مسطرة الأمر بالأداء في القانون المغربي - شروطها و آثارها

مجموعة دروس في قانون المسطرة المدنية للتحضير للمباريات القانونية و السداسية السادسة شعبة القانون والاسنعانة بها في البجوث والعروض والمقالاتمسطرة الأمر بالأداء - شروط مسطرة الأمر بالأداء - آثار مسطرة الأمر بالأداء - الجهة المعنية بمسطرة الأمر بالأداء

مسطرة الأمر بالأداء في القانون المغربي - شروطها و آثارها

نظم المشرع هذه المسطرة في القسم الرابع من قانون المسطرة المدنية في الفصول من 155 إلى 165 ، و تتميز هذه المسطرة ببساطتها و سرعتها و فعاليتها في استخلاص الديون التي لا تحتاج إلى تحقيق كامل لثبوتها بالكتابة من طرف الدائن.

و بالرجوع إلى تاريخ هذه المسطرة, لم يكن لها وجود في ق.م.م لسنة 1913 , إذ لم يتم إحداثها إلا في سنة 1951 بموجب ظهير 20 يناير 1951 تحت عنوان " مسطرة بسيطة للدعاوي التي تقام بشأن أداء ديون ناتجة عن رسم دين أو عن اعتراف بدين في 12 فصلا " المعدل مرتين بموجب ظهير 13 أبريل 1952 و ظ 17 مارس 1957 و قد استلهم المشرع المغربي المقتضيات المتعلقة بهذه المسطرة من المرسوم الفرنسي المؤرخ ب 25 غشت 1937 الذي أدمج في نهاية المطاف في المدونة الجديدة للمسطرة المدنية الفرنسية الصادرة بتاريخ 12 مايو 1981 ,بعد ذالك صدر ظ 27 يوليو 1970 لينظم مسطرة الأمر بالادعاء بنفس المبادئ التي قررها ظ 1951 و في 28 شتنبر 1974 تم إدماج المسطرة المذكورة في صلب ق.م.م و في 1997 سنة إحداث المحاكم التجارية أحال القانون رقم 53.95 في المادة 22 على المواد 155 إلى 165 بخصوص الإجراءات الخاصة بهذه المسطرة في القضايا التجارية .

من هنا نلاحظ أن هذه المسطرة تكتسي أهمية كبرى سواء على المستوى النظري أو العملي و تتجلى الأهمية النظرية في كون المشرع و من خلال النصوص القانونية حدد شروط سلوك هذه المسطرة و أعطى هذه إلامكانية في التقاضي أو سلوك الطريق العادي للتقاضي , أما من الناحية العملية نلاحظ كثرة الإقبال عليها نظرا لتميز هذه المسطرة بالبساطة حيث تتم في غيبة الأطراف و دون حضور كاتب الضبط مما يجعل صدورها يتسم بالسرعة إضافة الى قلة الرسوم القضائية و إلى كونها رخصة و ليست إلزامية .

طبيع مسطرة الامر بالاداء :

إن صدور مسطرة الأمر بالأداء في غيبة الأطراف و دون حضور كاتب الضبط لا يجعله مجرد أمر ولائي بل يعتبر حكما قضائيا و هذا ما جاء به الفصل 1422 من ق.م.م الفرنسي " إن الأمر بالأداء ينتج آثار الحكم الحضوري في حالة عدم التعرض عليه " كذالك الفصل 853 من قانون المرافعات المصري اعتبره بمثابة حكم غيابي . أما القانون المغربي فلم يرد فيه نص صريح إلا أن النص على تنفيذه بعد صدور أجل الاستئناف يجعله في مصاف الأحكام القضائية .

يختلف الأمر بالأداء عن القرار ألاستعجالي في كون هذا الأخير يصدر بعد استدعاء الأطراف و إدلائهم بحججهم و لا يمس أصل الحق و يستوجب توفر عنصر الاستعجال بخلاف الأمر بالأداء الذي يصدر في غيبة الأطراف و دون حضور كاتب الضبط و دون حاجة إلى عنصر الاستعجال و يمس أصل الحق .

