الشاهد والشهادة في القانون الجنائي
الشروط الواجب توافرها في الشاهد لصحة شهادته
المطلب الأول:
*تعريف الشهادة ومن هو الشاهد :
هي التعبير عن مضمون الإدراك الحسي للشاهد للواقعة التي يشهد عليها ، ولذلك فالشهادة قد تكون شهادة رؤيا أو شهادة سماعية أو حسية لإدراك الشاهد.
وشهادة الشهود من الأدلة الهامة أمام المحكمة من حيث الواقع العملي وإن كانت من حيث التأثير على عقيدة المحكمة وتكوين إقتناعها قد تأتي في مرحلة تالية للأدلة . (1)
ويُقصد أيضا بالشاهد في القانون الوضعي :( كل شخص تم تكليفه بالحضور أمام المحكمة أو سلطة التحقيق لكي يُدلي بما لديه من معلومات في شأن واقعة ذات أهمية في الدعوى الجنائية).
ويقترب هذا التعريف من مفهوم الشاهد في الفقه الإسلامي ، حيثٌ يُطلق فقهاء الشريعة الإسلامية لفظ الشاهد على من قام بأدائها في مجلس القضاء كما يطلقونها على من تحمل الشهادة . (2)
والأصل أن يشهد الشاهد بما أدركه بحواسه ويصح أن يشهد بما سمعه من غيره وإن كانت شهادة النقل ليست موضع ثقة تامه لأن الأقوال تتعرض دائما للتحريف بانتقالها من شخص لآخر . (3)
[الشروط الواجب توافرها في الشاهد لصحة شهادته]:
ألا يكون الشاهد له صفة في تشكيل المحاكم أو يقوم بمساعدة المحكمة في أداء مهمتها وبذلك يُمنع سماع أحد أعضاء المحكمة كشاهد أو عضو النيابة العامة الحاضر الجلسة أو كاتب التحقيق أو المترجم .(1)
- الشهادة في الأصل تقرير الشخص لما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو إدراكه على وجه العموم بحواسه وهي تقتضي بداهة فيمن يؤديها العقل والتميز إذ أن مناط التكليف فيها هو القدرة على أدائها ومن ثم فلا يمكن أن تقبل الشهادة من غير المميز عديم الأهلية .(2)
- وعلى ذلك ذكرت كتب المذهب الحنفي أن شرط تحمل الشهادة هي) : العقل ، الضبط ، اليقظة والعلم بالمشهود له والمشهود عليه والمشهود بهِ ) ، وأجمع الفقهاء على أن أهلية تحمل الشهادة ، تثبت بالعقل مع الحواس الخمس ، لأنه يشترط فيمن تحمل الشهادة أهلا ً بها وأن يكون قادرا ً عليها والقدرة على تحمل الشهادة ، تثبت بعلم الشاهد ، أي العلم بما يقع حوله من وقائع لكي يشهد عليها إذا طُلب منهُ ذلك.
- فالعلم يرتب عليه سببه وهو العقل والحواس معا ً .(1)
- ضرورة توافر ضوابط معينة تفيد أن هذا الشاهد سينطق بالحقيقة الواقعية ، أو بالأحرى تدفعه إلى ذلك .
- وهناك مقترحات تجعل ما يٌدلي بهِ الشاهد له وزنه من الناحية القانونية أو الشرعية ، بمعنى أن شهادة هذا الشخص سيتم تقديمها من قبل الجهة المختصه بالنزاع المطروح عليها .(2)
- أنواع الشهود :-
- الشاهد المقصود :
(ويقصد بالشاهد كما سبق الإلماح هو كل شخص يتم تكليفه بالحضور أمام القضاء أو سلطة التحقيق لكي يدلي بما لديه من معلومات في شأن واقعة ذات أهمية في الدعوى الجنائية ) .
- الشاهد القانوني:
والشاهد القانوني الذي اكتسب هذه الصفة وفقا ً للإجراءات المتطلبة لذلك قانونا ً يقطع النظر عن إدراكه للواقعة محل الشهادة من عدمه.
3-الشاهد الواقعي أو الفعلي :
ويقصد به ذلك الشخص الذي أدرك الواقعة موضوع الشهادة بحاسة من حواسه حتى ولو لم يكتسب هذا الوصف من الناحية القانونية.
وفي جميع الأحوال فالشهادة أما أن تكون شهادة حقيقية أو زور .
وإذا ركزنا على الشهود من ناحية السن فهناك شهادة الطفل وشهادة المسن .
وأيضا من ناحية نوع الشاهد فقد يكون ذكر أو أنثى .
كما أن هناك تقسيما ً يركز على مدى تدعيمهم لجانب من جوانب الدعوى أو الخصومة محل البحث يتم تقسيم الشهود إلى شهود إثبات وشهود نفي.(1)
وأيضا هناك شهادة أخرى من أنواعها :
أ-الشهادة بالمشاهدة:
ومضمون هذه الشهادة هي أن يشهد الشاهد بما رآه أمام عينيه مباشرة فيقول ما وقع تحت سمعه وبصره مباشرة وهي أقوى أنواع الشهادة ��أسماها المشاهدة والمناظرة وهي تتسم بالجزم واليقين والبعد عن الظن والاحتمال .
