تشكيل الحكومة وإنهاء مهامها في المغرب على ضوء الفصل 47 من دستور 2011
تشكيل الحكومة وإنهاء مهامها في المغرب على ضوء الفصل 47 من دستور 2011

رابط تحميل المقال اسفل التقديم
مقدمة :
عرفت مسطرة تعيين وإعفاء الحكومات في النظام الدستوري المغربي تطورات جد هامة، حيث ظلت الحكومة في الدساتير الثلاثة الأولى ترتبط أشد الارتباط بالإرادة الملكية، وكان يتم إعفاؤها طبقا للسلطة التقديرية للملك دون أي حاجة لتوضيح الأسباب التي تؤدي إلى ذلك، واستمر الوضع في ظل دستوري 1992 و 1996 على ما كان عليه، وبقيت مسألة إعفاء الحكومة ضمن المجال المحفوظ للملك وإن كان على مستوى الممارسة ارتبطت مسألة إعفاء الحكومات من مهامها، خصوصا بعد حكومة عبد الرحمن اليوسفي، يبدء تجربة برلمانية جديدة لكن مع دستور 2011 تم تقييد سلطة الملك نسبيا في هذا المجال، وتم تحصين مكانة رئيس الحكومة من الإقالة المباشرة، وصارت إمكانية إقالته ترتبط بإرادته الحرة عندما يقدم استقالته.
كما أن عملية تشكيل الحكومة في المغرب بعد أن كانت خيوطها متحكم فيها بشكل مطلق من قبل المؤسسة الملكية ؛ صارت بعد المستجدات الدستورية، وخصوصا ما جاء به الفصل 47 من دستور 2011 ترتبط بنتائج الانتخابات التشريعية المجلس النواب، وهو ما جعلا لأمر معقدا ويطرح العديد من الاشكالات فما دام الحزب المتصدر النتائج انتخابات مجلس النواب لا يمتلك الأغلبية المطلقة، في ظل نظام انتخابي لا يسمح بإفراز أغلبية واضحة من حزب واحد أو حزبين؛ كما هو الحال في معظم الدول الديمقراطية، فسيكون مطالبا بتكوين حكومة ائتلافية مستندة إلى أغلبية نيابية حتى يمكن له اجتياز اختبار التنصيب البرلماني بسلام لذلك يقع على عاتقه البحث عن حلفاء من أحزاب أخرى لضمان تصويت الأغلبية المطلقة لأعضاء المجلس على برنامج الحكومة حتى تعتبر منصبة، وهو الأمر الذي قد يتعذر في بعض الأحيان ويضعنا أمام مأزق دستوري وسياسي ما دام المشرع الدستوري سكت عن الإمكانات المتاحة في حال فشل رئيس الحكومة المعين من طرف الملك في بناء تحالف حكومي
في هذا السياق سيتم التركيز في هذا البحث على أهم التطورات الدستورية التي عرفتها مسألة إنهاء مهام الحكومة في التجربة المغربية من جهة، ثم على أهم الإشكالات التي تطرحها مسألة تشكيل الحكومة في ظل مقتضيات الفصل 47، وبالخصوص في حال تعذر بناء تحالف حكومي من جهة أخرى.
المحور الأول : إنهاء مهام الحكومات في التجربة المغربية.
رغم تنصيص جميع الدساتير على إمكانية إنهاء مهام الحكومة في حالة رفض مجلس النواب منح الثقة للحكومة بشأن تصريح يدلي به رئيس الحكومة في موضوع السياسة العامة، أو بشأن نص يطلب الموافقة عليه أو جراء فقدان الثقة بسبب معارضة مجلس النواب مواصلة الحكومة تحمل مسؤولياتها، بالتصويت على ملتمس الرقابة، فإن التاريخ السياسي للحكومات المغربية لم يشهد أي حالة لإنهاء مهام الحكومة باستخدام أحد هذه الوسائل الدستورية، ولكن عموما يمكن رصد ثلاثة عوامل رئيسية كانت سببا في إعفاء الحكومات من 72
مجلة الفقه والقانون الدولية ، العدد (108) أكتوبر 2021 / رديد 0615 2336...
مهامها: استقالة الحكومة، أو استقالة رئيسها، أو بداية تجربة برلمانية جديدة.
إن الوقوف عند مسألة إعفاء الحكومة أو إنهاء مهامها يقتضي رصد التطور الدستوري الذي عرفه المغرب في هذه المسألة الفقرة الأولى)، ثم الوقوف بعد ذلك عند أهم العوامل التي كانت سببا في ذلك الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى : التطور الدستوري المسألة إنهاء مهام الحكومات في التجربة المغربية.
كانت المقتضيات الدستورية لما قبل دستور (11992؛ تمنح للملك الحق المطلق في تعيين الوزير الأول وباقي الوزراء، دون أن يكون مقيدا في هذا الخصوص باستشارة جهة من الجهات، أو أن يكون الاقتراح باختيار أعضاء الحكومة صادرا عن هيئة من الهيئات، وكذلك لم يكن يشترط في هذا المضمار أن يكون الوزير الأول بصفة خاصة منتميا إلى الأغلبية البرلمانية، بل ولم يكن يشترط فيه أن يكون عضوا في المجلس النيابي، وفي نفس الوقت كان بإمكان الملك أن يضع حدا لمواصلة الحكومة مهامها، دون أن يكون ملزما بتسبيب قراره إذا أقدم على إقالة الحكومة برمتها أو أحد الوزراء بصفة انفرادية، لأن القرارات الملكية المتخذة في ميدان التعبير عن السيادة الداخلية والخارجية غير قابلة للتسبيب .
ومع دستور 1992 طرأ تغيير ملحوظ على الفصل 24 في الصيغة التي تم عرضها على الاستفتاء؛ حيث نص على أن يعين الملك باقي أعضاء الحكومة ويعفيهم باقتراح من الوزير الأول"، ويلاحظ أن هذه الفقرة كانت مطابقة للمادة الثامنة من دستور الجمهورية الفرنسية الخامسة التي نصت فقرتها الثانية على أن: "يعين رئيس الجمهورية أعضاء الحكومة الآخرين ويعفيهم من مهامهم بناء على اقتراح الوزير الأول"، إلا أن تعديلا شمل النص الدستوري في فترة ما بين الاستفتاء وظهور الجريدة الرسمية، حيث كانت صيغة الفقرة الثالثة مخالفة لصيغتها أثناء عرض مشروع التعديل للاستفتاء، فألغت سلطة اقتراح إعفاء الوزراء من قبل الوزير الأول. وبقي حق الإقالة ضمن انجال المحفوظ للملك. وهذا ما تأكد أيضا في الفصل نفسه من دستور 1996.
رابط التحميل
https://drive.google.com/file/d/1t1PKe8eEHL5QmRzIcxPFGekJpr2b1tgo/view?usp=drivesdk
What's Your Reaction?