الإشكالية :

إذا كانت مسطرة الأمر بالأداء تتسم بالخصوصية والسرعة و البساطة فهذا لا يعني أن رئيس المحكمة يكتفي بالمصادقة على طلب الأمر بالأداء دون قيد أو شرط بل حدد مجموعة من الشروط و الشكليات إضافة إلى خضوع هذه المسطرة إلى القواعد العامة، ومن هنا يمكن إثارة الإشكالية التالية :

إلى إي حد استطاع المشرع أن يجعل هذه المسطرة أداة فعالة للوفاء بالالتزامات المالية خصوصا و أنها ضحت بمبدأ حق الدفاع , و هل فعلا تتسم بالسرعة و البساطة خاصة بالنظر إلى الشروط المطلوبة و الإجراءات الواجب إتباعها لاستصدار الأمر بالأداء. للإجابة على هذه الإشكاليات سوف نتناول الموضوع وفق المنهجية الكلاسيكية التالية

المبحث الأول: شروط رفع دعوى الأمر بالأداء

المطلب الأول: شروط استصدار الأمر بالأداء

لاستصدار امر بالأداء يتعين توفر شروط موضوعية نص عليها الفصل 155 من ق م م، و شروط شكلية تتمثل أساسا في أداء الرسوم القضائية و تنصيب محام و عدم وجوب تبليغ الطلب بالخارج و ان يكون موطن المدين معروفا بتراب المملكة.

سنتطرق في المطلب الأول للشروط الموضوعية، و في المطلب الثاني سنتناول الشروط الشكلية

الفقرة الأولى: الشروط الموضوعية

لقد نص الفصل 155 من ق م م على ما يلي: يمكن إجراء مسطرة الأمر بالأداء في كل طلب تأدية مبلغ مالي يتجاوز 1000 درهم مستحق بموجب سند أو اعتراف بدين حسب الشروط الآتية......."

نستنتج من خلال مقتضيات هذا الفصل أن الشروط الموضوعية لاستصدار الأمر بالأداء هي ثلاث:

· طلب أداء مبلغ مالي

· تجاوز هذا المبلغ لألف درهم

· ان يكون المبلغ ثابت بموجب سند أو اعتراف بدين

1- طلب اداء مبلغ مالي:

يقصد بالمبلغ المالي، المبلغ النقدي و ليس الالتزام بالقيام بعمل و عدم القيام بعمل، ففي الحالة الأخيرة لا يجوز سلوك مسطرة الأمر بالأداء و إنما يتعين إتباع الطريق العادي للتقاضي[1].

و يجب كذالك ان يكون المبلغ المالي بالعملة الوطنية أي بالدرهم المغربي [2]، إلا أن المشرع سمح في بعض الحالات بالوفاء بغير العملة الوطنية كما هو الأمر في الكمبيالة و الشيك و السند لأمر.

أ-الوفاء بغير العملة الوطنية في الكمبيالة:

تنص المادة 187 من مدونة التجارة على انه إذا اشترط وفاء الكمبيالة بعملة غير متداولة في بلد الوفاء، جاز وفاء مبلغها بعملة هذا البلد حسب قيمتها يوم الاستحقاق و إذا تأخر المدين عن الوفاء كان للحامل خيار المطالبة يوم الاستحقاق آو يوم الوفاء.

و يتبع عرف بلد الوفاء في تعيين قيمة العملة الأجنبية و لا تسري القواعد السالف ذكرها في حالة إذا اشترط الساحب ان يحصل الوفاء بعملة معينة، اذا عين مبلغ الكمبيالة بعملة تحمل اسما مشتركا تختلف قيمتها في بلد إصدارها عن قيمتها في بلد الوفاء، يفترض ان الاداء يكون بعملة بلد الوفاء.

تطبق مقتضيات هذه المادة مع مراعاة قوانين الصرف الجاري بها العمل يوم التقديم للوفاء.

و المشرع ميز، في هذا الصدد، بين حالتين [3]:

· الحالة 1: إذا تم التنصيص في الكمبيالة على أن الأداء يكون بعملة أجنبية معينة دون اشتراط الأداء الفعلي بعملة أجنبية، في هذه الحالة لا يكون المدين ملزما بالأداء بالعملة الأجنبية و إنما يكون له الخيار بين الأداء بالعملة الأجنبية أو الأداء بما يقابلها بالعملة الوطنية حسب قيمتها يوم الاستحقاق[4].

