مقدمة:
ما أن وقف العالم على عتبة القرن الواحد والعشرون، حتى بدأت تطفو على سطح حقل الاعالم والمعلومات مصطلحات علمية جديدة لم تكن معهودة من قبل، بفعل التطورات الحاصلة في ميدان تكنولوجيا المعلومات والاتصال، وما صاحبها من مزايا كبيرة بشر بها المتفائلون، ومن مخاطر أكبر أنذر بها المتشائمون.
ولعل أهم هذه المصطلحات التي صارت متداولة على لأسنة الباحثين المتخصصين في علوم الاعالم والمعلوميات: الثورة المعلوماتية، الانفجار المعلوماتي، المجتمع المعلوماتي المجتمع الرقمي، مجتمع الاعالم والمعلومات...، وغيرها من المصطلحات التي شكلت محور اهتمام معظم الدارسين المعاصرين الاعالم. وإذا كانت الدول النامية تزال تنظر إلى الزراعة والصناعة على أنها أساس الموارد والقوة والتقدم، فإن الدول المتقدمة قد تجاوزت هذه النظرة القديمة التي لم تعد تصلح اليوم في مجتمع الاعالم والمعلومة، بحيث صار التركيز منصبا على المعلومات والمعرفة باعتبارها مصدرا جديدا للقوة والثراء والتقدم .
فقوة الامم اليوم لم تعد تقاس بما تملكه من ثروات اقتصادية أو عسكرية فحسب، بل أصبحت القوة الحقيقية لأية أمة من الامم تقاس بمدى امتالكها للمعلومات وكيفية توظيفها فالمتحكم اليوم في زمام الامور والذي يدير قواعد اللعبة الكونية هو ذلك الذي يملك أكبر قدر من المعلومات، فعالم اليوم شئنا أم أبينا هو عالم الرقمنة بامتياز. ولذلك فقد أصبح التحكم في التكنولوجيا الحديثة مسعى كل متعلم وكل مجتمع على اختالف ثقافته وديانته وانتماء أفراده...، بل وأصبح التحكم في هذه التكنولوجيا سبيال للتحكم في موازين القوى العالمية، فالمتتبع للواقع الحالي يرى أن الحرب اليوم أصبحت حرب المعلومات والتكنولوجيا، فمن يملك المعلومة ويملك التكنولوجيا يملك القوة.
ولأن لكل شيء إيجابياته وسلبياته، فهذه الثورة ورغم ما جاءت به من إيجابيات،الاأنه في مقابل ذلك أفرزت نوعا جديدا من الجرائم ذات الطبيعة التقنية، مستفيدة من تكنولوجيا المعلومات أطلق عليها بعض الفقه الاجرام المعلوماتي . فبالموازاة مع هذا التطور الحاصل على المستوى التكنولوجي، فقد صاحب هذا التطور تطور على مستوى الافعال الاجرامية، ففي عصر توسعت فيه البيئة الرقمية وتزايد استخدام مواقع التواصل الاجتماعي ومختلف التطبيقات الالكترونية، انتشرت أصناف جديدة من الجرائم لم تكن معهودة في الماضي. فتعددت بذلك أوجه استخدام تكنولوجيا المعلومات، وتنوعت مجالاتها بين تجارية وإدارية واجتماعية حتى أصبحت جزءا من حياتنا اليومية نظرا العتبارها من أكثر الوسائل المسهلة للتعارف بين الناس عن طريق ما يعرف بمواقع التواصل الاجتماعي، فأصبح التواصل بين الاشخاص يتم بالصوت والصورة، فرادى وجماعات وأصبح نشر الاخبار والمعلومات يتم بسرعة كبيرة ، إذ في خلال ثواني معدودة يمكن أن يصل الخبر لمختلف ربوع العالم خاصة مع انتشار شبكة الجيل الخامس.
هذا الامر جعل الناس يعتقدون أنها فضاء مباح ومنطقة فوق القانون، خاصة مع ظهور مواقع التواصل الاجتماعي التي فتحت أبواب الحوار على مصراعيه بين مختلف الشعوب. وحيث وجدت الحرية وجد التعدي على الحرية، فالواقع الالكتروني والعالم الافتراضي أفرز العديد من التجاوزات عن طريق الاستخدام غير المشروع لمواقع التواصل الاجتماعي فتحولت من فضاءات للتعارف والتقارب وتبادل المعارف والافكار والرأي، إلى منابر للمس بأمن الدولة واستقرارها أو بشرف الاشخاص واعتباراتهم أو بالنظام العام واآلداب العامة وهو الامر الذي جعل مسلأة ضبط هذه الحرية أمرا واجبا، خاصة عندما يكون مجال ممارسة هذه الحرية هو وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية. حيث إن استعمال هذه الوسائل يتم من طرف جميع شرائح المجتمع، ومنهم من يطلق العنان لحريته حتى تقع أفعاله تحت طائلة التجريم والعقاب بسبب المساس بحقوق اآلخرين .
