دور القضاء الإجتماعي في حماية العامل المنزلي.
مواضيع في القانون المدني
دور القضاء الإجتماعي في حماية العامل المنزلي.
يعتبر القضاء بتدخلاته من خلال النوازل التي تعرض عليه الحامي لحقوق الناس سواء من القوة الطاغية لبعض الأشخاص أو من القانون نفسه. و في موضوعنا لدينا طرف ضعيف جدا لا يمكنه التعويل على قانون بسيط لحمايته، لذا لا سبيل إلا في القضاء لحماية هؤلاء الأشخاص و ضان حقوقهم. و القانون قيد الدراسة هو قانون جديد لا يزال فيه الإجتهاد القضائي قليل، لذا سنتطرق في هذا المطلب إلة الحماية القضائية قبل صدور هذاالقانون (الفقرة الأولى)، و ننتهي بالحماية القضائية في ظل هذا القانون (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: موقف القضاء الإجتماعي من العامل المنزلي قبل صدور قانون 12/19.
و لعل الملاحظ أن القانون القديم لم يحدد الأشخاص الذين يدخلون في نطاق خدم البيوت أو عمال المنازل كما فعل القانون 12-19 بتحديد بعضهم على سبيل المثال في المادة 2 منه. لهذا دأب القضاء على تكييف بعض الأعمال و العقود ما بين صفة العامل المنزلي و الأجير. و في هذا الصدد نجد قرار لمحكمة النقض سنة 2013 جاءت فيه بما يلي[1]"حيث ثبت صحة ما يثيره الطاعن حول طبيعة العلاقة التي كانت تربطه بالمطلوب في النقض وهي ليست علاقة شغل، فالثابت من المقال الافتتاحي للمطلوب إيراده أنه يقوم بأعمال البستنة والحراسة وشؤون البيت وهو ما أكده خلال البحث الابتدائي، مما يفيد أنه مرتبط بصاحب البيت شخصيا بعلاقة لا يمكن اعتبارها علاقة شغل بالمفهوم القانون نظرا لطبيعة المهام التي يضطلع بها المطلوب في النقض والتي تجعله يصنف ضمن فئة خدم البيوت الذين يقومون بالأشغال المنزلية والذين لا تشملهم مقتضيات مدونة الشغل كما تنص على ذلك مقتضيات الفقرة الأولى من المادة 4 من مدونة الشغل والتي تقضي بأنه: (يحدد قانون خاص شروط التشغيل والشغل المتعلقة بخدم البيوت الذين تربطهم علاقة شغل بصاحب البيت) وعليه وفي انتظار صدور القانون المذكور يبقى خدم البيوت - والمطلوب في النقض منهم خارج نطاق - .مدونة الشغل.
والقرار المطعون فيه لما اعتبر أن المطلوب في النقض مرتبط بالطاعن بعلاقة شغل وقضى له بتعويضات بسبب إنهائها كان غير مرتكز على أساس وخارقا لمقتضيات المادة 4 من مدونة الشغل مما يعرضه للنقض"[2].
أما فيما يخص الحقوق وواجبات قبل صدور القانون 12-19 الذي جاء هو بنفسه بتلك الواجبات و الحقوق. فالقضاء كان له رأي في كيفية تحديدها، حيث جاء في هذا الصدد قرار محكمة الاستئناف بالقنيطرة التي استبعدت هذه الفئة كل البعد من الاستفادة من مقتضيات مدونة الشغل قبل إخضاعها لمقتضيات القانون 12.19 مؤكدا في قرارها أن العمال المنزليين يخضعون في علاقتهم بصاحب البيت لمقتضيات الاتفاق المبرم بيمهما سواء أكانت شفويا أو كتابيا ،وذلك أتعلق الأمر بالأجر أو الراحة الأسبوعية أو عطلة سنوية أم ساعات العمل وخلصت في الأخير في قرارها أن لا يمكن للعامل المنزلي مطالبة صاحب البيت باحترام الحد الأدنى للأجر،إلا أن هذه المحكمة لا تقف عند هذا الحد ،وكذا جعلت مصير العاملة أو العامل المنزلي رهين بقرار صاحب البيت وذلك بتأكيدها أن بإمكان هذا الأخير فسخ عقد الشغل دون تبرير سبب الطرد ومن هنا يفهم أن القضاء يجيز مسألة الطرد التعسفي[3]
الفقرة الثانية: الحماية قضائية للعامل المنزلي في ظل قانون 12/19.
