الإيجاب الملزم

مجموعة مواضيع في النظرية العامة للالتزام في القانون المغربي لإنجازالبحوث والتحضير للمباريات القانونية

الإيجاب الملزم
كما هو معلوم بأن الإيجاب هو التعبير عن إرادة شخص يعرض على غيره أن يتعاقد معه.

وقد يكون الإيجاب موجها إلى شخص معين كما لو عرض زيد بيع عقار يملكه إلى عمرو.

وقد يكون موجها إلى أي شخص كان من الجمهور كما في عرض تاجر بضاعة في محله مكتوبا ثمنا عليه.

كل ما سلف ذكره يحيل على أن الإيجاب وسيلة لإبرام العقد اثر قبول الطرف الثاني المتعاقد.

ولما كان الأصل في الإيجاب أنه غير ملزم إلا في الحالات الاستثنائية من بينها الفصل 29 من قانون الالتزامات و العقود حيث نص " من تقدم بإيجاب مع تحديد أجل للقبول بقي ملتزما تجاه الطرف الأخر إلى انصرام هذا الأجل، ويتحلل من إيجابه إذا لم يصله رد بالقبول خلال الأجل المحدد ".

وقد جاء في قرار صادر عن المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) ( ينص الفصل 29 من ق ل ع على أن "من تقدم بإيجاب مع تحديد أجل للقبول يبقى ملتزما تجاه الطرف الآخر إلى انصرام هذا الأجل ويتحلل من إيجابه إذا لم يصله رد بالقبول خلال الأجل المحدد " و ينص الفصل 24 من نفس القانون على "أن العقد الحاصل بواسطة رسول أو وسيط يتم في الوقت و المكان الذين يقع فيهما رد من تلقى الإيجاب للوسيط بأنه يقبله" ولهذا تكون محكمة الموضوع قد خرقت الفصلين المذكورين بسوء تطبيقها لهما عندما رفضت التصريح بصحة البيع رغم أنه ثبت لديها توصل الوسيط بقبول عرض البيع خلال الأجل القانوني).

ونستشف من الفصل أعلاه أن الموجب يبقى مقيدا بإيجابه أي التزامه، إلا أن هذا الإيجاب الصادر من الموجب إن كان في حد ذاته رسالة إلى التعاقد إلا أنه يشكل أولا وقبل كل شيء إرادة المنفردة للموجب، حيث يبقى ملتزما طيلة الفترة التي حددها.

لأن من شأن إخلاله بالمدة المتفق عليها أن يؤدي إلى المطالبة بالتعويض في حالة موافقة القابل الإيجاب الملزم.

وقد ذهب في نفس الاتجاه المذهب المالكي إلى أنه إذا صدر الإيجاب كان ملزما لصاحبه ولا يبطل إلا بإعراض الآخر عنه، أو بانتهاء المجلس ما لم يكن محددا له مدة أطول، وذلك لأن الموجب قد أثبت للطرف الأخر حق القبول، ومن ثم يكون الموجب مقيدا في تصرفه حتى يتنازل الطرف الآخرعن حقه.

في حين رأت النظرية التقليدية أن الإيجاب الملزم يمكن تأسيسه على وجود عقد أولي ينعقد بصدور الإيجاب مقترنا بتحديد زمن يتقيد الموجب فيه ببقائه على إيجابه وبقبول من وجه إليه الإيجاب ذلك قبولا مفترضا تقضيه طبيعة المعاملة والإقدام عليها – أما الزمن فيحدده العرف أو عبارة الموجب إن اقترنت بذلك ، وبذلك لا يستطيع الموجب أن يعدل عن إيجابه حتى لا يخل بالتزامه الناشئ عن هذا العقد.

ومرورا بالتشريع المقارن ،خصوصا التقنين المدني الفرنسي لعام 1804 نجده قد سكت عن بيان حكم مثل هذا الإيجاب ، ولكن اختلف الفقه الفرنسي التقليدي من معارضي نظرية الإرادة المنفردة في تحديد الأساس القانوني للقوة الملزمة للإيجاب في مثل هذه الفرضية وظهرت نظريتان هما: العقد التمهيدي و المسؤولية التقصيرية.

أ-العقد التمهيدي: في نظر أنصار هذه النظرية هو عقد مؤقت ومن ثم ملزم على غرار بقية العقود يهدف إلى الإعداد و التحضير لإبرام عقد نهائي.

ونظرا إلى انه عقد فهو يتطلب توافر إرادتين متطابقتين.

وفي الإيجاب الملزم هناك قبول ضمني من الموجه إليه بمدة تفكير في هذا الإيجاب يؤدي هذا القبول الضمني إلى انعقاد عقد تمهيدي محله التحضير لإبرام عقد نهائي يمكن أن ينعقد أو لا ينعقد ، ومن ثم يلتزم الموجب في الإيجاب الملزم بالبقاء على إيجابه خلال تلك المدة استنادا إلى هذا العقد التمهيدي الذي ينعقد بينه وبين الموجب إليه هذا الإيجاب.

ب-المسؤولية التقصيرية: خلافا لأنصار العقد التمهيدي اتجه أنصار المسؤولية التقصيرية إلى أن رجوع الموجب عن إيجابه محدد المدة يستوجب تعويض القابل لان من شأن ذلك أن يلحق ضررا بالقابل.

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0