كتاب اصول القانون ـ الجزء الأول ـ نظرية القانون

اصول القانون الجزء الأول نظرية القانون

كتاب اصول القانون ـ الجزء الأول ـ نظرية القانون

رابط تحميل الكتاب اسفل التقديم

مقدمة تمهيدية

يولد الإنسان في المجتمع، والحاجة إلى المجتمع تولد فيه ، وللمجتمع تأثير كبير على سلوك الأفراد، فالفرد يأتي إلى مجتمع مزوداً بقدرات واستعدادات فطرية تدفعه إلى النمو والسلوك، والمجتمع هو الذي يصبح هذا السلوك بالصبغة الاجتماعية

ومن المسلم به على ضوء ما جاء في الدراسات التي تصدت الواقع الإنسان الاجتماعي عبر المراحل المختلفة التاريخ ، سواء من خلال الصور هذا الإنسان الاجتماعي الأمثل، أو تصويره في حياته الاجتماعية ومتطلباته ، أم على مستوى الفلسفة الاجتماعية أو الفكر الاجتماعي بصفة عامة ، أو من خلال علم الاجتماع ومعطياته على وجه التحديد . أن اجتماعية الانسان جزء لا يتجزأ من كينونيته ، إذ لا يمكن تصوره بدونها، وبالتالي منذ المظاهر الأولى للفكر الإنساني والحضاري

وقضية الانسان وارتباطه بالجماعة في إطار المجتمع كانت موضوع تأمل وتصور ، أو موضوع وصف وتصوير من لدن المفكرين فلاسفة ومؤرخين وحكماء ورحالة الخ .... وتجد من بين هولاء من لم يسلم بهذه الاجتماعية كضرورة حتمية لوجوده. وكمثال لهذا الفريق القائل بأنه من الممكن أن يتصور الإنسان في حالة عزلة والفرادية تذكر ابن الطفيل (10) في قصة حي بن يقظان حيث حاول أن يشرح مراحل التطور العقلي للإنسان وحيداً لا تربطه أية علاقة بالمجتمع وفي نماذج المجتمعات القديمة كالمجتمع الفرعوني والهندي تلاحظ هذه الاجتماعية كضرورة والتزام الحياة الإنسان ، وإن كانت هذه الاجتماعية قد قدمت لنا كقدرة معبأة في الإطار القدسي والديني وفي المجتمع الصيني القديم أيضاً برزت هذه الاجتماعية وإن كانت أساساً على المستوى المعنوي والخلقي خصوصاً من خلال تصور وتصوير كونفوشيوس، وتلميذه من بعده و ما تشيوس ، . إلا أنه يلاحظ بالنسبة لهذه المجتمعات القديمة أن اجتماعية الفرد لم تكن والصحة المعالم ، محددة من خلال واقع اجتماعی معين، وإنما جاءت مغلفة مرة بالديني والقدسي ، ومرة بالخلقي والمعنوي ، ومرة أخرى ملتبسة ومبهمة حتى بالطبيعي والبيولوجي. كما كان هناك التباس بين الميت

(1) أبو بكر بن الطفيل الأندلسي المتوفى سنة ١١٨٥ ، والذي وضع لقصة احي بن يقظان ، لوحة الفنان التشهير سنتيا كنت ، وفي هذه القصة يقدم لنا الفيلسوف الأندلسي إنسانا يعيش بمعزل كامل عن الحياة الاجتماعية .

والحي ، بين وحدة الكون والإنسان ، بين الدنيوي والأخروي ، ومن ثم كان علينا أن ننتظر نضوج وصفاء الفكر الإغريقي بل وأصالته لكي يعطي لنا صورة وتصوراً أكثر موضوعية بالنسبة لما يعنيه والاجتماعية وخصوصاً على يد أرسطو ، ، إذ أن هذا المفكر الكبير يعتبر من أوائل من حاولوا تحديد و الاجتماعي ، بناء على والجمعه الملموس . وذلك بعد أن أكد بصفة لا تقبل الجدل أن الإنسان بجوهره حيوان سياسي ( بمعنى اجتماعي). وبالتالي اجتماعية مرتبطة به ارتباط الجوهر لا الشكل، وهكذا وضع وأرسطر ، أساساً تبناه من بعده كثير من المفكرين وهو عدم إمكانية تصور الإنسان بدون اجتماعيته . فالإنسان يكون في المجتمع وحدة من عناصر ثلاثة وهي : و الأنا . . و الغير ، و نحن ، ولا يمكن أن توجد و الأنا ، أإلا حين اندماجها بالآخرين، وعليه فالإنسان يعيش في ذاته كما يعيش في ذات الآخرين، وهم بدورهم يعيشون في ذاته كما هو يعيش في ذاتهم بالضرورة والإلتزام .

وأبرز الرواقيون بدورهم هذا المفهوم الخاص بأصالة اجتماعية الإنسان ، يمعنى عدم تصوره بدون حياة اجتماعية ، وذلك في نظريتهم القائلة بأن الإنسان تسيطر عليه غريزتان أساسيتان : الأولى أنانتيته ، والثانية غيريته (نسبة للارتباط بالغير ) ، هاتان الغريز كان مندمجتان في الواقع على مستوى كينونية الإنسان ، فهو مهما كانت أنانيته ودفاعه عن ذاتيته لا يتحمل العزلة والوحدة مهما هيأت له من الكمال ،

A

كما أنه مهما كانت غيريته فهو دائماً يسعى لتحقيق ذاته من خلالها

هذه الاجتماعية التي برزت أصالتها في الفكر الإغريقي تجدها أيضاً قد امتدت خلال العصور الوسيطة الأوربية خصوصاً تحت شعار المعنويات المسيحية مزينة بريها وتجد ذلك سواء عند و مانت أوجستين كبداية المعصور الوسيطة، وكذا عند و توماس الأكويني ، كنهاية لها ) هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى تجدها قد برزت بشكل أكثر أصالة وأكثر التزاماً بالواقع الملموس في المجتمع الإسلامي المعاصر الخلف العصور الوسيطة الأوربية. وغني عن البيان أن الإسلام ، إلى جانب الاهتمام بالقضايا الروحية، على بقضية المجتمع ، وكيف يعيش فيه الإنسان على الوجه الأكمل، والطريقة المثلى - لقد فرض الإسلام هذه الاجتماعية كأساس للإنسان نفسه ، فالإسلام لم يتصور الإنسان الدنيوي إلا على مستوى الإنسان الاجتماعي والآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية، وسير الصحابة مليئة بالأمثلة والمبادىء التي توكد هذه الاجتماعية وتضعها في الصدارة ، وحتى ابن خلدون نفسه قد اتخذ من هذه الاجتماعية محوراً هاماً ارتكز عليه في تحليلاته الرائعة بمقدمته المشهورة .

ومع مطلع العصر الحديث الأوربي أصبحت قضية اجتماعية الإنسان، أو بعبارة أخرى الإنسان وعلاقته بالمجتمع كضرورة حمية من أهم القضايا التي شغلت بل ملأت صفحات الفلسفة الاجتماعية وغلت تطورها . إذ بعد التسليم بمبدأ عدم الصور الإنسان بدون مجتمع بعيش فيه بالضرورة والالتزام، طرحت بإلحاح وعمق علاقة

رابط التحميل

https://drive.google.com/file/d/1gRvy28O29xk0ozBATXCA_yjrtkzqx5cH/view?usp=drivesdk

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0