أطروحة دكتوراه السياسة الجنائية "بين الاعتبارات التقليدية للتجريم والبحث العلمي في مادة الجريمة"

تعتبر الجريمة ظاهرة إنسانية معقدة معاصرة لوجود الإنسان لها مكانتها في ذاته، ويتطور مفهومها وأساليبها وحركتها مع تطور المجتمعات الإنسانية، لذلك لم يحل أي مجتمع إنساني من الجريمة، فالإثم الجنائي يعد وصفا ملازما للإنسان يحكم تكوينه العضوي والنفسي والغريزي، إذ يعتبر في حالة صراع مستمر مع الذات للتغلب على الجانب الحيواني الذي يعتبر عنصرا من النفس البشرية، وتحقيق قيم ذات طابع إنساني واجتماعي تهدف إلى الرقي بالنفس الآدمية.

أطروحة دكتوراه  السياسة الجنائية "بين الاعتبارات التقليدية للتجريم والبحث العلمي في مادة الجريمة"

رابط تحميل الاطروحة اسفل التقديم 

______________________________

مقدمة

تعتبر الجريمة ظاهرة إنسانية معقدة معاصرة لوجود الإنسان لها مكانتها في ذاته، ويتطور مفهومها وأساليبها وحركتها مع تطور المجتمعات الإنسانية، لذلك لم يحل أي مجتمع إنساني من الجريمة، فالإثم الجنائي يعد وصفا ملازما للإنسان يحكم تكوينه العضوي والنفسي والغريزي، إذ يعتبر في حالة صراع مستمر مع الذات للتغلب على الجانب الحيواني الذي يعتبر عنصرا من النفس البشرية، وتحقيق قيم ذات طابع إنساني واجتماعي تهدف إلى الرقي بالنفس الآدمية.

أدى ازدياد عدد الأفراد وتركزهم في نطاق جغرافي معين إلى نمو حس جماعي لذي الفئات الاجتماعية بضرورة وضع ضوابط لميولهم الغريزية احتراما للمصالح الجماعية وحقوق الأفراد الآخرين، فتحريم القتل والسرقة والزنا بعد تعبيرا عن موفق جماعي إنساني من سلوك معين، يشكل خرقا للمبادئ الإنسانية والعدالة ويهدم دعائم الأمن والاستقرار في المجتمعات.

يعتبر الإحساس بالإثم قديما قدم تواجد الإنسان على وجه الأرض، ولقلة عدد الأفراد في المجتمعات القديمة، ومحدودية احتياجاتها، وعدم ظهور الدولة التي تعتبر أرقى درجات التنظيم الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، لم تجد حاجة لاعتماد سياسات في المجالات ذات الطابع السياسي والاقتصادي والاجتماعي بغرض تحقيق الأمن الاجتماعي بما يستقيم مع فلسفة المجتمعات الحديثة.

رغم ذلك أحس الإنسان القديم بخطر الجريمة، باعتبارها عدوانا يتناقض مع ميل الأفراد إلى العيش في جماعات يربط بينها روابط مختلفة أيا ما كانت هذه الروابط، سواء كانت دينية أم اجتماعية فلن تتعزز وتستمر إلا في ظل شعور جماعي بالأمن يتولد بناء على شعور بالتضامن بين أفراد الجماعة بحكم الروابط المشتركة التي تجمع بينهم، فالشعور بالثقة يكفل استقرار الأفراد وسلامة المعاملات.

بحكم العقل والتدبير والتمييز يحرص الأفراد على إقرار نظام يضمن المصلحة المشتركة ولو في شكل بدائي فظهرت ضرورة التنظيم الاجتماعي، وانطلاقا منه لا يمكن أن يخلو مجتمع إنساني من الإحساس بالإثم وضرورة عقاب المحرمين، لذلك يعتبر المفهوم الاجتماعي للجريمة حجر الزاوية الذي على أساسه تبنى جميع المفاهيم الأخرى المتعلقة بالتحريم والعقاب، فلا يمكن ضبط

1

قواعد تهدف إلى مكافحة الجريمة وتفعيل ذلك الصنف من القواعد وتطويرها في مجتمع لا

إحساس له بالإثم والآثار التي ترتب على ارتكابه.

تقف وراء الإحساس بالإثم داخل المجموعات الإنسانية اعتبارات دينية واجتماعية تتمثل في فكرة الخير والشر، والثواب والعقاب، وما تمهد له الأخلاق من نشوء وعي اجتماعي بضرورة شجب الإثم وعقاب فاعله، إرضاء للضمير العام وتحقيقا للعدالة الاجتماعية تعبر عن فلسفة عقابية معينة.

قبل مجيء الدين الإسلامي الذي دفع بالفكر الإنساني قدما للبحث عن أسلوب الجلب المنفعة ودرء المفسدة التي تعد بمثابة الغاية التي يسعى الحاكم لتحقيقها لمصلحة الجماعة، يستقيم مفهوم السياسة مع طبيعة الأفراد، فهذا المصطلح عرفه الإنسان باعتبار أنه يعتبر كائنا سياسيا بحكم عقله ورشده وميله إلى الغوص في جوهر المسائل من خلال التفكير العميق للكشف عن حقيقة الأمور وجوهرها منذ القدم، رغم البدائية التي طبعت الإنسان البدائي والأنظمة القديمة.

تعرف السياسة عموما بأنها تدبير الشؤون والمصالح العامة على نحو مشروع وبما يتفق مع مصلحة الجماعة ويدرأ عنها المفاسد"، أو يمكن تعريفها كذلك بأنها "الفكرة العامة ومجموع المبادئ التي في إطارها تعبر السلطة الحاكمة عن الإرادة العامة وفي حدودها تتصرف، وباسمها تقدر توافر المصلحة العامة، وتمثل هذه المبادئ درجة معينة من التطور والرقي الاجتماعي"..

بناءا على ذلك لا يمكن تصور أن الأنظمة الحاكمة سواء في القديم أو الحديث تتصرف بطريقة عبثية، وإنما بناءا على حكمة سياسية تضفي على السلطة الحاكمة طابع الشرعية وعلى الشعب مميزات معينة، في إطار التفاعل الإيجابي أو السلبي بين السلطة الحاكمة ومجموع الأفراد

_________________

رابط التحميل

https://drive.google.com/file/d/1910Xp4-d6b4Iy0z5Yn8cfKtoyT652_0B/view?usp=drivesdk

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0