تنظيم الزيارة بين الحاضن والمحضون في القانون المغربي

عرفة مدونة الاسرة المغربية الحضانة ووضعت لها شروط وأحكام يجب على الأبوية الإلنزام بها. الحضانة في القانون المغربي، الحضانة في المغرب، شروط الحضانة في المغرب، نفقة الحضانة، السفر بالمحضون، نفقة المحضون، نفقة الحاضن، أجرة المحضون، انتقال الحضانة في المغرب، سقوط الحضانة

تنظيم الزيارة بين الحاضن والمحضون في القانون المغربي
حق زيارة المحضون من أحد الأبوين غير الحاضن حق مقرر شرعا لأنه من باب صلة الرحم التي أمر الله تعالى بها في قوله تعالى :" وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله".

وفي هذا الصدد نصت المادة 180 من مدونة الأسرة على ما يلي : " لغير الحاضن من الأبوين حق زيارة واستزارة المحضون".

يفيد هذا المقتضى الأمر الذي يتصل بصلة الرحم بين الآباء والأبناء - الذي هو عبارة عن قاعدة أخلاقية ودينية- وجوب السماح لغير الحاضن من الأبوين بأن يزور أولاده، حتى يطمئن على وضعيتهم وعلى شعورهم نحوه ويعودهم على رؤيته والقرب منه.

وقد قرر المشرع المغربي من جهة أخرى، لإرادة الابوين حق تنظيم هذه الزيارة باتفاق بينهما، يبلغانه إلى المحكمة، حيث جاء في المادة 181 من مدونة الأسرة ما يلي : " يمكن للأبوين تنظيم هذه الزيارة باتفاق بينهما، يبلغانه إلى المحكمة، الذي يسجل مضمونه في مقرر إسناد الحضانة".

فالأصل أن يتفق الأبوان على تنظيم الزيارة بعيدا عن سلطة القضاء حتى لا يقع أي خلاف بينهما، بأن يقوما بتحديد مكان وزمان الزيارة حتى تكون الحاضنة عالمة بذلك حيث تهيئ المحضون في الساعة المتفق عليها بشرط التزام الأب بإرجاعه في الوقت المتفق عليه إذا كانت الزيارة ستطول كأن يخرجان معا للنزهة.

وهذا الاتفاق لا بد من تدوينه حتى يبقى حجة عليهما، حيث يبلغانه إلى المحكمة لتضمينه في مقرر إسنادها وتسجيل مضمونه للرجوع إليه عند الحاجة.

وحتى يبين المشرع على أن تنظيم الزيارة الأصل فيه أن يتم بإرادة الطرفين، وأن تدخل القضاء ما هو إلا استثناء، نص في المادة 182 من نفس المدونة على أنه : " في حالة عدم اتفاق الأبوين، تحدد المحكمة في قرار إسناد الحضانة، فترات الزيارة وتضبط الوقت والمكان، بما يمنع قدر الإمكان التحايل في التنفيذ.

تراعي المحكمة في كل ذلك ظروف الأطراف والملابسات الخاصة بكل قضية، ويكون قرارها قابلا للطعن".

ولأن الهدف هو حماية المحضون بالدرجة الأولى، فقد قرر المشرع الأسري إمكانية تغيير وقت ومكان الزيارة بتغيير الظروف.

جاء في المادة 183 من مدونة الأسرة ما يلي : " إذا استجدت ظروف أصبح معها تنظيم الزيارة المقدرة باتفاق الأبوين أو بالمقرر القضائي ضارا بأحد الطرفين أو بالمحضون، أمكن طلب مراجعته وتعديله بما يلائم ما حدث من ظروف".

ولعل من بين الأسباب التي تستدعي مثلا تغيير وقت الزيارة أن يصير الطفل المحضون في الوقت المحدد سلفا للزيارة مشغولا بدراسته، أو مرتبطا بمواعيد مع طبيبه الخاص، ولعل من بين الأسباب التي قد تستدعي كذلك تغيير مكان الزيارة انتقال الحاضنة بالمحضون من مكان إلى آخر داخل المدينة أو الانتقال به إلى مدينة أخرى.

ويبقى أن الظروف التي قد تستدعي تغيير وقت الزيارة أو تغيير مكانها أو تغييرهما معا من أمور الواقع التي تدخل ضمن السلطة التقديرية لقسم الأسرة.

وقد رأينا سابقا أنه في حالة الإخلال بالاتفاق أو الحكم المتعلق بتحديد وقت ومكان الزيارة، فإنه يمكن للمحكمة أن تتخذ ما تراه ملائما من إجراءات بما في ذلك تعديل نظام الزيارة، وإسقاط حق الحضانة.

