا وجه شفاهة إلى الموجه إليه التعبير (الطرف الآخر) .

2 – إذا سلم من صاحب التعبير إلى الموجه إليه بأية وسيلة أخرى سواء شخصياً أو إلى مركز أعماله أو إلى محل إقامته المعتادة إذا لم يكن له مركز أعمال أو عنوان بريدى .

ونجد أيضاً مبادئ عقود التجارة الدولية الصادرة فى روما عن المعهد الدولى لتوحيد قواعد القانون الخاص Unidroit(1) الصادر عام 1994 فى المادة (2/6) حيث ينتج القبول أثره لدى وصول ما يفيد القبول إلى الموجب . ونجد أيضاً القرار رقم (54/3/6) الصادر من مجمع الفقه الإسلامى التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامى فى دورته السادسة قد نص على أنه " إذا تم التعاقد بين غائبين لا يجمعهما مكان واحد ولا يرى أحدهما الآخر معاينة ولا يسمع كلامه وكانت وسيلة الاتصال بينهما الكتابة أو الرسالة أو السفارة – الرسول – وهذا ينطبق على الكمبيوتر(2) ، ففى هذه الحالة ينعقد العقد عند وصول الإيجاب إلى الموجه إليه وقبوله " .

وبدراسة قانون الأونسيترال النموذجى للتجارة الإلكترونية نجد أنه لم يتناول مباشرة مسألة زمان ومكان انعقاد العقد الإلكترونى ولكنه قام بتنظيم زمان ومكان إرسال رسائل البيانات واستلامها وقد أخذ بمذهب استلام القبول فتناولت المادة (15/1)  تحديد زمان ومكان إرسال واستلام رسائل البيانات بقولها :

" 1- ما لم يتفق المنشئ والمرسل إليه على خلاف ذلك ، يقع إرسال رسالة البيانات عندما تدخل الرسالة نظام معلومات لا يخضع لسيطرة المنشئ أو سيطرة الشخص

الذى أرسل رسالة البيانات نيابة عن المنشئ  2- ما لم يتفق المنشئ والمرسل إليه على غير ذلك بتحديد وقت استلام رسالة البيانات على النحو التالى :

  • إذا كان المرسل إليه قد عين نظام معلومات لغرض استلام رسائل البيانات  يقع الاستلام :

1 – وقت دخول رسالة البيانات نظام المعلومات المعين ، أو

2 – وقت استرجاع المرسل إليه لرسالة البيانات إذا أرسلت رسالة البيانات إلى نظام معلومات تابع للمرسل إليه ولكن ليس هو النظام الذى تم تعيينه .

(ب) إذا لم يعين المرسل إليه نظام معلومات يقع الاستلام عندما تدخل رسالة البيانات نظام معلومات تابعاً للمرسل إليه ".  وقد عرف قانون الأونسيترال النموذجى فى المادة الثانية نظام المعلومات بأنه " النظام الذى يستخدم لإنشاء رسائل البيانات أو إرسالها أو استلامها أو تخزينها أو لتجهيزها على أى وجه آخر " وتمثل المواقع المنتشرة عبر الشبكة وعناوين البريد الإلكترونى نظاماً للمعلومات بالنسبة للعقود الإلكترونية ، ولكن ينبغى ملاحظة أنه لا تعتبر الرسالة الإلكترونية قد أرسلت بمجرد وصولها إلى نظام المعلومات التابع للمرسل إليه فقد يكون نظام المعلومات الخاص به معطلاً أو يعمل بصورة سيئة مما يعوق دخول الرسالة إليه  وفى هذه الحالة لا يعتبر الإرسال قد تم وفقاً للقانون النموذجى .

ولتحديد وقت استلام رسالة البيانات وفقاً لهذا القانون النموذجى يتعين التمييز بين حالتين وذلك تبعاً لما إذا كان المرسل إليه عين نظام معلومات لاستلام رسالة البيانات أم لم يعين مثل هذا النظام :

الحالة الأولى : عندما يعين المرسل إليه نظام معلومات لإستلام الرسالة الإلكترونية فإن العقد الإلكترونى يبرم فى الوقت الذى تدخل فيه الرسالة الإلكترونية نظام

المعلومات المعين أو وقت استخراج المرسل إليه للرسالة الإلكترونية إذا أرسلت إلى نظام معلومات تابع للمرسل إليه ولكنه ليس هو الذى تم تعيينه .

وطبقاً لذلك إذا اتفق طرفا العقد على اعتبار البريد الإلكترونى نظام معلومات وأرسل القابل قبوله إلى الموجب ، فإن العقد يتم منذ اللحظة التى يدخل فيها القبول لصندوق البريد الإلكترونى الخاص بالموجب . ويلاحظ هنا أن المعيار طبقاً للقانون النموذجى هو وقت دخول رسالة القبول صندوق البريد الإلكترونى للموجب وليس مجرد وصول الرسالة وهو ما يفترض وجوب علم الموجب برسالة القبول(1)  وبالطبع يعتبر ركن العلم ذا أهمية كبرى وبصفة خاصة فى حالة الإيجاب المحدد المدة حيث تبدأ هذه المدة بالنسبة للمرسل إليه من تاريخ العلم . أما إذا أرسل القابل رسالة القبول إلى الموجب عن طريق نظام معلومات آخر كأن ترسل رسالة القبول إلى وسيط يقوم بإرسالها بعد ذلك إلى المتعاقد الآخر وهو الموجب ، فإن العقد يبرم فى الوقت الذى يتم فيه استخراج الموجب للرسالة الإلكترونية والعلم بها .

الحالة الثانية : عدم تعيين المرسل إليه لنظام معلومات محدد لإستلام الرسائل الإلكترونية ، وطبقاً للقانون النموذجى فإن العقد الإلكترونى يبرم منذ لحظة دخول رسالة القبول نظام معلومات تابع للمرسل إليه ولا يشترط فى هذه الحالة علم المرسل إليه . وبالنظر لمشروع قانون التجارة الإلكترونية المصرى فى المادة (2) من الفصل الثانى نجد أنه قد أخذ أيضاً بمذهب استلام القبول ، إذ نصت المادة (2) على " يسرى على الالتزامات التعاقدية فى مفهوم أحكام هذا القانون ، قانون الدولة التى يوجد فيها الموطن المشترك للمتعاقدين إذا اتحدا موطناً فإن اختلفا موطناً يسرى قانون الدولة التى تم فيها العقد ما لم يتفق المتعاقدان على غير ذلك ويعتبر

العقد قد تم بمجرد تأكيد وصول القبول " ، فالمشرع قد أخذ بمبدأ سلطان الإرادة إذ منح  لأطراف التعاقد الحرية التعاقدية بما لا يخالف النظام العام . وفى حالة عدم وجود اتفاق مسبق لأطراف التعاقد لتحديد زمان ومكان إبرام العقد اعتبر وصول رسالة البيانات (وقت وتاريخ الاستلام) الخاصة بالقابل إلى البريد الإلكترونى الخاص بالموجب أو وصول القبول إلى الموقع الإلكترونى للموجب هو زمان انعقاد

العقد . وقد يذهب البعض إلى القول بأنه من الممكن حدوث تحريف فى تاريخ ووقت وصول الرسالة وذلك بالقيام بتغيير تاريخ الماكينة للحاسب الآلى وذلك من قبل طرف العقد صاحب المصلحة فى هذا التلاعب ، ولكن يمكننا التغلب على هذا من خلال مطابقة التقرير الذى قام القابل باستلامه من حيث تاريخ ووقت الاستلام مع تاريخ ووقت استلام الموجب حيث لا يتعدى الفارق بين هذين الوقتين دقائق معدودة . وقد سار على نفس النهج قانون إمارة دبى رقم (2) لسنة 2002 بشأن المعاملات والتجارة الإلكترونية(1) . بينما احتاط قانون المعاملات الإلكترونية الأردنى رقم (85) لسنة 2001 من إمكانية حدوث عطل ما فى نظام معالجة البيانات الخاص بمستلم الرسالة أو حدوث عطل ما فى الشبكة لا علاقة له بطرفى التعاقد بوصول الرسالة غير مفهومة وغير مقروءة فأخذ بمذهب العلم بالقبول وذلك إذا كان لديه نظام معالجة بيانات خاص به ، وفى حالة عدم توافر نظام معالجة

خاص بالموجب فقد أخذ بمذهب استلام القبول(1) وقت إرسال رسائل البيانات أى وقت دخول الرسالة نظاماً للمعلومات خارج سيطرة منشئ الرسالة  ومن ثم فإن إرسال رسالة البيانات يتم فعلاً عند دخولها نظام معلومات لا يخضع لسيطرة المرسل أو سيطرة الشخص الذى أرسل الرسالة نيابة عنه وذلك كله ما لم يوجد اتفاق بين المرسل والمرسل إليه على خلاف ذلك .

فالأحكام هنا أحكام مكملة لإرادة المتعاقدين وليست أحكاماً آمرة ومن ثم يجوز الاتفاق على ما يخالفها  وأن معيار الاعتداد بوقت إرسال واستقبال رسالة البيانات يقوم على فكرة دخولها نظام المعلومات وأن نظام المعلومات هذا لا يخضع لسيطرة منشئ الرسالة أو من أرسلها نيابة عنه .

ونظراً لأن القانون النموذجى للتجارة الإلكترونية الصادر عام 1996 قد ترك الباب مفتوحاً للتشريعات الوطنية لتحديد لحظة ومكان إبرام العقد الإلكترونى ، فقد أدى هذا إلى اختلاف وتباين مشرعى الدول تجاه تحديد لحظة انعقاد العقد ، فنجد القانون الإنجليزى قد تبنى فيما يتعلق بالتعاقد بين غائبين نظرية تصدير القبول ، ومن ثم يبرم العقد فى اللحظة التى يصدر فيها الموجه إليه الإيجاب قبوله بوضعه معنوناً فى صندوق البريد وتصبح الرسالة المتضمنة القبول تحت سيطرة وهيمنة موظفى البريد ، أى يعتبر العقد مبرماً فى لحظة التسليم إلى موظف البريد المختص وهو ما يعرف بقاعدة صندوق البريد Mail box rule .

بينما نص القانون الأمريكى الموحد للمعاملات التجارية الإلكترونية على أن وقت إبرام العقد هو وقت دخول الرسالة الإلكترونية فى نظام المعلومات الذى اعتاد فيه الطرف المستقبل استلام مثل هذا النوع من الرسائل وبشرط أن تكون قد خرجت من السيطرة الفعلية للمرسل ولا يشترط أن يعلم الموجب بها أو لا يعلم .

ولم يتضمن القانون المدنى الفرنسى نصاً يتعلق بتحديد وقت انعقاد العقد ، لذلك تردد الفقه والقضاء بين عدة نظريات يمكن ردها جميعاً إلى نظريتين هما نظرية إعلان القبول ونظرية العلم بالقبول .

ولكن محكمة النقض الفرنسية قد أخذت فى حكم لها صادر فى 17 يناير 1981 عن الدائرة التجارية بنظرية إعلان القبول أو تصديره فقضت بأن العقد المبرم بالمراسلة ينعقد ليس باستلام الموجب لقبول الطرف الآخر ولكن بإرسال القابل لقبوله عدا الاتفاق على خلاف ذلك)1( .

وقد نص التوجيه الأوروبى رقم 2000/31 فى المادة (5) على أنه " يعد العقد قد أبرم فى اللحظة التى يتسلم فيها الموجب من مزود الخدمة إقراراً إلكترونياً مؤكداً من القابل بقبوله ") 2( . وبذلك يكون هذا التوجيه قد حدد وقت إبرام العقد باستلام تأكيد من مقدم خدمة الإنترنت مرسل من القابل بصحة القبول .

