الصداق في عقد الزواج في القانون المغربي
مجموعة مواضيع في قانون الأسرة للإستعانة بها في البجوث التحضير للمباريات القانونية
الصداق في عقد الزواج.
إن من أهم الحقوق التي تتطلبها الحياة الزوجية كما ورد في النصوص، و كما جاء في التشريعات المختلفة في الحقوق المادية للزوجة على زوجها، لأن قيام الزوج بتلك الحقوق و سده مطالب الزوجة دليل على صدق علاقته بها.
فلذلك أول ما تبدأ الحياة الزوجية من المهر الذي يقدمه الزوجلزوجته كرمز على انطلاق الحيتة الزوجية، و على قدرته على الوفاء ما تتطلبه الحياة الزوجية من عناء.
أولا : تعريف الصداق و حكمه و شروطه.
1 – تعريف الصداق :
الصداق لغة من باب أصدق يصدق إصداقا، و يجمع على صدقة و صدقات بضم الدال، قال تعالى " وَءَاتُواْ ٱلنِّسَآءَ صَدُقَٰتِهِنَّ نِحْلَةً ۚ فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَىْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيٓـًٔا مَّرِيٓـًٔا"[1]، و يقال أصدقها كذا. . إذا عين لها صداقا أو أعطاها إياه.
و اصطلاحا هو مال يجب في عقد النكاح على الزوج في مقابله منافع البضع غما بالتسمية أو بالعقد. و تتعدد المصطلحات الدالة على الصداق أو المهر، بل ذهب الفقهاء لترتيب لبعضها أحكاما، و قد جمع بعض تلك المصطلحات الناظم في قوله :
صداق و مهر نحلة و فريضة حياء و أجر تمر عقد علائق.
و اتفق الفقهاء على أن المهر حق واجب للمرأة على الرجل[2]، و قد يدل على ذلك الكتاب و السنة، فقد قال الحق سبحانه و تعالى ". .. أُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَآءَ ذَٰلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَٰلِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَٰفِحِينَ ۚ فَمَا ٱسْتَمْتَعْتُم بِهِ ۦ مِنْهُنَّ فَـَٔاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَٰضَيْتُم بِهِ ۦ مِنۢ بَعْدِ ٱلْفَرِيضَةِ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا"[3] .
أما السنة فقد دلت على ذلك الأحاديث الكثيرة و منها "أن رسول الله صلى الله عليه و سلم راى عبد الرحمان ابن عوف درع زعفران فقال ل رسول الله : مصيم؟ فقال: يا رسول الله، تزوجت إمرأة، فقال ما أصدقتها؟ قال : وزن نواة من الذهب، فقال: بارك الله لك، أو لم و لو بشاة"[4] .
و قد عرفتها مدونة الأسرة في المادة 26 بقولها " الصداق هو ما يقدمه الزوج لزوجته إشعارا بالرغبة في عقد الزواج وإنشاء أسرة مستقرة، وتثبيت أسس المودة والعشرة بين الزوجين، وأساسه الشرعي هو قيمته المعنوية والرمزية، وليس قيمته المادية."[5]
و يتبين من تعريف المدونة و التعريفين السابقين أن الصداق هو ما يقدمه الزوج لزوجته من مال بمناسبة زواجهما، قاصدا من وراء ذلك استمالة نفسية المرأة و إشهارها برغبته في الزواج بها، و الأساس في الصداق هو قيمته المعنوية و الرمزية لا المادية.
و تكون المدونة قد دحضت بعد العادات و التقاليد الفاسدة التي تعتبر الصداق قيمة المرأة، بل هو علامة من علامات إخلاص الرجل و صدقه نحو زوجته المزمع تكوين أسرة مستقرة معها.
و يضاف إلى أن المرأة لا تكلف بالنفقة، و إنما الرجل هو المكلف بالإنفاق لأنه أقدر من المرأة على كسب العيش و الحصول عليه بالتعب و المشقة.
فالمرأة لا تبيع نفسها و إنما تختبر بقبضها للصداق من الرجل صدقه و نيته و حبه لها، و هذه هي روح الفلسفة الشرعية للصداق في الإسلام. فالرجل هو الذي يعطي الصداق و يقدمه لزوجته معبرا لها عن رغبته و صدقه في الزواج منها، و المرأة بقبضها الصداق فهي ليست سلعة تباع و تشترى كما قال به بعض ممن يحرض المرأة و المجتمع بأفكاره الغربية[6]، بل إنما هي في موضع تقدير الرجل و المراد منها و هذا لا يحط من قيمة الرجل، بينما تصاب شخصية المرأة بالضرر لو قامت و أعطت للرجل الصداق قصد التزوج بها. يضاف إلى هذا أن المرأة سواء كانت زوجة أو اما أو بنتا لا تكلف بالنفقة، و في هذا كله حطمة إلاهية لا ينكرها إلا الجاحد أو المعادي لأحكام الشريعة.
2 – الدليل على وجوب الصداق :
استدل الفقهاء على وجوب المهر من الكتاب و السنة و الإجماع، اما الكتاب فقوله تعالى " وَءَاتُواْ ٱلنِّسَآءَ صَدُقَٰتِهِنَّ نِحْلَةً ۚ فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَىْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيٓـًٔا مَّرِيٓـًٔا"[7] ، و قوله كذلك "... أُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَآءَ ذَٰلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَٰلِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَٰفِحِينَ ۚ فَمَا ٱسْتَمْتَعْتُم بِهِۦ مِنْهُنَّ فَـَٔاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً..."[8]، فقد أوجب الله سبحانه و تعالى بمقتضى هذه الأيات المهر على الزوج، فالآية الأولى تأمر الأزواج بمنح للنساء صدقاتهن نحلة، أي عطية من الله للنساء بدون مقابل، كما وصف الله تعالى الصداق في الآيتين المذكورتين بأنه فريضة و هذا دليل على وجوبه.
و أما السنة فقد ورد أن النبي صلى الله عليه و سلم تزوج و زوج بناته على الصداق و لم يتركه في النكاح مع أن الله تعالى أباح له الزواج بدون مهر، و قد قال للزجل الذي أراد الزواج و ليس معه مال "إلتمس و لو خاتما من حديد"، و لو كان الصداق غير واجب للزوجة وصلت بعض عقود منه، و لكن لم يحصل فدل على وجوب الصداق.
كما روى البخاري عن أنس بن مالك "أن عبد الرحمان بن عوف جاء إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم و به أثر صفرة فساله رسول الله فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار، فقال له صلى الله عليه و سلم كم سقت إليها، قال وزن نواة من ذهب، قال رسول الله اة لم و لو بشاة"[9]. و من السنة أيضا ما ورد عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال " من كسف خمارة امرأته و نظر أليها وجب عليه الصداق، دخل بها أو لم يدخل".
و اما الإجماع فقد انعقد بين المسلمسن من عصر رسول الله إلى يومنا هذا أن المهر واجب للزوجة على زوجها و مسند هذا الإجماع ما سبق ذكره من الأدلة.
