الاختصاص كركن من أركان القرار الإداري في القانون المغربي
مجموعة مواضيع في القانون العام منتقات للتحضير للبحوث و المقالات و المباريات القانونية
وعلى ذلك فإن القانون يعترض باختصاصات معينة لبعض الأشخاص في بعض الأماكن ولفترة محددة وهذا التحديد في صالح الإدارة والعمل الإداري، وهو أيضا لخير الأفراد، فتخصص رجل الإدارة في عمل معين يزيد من كفاءته فيما يخصص له ويحدد المسؤولية داخل الإدارة كما يساعد على توجيه المواطنين إليه لأداء أعمالهم ويجنبهم التعسفات الناشئة من تركز السلطات في أيدي القلة ويمكن تحديد فكرة الاختصاص بالعناصر التالية : أ- عنصر شخصي يتعلق بتحديد أعضاء الإدارة، الذين يختصون بإصدار القرارات الإدارية المختلفة.
ب- عنصر زماني يتعلق بزمان إصدار القرارات الإدارية وزمان سرياتها.
ج- عنصر مكاني يتعلق بالنطاق الإقليمي الذي تنطبق فيه القرارات الإدارية.
أ- العنصر الشخصي في تحديد الاختصاص : القاعدة أن يتم تحديد الاختصاص بقانون أو بناءا على قانون، وعلى العضو الإداري المنوط به إصدار القرار الإداري أن يلتزم حدود الاختصاص المرسوم، والغالب أن ينص القانون صراحة على عضو الإدارة الذي يملك ممارسة الاختصاص، ولكنه أحيانا ينظم بعض الاختصاصات ويعهد بها إلى إدارة معينة، فيكون ممثل هذه الإدارة أو رئيسها هو المختص بإصدار القرارات التي تدخل في تلك الاختصاصات .
وإذا كان من الواجب على كل سلطة إدارية أن تمارس الاختصاص للمسند إليها فإن هذا المبدأ ينبغي مع ذلك أن يترك المجال أمام الضروريات العملية التي تسمح لبعض السلطات بالتخلي عن جزء من المهام الموكول إليها أمر الاضطلاع بها وذلك عن طريق التفويض مع العلم أن التفويض باعتباره استثناء من مبدأ الممارسة الشخصية للاختصاص يجب أن يكون مقررا أو كيفما كان الحل بين عام يعادل على الأقل مستوى النص الصادر بإسناد الاختصاص، والتفويض نوعان تفويض الاختصاص وتفويض الإمضاء .
ويتجلى تفويض الاختصاص في أن تعهد السلطة المفوضة إلى سلطة مفوض لها بضوء من اختصاصاتها.
ولقد أشار الدستور المغربي إلى هذا النوع من التفويض الذي يؤدي بطبيعة الحال إلى تعديل قواعد الاختصاص بين جهات الإدارة.
فالفصل 80 من الدستور الحالي ينص على : الملك هو القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية وله حق التعيين في الوظيفة المدنية والعسكرية، كما له أن يفوض لغيره ممارسة هذا الحق، كما منح الفصل 64 من نفس الدستور للوزير الأول الحق في تفويض بعض سلطاته إلى الوزراء.
وهكذا يرتبط التفويض بالوظيفة بصرف النظر عن صاحبها ويعمل به حتى في حالات الحلول محل الموظف المعين، وبهذا يكتسي تفويض الاختصاص صيغة مستمرة ويبقى معمولا به ما لم يقع سحبه مع العلم أن المفوض لا يجوز له خلال مجموع هذه المدة ممارسة الاختصاصات المفوضة، أما الأعمال التي يقوم بها المفوض له في دائرة التفويض فتبقى مرتبطة به وتحتل في تدرج الأعمال مكانة تطابق مكانة المفوض له، وتجدر الإشارة أن تفويض الاختصاص أو السلطة يجب أن يكون جزئيا ذلك أنه إذا كان كليا فهو لا يعتبر تفويضا بل تنازلا من جانب هذه السلطة، بالإضافة إلى هذا يجب أن يستمد تفويض السلطة من نص قانوني صريح.
كما أن قرار التفويض ينبغي أن ينشر في الجريدة الرسمية.
أما تفويض الإمضاء أو التوقيع هو لا يغير توزيع الاختصاصات، ويقتصر دوره على مجرد توقيع المفوض إليه أو إمضاءه على بعض القرارات الداخلية في اختصاص الأصيل، ولحسابه وتحت رقابته، فهو مجرد عمل ماديا حيث يوقع المفوض إليه على وثيقة يسبق أن أعدها الأصيل وهذا التفويض مقرر ومنظم بنص عام فيما يخص السلطات الوزارية –الظهير الشريف الصادر بتاريخ 10 أبريل 1957 المغير بالظهير الشريف الصادر في 25 غشت 1958 .
