جريمة الإجهاض في القانون المغربي
مواضيع في القانون الجنائي و مختلف الجرائم المنصوص عليها في مجموعة القانون الجنائي المغربي
يعتبر موضوع الإجهاض من المواضيع الحساسة التي عرفت تضارب مجموعة من اﻵراء بين رجال الدين و الأطباء ثم رجال القانون هؤلاء الذين كان الإجهاض و لا زال موضوع دراساتهم بحيث نجد جل التشريعات الحديثة صارت في تنظيم هذه العملية على اعتبار أنها أضحت ضرورة ملحة طالما أنها تمارس بطرق سرية و تكلف المجتمع خسائر كبيرة على مستويات عديدة حيث تشير الإحصائيات إلى انه نسبة الإجهاض بالمغرب مابين 500 و 600 حالة يوميا استنادا على مجموعة من الدراسات الجمعوية الرقم نفسه التي أكدته بدورها منظمة الصحة العالمية و بالمقابل لهذا نجد أن للجانب الشرعي أيضا موقف من هذه الظاهرة إلا ان مواقف الفقه اﻹسلامي تختلف بشأنها من مذهب لآخر حيث يعتبر فقهاء المالكية أكثر تشددا في هذا المجال مما يجعل الموضوع محل اختلاف بين مؤيد و معارض . إذن ما هو موقف كل من المشرع المغربي و الشريعة اﻹسلامية من عملية الإجهاض ؟
أولا : موقف المشرع المغربي من الإجهاض :
لمعرفة موقف المشرع المغربي من الإجهاض يستلزم اﻷمر الرجوع إلى القانون الجنائي المغربي لسنة 1963 و الذي تطرق للإجهاض بنوع من الغموض و اللبس الذي يتوخى المشرع المغربي إزالته في التعديل المرتقب إخراجه إلى حيز الوجود في اﻷيام القليلة المقبلة . فبالرجوع إلى القانون الجنائي المغربي نجد أنه قد تطرق و خصص للإجهاض عشرة فصول ضمن الباب الثامن المتعلق بالجرائم ضد نظام الأسرة و اﻷخلاق العامة و الذي تم تعديله بمقتضى مرسوم سنة 1967 كآخر تعديل و الذي بدوره يفتقر و في حاجة لمجموعة من التعديلات. فبالرجوع إلى تعريف الإجهاض في القانون المغربي نجد أن المشرع المغربي لم يعرفه أسوة بالتشريعات المقارنة و ترك تعريفه للفقه و الاجتهاد القضائي، اﻷمر نفسه الذي صارت عليه مجموعة من التشريعات العربية كالمشرع التونسي إذ اقتصر بدوره في الفصل 241 من المجلة الجزائية كأول فصل يتعلق بالإجهاض على تعداد وسائل الإجهاض دون الخوض في تعريفه و اﻷمر نفسه نجده بالنسبة للمشرع اﻷردني و الإماراتي في قوانين العقوبات لكن كاستثناء نجد أن بعض التشريعات اﻷوروبية قامت بتعريفه كما هو الحال بالنسبة للمشرع اﻷلماني الذي عرفه على انه " قتل الجنين في الرحم ".
