الإثبات الاكتروني للمعاملات العقارية

مواضيع وعروض في القانون العقاري و الحقوق العينية في مختلف المواضيع. المحررات الاكترونية في المعاملات العقارية، عروض في القانون العقاري، عروض في الحقوق العينية، الملكية في القانون المغربي، قراراتالمحافظ، التعرضات، النظام العقاري في المغرب، المساطر الخاصة للتحفيظ، المسطرة الادارية للتحفيظ، المسطرة القضائية للتحفيظ

الإثبات الاكتروني للمعاملات العقارية

يعتبر العقار من أهم الركائز الاقتصادية ومحور كل سياسة تنموية في أي مجتمع مهما كان نظامه السياسي والاقتصادي، فهو أساس الاستقرار ومصدر لإرادات معتبرة للدولة لما تترتب عنه من مداخيل وعائدات للخزينة العمومية بفضل تحصيل الوعاء الضريبي عليها، بالإضافة إلى إسهاماته في تفعيل وجلب الاستثمار الوطني والأجنبي على الخصوص، ناهيك عن الأهداف الأخرى التي تحققها خدمة للمصلحة الخاصة للفرد لما لها من انعكاسات إيجابية على المصلحة العليا للبلاد، مما جعله يكون مصدرا لصراعات كانت ولا تزال مستمرة بين الشعوب[1] .

لذا نجد أن مختلف أنظمة الدول سعت إلى تنظيم هذا المجال الحيوي بما یتلائم مع سياستها وبالتالي التحكم فيه وتحقيق الأهداف المرجوة منه، ومن جهة أخرى، فقد نص الفصل 489 من قانون الالتزامات والعقود على أن الكتابة هي للإثبات وليست شكلية في البيوع[2]، وهو ما يفسر أهمية إثبات المعاملات العقارية التي ازدادت بفعل  التطور التكنولوجي الذي تمخض عن التطور المتنامي للمبادلات أن ظهرت بدائل جديدة للتواصل التقليدي، تمثلت في وسائل وآليات قادرة على تنظيم مختلف جوانب العقود الإلكترونية، التي يشهدها العالم اليوم بخطوات رهيبة ومتسارعة[3] تمخضت عن ظهور الحاسوب والأنترنت[4] ، فلا ينبغي، والحالة هذه، أن تبقى المجتمعات المدنية بمنآي عن مسايرة التطور الرقمي وحبيسة قواعدها التقليدية التي صارت الآن عاجزة عن ضبط وتنظيم الأساليب الحديثة  لهذا النوع من العقود، وهو الوضع الذي حتم على مختلف الدول، التدخل لخلق تشريعات تكون جديرة بتنظيم وضبط المعاملات العقارية مواكبة منها لهذه الثورة الرقمية والتفاعل معها[5] .

ولذلك تدخل المشرع في مجال تنظيم الملكية العقارية بعدة نصوص قانونية ترمي إلى ضبطها وحمايتها ووضع قواعد تحكمها تكون بمثابة عماد تأسيسها وضمانها لتحقيق الأهداف المنتظرة منها، خصوصا ألا أحد ينكر دورها في تشجيع وتمويل المشاريع الاقتصادية والاستثمارية منها، ناهيك عن إسهاماتها في تطوير ما یعرف بالقرض الرهني، هذا الأخير، الذي بتطلب أوعية عقارية من أجل منحها لطالبها باعتبار أن العقار محور هذه العملية.

غبر أن تحقيق هذه الأهداف وأخرى لا تتأتى إلا بوجود أوعية عقارية ثابتة بسندات لها

قوة قانونية في إثبات حق الملكية، هذه المسألة التي شكلت عقبة عويصة على السلطات خصوصا ما نتج عن مخلفات السياسة الاستعمارية، التي أثرت سلبا على النظام القانوني.