وقد أخذ القانون التجارى الأمريكى الموحد بهذا الاتجاه حيث فرض بموجب نص المادة 201 التزاماً على البائع بأن يقوم بإرسال تأكيد للمشترى بتمام إبرام العقد وذلك فى خلال مدة عشرة أيام على الأكثر من تاريخ إرسال القابل لقبوله ومؤدى

هذا أن القبول مجرد عن التأكيد لا يرتب أثراً بشأن انعقاد العقد(1)  فالقبول المجرد عن التأكيد الواجب تصديره لصاحب العرض يصبح فى هذه الحالة عديم الأثر(2) .

وبدراسة مشروع القانون المصرى للتجارة الإلكترونية فى المادة(2) من الفصل الثانى نجد أنه قد أخذ بمذهب استلام القبول حيث نص على " يسرى على الالتزامات التعاقدية فى مفهود أحكام هذا القانون  قانون الدولة التى يوجد فيها الموطن المشترك للمتعاقدين إذا اتحدا موطنا ، فإن اختلفا يسرى قانون الدولة التى تم فيها العقد مالم يتفق المتعاقدان على غير ذلك  ويعتبر العقد قد تم بمجرد تأكيد وصول القبول " .

تحديد لحظة إبرام العقد الإلكترونى

إن تحديد لحظة إبرام العقد الإلكترونى لا تختلف عن العقد التقليدى ، فكلاهما لا يخرجان عن القواعد العامة لنظرية العقد ، حيث يتوقف تحديد وقت إبرام العقد الإلكترونى تطبيقاً للقواعد العامة على لحظة تلاقى القبول بالإيجاب ، وهنا يتم التفرقة بين التعاقد الذى يتم من خلال البريد الإلكترونى وذلك الذى يتم عبر مواقع الويب المنتشرة على شبكة الإنترنت . ففى حالة التعاقد من خلال البريد الإلكترونى يتم تحديد لحظة إبرام العقد طبقاً للنظرية التى يتم الأخذ بها ، فإذا طبقنا نظرية إعلان القبول نجد أن العقد ينعقد فى تلك اللحظة حتى قبل أن يضغط على مفتاح الإرسال ، أى اللحظة التى يحرر فيها القابل رسالة إلكترونية تتضمن القبول . ويصعب الأخذ بهذه النظرية فى مجال العقود الإلكترونية وخاصة فيما يتعلق بالإثبات ، إذ يتعذر على الموجب بل قد يستحيل عليه إثبات أن القابل قام بتحرير

رسالة إلكترونية بالموافقة ولكنه لم يرسلها لأن هذا القبول بالتأكيد لن يكون له وجود إلا على جهاز الكمبيوتر الخاص بالقابل .

وإذا أخذنا بنظرية تصدير القبول فإن العقد يتم بمجرد تصدير الرسالة المتضمنة القبول عن طريق الضغط على زر الإرسال فتخرج الرسالة من سيطرة القابل ولا يعود فى إمكانه من هذه اللحظة تحديداً أن يسترد قبوله ولا يهم بعد ذلك وصول الرسالة إلى القابل أو ضياعها وفقدانها فى الطريق (1).

وهذه النظرية أيضاً لا تصلح كمعيار لتحديد وقت إبرام العقد الإلكترون لأن الرسالة الإلكترونية يمكن أن ترسل من أماكن مختلفة مثل منشأة المرسل أو المكان الذى وجد فيه أجهزة الكمبيوتر أو من أى مكان آخر بواسطة الحاسب المحمول Lap Top ، ومن هذا المنطلق فإنه يكون من الصعوبة بمكان تحديد مكان تصدير الرسالة ، بالإضافة إلى أنه فى حالة الربط غير المباشر تمر الرسالة الإلكترونية من خلال طرف ثالث ليس له علاقة بالعقد وهو مقدم خدمة الإنترنت .

والواقع أنه لا يوجد أى فارق بين لحظة تصدير القبول ووصوله فى شأن التعاقد الإلكترونى ، إذ لا يوجد أى فاصل زمنى يذكر بينهما ، فعملية تصدير القبول ووصوله عبر شبكة الإنترنت تتم فى جزء من الثانية يكاد لا يذكر ، كما أن الرسالة الإلكترونية حين تصل إلى صندوق البريد الإلكترونى للموجب لا يمكن استردادها بأى حال من الأحوال ولحظة تصدير القبول فى العقد الإلكترونى هى تلك اللحظة التى يضغط فيها القابل على الأيقونة المخصصة للقبول Click على صفحة الويب مثلاً أو بالضغط على خانة أرسل send فى حالة التعاقد عبر البريد الإلكترونى بغرض إرسال قبوله للموجب .

أما وفقاً لنظرية وصول القبول فإن العقد ينعقد من خلال البريد الإلكترونى عند اللحظة التى تصل فيها الرسالة المتضمنة القبول إلى صندوق البريد الخاص بالموجب والذى تم الاتفاق عليه مسبقاً بين الموجب والقابل حتى ولو لم يقم الموجب بفتح الرسالة والإطلاع عليها والعلم بمضمونها .

أما إذا لم يتفق الطرفان على طريقة إرسال القبول فالبعض يرى أن أفضل طريقة لإرسال القبول هى استخدام نفس الوسيلة التى أرسل بها الإيجاب ، فإذا أرسل الإيجاب عن طريق البريد الإلكترونى فيجب إرسال القبول عن طريق البريد الإلكترونى ، وإذا أرسل الإيجاب عن طريق أحد برامج المحادثة مثل برنامج الدردشة Chatting أو برنامج المحادثة أنا أبحث عنك I Seek you فيتم إرسال القبول بنفس الوسيلة المستخدمة . ونرى أنه بالنسبة للتعاقد الإلكترونى يفضل إعمال نظرية وصول القبول وذلك من أجل اعتبارات حماية المستهلك ولا سيما فى مجال الإثبات لأنه من الأفضل فى مجال العقود الإلكترونية معرفة وقت إبرام العقد الإلكترونى حيث أن وصول الرسالة يفيد العلم بها .

أما التعاقد من خلال مواقع الويب المنتشرة على شبكة الإنترنت أو عبر المحادثة المباشرة أو عن طريق الوسائل السمعية المرئية فليس هناك ثمة مشاكل ، حيث أن العقد ينعقد فى اللحظة التى يوافق فيها القابل بالضغط على زر القبول فى الخانة المخصصة للقبول أو كتابة عبارة تفيد الموافقة باستخدام لوحة المفاتيح المتصلة بالكمبيوتر .

 

 

 

الفرع الثانى

 مكان إبرام العقد الإلكترونى

ترجع صعوبة تحديد مكان إبرام العقد الإلكترونى نتيجة صعوبة تحدبد مكان إرسال واستقبال الرسالة لأنها تتم عبر فضاء إلكترونى ، وبالتالى يثور التساؤل حول الاعتداد بإقامة المستهلك أم المكان الذى استلم فيه الموجب القبول أم مكان تسجيل موقع الويب ؟

حيث تظهر أهمية تحديد مكان إبرام العقد عند تحديد المحكمة المختصة بنظر منازعات عقود التجارة الإلكترونية سواء كانت تتعلق بإبرام العقد أو آثاره وفقاً للقواعد العامة فى تحديد الاختصاص المكانى  فمكان العقد هو الذى يحدد المحكمة صاحبة الاختصاص المكانى .

وتكمن الصعوبة فى تحديد مكان إبرام العقد الإلكترونى الذى يتم إبرامه عبر شبكة الإنترنت فالمتعاقد فى هذه الحالة قد يتنقل من دولة إلى أخرى أو قد يكون متواجداً فى أماكن لا تخضع لسيطرة دولة ما كأعالى البحار والمحيطات أو الفضاء الخارجى ، وبالتالى تظهر الصعوبة فى المكان الذى يتم من خلاله إرسال رسائل البيانات التى تعبر عن إرادة طرفى العقد ومكان استلامها فهذه الرسائل يتم إرسالها عبر الفضاء الخارجى باستخدام الأقمار الصناعية .

حيث تحرص بروتوكولات واتفاقيات نقل رسائل البيانات الإلكترونية بين أنظمة المعلومات المختلفة عادة على تسجيل اللحظة التى سلمت فيها الرسالة من نظام معلومات إلى آخر ، أو اللحظة التى يتم فيها تسلمها أو قراءتها من قبل المرسل إليه ولكن هذه الاتفاقيات لا تبين عادة المكان الجغرافى لشبكات الاتصال وهو ما يعوق تقدم التجارة الإلكترونية وازدهارها .

وقد حدد القانون النموذجى للتجارة الإلكترونية مكان إبرام العقد الإلكترونى فى المادة (15/4) فنص على " أن مكان إرسال الرسالة الإلكترونية يتحدد بالمكان الذى يقع فيه مقر عمل المنشئ وأن مكان استلامها هو المكان الذى يقع فيه مقر عمل المرسل إليه ما لم يتفق المنشئ والمرسل إليه على غير ذلك "(1)  .

وعليه فإن العقد الإلكترونى يكون قد أبرم فى المكان الذى يقع فيه مقر عمل المرسل إليه ، وذلك بالطبع ما لم يتفق طرفا التعاقد الإلكترونى على خلاف ذلك  فيجوز لهما أن يحددا مكاناً آخر بالاتفاق فيما بينهما على أنه مكان الإرسال أو مكان الاستلام .

فنجد الاتفاق الأوروبى النموذجى للتبادل الإلكترونى للبيانات قد  نص على أنه

" يعتبر العقد الذى تم باستخدام التبادل الإلكترونى للبيانات مبرماً فى الوقت والمكان الذين تصل فيهما الرسالة التى تشكل قبولاً لعرض بواسطة التبادل الإلكترونى للبيانات إلى نظام كمبيوتر مقدم العرض "(2) .

كما أقر العقد النموذجى الأوروبى للتبادل الإلكترونى للبيانات نظرية الوصول فيما يتعلق بزمان ومكان إبرام العقد ، فنص فى المادة (3/3) على أنه " تعد لحظة ومكان انعقاد العقد المبرم من خلال التبادل الإلكترونى للبيانات هى اللحظة والمكان الذين تستقبل فيهما الرسالة الإلكترونية الخاصة بقبول الإيجاب فى النظام المعلوماتى للموجب " .

وهو ما يعنى أنه فى تحديد وقت ومكان إبرام العقود الإلكترونية تطبق قاعدة الاستلام ، فرسالة البيانات يمكن أن ترسل من أماكن مختلفة مثل منشأة المرسل أو

المكان الذى توجد فيه أجهزة الكمبيوتر أو من أى مكان آخر بواسطة حاسب محمول .

كما نصت المادة 4/3 من اتفاقية التبادل النموذجى للجنة الاقتصادية لأوربا على أنه " يعتبر العقد المنشئ باستخدام التبادل الإلكترونى للبيانات قد أبرم متى استلمت الرسالة المرسلة كقبول لعرض وفقاً للمادة 3/1 من الاتفاق " .

ولذلك فإننا نقترح أن تكون لحظة إبرام العقد ومكانه هى اللحظة التى يستقبل فيها العميل بالوسائل الإلكترونية إفادة بتسلم القبول من المورد . وطبقاً لهذا الاقتراح يبرم العقد  الإلكترونى على خمس مراحل هى :-

  1. يقوم مؤدى الخدمة بعرض إيجابه على الجمهور .
  2. يرسل العميل قبوله إلى المؤدى .
  3. يستقبل المؤدى هذا القبول من خلال صندوق الخطابات الإلكترونى .
  4. يقوم مؤدى الخدمة بإرسال إفادة تسلم القبول إلى العميل .
  5. يبرم العقد فى اللحظة التى تصل فيها إفادة التسلم إلى العميل .

