العلاقة بين التكوين العضوي والظاهرة الإجرامية

مجموعة دروس و بحوث في علم الاجرام للتحضير للمباريات و امتحانات السداسي الخامس شعبة القانون و التعمق في المادة الجنائية

العلاقة بين التكوين العضوي والظاهرة الإجرامية
يقصد بالتكوين العضوي مجموعة الصفات الخلقية المتعلقة بشكل الأعضاء ووظائفها .

1- أثر التكوين العضوي المعيب على الظاهرة الإجرامية : يكون التكوين العضوي معيبا إذا وجد شذوذ في الشكل الخارجي لأعضاء الجسم أو إذا كان هناك اضطراب في أداء الداخلية لوظائفها .

لقد علمنا أن العالم الإيطالي " لمبروزو " ومن سار على نهجه .

حاول الربط بين الشكل الخارجي لأعضاء الجسم والإجرام .

ولقد حاول العالم الإنجليزي جورنج إثبات فشل نظرية لمبروزو فوقع أسيرا لها دون أن يدري .

فبعد أن انتهي إلي عدم وجود فوارق بين المجرمين وغير المجرمين من حيث الهيئة الخارجية لأعضاء الجسم .

فأكد أنه ثبت له من خلال دراساته أن المجرمين يتميزون بالانحطاط الجسدي والعقلي.

وقد أيده في دراساته العالم الأمريكي هوتون.

غير أن الدراسات السابقة لم تتأيد علميا خلاصة القول : لا توجد علاقة مباشرة بين الشذوذ في شكل الأعضاء الخارجية والظاهرة الإجرامية .

حقيقة قد يؤثر هذا الشذوذ على السلوك الإنساني بصفة عامة ، ومنها السلوك الإجرامي بطبيعة الحال ولكن هذا التأثير ضئيل وغير مباشر أي أن مفعوله يظهر على الأحوال النفسية والظروف الاجتماعية والتي قد تدفع بالإنسان إلي سلوك ما هو مفيد له وللجماعة كما قد تدفع به إلي الانحراف .

وإذا كانت العلاقة بين شذوذ الشكل الخارجي والظاهرة الإجرامية "باهته " الأمر قد لا يكون كذلك بالنسبة لاضطراب وظائف الأعضاء الداخلية .

فيذهب بعض علماء الإجرام إلي القول بوجود صلة وثيقة بين وظائف بعض الأعضاء الداخلية وبصفة خاصة إفرازات الغدد وبين السلوك الإجرامي ويؤثر الاضطراب أو الخلل الذي يصيب الغدد على تكوين العضوي والنفسي للجسم ، مما يؤثر بالتالي على السلوك الإنساني فيدفعه إلي الانحراف وربما إلي الجريمة .

وخلل الغدد قد يكون تكوينيا يصاحب الفرد منذ مولده ، كزيادة ضعف إفرازات إحدى الغدد أي تكون ذات تكوين معيب .

قد يكون عارضا يصيب الإنسان سليم التكوين في فترات معينة من عمره حيث تنشط خلالها إفرازات الغدد أحيانا أو تقل أحيانا أخرى مثال نشاط الغدد الجنسية في فترة المراهقة أو الشيخوخة 2- أثر التكوين العضوي المريض على الظاهرة الإجرامية : يقصد بالتكوين العضوي المريض ذلك التكوين المصاب في أحد أعضائه أو أجهزته بمرض يقعده عن أداء وظائفه العادية .

أي أن المرض في هذه الحالة تأثيرا على التكوين العضوي يصاحبه تغيير في هذا التكوين وينجم عنه اختلالاً في أدائه لوظائفه ، ويؤثر ذلك بالتالي على التكوين النفسي الذي يؤثر بدوره على تصرفات الفرد الاجتماعية ومنها سلوكه الإجرامي .

ستكتفي بأهم هذه الأمراض والتي قد يكون لها علاقة بالسلوك الإجرامي .

أ- السل الزهري : دلت الأبحاث التي أجراها كل من العالم الإيطالي دي توليو على وجود علاقة بين مرض السل والجريمة فقد أثبت " دي توليو " أنه يوجد ما لا يقل عن 203 من مرضي السل بين 1000 ألف مجرم أجري عليهم البحث .

يري " دي توليو " أن مرض السل يعد عاملا مثيرا أو مهيئا للسلوك الإجرامي .

فالشخص المريض بالسل شديد الحساسية سريع الانفعال مضطرب نفسيا ضعيف الإرادة وهو لهذا إثارته مما يدفعه إلي ارتكاب الجرائم .