فبالإطلاع على بعض فصول الباب الثامن من القانون الجنائي المغربي نجد أن الإجهاض أو مجرد محاولة القيام به هو بمثابة فعل مجرم بقوة القانون كيفما كانت ملابسات إجراءه و لا يعتبر اختيار المرأة القيام به حق لها حيث نجد الفصل 449 ينص على العقوبة المخصصة لمرتكب الإجهاض سواء كان قد قام به برضى المرأة أو دون رضاها و نجد انه حدد أيضا وسائل القيام بهذا الإجهاض في حين إذا رجعنا للمادة 453 نجد أنها بمثابة استثناء يرد على المبدأ العام و هو عدم جواز الإجهاض حيث تنص المادة على أن الإجهاض لا يعاقب عليه القانون إذا كان يشكل ضرورة لحماية صحة الأم شريطة أن يكون بموافقة الزوج و هنا نستحضر أحد الإشكالات ما هو مآل الأمهات التي نتج حملهن عن علاقة غير شرعية أو اغتصاب ؟ فمن هنا يتضح لنا الفراغ التشريعي و القصور التي تعرفه فصول هذا الباب فهذا الفصل يعرف غموضا كبيرا و مضامينه غير واضحة بخصوص الحالات التي يجوز فيها القيام بهذه العملية، ناهيك عن اشتراط المشرع المغربي الحصول على إشعار الطبيب الرئيسي للعمالة أو الإقليم و هذا عامل من شأنه أن يساعد في تنامي و تفاقم ظاهرة الإجهاض السري و حتى إن لم تمارس هذه العملية بسرية فإنها قد تدفع الطبيب الجراح المشرف عليها إلى التحايل على الطبيب الرئيسي في طلبه و يبرره بدافع المحافظة على صحة اﻷم نظرا لشبه انعدام رقابة هذا الطبيب الرئيسي على طلبات هؤلاء الأطباء و أيضا لمرونة صيغة النص القانوني الذي يجيز الإجهاض كاستثناء بصيغة فضفاضة دون تحديد المقصود بالحفاظ على صحة اﻷم هل الصحة النفسية التي يمكن أن تتأثر و تنهار بعد الحمل و الوضع دون إرادة فيه و الذي قد يترتب عنه حالات انتحار أو ما شابهها و الأرقام خير دليل على هذا ،أم المقصود بالصحة هو شقها الاجتماعي و تبعاته التي يمكن أن تترتب عن حمل غير شرعي من تشرد و امتهان الدعارة إضافة إلى النظرة الدونية للمجتمع على المرأة من خلال التمييز و الإقصاء و التهميش.
إن اكتشاف ممارسات الإجهاض السري مهمة استعصى إيجاد حل لها لأجل الحد منها و محاربتها و بالتالي فأملنا الوحيد يكمن في تعزيز الترسانة القانونية بتعديل مكامن الخلل التي تعتري الفصول المنظمة لهاته العملية و أيجاد حلول كفيلة بالحد منها على اعتبار أن السرية هي غطاء يجب أن يزال عنها حتى تجرى وفقا لضوابط و بمعايير قانونية معينة و حتى لا نبقى أمام بعض نتائج هاته السرية التي تصل للعدالة أما بسبب وفاة اﻷم أو بسبب فضح المستور كما هو حال جرائم الإجهاض التي كان يقوم بها أحد الأطباء و يقوم بعدها بتقديم اﻷجنة المجهضة كوجبات شهية بعد طبخها لكلبه حيث تمت إدانته لهذا الفعل الجرمي البشع (حكم عدد 68 الصادر عن محكمة الاستئناف بوجدة 26/5/88)
ثانيا : موقف الشريعة اﻹسلامية من الإجهاض :
انطلاقا من قوله عز و جل في كتابه العزيز " و لا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم و إياهم " يتضح لنا مدى قدسية حياة اﻷجنة و معصوميتها فاﻹتجاه العام يقر على أن الجنين في اﻹسلام كائن حي منذ انعقاده و لا يجوز إسقاطه بغير عذر مقبول حيث نجد معظم فقهاء الشريعة اﻹ سلامية يحتاطون من الإجتهاد في موضوع الإذن بالإجهاض يكاد يكون الرأي الراجح هو حصر مجاله في حالة واحدة هي عندما يتعلق اﻷمر بصحة اﻷم لكن الخلاف الفقهي امتد ليشمل أولا قبل كل شئ الفترة الزمنية التي يجوز فيها الإجهاض و هنا يتم التمييز بين فترتين أثناء الحمل فترة ما قبل نفخ الروح و فترة ما بعد نفخ الروح و قبل التطرق يجب الحديث عن أسس أحكام الإجهاض بحيث تقوم على أسس أربعة:
*الأساس الأول : لا تعد النطفة ذات حياة محترمة و مقدسة ما لم ينغلق عليها الرحم لتتطور إلى علقة ثم مضغة... و لاعبرة شرعا بتلك الحياة.
*الأساس الثاني: لا يجوز العدوان بإجهاض أو غيره على الحياة الإنسانية، و النطفة قد دخلت في أطور مرحلة الحياة الإنسانية إستنادا لقوله تعالى "ون قتل نفسا بغير نفس أو فساد في اﻷرض فكأنما قتل الناس جميعا".
*الأساس الثالث: ملاحظة و أخد بعين الاعتبار الحقوق الثلاثة و هي حق الجنين و حق الأبوين و حق المجتمع.