وقد تبنى هذا الاتجاه قانون المعاملات الإلكترونية الأردنى رقم 85 لسنة 2001 فى المادة 18 منه  وأيضاً قانون دبى للمعاملات والتجارة الإلكترونية رقم 2 لسنة 2002 (م17/4) (1) ، وقانون مملكة البحرين للمعاملات الإلكترونية ( م14/4) . ويثور التساؤل بصدد ما إذا كان للمنشئ أو المرسل إليه أكثر من موطن أعمال فقد يكون له مثلاً مقر عمل رئيسى وآخر فرعى ، فى هذه الحالة نجد أن القانون النموذجى قد بين أنه يعتد بمقر العمل الأوثق علاقة بالمعاملة المتعلقة بالتعاقد

الإلكترونى وتنفيذه أى الأكثر صلة بموضوع العقد أو بمقر العمل الرئيسى وفى حالة عدم وجود مقر عمل للمنشئ أو المرسل إليه قرر القانون النموذجى فى المادة (15/ب) الاعتداد بمحل الإقامة المعتاد .

وقد جاء بوثيقة الأونسيترال المعنية بمشروع القانون النموذجى للعقد الإلكترونى أن مكان وجود المعدات والتكنولوجيا الداعمة لنظام معلومات وأيضاً مكان تواجد مقدم خدمة الإنترنت لا يعتبر مقر عمل ، فمثلاً فى حال عقد البيع الإلكترونى يستطيع مقدم خدمة الإنترنت الذى يستضيف موقع البائع على شبكة الويب أن يبرم العقد نيابة عنه مع المشترى . كما بينت تلك الوثيقة أن مجرد استخدام الموجب (التاجر) غالباً اسم النطاق أو عنوان بريد إلكترونى يرتبط ببلد معين أو تسجيله للموقع الإلكترونى لدى بلد معين لا ينشئ قرينة على أن مكان عمله يوجد فى ذلك البلد فمثلاً فى حالة العناوين المرتبطة بأسماء نطاق ترتبط ببلدان معينة مثل العنوان المنتهى بـ .eg  إشارة إلى دولة مصر و.uk إشارة إلى المملكة المتحدة و.au إشارة إلى استراليا لا تعد قرينة على اعتبار مقر العمل فى هذه الدول ، ذلك أن اسم الدومين أو عنوان البريد الإلكترونى لا يمكن اعتباره هو النظير الوظيفى للمكان المادى لمقر عمل أحد طرفى التعاقد .

فهناك بعض الشركات الدولية المتعددة الجنسيات تقوم بعرض بعض من منتجاتها وخدماتها من خلال مواقع إقليمية مختلفة على الشبكة تحمل أسماء نطاق ترتبط ببلد لا يوجد فيها مقر عمل بالمعنى المعروف كما أنه يمكن الاحتفاظ بسلعة ما بغرض التوزيع لمنطقة معينة يمكن أن تكون واقعة فى دولة غير الدول المرتبطة بأسماء النطاق . وقد ذهب البعض(1) إلى اعتبار مقر عمل الموجب مكاناً لإبرام العقد

الإلكترونى وكذلك يمكننا اعتبار محل إقامة المستهلك مكاناً لإبرام العقد الإلكترونى ما لم يتفق طرفا العقد على خلاف ذلك ، حيث أن قوانين حماية المستهلك تنص على أن عقود الاستهلاك الإلكترونية تعتبر قد أبرمت فى محل إقامة المستهلك .

المطلب الرابع

 تنفيذ العقد الإلكترونى

إذا ما صدر الإيجاب وصدر القبول وتلاقى كل من الإيجاب والقبول يحدث التراضى ، ينعقد العقد سواء كان مبرماً بالطرق التقليدية أم عن طريق وسيط إلكترونى أياً كان نوع هذا الوسيط . ويتصور إمكانية إبرام غالبية العقود إلكترونياً إلا أن هناك من العقود ما يثار الشك حول جواز إبرامها إلكترونياً كالعقود الشكلية والعقود العينية .

كما يثار الشك حول إمكانية إبرام بعض العقود التى يشترط فيها القانون حضور المتعاقدان فى مجلس واحد وقت التعاقد فلا يجوز فيها حتى التعاقد بطريق النيابة  ومن أمثلة ذلك ما نص عليه المشرع الفرنسى بشأن عقد الزواج وعقد التبنى . 

ويلاحظ أن تشريعات التجارة الإلكترونية لم تنظم إلا العقود التى محلها تقديم سلعة أو أداء خدمة فقط  فهى تنظم أحكام بعض عقود المبادلات أو المعاوضات كعقد البيع وعقد المقاولة . ففى عقد البيع يلتزم البائع بتقديم السلعة إلى المشترى ، وفى عقد المقاولة يلتزم المهنى بتقديم المعلومة أو المشورة على شبكة الإنترنت .

أما باقى عقود المعاوضة كعقد القرض بفائدة أو الكفالة بفائدة وكذلك عقود التبرع فإن تشريعات التجارة الإلكترونية لا تنظم أحكامها بالرغم من أنه لا يوجد ما يحول

من إمكانية انعقادها على شبكة الإنترنت ، وسوف نقوم بتقسيم هذا المطلب إلى فرعين نتناول :

فى الفرع الأول : التزام المعلن بتسليم السلعة أو أداء الخدمة

وفى الفرع الثانى : الالتزام بالوفاء إلكترونياً .

الفرع الأول

 التزام المعلن بتسليم السلعة أو أداء الخدمة

قد يكون محل التزام المعلن على شبكة الإنترنت تسليم سلعة ما إلى المشترى وقد يلتزم المعلن بأداء الخدمة وسوف نتناول كلا الالتزامين فيما يلى :

1 – الالتزام بتسليم السلعة

تنص المادة (206) من التقنين المدنى المصرى على أن " الالتزام بنقل حق عينى يتضمن الالتزام بتسليم الشئ أو المحافظة عليه حتى التسليم " . ويصدق هذا النص على كل العقود الناقلة لحق عينى كعقد البيع مثلاً . فقد قضت محكمة النقض المصرية بأن التزام البائع بتسليم المبيع من مقتضيات عقد البيع ، بل هو أهم التزامات البائع التى تترتب على العقد ولو لم ينص عليه فيه .

ونظراً لأن الالتزام بالتسليم يتفرع عن الالتزام بنقل الملكية فقد كان منطقياً بأن يجعل المشرع تبعة الهلاك مرتبط بالتسليم وليس بانتقال الملكية . فالبائع هو الذى يتحمل تبعة الهلاك الذى يحدث قبل التسليم ولو كانت الملكية قد انتقلت فعلاً إلى المشترى . والمشترى هو الذى يتحمل تبعة الهلاك الذى يحدث بعد التسليم ولو لم تكن الملكية قد انتقلت إليه فعلاً من البائع ، ومؤدى ذلك أن الالتزام بالتسليم هو

التزام بتحقيق نتيجة ولبس فقط التزاماً ببذل عناية ، فما لم يتم التسليم فعلاً لا يكون البائع قد نفذ التزامه(1) .

وسوف نتناول فيما يلى موضوع التسليم وكيفية التسليم وجزاء الاخلال به وذلك على النحو التالى :

موضوع التسليم

يلتزم البائع بتسليم المبيع للمشترى بالحالة التى كان عليها وقت البيع (م/431) مدنى مصرى . فموضوع التسليم هو الشئ المباع الذى قد يكون سلعة مثل السلع ذات الكيان المادى المحسوس كالأجهزة الكهربائية وقد يكون موضوع التسليم أشياءً ذات كيانات معنوية واعتبارية أى ليس لها وجود مادى ملموس ومن ذلك برامج الكمبيوتر وقواعد البيانات والقطع الموسيقية والأفلام السينمائية والمعلومات وغير ذلك .

حالة المبيع

إذا كان المبيع شئ معين بالذات فينبغى أن يتم تسليم المبيع للمشترى فى نفس الحالة التى كان عليها وقت إبرام العقد ، أما إذا كان المبيع معين بالنوع فيرجع إلى اتفاق الطرفين على درجة الشئ من حيث جودته. فإن لم يكن هناك اتفاق بين المتعاقدين ولم يكن من المستطاع استخلاص ذلك من العرف أو من أى ظرف آخر التزم البائع بتسليم صنف متوسط الجودة  وذلك إذا كانت السلعة المباعة ذات كيان مادى ملموس ، أما إذا كانت هذه السلعة ذات كيان معنوى كالمعلومات مثلاً فيشترط فى تلك المعلومات التى يتم توريدها من منتج بنك المعلومات أن تكون حديثة ، بمعنى أن يحرص المورد على إضافة كل جديد من المعلومات التى تتعلق بالمال الذى

يهتم به المتعاقد والذى من أجله أقدم على إبرام العقد ، كما يجب أن تكون هذه المعلومات شاملة بحيث تغطى تماماً المجال محل العقد . فمثلاً العقد المتعلق بتقديم معلومات خاصة بحركة الاستثمار الدولى وحركة البورصة يلتزم المورد بأن يقدم كل المعلومات المتعلقة بهذا المجال فى جميع الدول(1) .

والتزام البائع بتسليم المبيع بالحالة التى كان عليها وقت العقد هو التزام بتحقيق نتيجة ، ولذلك إذا حدث تغير فى المبيع فإن حكمه يختلف بحسب ما إذا كان هذا التغير إلى الأحسن أم إلى الأسوأ .

فإذا كان تغير المبيع إلى الأحسن وكان ذلك بفعل أجنبى فإن هذه الزيادة تكون من حق المشترى ، أما إذا كان هذا التغيير قد حدث بفعل البائع فيعامل كمن يقوم بالبناء فى ملك غيره ، وينطبق فى هذا الشأن أحكام المادتين 924،980 مدنى وذلك لأن البائع وهو ملزم بتسليم المبيع بالحالة التى كان عليها وقت التعاقد يعتبر قد أخذ بهذا الالتزام إذا هو غير فى حالة المبيع فيكون من العدل معاملته كمن يبن فى ملك غيره . والمشترى يلتزم بتسليم المبيع ذاته وليس شيئاً آخر ولو كان أفضل منه فلا يجبر المشترى على قبول شئ آخر غير الذى التزم به المدين فعلاً ولو كان هذا الشئ أفضل مما التزم به المدين . وكذلك إذا كان المبيع شيئاً معيناً بالنوع فإن البائع يلتزم بتسليمه كله إلى المشترى لا بجزء منه فقط لأن المشترى لا يجبر على قبول وفاء جزئى بحقه .

مقدار المبيع :

عالج المشرع حالة نقص المبيع أو زيادته فى المادة (433) مندنى والتى تنص على أنه :

" 1 – إذا عين فى العقد مقدار المبيع كان البائع مسئولاً عن نقص هذا الضرر بحسب ما يقضى به العرف  ما لم يتفق على غير ذلك . على أنه لا يجوز للمشترى أن يطلب فسخ العقد لنقص فى المبيع إلا إذا أثبت أن هذا النقص من الجسامة بحيث لو أنه كان يعلمه لما أتم العقد .

2 – أما إذا تبين أن القدر الذى يشتمل عليه المبيع يزيد على ما ذكر فى العقد وكان الثمن مقدراً بحسب الوحدة وجب على المشترى إذا كان المبيع غير قابل للتبعيض أن يكمل الثمن إلا إذا كانت الزيادة جسيمة فيجوز أن يطلب فسخ العقد وكل هذا ما لم يوجد اتفاق يخالفه " .

ملحقات المبيع

يجب أن يشتمل التسليم بالإضافة إلى السلعة ملحقاتها إذا كان لها ملحقات  وتنص على ذلك المادة (432) على أنه يشمل التسليم ملحقات الشئ المبيع وكل ما أعد بصفة دائمة لاستعمال هذا الشئ ، ولا تعد من ملحقات المبيع أجزاء المبيع ذاته إذا كان المبيع يتكون من أكثر من جزء ، فالأجزاء تعتبر من أصل الشئ المبيع وليست من ملحقاته ، ومن أمثلة ملحقات الشئ المستندات المثبتة للحقوق الواردة عليه وكذلك الكتالوجات الخاصة بالمنتج والتى تبين وتشرح كيفية استعماله وصيانته وأيضاً الآلات المستخدمة فى فك وتركيب وصيانة الجهاز من مفكات ومفاتيح وغير ذلك .