3 – حكم الصداق :
إن المهر واجب بمقتضى نصوص القرآن و السنة و إجماع المسلمين، و في هذا السياق ذهب جمهور الفقهاء إلى أن المهر و إذا كان واجبا في الزواج فإنه ليس بركن من أركان انعقاده، و لا حتى شرط من شروط صحته، و إنما هو حكم من أحكام الزواج المرتبة عليه بعد تمامه و أثر من أثاره التي تثبت بعده، و أن العقد ينعقد صحيحا و لو بدون ذكر الصداق و تسميته في العقد، و لو كام المهر ركنا أو شرطا في الزواج لما صح العقد بدونه[10]، و الدليل على ذلك قوله تعالى " لَّا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً. .."[11] .
نتيجة لما سبق، يذهب الجمهور إلى القول بأن الزواج بالمرأة دون تسمية الصداق يعتبر صحيحا، كما يعتبر صحيحا إذا سمي لها مالا يصلح أن يكون مهرا، أو حصل اتفاق بين الزوجين أن يتزوجا بدون صداق، أو اشترطا الزوجان عدم المهر، فإن العقد يعتبر صحيحا و الشرط باطلا، و يجب للزوجة في كل هذه الصور مهر المثل.
و ذهب المالكية بالقول أن الصداق شرط صحة في الزواج، و عده بعض المالكية من الأركان، و هم لا يقصدون بذلك ذكره في العقد لأنهم يشاطرون الرأي مع الجمهور في صحة زواج التفويض و إنما قصدهم من ذلك أنه لا يجوز الإتفاق على إسقاط الصداق و اشتراط عدمه من أحد الزوجين أو تسمية ما لا يصلح أن يكون صداقا كالمحرمات. فإن حصل شيء من ذلك كان العقد فاسدا يتعين فسخه قبل الدخول و لا شيئ فيه، و إذا حصل دخول لم يفسخ ووجب فيه مهر المثل، و المدونة أخذت برأي المالكية فاعتبرت الصداق شرط صحة في عقد الزواج، كما أنها اعترفت للزوج أن يفوض عند التعاقد أن الزوجة تقوم بتحديد المهر، و يجوز لها ذلك أيضا بعد إبرام العقد، و هذا ما أطلق عليه بنكاح التفويض.
و هطذا نصت المدونة في المادة 27 على أنه " يحدد الصداق وقت إبرام العقد، وفي حالة السكوت عن تحديده، يعتبر العقد زواج
تفويض.
إذا لم يتراض الزوجان بعد البناء على قدر الصداق في زواج التفويض، فإن المحكمة تحدده مراعية الوسط الاجتماعي للزوجين."
4 – شروط الصداق و مقداره :
- أ – شروط الصداق :
يشترط في صحة الصداق نفس الشروط لصحة الإلتزامات الشرعية، و تبعا لذلك يجب أن تتوفر في الصداق الشروط الأتية :
- أن يكون الصداق مالا أو شيئا ذا قيمة مالية، و قد أجاز البعض من المالكية أن يكون الصداق منفعة ليس لها قيمة مالية كسورة أو أكثر من القرآن الكريم، انطلاقا من قوله صلى الله عليه و سلم: "الرجل عندما لم يجد و لو خاتما من حديد يدفعه برسم الصداق، قال هل معك شيء من القرآن، قال نعم، فقال رسول الله قد أنكحتها بما معك من القرآن".
- أن يكون الصداق مباحا و ظاهرا يصح الإنتفاع به شرعا.
- أن لا يكون الصداق معصوبا[12].
- أن لا يكون الصداق مجهولا، فلا يجوز مثلا أن يكون عقارا غير محدد المساحة و الحدود، أو ثوبا لم يعين نوعه، و جوز الفقهاء الجهالة اليسيرة في عقد الزواج، لأنه مبني على المكارم و التسامح[13] .
- أن يكون مقدورا على تسليمه و خاليا من الغرر، كمثل أن يكون كنزا في باطن الأرض أو ثمر لم يعد صالحا.
- ب : مقدار الصداق :
من السنة تخفيف الصداق و عدم المغالاة فيه لقوله صلى الله عليه و سلم "إن أعظم النكاح تركة أيسره مؤونة"[14]، و الحكمة في التيسير و التخفيف من الصداق هو فتح المجال أما الشبان ليتزوجوا حتى لا ينصرفوا عنه و تحل الفتن و النفاسد الإجتماعية و الأخلاقية. لذلك اختلف الفقهاء في تحديد مقدار الصداق، فهناك من ذهب في تحديده في عشرة دراهم كالحنفية مثلا، و هناك من رأى عدم تحديده كالشافعية و الحنابلة و فقهاء المدينة من التابعين، و هناك من حدده في حسب وقته في ربع دينلر أة ثلاثة دراهم من الفضة الشرعية كما قال به المالكية، و قال في هذا ابن العصم " و ربع دينار أقل الصداق".
و قد أخذت المدونة الملغتة برأي الشافعية و الحنابلة و من سايرهم في عدم تحديد مقدار الصداق، حيث كانت تنص في الفقرة الثانية من المادة 17 "ل حد لأقل المهر و لا لأكثره"، أما المدونة الحالية فقد سكتت عن الأمر تاركة الأمر في تحديده للزوجين مع تنصيصها صراحة على القيمة المعنوية للصداق في المادة 26، و على التيسير و التخفيف في في المادة 28.
5 – ما يصلح أن يكون صداقا :
نصت المادة 28 من المدونة على أنه " كل ما صح التزامه شرعا، صلح أن يكون صداقا، والمطلوب شرعا تخفيف الصداق."، و يتضح من هذا النص أن الصداق إما أن يكون مالا او ما هو في حكم المال من المتافع و الخدمات، و الشرط في اعتبار الأموال و المنافع صداقا هو أن يكون مما يصح الإلتزام به شرعا، كما ورد في النص عليه في القانون المغربي. و عليه لا يصح أن يكون مهرا كل ما ليس بمال و لا يتقوم بمال في ذاته كمثل ما حرم الله في شريعته، أو ما كان مالا و لكنه غير متقوم في حق المسلم كالخمر و الخنزير مثلا، حتى و لو كانت الزوجة كتابية، و لا يصح أيضا إذا كان غير مقدور على تسليمه كالضائع و ما ليس في الحيازة كالطير في الهواء و السمك في البحر.
و بصيغة عامة فإن الأشياء التي تصلح بأن تكون مهرا في عقدالزواج هي :
- أ - : الأموال: و التي سقصد بها الأشياء المادية التي لها قيمة اقتصادية، كالنقود و الذهب، -و هو الغالب في مجتمع المغرب- أو الحجارة الكريمة، أو كان عقارا سواء قطعة أرض أو منزلن أو كان منقولا كالسيارة أو الثوب الفاخر، أو حيوان كدابة للركوب أو قطيع من الغنم. .. إلخ.