كما أكد المشرع المغربي في المادة 185من مدونة الأسرة بكيفية صريحة على أنه إذا توفي أحد والدي المحضون حل محله أبواه في حق الزيارة المنظمة وفقا للأحكام السابقة، وهكذا جاء في المادة 185 أنه : " إذا توفي أحد والدي المحضون، يحل محله أبواه في حق الزيارة المنظمة بالأحكام السابقة".

فلما كانت موجبات صلة الرحم التي حث عليها الإسلام تتطلب أن يكون للأصول شيء من حق الزيارة والاستزارة، لا سيما إذا كان أحد والدي المحضون متوفيا، لذلك فإن من حق جد وجدة المحضون من جهة والدي المتوفى الاستفادة من حق زيارة الصغير والإطمئنان عليه، فإذا ماتت الأم حل أبواها محلها في الزيارة، وإذا مات الأب حل أبواه محله في الزيارة حسب المقتضيات المنصوص عليها في المادة السابقة.

وتجدر الإشارة إلى أنه من بين المؤيدات الجنائية لعدم تقديم طفل لمن له الحق في المطالبة به، ما قرره المشرع المغربي في الفصل 476 من القانون الجنائي، إذ جاء فيه ما يلي : " من كان مكلفا برعاية طفل وامتنع من تقديمه إلى شخص له الحق في المطالبة به، يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة".

فصاحب الحق في الحضانة يصير ملزما بقوة القانون وفي كل الأحوال ومهما كانت الأسباب والظروف بتقديم المحضون في الأيام والمناسبات المحدة سواء باتفاق الأبوين أو قضاء لأبيه أو أمه وليس له منع المحضون من ذلك، أو عرقلة ممارسة هذا الحق، في حين يلتزم الطرف الآخر غير الحاضن من الأبوين بإرجاع المحضون إلى حاضنه عند انتهاء المهلة التي حددها القاضي.

ولأجل ضمان حق المحضون واتقاء الخلافات، فإنه ينبغي على المحكمة تحديد المكان والوقت بالضبط لا أن تكتفي مثلا بعبارة " يوم واحد من كل أسبوع" أو " مرة في الأسبوع على الأقل".

وأخيرا فإن المشرع المغربي ضمانا لحق المحضون وحماية لحق الحاضن نص في الفصل 477 من القانون الجنائي على ما يلي : " إذا صدر حكم قضائي بالحضانة وكان نهائيا أو نافذا بصفة مؤقتة، فإن الأب أو الأم أو أي شخص يمتنع عن تقديم القاصر إلى من له الحق في المطالبة بذلك، وكذلك إذا اختطفه أو غدر به، ولو دون تدليس أو عنف أو حمل غيره على التغرير به أو اختطافه ممن عهد إليه بحضانته أو من المكان الذي وضعه فيه، فإنه يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة، وغرامة من مائة وعشرين إلى ألف درهم.

فإذا كان مرتكب الجريمة قد حرم من الولاية الأبوية على القاصر، فإن الحبس يمكن أن يصل إلى ثلاث سنوات".

لقد عمل القضاء المغربي على تطبيق المقتضيات السابقة على النوازل التي تعرض عليه، ولعل أهم ملاحظة يمكن إبداؤها على أحكامه وقرارته هي الأخذ بمصلحة المحضون وترجيحها على غيرها، كما فرضت ذلك المادة 186 من مدونة الأسرة.

وهكذا جاء في قرار للمجلس الاعلى ما يلي : " .

.

.

لكن حيث إن المحكمة لما اعتبرت أن عنصر الاستعجال متوفر في النازلة وقضت بتسليم المحضون الذي لا يتجاوز عمره سنتين إلى والدته بصفة مؤقتة لما يحتاجه في هذه المرحلة من رعاية الأم وقيامها بشؤونه تكون قد قدرت حالة الاستعجال تقديرا صحيحا ولم يكن في قضائها أي مساس بحق الحضانة ما دام صرف الحضانة إلى الأم كان بصفة مؤقتة، مما يجعل الوسيلة بغير أساس".

وورد عنه أيضا أنه : " .

.

.

ليس في مقتضيات قانون الأحوال الشخصية ما يمنع قاضي الموضوع من اتخاذ من يراه لمصلحة المحضون في المبيت عند غير حاضنته بل إنها صريحة في تقدير مصلحة المحضون في هذا الشأن.

.

.

".

وفي نفس الإطار ألزمت المحكمة الابتدائية بوجدة الحاضنة بتسليم الأولاد لوالدهم قصد الزيارة وصلة الرحم مرة في كل أسبوع مع شمول القرار بالنفاذ المعجل.

وجاء في حكم لابتدائية العرائش ما يلي : " .

.

.