كيفية التسليم

سوف نتناول بالدراسة طريقة التسليم وزمان ومكان ونفقات التسليم وذلك فيما يلى :

طريقة التسليم : يكون التسليم بوضع المبيع تحت تصرف المشترى بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به دون عائق ولو لم يستول عليه استيلاءً مادياً مادام البائع قد أعلمه بذلك ويحصل عذا التسليم بمجرد التراضى إذا كان المبيع فى حيازة المشترى قبل المبيع ، أو كان البائع قد استبقى المبيع فى حيازته بعد البيع لسبب آخر غير الملكية المادة (435) من التقنين المدنى المصرى .

ويلاحظ أن التسليم فى العقود المبرمة عبر شبكة الإنترنت يتصور أن يتم على الشبكة وذلك عند شراء أشياء ذات كيان معنوى كبرامج الكمبيوتر وسماع قطع موسيقية أو مشاهدة فيلم سينمائى فيتم التسليم من قبل البائع إذا قام البائع بتمكين المشترى من تحميل برنامج الكمبيوتر على القرص الصلب الخاص به  وذلك إذا قام البائع بعرض الفيلم السينمائى على شبكة الإنترنت ومكن المشترى من مشاهدة الفيلم .

زمان التسليم 

العقد المبرم بين المتعاقدين هو الذى يحدد زمان التسليم وقد يكون ذلك فور إبرام العقد أو بعد إبرامه فى أجل معين أو فى آجال متتالية فإذا لم يوجد اتفاق على زمان التسليم فيجب أن يتم التسليم فور الانتهاء من إبرام العقد . ويمكن أن يتأخر التسليم بعض الوقت بحسب ما يقضى به العرف أو طبيعة العرف أو طبيعة المبيع وفى ذلك تنص المادة (346) مدنى على أنه :

" 1 – يجب أن يتم الوفاء فوراً بمجرد ترتيب الالتزام نهائياً فى ذمة المدين ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضى بغير ذلك .

2 – على أنه يجوز للقاضى فى حالات استثنائية إذا لم يمنعه نص فى القانون أن ينظر المدين إلى أجل معقول أو أجل ينعقد فيها التزامه إذا استدعت حالته ذلك  ولم يلحق الدائن من هذا التأجيل ضرر جسيم ".

مكان التسليم

لم تعالج قوانين المعاملات الإلكترونية موضوع مكان التسليم ، وإنما تم إحالته إلى التشريع المدنى ليتم معالجة هذا الأمر ، والرجوع لأحكام التقنين المدنى المصرى نجد أنه عالج هذا الأمر فى القواعد العامة لنظرية العقد حيث ميز فى المادة (347) بين محل الالتزام المعين بالذات والالتزامات الأخرى(1) .

كما نصت المادة (346) من القانون المدنى على أنه " إذا وجب تصدير المبيع للمشترى فلا يتم التسليم إلا إذا وصل إليه ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضى بغير ذلك . فطبقاً لهذا النص فإن التسليم يتم فى محطة التفريغ حيث يوجد موطن البائع طبقاً للقواعد العامة ويترتب على ذلك أن تبعة الهلاك أثناء الطريق تكون على البائع وليس على المشترى لأن التسليم لم يتم بعد .

وينص العقد النموذجى الفرنسى على أنه إذا اتفق على تحمل البائع مخاطر النقل فإنه يلتزم بتعويض المشترى ، أما إذا اتفق على تحمل المشترى مخاطر النقل فعليه أن يرسل اعتراضاً مسبباً للناقل خلال ثلاثة أيام محسوبة من وقت التسليم .

نفقات التسليم

تكون نفقات التسليم على البائع فى الأصل إلا إذا كان هناك اتفاق أو نص بغير ذلك إستناداً للمادة (348) من القانون المدنى التى تنص على أنه تكون نفقات الوفاء

على المدين إلا إذا وجد اتفاق أو نص يقضى بغير ذلك .

ومن المعلوم أن البائع هو الطرف المدين بالتسليم فى عقد البيع ويلاحظ أن الضرائب والجمارك فى الغالب يتحملها المشترى عبر الإنترنت وليس البائع  ويجب على البائع أن يحدد ثمن السلعة وحدها ومقدار الضرائب ورسوم الشحن التى يتحملها المشترى حتى يكون المشترى على بينة من الأمر فلا يفاجئ بأنه مطالب بدفع مبلغ كبير قد يفوق فى بعض الأحيان ثمن السلعة .

الجزاء على الإخلال بالالتزام بالتسليم

إذا أخل البائع بتسليم المبيع بأى وجه من الوجوه ، يجوز للبائع أن يطلب فسخ البيع مع التعويض عن الضرر الذى لحق به جراء عدم التسليم الناقص أو التسليم فى وقت متأخر عن الوقت المتفق عليه ، كما يستطيع أن يطالب البائع بالتنفيذ العينى .

ويلاحظ أن التنفيذ العينى يجوز أن يقوم به المشترى بنفسه بع إعذار البائع وبدون استئذان من القضاء وذلك فى حالة الاستعجال على أن يخضع تصرف المشترى لرقابة القضاء فيما بعد طبقاً لأحكام المادة

(209) من القانون المدنى . بينما نجد أن التنفيذ العينى على البائع عند إبرام العقد الإلكترونى يكون فيه صعوبة كبيرة حيث أن كل من البائع والمشترى غاباً ما تفصل بينهما مسافات بعيدة ، لذلك فالتنفيذ العينى على البائع غير متصور فى هذه الصورة من صور التعاقد .

وهناك عقود نموذجية يستعين بها المتعاقدان عند إبرام تعاقداتهم موضحاً بها مكان وزمان ونفقات التسليم وغير ذلك من الشروط ومن ذلك العقد النموذجى الفرنسى .

2– الالتزام بتقديم خدمة

وهناك العديد من الخدمات التى تقدم على شبكة الإنترنت ، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر الاشتراك فى بنوك للمعلومات للحصول على أحدث المعلومات فى مجال معين من مجالات العلم .

ويلاحظ أن الالتزام بتقديم خدمة يعد التزاماً مستمراً زمنياً ، فغالباً ما يستمر هذا الالتزام فترة من الزمن فالاشتراك مثلاً فى بنك للمعلومات على شبكة الإنترنت ليس عقداً لحظياً فى تنفيذه ولكنه عقد متتابع فى التنفيذ إذ يستغرق فترة زمنية من الوقت ، لذا يظل الالتزام بالتعاون أهميته لحسن تنفيذ العقد والوصول إلى الغرض المنشود . فتعاون العميل مع المورد يقابله التزام الأخير بالاستعلام وتقديم النصائح الفنية التى تمكن المتعاقد من الحصول على أفضل خدمة من خلال الحصول على المعلومات التى يحتاج إليها . فمثلاً ينصحه بشراء المعدات اللازمة والمناسبة حيث يسهل حدوث اتصال وتفاعل بينه وبين بنك المعلومات  وكذلك الوثائق والمستندات التى يمكن أن تكون دليلاً فى هذا الصدد من حيث الوصول إلى كل منطقة داخل قاعدة المعلومات . كذلك يجب تدريب وإعداد العميل فنياً سواء عن طريق إرسال خبراء إلى العميل فى محل عمله ، أو عن طريق بث دورات تعليمية من خلال شبكة الإنترنت (1) .

وكقاعدة عامة فإن التزام المورد بأداء الخدمة هو التزام بتحقيق نتيجة ما لم يتضح من نصوص العقد أو طبيعة الالتزام أن الأمر يتعلق بتحقيق غاية ولا يستطيع المورد التخلص من المسئولية إلا بإثبات السبب الأجنبى المتثمل فى القوة القاهرة أو خطأ الغير أو خطأ المضرور .

ويجب أن يلتزم مورد المعلومات بتوريد معلومات صحيحة وحديثة وليست قديمة وأن تكون المعلومات شاملة وأخيراً يلتزم مورد المعلومات بالحفاظ على سرية مطالب العميل بشأن المعلومات الموردة .

الفرع الثانى

 الالتزام بالوفاء إلكترونياً

ترتب على التزام المنتج أو المورد بتسليم السلعة أو بأداء الخدمة التزام المشترى أو العميل بأداء الثمن أو مقابل الخدمة ، ويتم الوفاء عبر شبكة الإنترنت بطريق إلكترونى ، ويلاحظ أن التزام العميل بالوفاء الإلكترونى للمنتج أو المورد ليس هو الالتزام الوحيد على العميل تجاه المنتج أو المورد ، وإنما هناك التزامات أخرى تظهر فى حالة طلب معلومات من المورد وتتمثل هذه الالتزامات فى التزام العميل بحسن استخدام المعلومات ، والتزام العميل بالمحافظة على سرية المعلومات .

وقد عرف مشروع قانون المعاملات الإلكترونية المصرى فى المادة (1) الوفاء الإلكترونى بأنه وفاء بالتزام نقدى بوسيلة إلكترونية مثل الشيكات الإلكترونية والكمبيالات الإلكترونية وبطاقات الدفع الممغنطة  ويلاحظ أن قانون تنظيم التوقيع الإلكترونى وإنشاء هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات الحالى رقم 15 لسنة 2004  أغفل النص فى المادة الأولى منه على تعريف الوفاء الإلكترونى .

ويلاحظ أن هناك عقوداً نموذجية تحدد كافة المسائل المتعلقة بالوفاء الإلكترونى كالعقد النموذجى الفرنسى حيث يحدد العملة المستخدمة فى الوفاء وهى فى هذا العقد الفرنك الفرنسى ، ومدى جواز الوفاء بعملة أجنبية كالدولار أو اليورو ، كما يحدد نفقات التسليم وغير ذلك من الأمور كأن ينص العقد على أن السلعة المباعة

تظل مملوكة للبائع لحين الوفاء بكامل ثمنها ومصروفات الشحن والجمارك والرسوم(1) .

ويلاحظ أن وجود نظام دفع إلكترونى لتسوية المعاملات التى تتم عبر شبكة الإنترنت يستلزم نظام مصرفى معد لإتمام عملية الدفع وتسهيلها ، كما يشترط توافر بيئة تشريعية سواء فى قانون المبادلات الإلكترونية أو قانون التجارة أو قانون الصرف تقر وتنظم أحكام الدفع الإلكترونى .

ويرى البعض أن التنظيم القانونى للتجارة فى ظل قانون التجارة المصرى رقم 17 لسنة 1999 لا يحول دون قيام البنوك بالوفاء بالأوراق التجارية المعالجة إلكترونياً أو المطالبة بالوفاء بقيمتها(2) ، ومما لا شك فيه أن هذا الرأى محل اعتبار فهناك بعض العقبات التى تواجه المشروعات من ناحية إمكانية استقبالها مقابل السلع والخدمات التى تقوم ببيعها عبر شبكة الإنترنت سواء عن طريق استخدام بطاقات الائتمان أو غير ذلك من الوسائل ومن أهم هذه العقبات أن البنوك المصرية مازالت غير مؤهلة للتعامل فى نظام الدفع الإلكترونى لذلك فإن المشروعات المصرية لا تستطيع استقبال أى مبالغ مدفوعة إليكترونياً من خلال البنوك الموجودة داخل مصر وتتغلب الشركات على هذه العقبة بأن تلجأ إلى فتح حساب جارى باستقبال المبالغ المستحقة لها والناتجة عن عمليات البيع التى تقوم بها عبر شبكة الإنترنت بأى دولة أجنبية بالخارج ، أو تكتفى باستقبال طلب الشراء من قبل العميل من خلال موقعها على الشبكة ، وتحصل على المبلغ المستحق لدى المشترى مقابل السلعة أو الخدمة

بأى وسيلة دفع أخرى خارج نطاق الشبكة off line(1) .