وبصدور القانون رقم 05-53، يكون المغرب قد دخل العهد الرقمي بشكل لا لبس فيه، إذ يندرج هذا القانون في إطار مسعى سياسي عام، يهدف من جهة، الى تشجيع ولوج المغرب إلى تكنولوجيا الإعلام والاتصال، ومن جهة أخرى، للاستجابة لتطلعات المتعاملين المتعطشين للسرعة والفعالية في النظام القانوني، لكن في مقابل ذلك، فإن إعداد وصياغة هذا القانون، اقتضت اعتماد مقاربة قانونية مختلفة، تسعى لوضع قواعد تؤطر مجالا يتميز بالتطور المتلاحق والسريع وبطبيعته غير المادية.

الإطار الخاص

ويشكل بذلك موضوع الاثبات الرقمي للمعاملات العقارية أحد أهم المواضيع القانونية المطروحة على الساحة القانونية والفقهية والقضائية، وذلك بالنظر للإشكالات التي يطرحها منها على وجه التحديد طرق إثبات هذه المعاملات وأيضا الصعوبات المتعلقة بتحرير هذه المعاملات بشكل رقمي.

ومن المعروف أنها كلما تطور الفكر القانوني زاد البحث عن أساليب أكثر نجاعة في تحقيق الأمن العقاري، ذلك أن الاعتماد على الأساليب التقليدية في تحرير المحررات التي تثبت المعاملات العقارية أمر لا ينسجم مع التطور الحاصل في المجتمع، هذا ما يستدعي الوقوف عن الاثبات الرقمي لهذه المعاملات والإشكالات القانونية الناجمة عنه وكيف تصدى لها القضاء المغربي، مستحضرا كذلك مواقف الباحثين والفقهاء بشأنها.

ولعل الوقوف عن هذا الإشكال يستدعي البحث في مختلف التنظيمات القانونية المتعلقة بالمستندات الرقمية منها شروط المستند الرقمي، وسائل حمايته منها التوقيع الالكتروني، وأيضا كيفية تدخل القضاء في هذه العملية.

وطل ذلك لمقاربة تدخل المشرع في الاثبات الرقمي للمعاملات العقارية، وكيفية تعامل القضاء معها، وسبل مواجهة المشكلات القانونية المترتبة عن المنازعات العقارية التي يكون موضوعها الإثبات الرقمي.

الأهمية القانونية

عرفت المنظومة التشريعية في هذا المجال تنوع في طرق إثبات حق الملكية العقارية الخاصة التي ميزها اختلاف في نظامها القانوني، سيما أمام تحول الاتجاه التشريعي في المجال العقاري بخصوص نظام الشهر العقاري، فإبرام العقود التقليدية كان يخضع لنظام قانوني واضح منظم عبر ظهير التحفيظ العقاري وأبضا مدونة الحقوق العينية بالإضافة لظهير الالتزامات والعقود، إلا أن هذا الوضع ازداد أهمية مع بروز نظام التعاقد الالكتروني الأمر الذي شكل منعطفا جديدا في مجال اثبات المعاملات العقارية أمام القضاء الوطني.

ويقصد بالإثبات، إقامة الدليل أمام القضاء بالطريقة القانونية التي يحددها القانون، لتأكيد حق متنازع فيه له أثر قانوني. لذلك كان الأثبات في جوهره اقناعا للمحكمة بادعاء او باخر، من جانب هذا الخصم أو ذاك[6].

وتكمن أهمية البحث التقنية في ضرورة وضع قواعد قانونية وتقنية للتوقيع الالكتروني تتيح إنشاء مجالات جديدة للتعاقدات الالكترونية، وتنظم المعاملات الالكترونية، والبدء في التحول الجذري في المعاملات التي تستخدم فيها آلية الكتابة عن طريق الوسائط الالكترونية التي تفصح عن رغبة كل طرف من أطراف التعاقد في إتمام العقد والتعامل كما كانت تفعل الكتابة التقليدية، وما ينمي التطلعات المشروعة ويستجيب للحاجات المستجدة والمتزايدة من خلال الاعتراف بحجية التوقيع الالكتروني في الإثبات باعتباره المفتاح الحقيقي لكل المشكلات المطروحة وابرام الصفات الالكترونية، وكذا تسييل الدخول بثقة في النظام التجاري العالمي.

