عـدم إثبات الزوجـة للضرر الموجـب للتطليــــق

التطليق للشقاق في القانون المغربي مجموعة مواضيع في قانون الأسرة للإستعانة بها في البحوث التحضير للمباريات القانونية

عـدم إثبات الزوجـة للضرر الموجـب للتطليــــق
إن مناط الحكم بالتطليق المؤسس على أحد الأسباب المنصوص عليها في مدونة الأسرة دفع الضرر قبل أو بعد حصوله، مصداقا لقوله تعالى :  و لا تمسكوهـن ضرارا لتعتدوا و من يفعل ذلك فقد ظلم نفسه  ( ) و قولـه سبحانـه :  فإمساك بمعروف أو تسريـح بإحسـان  ( ) و قولـه أيضـا :  و لا تضاروهـن لتضيقوا عليهـن  ( )، حيث اعتبر التطليق للضرر من أكثر صور التطليق التي كانت رائجة أمام المحاكم المغربية في ظل مدونة الأحوال الشخصية الملغاة، لكونه يستوعب عمليا حالات كثيـرة للإضرار بالزوجةطبقا لفصلها 56 الذي كان ينص على مـا يلـي: ( التطليق للضرر : 1- إذا ادعت الزوجة على زوجها إضراره بها بأي نوع من أنواع الضرر الذي لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهـا، و ثبت ما ادعتـه و عجز القاضي عن الإصلاح بينهما طلقها عليه.

2- إذا رفض طلب التطليق و تكررت الشكوى و لم يثبت الضرر ، بعث القاضي حكمين للسداد بينهما .

.

.

).

فهذا الفصل يعطي للضرر الموجب للتطليق مفهوما عاما ( ) يخضع في تقديـره و إثباته لسلطة القاضي، حيث كان بإمكان المرأة أن تطلب التطليق لأي ضرر كان كيفما كان نوعه، ماديا كالإيذاء الجسدي أو معنويا كالشتم و الإهانة التي يوجهها الزوج لها أو لأفراد عائلتها، و سواء حصل الضرر منه مباشرة أو من غيره مادامت واجباته الزوجية تفرض عليه تجنيبها منه، كالضرر الذي يلحق الزوجة من أفراد عائلته الذين يسكنون معها ( ).

غير أن الزوجة عندما تطالب بالتطليق للضرر تصطدم بعقبة إثبات إضرار الزوج بها، كمظهر من مظاهر إشكالية الإثبات التي يعاني منها المتقاضيـن أمام القضاء، ذلك أن وجه الصعوبة يتمثل في خصوصية العلاقة الزوجية، فحتى عندما يكون الضرر حقيقيا أحيانا من الناذر أن يمارس أمام الشهـود ، مما يجعل إثباته متعذرا ( )، فكيف و الحالة هذه يمكن تصور استمرار العلاقة الزوجية في ظل غياب أي تفاهم بين طرفيها بسبب إضرار أحدهما بالآخر ؟، فإكراه الزوجة المتضررة على الاستمرار في الحياة الزوجية مع رجل تكرهه ، بسبب عدم إثباتها للضرر الموجب للتطليق وعدم إعطائها مقابل ذلك إمكانية أخرى لتسوية هذا المشكل، من شأنه أن جعل لهذا الإجتماع اللامرغوب فيه آثارا سلبية و خيمة لا تقتصر على الأسرة فحسب بل تمتد لتشمل المجتمع الذي يحتضنها.

لذلك رغبة من المشرع في إيجاد حلول قانونية للعديد من الأوضاع التي كانت شائكة في ظل مدونة الأحوال الشخصية، فقد أتاح طبقا للمادة 100 من مدونة الأسـرة للزوجة التي لم تثبت الضرر و أصرت على طلب التطليق، إمكانية اللجوء إلى طلب تطبيق مسطرة الشقاق بنصها على أنه: » إذا لم تثبت الزوجة الضرر، وأصرت على طلب التطليق، يمكنها اللجوء إلى مسطرة الشقاق «.

وقد دفعت هذه الإحالة بعض الفقه المغربي إلى اعتبار أن سلوك مسطرة الشقاق في حالة فشل إثبات الضرر وتكرر الشكوى، كان منصوصا عليـه في الفصل 56 من مدونة الأحوال الشخصية ( )، و بالتالي فهي في اعتقاده لا تعدو أن تكون دعوى تطليق للضرر، مع فرق بسيط هو أنه خلافا لما كان عليه الحال في مدونة الأحوال الشخصية التي لم تكن تجز بعث الحكمين إلا بعد ثبـوت الضرر وتكرر الشكوى، يمكن حاليا في ظل مدونة الأسرة اللجوء مباشرة إلى دعوى الشقاق دون المرور عبر دوى التطليق للضرر، وبذلك فالفهم الدقيق لمسطرة الشقاق دائما حسب هذا الرأي يتوقف على فهم المقتضيات المنظمة للتطليق للضرر في النظام القانوني السابق، على اعتبار أن الضرر مناط التطليق أما باقي أسبابه الأخرى و منها الشقاق فهي مجرد تطبيقات لهذا السبب العام مما يفسر أن بعض الكتابات الفقهية التي تناولت موضوع التطليق في ضوء الفقـه الإسلامي تدمج بين الضرر و الشقـاق تحت عنوان : التطليـق للضرر و الشقاق ( ).

ورغم واجهة هذا الرأي، فإن التشابه المشار إليه بين مسطرة التطليق للضرر في ظل مدونة الأحوال الشخصية و مسطرة الشقاق في مدونة الأسرة، لم يعد له ما يبرره حاليا لاختلاف المقتضيات القانونية المنظمة لكل منهما، بحيث إن مسطرة الشقاق أصبحت تعتبر حلا تشريعيا بديلا تلجأ إليه الزوجة بعد سلوكها دعوى التطليق للضرر وفشلها في إثباته.

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0