ب-الشهادة بالسماع :
أي أن يسمع الشاهد الواقعة سماعيا ً أو بأية حاسة من حواسه فقد يحدث أن الشاهد لا يستطيع أن يدلي بشهادته أمام المحقق أو المحكمة فتقبل شهادته بواسطة شخص آخر. مثال ( في جريمة القتل قد لا ينجو منها فينطق أثناء خروج روحه باسم شخص أي قاتلهُ فلان ثم يموت وهنا يتقدم شخص أو أكثر بنقل هذه الشهادة ) .
ج-الشهادة بالتسامع:
أي أن يتقدم شخص بقول أنا سمعت أي عن لسان الجميع دون تحديد.
السلطة التقديرية للمحقق في سماع الشهود :
خول الشارع المحقق سلطة تقديرية في سماع الشهود ، وقد هدف بذلك إلى تمكينه من انتقاء الشهود الذين يرجح أن تكون لشهادتهم أهمية وتمكينه بعد ذلك من سؤالهم على النحو الذي يكفل استخلاص المعلومات ذات الأهمية في التحقيق والأصل أن يطلب الخصوم وخاصة المتهم سماع شهود معينين ولكن طلب الخصم ليس شرطا ً لسماع الشهادة فللمحقق أن يستدعي من يقدّر أهمية شهادته وله أن يسمع شهادة أي شخص كشاهد يحضر من تلقاء نفسه وهذا ما نصت عليه المادة(104) من قانون الإجرءات الجزائية العماني (يسمع عضو الإدعاء العام شهادة الشهود الذين يطلب الخصوم سماعهم ما لم يرى عدم الفائدة من سماعهم ، وله أن يسمع شهادة من يرى لزوم سماعه من الشهود عن الوقائع التي تثبت أو تؤدي إلى ثبوت الجريمة وظروفها وإسنادها إلى المتهم أو براءته منها) ونصت المادة(110) من ذات القانون انه"للخصوم بعد الانتهاء من سماع أقـــــوال الشهــــادة إبداء ملاحظاتهم عليها،ولهم أن يطلبوا من عضو الادعاء العام سماع أقواله عن نقاط أخرى يبينونها،ولعضو الادعاء العام أن يرفض توجيه أي سؤال لا يتعلق بالواقعة" .(1)
المطلب الثاني :
كيفية أداء الشهادة :
أوجب القانون على المحقق أن يسمع كل شاهد على انفراد فنص في مادته(112) من قانون الإجراءات الجنائيةالمصري انه :" فلا يصح سماع شاهد في حضور غيره حتى لا تكون هناك شبهه في التأثير أو التأثر لكن يجوز للمحقق أن يواجه بعضهم ببعض وبالمتهم ولم يرسم القانون لتلك المواجهة صورة معينة .وعلى المحقق أن يتأكد أولا من شخصية الشاهد بأن يطلب منه بيان اسمه ولقبه وسنه وصفاته وسكنه وعلاقته بالمتهم قبل سماع شهادته .(1)
وقد نص قانون الإجراءات الجزائية العماني في المادة(107) على انه (يسمع عضو الإدعاء العام كل شاهد على انفراد وله أن يواجه الشهود بعضهم ببعض وبالمتهم).
*أحوال الامتناع عن الشهادةأوالإعفاء منها:
- أن يكون الشاهد تربطه بالمتهم صلة الأصول أو الفروع أو القرابة أو المصاهرة إلى الدرجة الثانية أو الزوجية .
- أن لا تكون الجريمة واقعة على الشاهد أو أحد أقاربه .
- أن تكون هناك أدلة إثبات أخرى .
وإذا أختلف الشاهد عن أداء شهادته في غيرها تطبق عليه الامتناع عن الشهادة . (1)
وقد نص قانون الإجراءات الجزائية العماني في المادة (105) على انه( يجوز الامتناع عن الشهادة ضد المهتم من أصوله وفروعه وأقاربه وأصهاره إلى الدرجة الرابعة وزوجه ولو بعد انتهاء رابطة الزوجية إلا إذا كانت الجريمة قد وقعت على أحدهم أو لم تكن هناك أدلة إثبات أخرى).
حلف المتهم لليمين :
يجب على الشاهد الذي بلغ سن (18) حلف اليمين القانونية وفق ما جاءت به التشريعات ليطمأن المحقق من سلامة أقواله ويشهد بما شاهده أو سمعه عن الواقعة على أنه إذا لم يبلغ الشاهد سن البلوغ فإن شهادته تأخذ على سبيل الإستأناس وتعتبر قرينة على المتهم وأن حلف الشاهد يعتبر من ضمانات التي شرعت لصالح المتهم لتذكير الشاهد بالإله من سخطه (2) .