  1. الإشكالية:

وإذا كان العقار المحرك الأساسي للدورة الاقتصادي وجالب الاستثمار للبلدان، فمن البديهي أن تخضع التصرفات الواردة عليه للتحول الرقمي الذي عرفه المغرب في مجال التوثيق، خاصة أن المشرع قام يربط المعاملات العقارية بمبدأ الرسمية من خلال المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية.

وهو ما يبرز بالملموس أن الموضوع يطرح في جوانبه القانونية العديد من الإشكاليات القانونية التي يجب الوقوف عليها من خلال ابراز اشكال مركزي تتمخض عنه العديد من التساؤلات الفرعية.

السؤال المركزي: كيف تدخل المشرع المغربي لتنظيم المعاملات الرقمية في المجال العقاري؟

هذا السؤال تتفرع عنه عديد الأسئلة منها:

  • ماهي أهم الوسائل الرقمية لإثبات المعاملات العقارية؟
  • كيف عالج المشرع التوقيع الإلكتروني؟
  • ما هو دور القاضي في تقدير الأدلة الرقمية؟
  1. التصميم:

إن محاولة البحث في التساؤل المركزي والأسئلة الفرعية يقتضي منا اعتماد محاور رئيسة كالتالي:

الفصل الأول: الإثبات الرقمي للمعاملات العقارية وحجيته

الفصل الثاني: سبل تدخل القضاء لتقدير وسائل الاثبات الرقمية في المنازعات العقارية


الفصل الأول: الإثبات الرقمي للمعاملات العقارية وحجيته

أسفر التطور المتنامي للتكنولوجيا ومجال المعلوميات ظهور بدائل جديدة للتواصل التقليدي [7]، تمثلت في وسائل وآليات قادرة على تنظيم مختلف جوانب المعاملات المالية الإلكترونية بما فيها المعاملات الرقمية المتعلقة بالميدان العقاري، التي يشهدها العالم اليوم بخطوات رهيبة ومتسارعة، فلا ينبغي والحالة هذه، أن تبقى المجتمعات المدنية، بمنأى عن مسايرة التطور الرقمي، حبيسة قواعدها التقليدية، التي صارت الآن عاجزة عن ضبط وتنظيم الأساليب الحديثة  لهذا النوع من المعاملات، وهو الوضع الذي حتم على مختلف الدول، التدخل لخلق تشريعات تكون جديرة بتنظيم وضبط المعاملات الإلكترونية، مواكبة منها لهذه الثورة الرقمية والتفاعل معها[8] .

وفعلا، تدخل المشرع المغربي، مستجيبا لمتطلبات التطور، فاعتمد بداية استراتيجية أطلق عليها المغرب الالكتروني [9]E-MAROC والتي من أهم منجزاتها، إصدار تشريع نظم بمقتضاه التبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية بموجب القانون 05- [10]53، الذي شمل عدة موضوعات تخص التجارة الإلكترونية، وهي المعادلة، من حيث الإثبات، بين البيانات المحمولة على دعامة ورقية والبيانات المحمولة على دعامة إلكترونية، وكيفية إبرام العقود الإلكترونية، وتشفير البيانات، والتوقيع الإلكتروني والمصادقة الإلكترونية وغيرها.[11]

وبصدور القانون رقم 05-53، يكون المغرب قد دخل العهد الرقمي بشكل لا لبس فيه، إذ يندرج هذا القانون في إطار مسعى سياسي عام، يهدف من جهة، الى تشجيع ولوج المغرب إلى تكنولوجيا الإعلام والاتصال، ومن جهة أخرى، للاستجابة لتطلعات المتعاملين المتعطشين للسرعة والفعالية في النظام القانوني للعقار والتصرفات الواردة عليه، وهو ما يتعين منا الوقوف عن أبرز المستجدات التي جاء بها هذا القانون والتي تخدم الإثبات الرقمي للمعاملات العقارية باعتبارها معاملات خاصة من المعاملات المدنية ( المبحث الأول) ثم بعد ذلك الوقوف عن الدور الذي يلعبه التوقيع الالكتروني كمستجد تقني جاء به القانون رقم 53.05 لإضفاء حجية معينة على المحرر الرسمي المرصد للمعاملات العقارية (المبحث الثاني).