وفي الصدد فقد برزت العديد من الظواهر السلبية الناتجة عن الاستعمال غير العقالني للوسائل الالكترونية وأصبح المجرمون وأصحاب النيات السيئة يعتمدون على هذه الوسائل لممارسة أفعالهم الاجرامية، بحيث أصبحت البيئة الرقمية مجالا خصبا النتشار جرائم متعددة منها: الاحتيال الالكتروني، الابتزاز الجنسي الالكتروني، السب والقذف عبر وسائل التواصل، التهديد الالكتروني... وغيرها من الجرائم والظواهر التي لها مساس بحريات الافراد وحقوقهم. ويعد التنمر الالكتروني cyberbullying أبرز صيحات هذا النوع من الاجرام الالكتروني، فمما لا شك فيه أن اللهعز وجل أراد عمارة الكون وشرع لتحقيق ذلك كثرا من الاحكام التي تحقق هذه الغاية؛ ومن ذلك ما ثبت شرعا أن اللهأراد تحقيق مصلحة العباد ودفع الضرر عنهم، فكل ما يدفع الضرر هو في حد ذاته تحقيق لمصلحة العباد. وكذلك تحقيق الامن والاستقرار الانسان الذي به يعمر الكون. لذلك فإن سلوك التنمر على الخلق ومضايقتهم يؤثر في أمن واستقرار ومصلحة الافراد والجماعات. وعلى مدار التاريخ فإن كثيرا من الاذى والفساد يظهر أو يتطور تبعا لتطور البشر وتغير الزمان، ومن سلوكيات الفساد والاذى التي تطورت ونمت وتفشت في المجتمعات سلوك التنمر، فأصبح بذلك - التنمر- من المشكالت الخطيرة .
مفهوم التنمر لغة:
لغة من فعل تَن َّمر، يَتَن َّمُر، تَنَ ُّمًرا. فهو ُمتَنَ ِ مٌر والمفعول متنمر له. ويقال تَنَ َّمَر التنمر ُمَر، غضب وساء خلقه، وصار كالنمر الغاضب. وتَنَ َّمر: تَ َشبَّه بالنمر في لونه أو الشخص: نَ طبعه. ويقال تَنَ َّمَر الشخص لفالن: تنكر له وأوعده، ويقال أيضا تَنَ َّمَر: مدد في صوته عند الوعيد . كما يقترن التنمر في اللغة بالغضب وسوء الخلق، فيقال للرجل السيئ الخلق قد نَ ِمَر وتَنَ َّمَر َره وعبسه. والنمر لونه أنمر وفيه نمرة محمرة أو نمرة بيضاء ونَ َّمَر وجهه أي غيَّ وسوداء، ومن لونه اشتق السحاب النمر، بحيث قال الاصمعي: تَن َّمَر له أي تنكر وتغير وأوعده لأن 18 النمر لا تلقاه أبداالامتنكرا غضبانا . . والنمر حيوان معروف فهو مشتق من اسم ) النمر( كما اشتق من اسم ) الحجر( تحجرا أخبث من الاسد سمي بذلك لتنمره واختالف لون جسده معجبا بنفسه ذو قهر وسطوات عنيدة وهو أعدى عدو للحيوانات لا تردعه سطوة أحد وهو معجب بنفسه ووثبات شديدة . ُمَر الرجل وتَنَ َّمر: والنمر كناية عن شدة الحقد والغضب تشبيها بأخالق النمر وشراسته، ونَ غضب والجمع نمور والانثى نمرة .