ضمانات إدلاء الشاهد بشهادته أمام سلطة التحقيق :
وهناك ضمانات كفلها القانون لكي تكون شهادة الشاهد سليمة خالية من أي عيب قد يصيبها وترد شهادته على البطلان ومن هذه الضمانات أثناء التحقيق الابتدائي أن يعرف المحقق الشاهد أن السلطة التي تحقق معه هي الإدعاء العام وهذه تعطي إطمئنان للشاهد بان يدلي بشهادته بكل ارتياح دون أن يكون تحت أي ضغط أو إكراه مادي أو معنوي .
أيضا أن يكون أسلوب المحقق معه محترما ً يعطيه قدر من الأهمية لكسب ثقته ويعبر عن ما في خالجه بما رآه عن الواقعة .
أيضا لا يقوم بالضغط عليه أو تهديده بإيقاع فعل ما عليه إذا لم يقوم بالشهادة مما يؤدي إلى أن يشهد بما لم يرى أو يسمع .
وعند سماع الشهادة من الشاهد العاقل المميز البالغ الكامل الأهلية وبعد تحليفه اليمين القانونية في كل مرة يسمع أمام سلطة التحقيق وعدم تحليفه يترتب عليه البطلان وأيضا يجب أن يدون هذه الشهادة في محضر يدون فيه شهادته وشخصيته دون شطب أو حشر إلا إذا صادق عليه المحقق كما يضع بعد ذلك المحقق والكاتب والشاهد شهادته على المحضر إمضاءه على كل صفحة في المحضر . (1)
بطلان الشهادة :
تبطل الشهادة إذا تمت بطريق غير مشروعة إذا خالف ما أمر به الدستور أو القانون أو الأحوال العامة . وعلى ذلك إذا صدرت أقوال من الشاهد بطريقة الإكراه سواء كان بالوعد أو الأغراء على أقل درجة وهو من النظام العام يجب على المحكمة أن تحكم به من تلقاء نفسها كما يجوز التمسك به من أي شخص ولو لم يكن هو من وقع عليه الإكراه كما نصت الـمادة (302) /2 . من قانون الإجراءات الجنائيـة المصري ((كل قول يثبت من أنه صدر من أحد المتهمين أو الشهود تحت وطأة الإكراه أو التهديد به يهدر ولا يعول عليه)).
أيضا تبطل شهادة الشاهد إذا لم يحلف اليمين القانونية بأن يقول الحق وهذا ما نصت عليه المادة (283) من قانون الإجراءات الجنائية المصري وأيضا ًتبطل شهادة الشاهد إذا شهد على إجراء باطل قام به كالتفتيش وجود مضبوط أشياء غير المصرح بها في إذن التفتيش .
كما تبطل شهادة الشاهد الذي لا يسمع في حضور المتهم والمدافع عنه وذلك حتى يتمكن المدافع من سؤال الشاهد عن شهادته .
وتبطل الشهادة أيضا ً إذا قامت بالشهادة صفه من الصفات التي تتعارض مع صفة الشاهد مثل ذلك القاضي نفسه أو أحد العاملين فيها أو وكيل النيابة أو المحقق .(1)
(1) انظر الإجراءات الجنائية في التشريع المصري سلامه - للدكتور مأمون محمد دار النهضة العربية 2002صــ242 .
(2) انظر استجواب الشهود في المسائل الجنائية العدالي - للدكتور محمود صالح دار الفكر الجامعية 2004صــ17 .
(3) انظر ضوابط الإثبات الجنائي- الفقهي - للمستشار عمر وعيسى منشأة المعارف 1999 صـــ56 .
(1) انظر الإجراءات الجنائية في التشريع المصري - سلامه - للدكتور مأمون محمد- دار النهضة العربية 2002. صـــ247 .
(2) انظر ضوابط الإثبات الجنائي- الفقهي - للمستشار عمر وعيسى -منشأة المعارف 1999صــ64 .
(1) انظر مناقشة الشهود واستجوابهم في الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي الزيني - للدكتور محمود محمد عبد العزيز - دار الجامعة الجديدة للنشر صــ122.
(2) انظر استجواب الشهود في المسائل الجنائية العدالي - للدكتور محمود صالح - دار الفكر الجامعي 2004 صــ18 .
(1) انظر استجواب الشهود واستجوابهم الزيني - للدكتور محمود محمد عبد العزيز دار الفكر الجامعي 2004صــ146 .
(1) انظر محمود نجيب حسني في شرح قانون الإجراءات الجنائية صـــ534 .
(1) انظر الإجراءات الجنائية -أبو عامر- دكتور محمد زكي -دار الجامعة الجديدة صــ558 .
(1) انظر الإجراءات الجنائية في التشريع المصري – سلامه- دكتور مأمون محمد - دار النهضة العربية 2002. صـ250 .
(2) انظر مناقشة الشهود واستجوابهم الزيني - دكتور محمود محمد عبد العزيز – دار الجامعة الجديدة للنشر صــ189.
(1) انظر الإجراءات الجنائية - أبو عامر - الدكتور محمد زكي – دار الجامعة الجديدة صـ560 .
(1) انظر الكتاب العامة للإجراءات الجنائية – مهدي - الدكتور عبد الرؤوف - مكتبة رجال القضاء صــ1356 .