المبحث الأول: المحررات الرسمية ودورها في إثبات المعاملات العقارية

اتسمت مرحلة ما قبل صدور مدونة الحقوق العينية بغياب تنظيم التوثيق الذي يطال الملكية العقارية و كذا الحقوق العينية المرتبطة بها، تنظيما محكما ينتفي معه الغموض واللبس، فالنص القانوني المؤطر لتوثيق هذه التصرفات كان هو الفصل  489 من قانون الالتزامات والعقود، والذي كان مدخل العديد من المشاكل و الأزمات التي يتخبط فيها العقار آنذاك، الأمر الذي أثار حفيظة الفاعلين في هذا الحقل، و دفعهم إلى المناداة بتعديل هذا الفصل تكريسا لمبدأ الأمن القانوني، و هو ما نهجه المشرع المغربي جزئيا من خلال سن المادة  4 من مدونة الحقوق العينية[12] ، و التي حاولت كبح هذه التصرفات من خلال إقرار الرسمية في كل ما يمس بالملكية العقارية، وجعل ما دون ذلك حليف البطلان[13].

إن التشدد في اشتراط الدليل الكتابي قد يجعل الحماية المنشودة في الدليل تنقلب إلى ضرر، لذلك نجد أن المشرع كرس استثناء لهذا المبدأ في الإثبات، لكنه إذا كان الأمر كذلك في المعاملات المدنية، فالمعاملات العقارية وسع من دائرة المبدأ بالنظر لقيمتها ومكانتها[14] . وكذلك بالنسبة لمطلب التحفيظ والذي ألزم فيها ضرورة تقديم مؤيدات مطلب التحفيظ، وذلك بعدما نصت مقتضيات الفصل [15]14 من ظهير التحفيظ العقاري على " أن طالب التحفيظ عليه أن يقدم مع طلبه جميع أصول الرسوم والعقود، والوثائق التي من شأنها أن تعرف بحق الملكية وبالحقوق المترتبة على الملك ...". وهو ما يبرز أهمية الاثبات في عمليات التحفيظ وكذا التعرض ناهيك عن النزاعات المتعلقة بالحقوق العقارية[16] . سيما أن العديد من التصرفات الواردة على العقار تطلب فيها المشرع الرسمية أو محرر تابت التاريخ[17].

واعتبارا لكون القانون 53.05 هو أول قانون متخصص يهم التعاقدات الإلكترونية، فقد نص على عدة مستجدات تخص المعاملات الإلكترونية، وعليه سوف يتم الحديث عن مستجدات هذا القانون سواء المتعلقة بالجوانب القانونية ودورها في تسهيل عمليات التعاقد في مجال المعاملات العقارية وبذلك الوقوف عن المحرر الالكتروني (المطلب الأول)، ثم بعد ذلك الوقوف عن حجية هذه المحررات الرسمية ونطاق اعمالها لإثبات المعاملات العقارية (المطلب الثاني).

المطلب الأول: المحرر الالكتروني ومكانته في إثبات الحقوق العقارية

لقد عرف التنظيم العقاري بالمغربي تطورات مهمة خصوصا على المستوى التشريعي، وهذا التطور يأتي في سياق مراجعة شاملة للتشريع العقاري، قصد تبسيط أنظمته وتسهيل مهام المكلفين بمنازعاته، سواء تعلقت بالملكية وروافدها من استحقاق وقسمة واسترداد الحيازة، أم بحقوق الانتفاع كالسكنى والكراء الطويل الأمد والسطحية والرهون وغيرها، وكذلك تقييد الحقوق العقارية التي تخضع لشكلية لابد من احترامها[18]، ومن جملة القوانين التي سنها المشرع المغربي استجابة لتلك الضرورة الملزمة هناك:

-القانون 14.07 المغير والمتمم بمقتضاه ظهير 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري[19].

-القانون 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية.

-القانون 32,09 المتعلق بمهنة التوثيق. وقبله قانون 16.03 المتعلق بخطة العدالة. –القانون 107.12 المتعلق ببيع العقار في طور الانجاز.

-القانون 18.00 المتعلق بنظام الملكية المشتركة للعقارات المبنية [20].

