القوة القاهرة والحادث الفجائي في القانون المغربي

مجموعة دروس وعروض في قانون المسؤولية المدنية في القانون المغربي للتحضير للمباريات القانونية

القوة القاهرة والحادث الفجائي في القانون المغربي
تعتبركل من القوة القاهرة والحادث الفجائي أهم حالات السبب الأجنبي المؤدية إلى انقطاع العلاقة السببية بين الخطأ والضرر، وخلافا لما كان يراه بعض الفقه التقليدي من أن القوة القاهرة تختلف عن الحادث الفجائي لكون الأولى ذات مصدر خارجي بينما الثاني يكون ذا مصدر داخلي، وأن الأولى ما كانت مستحيلة الدفع بالنسبة لعامة الناس أما الحادث الفجائي فهو ما كان غير قابل للتوقع بالنسبة للبعض دون البعض الآخر، إلا أن الاتجاه السائد في الفقه المعاصر يذهب إلى تسوية القوة القاهرة بالحادث الفجائي خصوصا في الجانب المتعلق بالآثار القانونية المترتبة عنهما .

وقد عرف المشرع المغربي القوة القاهرة من خلال الفصل 269 من قانون الالتزامات والعقود بأنها:".

.

.

كل أمر لا يستطيع الإنسان أن يتوقعه كالظواهر الطبيعية ( الفيضانات والجفاف، والعواصف والحرائق والجراد) وغارات العدو وفعل السلطة، ويكون من شأنه أن يجعل تنفيذ الالتزام مستحيلا.

ولا يعتبر من قبيل القوة القاهرة الأمر الذي كان من الممكن دفعه، ما لم يقم المدين الدليل على أنه بدل كل العناية لدرئه عن نفسه.

وكذلك لا يعتبر من قبيل القوة القاهرة السبب الذي ينتج عن خطأ سابق للمدين".

وقد أشار المشرع المغربي كذلك على اعتبار القوة القاهرة سببا للإعفاء من المسؤولية التقصيرية ما لم يسبقها أو يصطحبها فعل ما يؤاخذ به المدعى عليه .

أما الحادث الفجائي فهو كل أمر طارئ ليس بوسع الإنسان توقعه، وقد سواه المشرع بالقوة القاهرة وجعله سببا للإعفاء من المسؤولية عند تحقق الشروط التالية في أحدهما : -الشرط الأول : عدم التوقع- فإن كان الحدث مما يمكن توقع حدوثه كمنع تصدير أو استيراد بضاعة معينة، أو سقوط المطر بغزارة خلال فصل الشتاء أو شدة الحرارة في فصل الصيف لا يعتبر قوة قاهرة.

وهو ما أكدته محكمة الاستئناف بالدار البيضاء في قرار لها جاء فيه أن:"إيجار سفينة في فصل الشتاء يكون من المتوقع معه وجود هيجان في البحر مما ينفي عن الحادث صفة القوة القاهرة ".

ويعتبر شرط عدم التوقع ذا معيار موضوعي لا شخصي، وعليه يكفي ألا يكون بوسع المدين بالذات أن يتوقع أو يتلافى الفعل أو الواقعة المكونة لحالة القوة القاهرة ويلزم أن يقوم عدم التوقع بالنسبة لأي مدين عادي، عندما يوجد في نفس الظروف الموضوعية للمدعى عليه .

واستخلاص معيار عدم التوقع من بين الأمور الموضوعية التي تندرج ضمن السلطة التقديرية لقاضي الموضوع، الذي يتعين عليه أن يقوم بتعليل ما استنتجته على نحو مقبول من الوجهة المنطقية، وإلا عرض حكمه للنقض بسبب انعدام التعليل أو نقصانه .

-الشرط الثاني : استحالة الدفع- أيضا يتعين لتحقق القوة القاهرة أن تكون واقعتها مستحيلة الدفع من قبل المدين الذي يتدرع بها للتحلل من التزامه التعاقدي أو التقصيري وإبعاد المسؤولية عنه.

ويقتضي ذلك أمرين الأول عدم استطاعته تلافي وجود الواقعة المكونة للقوة القاهرة، والثاني عجزه –بعد نشوء الواقعة- عن تجنب الآثار الناجمة عنها.

وعليه يمكن القول أن استحالة الدفع تفيد أن الواقعة المكونة للقوة القاهرة تفوق من حيث قوتها سواء في أصلها أو في آثارها الطاقة العادية للشخص العادي .

-الشرط الثالث : أن لا يكون للمسؤول دخل في إثارة القوة القاهرة- تطبيقا للمبدأ الذي يفيد بأنه لا يمكن للشخص الاستفادة من خطأ صادر عنه، فإن المسؤول الذي تسبب في إثارة القوة القاهرة لا يمكنه التمسك بها للإعفاء من المسؤولية، وهو ما أكدته محكمة النقض في قرار لها جاء فيه أن:"التمسك بالقوة القاهرة مردود، لأنه ثبت من الخبرة أن الأضرار التي طالت الضيعة ناتجة عن الإهمال وعدم العناية من قبل المدعى عليهم، علما أن الضيعة مجهزة ببئر ومضخة وقد تم إهمالها بإزالتها، وأنه بمقتضى الفصل 269 من قانون الالتزامات والعقود لا يعتبر من قبيل القوة القاهرة، الأمر الذي كان من الممكن دفعه ما لم يقدم المدين الدليل على أنه بذل كل العناية لدرئه على نفسه، ولا دليل على وجود الجفاف بالمنطقة، فإن مقومات فسخ عقد الكراء حسب مقتضيات الفصل 713 من القانون المذكور قائمة، مادام المستأنفون قد تسلموا الصيغة في وضعية حسنة وفق الافتراض المقرر في الفصل 677 من القانون المذكور الذي لم يثبت خلافه" .

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0