ويتميز تفويض التوقيع بالخصائص التالية : يجب أن ينطلق من قاعدة قانونية.
لا يسمح للسلطة المفوض لها بالتوقيع على القرارات المسندة إليها بحكم التفويض.
وبما أن هذا التفويض مستمد من شخص فإن العمل به ينتهي تلقائيا متى تغير شخص المفوض أو المفوض له.
وأخيرا يعتبر تفويض الإمضاء محدودا في مداه حيث أنه يجوز للسلطة أن تفوض إمضاءها بالنسبة لجميع القرارات المتعلقة بالمصالح الراجعة لاختصاصها باستثناء المراسيم والقرارات التنظيمية.
وتجدر الإشارة أن الاختصاص يعتبر من الشروط الجوهرية لصحة القرارات وإذا تخالف هذا الشرط يعتبر القرار باطلا.
وفي جميع الأحوال فإن عيب عدم الاختصاص يعتبر من العيوب المتعلقة بالنظام العام لكل ما يترتب على هذا التعلق من نتائج، وبخاصة من حيث جواز الدفع به في أية مرحلة كانت عليه الدعوى، أو من حيث جواز إتارته تلقائيا من طرف المحكمة .
ب- العنصر الزمني في تحديد الاختصاص : مبدئيا لا يمكن للسلطة الإدارية أن تتخذ قرار الإخلال المدة التي تزاول فيها عملها الشيء الذي يمنع معه على سبيل المثال اتخاذ قرارات سابقة لأوانها أو قرارات ذات أثر رجعي أو خلال انتهاء مدة مهامها، لكنه في بعض المجالات يعتبر انقضاء المدة القانونية غير مؤدي لزوال الاختصاص بصفة نهائية.
وهذا ما يمكن حدوثه أثناء استقالة الحكومة أو إقالتها بحيث تظل هذه الأخيرة تزاول صلاحيتها ومهامها العادية والمستعجلة ريثما تتألف حكومة جديدة تستند إليها مأمورية تسيير شؤون الدولة .
فلقد أباح الدستور المغربي بأنه في استطاعة البرلمان أن يأذن للحكومة قانون تفويض ممارسة بعض الصلاحيات في مدة تغيبه، فإذا انتهت المدة ورجع البرلمان لاستئناف مهامه فقدت الحكومة صلاحيتها المفوضة لها وأصبحت كل مخالفة لذلك تشكل عملا غير شرعي .
كما يمكن أن تحدد قاعدة الصلاحية الزمنية بالنسبة للعلاقات المتواجدة بين سلطة الوصاية والمجالس فإذا انتهت هذه المدة فإن كل اعتراض من طرفه يعد باطلا .
ج- العنصر المكاني في تحديد الاختصاص : يعتبر مفهوم هذا الاختصاص واضحا للغاية حيث أن السلطات الإدارية تمارس اختصاصاتها في إطار جهوي أو ترابي معين، وهكذا نجد أن السلطات الحكومية تتمتع باختصاص على الصعيد الوطني بينما نجد أخرى كالعمال ورؤساء المصالح الخارجية تمارس اختصاصها في دائرة محدودة.
ويترتب عن تجاوز السلطة الإدارية، الرقعة الترابية المحددة لها بحكم القانون لممارسة اختصاصاتها بطلان قراراتها .
وفي هذا الإطار قضى المجلس الأعلى بإلغاء عدة قرارات لكونها صادرة عن جهة غير مختصة مكانيا ومن ذلك مثلا : قرار محمد بن عبد السلام الحاج الصديق ضد نائب الوزير الأول حيث قضى بإلغاء قرار كامل إقليم تازة لأنه لا يوجد أي نص يخول له اتخاذ قرار الأداء لمحصل بلدي .
وتبعا لذلك يمكن تعريف الاختصاص بأنه "السلطة أو الصلاحية التي يتمتع بها مصدر القرار في إصدار قراره في الحدود الموضوعية والمكانية والزمانية التي بينها القانون".
ومخالفة قاعدة الاختصاص في إصدار القرار الإداري تشكل عيبا مستقلا وقائما بذاته.
يحق بمقتضاه للسلطة القضائية المختصة إثارته والبث فيه من تلقاء نفسها ولو لم يثره الخصوم لأن عيب الاختصاص هو العيب الوحيد المتصل بالنظام العام .