أطروحة لنيل شهادة دكتوراه القانون العام في موضوع الأمن القانوني للملزم بأداء الضريبة
تعتبر الضريبة مجموعة القواعد التي تنظم العلاقة المالية بين السلطة والملزم لذلك تعتبر مدخلا أساسيا لفهم المالية العمومية لأنها أحد الموارد الأساسية في ميزانية الدولة.
رابط التحميل اسفل التقديم
_______________________
مقدمة:
تعتبر الضريبة مجموعة القواعد التي تنظم العلاقة المالية بين السلطة والملزم لذلك تعتبر مدخلا أساسيا لفهم المالية العمومية لأنها أحد الموارد الأساسية في ميزانية الدولة.
لذلك، فالظاهرة الضريبية تنم عن مسلسل تاريخي تنازعته مصالح الحكام والمحكومين إلى حد التضاد والتنازع، في إطار علاقة مركبة ومعقدة تحتاج إلى تحليل عناصرها وتفكيك بنياتها، ليس وفق منهجية نظرية الضريبة التي يعتمدها العديد من الباحثين في قراءة التاريخ الجبائي، وترتيب نتائجه، بل وفق نظرية حديثة تتميز بالأهمية والحداثة، لا زالت في طور التشكل والتبلور، تتمثل في نظرية الأمن القانوني لما تحمل به من مبادئ وضمانات يتطلبها وضع القاعدة القانونية.
فإذا كانت نظرية الضريبة تروم دراسة النظام الضريبي من خلال مقاربته عبر إشكالية المشروعية الضريبية، واستخلاص نتائجها من تطبيقات القواعد والمبادئ المؤطرة له، فإن اعتماد نظرية الأمن القانوني تتيح فرصا أخرى للباحث تمنحه التمكن من كافة المداخل النظرية التي يتيحها النظام الضريبي في كافة تجلياته، باعتباره العامل الحاسم في تحديد مساحة ممارسة الحقوق والضمانات الممنوحة للملزم في مواجهة مجال تدخل السطة من خلال الإدارة الضريبية، وبالتالي تقييم هذا النظام في مدى سعيه إلى تحقيق التوازن في العلاقة بين الملزم والإدارة، الذي تنشده فلسفة الأمن القانوني، أو أنه يكرس الأفضلية و هيمنة السلطة على حساب المخاطب بالضريبة.
وبغض النظر عن الإمكانيات والأدوات التي يتيحها الأمن القانوني، التي ستسعفنا في تحليل النظام الضريبي المغربي في سياقاته التاريخية المختلفة، فإنها ستمكننا كذلك من الوقوف على مدى كفاءة هذا النظام في تحقيق الرضى والقبول الجماعي بالضريبة، وتوليد الثقة المشروعة، التي تبقى رهيئة تحقق المشروعية السوسيولوجية، والسياسية، والقانونية
فالمشروعية السوسيولوجية تتعلق بسيكلوجية الملزم، وتتوقف في حدود القبول
بالضريبة التي فسرتها مختلف الأبحاث الانتربولوجية بطبيعة العلاقات التي تولدت منذ
القدم، التي جسدها ذلك الحوار بين سلطة الحكم والمحكومين.
الأمن القانوني للملزم بأداء الضريبة.
وتعتمد الأبحاث التي تناولت المادة الضريبية مقاربات عديدة أهمها المقترب المالي أو الاقتصادي، الذي ارتبط بميلاد الدولة واحتياجاتها للموارد المالية الكافية لبناء مشروعها والحفاظ عليه، مما جعل من الضريبة ومنذ البدء وبشكل حتمي اقتطاعا إلزاميا منظما.
فتأكيد شخصية الدولة، ارتبط بمدى قوتها في فرض إيديولوجتها للحكم، وما تتطلبه من ضرورة بناء مؤسساتها التي تعكس سلطتها، التي احتكرت وهيمنت على المجال المالي الذي تعتبر الضرائب أهم روافده.
أما المقترب السياسي الذي تعتمده سلطة الحكم في بناء مشروعها المجتمعي، فقد ارتكز بداية على ما هو ديني، مما يفسح المجال للاعتبارات النفسية والروحية جسدتها مجموعة من التصورات والظواهر، أسست مرجعيتها على الخضوع والانقياد للمقدس، حيث تكرست فكرة التضحية الضريبية.
غير أن الفكر الضريبي تطور في اتجاه تجاوز المقتربين الاقتصادي والسياسي في تبرير مشروعية الضريبة، بتوخي القبول الضريبي الواعي والهادف عن طريق التركيز على الوظائف الاجتماعية والمالية للضريبة.
أما المشروعية السياسية، فتتعلق بالمؤسسة البرلمانية، حيث تحول القبول الجماعي بالضريبة من طابعه العشوائي، إلى مرحلة أكثر تأسيسا واقناعا، لأنه أضحى لممثلي الملزم بالبرلمان دورا أساسيا وحاسما في وضع الضرائب وكيفيات احتسابها وجبيها، مما أثر على مؤسسة السلطة الضريبية.
غير أن سلطة البرلمان سرعان ما تراجعت أمام قوة وهيمنة السلطة التنظيمية و ازدیاد صلاحياتها و مجالات تدخلها، مما جعل مبدأ القبول الضريبي يخضع لتوجيهات هذه الأخيرة، التي تتحكم في النظام الضريبي في كافة مراحله
Ahmed Mad Le système fiscal Marocain édition imprimerie Marrif jadida, 2006, p:16 -Jean Marie Monnier La formation des conception de la justice fiscale dans la pensée économique anglo-saxonne R.F.F.P 84 Décembre 2003 p:120. -Bouvier (Michel) Les conditions de la légitimité du pouvoir fiscal aujourd'hui intervention lois des assises nationales sur la la fiscalité au Maroc du 26-27 Novembre 1999 99 al-maliya bulletin d'information du immunistère de économie et des finances N 24 Rabat. Novembre 2000.
1
الأمن القانوني للملزم بأداء الضريبة
و أخيرا، أضحى الاعتقاد راسخا بضرورة المشروعية القانونية التي يجب أن تسيج العلاقة بين الإدارة الضريبية والملزم من خلال تكريس مرتكزات أساسية، كالمساواة أمام الضريبة، ومراعاة المقدرة التكليفية للملزمين و قانونية الضريبة، وما يتصل بها من مبادئ أخرى.
لكن الدارس للضريبة في سياقاتها التاريخية المختلفة، يجد نفسه أمام حقيقة راسخة تتمثل في التلازم المنين و القوي بين الضريبة والسلطة، إلى حد لا يمكن تصور إحداهما منفصلة عن الأخرى مما يبرر هيمنة الدولة على هذا المجال الحيوي
فإذا كانت الدولة تجد مبررها الضريبي في كون الجباية تكليف إجباري يدخل ضمن مبدأ تحمل الأعباء العامة للدولة بما يرمز له من حمولة المواطنة واقتسام التكاليف، فإن وضع القاعدة القانونية الضريبية لا يستقيم من وجهة نظر مرجعية الأمن القانوني، إلا باحترام مجموعة من المتطلبات و المبادئ التي تراعي مراكز أطراف العلاقة
_______________
رابط التحميل
https://drive.google.com/file/d/198ViwW-JI4yVzML-GD-jsNVMWMjMOWox/view?usp=drivesdk