· الحالة 2: إذا أورد الساحب في الكمبيالة أنها واجبة الأداء بعملة أجنبية معينة، فيكون المدين ملزما بالأداء بالعملة الأجنبية المشترطة.

ب- أداء قيمة السند لأمر و الشيك بالعملة الأجنبية

إن مقتضيات المادة 234 منن مدونة التجارة المتعلقة بالكمبيالة تطبق على السند لأمر إذا كانت لا تتعارض مع طبيعة هذا السند و قد تمت الإحالة على المادة 187 من مدونة التجارة التي تطرقنا اليها في الفقرة السابقة.

أما بالنسبة للشيك، فقد جاءت المادة 275 من م ت بمقتضيات مشابهة لتلك المنصوص عليها في المادة 187 و التي نصت على ما يلي: إذا اشترط وفاء الشيك بعملة أجنبية، جاز وفاء مبلغه في الأجل المحدد لتقديمه بالدرهم حسب سعره يوم الوفاء، فاذا لم يقع الوفاء يوم التقديم كان خيار المطالبة بمبلغ الشيك حسب سعر الدرهم يوم التقديم أو يوم الأداء.

و تجدر الإشارة أن القواعد المنظمة للكمبيالة تطبق على السند لأمر.

2- تجاوز المبلغ ل1000 درهم

بالإضافة إلى وجوب أن يتعلق بمبلغ مالي لاستصدار الأمر بالأداء فانه من الضروري ان يتجاوز هذا المبلغ قيمة ألف درهم، و هذا القدر مقتصر على أصل الدين و لا يشمل المصاريف القضائية و الصوائر التي قد يكون الدائن أنفقها للحصول على دينه و ذالك تطبيقا للمادة 11 من ق م م حيث نص على مايلي:

يحدد الاختصاص النهائي استنادا إلى مبلغ الطلب المجرد الناتج عن اخر مستنتجات المدعي باستثناء الصوائر القضائية و الفوائد القضائية و الغرامات التهديدية و الجبائية[5]

و لا يكفي أن يطلب المدعي، بسلوكه هذه المسطرة، في مقاله الحكم له بمبلغ يتجاوز 1000 درهم دون ان يكون المبلغ الثابت بسند دينه يتجاوز الف درهم، فإذا كان السند يتضمن دينا اقل من ألف درهم، و عمد الدائن إلى المطالبة بمبلغ يتجاوز ألف درهم تعين رفض الطلب، تطبيقا للفصل 155 من ق م م الذي ربط تأدية المبلغ المالي المتجاوز لألف درهم بان يكون هذا المبلغ مستحق بموجب سند او اعتراف بدين[6].

و تجدر الإشارة أن ظهير 20 يناير 1951، و ظهير 27 يوليوز 1970 يقيد مسطرة الأمر بالأداء بمبلغ معين، بينما لم يقيد اللجوء إلى هذه المسطرة بحد ادني للدين المطلوب.

و يتحقق شرط تجاوز الدين لاف درهم و لو كان ثابتا بأكثر من سند.

3- أن يكون الدين ثابتا

تطبيقا لمقتضيات المادة 155 من ق م م يتعين لإتباع سلوك مسطرة الأمر بالأداء ، أن يكون المبلغ المالي الذي يطالب به الدائن مكتوبا أي أن يستحق بموجب سند او اعتراف بدين.

ووجوب الكتابة لسلوك مسطرة الأمر بالأداء، ينسجم مع مقتضيات المادة 443 من ق ل ع المعدل سنة 2007، و الذي ينص على ما يلي:

الاتفاقات و غيرها من الأفعال القانونية التي يكون من شانها أن تنشئ آو تنقل او تعدل او تنهي الالتزامات أو الحقوق ، و التي تتجاوز 10000 درهم لا يجوز إثباتها بشهادة الشهود، و إنما يجب تحرر بحجة عرفية أو رسمية [7].

و لم يشترط المشرع لإثبات الدين في إطار هذه المسطرة شكلا معينا من المحررات، إذ يمكن أن يكون الدين ثابتا بحجة عرفية آو رسمية، رغم اختلاف الحجية بين المحررين.

