مقال بعنوان تجريم فعل الإثراء غير المشروع بين افتراض قرينة البراءة وتطبيق مبدأ قلب عبء الإثبات
لا مراء في أن ظاهرة الفساد المالي تشكل خطرا حقيقيا يهدد استقرار المجتمعات وأمنها ويفقدها قيمها الأخلاقية ويقوض الجهود التي تبدلها في مجال التنمية المستدامة وإحقاق سيادة القانون، ناهيك عن الصلة القائمة بين الفساد وسائر أشكال الجريمة خاصة الجريمة المنظمة.
رابط تحميل المقال اسفل التقديم
____________________________
لا مراء في أن ظاهرة الفساد المالي تشكل خطرا حقيقيا يهدد استقرار المجتمعات وأمنها ويفقدها قيمها الأخلاقية ويقوض الجهود التي تبدلها في مجال التنمية المستدامة وإحقاق سيادة القانون، ناهيك عن الصلة القائمة بين الفساد وسائر أشكال الجريمة خاصة الجريمة المنظمة.
ووعيا بأهمية هذا الخطر بادر المنتظم الدولي إلى دعوة الدول إلى اتخاذ مجموعة من التدابير على المستويين المحلي أو الدولي الكفيلة بمكافحة الظاهرة سواء ذات الصلة بالآليات القانونية أو المؤسساتية، كان على رأسها تعزيز دائرة التجريم لتشمل كافة جرائم الفساد التقليدية منها أو المستحدثة وفق مقاربة خاصة تميز ما بين حالات التجريم الإلزامية رشوة الموظف العمومي اختلاس الممتلكات أو تبديدها أو تسريبها من طرف موظف عمومي - إخفاء ممتلكات متحصلة من جرائم الفساد إعاقة سير العدالة غسل الأموال وحالات التجريم الاختيارية أو الموصى بإدخالها في القوانين الوطنية الإثراء غير المشروع الرشوة في القطاع الخاص المتاجرة بالنفوذ إساءة استغلال الوظائف اختلاس الممتلكات في القطاع الخاص إخفاء متحصلات الجريمة.
انظر ديباجة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد المالي لسنة 2003. انظر الفصل الثالث من اتفاقية ميريدا لمكافحة الفساد تحت عنوان: " التجريم وإنفاذ القانون". إذ تميز الاتفاقية المذكورة بين حالات التجريم الإلزامية من خلال استعمال عبارة " تعتمد كل دولة طرف ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى لتجريم...... وحالات التجريم
15
وإذا كانت حالات التجريم الإلزامية لم تطرح أي إشكال على مستوى التنزيل فإن حالات التجريم الاختيارية عرفت بعض الصعوبات عند تنزيل مقتضياتها داخل التشريعات الوطنية، خاصة تجريم فعل الإثراء غير المشروع L'enrichissement illicite" الذي خصصته اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد بمقاربة خاصة ضمن خانة الحالات الاختيارية للتجريم من خلال ربطه من جهة بدستور الدولة ومن جهة أخرى بالمبادئ الأساسية لنظامها القانوني، إذ ورد في المادة 20 من الاتفاقية المذكورة ما يلي:
تنظر كل دولة طرف رهنا بدستورها والمبادئ الأساسية لنظامها القانوني، في اعتماد ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى لتجريم تعمد موظف عمومي إثراء غير مشروع، أي زيادة في موجوداته زيادة كبيرة لا يستطيع تعليلها بصورة معقولة قياسا إلى دخله المشروع.
3/14 وهو الوضع الذي انعكس على مستوى توجهات القوانين الداخلية، إذ قاربات المعتمدة في ما يخص التعامل مع فعل الإثراء غير المشروع -1 قوانين داخلية لا تجرم فعل الإثراء غير المشروع على أساس أنه يمس بمبدأ افتراض قرينة البراءة وما يترتب عنه من كون جهة الادعاء هي الملزمة بتقديم وسائل الإثبات، معززة موقفها بما نصت عليه اتفاقية مكافحة الفساد بخصوص اختيارية التجريم ومراعاة مع ينص عليه دستور الدولة والمبادئ الأساسية لنظامها القانوني خاصة احترام مبدأ قرينة البراءة
الإختيارية من خلال استعمال عبارة " تنظر كل دولة طرف في اعتماد ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى لتجريم ........ المزيد من التوسع حول مقاربة التفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد الحالات إلزامية واختيارية التجريم، يراجع الدليل المعد من طرف مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة تحت عنوان الدليل التشريعي لتنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، الطبعة الثانية 2012م - ص 57 وما يليها.
انظر:
"1 enrichissement illicite", rapport de Mohamed Loukili et Michele Zirari Dewif, Transparency maroc, p 17.
16
-2 قوانين داخلية تجرم فعل الإثراء غير المشروع بشكل صريح في إطار استكمال منظومتها القانونية لمكافحة الفساد، كما هو الحال بالنسبة لدول مصر القانون رقم 62 لسنة 1975) والأردن (قانون إشهار الذمة المالية رقم 54 لسنة (2006) ولبنان القانون رقم 154 لسنة (1999) والجزائر (قانون الوقاية من الرشوة رقم 06.01 لسنة )1981( 2006) والسنغال (قانون رقم 81.53 وقانون رقم 81.54 لسنة( ومالي قانون رقم 82.39 لسنة (1982) والأرجنتين تعديل القانون الجنائي لسنة 1964).
3 - قوانين داخلية تجرم فعل الإثراء غير المشروع، ولكن ليس كفعل مستقل وإنما كفعل مرتبط بجريمة أخرى كما هو حال المشرع الفرنسي الذي جرم فعل عجز الشخص عن تبرير مصادر ملائمة مستوى معيشته في الوقت الذي يعيش فيه مع شخص اعتاد على تعاطي البغاء أو الدعارة ( الفصل 225.6 من القانون الجنائي) أو في حالة إذا كان يعيش مع قاصر له سلطة عليه اعتاد على ارتكاب جنايات أو جنح ضد ممتلكات الغير الفصل 321.6 من القانون الجنائي أو في حالة ما إذا كان يعيش مع أشخاص اعتادوا التعاطي للتسول (الفصل 225.12.5 من القانون الجنائي)، في حين ذهبت بعض التشريعات إلى اعتبار الإثراء غير المشروع وسيلة إثبات لجريمة الرشوة وليس بفعل جرمي قائم بذاته كما هو الحال بالنسبة للتشريع الكندي.
هذا، وعلى إثر مبادرة وزارة العدل والحريات إلى تجريم فعل الإثراء غير المشروع ضمن أحكام المادة 256.8 من مشروع قانون رقم 10.16 يقضي بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي المغربي
بعد مرتكبا لجريمة الإثراء غير المشروع، ويعاقب بغرامة من 100.000 إلى 1.000.000 درهم كل شخص ملزم بالتصريح الإجباري بالممتلكات طبقا للتشريع الجاري به العمل ثبت بعد توليه للوظيفة
وهو التوجه التي أخذ به المشرع المغربي ضمن مقتضيات الفصل 498.7 من مجموعة القانون الجنائي.
17
أو المهمة أن ذمته المالية أو ذمة أولاده القاصرين الخاضعين للتصريح عرفت زيادة كبيرة، وغير مبررة، انطلاقا من التصريح بالممتلكات الذي أودعه المعنى بالأمر، بعد صدور هذا القانون مقارنة مع مصادر دخله
______________
رابط التحميل
https://drive.google.com/file/d/19gyR-hFCB9QbfByvxwI3ZdUAhEXDEk0v/view?usp=drivesdk