الالتزامات غير القابلة للانقسام والقابلة للانقسام

مجموعة مواضيع في النظرية العامة للالتزام في القانون المغربي لإنجازالبحوث والتحضير للمباريات القانونية

الالتزامات غير القابلة للانقسام والقابلة للانقسام
خصص المشرع المغربيفي قانون الالتزامات والعقود بحثين منفصلين أحدهما للالتزامات غير القابلة للانقسام في المواد من 181 إلى 185 والآخر للالتزامات القابلة للانقسام في المواد من 186 إلى 188 ولهذا سنقسم هذا المطلب حسب الترتيب إلى فرعين وهما الإلتزامات غير القابلة للانقسام والقابلة للانقسام.

الفرع الأول : الالتزامات غير قابلة للانقسام.

الالتزامات غير القابلة للانقسام حسب المادة 181 هي الالتزامات التي لا يقبل محلها التجزئة فتتأثر بذلك فتضحى هي نفسها غير قابلة للانقسام وهذا الموضوع اشتهر بالغموض والتعقيد وقد زاد في تعقيده مؤلف وضعه الفقيه “ديمولان” وهو من أشهر الفقهاء الفرنسيين في القرن السادس عشر ثم جاء بعده الفقيه “بوتييه” ليضع حدا لهذا الغموض والتيه في هذا الموضوع وعنه أخذ واضعوا التقنين الفرنسي النصوص التي تخص الالتزامات غير القابلة للانقسام والتي اقتبس منها المشرع المغربي المواد من 181 إلى 185 .

كل ما تم ذكره مسبقا يحيلنا على تقسيم الفرع إلى جزأين أساسيين وهما أسباب عدم قابلية الالتزام للانقسام وكذا الآثار المترتبة على ذلك.

1.

أسباب عدم قابلية الالتزام للانقسام.

نصت المادة 181 على أن : “يكون الالتزام غير قابل للانقسام: 1 – بمقتضى طبيعة محله، إذا كان هذا المحل شيئا أو عملا لا يقبل القسمة سواء كانت مادية أو معنوية؛ 2 – بمقتضى السند المنشئ للالتزام أو بمقتضى القانون، إذا ظهر من هذا السند أو من القانون أن تنفيذ الالتزام لا يمكن أن يكون جزئيا.

“ من خلال التعريف يتضح أن أسباب عدم قابلية الالتزام للانقسام يعود إلى كل من طبيعة المحل ثم إرادة كل من المشرع والإنسان.

1.

1.

بطبيعة محله سبب عدم قابلية الالتزام للانقسام بطبيعة محله يعتبر السبب والمصدر الرئيسي للالتزامات غير القابلة للانقسام وقل ما يكون الالتزام الذي ينصب محله على نقل حق عيني غير قابل للانقسام فمثل هذا الحق يكون دائما قابلا للانقسام إما انقساما ماديا أو معنويا لهذا حرص المشرع المغربي في المادة 181 إلى القول أن الالتزام غير القابل للانقسام هو الذي يكون محله غير قابل للقسمة “ سواء كانت مادية أو معنوية؛“ إلا أن هناك ثلاثة حقوق عينية لا تقبل الانقسام حسب طبيعتها القانونية وهي الرهن الحيازي والرهن الرسمي والارتفاق لأن محل مثل هذه الالتزامات غير قابل بطبيعته للانقسام بصورة حتمية.

أما الالتزامات التي يكون محلها القيام بعمل فمعظمها تعتبر غير قابلة للانقسام وأما الالتزامات التي يكون محلها الامتناع عن القيام بالعمل فهي يمكن أن نقول عنها أنها دائما غير قابلة للانقسام إذ انه أي عمل يقوم به الملتزم يعتبر خرقا للالتزام.

1.

2.

بإرادة الإنسان يمكن ان يكون الالتزام غير قابل للانقسام إذا ثبت من السند المنشئ له أن تنفيذه لا يمكن أن يكون بشكل جزئي وبالتالي فإرادة المتعاقدين هي من أحالت دون تقسيمه لطبيعته.

والإرادة هنا إما أن تكون صريحة أو ضمنية، وتكون صريحة إذا ورد في العقد المنئش ما يدل على أن تنفيذه يجب أن يكون غير قابل للتجزيئ وأكثر ما يقع ذلك في الالتزامات التضامنية، وتكون ضمنية إذا تبين أن الغرض الذي كان يبتغيه المتعاقدان يحتم عدم انقسام الالتزام ولو أنهما لم ينصا على ذلك صراحة 1.

3.

بإرادة المشرع يمكن أن يكون مصدر عدم قابلية التزام للانقسام نص قانوني مثل ذلك ما قررته المادة 243 التي تنص على : “إذا لم يكن هناك إلا مدين واحد، لم يجبر الدائن على أن يستوفي الالتزام على أجزاء، ولو كان هذا الالتزام قابلا للتجزئة” والقانون كمصدر لعدم قابلية الالتزام للانقسام يعتبر أقل أهمية من المصدرين السابقين 2.

الآثار المترتبة عن عدم قابلية الالتزام للانقسام.