التنمر اصطالحا:
لقد استعمل مصطلح التنمر من قبل بعض العلماء، ومنهم الامام الزرقاني في كتابه ) مناهل العرفان في علوم القرآن( فقال:" تنمر أعداء اللهعلى القرآن، ولأقوا في طريق الايمان به حبالا وعصيا من التخيالت والاوهام، من ذلك شبهات لفقوها ووجهوها إلى أسلوبه، وهي مع التوائها وخبثها تراها مفضوحة منقوصة. وقصد الامام الزرقاني في استعماله لفظ التنمر هنا: التلفيق والادعاء بغير حق، وتشويه القرآن بتسميات باطلة، وهذا الذي قصده الامام الزرقاني يعد نوعا وشكال من أشكال التنمر وليس جميع صوره . وإذا كان التنمر لغة التوعد والتهديد والتخويف، فهذه المعاني اللغوية مالحظة في التعريف الاصطالحي، بحيث عرفه بعض الباحثين المختصين بأنه: إيقاع الاذى على فرد أو أكثر بدنيا أو نفسيا أو عاطفيا أو لفظيا، ويتضمن أيضا التهديد البدني أو الجسمي بالسالح والابتزاز أو مخالفة الحقوق المدنية، و كذلك يتضمن الاعتداء بالضرب أو العمل ضمن عصابات ومحاوالت القتل أو التهديد . وعرفه البعض بأنه:" الاعتداء اللفظي أو الجسدي المتكرر والذي يمارسه عادة الفتى المعتدي أو الفتاة على من هم في سنهم أو أصغر منهم، ويعتمد المعتدي فيه على قوته ورفقته، وفي المقابل يستغل ضعف المعتدى عليه أو انفراده . كما عرفه البعض بكونه أحد أشكال العنف الذي يمارسه طفل أو مجموعة من الاطفال ضد طفل أخر أو إزعاجه بطريقة متعددة ومتكررة، وقد يأخذ هذا التنمر أشكالا متعددة كنشر الاشاعات أو التهديد، أو مهاجمة الطفل المتنمر عليه بدنيا أو لفضيا .
وهذا التعريف يعد قاصرا عن إعطاء مفهوم للتنمرلانهيقتصر على تنمر الاطفال على الاطفال فقط، في حين أنه يمكن أن يقع- التنمر- من البالغين والكبار. ولهذا فقد تم تعريف التنمر بكونه: الايذاء الذي يقوم به طرف بحق طرف آخر غالبا ما يكون أضعف منه على المستوى الجسدي والفكري، وسواء كان أحد الطرفين فردا أو مجموعة . ورغم أن هذا التعريف شالم لجميع صور التنمر وشالم لكل من يتعرض للتنمر صغيرا أو كبيرا، فردا أو مجموعة وكذلك لمن يقع منهم التنمر،الاأن ما يؤاخذ عليه أنه يصور المتنمر بأنه هو الاقوى في الغالب من الشخص الضحية- المتنمر عليه-. وهذا غير صحيح نظرا لكون أن التنمر قد يقع من أشخاص أضعف من المتنمر عليه وأصغر منه أحيانا لكون أن سلوك التنمر مرتبط بما هو أخالقي وتربوي. التعريف القانوني: من بين التعريفا ت القانونية التي أعطيت للتنمر نجد تعريف المشرع المصري الذي عرف التنمر :" يعد تنمًرا كل قول أو استعراض قوة أو سيطرة للجاني أو استغالل ضعف للمجني عليه.. أو لحالة يعتقد الجاني أنها تسئ للمجني عليه كالجنس أو العرق أو الدين أو الاوصاف البدنية أو الحالة الصحية أو العقلية أو المستوى الاجتماعي.. بقصد تخويفه أو وضعه موضع السخرية أو الحط من شأنه أو إقصائه من محيطه الاجتماعي ".
وما يالحظ على أن المشرع المصري أطنب في تعريف التنمر، ولقد أحسن واضعوا القانون صنعا حينما وسعوا من مفهوم التنمر ونطاقه بحيث لم يحصروه في أفعال الاطفال الاقوى على الاضعف منهم كما عرفه البعض ولم يقصره على أماكن معينة كالمدارس كما فعل البعض اآلخر. وهذا الامر الذي فعله واضعوا هذا القانون يعطي للقاضي سلطة عقاب من قام بهذه الافعال وغيرها من الافعال المجرمة التي تسيء إلى كرامة الشخص واعتباره. فنطاق العقوبات في القانون المصري طبقا للمادة 309 مكرر ) ب( يجعل التنمر يحدث في أي مكان بداية من المنزل والاسرة والمدرسة ومكان العمل ومنصات التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية وتطبيقات المراسلة وغيرها سواء وقعت هذه الافعال من الكبير أو الصغير، من الفرد أو الجماعة، من الانثى أو الذكر. ولهذا فمسلأة إعطاء تعريف واسع للتنمر تحسب للمشرع المصري. وانطالقا من التعريفات السابقة نخلص إلى كون أن التنمر هو تلك السلوكيات العدوانية المرفوضة وغير المرغوب فيها والموجهة من شخص يسمى ُمتَنَ ِ مًرا إلى شخص آخر يسمى ُمتَن َّمًرا عليه وذلك بغيت إذالله واحتقاره والانتقاص من قيمته والمساس بشعوره وكرامته سواء كان العدوان ماديا أو معنويا أو نفسيا أيا كان زمان ومكان ووسيلة ارتكابه.