*الأساس الرابع: يتمثل في مجموعة الأحاديث الصحيحة المتعلقة بهذا الموضوع و منها قوله صلى الله عليه و سلم " إذا مر بالنطفة مائتان و أربعون ليلة بعث الله ملكا فصورها و خلق سمعها و بصرها و جلدها و لحمها و عظامها ثم يقول يا رب أذكر أم أنثى " رواه مسلم.
إن بالرجوع إلى آراء الفقهاء و تمييزهم بين حكم الإجهاض الذي يقع في مرحلة ما قبل نفخ الروح و حكم الإجهاض في مرحلة ما بعد نفخ الروح نجد:
• مرحلة ما قبل نفخ الروح : لا توجد نصوص قطعية في القرآن الكريم أو السنة النبوية الشريفة و يبقى تفسير الفقهاء يختلف من مذهب ﻵخر فالسادة الشافعية أباحوا الإجهاض قبل نفخ الروح استنادا في ذلك أن الحمل خلال هذه المرحلة لم يدخل مرحلة التخلق و لم يبدأ التصور بعد ، إضافة إلى أن وقوع النطفة في الرحم و اختلاطها بماء المرأة إفسادها جناية لكن تركها حتى تصير علقة و مضغة هي جناية أفحش ، بينما يذهب السادة الحنابلة بدورهم إلى إجازة الإجهاض في هذه المرحلة اعتبارا لأن الحمل لا زال قطعة لحم ليس جنينا و حياتها البشرية في حكم المجهول أما السادة الحنفية فلهم في حكم الإجهاض و الإسقاط رأي يرى أنه يجوز الإسقاط في هذه المرحلة و رأي لا يبيح هذا الإسقاط اعتبارا ﻷن النطفة بذرة محترمة لا يجوز المساس بها ، و بقي أن نشير إلى أقوال السادة المالكية الذي تعتبر أقوالهم أكثر تشددا مقارنة بباقي اﻷقوال حيث ذهبوا إلى تحريم الإجهاض اعتبارا لأنه محصول الحمل منذ بدايته له حق الحياة.
•مرحلة ما بعد نفخ الروح : فحكم الإجهاض في هذه المرحلة حرام و غير جائز بالإجماع بين آراء جل السادة فقهاء المذاهب اﻷربعة إذا كان دون عذر ، فالسادة المالكية والحنفية اعتبروا المساس بالجنين بعد نفخ الروح هو بمثابة قتل صريح اعتداء على هذا الجنين أما السادة الحنابلة و الشافعية فإضافة لحكم عدم اﻹباحة يقرون على أن هذا الفعل جنحة و لها عقوبتي الكفارة و الدية .
يميل معظم الفقهاء والمجتهدين المعاصرين إلى الاحتياط في موضوع الإذن بالإجهاض، ويكاد يكون الرأي الأكثر تداولا هو حصر مجاله في حالة واحدة تتعلق بصحة الأم، لكن الخلاف الفقهي في هذا الموضوع يمتد ليشمل أولا الفترة الزمنية التي يجوز فيها الإجهاض، ويتسع ليدرج حالات أخرى غير صحة الأم ضمن الضرورات الملجئة للإجهاض أو الأعذار المبيحة له، لكن الثابت في كل هذه الاجتهادات هو إخضاع هذه الحالات إلى منطق الضرورة الشرعية بما يعنيه تحديد مواصفات دقيقة للحالة تميزها عن غيرها، ووضع ضوابط صارمة تمنع توسيع هذه الضرورة، وتفعيل قاعدة الضرورة تقدر بقدرها.
ويستعرض الدكتور يوسف القرضاوي في فتوى شرعية رأيه في الإجهاض ويقول: إن الأصل في الإجهاض هو الحرمة. وإن كانت الحرمة تكبر وتعظم كلما استقرت حياة الجنين.
فهو في الأربعين الأولى أخف حرمة، فقد يجوز لبعض الأعذار المعتبرة، وبعد الأربعين تكون الحرمة أقوى، فلا يجوز إلا لأعذار أقوى يقدرها أهل الفقه، وتتأكد الحرمة وتتضاعف بعد مائة وعشرين يوماً، حيث يدخل في المرحلة التي سماها الحديث (النفخ في الروح). وفي هذه الحالة لا يجوز الإجهاض إلا في حالة الضرورة القصوى، بشرط أن تثبت الضرورة لا أن تتوهم، وإذا ثبتت فما أبيح للضرورة يقدر بقدرها.