بصفة خاصة جرائم العنف .

تترتب نفس النتيجة على الإصابة بمرض الزهري ، حيث يصحب هذا المرض اضطرابات نفسية وعصبية ينتج عنها ضعف مقدرة المريض في السيطرة على تصرفاته مما يسهل معه إقدامه على ارتكاب الجرائم ب-إصابات الرأس والتهابات أغشية المخ : تؤثر هذه الإصابات والالتهابات على الحالة النفسية والعصبية للمريض بها يتأخر ظهور آثارها عدة سنوات بعد الشفاء منها .

تعتبر الحمي الشوكية المخية من أخطر الإصابات التي تهم الباحث في علم الإجرام إذا يصحبها تغييرا في شخصية المريض وبصفة خاصة عدم قدرته على التحكم في دوافعه وتصرفاته وقلة الاحتمال لقيود النظام وسرعة الانفعال واللامبالاة والميل إلي العنف .

بصفة عامة تدفع إصابات الرأس والتهابات أغشية المخ المريض بها إلي ارتكاب جرائم الاعتداء على الأشخاص والأموال والبلاغ الكاذب والجرائم المتعلقة بالآداب العامة س 21 : تكلم في العلاقة الناحية الإرادية بالظاهرة الإجرامية ؟ تمثل الإرادة المرحلة الختامية في التكوين النفسي فهي أهلية العزم والتصميم واتخاذ القرار .

قد تصاب الإرادة بخلل أو شذوذ يؤثر على حريتها في اتخاذ القرار في نتقص من قدر هذه الحرية ، وتضعف قوة التحكم والسيطرة على النفس مما قد يفضي إلي السلوك الإجرامي متى توافرت في الوسط المحيط العوامل الأخرى اللازمة لإنتاج هذا السلوك وقد ثار التساؤل بين علماء الإجرام حول وجود علاقة بين المرض العقلي والسلوك الإجرام يوفي معرض بيان هذه العلاقة يميز العلماء بين أمرين : أ- فعن الأمر الأول : تضاربت نتائج الأبحاث التي أجريت لإثبات العلاقة بين الاستعداد الإجرامي للإصابة بالمرض العقلي .

فذهبت بعض الأبحاث إلي التأكيد على وجود مثل هذه العلاقة .

لكن توجد أبحاث أخري تنتهي إلي نتائج مناقضة للنتائج السابقة وتنفي وجود صلة بين الاستعداد لإصابة بالأمراض العقلية والإجرام وهذا التضارب في النتائج يؤدي إلي القول أن الاستعداد للإصابة بالأمراض العقلية لا يعد سببا أو عاملا للإجرام أن كان يمكن حدوث توافق بينهما ذلك أن المراحل السابقة على ظهور أعراض المرض العقلي يكون لها أثرا فعالا وحاسما على الشخصية الإنسانية والتي قد تدفع بصاحبها إلي انتهاج السلوك الإجرامي بل قد يرجع الاستعداد للمرض العقلي إلي عامل آخر كالوراثة في حالة الصرع ب- أما عن الأمر الثاني :فقد ثبت وجود علاقة بين الإصابة الفعلية بالمرض العقلي والإجرام أن هذه العلاقة مباشرة تؤثر على تصرفات وسلوك المريض أثناء المرض ذاته .

نعرض فيما يلي لأهم الأمراض العقلية الدافعة إلي الجريمة وهي انفصام الشخصية والصرع وجنون الهوس والاكتئاب والبارانويا والهستيريا والنيوراستينا انفصام الشخصية : يعد انفصام الشخصية أو الانفصام من أخطر الأمراض العقلية .

ويتميز المصاب بهذا المرض بانطواء صاحبه تدريجيا في عالم من الخيال وفقدانه كل اتصال بالواقع .

تتميز تصرفاته باللامبالاة أي يكون غير متكيف اجتماعيا وغالبا ما تكون جرائم الشخص المصاب بمرض انفصام الشخصية من النوع البسيط وقد يلجأ ؟إلي ارتكاب أفعال تتسم بالعنف وبعد التفكير والروية الصرع : يتميز المريض بالصرع بصعوبة الإدراك واستعادة الذكريات وصعوبة في التفكير ويصاب هذا المريض أيضا بالتشنج وفقدان الوعي الذي قد يطول أمده ويصاحبه حالة اضطراب الوعي وخداع الحواس فيعقد في رؤية أشياء أو سماع أصوات لا وجود لها وأغلب جرائمه تتمثل في الأفعال المخلة بالحياء والجرائم الخلقية والسرقة والشروع في القتل جنون الهرس والاكتئاب : ويتصف المريض بهذا المرض يتناوب فترات الهلوسة المريض بها إلي ارتكاب أعمال العنف والتدمير والمساس بجسم الغير البارانويا : يتميز المريض بهذا المرض العقلي بتسلط فكرة على نشاطه وتصرفاته .