تعريف التنمر الالكتروني:
تحديد تعريف التنمر الالكتروني ليست مهمة سهلة، بالنظر إلى تنوع الاسماء المستخدمة والمجال الواسع للأفعال التي يمكن اعتبارها تنمرا الكتروني، إذ يعتبر التنمر الالكتروني أحد 29 التبعات السلبية التي خلفها التطور التكنولوجي في هذا العصر . ويعرف البعض التنمر الالكتروني بأنه: فعل عدواني متعمد من فرد أو مجموعة أفراد باستخدام وسائل الاتصال الالكترونية بشكل متكرر ضد الضحية الذي لا يستطيع أن يدافع 30 عن نفسه . في حين عرفه البعض، بأنه شكل من أشكال العدوان يعتمد على استخدام وسائل الاتصال الحديثة وتطبيقات الانترنيت ) الهواتف المحمولة، كاميرا الفيديو، البريد الالكتروني صفحات الويب...( في نشر منشورات أو تعليقات تسبب التنكيد للضحية أو الترويج لأخبار كاذبة أو إرسال رسائل إلكترونية للتحرش بالضحية بهدف إرباكه وإصابته بحالة من التنكيد المادي 31 والمعنوي .
أهمية الموضوع:
إن ضمان استقرار ورقي أي مجتمع ينبع من ضمان وحماية حقوق أفراده، فال تتحقق هذه الغاية دون أن يحس هؤالء بالامان والاطمئنان على حقوقهم ومكتسباتهم. ومن هذه الحقوق نجد الشرف والاعتبار والكرامة التي عملت كل التشريعات على إعطائها الاهمية التي تستحقها من خلال مجموعة من النصوص القانونية التي وضعت الاطار القانوني للشرعية في ردع كل مساس بهذه الحقوق. ومن هنا تبرز أهمية موضوع الدراسة في كون أن التنمر الالكتروني يشكل اعتداء صارخا على هذه الحقوق؛ خاصة في ظل الاستعمال المتزايد لمواقع التواصل الاجتماعي وغياب الوعي الاخالقي والقانوني لدى روادها. كما تبرز أهمية الموضوع أيضا على المستويين العلمي والاجتماعي :
فعلى المستوى العلمي: تتجلى أهمية الموضوع في الخصوصية التي يتميز بها نظرا لكونه أن من المواضيع المستجدة وغير المستهلكة في الحقل القانوني بحيث تعد كتابتنا هذه من الكتابات الاولى في هذا الموضوع. أما على المستوى الاجتماعي: ظاهرة التنمر الالكتروني من أكثر الظواهر الماسة بنفسية الاشخاص نظرا لما تخلفه من آثار نفسية وصحية قد تالزم ضحاياها طيلة حياتهم، هذا إن لم ينتهي الامر ببعضهم إلى اختيار الانتحار الذي له ارتباط كبير بهذه الظاهرة. صعوبات الدراسة: لكل موضوع صعوباته الخاصة التي تميزه عن غيره من المواضيع، وهذه الخاصية تضفي على البحث طابعا خاصا لا يعلمهالامن عانى أمام حداثة الموضوع وندرة الكتابات فيه. كذلك الشأن بالنسبة لموضوع التنمر الالكتروني، إذ يعتبر هذا الموضوع موضوعا حديثا ذو راهنيه خاصة في غياب بحوث تناولت هذه الظاهرة اللهم بعض الدراسات القليلة والتي تناولته وعالجته من زاوية علم النفس والاجتماع.