كما يقصد بالأموال الخدمات و الحقوق المعنوية المقومة بالمال، من أمثلة الخدمات نذكر استعمال سيارة الزوج أو استغلال أرض أو منزل بالإيجار، او ينجز لهم مصلحة كتصميم بناء أو يتولى الدفاع عن قضية أما القضاء. .. أو أن يقوم بإدارة أموالها لمدة معينة، أو أن يصدقها أصل تجاري أو براءة اختراع أو حق ملكية أدبية أو فنية. ...
- ب - : المنافع التي لا تقدر بمال كمثل أن يجعل الزوج نهر زوجته بأن لا يتزوج عليها أو بأن تبقى مع أهلها و لا ينتقلا لبلد آخر و ما شبه ذلك. فهذه المنافع لا تصلح بأن تكةن مهرا عند جمهور الفقهاء، لأنها لا تقدر بمال و إن كانت تشكل منفعة للزوجة، لكن نص المادة 28 من المدونة يفيد بأن مثل هذه المنافع يصح أن تكون مهرا و إن كانت لا تقوم بمال مادام يصح الإلتزام بها شرعا.
ثانيا : أنواع الصداق و أحواله.
1 : أنواع الصداق :
يتنوع الصداق من حيث تسميته إلى صداق مسمى و صداق المثل، و من حيث أداؤه إلى صداق مؤجل و صداق معجل.
أ : الصداق المسمى و صداق المثل :
- الصداق المسمى هو ما سمي فيه المهر وقت العقد[15]، كما يسمى الثمن وقت البيع، فأطراف العقد تتفق على تسمية النوع القدر من الصداق، و قد كانت تنص علبه المدونة الملغاة في الفصل الخامس بقولها 'لابد من تسمية مهر الزوجة، و لا يجوز العقد على إسقاطه3، ثم حدف هذا النص نهائيا من المدونة الحالية.
و قد اشترط الفقهاء في هذا النوع من الصداق حتى يكون مسمى أن لا يقل قدره المسمى عن صداق المثل، و أن توافق الزوجة على تسميته إذا كانت راشدة، أما إذا كانتقاصر فيتعين موافقة نائبها الشرعي طبقا لمقتضيات الماتين 20 و 21 من المدونة. فالراشدة تحدد لنفسها الصداق و لا يحق لوليها الإعترتض عليه سواء كان أقل من العرف أو أكثر.
صداق المثل و هو صداق يراعى فيه المركز الإجتماعي لكل من الزوجين من حيث السن و البكارة و العلم و الجهل...، و قد حدد الفقهاء حالات معينة يجب فيها للزوجة صداق من هذه الحالات :
- أ – زواج التفويض: الذي هو الزواج الذي يتم فيه إن العقد بدون تسمية الصداق و لا إسقاطه، و في حالة عدم التراضي بين الزوجين بعد البناء على قدره، فإن المحكمة تحدده بمراعاة الوششط الإجتماعي للزوجين.
- ب – الزواج الفاسد لصداقه: و من صوره أن يسمى للزوجة صداق ممالا يصح الإلتزام به شرعا، أي مما لا لا يدخل شرعا في دائرة التعامل، حيث يفسد العقد لصداقه، و هو يفسخ قبل البناء و يصحح بعد البناء بصداق المثل تطبيقا للمادة 60 من المدونة التي نصت على " يفسخ الزواج الفاسد قبل البناء ولا صداق فيه إذا لم تتوفر في الصداق شروطه الشرعية، ويصحح بعد البناء بصداق المثل، وتراعي المحكمة في تحديده الوسط الاجتماعي للزوجين. ".
- ج – الإتفاق على إسقاط الصداق: إذا اتفق الطرفان على إسقاط الصداق فإن العقد يكون فاسد و للزوجة صداق المثل بعد البناء، أما إذا مات عنها أو طلقت قبل البناء فلا يجب لها شيئ من الصداق
ب : الصداق المعجل و الصداق المؤجل :
يجوز الإتفاق على تعجيل الصداق أو تأجيله إلى أجل مسمى كلا أو بعضا، و يدهب بعض المالكية بالقول بكراهية تأجيل الصداق بكامله. و هذا ما عبر عنه ابن عاصم في تحفته بقوله :
و يكون النكاح بالمؤجل إذا كان من معجل.
فالزوج الملزم بالصداق يدفع للزوجة ما لا تقف على تعجيله، و يبقى على ذمته مؤخر الصداق إلى أجل مسمى طبقا لمقتضيات المادة 30 من المدونة التي تقول " يجوز الاتفاق على تعجيل الصداق أو تأجيله إلى أجل مسمى كلا أو بعضا."
وهذا فإن كان هناك اتفاق على تأجيل جزء من الصداق، فإن الزوج ملزم بتعجيله بالكامل، و إذا اتفقا على تأجيل جزء منه، ثم توفي الزوج أو وقع الطلاق حل أجل أداء الجزء الباقي من الصداق المؤجل، أما إذا ماتت الزوجة فإن لوزثتها أن يطالبوا بالجزء المتبقي من الصداق، لأنه دين مترتب على ذمة الزوج، و في جميع الأحوال فإن الجزء المؤجل يبقى دينا على الزوج ما لم يؤده.
2 : أحوال الصداق :
للصداق ثلاثة أحوال، لأن الزوجة قد تستحق الصداق كاملا أو نصفه أو لا تستحق شيئا.
أ : استحقاق الزوجة للصداق كاملا :
تستحق الزوجة الصداق كاملا في صورتين :
- في البناء الحقيقي: و يقصد به الدخول الذي يتم فيه المسيس بين الزوجين، حيث إن الزوج يعاشر زوجته معاشرة شرعية بعد العقد عليها. و هناك من اعتبر الخلوة الصحيحة توجب الصداق بأكمله على الزوج، غير أن المالكية يقولون أن ه يتأكد الصداق بكامله إذا مرت على العقد سنة كاملة، و استمتع بها دون دخول حقيقي.
- الموت قبل البناء : و يقصد به وفاة الزوج قبل البناء بزوجته، و لأن حق الزوجة هنا في ملكية صداقها ثابت بالعقد سواء كان صحيحا أو فاسدا، و سواء تم البناء أم لا، لا يسقط هذا الحق بالموت أبدا، كما لا يخضع لأي تقادم، و في حالة موت الزوج فالصداق يؤدى من تركته.
ب : استحقاق الزوجة لنصف الصداق، أو عدم استحقاقها شيئا :
تستحق الزوجة نصف الصداق إذا طلقت قبل الدخول و بعد تسمية الصداق، لقوله تعالى " وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّآ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَاْ ٱلَّذِى بِيَدِهِ ۦ عُقْدَةُ ٱلنِّكَاحِ ۚ "[16]، فإن كانت المرأة قد حازت جميع صداقها المسمى لها و طلقت قبل الدخول عليها أن ترد لمطلقها النصف من الصداق، أما إذا كانت لم تأخذه فعليها أن تطالب بالنصف بعد الطلاق، اللهم إذا سامحت مطلقها في ذلك النصف الواجب أو سامحه وليها.