ونرى أن استقرار وازدهار نظام الدفع الإلكترونى يتطلب أولاً توافر الإمكانيات الفنية والتقنية لدى البنوك المصرية لإتمام وإنجاح هذا النظام ، كذلك يشترط توفير بيئة تشريعية توفر حماية لنظام الدفع الإلكترونى ويشترط أخيراً توفير وسائل أمان فنية كالاعتماد على نظام التشفير ، وباستعراض مشروع قانون التجارة الإلكترونية المصرى نجد أنه أتى ببعض الأحكام التى تنظم عملية التشفير وتقرر حماية للبيانات المشفرة وقصر فضها على صدور أمر قضائى فنص فى الفصل الرابع من المشروع والمعنون بعنوان التشفير الإلكترونى على الآتى :

1 – قبول مبدأ تشفير البيانات وذلك طبقاً لضوابط وقواعد خاصة بتشفير المحررات والبيانات الإلكترونية.

2 – وضع الإجراءات والقواعد المنظمة لاستيراد أو تصنيع أجهزة وبرامج التشفير دون الحصول على ترخيص مسبق من الوزارة المختصة .

3 – إنشاء مكتب للتشفير .

4 – حماية البيانات المشفرة وقصر فضها على أمر قضائى .

 أولاً : تعريف النقود الإلكترونية

ساعد التقدم التكنولوجي في مجال الاتصالات ، وتطور الصناعة المصرفية  وظهور التجارة الإلكترونية في الحياة الاقتصادية ، على ظهور شكل جديد من النقود أطلق الاقتصاديون عليها مسمى النقود الإلكترونية ، وقد تم استخدام مصطلحات مختلفة للتعبير عن مفهوم النقود الإلكترونية فقد استخدم البعض

 

 

اصطلاح النقود الرقمية Digital Money أو العملة الرقمية  Digital currency بينما استخدم البعض الآخر)1 ( مصطلح النقود الإلكترونية  Electronic cash.

وتعد النقود الإلكترونية تطوراً واضحاً فى وسائل الدفع عبر الإنترنت ، بل هى الوسيلة الوحيدة التى نشأت خصيصاً لتسوية معاملات التجارة الإلكترونية عبر الإنترنت لتفادى مساوئ استخدام كروت الائتمان حيث يقوم المستهلك أو المشترى بنقل رقم الكارت الخاص به وكذلك تاريخ انتهاء الكارت إلى موقع التاجر الذى يرسله بدوره إلى البنك مصدر الكارت ليحصل منه على مقابل الخدمة أو السلعة التى قدمها له فى صورة أرقام تضاف إلى حسابه الدائن ، ويقيد البنك هذا المبلغ بعد ذلك فى الحساب المدين للمستهلك أو المشترى ، ويعيب هذه الطريقة أن أرقام الكروت تنتقل من المستهلك إلى التاجر بشكل غير مشفر مما يجعلها عرضة للسرقة أو للقرصنة عبر شبكة الإنترنت ، ومن ناحية أخرى أنها تقوم على الثقة التى يوليها المستهلك للتاجر فى أنه سوف يأخذ من حسابه قيمة السلعة أو الخدمة فقط دون زيادة ، كما أن التاجر سوف يحتفظ بأرقام كروت العملاء مما قد يؤدى إلى إساءة استخدامها عن طريق السحب غير المشروع من حسابات العملاء ، ومن ناحية أخيرة تكلفتها الباهظة جداً بالمقارنة بقيمة العمليات التى تستخدم للوفاء فيها  وتعزى هذه التكلفة إلى نسبة العمولة العالية التى تتقاضاها البنوك عند السداد بهذه الطريقة. وكما اختلف الفقهاء حول الاصطلاح فقد اختلفوا أيضاً حول وضع تعريف محدد للنقود الإلكترونية .

فقد عرفتها المفوضية الأوروبية بأنها قيمة نقدية مخزونة بطريقة إلكترونية على وسيلة إلكترونية كبطاقة أو ذاكرة كمبيوتر، ومقبولة كوسيلة للدفع بواسطة متعهدين غير المؤسسة التي أصدرتها، ويتم وضعها في متناول المستخدمين لاستعمالها كبديل عن العملات النقدية والورقية، وذلك بهدف إحداث تحويلات إلكترونية لمدفوعات ذات قيمة محددة(1). إلا أن هذا التعريف ليس مانعاً وتعوزه الدقة ، حيث أنه لا يستبعد دخول وسائل الدفع الإلكترونية – وهي كما سوف نرى – أمر مختلف عن النقود الإلكترونية – في نفس المضمون .

 كما عرفها البنك المركزى الأوروبي بأنها "مخزون إلكتروني لقيمة نقدية على وسيلة تقنية يستخدم بصورة شائعة للقيام بمدفوعات لمتعهدين غير من أصدرها  دون الحاجة إلى وجود حساب بنكي عند إجراء الصفقة وتستخدم كأداة محمولة مدفوعة مقدماً"(2).

ويعد هذا التعريف هو الأقرب إلى الصحة نظراً لدقته وشموله لصور النقود الإلكترونية واستبعاده للظواهر الأخرى التي يمكن أن تتشابه معها .

وفي الواقع فإننا نستطيع أن نعرف النقود الإلكترونية بأنها قيمة نقدية مخزنة على وسيلة إلكترونية مدفوعة مقدماً وغير مرتبطة بحساب بنكي ، وتحظى بقبول واسع من غير من قام بإصدارها وتستعمل كأداة للدفع لتحقيق أغراض مختلفة ويمكننا أن نحدد عناصر النقود الإلكترونية من خلال التعريف السابق وهي :

1 - قيمة نقدية

أي أنها تشمل وحدات نقدية لها قيمة مالية مثل مائة جنيه أو خمسون جنيها . ويترتب على هذا أنه لا تعتبر بطاقات الاتصال التليفوني من قبيل النقود الإلكترونية حيث أن القيمة المخزونة على الأولى عبارة عن وحدات اتصال تليفونية وليست قيمة نقدية قادرة على شراء السلع والخدمات . وكذلك الأمر بالنسبة للبطاقات الغذائية (الكوبونات) والتي من المتصور تخزينها إلكترونياً على بطاقات  فهي لا تعد نقوداً إلكترونية لأن القيمة المسجلة عليها ليست قيمة نقدية بل هي قيمة عينية تعطى حاملها الحق في شراء وجبة غذائية أو أكثر وفقاً للقيمة المخزونة على البطاقة .

2 - مخزنة على وسيلة إلكترونية

تعد هذه الصفة عنصراً مهماً في تعريف النقود الإلكترونية ، حيث يتم شحن القيمة النقدية بطريقة إلكترونية على بطاقة بلاستيكية أو على القرص الصلب للكمبيوتر الشخصي للمستهلك(1). وهذا العنصر يميز النقود الإلكترونية عن النقود القانونية والائتمانية التي تعد وحدات نقدية مصكوكة أو مطبوعة . وفي الواقع فإنه يتم دفع ثمن هذه البطاقات مسبقاً وشرائها من المؤسسات التي أصدرتها، ولهذا، فإنه يطلق عليها البطاقات سابقة الدفع Prepaid Cards .

3 - غير مرتبطة بحساب بنكي

وتتضح أهمية هذا العنصر في تمييزه للنقود الإلكترونية عن وسائل الدفع الإلكترونية . فهذه الأخيرة عبارة عن بطاقات إلكترونية مرتبطة بحسابات بنكية للعملاء حاملي هذه البطاقات تمكنهم من القيام بدفع أثمان السلع والخدمات التى

يشترونها مقابل عمولة يتم دفعها للبنك مقدم هذه الخدمة. ومن أمثلة وسائل الدفع الإلكترونية ، بطاقات الخصم Debit Cards ، وهي عبارة عن بطاقات يقتصر استخدامها خصماً على حسابات دائنة للعملاء يتم بموجبها تحويل قيمة نقدية من حساب إلى حساب آخر. فهي بمثابة المفتاح الذي يسمح بالنفاذ إلكترونياً إلى الودائع البنكية المملوكة لحامل هذه البطاقة. وتعتبر بطاقات الائتمان Credit Cards من قبيل وسائل الدفع الإلكترونية حيث يتم استخدام هذه البطاقات خصماً على حسابات بنكية مدينة نظير فائدة يقوم بدفعها حامل أو مالك هذه البطاقة إلى المؤسسة المصرفية التي منحته هذا الائتمان .

من الواضح إذاً أن النقود الإلكترونية تتشابه مع الشيكات السياحية  التي هي عبارة عن استحقاق حر أو عائم على بنك خاص أو مؤسسة مالية أخرى، وغير مرتبط بأي حساب خاص .

4 - تحظى بقبول واسع من غير من قام بإصدارها

 ويعني هذا العنصر ضرورة أن تحظى النقود الإلكترونية بقبول واسع من الأشخاص والمؤسسات غير تلك التي قامت بإصدارها. فيتعين ألا يقتصر استعمال النقود الإلكترونية على مجموعة معينة من الأفراد أو لمدة محددة من الزمن ، أو في نطاق إقليمي محدد. فالنقود ولكي تصير نقوداً يتعين أن تحوز ثقة الأفراد وتحظى بقبولهم باعتبارها أداة صالحة للدفع ووسيطاً للتبادل .

من ناحية أخرى فإنه لا يجوز اعتبار هذه الوسائل نقوداً إلكترونية في حالة ما إذا كان مصدرها ومتلقيها هو شخص واحد . فعلى سبيل المثال لا تعد بطاقات الاتصال التليفوني نقوداً إلكترونية نظراً لكون من أصدرها ومن يقبلها هو هيئة

واحدة (أى هيئة الاتصالات التليفونية) حيث لا يصلح العمل بهذه البطاقة إلا في أجهزة التليفون التي خصصتها تلك الهيئة لهذا الغرض .

5 - وسيلة للدفع لتحقيق أغراض مختلفة

 يجب أن تكون هذه النقود صالحة للوفاء بالتزامات كشراء السلع والخدمات أو كدفع الضرائب…إلخ . أما إذا اقتصرت وظيفة البطاقة على تحقيق غرض واحد فقط كشراء نوع معين من السلع دون غيره أو للاتصال التليفوني ففي هذه الحالة لا يمكن وصفها بالنقود الإلكترونية بل يطلق عليها البطاقات الإلكترونية ذات الغرض الواحد .

ثانياً : المخاطر الأمنية والقانونية للنقود الإلكترونية

إن النقود الإلكترونية بمفهومها السابق، ونظراً لخصائصها المتميزة عن النقود القانونية ، قد تثير مجموعة من المخاطر القانونية والاقتصادية والتي تستدعي ضرورة وضع حزمة من الضوابط القانونية التنظيمية لمثل هذه الظواهر الجديدة . وسوف نعرض لأهم المخاطر القانونية التي يمكن أن تترتب على التعامل بالنقود الإلكترونية وسوف نركز بصفة خاصة على المخاطر الأمنية والقانونية وأخيراً الحرية الشخصية للأفراد المتعاملين بهذه النقود .

1 - المخاطر الأمنية للنقود الإلكترونية

يعد البعد الأمني أحد أهم الموضوعات التي تقلق العاملين في القطاع المصرفي والنقدى . وتمثل النقود الإلكترونية إحدى الظواهر التي يمكن أن تزيد من حجم

المخاطر الأمنية(1).