أهم صور هذه الأفكار اعتقاده بأنه مضطهدا أو عظيم يقوده مثل هذا الاعتقاد إلي الوقوع في الإجرام فيرتكب جرائم الاعتداء على الأشخاص لاعتقاده بأن المجني عليه يضطهده كما يرتكب الجرائم ضد الأموال مثل تدمير أو حرق أموال أحد الجيران لاعتقاده أنه يضطهده الهسيتريا : أخطر أنواع الهستيريا بالنسبة للإجرام حينما تكون الجريمة وليدة هذا الصراع النفسي فيدفع المريض بها إلي ارتكابها تلقائيا .

يسمي هذا النوع بالهستيريا المتسلطة حيث يشعر المريض بها إلي دافع قوي يسيطر عليه ويدفعه إلي الإتيان بسلوك إجرامي معين مثل السرقة أو القتل .

النيوراستينا : هذه الحالة من الإنهاك العصبي والنفسي وقد تدفع المريض بها إلي ارتكاب بعض الأفعال الإجرامية كالتسول س 22 : تكلم عن أثر السلالة على الظاهرة الإجرامية أو اكتب في السلالة كعامل من عوامل الإجرام ؟ ( سؤال امتحان ذكر خمس مرات ) يقصد بالسلالة مجموعة الصفات والخصائص التي تميز بين الجماعات الإنسانية المختلفة أيا كان الإقليم الذي يقيم عليه فكل جماعة تتميز بملامح خارجية وخصائص عضوية ونفسية وفكرية والسلالة وراثة جماعية ترث عن طريقها الجماعة خصائص وصفات الآباء والأجداد ولقد ثار التساؤل حول إمكانية وجود علاقة بين السلالة والإجرام.

توجد حقيقة علمية لا مراء فيها ولا جدل حولها إلا وهي أنه لا يوجد دليل علمي يقطع بتوافر الاستعداد الإجرامي لدي سلالة بعينها فجميع المجتمعات الإنسانية تضم بين جنباتها الصالح والفاسد ومع ذلك فقد حاول بعض العلماء البحث في مدي علاقة السلالة بأنواع معينة من الجرائم وحجمها ولجأوا في هذا سبيل إلي وسيلتين : الوسيلة الأولي دراسة الإجرام بالنسبة للسلالات التي تعيش في دول مختلفة : فقد ذكر العالم الأمريكي هوتون أن كل سلالة لها نصيبها من الإجرام والمجرمين لا تختلف فيما بينها إلا من حيث نوع الجرائم وعددها فالسود والمنتمون لدول البحر الأبيض المتوسط يكونون في مقدمة مرتكبي جرائم القتل والاسكندنافيون في مقدمة مرتكبي جرائم الغش والتزوير والسرقة دون استخدام العنف والسلالات المحيطة بسلسة جبال الألب يكثر بينها السرقة بالعنف .

والنقد على هذا إلا أنه يؤخذ على هذه الدراسة ابتعادها عن الأسلوب العلمي الدقيق فالمادة الأولية التي اعتمدت عليها هي الإحصاءات القومية في الدول المختلفة 1- فإن طريقة إعداد هذه الإحصاءات تختلف من دولة لأخري ، 2- بالإضافة إلي أن ما يعتبر جريمة في دولة قد لا يعد كذلك في دولة أخرى .

ب- وفي النهاية فإن الظروف الاجتماعية في الدول محل الدراسة مختلفة مما يستحيل معه عقد مقارنة بينها على أساس اختلاف السلالة .

ونخلص من ذلك أن هذه الوسيلة من وسائل الكشف عن أثر السلالة على الأجرام قد فشلت تماما في إيضاح هذا الأثر سواء سلبا أم إيجابا .

