دور الإدارة الرقمية في تحديث وعصرنة الإدارة العمومية بالمغرب
إن التحولات الأساسية التي يشهدها العالم اليوم لم تعد مقتصرة على شكل النظام الدولي ومسألة توازن القوى، بل تعدى الأمر ذلك إلى البنية العلمية والتكنولوجية والقدرة على البحث والتطوير، فأصبح من المعروف أن كل التحولات الهائلة أيا كان نوعها تقوم أساسا على المعرفة والتراكم العلمي، باعتبارهما الأساس المتين للتقدم الاجتماعي والاقتصادي اللذان يشكلان حجر الزاوية لعملية التقدم لأي مجتمع، وفي إطار ذلك انطلقت ثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصال التي أحدثت تغيرات مهمة في أسلوب الحياة وظهور أشكال جديدة للاتصال والتعامل، فالعامل الأساسي في إحداث هذه الثورة يعود إلى التزاوج الشهير الذي تم بين أنظمة المعلومات وأنظمة الاتصالات، الذي تولد عنه ما أصبح يعرف بالأنترنيت، وبالتالي إحداث نقلة نوعية وتحول رئيسي في حياة البشرية.
رابط التحميل اسفل التقديم
_______________________
تقديم
إن التحولات الأساسية التي يشهدها العالم اليوم لم تعد مقتصرة على شكل النظام الدولي ومسألة توازن القوى، بل تعدى الأمر ذلك إلى البنية العلمية والتكنولوجية والقدرة على البحث والتطوير، فأصبح من المعروف أن كل التحولات الهائلة أيا كان نوعها تقوم أساسا على المعرفة والتراكم العلمي، باعتبارهما الأساس المتين للتقدم الاجتماعي والاقتصادي اللذان يشكلان حجر الزاوية لعملية التقدم لأي مجتمع، وفي إطار ذلك انطلقت ثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصال التي أحدثت تغيرات مهمة في أسلوب الحياة وظهور أشكال جديدة للاتصال والتعامل، فالعامل الأساسي في إحداث هذه الثورة يعود إلى التزاوج الشهير الذي تم بين أنظمة المعلومات وأنظمة الاتصالات، الذي تولد عنه ما أصبح يعرف بالأنترنيت، وبالتالي إحداث نقلة نوعية وتحول رئيسي في حياة البشرية.
فالإدارة الرقمية ما هي إلا نتاج لثورة التغيير والتطور الهائل الذي عرفه العالم في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصال، فرغم أن هدف الإدارة الرقمية واحد، إلا أن تناولها بالتعريف والتعاطي مع مفهومها النظري تنوع بين المفكرين والمهتمين الذين تعرضوا لهذا المفهوم، فهناك من عرفها بأنها التعامل مع موارد معلوماتية تعتمد على الأنترنيت وشبكات الأعمال، تميل إلى تجديد الأشياء وما يرتبط بها إلى الحد الذي أصبح رأس المال المعلوماتي المعرفي الفكري هو العامل الأكثر فاعلية في تحقيق أهدافها، والأكثر كفاية في استخدام مواردها وتعرف منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية OCDE
الإدارة الرقمية بأنها عملية استعمال تكنولوجيا الإعلام والاتصال كوسيلة لتحقيق الإدارة لأحسن جودة ممكنة" كما عرفتها ADAE كوسيلة لتحسين الخدمات العامة المقدمة للجمهور من جهة، وتحسين
وظيفة الإدارة من جهة أخرى عن طريق استخدام تكنولوجيا الإعلام والاتصال".
وتتمثل الإدارة الرقمية في القدرة على تقديم الخدمات العمومية والحصول عليها بوسائل إلكترونية في أي وقت وأي مكان على أساس المساواة والعدالة بين كافة المعنيين بها، أو قدرة القطاعات الحكومية على تبادل المعلومات العالمية (الأنترنيت) وشبكة المعلومات الداخلية (الانترانت قصد تحقيق الخدمات
الإلكترونية إما بتفاعل بشري أو بإنجاز الي. 2
وتهدف الإدارة الرقمية إلى تبسيط المساطر والإجراءات الإدارية، وتدعيم سياسة القرب عبر تحسين جودة الخدمات وتحقيق النجاعة والفعالية والاقتصاد في التكلفة، وترسيخ الشفافية الإدارية
وتخلق المرفق العام.