هذا إذا كان الطلاق من اختيار الزوج، أما إذا لم يكن من اختياره، فلا حق للزوجة في الصداق، كمثل أن يردها لعيب فيها أو ردته هي لعيب فيهأو تبين أنها أخته من الرضاعة، أو كمن قتلت زوجها، أو من اتدت عن دين الإسلام و هذا هو رأي المالكية[17].
ثالثا : ملكية الزوجة للصداق :
اختلف الفقهاء حول ملكية الزوجة للصداق، هل تتصرف فيه كيف شاءت، أم من حق الزوج أن يطالبها بالجهاز في حدود ما تقبضه من المهر. و ذهب الحنفية و الحنابلة إلى أن الصداق
ملك خاص للمرأة وحق من حقوقها تفعل به ما شاءت، وتتصرف فيه كيفما أرادت، من هبة للزوج أو غيره، أو تأثيث المنزل، أو تحتفظ به لنفسها، وعليه فإعداد جهاز البيت ليس واجبا عليها، وليس من حق الزوج أن يلزمها به، وإذا جاءت به إلى بيت الزوجية فإن ذلك يعتبر تبرعا وتكرما منها[18]، وحجتهم في هذا الرأي من الكتاب والسنة والقياس.
فمن الكتاب قوله تعالى "وَءَاتُواْ ٱلنِّسَآءَ صَدُقَٰتِهِنَّ نِحْلَةً ۚ فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَىْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيٓـًٔا مَّرِيٓـًٔا"[19] فالخطاب في هذه الآية للأزواج. قال ابن عباس وقتادة وابن زيد وابن جريج، أمرهم الله تعالى بأن يتبرعوا بإعطاء المهور نحلة منهم لأزواجهم، وقيل الخطاب للأولياء قال أبو صالح، وكان الولي يأخذ مهر المرأة ولا يعطيها شيئا، فنهوا عن ذلك، وأمروا أن يدفعوا ذلك إليهن، قال في رواية الكلبي : إن أهل الجاهلية كان الولي إذا زوجها، فإن كانت معه في العشيرة لم يعطها من مهرها كثيرا ولا قليلا، وإن كانت غريبة على بعير إلى زوجها، ولم يعطها شيئا غير ذلك البعير فنزلت الآية.
فهذه الآية حسب القرطبي تدل على وجوب الصداق للمرأة وهو مجمع عليه، ولا خلاف فيه إلا ما روي عن بعض أهل العلم من أهل العراق، أن السيد إذا زوج عبده من أمته لا يجب فيه صداق.
ومن السنة ما رواه البخاري ومسلم عن سهل بن سعد في حديث الواهبة نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم وفيه " أن رجلا من أصحابه قال : يا رسول الله، إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها، فقال صلى الله عليه وسلم : هل عندك من شيء ؟ فقال : لا والله يا رسول الله، ولكن هذا إزاري ( قال سهل : ما له رداء ) فلها نصفه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما تصنع بإزارك، إن لبسته لم يكن عليها منه شيء، وإن لبسته لم يكن عليك منه شيء. .. ". ثم زوجها له صلى الله عليه وسلم بما معه من القرآن. فهذا يدل على أن الصداق كله للمرأة، ولا يبقى للرجل فيه شيء.
ومن القياس، فلأنه عقد تملك به المرأة العوض وهو المهر، فاستحقته كاملا قياسا على عقد البيع، فيكون التصرف فيه لها، لأنه ملكها كسائر أملاكها، فنماؤه وفائدته لها، وزكاته ونقصه وضمانه عليها، لأن ذلك كله من توابع الملك، وعليه فلا حق للزوج في أن يطالبها بأثاث أو غيره، مقابل الصداق الذي أصدقها إياه.
أما المالكية فقد ذهبوا إلى القول بأن الصداق ليس ملكا خاصا للزوجة، بل هو مبلغ يدفعه الزوج لزوجته لتستعين به على تجهيز بيت الزوجية، في حدود ما تقبضه من الصداق قبل الدخول. ولا يحق لها أن تصرفه في غير ذلك مثل قضاء الدين أو غيره، لأن العرف جرى على أن ما يدفعه الزوج لزوجته، لا يعتبر كله صداقا في مقابلة الزواج، وإنما هو عبارة عن مبلغ تستعين به المرأة على شراء ثيابها، وتشوير بيت الزوجية، من متاع وفراش وأثاث وغير ذلك[20] .
قال ابن عاصم :
ويسوى الصداق ليس يلـــــــــزم تجهز الثيب من يحكــــــــم
وأشهر القولين أن تجهـــــــــــزا له بكالئ لها قد حـــــــــــوز.
وإذا لم نقبض شيئا من الصداق قبل الزفاف فلا يحق للزوج مطالبتها بأي شيء إلا في حالتين:
أ - إذا اشترط عليها زوجها ذلك في عقد النكاح، لأن العقد شريعة المتعاقدين، ولما روى البخاري معلقا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " المسلمون عند شروطهم ".
ب - إلا إذا كان العرف يقضي بتجهيز المرأة بيت الزوجية لأن العادة شريعة محكمة والمعروف عرفا كالمشروط شرطا.
المشرع المغربي أخذ بمذهب الحنفية والحنابلة سواء في مدونة الأحوال الشخصية الملغاة أو في مدونة الأسرة، الذي يعتبر أن الصداق ملك خاص للمرأة، تتصرف فيه كيف شاءت، وبالطريقة التي ترضيها، ولا يحق للزوج مطلقا أن يطالبها بأثاث أو مفروش أو لباس عوضا عن الصداق. ويكون المشرع بذلك خالف المذهب المالكي[21]، ولعل الهدف الذي توخاه المشرع من مطالبة المرأة بشيء من الجهاز مقابل الصداق، هو تغيير الأعراف السائدة في بعض المناطق حول تجهيز البيت، ومن يقوم به، وما ينشأ عن ذلك من خلافات، وكذا محاولة منه التخفيف من المغالات في الصداق وما يقع بمناسبة الزواج من منافسات بين الأسر في التجهيز.
وهكذا نصت مدونة الأسرة في المادة 29 على أنه : " الصداق ملك للمرأة تتصرف فيه كيف شاءت، ولا حق للزوج في أن يطالبها بأثاث أو غيره، مقابل الصداق الذي أصدقها إياه ".
فالصداق إذن ملك للزوجة، تتصرف فيه بكامل إرادتها وكيف شاءت، ولا دخل للزوج أو الولي أو غيرهما فيه. كيفما كانت قيمته فهي المالكة لذلك، ولها الحق في هبته والتنازل عنه لزوجها أو لغيره، دون أي قيد إذا كانت لها أهلية التبرع طبقا للفصول من 340 إلى 346 من قانون الالتزامات والعقود والمادة 210 من مدونة الأسرة.