و قد استعمل المشرع عبارة الاعتراف بدين، رغم أن الاعتراف يكون بطبيعته شفويا، كما يمكن تحريره في حجة كتابية، و الاخد بالاعتراف الشفوي لا يتماشى مع خصوصيات مسطرة الأمر بالأداء المتمثلة أساسا في مباشرتها في غيبة الأطراف، مما يستوجب تغيير الاعتراف بدين، مع العلم ان هذا المصطلح يقصد به الاعتراف المكتوب المشار إليه في الفصل 147 من ق م م بعبارة التعهد المعترف به[8].

و قد اتخذ المشرع التونسي، نفس موقف المشرع المغربي، فيما يخص وجوب ثبوت الدين حيث جاء التعقيب التونسي عدد 763 بتاريخ 23/07/1978: انه من الواجب أن يكون سند الأمر بالدفع بالأداء حجة كتابية ثابتة نسبتها للمدين دون قبولها للمعرضة و المناقشة، و بذالك فان الوصولات الحاملة لاسم او إمضاء ذالك الغير مع معرضة المدين في نسبتها إليه أو نيابة ذالك الغير عنه، فان اعتماد هذه الوصولات و الحكم عليه بالداء يكون خارقا للقانون.

3-ان يكون للمدين موطن معروف بالمغرب للتبليغ

يجب ان يكون للمدين موطن معروف بالمغرب لان المدين المستوطن بالخارج- 41 ق م م- يستغرق وقتا طويلا من شانه ان يفوت على الدائن المحكوم له الفرصة للاستفادة من الغاية التي استهدفها المشرع من وراء إقراره لهذه المسطرة.

الفقرة الثانية: الشروط الشكلية لمسطرة الامر بالاداء

اذا ما تحققت الشروط الموضوعية المتقدمة و اللازم توفرها لسلوك مسطرة الأمر بالأداء فانه يجب على الدائن ان يتخذ إجراءات معينة اذ يتقدم هو او وكيله الى القاضي المختص باصدار الامر بالاداء بمقال يشتمل على البيانات المتطلبة قانونا مرفقا بالمستندات اللازمة.

1- طلب الأمر بالأداء

إن المشرع المغربي قد اختار شكل المقال لاستصدار الأمر بالأداء، فبعد ان نص على إمكانية إجراء مسطرة الأمر بالأداء عن كل تأدية مبلغ مالي-المادة 155- فانه أحال، في ما يخص شكل الطلب على الشروط المنصوص عليها في القسم الثالث من ق م م، خاصة الفصل 31 أو الفصل 156 الفقرة الثانية و هو بصدد تحديد مضمنات طلب الأمر بالأداء استعمل لفظ المقال نفس العبارة نجدها في المواد 158 و 159 من ق م م[9].

و إذا كان المشرع المغربي قد اختلف مع العديد من التشريعات العربية التي اخدت قوانينها بالعريضة كشكل لطلب الأمر بالأداء، فان هذا الاختلاف ينحصر في التسمية فقط لان البيانات التي استلزمها المشرع المغربي في مقال الأمر بالأداء و هي نفسها تلك التي استلزمها المشرع المصري –المادتين 780 و 782 من قانون المرافعات- و المشرع الكويتي في المادة 175.

2- بيانات و مرفقات المقال

من خلال قراءتنا لمقتضيات المادة 156 من ق م م الذي ينص على ما يلي: ترفع الدعوى إلى المحكمة الابتدائية طبقا للشروط المنصوص عليها في القسم الثالث أعلاه، يتضمن المقال الاسم العائلي و الشخصي و مهنة الأطراف مع البيان الدقيق للمبلغ المطلوب و موجب الطلب..

نجد أن البيانات المطلوبة في إطار مقال الأمر بالأداء هي نفسها المطلوبة بالنسبة للمسطرة العادية و يمكن القول ان هذه المسطرة لا تمتاز بأي خصوصية مقارنة مع المسطرة العادية.

و المقال الذي يرفعه طالب الأمر بالأداء يستوجب ذكر الاسم العائلي و الشخصي و مهنة الأطراف و موطنهم و الإشارة إلى المبلغ المطلوب و موجبه أي سببه واصله حتي يتمكن رئيس المحكمة من التأكد من مدى مطابقته للنظام العام.

