عرض تحت عنوان حق التراجع في العقود المبرمة عن بعد

رابط تحميل العرض اسفل التقديم

مقدمة

بفعل التغيرات التي شهدها العالم في ظل العولمة وكذا نتيجة للانفتاح الاقتصادي الدولي، تطورت الحياة الاقتصادية بشكل كبير في الأونة الأخيرة، الأمر الذي أفرز لنا سياسة اقتصادية تقوم على التسريع من وتيرة الإنتاج وبالتبع من وتيرة الاستهلاك وذلك انسجاما مع متطلبات المنافسة.

هذا التطور وإن كان له بعض الآثار المادية الإيجابية، حيث أصبح كل شيء رهن إشارة المستهلك كما ونوعا، إلا أنه في المقابل، أفرز نتائج وخيمة لعل أبرزها اختلال التوازن في العقود الاستهلاكية خاصة العقود المبرمة عن بعد هذه الأخيرة وإن كانت تتسم بالسرعة في انعقادها لما توفره من جهد ونفقات غير أنها أضحت تشكل عائقا أمام الاختيار الصحيح للمستهلك لأنه بتسرعه و اندفاعه غالبا ما يبني قراره بالتعاقد عن بعد على وصف السلعة أو صورتها، والتي قد لا تعطي للمستهلك تصورا كافيا يسمح له بإصدار قراره بناء على إرادة مستنيرة ولا بإعطاء الحكم الدقيق على السلعة، لأن الفكرة المستقاة من هذه الصورة عادة ما تكون محاطة بكثير من وسائل الدعاية المبالغ فيها، حيث يجد المستهلك نفسه كان متسرعا نتيجة تأثره بوسائل الحث والإغراء المستمرة في عرض السلع، كل ذلك يؤدي إلى تشويه رضا المستهلك وهو ما قد يدفعه تحت ضغط معنوي إلى شراء السلعة ليكتشف لاحقا أنها لا تلائم حاجياته مما قد يؤدي به إلى الندم على الدخول في مثل هذه العلاقة التعاقدية و يولد لديه الرغبة في العدول عنها.

الشيء الذي دفع بالمشرع في مختلف الدول إلى التدخل بقواعد قانونية لحماية المستهلك باعتباره الطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية، من خلال منحه مجموعة من الحقوق أهمها الحق في التراجع عن العقد.

ويعتبر هذا الحق من أبرز الآليات القانونية التي أوردتها مختلف التشريعات، إذ يعد التشريع الفرنسي أول من وضع معالم هذا الحق بتاريخ 22 دجنبر 1972 بمناسبة صدور القانون المتعلق بالبيع بالموطن، وعلى مستوى تشريع الاتحاد الأوربي فقد ظهر هذا الحق لأول مرة في 20 دجنبر 1985 في التوجيهية الأوربية رقم 577/85/CEE المتعلقة بحماية المستهلكين في إطار العقود المتفاوض بشأنها خارج المحلات التجارية.

إيمان النيس، التجارة الإلكترونية وضوابط حماية المستهلك في المغرب، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، مركز دراسات الدكتوراه في القانون والاقتصاد والتدبير، مختبر البحث القانون والتنمية، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة مولاي اسماعيل، توتير 2014، س

أما على المستوى الوطني، فقد حظى هذا الحق ببعض الاشارات في ظل الفقه الاسلامي و كذا في بعض القوانين الأخرى، إلى أن تم تكريسه بشكل صريح بمقتضى القانون رقم 331.08 القاضي بتحديد تدابير الحماية المستهلك، و مما تستدعي الاشارة اليه أن نطاق هذا الحق يقتصر على ثلاثة انواع من العقود و ما يهمنا منها العقود المبرمة عن بعد الذي نظمها المشرع في الباب الثاني من القسم الرابع من القانون السالف الذكر، من خلال المواد من 25 إلى 44 مخصصا لحق التراجع في هذا النوع من العقود مجموعة من المواد.

والعقود المبرمة عن بعد هي تلك العقود الذي ينتج عن عملية بين مستهلك ومورد بواسطة تقنية الاتصال عن بعد، هاته الأخيرة التي تعتبر كل وسيلة تستعمل لإبرام العقد بين المورد والمستهلك بدون حضورهما شخصيا وفي أن واحدة.

إن موضوع حق التراجع في العقود المبرمة عن بعد له أهمية بالغة سواء على المستوى النظري أو العملي، فالأولى تتجلى في رفع اللبس عن هذه الآلية الحمانية نظرا الحداثة تنظيمها التشريعي وقلة الكتابات الواردة بشأنها مما شغل بال العديد من الباحثين والممارسين في المجال الاستهلاكي، أما الثانية فتتمثل في كونها من بين أهم الحقوق التي منحها المشرع للمستهلك باعتباره العنصر الرئيسي في العقود الاستهلاكية والعجلة المحركة للاقتصاد الوطني، فلا إنتاج بدون استهلاك ولا استهلاكك بدون مستهلك.

وتأسيسا على ما سبق يمكن طرح الإشكال التالي إلى أي حد استطاع المشرع حماية المستهلك في العقود المبرمة عن بعد من خلال آلية حق التراجع ؟

للإجابة على هذا الإشكال ارتأينا الاستعانة بمنهج تحليلي من خلال تحليل النصوص القانونية المرتبطة بالموضوع، مع الانفتاح على المنهج المقارن متى تمكنا من ذلك، وفق

تقسيم الموضوع على الشكل التالي:

المبحث الأول: الأحكام العامة لحق التراجع

رابط التحميل

https://drive.google.com/file/d/1u58aWv9THuMt9lg_YMRCaINdk6Vj6X3k/view?usp=drivesdk