وتجدر الإشارة إلى أن المرأة تملك الصداق بمجرد العقد، ويدخل في ضمانها -إذا كان معينا وكان العقد صحيحا- بمجرد إبرام الزواج، بحيث إذا هلك أو ضاع، فإن الزوجة هي التي تتحمل نتيجة ضياعه أو هلاكه، ولا يضمنه الزوج لها، ولو كان ما يزال لم يدفعه لها، أما إذا كان الصداق غير معين، كقدر من النقود، أو كان الزواج فاسدا، فإن الصداق لا يدخل في ضمان الزوجة إلا من تاريخ توصلها به، بحيث إذا هلك قبل أن يمكن الزوجة منه، فإنه هو الذي يتحمل نتيجة ذلك، ويجب عليه أن يؤديه للزوجة[22] .
المشرع الجزائري بدوره اعتبر الصداق ملكا للزوجة وهذا ما تضمنته المادة 14 من قانون الأسرة الجزائري التي جاء فيها : " الصداق هو ما يدفع نحلة للزوجة من نقود أو غيرها من كل ما هو مباح شرعا وهو ملك لها تتصرف فيه كما تشاء ".
وأيضا نص عليه الفصل 12 من مجلة الأحوال الشخصية التونسية بقوله : " كل ما كان مباحا ومقوما بالمال تصلح تسميته مهرا، وهو ملك للمرأة ".
كما أن قانون الأحوال الشخصية اليمني نص على ذلك في المادة 33 التي جاء فيها " المهر ملك للمرأة تتصرف فيه كيف شاءت، فهو خالص لها يمكنها أن تتبرع أو تتنازل عنه بكامله أو بعضه سواء لزوجها أو لغيره شريطة أن تكون كاملة الأهلية ".
رابعا : اختلاف الزوجين حول الصداق :
منازعات الزوجين حول الصداق لا تقتصر فقط حول مقداره، بل قد تمتد إلى وقت أدائه إذا كان بعضه معجلا، والبعض الآخر مؤجلا، وقد يكون النزاع حول قبضه كلا أو بعضا. ..
والواقع أن مثل هذه الاختلافات كانت متصورة قبل صدور مدونة الأحوال الشخصية، أما بعد صدور المدونة فإنها تستلزم كتابة عقد الزواج من طرف شاهدين عدلين مع تضمين رسم الزواج وجوبا مبلغ المهر، وما إذا كان معجلا أو مؤجلا، لذلك فلا مجال للخلاف حول هذه الأمور، وهذا ما يؤكده أحد الأحكام القضائية الذي جاء فيه : " ما دام أن ما ضمن بعقد الزواج هو حجة قاطعة على قبض الزوجة لصداقها نظرا للقيمة الثبوتية التي منحها المشرع للعقود الرسمية ومنها عقد الزواج دون الاستجابة لطلبها توجيه اليمين الحاسمة للزوج لعلة أنه بالرجوع إلى رسم الزواج يتبين أن الزوجية قد قبضت كامل الصداق "[23].
إلا أن الخلاف الذي قد يثور بين الزوجة أو وليها من جهة والزوج أو من يهمه أمر الصداق كالورثة مثلا من جهة أخرى يتعلق بمسألة قبض المهر، خصوصا وأن الصداق قد لا يدفع أمام الشاهدين العدلين لا سيما المؤجل منه.
فإذا ادعى الزوج بأنه قد أعطى لزوجته كل المهر أو جزء منه، وأنكرت الزوجة ذلك، فإن الجمهور يرى بأن القول قولها بيمينها ما لم يثبت الزوج أنه أوفاها كل المهر أو المعجل منه ببينة. لأن الزوج بمجرد العقد الصحيح صار مدينا للزوجة بالمهر فلا تبرأ ذمته إلا بالبينة حتى يقوم الدليل على خلافه... وإذا امتنعت الزوجة عن اليمين قضى عليها بنكولها وحكم للزوج بما يدعيه.
أما الإمام مالك فإنه يرى بأن القول قول الزوجة قبل الدخول بيمين. أما بعد الدخول فإن القول قول الزوج مع يمينه، لأن الغالب أن الزوجة لا ترضى بالدخول إلا بعد قبض المهر، وهذا ما لم يثبت خلاف ذلك كما إذا كان العرف يقضي في البلد بتأخير المهر عن الدخول أو وجد مع الزوجة مستند. .. الخ.
وقد أخذت مدونة الأسرة برأي الإمام مالك حين نصت في المادة 33 على أنه : " إذا اختلف في قبض حال الصداق قبل البناء، فالقول قول الزوجة، أما بعده فالقول قول الزوج إذا اختلف الزوجان في قبض الصداق المؤجل، فعلى الزوج إثبات أدائه. .. ".
وهو ما جاء أيضا في المادة 17 من قانون الأسرة الجزائري على أنه : " في حالة النزاع في الصداق بين الزوجين أو ورثتهما وليس لأحدهما بينة، وكان قبل الدخول، فالقول للزوجة أو ورثتها مع اليمين وإذا كان بعد البناء فالقول للزوج أو ورثته مع اليمين "، ونص قانون الأحوال الشخصية المصري في المادة 19 على أنه : " إذا اختلف الزوجان في مقدار المهر فالبينة على الزوجة فإن عجزت كان القول للزوج بيمينه إلا إذا ادعى ما لا يصح أن يكون مہرا لمثلها عرفا فيحكم مهر المثل. وكذلك الحكم عند الاإختلاف بين أحد الزوجين وورثة الآخر أو بين ورثتها ".
أما المشرع العماني فقد نص في المادة 27 من قانون الأحوال الشخصية على أنه : " إذا أختلف الزوجان في قبض حال الصداق، فالقول للزوجة قبل الدخول، وللزوج بعده ما لم يكن ثمة دليل أو عرف مخالف ".
وقد ميزت مدونة الأسرة بين الصداق المعجل والمعبر عنه بالحال والصداق المؤجل والمسمى بالكالىء.
فبالنسبة للمعجل فالقول قول الزوجة قبل البناء، والقول قول الزوج بعد البناء، وأساس هذا الحكم في الحالتين هو أن الغالب أداء الصداق عند البناء، وهذا الغالب هو الذي يؤيد ادعاء الزوجة في الحالة الأولى، وادعاء الزوج في الحالة الثانية، ويمكن للمحكمة اعتماد قرائن أخرى قد تراها مفيدة سواء كانت لصالح الزوج أو الزوجة.
أما الإختلاف في قبض الصداق المؤجل فإن عبء الإثبات يقع على الزوج بحيث تستحق الزوجة الصداق المؤجل بمجرد عجز الزوج عن إثبات أدائه.
وكما سبق الـقـول فالصداق في جميع الأحوال لا يسقط بالتقادم كما تقضي بذلك الفقرة الأخيرة من المادة 33 من مدونة الأسرة، وبعد الوفاة يؤخذ من تركة الزوج باعتباره من الديون الممتازة التي يجب استخلاصها قبـل قسمة التركة طبقا للفصل 1248 مـن قـانون الالتزامات والعقود المغربي.
خامسا : الإختلاف حول الجهازو تأثيث بيت الزوجية.