وعلى الرغم من قابلية جميع وسائل الدفع الإلكترونية لإحداث مخاطر أمنية إلا أن النقود الإلكترونية تتمتع بقدرة أكبر على خلق تلك المخاطر والتي من أمثلتها صعوبة التحقق من صحتها ، وعدم الاعتراف بها أو عدم قبولها . والجدير بالذكر أن المخاطر الأمنية لا تتعلق بالمستهلك فقط ، وإنما قد تمتد أيضاً إلى التاجر وإلى مصدر هذه النقود . فقد تتعرض البطاقات الإلكترونية المملوكة للمستهلك أو للتاجر للسرقة أو للتزييف ويتم معاملتها باعتبارها نقوداً إلكترونية أصلية . وقد يحدث أن يتم التزوير عن طريق تعديل البيانات المخزونة على البطاقات الإلكترونية أو على البرمجيات أو على القرص الصلب للكمبيوتر الشخصي . وقد يحدث الخرق الأمني إما كنتيجة لعمل إجرامي عمدي مثل التزوير والتزييف ، وإما كنتيجة لعمل غير عمدي مثل محو أو تخريب موقع من مواقع الإنترنت ، وإما الإخلال بتصميمات الأنظمة الإلكترونية والقرصنة الإلكترونية  فمن شأن كل هذه التصرفات والتهديدات السابقة أن تؤدي إلى آثار قانونية وأمنية ومالية خطيرة . وانطلاقاً مما سبق فإنه من المهم بمكان أن تتأكد الجهة المصدرة للنقود الإلكترونية من توافر كافة الضمانات الأمنية سواء بالنسبة للمستهلك أو بالنسبة للتاجر وسواء أكان ذلك متعلقاً بالنقود الإلكترونية التي تأخذ شكل البطاقات البلاستيكية أو تلك التي يتم التعامل بها عبر الإنترنت (النقود الشبكية) .

إذ من الصعب أن يتوافر الأمان المطلق في الخدمات البنكية الإلكترونية ، ومع هذا فمن الضرورى أن يتناسب مستوى الأمان مع الغرض المطلوب تحقيقه وعلى هذا

فإن الترتيبات الأمنية المتعلقة بالنقود الإلكترونية لابد وأن ترمي بصفة رئيسة إلى تحقيق مجموعة من الأهداف من بينها ضرورة قصر الدخول إلى النظام الإلكتروني للنقود الإلكترونية على الأفراد المسموح لهم فقط والتأكد من شخصية جميع الأطراف المعنية وذلك لضمان مشروعية كافة الصفقات المبرمة عبر شبكة الإنترنت وضمان سرية المعلومات وعدم تغييرها بأي شكل من الأشكال حال مرورها عبر شبكة الاتصال .

لقد أصبح من الضروري أيضاً الاستمرار في تطوير الوسائل التكنولوجية الأمنية من أجل المحافظة على فعالية وكفاءة الإجراءات الأمنية وقدرتها على مواجهة كافة الأخطار والتهديدات المترتبة على انتشار النقود الإلكترونية .

2 -  المخاطر القانونية للنقود الإلكترونية

علاوة على المخاطر الأمنية فمن المتوقع أيضاً أن تثير النقود الإلكترونية بعض المخاطر القانونية وتنبع هذه المخاطر أساساً من خلال انتهاك القوانين واللوائح مثل جرائم غسيل الأموال ، إفشاء أسرار العميل وانتهاك السرية من ناحية أخرى ، فإن المخاطر القانونية قد تتولد أيضاً عندما تقنن حقوق والتزامات الأطراف المختلفة المتعاملة بالنقود الإلكترونية بطريقة غير دقيقة فالعلاقات التعاقدية والقانونية التي تنشأ بين المستهلكين وتجار التجزئة والمصدرين والمشغلين هي علاقات متشعبة ومعقدة . ومن المسائل المهمة أيضاً والتي تتعلق بالمخاطر القانونية هي مدى وضوح وشفافية الحقوق والالتزامات الخاصة بكل طرف فعلى سبيل المثال سوف تثار مسألة المسئولية القانونية للأطراف المختلفة في حالات التزييف والتزوير والاحتيال والغش أخيراً فإن موضوع حماية المستهلك يعد من أهم المخاطر القانونية التي يمكن أن تفرزها النقود الإلكترونية . من المتوقع أيضاً أن يصاحب

 

انتشار النقود الإلكترونية تزايداً في جرائم التهرب الضريبي حيث سيكون من الصعب على الجهات الحكومية المكلفة بتحصيل الضرائب القيام بربط الضريبة على تلك الصفقات التي تتم بواسطة النقود الإلكترونية نظراً لأن تلك الصفقات تتم خفية عبر شبكة الإنترنت.

 3 - مخاطر النقود الإلكترونية والسرية

إن الممارسة الصحيحة للتعامل بالنقود الإلكترونية تقتضي القدرة على التأكد من أن الصفقات المتبادلة والتي تبرم بواسطة استخدام النقود الإلكترونية تتم فقط بين الأطراف المعنية وأن عملية التبادل تنصب على تلك السلع والخدمات المصرح بها فقط . ومع ذلك يبقى هناك تخوف من قبل المستهلكين وذلك من جراء إمكانية استخدام المعلومات والبيانات المتعلقة بإبرام الصفقات دون ترخيص أو إذن مسبق. وسوف تتضاعف هذه المخاوف مع الازدياد المطرد في استخدام النقود الإلكترونية في إبرام الصفقات التجارية)1(.  فالمحافظة على سرية البيانات المالية الخاصة بجميع الأطراف المتعاملين بالنقود الإلكترونية تعد من أهم القضايا الشائكة المصاحبة للنمو المتزايد والانتشار الكبير المتوقع للنقود الإلكترونية .  فكما هو الحال بالنسبة للمحافظة على سرية الحسابات البنكية للعملاء والتي يحرم بمقتضاها اطلاع أي شخص غير العميل نفسه على أحد الحسابات البنكية ، فإنه من الضروري أيضاً أن تمنح الأطراف المختلفة المستخدمة للنقود الإلكترونية الضمانات الكافية التي تحد من إطلاع أي طرف آخر غير معنى بالصفقة المبرمة

 

 

على البيانات المالية المتبادلة عبر شبكة الاتصال. وفي الواقع ، إن سرية التعاملات التي تبرم بواسطة النقود الإلكترونية يجب المحافظة عليها من تعدي الآخرين سواء كانوا أفراداً عاديين أو جهات حكومية . وفي تلك الحالة سوف تبرز مشكلة خطيرة ألا وهي التناقض بين ضرورة المحافظة على سرية المعاملات من جهة باعتبارها حقاً من حقوق الأفراد ، وحق الدولة في استخدام كافة الوسائل المتاحة للقضاء على الجريمة . على سبيل المثال قد يتعين على الدولة مراقبة شبكات الاتصال المختلفة بهدف الحيلولة دون وقوع جريمة غسيل الأموال أو التهرب الضريبي عبر استخدام النقود الإلكترونية . وسيكون من الصعوبة في مثل هذه الحالات المواءمة بين المحافظة على سرية وخصوصية معاملات الأفراد من جهة وضرورة مواجهة الجريمة من جهة أخرى .

ثالثاً : خصائص النقود الإلكترونية

من خلال عرضنا السابق، فإننا نستطيع أن نستنتج مجموعة من الخصائص التي تميز النقود الإلكترونية والتي نعرضها في السطور الآتية(1) .

1 - النقود الإلكترونية قيمة نقدية مخزنة إلكترونياً فالنقود الإلكترونية وخلافاً للنقود القانونية عبارة عن بيانات مشفرة يتم وضعها على وسائل إلكترونية في شكل بطاقات بلاستيكية أو على ذاكرة الكمبيوتر الشخصي .

2 - النقود الإلكترونية ثنائية الأبعاد إذ يتم نقلها من المستهلك إلى التاجر دون الحاجة إلى وجود طرف ثالث بينهما كمصدر هذه النقود مثلاً. فالنقود الإلكترونية صالحة لإبراء الذمة ووسيلة لدفع أثمان السلع والخدمات دون أن يقتضي ذلك قيام البائع بالتأكد من حقيقة هذه النقود أو من كفاية الحساب البنكي للمشتري كما هو

 

الحال بالنسبة لوسائل الدفع الإلكرونية حيث يتأكد البائع من مدى كفاية الرصيد الموجود في حساب المشترى .

3 - النقود الإلكترونية ليست متجانسة حيث أن كل مصدر يقوم بخلق وإصدار نقود إلكترونية مختلفة . فقد تختلف هذه النقود من ناحية القيمة وقد تختلف أيضاً بحسب عدد السلع والخدمات التي يمكن أن يشتريها الشخص بواسطة هذه النقود. فهذه النقود ليست متماثلة أو متجانسة .

4- سهولة حملها حيث تتميز النقود الإلكترونية بسهولة حملها نظراً لخفة وزنها وصغر حجمها ولهذا فهي أكثر عملية من النقود العادية . ويرجع ذلك إلى أنها تعفي الفرد من حمل نقدية كبيرة لشراء السلع والخدمات رخيصة الثمن كالصحيفة أو مشروبٍ أو وجبة خفيفة .

5 - وجود مخاطر لوقوع أخطاء بشرية وتكنولوجية حيث يلاحظ أن النقود الإلكترونية هي نتيجة طبيعية للتقدم التكنولوجي . وعلى الرغم مما تقدمه هذه التكنولوجية للبشرية من وسائل الراحة والرفاهية ، فإنها تظل عرضة للأعطال مما يتسبب في وقوع مشكلات كثيرة خاصة في ظل عدم وجود كوادر مدربة وخبيرة تكون قادرة على إدارة المخاطر المترتبة على مثل هذه التقنيات الحديثة . وهذا ينطبق على النقود الإلكترونية وبصفة خاصة تلك التي يتم التعامل بها عبر الإنترنت . وعلى النقيض من ذلك فإن النقود العادية تتميز بالوضوح وقلة الأخطاء الناتجة عن التعامل بها. ومع هذا فمن المتوقع أن تقل المشكلات الناتجة عن التعامل بالنقود الإلكترونية في المستقبل مع اعتياد استخدامها والتعامل بها.

6 - النقود الإلكترونية هي نقود خاصة على عكس النقود القانونية التي يتم إصدارها من قبل البنك المركزى ، فإن النقود الإلكترونية يتم إصدارها في غالبية

الدول عن طريق شركات أو مؤسسات ائتمانية خاصة ولهذا فإنه يطلق على هذه النقود اسم النقود الخاصة .

رابعاً : التشفير كوسيلة لحماية مخاطر الوفاء الإلكترونى

أظهرت المعاملات المالية على الإنترنت الحاجة لتوفير حماية للمعاملات الإلكترونية عن طريق شخص ثالث ليس من أطراف العقد حتى يوثق البيانات المتبادلة وبصفة خاصة التوقيع الإلكترونى ويشهد بصحته دون أن يكون له مصلحة شخصية فى هذه البيانات)1( .

يعد التشفير من وسائل حفظ سرية المعلومات – لاسيما فى التجارة الإلكترونية التى تتطلب الحفاظ على بيانات معاملات أطراف عقد التجارة الإلكترونى وحجم الصفقات ونوعها ، وكذلك حماية النقود المتداولة داخل هذه التجارة وذلك باستخدام برامج لها القدرة على تحويل وترجمة تلك المعلومات إلى رموز بحيث إذا ما تم الوصول إليها من قبل أشخاص غير مخول لهم بذلك لايستطيعون فهم أى شئ لأن ما يظهر لهم يمثل خليطاً من الرموز والأرقام والحروف الغير مفهومة .

وقد عرف مشروع قانون التجارة الإلكترونية المصرى التشفير بأنه " تغيير فى شكل البيانات عن طريق تحويلها إلى رموز أو إشارات لحماية هذه البيانات من إطلاع الغير عليها أو من تعديلها أو تغييرها ") 2( .

كما عرفه قانون المبادلات والتجارة الإلكترونية التونسى فى المادة (2/5) بأنه

" استعمال رموز أو إشارات غير متداولة تصبح بمقتضاها المعلومات المرغوب تحريرها أو إرسالها غير قابلة للفهم من قبل الغير أو استعمال رموز وإشارات لا يمكن وصول المعلومة بدونها " .

