عقوبة الإعدام بالمغرب بين النص القانوني و الواقع
شكل الحق في الحياة عبر العصور، نورا في مشكاة القيم الإنسانية وقبسا في محرابها، ضمنته التعاليم السماوية، وكرسته المبادئ الفلسفية، والتيارات الفكرية وأمسى حقا كونيا تصدى لحمايته التشريع الدولي ، المتعلق بحقوق الإنسان ، من خلال ما تضمنته العديد من العهود والمواثيق الدولية ، الهادفة إلى حماية حياة الكائن البشري ، في مواجهة جبروت المجرمين ، وتعسف السلطة ، وظلم الحاكمين.
رابط التحميل اسفل التقديم
______________________
تمهيد :
شكل الحق في الحياة عبر العصور، نورا في مشكاة القيم الإنسانية وقبسا في محرابها، ضمنته التعاليم السماوية، وكرسته المبادئ الفلسفية، والتيارات الفكرية وأمسى حقا كونيا تصدى لحمايته التشريع الدولي ، المتعلق بحقوق الإنسان ، من خلال ما تضمنته العديد من العهود والمواثيق الدولية ، الهادفة إلى حماية حياة الكائن البشري ، في مواجهة جبروت المجرمين ، وتعسف السلطة ، وظلم الحاكمين.
غير أن الحق في الحياة، ليس حقا مطلقا، فبإمكان الدولة أن تحرم الأفراد من الحياة، دون أن يتعارض عملها مع مبادئ التشريع الدولي، وتشكل عقوبة الإعدام التجسيد الحي لهذه الفكرة.
وفي هذا السياق، نجد التشريع الدولي المتعلق بحقوق الإنسان، لا يمنع استخدام عقوبة الموت، كجزاء جنائي، ويكتفي هذا التشريع بالدعوة إلى إلغاء هذه العقوبة أو الحد منها.
وحاصل القول أن عقوبة الإعدام، تظل أمرا مشروعا مباحا في الشرائع التي مازالت تطبقها، علما بأن العديد من الدول قد أقدمت على إلغائها أو عطلت العمل بها.
الإشكالية :
إن عقوبة الإعدام، تبدو في ظاهرها منافية للحق في الحياة، فكيف يمكن التوفيق بين هذا الحق، في مواجهة عقوبة تشكل خرقا واضحا له ..؟ أليس الإعدام في حد ذاته اعتداء على الحياة وهدرا لها .... وحينما يتعارض حق الدولة في العقاب (الإعدام)، وحق الأفراد في الحياة، أيهما أجدر وأولى بالحماية ..؟.
وإذا كان الحكم بالموت يجد سنده في النص التشريعي الذي يجيزه، فماهو دور القضاء بوجه عام ، وقضاء النيابة العامة بوجه خاص، حينما يطلب إليه بلورة التوجه
التشريعي في ميدان السياسة العقابية ..؟
الطرح :
إن التساؤلات السابقة، تستدعي البحث في مشروعية عقوبة الإعدام ، ليس على مستوى النص القانوني الذي يسندها فحسب، بل على مستوى الجدل الفلسفي والحقوقي المطالب بشطب هذه العقوبة من سجلات التشريع، لكونها تهدر الحق في الوجود.
فإذا توقفنا عند حدود مشروعية العقوبة، من خلال النص الذي يقرها، أمكن التمسك بالطرح القائل بان عقوبة الإعدام لا تتنافى مع الحق في الحياة، كلما توفرت شروط المحاكمة العادلة. إلى إسقاط هذه فهل بالإمكان الدفاع عن هذا الطرح، علما بأن هناك طرح مضاد ووجيه ، يدعو العقوبة وشطبها، ناهيك عن تنامي الدعوة المضادة للعقوبة، وهي الدعوة التي جعلت العديد من التشريعات المعاصرة ، تستجيب لنداء الإلغاء النهائي أو الح دالتدريجي.
المنهج :
المعالجة هذه الإشكالية، والدفاع عن ذلك الطرح، يحسن بنا أن نعرض في محور أول، للإطار التشريعي لعقوبة الإعدام، ليتسنى في محور ثان، ملامسة الواقع القضائي للعقوبة الذي يستعصي أحيانا عن الفهم، وذلك في غياب الدراسات الميدانية التي تستجلي هذا الواقع، وتوضح ظروفه وخلفياته. كل ذلك دون أن ننسى الدور الفاعل لقضاء النيابة العامة، في بلورة الواقع القضائي وتوجيه مساره.
المحور الأول
الإطار التشريعي لعقوبة الإعدام
ينطوي التنظيم التشريعي لعقوبة الإعدام على بعد دولي، وآخر محلي وطني، وهو ما يدعونا لأن نعالج في فقرة أولى عقوبة الإعدام في التشريع الدولي ، ونعرض في فقرة ثانية لعقوبة الإعدام في التشريع المغربي.
الفقرة الأولى : عقوبة الإعدام في التشريع الدولي :
نقصد بالتشريع الدولي، المواثيق والعهود الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وكذا التشريعات الوطنية المقارنة والمعاصرة.
أولا : عقوبة الاعدام في العهود والمواثيق الدولية :
تكاد تجمع كل العهود والمواثيق الدولية، المهتمة بحقوق الإنسان على تثبيت وإقرار الحق في الحياة.
_________________
رابط التحميل
https://drive.google.com/file/d/1Es0tIBWLnwDN3pN3ueVT6s-3ro06t-YF/view?usp=drivesdk