النزاع بين الزوجين قد يثور أيضا حول تأثيث بيت الزوجية من جهة، وحول الأثاث والجهاز الموجود في البيت من جهة ثانية، وتشير باختصار إلى ذلك في الفقرتين التاليتين:
1 : مدى اعتبار التأثيث من مشتملات الصداق :
التأثيث أو الجهاز هو ما يحتاج إليه عند زفاف الزوجة إلى زوجها من الأدوات اللازمة لإعداد بيت الزوجية.
ولقد اختلف الفقهاء حول تجهيز الزوجة وهل يدخل ضمنه الصداق أم لا يعتبر كذلك. فذهب الحنفية إلى أن المهر ملك خاص للزوجة وحق من حقوقها تفعل به ما شاءت. وتتصرف فيه كيفما أرادت من هبـة وشـراء لأثاث المنزل أو تحتفظ به لنفسها، وإعداد جهاز البيت ليس واجبا على الزوجة ولا على أبيها ولو كانت تحت ولايته، وليس من حق الزوج أن يلزم الزوجة بالجهاز، وإذا جاءت به إلى بيت الزوجية فإن ذلك يعتبر تبرعا منها.
ويرى المالكية أن الجهاز حق عليها في حدود ما نقضه من المهر، وإذا لم تقبض شيئا من المهر قبل الزفاف فلا يحق للزوج مطالبتها بأي شيء إلا في حالتين :
أ - إذا اشترط عليها زوجها ذلك في عقد النكاح، ذلك لأن العقد شريعة المتعاقدين والمؤمنون عند وعدهم.
ب - إذا كان العرف يقضي بأن تؤثث البيت العائلي.
و حجة المالكية في ذلك هو أن العرف جرى في جميع الأمصار والعصور على أن الزوجة هي التي تعد بيت الزوجية، ونقوم بتجهيزه وذلك بما تحتاج إليه من أثاث، والزوج يدفع المهر لهذا الغرض وقد خالفت المدونة رأي المالكية في هذا الموضوع وتبنت صراحة رأي الأحناف، إذ لم تلزم المرأة بتأثيث بيت الزوجية، إذ نصت المادة 29 من مدونة الأسرة على أن : " الصداق ملك للمرأة. .. لاحق للزوج في أن يطالبها بأثاث أو غيره، مقابل الصداق الذي أصدقها إياه ".
2 : الإختلاف في المتاع بين الزوجين :
إذا اختلف الزوجان حال قيام الزوجية، أو بعد الفرقة بينهما في أثاث المنزل، الذي يسكنان فيه، فادعى كل منهما أن الأثاث ملكه، اعتبر كل منهما مدعيا، فأيهما أقام بينة على دعواه حكم بمقتضاها، لأنه أثبت دعواه بدون معارضة بينة أخرى، وإن أقام كل منهما بينة رجحت بينة من يثبت خلاف الظاهر، والظاهر هنا عبارة عن صلاحية الأثاث المتنازع فيه لأيهما.
وفي هذا الصدد قال أبو يوسف ما للنساء يحكم به للمرأة، وما للرجال يحكم به للرجل. وما كان مشتركا بين الرجال والنساء فللرجل إن كان حيا، أو لورثته إن كان ميتا.
وقد جاء في المدونة الكبرى للإمام مالك، أنه سئل حول اختلاف الزوجين في متاع البيت فكان جوابه ما يلي : " قلت، أرأيت إذا تنازع في متاع البيت الرجل والمرأة جميعا، وقد طلقها أم لم يطلقها أو مات عنها أو ماتت عنه، قال مالك ما كان يعرف أنه من متاع الرجل فهو للرجل، وما كان يعرف أنه من متاع النساء فهو للنساء، وما كان يعرف أنه من متاع الرجال والنساء فهو للرجل، لأن البيت بيته، وما كان من متاع النساء والذي اشتراه الرجل وله في ذلك بينة فهو له. ويحلف بالله لا إله إلا هو ما اشتراه لها، قلت أرأيت ما كان في البيت من متاع الرجل فأقامت المرأة البينة أنها اشترته، قال مالك هو لها، قلت وورثتها في البينة في منزلتها، قال نعم إلا أنهم يحلفون على علمهم أنهم لا يعلمون أن الزوج اشترى هذه المتع الذي يدعي من متاع النساء. ... قلت وورثة الرجل بهذه المنزلة، قال نعم، قلت وهذا قول مالك، قال نعم، قلت صف لي متاع الرجل من متاع النساء في قول مالك، قال، سألت مالكا عن شيء يدلك على ما بعده، قلت، الطمث والنور والمرافق فإنه متاع المرأة عند مالك، قلت أرأيت الحلي هل تعلم للرجل فيه شيئا، قال لا إلا السيف والخاتم. أرأيت الخدم والغلمان، قال في رأيي أن لا شيء للمرأة في الرقيق ذكورا أو إناثا".
وقد قال الإمام الكاساني حول اختلاف الزوجين في متاع البيت ولا بينة لأحدهما. قال إن هذا الإختلاف إما أن يكون بين الزوجين في حياتهما، وإما أن يكون بين ورثتهما، وإما أن يكون في حال حياة أحدهما ووفاة الآخر، فإن كان في حال حياتهما فإما أن يكون في حال قيام النكاح أو بعد زواله بالطلاق، ففي الحالة الأولى فما كان يصلح للرجال كالعمامة والسلاح وغيرها فالقول فيها للزوج. وما يصلح للنساء مثل الخمار والمتغزل. .. ونحوها فالقول فيه قول الزوجة.
وقال سحنون، إذا اختلف الزوجان في متاع البيت، يكون لمن عرف أنه من متاعه دون يمين، وما كان مما يشبه أن يكون لهما فهو للرجل مع يمينه، قال مالك في سماع يحيى، وكذلك في المدونة. وقال ابن وهب وغيره : يقسم بينهما بعد أيمانهما، وقاله المغيرة، وقد روي عن ابن القاسم مثله، وقال ابن زرب في مسائله : بيت للزوجين أصله للزوج، وما كان فيه من شيء كأن يكون القول فيه قول الزوج، لولا أن المتعارف أن الزوجة يكون لها فيه أشياء، فما ادعت من شيء يشبه أن يكون لها وادعته لنفسها صدقت فيه مع يمينها، وإن ادعت أن ذلك الشيء لغيرها ولغير زوجها لم تصدق، وكان القول قول الزوج، واحتج عليه ابن دحون، وقال له : أرأيت رجلا له فدان، فيه زرع قال هذا الزرع لفلان، لا شيء له فيه، وقال آخر يدعي أن الزرع له، أليس يكون الزرع للذي أقر له به صاحب الفدان، فقال القاضي : بلى.
وبين هذه المسألة ومسألة الزوجة التي تقر بمتاع في البيت لغيرها فرق : وهو أن البيت أصله للزوج، كما أن الفدان أصله لمقر له، وما في الفدان على القياس، فإذا نفاه عن ملكه وأقـر بـه لرجل، فكأنه شيء بيده وأقـر بـه لربه وأعطاه إياه فعلى غيره مما ادعاه البيئة على دعواه.