يجب كذالك أن يرفق المقال بسند الدين و عند الاقتضاء بالسند المثبت لصحة الدين، طبقا لمقتضيان المادة 156، و في هذا الإطار نجد قانون المرافعات المصري قد أوقف حق استصدار الأمر بالأداء على قيام الدائن باعذار المدين بالوفاء بميعاد خمسة ايام على الأقل [10]، أما المشرع المغربي فلم يشترط الاعذار اسوة بالمشرع الفرنسي و الجزائري.

و مما يؤاخذ على نظام الأمر بالأداء هو خرقه النظام العام التقاضي و المساواة بين الخصوم من خلال إعطاءه للدائن امتياز سلوك مسطرة خاصة تغيب المدعي عليه و تحرمه من حقه في الدفاع ، و لا تحترم مبدأ علنية الجلسات.

بعد أن تحدثنا عن الشروط الواجب توفرها لاستصدار الأمر بالأداء، سنتطرق في المطلب الثاني إشكاليات التي يطرحها الاختصاص.

المطلب الثاني: الجهة المختصة في مسطرة الامر بالاداء

لقد كان الاختصاص في إطار ق م م لسنة 1974، حكرا على رئيس المحكمة الابتدائية، لكن باحداث المحاكم التجارية بموجب قانون 95-53 أصبح لرئيس المحكمة التجارية الاختصاص في البث في طلبات الأمر بالأداء.

الفقرة الأولى: اختصاص رئيس المحكمة الابتدائية

تنص المادة 158 من ق م م على انه يختص رئيس المحكمة الابتدائية و حده بالبث في مقالات الامر بالأداء، و قد اثأر مصطلح وحده جدلا فقهيا و قضائيا، فمثلا نائب رئيس المحكمة الابتدائية يختص بإصدار الأمر بالأداء، و يمكن له ان ينيب عنه غيره للقيام بهذه المهمة و قد تاكد ذالك من خلال قرار المجلس الأعلى الصادر بتاريخ 24/04/1991 الذي قضى بان لنائب رئيس المحكمة ان يقوم بالأعمال المسندة قانونا للرئيس و بتفويض منه و بهذه الصفة [11].

إن إسناد الاختصاص لرئيس المحكمة في البث في طلبات الأداء يعتبر ضمانة تسجل لصالح أطراف هذه المسطرة و خاصة الدائن، نظرا لكفاءته على اعتبار الخبرة و السرعة و الكفاءة التي يمتاز بها رئيس المحكمة.

الفقرة الثانية: اختصاص رئيس المحكمة التجارية

نصت المادة 22 من القانون المحدث للمحاكم التجارية على انه يختص رئيس المحكمة التجارية بالنظر في مقالات الأمر بالأداء المثبتة على الأوراق التجارية و السندات الرسمية طبقا لأحكام الباب الثالث من القسم الرابع من قانون المسطرة المدنية.

الأوراق التجارية طبقا للكتاب الثالث من مدونة التجارة هي الكمبيالة و الشيك و السند لأمر، و رئيس المحكمة التجارية هو صاحب الاختصاص بالبث في مساطر الأمر بالأداء المتعلقة بها و المحكمة التجارية هي صاحبة الاختصاص بالبث في هذه الأوراق في إطار المسطرة العادية. [12]

و لرئيس المحكمة التجارية الاختصاص كذالك بإصدار مسطرة الأمر بالأداء المبنية على السندات الرسمية و التي تثير العديد من الإشكاليات.

و قد عرفت المادة 418 من ق ل ع على أن الورقة الرسمية هي التي يتلقاها الموظفون العموميون الذين لهم صلاحية التوثيق في مكان تحرير العقد و ذالك في الشكل الذي يحدده القانون...

و يقصد بالموظفين العموميون الموثقون و العدول و القضاة المصدرون للأحكام، و للمحرر الرسمي حجية ثبوتية قوية إذ لا يمكن الطعن في الوثيقة الرسمية الا بالزور.

رغم وجود فرق جوهري بين السندات الرسمية و العرفية فان الأمر بالأداء الصادر عن رئيس المحكمة التجارية لا يميز بينهما، فكلتاهما مشمولتين بالنفاذ المعجل بقوة القانون بالرغم من أن اجل الاستئناف مازال مفتوحا ا وان المحكوم عليه قد طعن بالاستئناف.

