إثبات شروط الحضانة
عرفة مدونة الاسرة المغربية الحضانة ووضعت لها شروط وأحكام يجب على الأبوية الإلنزام بها. الحضانة في القانون المغربي، الحضانة في المغرب، شروط الحضانة في المغرب، نفقة الحضانة، السفر بالمحضون، نفقة المحضون، نفقة الحاضن، أجرة المحضون، انتقال الحضانة في المغرب، سقوط الحضانة
فالقاعدة أن من صنفه المشرع ضمن مقتضيات المادة 171 من مدونة الأسرة وكانت له الأسبقية في تولي الحضانة، افترض فيه أنه يتوفر على شروط ممارستها، وعلى من يدعي خلاف هذا الأصل أن يثبت ما يدعيه.
ويبقى بطبيعة الحال للمدعى عليه أن يهدم ما ادعاه المدعي أو حاول إقناع المحكمة به في دعوى إسقاط الحضانة، ويبقى للمحكمة الفصل فيما يتعلق بالموازنة بين حجج الطرفين المتنازعين، علما أن الفقه والقضاء كثيرا ما يبدي تعاطفا بينا مع الأم الحاضنة في هذا الصدد.
وبعض الفقه– يقرر عن حق – أن افتراض وجود شروط الحضانة يجب أن يتقرر بالنسبة للأم والأب والجدة من جهة الأم وحدهم، وعلى من يدعي خلاف ذلك الافتراض أن يثبت ما يدعيه، متى تحققت مصلحته الأكيدة في ذلك، علما أن للنيابة العامة كامل الصفة للقيام بذلك عن طريق إقامة دعوى أصلية أو التدخل في دعوى قائمة.
وبالنسبة لغير هؤلاء، فيجب على قضاء الأسرة أن يتحرى ويتشدد بشأن التأكد من توفر تلك الشروط، على ما يتضح من القراءة المتأنية للمادتين 171 و 172 من مدونة الأسرة.
والقضاء المغربي يسير مع الاتجاه الفقهي المالكي الذي يعتبر أن المدعى عليه هو الملزم بإثبات ما يدعيه من انتفاء بعض الشروط في طالب الحضانة.
جاء في قرار للمجلس الأعلى : " حيث إن المحكمة اعتمدت على القاعدة الفقهية الناصة على أن من ادعى انعدام شروط الحضانة فعليه إثبات دعواه .
.
.
فجاء قرارها بذلك معللا بما فيه الكفاية .
.
.
".
إذا وقع تنازع في استحقاق الحضانة فعلى من يدعي خلاف الأصل أن يثبت ما يدعيه، لأن الأمر يتعلق بوقائع مادية أو بأوصاف معنوية ولعل هذا ما سار عليه المجلس الأعلى، إذ جاء في قرار له ما يلي : " من ادعى شروط الحضانة، عليه إثبات ما يدعيه .
.
.
" والذي يجري به العمل هو اعتماد شهادات "اللفيف" لإثبات الأهلية المطلوبة في الحضانة أو عدم توافرها.
ولعل من أخطر النزاعات في هذا الصدد أن يثبت الأب أو النائب الشرعي للمحضون سوء أخلاق الحاضنة، وتثبت هي من جهتها عكس ذلك وقد قرر الفقه بهذا الخصوص أن شهادة التعديل ترجح على شهادة التجريح وقد جاء في حكم حديث لابتدائية مراكش ما يلي : " .
.
.
وحيث إنه من الثوابت الفقهية التي أكدتها مدونة الأسرة هو أنه يلزم أن يكون الحاضن ذا مروءة وأخلاق سلسة حافظا على حسن التربية السليمة للمحضون، وهذا الشرط محل نزاع وطعن من طرف المطلق الذي أكد في مقاله أن مطلقته الحاضنة ذات أخلاق فاسدة، وأدلى إثباتا لذلك بلفيف عدلي .
.
.
بأن المدعى عليها دخالة وخراجة بكثرة وخاصة بالليل وتعاشر بعض الأشخاص ذوي الأخلاق السيئة وأنها غير صالحة للحضانة.
وحيث إن شهادة اللفيف المدلى به نوزع فيه من طرف المدعى عليها التي لم تسلم بما جاء فيه مؤكدة أنها مستقيمة الخلق، صالحة لتربية أبنائها وعززت دفعها المذكور بلفيف عدلي .
.
شهد شهوده أنها ووالدتها مجتنبتان لأهل الرذائل مصاحبتان لأهل الخير والفضائل لم تظهر عليهما منقصة قط ولا اتهمتا بها.
وحيث إن المحكمة وأمام تباين الشهادتين المذكورتين أعلاه حول صلاح المدعى عليها أو فساد أخلاقها فإنها ارتأت ترجيح حجج الطرفين على ضوء المبادئ المقررة قضاء، وهي أن شهادة التعديل تقدم على شهادة التجريح استنادا لقرار المجلس الأعلى بتاريخ 9 فبراير 1982 بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 30 ص 109 وما بعدها، وهذه القاعدة تجد تبريرها ضمن قواعد الفقه المالكي، إذ يقول الزرقاني في شرح قول خليل بأن الأصل العدالة.
وحيث إن المبررات المذكورة تجعل من الضروري القول بأن المدعى عليها ذات أخلاق لتربية أولادها إعمالا لقواعد الترجيح أعلاه مما ينبغي معه رفض الطلب .
.
.
".
وهكذا، فإثبات أهلية الحضانة، أو الطعن في تلك الأهلية، يعتمد إلى حد بعيد الأبحاث والتحقيقات التي ينجزها القاضي في كل قضية تعرض عليه ، مع الشهود والمتنازعين ومع الأطفال أنفسهم إذا أن لهم من التمييز ما يمكنهم من التعبير عن حقيقة وضعيتهم، وعن شعورهم كذلك إزاء المتداعين حول حضانتهم.
وبعبارة أخرى، فالقاضي لا ينبغي أن يتخذ موقفا سلبيا يكتفي بما يقدمه له المترافعون من وسائل الإثبات، وبالتطبيق التلقائي لقوتها الإثباتية المنصوص عليها في الاجتهاد الفقهي، وإنما يتعين أن يفحص ملابسات كل قضية وعناصرها المختلفة عن طريق الأبحاث والتحقيقات التي ينجزها.