إن أهمية الالتزامات غير القابلة للانقسام لا تظهر إلا في حالة ما إذا تعدد كل من الدائنين والمدينين اما إذا لم يتعدد الطرف الدائن أو المدين فهنا يكون بشكل مباشر التزاما ينفذ بشكل كامل ولو كان من الالتزامات القابلة للانقسام، فما دام كل من الدائن والمدين واحد فسواء أكان الالتزام قابلا أو غير قابل للانقسام فيحق للدائن أن يرفض الوفاء الجزئي وأن يصر على تنفيذ الالتزام تنفيذا كاملا.

أما إذا تعدد المدينون أو الدائنون فهنا تظهر أهمية الالتزامات غير القابلة للانقسام وبالتالي فسنتطرق للآثار المترتبة في حالة تعدد المدينين وتعدد الدائنين.

2.

1.

الآثار المترتبة في حال تعدد المدينين تترتب على عدم قابلية الاالتزام للانقسام في حال تعدد المدينين الآثار التالية : أ‌) كل مدين من المدينين في التزام غير قابل للانقسام يلزم بوفاء الالتزام وفاءا كاملا وهذا ما نصت عليه بشكل واضح المادة 182 حيث قالت : ” إذا تحمل عدة أشخاص بالتزام غير قابل للانقسام، التزم كل منهم بالدين بتمامه ” وعليه فيحق للدائن أن يطالب المدين بالوفاء الكامل وفي هذه الحالة ليس للمدين الحق بعرض الوفاء الجزئي وإنما يمكنه أن يطالب بمهلة لإدخال المدينين الآخرين في الدعوة المقامة عليه حتى يحول دون الحكم عليه وحده بكل الدين، إلا إذا كان طبيعة الدين يحتم أن يكون الوفاء به إلى من المدين فهنا يمكن الحكم عليه وحده مع حفض حقه في الرجوع على باقي المدينين حسب حصصهم.

ب‌) إذا توفي المدين بالتزام غير قابل للانقسام فالالتزام لا يتجزأ بين الورثة بل يبقى محافظا على عدم قابليته للانقسام ويلتزم كل وريث بتنفيذ التزام مورثه تنفيذا كاملا،وجدير بالذكر أن عدم تجزئة الالتزام غير القابل للانقسام بين ورثة المدين هو الميزة التي تتفوق عليها الالتزامات غير القابلة للانقسام على الالتزامات التضامنية التي تتجزأ بين ورثة المدين المتضامنين.

ت‌) إذا قطع التقادم ضد أحد المدينين فإن هذا القطع ينتج أثره ضد كل المدينين حسب المادة 185 .

2.

2.

الآثار المترتبة في حال تعدد الدائنين تترتب على عدم قابلية الالتزام للانقسام في حال تعدد الدائنين الآثار التالية : أ‌) لا يمكن لدائن واحد في الالتزامات غير القابلة للانقسام أن ينفرد باستيفاء الدين بكامله فالوفاء لا يكون إلا للدائنين مجتمعين أو في حالة توكيلهم له لاستيفائه وهذا ما قررته المادة 183 بقولها : “إذا كان لعدة أشخاص حق في التزام غير قابل للانقسام، من غير أن يكون بينهم تضامن، لم يسغ للمدين أن يؤدي الدين إلا لهم مجتمعين، ولا يسوغ لأي واحد من الدائنين أن يطلب تنفيذ الالتزام إلا باسم الجميع، وبشرط أن يأذنوا له في ذلك“.

ب‌) يجوز لكل من الدائنين المشتركين أن يطلب، لصالح الجميع إيداع الشيء المستحق، أو تسليمه إلى أمين تعينه المحكمة، إذا كان غير صالح للإيداع (الفقرة الثانية من المادة 183).

ت‌) إذا قطع أحد الدائنين التقادم على المدين أفاد ذلك سائر الدائنين واعتبر التقادم مقطوعا عليهم جميعا (المادة 185).

الفرع الثاني : الالتزامات القابلة للانقسام.

الالتزامات القابلة للانقسام هي التي يكون محلها قابلا للتجزئة كالتزام عدت مدينين لا تضامن بينهم بتأدية مبلغ من النقود حيث ينقسم الالتزام بين المدينين فيؤدي كل مدين حسب حصته مبلغا من النقود.

والحكم في الالتزامات القابلة للانقسام عند تعدد الدائنين والمدينين يختلف عندما يكون الدائن والمدين واحدا لهذا سنتطرق للحالتين.

1.

الالتزامات القابلة للانقسام في حال كان المدين والدائن واحدا إن الالتزام القابل للانقسام في حال ما إذا كان المدين والدائن واحدا ينزل منزلة الالتزام غير القابل للانقسام أي يمكن للدائن أن يطالب المدين بالوفاء الكلي دون تجزيئ فإذا كن زيد مدين لعمر ب 1000 درهم وطلب عمر أن يفي فقط بنصف المبلغ فلزيد أن يرفض الطلب وأن يصر عليه بالوفاء بالمبلغ كاملا وهذا ما نصت عليه المادة 186 .

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0