و نعتقد أن ذلك مساس بحق الدفاع حيث أن المحكوم عليه يفاجئ بالتنفيذ على أمواله دون سابق علم بالأمر المطلوب تنفيذه و لا باطلاعه على الورقة التجارية او السند الرسمي.

المبحث الثاني: أثار مسطرة الأمر بالاداء

لكي تنتج مسطرة الأمر بالأداء آثارها أي الوفاء بالالتزام موضوع الأمر لا يكفي مجرد الحصول عليه بل لا بد من تبليغه إلى المدعى عليه الذي يحق له الطعن فيه. ,

المطلب الأول: التبليغ

ينص الفصل 160 " يبلغ الأمر المرافق للطلب إلى المدعى عليه الذي يجب عليه أن يدفع المبلغ المحكوم به في ظرف 8 أيام الموالية لهذا التبليغ ...."

ما مضمون وثيقة التبليغ (الفقرة الأولى) و أين تبلغ (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: مضمون وثيقة تبليغ مسطرة الامر بالاداء

إذا كان المشرع المغربي لم يخول للمدين الحضور خلال إصدار الأمر بالأداء فقد خوله الحق في إعلامه بالأمر المتخذ ضده و يكتسي التبليغ بعض الخصوصيات قياسا بالأحكام و باقي الأوامر الاستعجالية ، إذ بالنسبة للأحكام يكفي تبليغ المدعى عليه نسخة مصادق عليها من منطوق الحكم الذي تتم الإشارة في آخره إلى تمام التبليغ , أما تبليغ الأوامر الصادرة بالأداء فيتم عن طريق وثيقة التبليغ التي يتعين أن تتضمن ما يلي:

أولا: نسخة من المقال

ثانيا: سند الدين

وهذا ما أكده الفصل 161 بالإضافة إلى إنذار المدين بوجوب تسديد مجموع مبلغ الدين و الصائر المحددة في الأمر مع إشعاره بأنه إذا كان لديه وسائل دفاع يريد استعمالها سواء فيما يخص الاختصاص أو الموضوع إن من الواجب عليه أن يقدم الاستئناف في ظرف 8 أيام ....

و يمكن تبرير هذه الإجراءات بكون المحكوم ضده لم تتح له الفرصة في المرحلة الابتدائية للإطلاع على المقال ولا على سند الدين المدلى به , ولم يتمكن من تقديم أي وجه من وجوه الدفاع أما من الناحية العملية فيقدم المقال في شكل مطبوع أعدته وزارة العدل .

الفقرة الثانية : أين تبلغ مسطرة الامر بالاداء

يسمح القانون في حالات معينة تبليغ الأحكام و الأوامر و القرارات للموطن المختار وهذا ما نصت عليه الفصول 50 .134 من ق.م.م المادة 43 من القانون المنشئ للمحاكم الإدارية المادة 8 من المحاكم التجارية الفصل 40 من ظ 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري و تارة للموطن الحقيقي الفصل 153 .130 من ٌ.م. م الفصل 92 من قانون المحاماة أما الأوامر بالأداء فتقضي الفقرة الأولى من الفصل 162 " اذا لم ينفذ المدين الأمر الصادر ضده أو لم يقدم طلب الاستئناف في 8 أيام الموالية للتبليغ المسلم له شخصيا ا والى موطنه فانه يصير بحكم القانون قابلا للتنفيذ المعجل على الأصل و من هنا نرى أن المقصود بالموطن هو الموطن الحقيقي و القانوني و ليس المختار و إذا كان التبليغ يكون بالموطن الحقيقي فليس بالضرورة أن يقع له شخصيا بل لأي شخص يوجد بوطنه و هذا ما جاء به الفصل 162 من ٌ.م.م .

وإذا لم يستوف التبليغ الشروط المنصوص عليها قانونا يجوز الطعن فيه سواء أمام المحكمة الابتدائية أو المحكمة الاستئناف إلا انه لا يؤثر على الأمر بالأداء إلا الطعن بالاستئناف في الموضوع أو الشكل.

