الدفاع الشرعي كمانع للمسؤولية المدنية

مجموعة دروس وعروض في قانون المسؤولية المدنية في القانون المغربي للتحضير للمباريات القانونية

الدفاع الشرعي كمانع للمسؤولية المدنية
نص الفصل 95 من قانون الالتزامات والعقود المغربي على أنه:"لا محل للمسؤولية المدنية في حالة الدفاع الشرعي، أو إذا كان الضرر قد نتج عن حادث فجائي أو قوة قاهرة، لم يسبقها أو يصطحبها فعل يؤخذ به المدعى عليه".

وحالة الدفاع الشرعي هي تلك التي يجبر فيها الشخص على العمل لدفع اعتداء حال غير مشروع موجه لنفسه أو لماله أو لنفس الغير أو ماله.

يتبين من هذا الفصل، أنه يجوز من الناحية المدنية إعفاء الشخص من المسؤولية والتعويض متى وجد في حالة دفاع شرعي، فإذا رأى شخص نفسه أو ماله أو نفس الغير أو ماله مهددا باعتداء واقع من شخص آخر، فرد هذا الاعتداء باعتداء مثله، وترتب على ذلك ضرر للمعتدي، فإنه لا يسأل لأنه كان يرد اعتداءا غير مشروع، ورد الاعتداء غير المشروع عمل مشروع فلا تترتب عليه المسؤولية.

وإذا كانت حالة الدفاع الشرعي تعفي من تقررت لصالحه من المسؤولية، فذلك رهين بتحقق الشروط التالية: 1 ـ فبالنسبة للاعتداء يشترط فيه: ـ أن يهدد الاعتداء النفس أو المال: وكما هو واضح من الفصل 124/3 من القانون الجنائي، فإن المشرع المغربي قد توسع في نطاق المحل الذي يجوز رد العدوان الواقع عليه بالدفاع الشرعي، فقرر أن الدفاع قد يكون على نفس راد الاعتداء أو غيره، أو عن ماله أو مال غيره.

وفي هذا الصدد نلاحظ أن المشرع لم يشترط أية علاقة بين الذي يقوم برد العدوان بالدفاع الشرعي عن نفس الغير أو ماله، وبين هذا الغير.

ـ أن يكون خطر الاعتداء حالا: وهو يكون كذلك، إذا كان الاعتداء لم يقع بعد ولكنه وشيك الوقوع بحسب المجرى المألوف للأمور، ونحو ذلك أن يهدد شخص آخر بقتله أو إيذائه، ويخرج السكين من غمده ويتجه نحوه، ففي هذه الحالة يكون للمهدد بالقتل أو الإيذاء بالدفاع عن نفسه.

ويكون خطر الاعتداء حالا كذلك إذا كان الاعتداء قد وقع فعلا، ولكنه لم ينته بعد، وهذه الحالة كثيرة الوقوع كالشخص الذي يكيل للآخر ضربا مبرحا وهو في حالة غضب وثوران شديد يستدل منهما أن المتعدي مازال ينوي الاستمرار في ضرب المعتدى عليه، وهنا يجوز للمعتدى عليه ممارسة حقه في الدفاع الشرعي لمنع المعتدي من الاستمرار في عدوانه الذي يعتبر قانونا، حالا.

ـ أن يكون الاعتداء غير مشروع: حتى يبرر للفرد رد اعتداء حال عن النفس أو المال للمدافع أو غيره بالقوة، فلابد أن توجه هذه القوة ضد اعتداء غير مشروع، وبالنتيجة فلا يجوز مواجهة فعل مشروع كمطاردة رجل الشرطة أو أي أحد من الجمهور لمجرم في حالة التلبس بالقوة والعنف، لأن فعل رجل الشرطة أو أي أحد من الجمهور في هذه الحالة مشروع، ونفس الحكم ينطبق على مختلف صور التأديب التي يقوم بها الأب على أبنائه أو زوجاته أو المعلم على تلامذته، إذا كان هذا التأديب في حدود إصلاح الحدث أو الزوجة أو التلميذ.

2 ـ ويشترط في فعل الدفاع لكي يكون فعل الدفاع معتبرا ما يلي: ـ أن يكون لازما وضروريا لدرء الاعتداء: وهذا الشرط بديهي لأنه إذا كان للمعتدى عليه الفرصة لمراجعة السلطة العامة أو أية وسيلة أخرى غير رد العدوان بالقوة، ولم يلجأ إليها، فإنه سيكون مسؤولا بدوره إن هو التجأ إلى الدفاع بدل استنفاذه لتلك الوسيلة، ومع ذلك وجب الإشارة إلى خلاف في الفقه يدور حول صلاحية الهرب أو الفرار كوسيلة يلزم اللجوء إليها من طرف المعتدى عليه بدل رد العدوان بالقوة ومواجهة المعتدي.

ـ أن يكون فعل الدفاع متناسبا مع الاعتداء: وقد استلزم المشرع صراحة توافر هذا الشرط في الفقرة 3 من المادة 124المذكورة، وهو شرط اقتضته المبادئ العامة على اعتبار أن ممارسة حق الدفاع الشرعي كممارسة أي حق يجب أن يمارس بلا إفراط، وبدون أن يكون مشوبا بالتعسف في استعماله، ومن ثم فلكي يعتبر المرء في حالة دفاع شرعي لزمه أن يستعمل قدرا من القوة والعنف متناسبا مع جسامة فعل الاعتداء، ويلاحظ بأن شرط التناسب هذا ولو أن المشرع قد استلزمه فهو لم يحدد له معيارا يتحقق به، ولذلك يبقى للقضاء القول الفاصل في مدى توافره من عدمه في ضوء ظروف الدعوى وملابساتها، فمثلا الذي يهاجم آخر بالصفع، يكون له إذّاك أن يدافع عن نفسه بضربه المهاجم بلكمات بقبضة يديه، أو طرحه أرضا، أو ضربه بأي أداة لا خطورة فيها كعصا أو حبل بلاستيكي.

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0