الموطن في القانون
الموطن
أولا- تعريف الموطن وصفته: الموطن هو المقر الذي يكون للشخص في نظر القانون.
أو هو المكان الذي يقيم فيه الشخص عادة .
ويمكن أن يكون للشخص أكثر من موطن كمن تتعدد زوجاته ويقيم لديهن جميعا ففي هذه الحالة تتعدد مواطنه القانونية بتعدد مساكن زوجاته .
ويمكن أن ينعدم الموطن القانوني عند بعض الأشخاص الذين لا يستقرون للعيش في أماكن محددة كالبدو والمشردين .
ويشترط أن يتوافر في الموطن صفة الاستقرار، فلا يعد موطنا مكان الإقامة المؤقتة كالإقامة في الفنادق، والاستقرار لا يعني الاستمرار غير المنقطع، فقد يقيم الشخص مستقرا في مكان من دون أن تتوافر في هذا السكن صفة الاستمرار، كالإقامة في مسكن المصيف.
ثانيا- أنواع الموطن 1- الموطن العام : هو المكان الذي يعتد به القانون بالنسبة إلى نشاط الشخص وأعماله بوجه عام ، ويشمل كافة أمور الشخص ومعاملاته القانونية.
والأصل أن يكون اختياريا ،إذ إن الشخص حر في اختيار المكان الذي يقيم فيه ، غير أن القانون قد فرض على بعض الأشخاص موطنا إلزاميا ، وهو موطن يحدده القانون للشخص من دون اعتداد بإرادته في هذا الشأن، ويقتصر ذلك عل ى حالات محددة هي حالات عديمي الأهلية ، والمحجور عليهم لسفه أو غفلة أو جنون ، والغائب والمفقود ، فيكون موطن هؤلاء هو موطن من ينوب عنهم قانونا .
2- الموطن الخاص: هو المكان الذي يعتد به القانون بالنسبة إلى نشاط محدد أو مسائل محددة مثل الأعمال التجارية والمهنية التي يباشرها الشخص، فيكون الموطن الخاص للشخص المكان الذي يزاول فيه تجارته، أو أي عمل تخصصي كالمهن المختلفة.
ولا يجوز مخاطبة الشخص قانونا في موطنه الخاص إلا فيما يتعلق بشؤون تجارته أو مهنته، أما فيما عدا ذلك من المسائل فيخاطب الشخص بشأنها في موطنه العام.
ويعد الموطن عنصرا مهما من عناصر الشخصية إذ إنه يمكن من تحديدها بصورة دقيقة وتعيين مقرها، وتبدو فائدة الموطن من الجهة القانونية في نواح عديدة، أهمها: - المحكمة المختصة للنظر في الدعاوى المتعلقة بالمنقو لات، أو بالحقوق الشخصية هي المحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه، وعلى هذا لو أراد الدائن مثلا أن يرفع دعوى على مدينه فعليه أن يرفعها أمام محكمة موطن المدين.
- إن التبليغات القانونية، كالمذكرات والإنذارات وغيرها تبلغ عادة للشخص الموجهة إليه في موطنه، فيعد عالما بها ولو لم تسلم إليه بالذات.
- إن استيفاء الديون وتأديتها يجريان في المكان الذي يكون فيه موطن المدين وقت الوفاء.
وأهم أنواع الموطن الخاص موطن الأعمال والموطن المختار.
أ- موطن الأعمال يعد المكان الذي يباشر فيه الشخص تجارة أو حرفة موطنا بالنسبة إلى إدارة الأعمال المتعلقة بهذه التجارة أو الحرفة .
إذ إن التجار وأصحاب الحرف لهم بالإضافة إلى موطنهم العادي العام الذي يحدد في محل إقامتهم موطن خاص في المكان الذي يباشرون فيه تجارتهم أو حرفتهم.
ب- الموطن المختار: هو المكان الذي يختاره الشخص من أجل تنفيذ عمل معين، أو إبرام تصرف قانوني معين.
ويشترط اختيار هذا الموطن كتابة حرصا على استقرار التصرفات .
ويرتبط وجود الموطن المختار بوجود التصرف القانوني، أو العمل المزمع تنفيذه فيه، فإذا انقضى التصرف أو تم تنفيذ العقد زال الموطن المختار، ولا يخاطب الشخص في الموطن المختار إلا بشأن التصرفات التي حددها واختار لها موطنا لتنفيذها فيه فالموطن المختار عبارة عن موطن خاص يتعلق بعمل معين، وهو بهذا يشابه موطن الأعمال الذي يعد بدوره من المواطن الخاصة.