ولهذا فقد حد حملنا على عاتقنا التحدي والبحث محاولين الاحاطة بالموضوع من مختلف جوانبه خاصة القانونية منها نظرا لكون أن تشريعات بعض الدول العربية قد قطعت أشواطا في هذا الشأن بحيث نظمت هذه الظاهرة- التنمر الالكتروني- وجعلت منها جريمة قائمة الاركان والصور، وهو الامر الذي نتمنى أن نتفوق فيه بقدرة هللا. إشكالية البحث: بناء على كل ما تقدم يمكن القول أن موضوع- التنمر الالكتروني- يثير العديد من الاشكاليات خاصة في ظل الطابع الخاص الذي يميز المجتمع المغربي الذي أصبح في عالقة تطبيع مع هذه الظاهرة، وهو ما سيجعل مسلأة معالجتنا للموضوع من الناحية القانونية مسلأة صعبة خاصة وأن المشرع الجنائي المغربي لم يورد أي مصطلح يتضمن " التنمر" سواء على مستوى القانون الجنائي أو على مستوى القوانين الخاصة.
ولكون أن أفعال التنمر الالكتروني في بعض الاحيان تتخذ صورا وأشكالا تشبه أفعالا تكتسي طابع تجريمي بمقتضى نصوص القانون الجنائي المغربي، فإن الاشكالية المثارة في هذا الصدد تختزل في ما يلي: إلى أي حد يمكن القول بأن النصوص الجنائية في القانون الجنائي المغربي كفيلة بمواجهة ظاهرة التنمر الالكتروني؟ ويترتب عن هذه الاشكالية مجموعة من الفرضيات: - ظاهرة التنمر الالكتروني مجرمة بمقتضى مجموعة من نصوص القانون الجنائي. - نصوص القانون الجنائي المغربي كفيلة بمواجهة ظاهرة بعض صور وأشكال التنمر الالكتروني؟ - - ظاهرة التنمر الالكتروني تطرح مشكلة على مستوى الاختصاص القضائي والمسؤولية الجنائية. - التشريعات المقارنة اتخذت خطوة بعيدة في معالجة هذه الظاهرة. المقاربة المنهجية للموضوع: إن اختيار المنهج المتبع لا يأتي من قبيل الصدفة أو الميل، وإنما يفرضه موضوع الدراسة وأهدافه، فاختيار المنهج المناسب والدقيق هو الذي يعطي مصداقية وموضوعية للنتائج المتوصل إليها. وبما أن دراستنا تتمحور حول دراسة موضوع – التنمر الالكتروني دراسة مقارنة، فقد ارتأينا الاستعانة بالمنهج الوصفي وذلك من خلال وصف مختلف أبعاد هذه الظاهرة وتحديد أهدافها وظروفها وكذا أبعادها المختلفة. وإضافة إلى المنهج الوصفي استعنا كذلك بالمنهج التحليلي لما يتيحه هذا المنهج من إمكانية لتحليل النصوص التشريعية الوطنية والمقارنة المؤطرة لهذه الظاهرة.
ولكون أن دراستنا ستكون دراسة مقارنة، فإن الاعتماد على المنهج المقارن أمر لا محيد عنه نظرا لأهميته الكبيرة في إغناء البحوث العلمية وذلك من خلال مقارنة موقف التشريع الوطني مع موقف مختلف التشريعات المقارنة تجاه هذه الظاهرة. كنا اعتمدنا كذلك على المنهج الاستنباطي وذلك من خلال محاولة استنباط مجموعة من الاحكام الواردة في القانون الجنائي المغربي ومحاولة إسقاطها على أفعال التنمر الالكتروني .
خطة البحث:
لدراسة هذا الموضوع اعتمدنا على خطة علمية حاولنا من خلالها الاحاطة بمختلف جوانب الموضوع بحيث تم تقسيم الموضوع إلى فصلين: بحيث سنتطرق في الفصل الاول لظاهرة التنمر الالكتروني في التشريع الجنائي المغربي محاولين إعطاء مقاربة قانونية لأفعال التنمر الالكتروني وكذا مختلف الاشكالات التي تطرحها لا سواء على مستوى الاختصاص القضائي أو على مستوى أحكام المسؤولية الجنائية. أما الفصل الثاني فسنخصصه لموقف التشريعات الاجنبية تجاه ظاهرة التنمر الالكتروني، سواء العربية منها أو الاجنبية. وفي الاخير سوف نورد خاتمة لموضوع بحثنا نضمنها مختلف النتائج والمقترحات والتوصيات المتوصل إليها والتي نتمنى أن تكون ذات فائدة في إغناء الطرح القانوني لهذا البحث.