ولقد أعلن المشرع هذه المرة بشكل واضح على موقفه باستناده على "الكتابة والتوثيق" كخيار استراتيجي قانوني ذا أبعاد ومضامين اقتصادية واجتماعية مهمة[21].

إن التعديلات القانونية التي أتت استجابة لمتطلبات العقود العقارية الإلكترونية، والتي أقرها القانون رقم 53.05 الخاص بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية، قد سارت نحو تحديد النظام القانوني الواجب التطبيق في تبادل البيانات والمعطيات عبر الوسائل الإلكترونية، وتقوم التعديلات السالفة على تغيير وتتميم بعض مقتضيات ظهير الالتزامات والعقود، وإضافة مقتضيات أخرى تتوخى جملة من الأهداف، وبذلك يكون المشرع المغربي قد أحدث تغييرا جذريا وذلك باعتماد مقاربة قانونية تسعى لوضع قواعد قانونية تؤطر مجالا يتميز بالتطور المتلاحق والسريع وبطبيعته التي تطرح عددا لا يستهان به من الإشكالات المتعلقة بالغش العقاري من جهة وكذلك النزاعات العقارية  التي نشأ سواء فيما يتعلق بمسطرة التحفيظ أو من خلال مسطرة التعرض وكذلك الإجراءات الأخرى اللاحقة، مسايرا بذلك الاتجاهات التشريعية الحديثة للقوانين الوطنية، المنبثقة من قواعد الاونسترال النموذجية وتوصياتها من جهة، وكذا تكييف وتطويع ظ.ل.ع مع هاته التحولات التي تفرضها سرعة تطور التقنيات الحديثة، وعليه سنركز بالأساس على الإثبات بالوسائل الإلكترونية وأدواته، باعتباره أهم مقتضى تعديلي طرأ على ظهير الالتزامات والعقود، والقوانين العقارية، وذلك من خلال التساؤل حول مدى حجية المحررات الالكترونية في الإثبات؟

للإجابة على هذا التساؤل سوف يتم التطرق إلى مفهوم المحرر الإلكتروني وتمييزه عن المحررات التقليدية، وكذا الشروط الواجب توافرها (المطلب الأول) على أن يتم الحديث عن مدى مشروعيته في الإثبات (المطلب الثاني). 

الفقرة الأولى: مفهوم المحرر الإلكتروني والشروط اللازم توافرها فيه وفق القانون 53.05

تعتبر رسالة البيانات التي يتبادلها طرفي العلاقة العقدية الوسيلة التي يعول عليها في إثبات التصرف القانوني الذي أبرم الكترونيا وقد عرفت المادة 2 من قانون المعاملات الالكترونية الأردني رسالة المعلومات بأنها "المعلومات التي يتم انشاؤها أو تسلمها أو تخزينها بوسائل إلكترونية أو بوسائل مشابهة بما في ذلك تبادل البيانات الالكترونية أو البريد الالكتروني أو البرق أو التلكس أو النسخ الرقي".

ومن خلال استقراء مقتضيات المادة الأولى من القانون رقم 53.05، نجدها تنص على مجال تطبيق هذا القانون، ومن بين المسائل التي يرتبط بها هذا المجال، نجد المعطيات القانونية للتبادل بشكل إلكتروني كمعطى أول، وكذا المعادلة بين الوثائق المحررة على الورق وتلك المعدة على دعامة إلكترونية كمعطى ثاني[22] .

فيما يتعلق بالمعطى الأول فإن مصطلح "معطيات قانونية" المستعمل من قبل المشرع المغربي، يفهم من خلاله أنه يهم جميع المحررات التي يمكنها أن تنتج آثارا قانونية ذات طابع مدني أو تجاري أو إداري، وبالتالي يحق القول بأن مجال تطبيق هذا القانون واسع جدا، إذ يتعلق بجميع المحررات القانونية والإدارية المبرمة بين الخواص والمقاولات والإدارات...الخ بما في ذلك تلك التي تبرم في المجال العقاري لتداول الحقوق العقارية سواء الأصلية منها والتبعية.