ورأيي أن الضرورة هنا تتجلى في صورة واحدة، وهي: ما إذا كان في بقاء الجنين خطر على حياة الأم، لأن الأم هي الأصل في حياة الجنين، والجنين فرع، فلا يضحى بالأصل من أجل الفرع، وهذا منطق يوافق عليه مع الشرع الخلق والطب والقانون.
على أن من الفقهاء مَن رفض ذلك، ولم يقبل الجناية على الحي بحال.... ولكن الشرع ورد بارتكاب أخف الضررين، وأهون المفسدتين.. وأضاف بعض المعاصرين إلى الصورة المذكورة، صورة أخرى، وهي: أن يثبت بطريقة علمية مؤكدة أن الجنين وفقاً لسنن الله تعالى سيتعرض لتشوهات خطيرة تجعل حياته عذاباً عليه وعلى أهله، وفقاً لقاعدة: (الضرر يدفع بقدر الإمكان) وينبغي أن يقرر ذلك فريق طبي لا طبيب واحد.
والراجح أن الجنين بعد استكمال أربعة أشهر إنسان حي كامل. فالجناية عليه كالجناية على طفل مولود. بيد أن تشوهات الجنين ينبغي أن تعتبر إذا ثبتت بالفعل قبل الأشهر الأربعة، ومرحلة نفخ الروح. على أنه ليس من التشويه المعتبر أن يصاب الجنين بعد ولادته بمثل العمى أو الصمم أو البكم، فهذه عاهات عرفها الناس طوال حياة البشرية وعاشوا بها، ولم تمنعهم من المشاركة في تحمل أعبائها، وعرف الناس عباقرة من ذوي العاهات لا زالت أسماؤهم حاضرة في ذاكرة التاريخ.
أما بخصوص إجهاض الحمل (سواء كان نتيجة زنا أو اغتصاب)، فيرى القرضاوي في فتوى مستقلة أن الأصل في الإجهاض هو المنع، منذ يتم العلوق، أي منذ يلتقي الحيوان المنوي الذكر بالبييضة الأنثوية، وينشأ منهما ذلك الكائن الجديد، ويستقر في قراره المكين في الرحم.
ويعتبر أن هذا الكائن له احترامه، ويستدل في ذلك بأمر الرسول صلى الله عليه وسلم المرأة الغامدية التي أقرَّت بالزنا واستوجبت الرجم، أن تذهب بجنينها حتى تلد، ثم بعد الولادة أن تذهب به حتى يفطم. وأكد القرضاوي أن هذا هو اختياره في الحالات العادية، وأشار إلى أن هناك من الفقهاء من يُجيز الإجهاض إذا كان قبل مضي أربعين يومًا على الحمل، عملاً ببعض الروايات التي صحت بأن نفخ الروح في الجنين يتم بعد أربعين أو اثنين وأربعين يومًا، كما أشار أيضا إلى أن هناك من الفقهاء من يرى الجواز إذا كان قبل مضي ثلاث أربعينات، أي قبل مائة وعشرين يومًا، عملاً بالرواية الأشهر بأن نُفخ الروح يتم عند ذلك. ورجح القرضاوي ما ذكره أولا، لكنه ارتأى ألا باس من الأخذ بالقولين السابقين في حالات الأعذار، وكلما كان العذر أقوى كانت الرخصة أظهر، وكلما كان ذلك قبل الأربعين الأولى كان أقرب إلى الرخصة، واعتبر القرضاوي في فتواه المتعلقة باغتصاب الفتيات البوسنيات أن الاغتصاب من عدو كافر فاجر، معتد أثيم، لمسلمة عذراء طاهرة عذرٌ قوي، لدى المسلمة ولدى أهلها، وهي تكره هذا الجنين ثمرة الاعتداء الغشوم وتريد التخلص منه.. فهذه رخصة يُفتى بها للضرورة، التي تقدر بقدرها.
أما الاغتصاب لحالا العسرة الاجتماعية فقد رفضه الشيخ القرضاوي، واعتبره محرما ومندرجا ضمن قوله تعالى: ولا تقتلوا أولادكم من إملاق.