إن العمل القضائي فيما يخص حماية العمل المنزليين على ضوء القانون الجديد 12-19يعتبر بالعمل النادر لأسباب عديدة منها حداثة صدور هذا القانون، و أهمها عدم لجوء هذه الفئة إلى المحاكم أصلا، لعوزها و استضعافها.
و انطلاقا من قراءتي للإجتهادات القضائية في هذا المجال، فالقضاء لا يوفر حماية لهذه الفئة من العمال، حيث دائما ما ما يلجأ العامل المنزلي للقضاء لطلب حقوقه و تعد المسطرة في إطار مدونة الشغل التي هي صاحبة الحماية الجدية للعمال، لكن يصدم هؤلاء بتكييف قضاياهم للقانون المنظم لعمال المنازل المثقل بالثغرات و ناقص إلى عديم الحماية، و الحديث كثير في هذا التوجه.
و قرار لمحكمة الإستيناف بمراكش يثبث ما قلناه سابقا حيث جاء فيه "لم يثبت للمحكمة كون المحل الذي ينفذ فيه المستأنف العمل هو رياض يستقبل الزبناء والغرض الرئيسي لإنشائه هو الربح وليس سكنا شخصيا حيث أن قيام الأجير بأعمال السياقة وكذا التكفل بكل احتياجات المنزل لا يصبغ عليه صفة أجير مادام أن تلك الأشغال تدخل ضمن اختصاصه كمشرف على المنزل ولعل ما يؤكد ذلك هو شهادة الشاهدة ماكسيما أندري التي توسطت للأجير في الاشتغال لدى المستأنف عليهما المشرف على المنزل في حضورهما وغيابهما وأنها بحكم ترددها على المنزل فإنه لا يعد رياضا وإنما يستقبل فقط أفراد العائلة والأصدقاء ولعل ما ينفي صفة النشاط التجاري على الدار هو تصريح الأجير نفسه أن الدار تستقبل حوالي 40 فردا في السنة وأنه في بعض السنوات لا تستقبل أي فرد وأن الأفراد الوافدين عليها ر يؤدون إلا ثمن المأكولات وهو الأمر الذي لا ينسجم وتسيير دور الضيافة وأمام عجز الأجير عن إثبات ادعائه فإنه يكون بذلك من خدم البيوت ولا يخضع بذلك لمقتضيات مدونة الشغل ."[4]
و القرارت مثل السابق فهي كثيرة، و الهدف من ذكرها و الدعوة إلى المساواة بين العمال المنزليين و الأجراء و جعل القضاء يوفر لهم نفس الحماية.
[1]قرار لمحكمة النقض عدد 815 الصادر بتاريخ 30 ماي 2013، ملف اجتماعي.
[2] تم أخد هذا القرار من: ّ حسن هروش، مرجع سابق، الصفحة 175.
[3]منال الضاضعي: "العاملات والعمال المنزليين بين النص والعمل القضائي أية حماية؟"، مقال مرفوع على الموقع الإلكتروني لمجلة القانون و الأعمال، (تم الإطلاع عليه بتاريخ 10/05/2021). للإطلاع على المقال زيارة الموقع أسفله:
[4] قرار عدد 2800 الصادر بتاريخ 2016/06/29 في الملف عدد 5247/1501/2015. مأخوذ من مجلة المحامي العدد 68، الصفحة 462.