أما الشافعية، فيرون أنه إذا اختلف الرجل والمرأة في متاع البيت الذي هما فيه ساكنان وقد افترقا أو لم يفترقا أو ماتا أو مات أحدهما فاختلف ورثتهما أو ورثة أحدهما بعد موته فذلك كله سواء والمتاع إذا كانا ساكني البيت في أيديهما معا فالظاهر أنه في أيديهما كما تكون الدار في أيديهما أو في يد رجلين ليحلف كل واحد مهما لصاحبه على دعواه فإن حلفا جميعا فالمتاع بيهما نصفان لأن الرجل قد يملك متاع النساء بالشراء والميراث وغير ذلك والمرأة قد تملك متاع الرجال بالشراء والميراث وغير ذلك فلما كان هذا ممكنا وكان المتاع في أيديهما لم يجز أن يحكم فيه إلا بهذا لكينونة الشيء في أيديهما، وقد استحل علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه فاطمة ببدن من حديد، وهذا من متاع الرجال وقد كانت فاطمة في تلك الحال مالكة للبدن دون علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وقد رأيت امرأة بيني وبينها ضبة سيف استفادته من ميراث أبيها بمال عظيم ودرع ومصحف، فكان لها دون إخوتها ورأيت من ورث أمه وأخته فاستحيا من بيع متاعهما فصار مالكا لمتاع النساء فإذا كان هذا موجودا فلا يجوز فيه غير ما وصفت، ولو أنا كنا إنما نقضي بالظنون بقـدر مـا يـرى الرجل والمرأة مالكين فـوجـدنا متاعا في يدي رجلين يتداعيانه فكان في المتاع ياقوت ولؤلؤ وعلية من علية المتاع وأحد الرجلين ممن يملك مثل ذلك المتاع والأخر ليس الأغلب من مثله أنه يملك مثل ذلك المتاع جعلنا علية المناع للموسر الذي هو أولاهما في الظاهر بملك مثله وجعلنا سفلة المتاع إن كان في يدي موسـر ومعسر للمعسر دون الموسر فخالفنا ما اجتمع عليه الناس في غير هذا من أن الدار إذا كانت في يدي رجلين فتداعياها جعلت بينهما نصفين ولم ينظر إلى أشبههما أن يكون له ملك تلك الدار فنعطيه إياهـا وهـذا العدل إن شاء الله تعالى والإجماع وهكذا ينبغي أن يكون متاع البيت وغيره مما يكون في يدي اثنين لا يختلف الحكم فيه أنه لا يجوز أن يخالف بالقياس الأصل إلا أن يفرق بين ذلك سنة أو إجماع ويقال لمن يقول اجعل متاع النساء للنساء ومتاع الرجال للرجال أرأيت دباغا وعطارا كانا في حانوت فيه عطر ودباغ كل واحد منهما يدعي العطر والدباغ أيلزمك أن تعطي العطار العطر والدباغ الدباغ ؟ فإن قلت إني أقسمه بينهما قيل لك فلم لا تقسم المتاع الذي يشبه النساء بين الرجل والمرأة والمتاع الذي يشبه الرجال بين الرجل والمرأة مثل الدباغ والعطار ؟
والأدلة الشرعية تشهد لرأي الشافعية وتؤيده، ذلك أن كلا من الزوج والزوجة متاع، فيترتب على ذلك البينة، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه "، فمن أقام البينة حكم له مطلقا سواء كان المتاع للرجال أو للنساء أو لهما معا، وسواء كان التنازع في حال قيام الزوجية أو انقطاعها، فالأصل البينة، لأن البيئة ما شرعت إلا لإثبات خلاف الظاهر، ففيما يصلح للنساء عادة إذا ادعاه الرجل، أو فيما يصلح للرجال إذا ادعته المرأة، فإن كل واحد منهما إذا أقام بينة، حكم له، وإن كان الظاهر يشهد لخصمه، لأن البينة أثبتت خلاف ذلك الظاهر.
أما بالنسبة لمدونة الأسرة فنصت المادة 34 على أن : " كل ما أتت به الزوجة من جهاز وشوار يعتبر ملكا لها إذا وقع نزاع في باقي الأمتعة، فالفصل فيه يخضع للقواعد العامة للإثبات. غير أنه إذا لم يكن لدى أي منهما بينة، فالقول للزوج بيمينه في المعتاد للرجال، وللزوجة بيمينها في المعتاد للنساء، أما المعتاد للرجال والنساء معا فيحلف كل منهما ويقتسمانه ما لم يرفض أحدهما اليمين ويحلف الآخر فيحكم له ".
وعلى ضوء النص السابق فإن الاختلاف حول متاع بيت الزوجية يخضع للقواعد التالية :
- كل الأشياء التي تأتي بها الزوجة إلى بيت الزوجية تعتبر ملكا لها لا حق للزوج فيها مطلقا، وقد جرت العادة بأن تصاحب الزوجة بعض الأثاث والمفروشات والأجهزة.
- عند حصول الاختلاف حول متاع بيت الزوجية فإنه كقاعدة عامة يتعين على قاضي الأسرة تطبيق القواعد العامة للإثبات، وفي سياق اعتماد وسائل الإثبات المقررة قانونا غالبا ما تدلي الزوجة لإثبات ملكيتها لمتاع البيت برسم الشوار الذي يشكل حجة كتابية، وهو ما جاء في حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بالناظور[24] : " حيث أن المدعية أثبتت وجود الشوار بمقتضى الرسم المرفق، وأن المدعى عليه، أدعى أن مطلقته أخذت شوارها معها عند خروجها من بيت الزوجية، إلا أنه لم يكلف نفسه عبء الإثبات الشيء الذي يجعل الطلب وجيه ويتعين الاستجابة له "، كما يمكن الإعتماد على شهادة الشهود لإثبات بقاء الأمتعة الخاصة بالزوجة بحوزة الزوج، وهو ما اعتمدته المحكمة الابتدائية بالناظور[25] لإلزام الزوج بإرجاع المتاع للزوجة وجاء في تعليلات الحكم : " حيث تبين للمحكمة من خلال الإستماع للشاهد أن المدعية لم تتسلم حوائجها المذكورة بمقالها وأن شهادة الشاهد ملزمة للمدعى عليه "، وبالإضافة إلى الحجة الكتابية والشهادة، تعتمد باقي وسائل الإثبات وخاصة الإقرار بشقيه الصريح والضمني، كما جاء في الحكم الصادر عن ابتدائية الناظور[26] والذي جاء فيه : " حيث أن تقاعس الزوج عن الجواب عن طلب استحقاق الزوجة لحوائجها يعتبر بمثابة إقرار منه ويتعين بالتالي الاستجابة لطلبها ".