وقد اختار الدكتور مصطفى بن حمزة رئيس المجلس العلمي بوجدة الاحتياط في الموضوع على مذهب المالكية، مؤكدا ألا أصل للترخيص في الإجهاض في المذهب المالكي، فالإجهاض ويسمى الإملاص يعتبر حراما منذ أن يخترق الحيوان المنوي بويضة المرأة، في المذهب المالكي، مضيفا في رد على مدير الجمعية المغربية للتخطيط العائلي أن المذهب المالكي من أشد المذاهب الفقهية في حالات الإجهاض في حالة الزوجين، أما بالنسبة للمرأة العازبة فهو فساد وأكثر حرمة بلاشك.
وعلى العموم، فالاجتهاد الفقهي في المسألة ظل وفيا للمقصد الأصلي (حفظ النفس) والحقوقي ( حق الحياة) ولم يفتح الإمكانية للتوسع في حالات الإجهاض المباحة إلا للضرورة الشرعية، مع إحاطة هذه الضرورة بجملة من القيود، حتى لا تتخذ ذريعة لقتل النفس بلا موجب شرعي، مع التأكيد على أن الاختيار العادي والأصلي هو المنع والحظر..
ثالثا: نتائج الاستشارات الموسعة، التي كلف جلالة الملك بإجرائها بخصوص إشكالية الإجهاض:
الدار البيضاء – استقبل أمير المؤمنين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، اليوم الجمعة بالقصر الملكي بالدار البيضاء، كلا من السيد المصطفى الرميد وزير العدل والحريات، والسيد أحمد التوفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، والسيد إدريس اليزمي رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان.
وذكر بلاغ للديوان الملكي أنه خلال هذا الاستقبال، رفع السيدان الوزيران والسيد رئيس المجلس إلى العلم السامي لجلالة الملك نتائج الاستشارات الموسعة، التي كلفهم جلالته بإجرائها بخصوص إشكالية الإجهاض، مع جميع الفاعلين المعنيين.
وأشار البلاغ إلى أن كل الفعاليات المعنية أجمعت على الإشادة بالمبادرة الملكية وبالمقاربة التشاورية التي أمر بها جلالة الملك، لبلورة رأي موضوعي وحكيم، ويعطي الأولوية لخدمة المصلحة العليا للأسرة والمواطنين.
وقد أكدت هذه الاستشارات، على اختلافها، أن الأغلبية الساحقة تتجه إلى تجريم الإجهاض غير الشرعي، مع استثناء بعض حالاته من العقاب، لوجود مبررات قاهرة، وذلك لما تسببه من معاناة، ولما لها من آثار صحية ونفسية واجتماعية سيئة على المرأة والأسرة والجنين، بل والمجتمع، لاسيما:
أولا: عندما يشكل الحمل خطرا على حياة الأم أو على صحتها،
ثانيا: في حالات الحمل الناتج عن اغتصاب أو زنا المحارم،
ثالثا : في حالات التشوهات الخلقية الخطيرة والأمراض الصعبة التي قد يصاب بها الجنين.
ومن هذا المنطلق، يضيف البلاغ، أصدر جلالة الملك، حفظه الله، تعليماته السامية إلى كل من وزير العدل والحريات ووزير الصحة، قصد التنسيق بينهما، وإشراك الأطباء المختصين، من أجل بلورة خلاصات هذه المشاورات في مشروع مقتضيات قانونية، قصد إدراجها في مدونة القانون الجنائي، وعرضها على مسطرة المصادقة، وذلك في إطار احترام تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، والتحلي بفضائل الاجتهاد، وبما يتماشى مع التطورات التي يعرفها المجتمع المغربي وقيمه القائمة على الاعتدال والانفتاح، وبما يراعي وحدته وتماسكه وخصوصياته.
وخلص البلاغ إلى أنه نظرا لكون القانون وحده لا يكفي للحد من هذه الظاهرة، فقد أكد جلالته على ضرورة التوعية والوقاية ونشر وتبسيط المعرفة العلمية والأخلاقية التي لها علاقة بهذا الموضوع، لتحصين المجتمع من الأسباب التي قد تؤدي إلى الإجهاض.
حضر هذا الاستقبال مستشارا صاحب الجلالة السيدان فؤاد عالي الهمة وعبد اللطيف المنوني ووزير الصحة السيد الحسين الوردي.