المطلب الثاني : الطعن

نصت المادة 162 من ق.م.م على انه إذا لم ينفذ المدين الأمر الصادر ضده أو لم يقدم طلب الاستئناف في ظرف 8 أيام الموالية للتبليغ المسلم له شخصيا ا والى موطنه فان الأمر بالأداء يصير بحكم القانون قابلا للتنفيذ العجل على الأصل " و طبقا للمادة 10 من ق .م.م فان المحاكم الابتدائية هي صاحبة الاختصاص بالنظر ابتدائيا و انتهائي إلى غاية 3000 درهم إلا انه في إطار مسطرة الأمر بالأداء يبقى للمدين حق الاستئناف حتى لو نزل المبلغ المضمن في السند عن 3000 درهم و ذالك استثناءا للقواعد العامة .

للمدين الحق في تقديم مقال استئناف الأمر بالأداء الصادر ضده مع أن المادة 134 من ق.م.م نصت على ما يلي " استعمال الطعن بالاستئناف حق في جميع الأحوال عدا إذا قرر القانون خلاف ذالك " و بما أن صيغة المادة 134 جاءت عامة فان للدائن كذالك أن يطعن في الأمر بالأداء الصادر لصالحه اذ يمكنه تقديم استئناف فرعي كرد على استئناف المدين لتأكيد الطلبات التي وقع إغفالها من لدن القضاء الرئاسي .كما يحق للمحكمة الاستئناف و هي تنظر في استئناف الأمر بالأداء إذا ظهر لها أن الدين منازع فيه , أن تلغى الأمر و تحكم برفض الطلب مع أحالة الطرفين على المحكمة المختصة طبقا للإجراءات العادية طبقا للفقرة الاخيرة من الفصل 158 من ق.م.م خصوصا و أن هناك نزاعا حول وثيقة الدين و التوقيع عليها.[13]

وقد ذهب قرار لمحكمة الاستئناف بمراكش الصادر بتاريخ 17 /5/1984 تطبيقا للمادة 158 من ق.م.م بان الأمر بالأداء لا يقبل الاستئناف إلا من طرف المدعى عليه المحكوم ضده .

أولا : أجل الاستئناف

إن أجل الاستئناف قد تم تحديده من طرف المشرع و هو 8 أيام من تاريخ تبليغ المدين و إلا رفض طلب الاستئناف و يتوقف أجل الاستئناف في حالة وفاة المدين أو تغيير في أهلية أحد الأطراف ويبتدئ بعد 15 يوم من تاريخ تبليغ الورثة أو من لهم الصفة .

ثانيا : أسباب الاستئناف

يمكن طبقا للمادة 161 من ق.م.م لطالب الاستئناف استعمال وسائل دفاعه سواء فيما يخص الاختصاص أو الموضوع .

الأسباب المبنية على الاختصاص هي الاختصاص النوعي كعدم صدور الأمر بالأداء عن رئيس المحكمة الابتدائية أو صدوره في سند يقل عن 1000 درهم و الاختصاص المحلي كعدم وجود موطن المدعي بدائرة نفوذ المحكمة الابتدائية التي صادر رئيسها الأمر بالأداء .

و الأسباب المبنية على الموضوع تتمثل في تمسك المستأنف بانقضاء الالتزام المثبت في سند الدين بإحدى الأسباب المنصوص عليها في الفصل 319 من ق ل ع أو بزورية السند الرسمي أو ادعاء الأمية في السندات العرفية (427 ق ل ع).

و إذا تعلق الأمر بدين ثابت في الأوراق التجارية فيتعين أن يتضمن البيانات الإلزامية المنصوص عليها في مدونة التجارة و خاصة المواد 159 232 239 منها و تجدر الإشارة إلى أن الطعن بالاستئناف في الأحكام لا يحتاج إلى وجوب ذكر السبب من لدن المستأنف خلافا للأمر بالأداء الذي يتعين على المدين المستأنف ذكر سبب ذالك تحت طائلة رفض طلب الاستئناف بل و الأكثر متى يمكن للمحكمة أن تحكم على طالب الاستئناف بغرامة لفائدة الخزينة تتراوح بين 10 و 25 في المائة من مبلغ الدين إذا تبين لها أن الطلب مبني على مماطلة أو تسويف من لدن الطاعن .