وقد تناول قانون الأونسيترال النموذجى للتوقيع الإلكترونى عملية التشفير بطريقة غير مباشرة من خلال التوقيع الإلكترونى الذى يرتكز فى الأساس على عملية التشفير . 

وعلى اختلاف أنواع وأشكال البرامج المتخصصة فى هذا المجال إلا أنها جميعاً تشارك فى القاعدة أو الأساس المبنى على مفهوم بسيط جداً وهو أن كل رقم أو معلومة مشفرة تحتاج لفكها أو إعادتها إلى وضعها الأصلى إلى ثلاث عناصر مجتمعة مع بعضها البعض ولنفرض أنها (س ، ص ، ع) ، وفى حالة معرفة قيمة واحدة فقط من هذه العناصر وبقاء العنصرين الآخريين مجهولين فإنك سوف تجد نفسك فى دوامة من الاحتمالات والتخمين وذلك للوصول إلى القيم الصحيحة لهذين العنصرين المجهولين اللازمين لإكمال الحلقة وفك الشفرة ، ويجب التعرف على ثلاث مصطلحات لفهم هذه التكنولوجيا وهى :- المفتاح العام  المفتاح الخاص  الرقم الأساسى حيث أن أى معلومة يتم تشفيرها لا يمكن الإطلاع عليها صحيحة وكاملة إلا بوجود هذه المفاتيح الثلاثة مجتمعة ويتم تطبيق هذا المبدأ فى مجال التشفير كالتالى :-

يتم إصدار رقم الأساس عن طريق البرنامج المتخصص أو أحد الهيئات المستقلة والمتخصصة فى إصدار هذه الأرقام ، بحيث يكون لكل مستخدم رقم أساس وهو ع ويتم تقسيم هذا الرقم إلى مجموعتين (س) وهو ما يعرف بالمفتاح العام و (ص) وهو ما يعرف بالمفتاح الخاص ، بحيث إذا قمنا بعملية ضرب س فى ص يكون

الناتج هو (ع) وهو الرقم الأساس اللازم لإعادة الملفات والمعلومات إلى وضعها الأصلى قبل التشفير وطبعاً هذا الرقم محمى ومشفر بقوة ولا يمكن الوصول إليه .

المفتاح العام Public Key

هو الرقم الذى يتم تداوله ونشره بين بقية المستخدمين لتشفير أى معلومات أو أى رسالة إلكترونية مخصصة لك ويعتبر رقمك العام أساس عملية التشفير ، ولا يستطيع أحد فك رموز تلك المعلومة غيرك أنت لأنها تحتاج إلى الرقم السرى وليكن هو المفتاح الخاص بك لإكمال العملية الحسابية والوصول إلى الرقم الأساسى وبالتالى فتح الملفات مرة أخرى .

المفتاح الخاص Private Key

وهو النصف الآخر المكمل للمفتاح العام للوصول إلى الرقم الأساس وإعادة المعلومات المشفرة إلى وضعها الطبيعى قبل التشفير ، وهذا المفتاح هو الذى يميز كل شخص عن غيره من المستخدمين ، ويكون بمثابة هوية إلكترونية تمكن صاحبها من فك أى معلومة مشفرة مرسلة إليه على أساس رقمه العام ولذلك يجب الاحتفاظ بالمفتاح الخاص سراً وبالتالى لا يستطيع أحد فك الشفرات وقراءة المعلومات المحمية بهذه الطريقة دون اكتمال الحلقة والتى لا تتم إلا بمعرفة القيمة الصحيحة للمفتاح العام والمفتاح الخاص . وهناك تقنيات معتمدة على تكنولوجيا التشفير من أهمها تقنية تأمين البيانات (SSL)) 1( وهو برنامج به بروتوكول تشفير متخصص لنقل البيانات والمعلومات المشفرة بين جهازين عبر شبكة الإنترنت

بطريقة آمنة بحيث لا يمكن لأحد من الناس قراءتها غير المرسل والمستقبل وفى نفس الوقت تكون قوة التشفير فيها قوية ومن الصعوبة فكها .

وقد ساعدت هذه التقنية على زيادة الثقة بالتجارة الإلكترونية ومستوى الأمان فيها مما جعلها أساس التجارة الإلكترونية على مستوى العالم ، وقد قامت جميع الشركات المنتجة لمتصفحات الإنترنت مثل الـ Internet Explorer بالأخذ بها وتزويد متصفحاتها بهذه التقنية .

وتتلخص خطوات استخدام هذه التكنولوجيا فى ثلاث خطوات كما يلى : -

الخطوة الأولى :

يقوم الموقع بالتقدم إلى إحدى الهيئات المستقلة والتى تصدر شهادة رقمية تثبت صحة هوية الموقع ، وبعد التأكد من نشاط وحسن سيرة تلك المواقع المتقدمة بالإضافة إلى استكمال بعض المتطلبات الأخرى ذات العلاقة تقوم تلك الهيئة بإصدار الشهادة الرقمية الخاصة بالموقع بحيث يدون فيه كل المعلومات الهامة مثل اسم الشركة وتاريخ إصدار الشهادة وتاريخ الانتهاء ، وكذلك يتم إصدار المفتاح العام والمفتاح الخاص للموقع كما يقوم الموقع نفسه بتأمين جهاز خادم مزود ببرنامج التشفير SSL ليتم تخزين المفتاح العام للموقع به .

الخطوة الثانية :

يقوم المتصفح أو العميل المزود بهذا البرنامج بالارتباط بالجهاز الخادم Server الآمن للموقع يطلب منه التالى : الشهادة الرقمية ، مصدرها ، تاريخ إنتهائها وكذلك تتم المقارنة بين اسم الموقع على الشهادة مع اسم الموقع فى جهاز الخادم  والمقارنة بين الرقم العام المرسل من جهاز الخادم إلى المتصفح مع التوقيع الإلكترونى

(المفتاح الخاص) للشركة وكل هذه الخطوات تتم للتأكد من مصداقية الموقع وحماية العميل من الشركات الوهمية .

الخطوة الثالثة :

بعد التأكد من مصداقية الموقع والارتباط بجهاز الخادم الآمن يتم تشفير المعلومات على أساس المفتاح العام لذلك الموقع ليتم نقل المعلومات بطريقة آمنة دون أى تدخل ، ولا يستطيع أحد سرقة المعلومات أو الإطلاع عليها سوى الموقع المعتمد

فى الطرف الآخر الذى يملك المفتاح الخاص لفتح وإعادة المعلومات إلى وضعها الطبيعى . 

  مثال تطبيقى لكيفية إرسال رسالة موقعة إلكترونيا  www.electronicsignature.gov.eg

 

 


(1) - د/ محسن شفيق ، اتفاقية الأمم المتحدة بشأن البيع الدولى للبضائع  ،ص 91 وما بعدها دار النهضة العربية  دراسة فى قانون التجارة الدولى  1988 .

(2) - نقض مدنى فى 19 يونيه 1969 ، مجموعة أحكام النقض السنة 20 رقم 159 ص 1017 .

(1) – د/ أسامة أبو الحسن مجاهد ، مرجع سابق ، ص69 ، دار النهضة العربية ، 2000 .

(2) – د/ محمد حسن قاسم ، التعاقد عن بعد – قراءة تحليلية فى التجربة الفرنسية مع إشارة لقواعد القانون الأوروبى – دار الجامعة الجديدة للنشر  ص 19 ، 2005 .

(1) – نقض مدنى فرنسى -3-28 يونيه 1998 ، المجموعة المدنية – 3- رقم 507 ، ص 389 ، مشار إليه لدى د/ إبراهيم الدسوقى أبو الليل  الجوانب القانونية للتعاملات ا|لإلكترونية ، دراسة للجوانب القانونية للتعامل عبر أجهزة الاتصال الحديثة "التراسل الإلكترونى" ، الناشر مجلس النشر العلمى – جامعة الكويت ، ص 88 ، 2003 .

(1) – د/ إبراهيم الدسوقى أبو الليل ، مرجع سابق ، ص 88 .

(1) - د/ نزيه محمد الصادق المهدى ، الالتزام قبل التعاقدى بالادلاء بالبيانات المتعلقة بالعقد ، ص 31 ، دار النهضة العربية .

(1)  – د/ أسامة أحمد بدر ، مرجع سابق ، ص166 ، بدون سنة نشر ، دار النهضة العربية .

(1) – د/ حسن عبد الباسط جميعى ، مسئولية المنتج عن الأضرار التى تسببها منتجاته المعيبة ، دراسة مقارنة  ص 174 وما بعدها ، دار النهضة العربية ، 200 .

(1) – د/ محمود سمير الشرقاوى ، العقود التجارية الدولية – دراسة خاصة لعقد البيع الدولى للبضائع ، ص84 دار النهضة العربية ، 2001 .

(1) -  د/ محمود سمير الشرقاوى ، مرجع سابق ، ص82 ، دار النهضة العربية ، 2001 .

(2) –  د/ عبد المنعم فرج الصدة ، مصادر الالتزام ، ص 101 ، دار النهضة العربية ، 1986 .

(1) – د/ عبد الرزاق السنهورى ، المرجع السابق ، رقم 100 ص 261،262 .

(2)نقض مدنى فى 9 فبراير 1967 ، مجموعة أحكام النقض ، السنة 18 رقم 52 ، ص 334 .

(3) – د/ رجب كريم عبد الله ، التفاوض على العقد – دراسة مقارنة ، ص89 وما بعدها رسالة دكتوراه حقوق عين شمس ، 2000 .

(1) – د/ صالح ناصر العتيبى ، دور الشروط الجوهرية والثانوية فى العلاقة العقدية ، ص 16 ، رسالة دكتوراه حقوق عين شمس ، 2001 .

(1) – د/ محسن شفيق ، مرجع سابق ، ص 94 وما بعدها دار النهضة العربية ، 1988 .

(1) – د/ إبراهيم الدسوقى أبو الليل ، العقد والإرادة المنفردة ، مرجع سابق ، ص 104 .

(2) – طعن نقض مدنى رقم 198 س25 ، جلسة 12/3/1976 ، أحكام النقض – مجموعة المكتب الفنى ص 492 – رقم 80 .

(3) – الطعنان رقما 1696،1865 لسنة 70 ق – جلسة 23/1/2001 المستحدث من المبادئ التى قررتها الدوائر المدنية بمحكمة النقض خلال الفترة من أو أكتوبر 2000 حتى آخر سبتمبر 2001 ص 17 .

(1) – د/ رامى محمد علوان ، التعبير عن الإرادة عن طريق الإنترنت وإثبات التعاقد الإلكترونى ، مجلة الحقوق – جامعة الكويت ، السنة السادسة والعشرون – العدد الرابع ، ديسمبر 2002 ، ص 245 .

(1) – د/ أحمد السعيد الزقرد ، نحو نظرية عامة لصياغة العقود ، مجلة الحقوق – جامعة الكويت ، العدد الثانى  السنة الخامسة والعشرون  سبتمبر ص 220 ، 2001 .

(1) – د/ حسام الدين الأهوانى ، النظرية العامة للالتزام ، الجزء الأول ، مصادر الالتزام ، دار النهضة العربية  1995 ، ص 85 .

(2) – د/ محمد السعيد رشدى ، مرجع سابق ، مطبوعات جامعة الكويت ، ص 73 ، 1998.

(1) -  د/ محمود السيد عبد المعطى خيال ، التعاقد عن طريق التلفاز , ص 53 ، مطبعة النسر الذهبى 2000 .

(2) - د/ أحمد شرف الدين عقود التجارة الإلكترونية – تكوين العقد وإثباته ص 139.

(1) – تنص المادة (93) من القانون المدنى المصرى على أنه " 1 – إذا عين ميعاد للقبول التزم الموجب بالبقاء على إيجابه إلى أن ينقضى هذا الميعاد .2 – وقد يستخلص من ظروف الحال أو من طبيعة المعاملة " .