الوسيلة الثانية : مقارنة حجم ونوع الإجرام لعدة سلالات تعيش في إقليم واحد : وتقوم هذه الوسيلة على أساس الإحصاءات الجنائية القومية لدولة معينة يعيش على أرضها مجموعات إنسانية تنتمي إلي أكثر من سلالة وهذا هو حال الدول الذي يوجد بها أقليات أجنبية هاجروا إليها وكذلك الدول التي يضم شعبها أكثر من سلالة 1- إجرام الأجانب في الدول التي هاجروا إليها : لوحظ في الولايات المتحدة الأمريكية أن المهاجرين الأوروبيين الذين لا يتمتعون بالجنسية الأمريكية يمارسون رقابة ذاتية على سلوكهم في دولة المهجر ومن ثم كان إجرامهم أقل حجما من الأمريكيين الذين ولدوا بأمريكا ولكن أبناء هؤلاء المهاجرين الذي ولدوا بأمريكا كان إجرامهم أكثر ارتفاعا من إجرام آبائهن وثبت في فرنسا أن نسبة إجرام المهاجرين من شمال أفريقيا ( المغرب – الجزائر – تونس ) مرتفعة مرة ونصف أكثر من إجرام الفرنسيين.

ولكن يلاحظ على النتائج السابقة أن الأجانب يخضعون لرقابة دقيقة من رجال الشرطة أكثر من الوطنين كما أن وجودهم في دولة المهجر ينشأ عنه صراع بين ثقافتهم وثقافة دولة المهجر مما قد يدفعهم إلي ارتكاب الجرائم فضلا عن أن أغلب الأجانب المهجرين من الرجال الشبان ومثل هذا الوضع يمكن أن يعزي إليه الارتفاع النسبي لجرائم الأجانب وبالتالي ليست هناك أي علاقة أو أثر للسلالة على الظاهرة الإجرامية 2- إجرام سلالة من السلالات في الدولة الواحدة : أجريت دراسات في كل من أمريكا وفرنسا حول إجرام الزنوج والجزائريين في كلا الدولتين في سنة 1945 بلغت نسبة الأحكام التي صدرت ضد الزنوج 32.

8 % من المجموع الكلي للأحكام الصادرة في هذه السنة .

وفي عام 1960 أجري " سيلين " دراسة على إجرام الزنوج خلص منها إلي أن 61 % من جرائم القتل بأنواعه المختلفة ارتكبها الزنوج.

هذه الإحصائيات السابقة تدل بما لا يترك مجالا للشك على أن إجرام الزنوج أكثر حجما وأبشع نوعا من إجرام البيض في الولايات المتحدة الأمريكية ونفس النتيجة انتهي هيرش فيما يتعلق بإجرام الجزائريين في فرنسا وقد حاول الباحثون إعطاء تفسيرات مختلفة يعزي إليها ارتفاع نسبة إجرام الزنوج في أمريكا والجزائريون في فرنسا .

1- فمنهم من رأي ذلك في الظروف التي يعيشها كل من الزنوج والجزائريين في كل من أمريكا وفرنسا فكل من الفئتين تعيش في أحياء منعزلة عن بقية السكان فإن وضعهم الاقتصادي والاجتماعي الثقافي يكون منخفضا مما يتعذر معه تكيفهم مع المجتمع 2- كما أن الزنوج في أمريكا يعاملون معاملة غير عادلة فهناك اختلاف واضح في تطبيق القانون على البيض والزنوج .

3- يضيف البعض سببا آخر يرجع إلي اختلاف السلالة بين الزنوج والبيض فالزنجي أقل تقديرا لعواقب الأمور من الأبيض كما أن الزنوج انفعاليون لا يستطيعون مقاومة حالات الانفعال التي تنتابهم إذا كانت كثرة إجرام الزنوج يمكن إرجاعها إلي التفسيرين الأول والثاني إلا أنه يتعين رفض التفسير القائم على أساس اختلاف السلالة بين السود والبيض .

فمثل هذا التفسير قناع يخفي خلفه نزعة عنصرية بغيضة يتحتم أن تزول وفوق ذلك فإن التحليل العلمي الموضوعي يستبعد تماما وجود أي صلة بين السلالة المختلفة ويتضح مما تقدم عجز هذه الوسيلة عن أن تبين لنا صلة بين السلالة والإجرام .

خلاصة القول أن السلالة ليست عاملا من عوامل الإجرام فلا توجد سلالة معينة لديها ميل أو استعداد إجرامي كما أن السلالة في حد ذاتها ليست عاملا مباشرا في تحديد حجم الإجرام ونوعه أن اختلاف نوع الإجرام وحجمه من سلالة لأخرى الذي نلاحظه إنما يرجع إلي ما يحيط السلالة من ظروف بيئية مختلفة تلح عليها وتتحكم في إقبالها أو امتناعها عن السلوك الإجرامي

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0