وبما أن المغرب من البلدان التي أصابتها رياح التحولات الاقتصادية والاجتماعية والتقنية والمعلوماتية، فقد أصبحت الإدارة العمومية المغربية تسعى جاهدة إلى الانخراط الكلي والفعال في إدخال تكنولوجيا المعلومات والاتصال المسايرة التطورات التكنولوجية المتسارعة والاستفادة منها في تحديث وعصرنة الإدارة، وفق رؤية أكثر شمولية تتمحور حول التحديث الوظيفي فكيف تساهم تكنولوجيا المعلومات والاتصال في تحديث الإدارة وتطويرها، وكذا تحديث أساليب عملها باستغلال الإمكانيات التقنية التي توفرها هذه التكنولوجيا، أو بعبارة أخرى أي دور للإدارة الرقمية في تحديث وعصرنة الإدارة
العمومية بالمغرب؟
هذا ما سنحاول الإلمام به من خلال ما يلي:
المبحث الأول: دور الإدارة الرقمية في تحديث وعصرنة الإدارة العمومية المبحث الثاني: حدود تطبيق الإدارة الرقمية بالمغرب
المبحث الأول : دور الإدارة الرقمية في تحديث وعصرنة الإدارة العمومية
تعتبر تكنولوجيا المعلومات والاتصال إحدى وسائل تحديث وعصرنة الإدارة، لذلك يراهن عليها العديد من المهتمين في إعادة ترتيب الهيكل الإداري وترسيخ الديمقراطية الإدارية، خصوصا في ظل التحديات التي أصبحت مطروحة بحدة على الإدارة باعتبارها قاطرة تقود مسلسل التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فإدخال المعلوميات إلى الإدارة يساهم في تحسين جودة الخدمات الإدارية المطلب الأول، وكذا الرفع من مستوى التواصل الإداري المطلب الثاني)، وذلك من أجل تحقيق
الشفافية والحد من البيروقراطية وإشباع حاجيات المرتفقين.
المطلب الأول: مساهمة الإدارة الرقمية في تحسين جودة الخدمات الإدارية
تشهد الإدارة العمومية حاليا تطورا تكنولوجيا ضخما ، يحمل تطورات مذهلة في المستقبل سيكون لها تأثيرها البعيد على مفهوم المرفق العام وطبيعة الخدمة التي يقدمها للمرتفقين، ومما لاشك فيه أن الثورة التكنولوجية تحمل فرصا كبيرة للتحديث والعصرنة لذلك سوف نتناول في هذا المطلب تأثير نظام الإدارة الرقمية على مسلسل اتخاذ القرار الإداري وعلى الهياكل الإدارية الفقرة الأولى)، مع ضرورة اعتماد الإدارة الرقمية كرافعة أساسية للتحديث الإداري بالمغرب (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: تأثير نظام الإدارة الرقمية على الإدارة العمومية
أصبح استعمال تكنولوجيا المعلومات والاتصال يمثل مؤشرا للعصرنة والتحديث الإداري لمختلف المؤسسات لاسيما في الدول النامية، إلا أن هذه الأخيرة لازلت تتأرجح بين الإسراع في الأخذ بهذه التكنولوجيا قبل فوات الأوان، وبين التاني باعتبارها تقنية دخيلة وتتطلب شروطا معينة لإنجاحها ويصعب
التكنولوجية هي مجموعة من التقنيات والمهارات والخبرات والمعرفة وأساليب صنع واستخدام الأدوات والأشياء المفيدة
التي يمكن الحصول عليها أو معرفتها، بينما يلخص الخبراء الدوليين التكنولوجيا المطبقة على أنها مجموعة من التقنيات التي تم الحصول عليها واستيعابها، في حين يشبهها الدكتور سمير عبدة في كتابه العرب والتكنولوجيا" بمسيح القرن العشرين بينما يعتبر التقنية بمثابة الدين الجديد للعالم البورجوازي.التوفر عليها بسهولة، ويتجلى تأثير نظام الإدارة الرقمية على الإدارة العمومية في اتخاذ القرار الإداري باعتباره أخطر وسيلة في يد الإدارة للقيام بمهامها والاطلاع بمسؤوليتها وأداء المهام الملقاة على كاهل
موظفيها، وكذا تأثير المعلوميات على هياكل وطرق تنظيم الإدارة.
أولا: القرار الإداري في ظل نظام الإدارة الرقمية
يمثل القرار الإداري أكثر الأعمال القانونية التي تستعملها الإدارة للاطلاع بمسؤوليتها، ويبقى وسيلة الإدارة المفضلة في القيام بوظيفتها لما يحققه من سرعة وفاعلية العمل الإداري كما يعتبر القلب النابض للإدارة والذي يضخ الدماء عبر شرايين الحياة الإدارية، باعتباره الترجمة الفعلية والمظهر الخارجي للعمل الإداري الذي يؤول إليه غالبا، فالممارسة الإدارية تتطلب مواجهة مجموعة كبيرة من المواقف التي تستدعي الاختيار المستمر للبدائل المختلفةالمطروحة، لذلك فاتخاذ القرارات الإدارية عملية مستمرة وترجمة واقعية للوظائف الإدارية منتخطيط وتنظيم ورقابة.
ومع تعقد البيئة الإدارية المعاصرة، واتساع دائرة القرارات التي ينبغي اتخاذها أصبح من الضروري توظيف
بعض الميكانيزمات التقنية للمساعدة على اتخاذ قرارات سليمة وعقلانية، فجوهر عملية اتخاذ القرار تشمل صياغة واختيار الحل المناسب والملائم من ضمن
....
_________________
رابط التحميل
https://drive.google.com/file/d/1Vmy0zoxDFKgA5ZDka-9Lui11-eSYGI36/view?usp=drivesdk