وللموطن المختار فائدة كبيرة في تسهيل الإجراءات والمعاملات القانونية وأهم آثار الموطن المختار أن المحكمة التي يقع في دائرتها الموطن المختار تكون مختصة للنظر في الدعاوى المتعلقة بالعمل الذي اختير لأجله هذا الموطن.
كما أن من آثاره أن التبليغات القانونية والقضائية المتعلقة بهذا العمل يمكن أن تجري في الموطن المختار بدلا من الأصلي.
ولا يجوز إثبات وجود الموطن المختار إلا بالكتابة.
3- الموطن القانوني: للشخص الحرية في أن يختار الموطن الذي يريد، وأن يغير موطنه متى أراد إلا أن القانون قد يتولى أحيانا وبالنسبة إلى بعض الأشخاص تحديد مواطن لهم يفرضها عليهم ويلزمهم بها.
وتحديد الموطن القانوني أمر استثنائي يتم استنادا إلى عوامل عديدة، ومنها بصورة خاصة ارتباط الشخص بمكان معين ،كارتباط الموظف بمكان وظيفته، أو ارتباطه بشخص آخر يتولى شؤونه ، كارتباط القاصر بنائبه الشرعي، كما أن بعض هذه الشرائع تعد أن الموطن القانوني للزوجة هو موطن زوجها.
أما الأشخاص الحائزون على كامل الأهلية الذين يخدمون أو يشتغلون عند الغير فيعد موطنهم موطن من يستخدمهم إذا كانوا يقيمون معه في منزل واحد.
ويبنى الموطن في هذه الحالة على ارتباط المستخدم الحائز على الأهلية الكاملة بشخص آخر هو الشخص الذي يشتغل عنده من جهة ،وعلى إقامته معه في منزل واحد من جهة ثانية، أما إذا كان هذا المستخدم لا يقيم مع الشخص الذي يشتغل عنده في منزل واحد، فلا يكون له موطن قانوني عند هذا الشخص، وإنما يكون له موطن عادي في المحل الذي يقيم فيه.
ويكون موطن القاصر والمحجور عليه والمفقود والغائب هو موطن من ينوب عن هؤلاء قانونا ، أما القاصر الذي بلغ خمس عشرة سنة فيمكن أن يؤذن له القاضي باستلام أمواله أو بعضها، وبإجراء بعض التصرفات الدائرة بين النفع والضرر بنفسه من دون مساعدة النائب الشرعي ويكون للقاصر في هذه الحالة (ولمن في حكمه كالسفيه والمغفل والقاصر الذي بلغ الثالثة عشرة من عمره) موطنا خاص مستقل عن موطن نائبه الشرعي فيما يتعلق بهذه الأعمال والتصرفات التي يعد أهلا لمباشرتها بنفسه.
وأما الأعمال والتصرفات التي لا يشملها الإذن الشرعي فيظل لهذا القاصر ومن في حكمه موطن قانوني بالنسبة إليها هو موطن نائبه الشرعي.
ثالثا- تحديد الموطن: اختلفت الشرائع في كيفية تحديد الموطن، وفي جواز تعدده أو عدمه, إذ تعد الشرائع الأنجلوسكسونية، أن لكل شخص موطنا أصليا وهو الموطن الذي ينتسب إليه بحكم القانون منذ ولادته، ويمكن للشخص الاحتفاظ بهذا الموطن ويمكن له تغييره، وللشخص موطن ينسب إليه ولا يمكن أن يكون له أكثر من موطن واحد.
أما الشرائع اللاتينية، فتذهب إلى أن موطن الشخص هو المكان الذي يوجد فيه مركز أعماله الرئيسي، وهي بذلك تفرق بين الموطن من جهة ومحل الإقامة من جهة أخرى، كما أنه لا يمكن أن يكون للشخص أكثر من موطن واحد، ومع ذلك فقد حاول القضاء الاعتراف بتعدد المواطن في بعض الحالات.
وأما الشريعة الألمانية، فكانت أكثر واقعية إذ تعد أن موطن الشخص هو المكان الذي يقيم فيه عادة، أي هو محل إقامته وترى أنه يمكن أن يكون للشخص الواحد عدة مواطن.