وإن كان المشرع قد استثنى صراحة من مجال التطبيق كل الوثائق المتعلقة بمدونة الأسرة والوثائق المتعلقة بالضمانات الشخصية أو العينية المدنية أو التجارية، ما عدا المحررات المنجزة من لدن شخص لأغراض مهنته.

أما المعطى الثاني، والمتعلق بالمعادلة بين المحررات التقليدية والمحررات الإلكترونية فالملاحظ أن المشرع المغربي، لم يعطي أي تعريف لهاته الأخيرة، بل اكتفى بالتنصيص على قبولها كوسيلة للإثبات متى توافرت فيها الشروط المنصوص عليها، في حين أن معظم التشريعات العربية أوردت في قوانينها تعريفا للمحرر الإلكتروني[23] ، لا يخرج كثيرا عن التعريف الوارد بقانون الأونسترال النموذجي.

 لكن قبل الإحاطة بمفهوم المحرر الإلكتروني ينبغي أولا التمييز بين المحررات الإلكترونية والمحررات الرسمية والعرفية، لمعرفة مدى حجية كل منها وهل لها نفس الحجية أم لا؟

فكما هو معروف أن هناك عدة أنظمة أخذت بمبدأ الإثبات الحر، وأنظمة أخرى أخذت بمبدأ الإثبات المقيد، في حين أن هناك أنظمة أخذت بمبدأ ثالث الا وهو الإثبات المختلط، وبالرجوع لموقع القانون المغربي من نظم الإثبات هذه، نجد أن المشرع قد اتبع نظام الإثبات المختلط حيث حصر من خلال الفصل 404 من ظ.ل.ع، وسائل الإثبات التي يقررها القانون، أما في المادة التجارية، فقد ابتعد المشرع بعض الشيء، ولظروف اقتضتها طبيعة المعاملات التجارية، عن طبيعة الإثبات في المادة المدنية وذلك من خلال المادة 334 من مدونة التجارة.

وفي هذا الصدد نشير أن الدليل الكتابي، يعتبر من أهم أدلة الإثبات على الإطلاق في القانون المغربي، إذ يمتاز على غيره من الأدلة بإمكانية إعداده منذ نشوء الحق وقبل قيام النزاع، كما أن الدليل الكتابي يوفر لأطراف العقد عدة ضمانات من أهمها، أنه يضبط الحقوق القائمة بينهم سواء قبل النزاع أو بعده، إضافة إلى أن الكتابة أقل تعرضا لتأثير عوامل الزمن، ولعل هذا هو أساس تغليب جل التشريعات الوضعية الإثبات عن طريق الكتابة[24].

وقد قسم القانون الأدلة الكتابية إلى قسمين، محررات رسمية ومحررات عرفية، ويمكن تعريف المحررات الرسمية بأنها السندات التي ينظمها الموظفون الذين من اختصاصهم، تنظيما طبقا للأوضاع القانونية ويحكم بها دون أن يكلف مبرزها إثبات ما نص عليه فيها ويعمل بها ما لم يثبت تزويرها، ذلك أن هذه المحررات يقوم بها موظف عام مختص بتسجيلها وفق الأوضاع القانونية المقررة، واعتبارها وفقا لذلك دليلا كاملا إذا استوفت شروطها وبالتالي تعتبر حجة في الإثبات. وهو ما كرسه المشرع الفرنسي من خلال المادة 1369 من القانون المدني الفرنسي[25] بمقتضى الأمر الصادر في 10 فبراير 2016[26].

أما المحررات العرفية فهي تلك الأوراق العرفية التي تصدر عن الأفراد مباشرة أو عمن ينوب عنهم دون أن تكون للموظف العمومي صلاحية التوثيق كما هي محددة بالفصل 418 من ظ.ل.ع.

وتنقسم الأوراق العرفية إلى أوراق الغرض منها إعداد دليل للإثبات، ولهذا يطلق عليها الأوراق المعدة للإثبات، وأوراق تعد لأغراض أخرى، ولهذا يطلق عليها الأوراق غير المعدة للإثبات.