وحيث تهدف المدعية من دعواها الحكم على المدعي بتسليم أبنائها الصغار قصد صلة الرحم معهم.

وحيث إنه لغير الحاضن من الأبوين زيارة واستزارة المحضون استنادا لمقتضيات المادة 180 من مدونة الأسرة.

وحيث إن المحكمة لا ترى مانعا في ذلك وارتأت معه جعل يوم الأحد من كل أسبوع يوم صلة الرحم وذلك من الساعة التاسعة صباحا إلى السادسة مساءا مع إلزام المدعى عليه بالسماح للمدعية في ذلك".

وجاء في حيثيات حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بقلعة السراغنة ما يلي : " .

.

.

وحيث إنه إذا كان الطفل محضونا لأحد الأبوين فلا يمنع الآخر من زيارته وتفقد أحواله وله أن يطلب نقله إليه مرة كل أسبوع، وأنه نظرا لعدم وجود اتفاق بين الطرفين بهذا الخصوص، فتقرر تمكين الأب من صلة الرحم في كل يوم أحد من كل أسبوع على أن لا يبيت إلا عند حاضنته والكل مع النفاذ المعجل".

وفي سياق تعديل نظام الزيارة، جاء في حكم لابتدائية طنجة ما يلي : " .

.

.

حيث ترمي المدعية إلى مراجعة أمر قاضي التوثيق وجعل زيارة المدعى عليه مرة واحدة وبمنزلها، نظرا لما في ذلك من حماية للطفل الرضيع، بدل كل يوم أحد من الساعة التاسعة صباحا إلى الساعة السادسة مساء، لأن هذا التوقيت لا يناسب الطفل الرضيع .

.

.

وحيث إن الأب ملزم بالنفقة على ابنه، فإنه في مقابل ذلك يتمتع بحق صلة الرحم به ليمارس واجب الولاية الشرعية المخولة له بمقتضى قانون مدونة الأسرة، وهذا لن يتحقق إلا بعد تمكينه من حق الزيارة.

وحيث إن الثابت من أوراق الملف أن المدعية تحرم المدعى عليه من حق زيارة ابنه دون أن يكون لها الدليل الذي يثبت ضرر المحضون من هذه الزيارة، مما يكون معه طلبها غير مؤسس ويتعين معه رفضه".

ويمكن للطرف الذي منع من زيارة ولده في هذا الصدد أن يفرض تلك الزيارة من طرف القضاء الاستعجالي.

جاء في حكم لابتدائية الدار البيضاء: " .

.

.

إن منع الأم جد الطفل الذي توفي والده من صلة الرحم بحفيده، يشكل ازعاجا فادحا غير مشروع يسمح بتدخل قاضي المستعجلات لتوفر عنصر الاستعجال ليضح حدا لانتهاك هذا الحق الذي هو حق طبيعي".

وقررت نفس المحكمة أن : " صلة الرحم حق طبيعي وشرعي ضمنه القانون لكل واحد من الطرفين بعد وقوع الطلاق.

قاضي المستعجلات مختص باتخاذ أي إجراء لضمان ممارسة هذا الحق.

طبيعة طلب صلة الرحم في إطار الاستعجال تقتضي النفاذ المعجل على المسودة".

وجاء في حكم لابتدائية مراكش : " حيث إن حق مشاهدة الأم لأبنائها هو حق تقره جميع الشرائع وتقضي به كافة الأعراف.

وحيث يعتبر طلب المدعية الرامي إلى السماح لها بمشاهدة أبنائها وقضاء فترة من الزمن معهم طلب مستعجلا، إذ أن حرمان الأم من حق رؤية أولادها يعرض شعورها ووجدانها وعاطفتها لكثير من الأسى والألم ويجعلها تعيش في حالة غير عادية نتيجة الحرمان المذكور مما يستلزم معهم العمل على إبعاد ما ذكر عنها بكيفية مستعجلة.

وحيث يختص قاضي المستعجلات بالفصل في الإجراءات الوقتية المتفرعة عن المنازعات الخاصة بالأحوال الشخصية للمواطنين والأجانب متى توافر وجه الاستعجال في الدعوى، وأن تقدير هذا الوجه من المسائل الموضوعية البحثة التي يستقل بها القاضي المستعجل.

وحيث من جهة أخرى فإن النزاع أمام محكمة الموضوع لا يمنع من اختصاص قاضي الأمور المستعجلة .

.

.

وعليه، نحن قاضي الأمور المستعجلة .

.

.

نصرح بأن المدعية لها حق زيارة أولادها الأربعة زيارة مؤقتة، كما نقرر أن تقضي معهم فوق أرض المغرب خمسة عشر يوما في أقرب وقت ممكن".

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0