مدرسة التحليل النفسي من حيث أقسام النفس ، تفسير السلوك الإجرامي
مجموعة دروس و بحوث في علم الاجرام للتحضير للمباريات و امتحانات السداسي الخامس شعبة القانون و التعمق في المادة الجنائية
يقسم فرويد هذه النفس إلى ثلاثة أقسام.
القسم الأول : النفس ذات الشهوة ومركز الاهتمام لدي هذه النفس هو الانسياق وراء اللذة وإشباع الشهوات بأي ثمن دون اعتداد بمنطق أو مثل أو قيم.
القسم الثاني : الذات الشعورية أو الحسية أو العقل ويرمز لها لكلمة الأنا وبعبارة ثالثة تتلخص مهمة الأنا في كبح جماح اللذات الدنيا على إشباع رغباتها الغريزية ، وحملها على التعبير عن نزعاتها بشكل مقبول يتفق مع مقتضيات البيئة ولا يتعارض مع تأمر به الأنا العليا.
القسم الثالث : المثالية أو الضمير ومعناها الأنا العليا التي تراقب الأنا وتحاسبها عن أي تقصير في أداء مهمتها فتوجه إليها النقد وتؤنبها إذا ما سمحت بتغليب الغرائز والشهوات على متطلبات الحياة الاجتماعية.
ويرى فرويد أن السلوك الفردي يتوقف على مدى العلاقة بين الأقسام الثلاثة السابقة للنفس الإنسانية.
فإذا تغلبت الشهوات والميول الفطرية (النفس ذات الشهوة) فأن السلوك يكون منحرفاً وتكون شخصية صاحبه غير ناضجة ، أما إذا تغلبت المثل والقيم الموروثة وتحكم الضمير والعقل (الأنا العليا) كان السلوك قويماً وكانت شخصية صاحبه ناضجة.
وقد قسم فرويد الذات الشعورية أو العقل (الأنا) إلى ثلاثة مراتب الشعور ، ما قبل الشعور ، واللاشعور .
ويعتبر الشعور أو العقل الظاهر وسيلة الوعي والإحساس والإدراك المباشر ، أما ما قبل الشعور أو العقل الكامن فيقصد به مجموعة الأفكار والخواطر والنزعات والذكريات القابلة للاستظهار بحيث يمكن للفرد أن يسترجعها ويتذكرها كلما أراد ، أما اللاشعور أو العقل الباطن فيضمن مجموعة الأفكار والخواطر التي ليس في وسع الفرد أن يسترجعها أو يوقظها إلا في حالات شاذة كحلم أو نوبة حمى عن طريق التحليل النفسي أو التنويم المغناطيسي.
ويرى فرويد أن ملكات اللاشعور أو العقل الباطن تبلغ درجة من القوة وشدة التأثير في النفس الإنسانية تفوق الملكات الشعورية.
فالعقل الباطن بطبيعته يشتمل على أقوى مظاهر الحركة الفكرية والنشاط النفساني ، وله تأثير على الأفكار والمشاعر والوجدان والسلوك الشعوري.
والسبب في ذلك يرجع إلى أن اللاشعور يحوي ذكريات الطفولة ، وذكريات الحوادث النفسية المكبوتة ، فضلاً عن النزعات والاستعدادات والميول الفطرية الموروثة.
ومن شأن هذا كله أن يؤثر على الشخصية ، وأن يتكيف وفقاً لهذا السلوك الصادر عن تلك الشخصية.
ولكي ندرك هذه الحقيقة ، يكفي أن نتأمل مرحلة الطفولة.
فحياة الطفل تحكمها نزعات غريزية في أول الأمر نزعات شعورية ، ثم لا تلبث أن ترتد إلى اللاشعور على أثر اصطدامها بالبيئة وما تحفل به من قيود تفرضها التقاليد والعادات المكتسبة وأصول التربية السليمة.
وهكذا تتكون مادة اللاشعور من الصراع بين الميول والنزعات الفطرية وبين تقاليد المجتمع وتمارس الأنا عن طريق قوة الردع التي تستمدها من الأنا العليا كبح جماح الذات الدنيا أي كبح جماح الميول والنزعات الفطرية للطفل يخمد على أثرها هذا الصراع ويستقر في اللاشعور أي العقل الباطن.
وتنشأ عن طريق الردع المتواصل لرغبات الطفولة " قوة الكبت" أو " ملكة الكبت".
تفسير السلوك الإجرامي يرى فرويد أن كل سلوك إنساني يحركه دافع معين شعورياً هذا الدافع أم لا شعورياً.
وبالنظر إلى التحليل السابق لجنبات النفس البشرية فأن الدافع وراء -السلوك الإجرامي أحد أمرين الأول إما تغليب النفس ذات الشهوة بسب انعدام وجود الأنا العليا أو عجزها عن أداء مهمتها في الرقابة والردع.
الثاني إما كبت الأنا للميول الفطرية والنزعات الغريزية وإخمادها في اللاشعور وما يصحب ذلك من تكون عقد نفسية.
وسواء كان هذا الأمر أو ذاك فأن النتيجة الحتمية هي انطلاق الشهوات والنزعات والميول الغريزية من عقالها إلى حيث البحث عن وسيلة لإشباعها ، وقد تكون الوسيلة سلوك سبيل الجريمة.