هذا فيما يتعلق بالمحررات الرسمية والعرفية، أما المحررات الإلكترونية، فكما سبق الذكر، فالمشرع المغربي أغفل إعطاء تعريف أو تحديد مفهوم لها، واكتفى بشروط إصدار هذه المحررات وإجراءاتها الشكلية.

وهو نفس نهج القانون المدني الفرنسي، بخلاف القانون التونسي الذي عرفها في الفصل 453 مكرر من ظ.ل.ع على الشكل التالي، " الوثيقة الإلكترونية هي الوثيقة المتكونة من مجموعة أحرف وأرقام أو أي إشارات رقمية أخرى بما في ذلك تلك المتبادلة عبر وسائل الاتصال تكون ذات محتوى يمكن فهمه ومحفوظة على حامل إلكتروني يؤمن قراءتها والرجوع إليها عند الحاجة".

كما عرفت المادة 2 من قانون الأونسترال النموذجي بشأن التوقيعات الإلكترونية لسنة 2001 المحرر الإلكتروني بأنه، " معلومات يتم إنشاؤها أو إرسالها أو استلامها أو تخزينها بوسائل الكترونية أو ضوئية أو بوسائل مشابهة، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر، التبادل الالكتروني للبيانات أو البريد الإلكتروني أو البرق أو التلكس أو النسخ البرقي".

الفقرة الثانية: الشروط اللازم توفرها في المحرر الالكتروني وفق قانون 53.05

إن من بين أهم الغايات التي سعى إلى تحقيقها القانون 53.05 هي إعادة النظر في مفهوم الدليل الكتابي قصد تجاوز الفراغ التشريعي الذي كان يعرفه القانون المغربي في مجال الإثبات بالطرق الالكترونية الحديثة من جهة، وتوسيع مفهوم الدليل الكتابي ليشمل أيضا حتى الوثيقة الإلكترونية، وفقا للشروط التي حددها سواء كان ناتجا عن ورقة رسمية أو ورقة عرفية.

وبالرجوع للفصل 417 من ظ.ل.ع، نجد أن الدليل الكتابي يتسع ليشمل "أي إشارات أو رموز أخرى ذات دلالة واضحة، كيفما كانت دعامتها وطريقة إرسالها"، وهي نفس صيغة الفصل 1316 من القانون المدني الفرنسي، بعد حذف عبارة "أرقام" من التشريع المغربي.

كما حدد الفصل 1-417 ظ.ل.ع[27] الشروط الواجب توافرها في الوثيقة الإلكترونية للاعتداد بها وهي أيضا نفس صيغة الفصلين 1-1316 و3-1316 من القانون المدني الفرنسي.

وبالاستناد إلى المقتضيات المذكورة، بالرغم من صيغتها وترجمتها المعيبتين، حسب بعض الفقه، يمكن تعريف الوثيقة الإلكترونية على النحو التالي:

"مجموعة من الأرقام والإشارات أو الرموز الأخرى ذات دلالة واضحة، محررة على دعامة إلكترونية أو مرسلة بطريقة إلكترونية، يكون بالإمكان التعرف بصفة قانونية على الشخص الذي صدرت عنه، وتكون معدة ومحفوظة وفق شروط من شأنها ضمان سلامتها".

وبناء على ما سبق، يمكن تحديد عناصر الوثيقة الالكترونية على النحو التالي:

كتابة على دعامة إلكترونية أو موجهة بطريقة إلكترونية.

أن تكون معدة ومحفوظة وفق شروط من شأنها ضمان تماميتها.

أن يمكن التعرف، بصفة قانونية، على الشخص الذي صدرت عنه الوثيقة.

أ- الكتابة على دعامة إلكترونية أو الموجهة بطريقة إلكترونية:

أجمعت جميع التشريعات التي تتوفر على قانون ينظم التعامل الإلكتروني، على أن الكتابة من الشروط الأساسية لصحة المحرر الالكتروني، وهو النهج الذي سار عليه المشرع المغربي من خلال القانون 53.05، حيث نص من خلال المادة 2 (المتممة للفصل 1-2 من ظ.ل.ع، على أنه لابد أن يتم تحرير المحرر الإلكتروني، ومفاد كلمة تحرير ما هو إلا الكتابة، وهذا ما أكده الفصل 1-417 السالف الذكر.