كما يمكن للمحكمة أن توجه اليمين مع تطبيق قاعدة النكول كما هو الشأن في الحكم الآتي نصه : " وحيث إن المدعى عليه أنكر في جلسة البحث. .. أن تكون عنده الحوائج المذكورة في مقال المدعية والمقرر فقها أن الزوج الذي لم يضمن شوار زوجته ويدفع بأنها قد أخذته يلزم إلا بأداء اليمين في حالة إنكاره كما نص على ذلك شراح تحفة ابن عاصم ومنهم الشيخ التسولي في الجزء الأول من كتابه البهجة في شرح التحفة، ص 298 و 299، مما يتعين توجيه اليمين إلى المدعى عليه على عدم وجود باقي الحوائج التي أنكر وجودها مع تطبيق قاعدة النكول "[27].
3 - في حالة عدم توفر الزوجين معا على بيئة الإثبات لهذه الأمتعة فلا يخلو الأمر من ثلاث فرضيات :
- كون الأمتعة من المعتاد للرجال فيستحقها الزوج بعد أداء اليمين.
- كون الأمنعة من المعتاد للنساء فتستحقها الزوجة بيمينها في أحد.
ج- كـون الأمتعة مشتركة الإستعمال معتـادة للرجـال والنساء معـا، فيحلفـان مـعـا ويقتسمانها بالتساوي، وهذا ما قرره المجلس الأعلى في ظل مدونة الأحوال الشخصية حيث جاء في أحد قراراته في نزاع حول جهاز تلفزة وآلة تبريد بين الزوجين ما يلي : " وحيث يستخلص مما تقدم أن الجهازين المذكورين لا يختص أحد الزوجين عادة بملكيتهما التي لم تثبت لأحدهما مما يستدعي تلقائيا تطبيق الفصل 39 من مدونة الأحوال الشخصية، الذي ينص على أن المتاع المعتاد للرجال والنساء معا يحلف كل منهما ويقتسمانه. .. "[28].
وما يمكن ملاحظته على هذا القرار، باعتبار الشيء من المعتاد للرجال أو من المعتاد للنساء أو مما يشترك في تملكه الرجال والنساء معا عادة مسألة موضوع، يختلف باختلاف ظروف المكان والزمان، وما قرره المجلس الأعلى يدخل ضمن وقائع النزاع التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع.
كما جاء في حكم أخر صادر عن المحكمة الابتدائية ببوعرفة[29] ما يلي : " وحيث أنه بالنسبة لباقي الأثاث المنزلية. .. فإنه أمام عجز كل طرف من طرفي الدعوى على إثبات تملكه لها وأمام أداء كل واحد منهما اليمين على أنه ملك خاص له فإن المحكمة ليس لها إلا أن تصرح باقتسامها بينهما بالتساوي ما دامت تدخل في زمرة المعتاد للرجال والنساء معا وذلك تماشيا مع مقتضيات المادة 34 من مدونة الأسرة ".
وتطبق هذه الأحكام ما لم توجد في الدعوى قرائن قوية تؤيد ادعاء أحد الزوجين تقتنع المحكمة ببناء الحكم عليها.
[1] سورة النساء، الآية 04.
[2] اتفق العلماء أنه لا يجوز الزواج بدون مهر لغير النبي صلى الله عليه و سلم.
[3] سورة النساء، الآية 24.
[4] رواه البخاري 2/722 و الترمذي 3/402ن و المسائي 3/336.
[5] ادريس الجويليل، مرجع سابق، ص 106.
[6] كما قال الفرنسي مارسيل موراند الذي استقر في بداية القرن 20 مدة طويلة في المغرب و الجزائر، حيث درس الفقه الإسلامي و اطلع على عادات و تقاليد الناس في الزواج الشرعي و قال بأن الصداق هو بمثابةثمن لبيع المرأة. و ما هؤلاء الناس إلى أولياء الشيطان من الإنس هدفهم دس الفتنة و الجاهل يلتقطها و يتبنها و يدافع عليها.
[7] سورة النساء، الآي424.
[8] سورة النساء، الآية 24.
[9] رواه البخاري في صحيحه، كتاب النكاح باب الوليمة و لو بشاةن رقم الحديث 4872.
[10] ادريس الفاخوري، مرجع سابق، ص 125.
[11] سورة البقرة، الآية 236.
[12] لحسن الخضري، مرجع سابق، ص109.
[13] ادريس الجويليل، مرجع سابق، 97.
[14] نفس المرجع السابق، ص 110.
[15] عبد الإلاه محبوب: "شرح مدونة الأسرة بين المفاهيم و التطبيقات العملية: احكام الزواج و انحلال ميثاقه و اثاره"، الطبعة الثانية، ص 66.
[16] سورة البقرة، الآية 237.
[17] ادريس الجويليل، مرجع سابق، 104.
[18] ادريس الفاخوري، مرجع سابق، ص 106-107-108.
[19] سورة النساء، الآية 4.
[20] عبد الله بن الطاهر السوسي، مرجع سابق، ص 130.
[21] عبد العزيز الفيلالي أمين، "الزواج في التشريع المغربي طبقا لمدونة الأحوال الشخصية"، دار الطباعة الحديثة، الدار البيضاء، الطبعة الثانية، 1967، ص 42.
[22] عبد الكريم شهبون، "الشافي في شرح مدونة الأسرة، الجزء الأول، الزواج، انحلال ميثاق الزوجية وآثاره، الولادة ونتائجها"، مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء، طبعة، 2006، ص90.
[23] قرار صادر عن محكمة الإستيناف بالحسيمة، عدد 580 في الملف رقم 25/07/12 بتاريخ 23/10/2012. أورده ادريس الفاخةري : "المنازعات الأسرسة أمام قضاء الموضوع و محكمة النقض"، مرجع سابق، ص 234.
[24] حکم صادر عن المحكمة الابتدائية قسم قضاء الأسرة بالناظور عدد 06/1086، ملف رقم 05/624 بتاريخ 2006/06/19 ( غير منشور ).
[25] حكم صادر عن المحكمة الابتدائية قسم قضاء الأسرة بالناظور عدد 2000/86 ملف رقم 99/147 بتاريخ 2000/11/21 ( غير منشور ).
[26] حکم صادر عن المحكمة الابتدائية قسم قضاء الأسرة بالناظور عدد 1424 ملف رقم 06/1079 بتاريخ 2006/11/8 ( غير منشور ).
[27] حكم المحكمة الابتدائية بسيدي قاسم، مركز القاضي المقيم بأحد كورت، رقم 106 في الملف شرعي عدد 01/139 بتاريخ 2012/04/24، أورده إدريس الفاخوري، المنازعات الأسرية أمام قضاء الموضوع ومحكمة النقض، مرجع سابق، ص 230.
[28] قرار رقم 128 صادر في 8 فبراير 1982 في الملف الشرعي تحت عدد 90754 ( قرار غير منشور ).
[29] حكم المحكمة الابتدائية قسم قضاء الأسرة ببوعرفة، عدد22 ملف رقم 202/2004 بتاريخ 12/01/2005 (غير منشور).