(2) – د/ محمد حسام لطفى ، مرجع سابق ، ص39 ، بدون ناشر 1999 .

(3) – د/ أسامة أحمد بدر ، مرجع سابق ، ص 173 .

(1) – د/ سليمان مرقس ، الوافى فى شرح القانون المدنى ، نظرية العقد والإرادة المنفردة ، 1987 ، بدون ناشر  ص 155 .

(2) – د/ أسامة أبو الحسن مجاهد ، مرجع سابق ، ص76 ، دار النهضة العربية ، 2000 .

(1) – د/ محمود السيد عبد المعطى خيال ، مرجع سابق ص 53 .

(2) – د/ أسامة أبو الحسن مجاهد ، مرجع سابق ، ص77 .

(1) – راجع تفصيلاً فى القبول ، د/ عبد الرزاق السنهورى ، الوسيط فى شرح القانون المدنى – العقد  ص 271 وما بعدها ، د/ عبد المنعم فرج الصدة  مصادر الالتزام ، ص116 وما بعدها ، د/ عبد الودود يحيى ، الموجز فى النظرية العامة للالتزامات ، مصادر الالتزام ، ص34 وما بعدها  دار النهضة العربية ، 1981 .

(2)- د/ حسام الدين كامل الأهوانى ، مرجع سابق ، الجزء الأول مصادر الالتزام ص 105 ، بدون ناشر ، الطبعة الثانية ، 1995 .

(1) – تعد إختصاراً لمصطلح Uniform Commercial Code

(1) – د/ خالد عبد التواب عبد الحميد ، نظام بطاقات الدفع الإلكترونى من الناحية القانونية ، ص 268 ، بدون ناشر ،2006 .   

(1) – يعبر عن مصطلح التحميل فى اللغة الإنجليزية بلفظ Download ويمكن تعريفه بأنه نسخ بعض المواد من شبكة الإنترنت إلى جهاز الكمبيوتر .

(1)  – د/ إبراهيم الدسوقى أبو الليل ، مرجع سابق ، ص 94 وما بعدعا ، مجلس النشر العلمى – جامعة الكويت  2003 .

(1) – د/ أسامة بدر ، الوسائط المتعددة بين الواقع والقانون ، ص 205 ، دار النهضة العربية ، بدون سنة ناشر .

(1) – د/ أسامة أبو الحسن ، مرجع سابق ، ص 81 ، دار النهضة العربية 2003 .

(1) – طعن نقض مدنى رقم 1649 ، جلسة 27/11/1984 ، مجموعة الأحكام الصادرة من الدوائر المدنية والتجارية ودائرة الأحوال الشخصية  س51 ق .

(1)  – د/ إبراهيم الدسوقى أبو الليل ، العقد غير اللازم – دراسة مقارنة متعمقة فى الشريعة والقوانين الوضعية،ص 138 ، جامعة الكويت 1994.

(2)  – المادة 147/1 من القانون المدنى المصرى .

(1) – د/ حمد الله محمد حمد الله ، حماية المستهلك فى مواجهة الشروط التعسفية فى عقود الاستهلاك ، دار الفكر العربى ، 1997 ص 39 .

(2) – د/ أحمد محمد محمد الرفاعى ، الحماية المدنية للمستهلك ، ص 98 .

(1) – د/ حسن عبد الباسط جميعى ، حماية المستهلك – الحماية الخاصة لرضاء المستهلك فى عقود الاستهلاك  دار النهضة العربية ، 1996  ص 44 .

(1) – د / يونس عرب ، الخصوصية وحماية البيانات فى العصر الرقمى ، ص 185 وما بعدها ، اتحاد المصارف العربية ، 2002 .

(2) – د/ حسن عبد الباسط جميعى ، عقود برامج الحاسب الآلى ، ص9 ، دراسة مقارنة ، دار النهضة العربية .

(1) – هذا المصطلح يوجد عند إرسال بريد إلكترونى أو استقباله وذلك من خلال بعض المواقع التى تسمح للشخص بالإضافة إلى إرساله ملفاً أن يلحق به بعض الملحقات وتسمى Attachement  كما فى موقع yahoo.com أو hotmail.com ... الخ

(1) – انظر الموقع على الإنترنت  .orgwww.uncitral - وثيقة الأونسيترال باللغة العربية رقم A/CN9/373

(1) د/ أسامة أبو الحسن مجاهد ، مرجع سابق ، ص 91 .

(2) – د/ محمد إبراهيم أبو الهيجاء ، القانون الواجب التطبيق على عقود التجارة الإلكترونية ، رسالة دكتوراه  حقوق القاهرة ، ص 56 ، 2004.

(1) – د/ سليمان مرقس ، المرجع السابق ، ص 195 .

(2) – د/ برهام محمد عطا الله  أساسيات نظرية الالتزام ، مصادر الالتزام ، بدون ناشر ، ص 177 ، عام 2000.

(1) – International Institute for the Unification Private Law   - المعهد الدولى لتوحيد القانون الخاص وموقعه www.unidroit.org

(2) –  مجلة مجمع الفقه الإسلامى التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامى ، حكم إجراء العقود بآلات الاتصال الحديثة  العدد السادس ج2/1267 .

(1) – د/ إبراهيم الدسوقى أبو الليل ، الجوانب القانونية للتعاملات الإلكترونية ، مرجع سابق ، ص 117 .

(1)  – نصت المادة (17) من قانون المعاملات والتجارة الإلكترونية لإمارة دبى على " ما لم يتفق المنشئ والمرسل الرسالة الإلكترونية عندما تدخل الرسالة نظام معلومات لا يخضع لسيطرة المنشئ أو الشخص الذى أرسل الرسالة نيابة عن المنشئ (أ) يتحدد وقت استلام الرسالة الإلكترونية على النحو التالى : 1 – إذا كان المرسل إليه قد عين نظام معلومات لغرض استلام الرسالة الإلكترونية يتم الاستلام : (أ) وقت دخول الرسالة الإلكترونية نظام المعلومات المعين ، أو (ب) وقت استخراج المرسل إليه الرسالة الإلكترونية إذا أرسلت إلى نظام معلومات تابع له ولكن ليس هو نظام المعلومات المعين لاستقبال الرسالة .(2) إذا لم يعين المرسل إليه نظام معلومات ، يقع الاستلام عندما تدخل الرسالة الإلكترونية نظام معلومات تابع للمرسل إليه . 

(1)  – نص المادة (17) من قانون المعاملات الإلكترونية الأردنى أ-تعتبر رسالة المعلومات قد أرسلت من وقت دخولها إلى نظام معالجة معلومات لا يخضع لسيطرة المنشئ أو الشخص الذى أرسل الرسالة نيابة عنه ما لم يتفق المنشئ أو المرسل إليه على غير ذلك . ب- إذا كان المرسل إليه قد حدد نظام معالجة معلومات لتسلم رسائل المعلومات فتعتبر الرسالة قد تم تسلمها عند دخولها إلى ذلك النظام ، فإذا أرسلت الرسالة إلى نظام غير الذى تم تحديده فيعتبر إرسالها قد تم منذ قيام المرسل إليه يالإطلاع عليها لأول مرة ج- إذا لم يحدد المرسل إليه نظام معالجة معلومات لتسلم رسائل المعلومات فيعتبر وقت تسلم الرسالة عند دخولها لأى نظام معالجة معلومات تابع للمرسل إليه"  .

(1)  – د/ محمود عبد المعطى خيال ، التعاقد عن طريق التلفاز ، مرجع سابق ، ص 84 .

(2)  - www.minshawi.com/other/mawlood.htm

(1)  – د/ أحمد شرف الدين ، عقود التجارة الإلكترونية ، مرجع سابق ، ص 143 .

(2)  – د/ أسامة أبو الحسن مجاهد ، المرجع السابق ، ص 86 .

(1) – د/ رامى علوان ، التعبير عن الإرادة عن طريق الإنترنت ، مرجع سابق ، ص 258 .

(1) – د/ محمد حسام محمود لطفى ، مرجع سابق ، دراسة فى قواعد الإثبات فى المواد المدنية والتجارية مع إشارة خاصة لبعض قوانين البلدان العربية  بدون ناشر ، ص 91 2002 .

(2) - www.minshawi.com/other/mawlood.htm

(1) – تنص المادة 17/4 من قانون المعاملات والتجارة الإلكترونية على " ما لم يتفق المنشئ والمرسل إليه على خلاف ذلك تعتبر الرسالة الإلكترونية قد أرسلت من المكان الذى يقع فيه مقر عمل المنشئ وأنها استلمت فى المكان الذى يقع فيه مقر عمل المرسل إليه " .

(1) – د/ محمد إبراهيم أبو الهيجاء ، المرجع السابق ، ص 36 .

(1) – د/ سمير عبد السيد تناغو ، عقد البيع ، منشأة المعارف ، ص 219 وما بعدها .

(1) – د/ فاروق الأباصيرى ، عقود الاشتراك فى قواعد المعلومات عبر شبكة الإنترنت ، مرجع سابق  ، ص91 وما بعدها ،  دار الجامعة الجديدة للنشر ، 2002 .

(1) – نصت المادة (347) من التقنين المدنى المصرى على " 1 – إذا كان محل الالتزام شئناً معيناً بالذات وجب تسليمه فى المكان الذى كان موجوداً فيه وقت نشوء الالتزام ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضى بغير ذلك . 2 – أما فى الالتزامات الأخرى فيكون الوفاء فى المكان الذى يوجد فيه موطن المدين وقت الوفاء أو فى المكان الذى يوجد فيه مركز أعمال المدين إذا كان الالتزام متعلقاً بهذه الأعمال ." .

(1) – د/ فاروق الأباصيرى ،عقود الاشتراك فى قواعد المعلومات عبر شبكة الإنترنت ، مرجع سابق ، ص90 .

(1)  – د/ محمد حسين منصور ، المسئولية الإلكترونية ، دار الجامعة الجديدة ، ص 46 ، دار الجامعة الجديدة .

(2) – د/ هانى دويدار ، الوفاء بالأوراق التجارية المعالجة إلكترونياً ، دار الجامعة الجديدة للنشر ، ص24 ، 2003

(1)  – د/ هند محمد حامد ، التجارة الإلكترونية فى المجال السياحى ، ص121 .

(1)  -, 1998 P.90-Berensten, Aleksander, Monetary Policy Implications of Digital Money  

(1) - European Commission  Proposal for European Parliament and Council Directives on the taking up, 1998 money institution”,

(2)  -  1998, “Report on Electronic Money ”, Frankfurt, Germany, August,. European Central Bank

(1)  لمزيد من التفاصيل حول كيفية عمل النقود الإلكترونية انظر: رأفت رضوان ، مرجع سابق  ص93- 97 .

(1) - د/ محمود أبو العيون ، بنوك الإنترنت .... كبف تزدهر مجلة الأهرام الاقتصادى بتاريخ 4/12/2000 نقلاً عن مجلة  Euromoney .

)1( - د/ محمد إبراهيم الشافعى ، الآثار النقدية والمالية للنقود الإلكترونية ، مؤتمر الأعمال المصرفية الإلكترونية بين الشريعة والقانون ، ص 25 وما بعدها  والذى عقد فى دبى مايو 2003 .

(1)  – د/ شريف محمد غنام ، محفظة النقود الإلكترونية ، ص35 ، دار النهضة العربية ، 2003 .

(1) – د/ مدحت عبد الحليم رمضان ، جرائم الإعتداء على الأشخاص والإنترنت ، ص 32 ، دار النهضة العربية ، 2001 .

(2)  – الفصل الأول من مشروع قانون التجارة الإلكترونية المصرى ، التعريفات .

(1)  – تعد إختصاراً لمصطلح Secure Socket Layer .

 

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0