خاتمة

نستنتج من كل ما سبق أن مسطرة الأمر بالأداء كرست لحماية الدائن على حساب المدين , حيث تشكل هذه المسطرة خروجا عن القواعد قرار العامة لإجراءات التقاضي نسبيا,خصوصا فيما يتعلق بالاختصاص و مبادئ التقاضي من علنية و التقاضي على درجتين و حقوق الدفاع المكفولة للأطراف , لكن السرعة التي توخاها المشرع من هذه المسطرة تبقى مسألة خاضعة للنقاش لكثرة المقالات الرامية للتصريح بالصعوبة في التنفيذ و رفض استلام وثيقة التبليغ من لدن المدين و كذا الطعون الموجهة ضد الأوامر الصادرة بالأداء و ما يستتبع ذالك من بطء و روتينية خلال مرحلة الاستئناف و للحفاظ على خصوصيات مسطرة الأمر بالأداء كآلية لحماية الحقوق الثابتة و الحفاظ على استقرار المعاملات ندعو المشرع إلى :

· توحيد مسطرة الأمر بالأداء خلال المرحلتين الابتدائية و الاستئنافية و ذالك بإسناد صلاحية البث في الطعون الموجهة ضد الأوامر بالأداء للرئيس الأول لها و ذالك حفاظا على خصوصيات مسطرة الأمر بالأداء .

· تخويل المدين أجلا للوفاء قبل تقديم مقال استصدار الأمر بالأداء حيث انه قد يدعي استعداده للأداء دون حاجة إلى إصدار أمر من رئيس المحكمة.

لائحة المراجــــع
المراجع العامة:
- عبد الكريم الطالب: الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية ط 2008

- عبد العزيز توفيق: شرح قانون المسطرة المدنية والتنظيم القضائي، الجزء الأول، الطبعة الثانية 1998.

- Abdelah Boudahraine, droit judiciaire privés, El madarisse el Jadida, édition 2000.

المراجع الخاصة:

- عبد اللطيف تجاني: الأمر بالأداء في القانون المغربي ، ط 2000
- فتح الله خلاف: أحكام أوامر الأداء في ضوء التشريع والفقه والقضاء، ط 2000
المقالات:
- محمد بولمان : الأمر بالأداء شروط الموضوع والشكل، مجلة الإشعاع عدد13
[1] - عبد اللطيف تجاني، الأمر بالأداء في القانون المغربي، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، طبعة 2000، ص 21
[2] - نفس المرجع ص 22.
[3] - عبد اللطيف التجاني، مرجع سابق، ص 24
[4] - و تطبيقا لمقتضيات المادة 187 من مدونة التجارة، جاء قرار محكمة الاستئناف بالدار البيضاء – الغرفة التجارية – المؤرخ في 1987/04/14 ما يلي إذا كان المدين بمقتضى كمبيالة، الخيار بين الأداء بالعملة الأجنبية آو الأداء بما يقابلها بالعملة الوطنية حسب قيمتها يوم الاستحقاق فانه من الثابت إذا تأخر المدين بالأداء و حماية لحق الحامل فانه يمكن لهذ الأخير بمبلغ الكمبيالة مقدار بالعملة الوطنية يوم الأداء نظرا لما يهدد الحامل من هبوط في قيمة العملة )، قرار عدد 995 في الملف التجاري عدد 1540/ 86 منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد 55 ماي – يونيو 1988 ص 112
[5]- عبد الكريم الطالب: الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية، مطبعة الوراقة الوطنية، طبعة ابريل 2009 ، ص 85

[6] - عبد اللطيف التجاني، مرجع سابق، ص 29

- عبد الكريم الطالب، مرجع سابق ص 86 [7]
[8] - نفس المرجع، ص 85
[9] - محمد بولمان : الأمر بالأداء شروط الموضوع والشكل، مجلة الإشعاع عدد13 ص 60
[10] - فتح الله خلاف: أحكام أوامر الأداء في ضوء التشريع والفقه والقضاء، ط 2000، ص 80
[11] - قرار صادر بتاريخ 24 ماي 1991، منشور بمجلة قضاء المجلس الاعلى عدد 47 ص 98
[12] - عبد اللطيف التجاني مرجع سابق، ص 75

 

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0