السياسة الجنائية بالمغرب : واقع وآفاق
في إطار الإسهام في نهج سياسة موضوعية هادفة وواعدة تتفاعل مع المستجدات التي يمكن أن تعطي قيمة مضافة للمجهودات المبذولة من اجل إحلال منظومة السجون مكانة تتلاءم وما نطمح إليه، وجعل العقوبة تؤدي دورها الإصلاحي والتربوي، سنحاول رصد الوضع العقابي القائم وسياسة الإصلاح وإعادة الإدماج والرعاية اللاحقة،
رابط تحميل الكتاب اسفل التقديم
_____________________________
معطيات إحصائية وتقييمية للسياسة الجنائية بالمغرب
في إطار الإسهام في نهج سياسة موضوعية هادفة وواعدة تتفاعل مع المستجدات التي يمكن أن تعطي قيمة مضافة للمجهودات المبذولة من اجل إحلال منظومة السجون مكانة تتلاءم وما نطمح إليه، وجعل العقوبة تؤدي دورها الإصلاحي والتربوي، سنحاول رصد الوضع العقابي القائم وسياسة الإصلاح وإعادة الإدماج والرعاية اللاحقة،
واستعراض مؤشرات وحقائق وأرقام الملامسة تأزم الفضاء السجني. تعتبر ظاهرة الاكتظاظ أولى الإشكاليات التي تعاني منها المؤسسات السجنية، حيث تدفعنا إلى التفكير للرفع من المساحة المخصصة لإيواء السجناء على حساب تطبيق البرامج الإصلاحية أحيانا. ففي متم شهر غشت من سنة 2004، بلغ عدد المعتقلين 56639 معتقلا، 27999 منهم احتياطيون، أي بنسبة 4943%، وهذا العدد يشكل نسبة مرتفعة تقارب 0.2% تقريبا بالنسبة لعدد السكان مقابل 0.1 % بالنسبة لأغلب دول العالم، وبتتبع تطور معدل المعتقلين يلاحظ بأنه في الثلاثة العقود الأخيرة تضاعف العدد 54542 333,89 %، حيث انتقل عدد السجناء من 16335 معتقلا سنة 1973 إلى معتقلا سنة 2003، في حين تضاعف عدد السكان ب 186,18 % خلال نفس الفترة، 30.088.000 حيث كان سنة 1973 لا يتعدى 16.160.000، وفي سنة 2003 بلغ الأمر الذي يدعو إلى التساؤل حول ما إذا كان مشكل الاكتظاظ يعود إلى تنامي ظاهرة الإحرام أم إلى عجز الوزارة عن بناء سجون كافية لإيواء المعتقلين، أم إلى عدم ترشيد الاعتقال واستصدار أحكام قضائية تتناسب وخطورة الفعل الإحرامي وشخصية الجاني؟ الواقع أن المغرب باستثناء الأحداث الإرهابية الأخيرة، يعرف نوعا من الاستقرار الأمني، ومن غير المسلم به الحديث عن تنامي ظاهرة الإحرام، وتأسيسا على ذلك فإن
العدد الطبيعي والمنطقي الذي يساير جل الدول 10,1 بالنسبة للساكنة لن يتعدى 30 او 35 ألف سجين، واعتمادا على هذا الرقم فإن الوزارة تتوفر الآن على 89012,80 متر مربع للإيواء بنسبة 3 أمتار مربع لكل سجين كافية لضمان ظروف إيواء حسنة.
غير أن الملاحظ هو أن المؤسسات السجنية تأوي أعدادا من السجناء تعاكس هذه المعادلة بالرغم من المجهودات المبذولة التي أفضت إلى بناء حوالي 13 مؤسسة سجنية خلال الخمس السنوات الأخيرة، وفي القريب العاجل سيشرع بالعمل بخمس مؤسسات سحنية جديدة، الأمر الذي يفضي بنا إلى بديهية وهي بأن بناء السجون بشكل يتماشى والمؤشرات والتوقعات الطبيعية لا يعالج الإشكالية.
وباستقراء حركية المعتقلين نلاحظ أن ما يقارب 24% من مجموع الاحتياطيين الوافدين على المؤسسات السجنية خلال سنة 2003 تم الإفراج عنهم بأحكام وقرارات موجبة للإفراج كالبراءة، أو العقوبة الموقوفة التنفيذ، أو عدم المتابعة أو الغرامة، وهو ما يشكل 17.607 معتقلا، كما يلاحظ على مستوى حركية العقوبة أن معدل الاعتقال خلال نفس السنة عرف ارتفاعا ملحوظا حيث سجل 7,93 مقارنة مع سنة 1995 التي لم يتعد فيها 5,79 .
ومن هذا المنطلق، يمكن القول أنه بالرغم من أن المنظومة القانونية تبيح خيارات شتى بديلة للاعتقال وتمنح القاضي النيابة صلاحيات أوسع في الحفظ إعمالا لمبدأ الملاءمة حتى ولو توفرت عناصر الإثبات وصلاحيات المتابعة في حالة سراح، وللقاضي الجالس حق النزول عن الحد الأدنى للعقوبة واستبدال العقوبة السالبة للحرية بغرامة، بالإضافة إلى المستجدات المتعلقة بالصلح والمراقبة القضائية ووقف سريان الدعوى، فيبدو أن مشكل اكتظاظ السجون مرده إلى آليات تطبيق المقتضيات القانونية إن صح التعبير، أو إلى السياسة العقابية. فهناك غلو في اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي كما تدل على ذلك الإحصائيات السالفة الذكر، وشدة في الأحكام بدون اعتبار الجوانب الإنسانية التي تخص على سبيل المثال الشيوخ والمرضى والمختلين عقليا والنساء الحوامل وصغار الجانحين، ويحرمي الصدفة. ولا يخفى ما تكابده المؤسسات من متاعب وتتحمله من مشاق و اعتمادات جراء معالجة المصابين بأمراض مستعصية ومزمنة، لابد من الإشارة إلى أن جل
هؤلاء يلجون السجن وهم مصابين بهذه الأمراض.
_________________________
رابط التحميل
https://drive.google.com/file/d/1BkCEVcEy_MFIMZoPvq57IINCZx8GKySI/view?usp=drivesdk