فالكتابة هي الأسلوب الذي يتم من خلاله التعبير عن الإرادة بشكل مادي ظاهر في شكل معادلات خوارزمية تنفذ من خلال عمليات إدخال البيانات وإخراجها عبر شاشة الحاسوب، والتي تتم عن طريق تغذية الجهاز بهذه المعلومات بواسطة وحدات الادخال والتي تتبلور في لوحة المفاتيح أو استرجاع المعلومات المخزنة في وحدة المعالجة المركزية.

فهذه الكتابة إذن تتخذ أشكال إشارات أو رموز أخرى، وأضاف القانون الفرنسي مجموعة أرقام، وهو ما حذفه المشرع المغربي، والحقيقة أن هذه الكتابة الالكترونية هي عبارة عن كل ما ذكر، إضافة إلى أنها قد تتخذ شكل مجموعة من الحروف كما أضاف المشرع التونسي.

أما بخصوص الدعامة الإلكترونية فيمكن أن تكون قرصا مدمجا أو شريطا أو بطاقة ذات ذاكرة ولا يهم بعد ذلك الطريقة التي تم بها نقلها، أي طريقة تبادل المعطيات القانونية سواء بالمناولة اليدوية، لكتابة محملة على دعامة إلكترونية من النوع المذكور، أو بالنقل الالكتروني عن بعد عبر شبكة الانترنت أو غيرها من وسائل الاتصال الحديثة.

ب- أن تكون معدة ومحفوظة وفق شروط تضمن سلامتها وتماميتها:

إن الاعتراف بالمحرر الرسمي لا يعني وضع هذا المحرر في مواجهة المخاطر التي تواجهه هذه المستندات، خاصة وأن تتعرض للتحريف والأتلاف بشكل مقصود أو غير مقصود وهو ما يخلق إشكالا للأفراد في مجال الاثبات، هذا الأمر بالطبيعي أن يتفاقم في ظل المحرر الالكتروني خاصة بالنظر للمخاطر التي تحيط به والمتمثلة في جرائم المستندات الرقمية، وهو ما واجهه المشرع عن طريق اشتراط ضمان تمامية الوثيقة عن طريق ضمان سلامتها.

وهذا أيضا من الشروط الأساسية للاعتداد بالوثيقة الالكترونية ومساواتها للوثيقة المحررة على الورق، فإذا كانت هذه الأخيرة قابلة بطبيعتها للحفظ مهما طال الزمن، لأن حامل الكتابة فيها، الذي هو الورق، قابل للحفظ والتخزين والأرشفة، فانه في المقابل يجب أن تكون الدعامة الالكترونية هي الأخرى، وأيا كان شكلها، معدة وقابلة بدورها للحفظ بالطرق الفنية المعروفة، وهو ما لم ينظمه المشرع المغربي بخلاف المشرع التونسي[28].

ونظرا لأهمية هذا الشرط فقد ذكره المشرع المغربي أكثر من مرة في الفصلان 1-2 و1-417 ظ.ل.ع، وكذلك فعل القانون الفرنسي من قبله الفصلان 1[29]-1108 و4-1316، وهو نفس صنيع كل من القانون التونسي الفصل 453 مكرر من ظ.ل.ع والقانون الكندي الفصل 2838 والقانون الأممي أيضا سواء في القانون النموذجي بشأن التجارة الإلكترونية الفصل 8 أو في اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة باستخدام الخطابات الإلكترونية في العقود الدولية في الفصل 9[30].

وعموما يراد بالحفظ المعنيين التاليين، حفظ الوثيقة الإلكترونية من التحريف وحفظها من التلف:

  1. حفظ الوثيقة الإلكترونية من التحريف:

 أي من كل محو أو تغيير أو بثر لما هو مكتوب فيها وهذا مطلوب أيضا في الوثيقة المحررة على الورق، ولتأمين حفظ الوثيقة الإلكترونية من التحريف ابتكر العلم وسائل خاصة أهمها، التشفير الذي يعتبر أنجع وسيلة لضمان سلامة الوثيقة الالكترونية من التحريف والتغيير، وبموجب هذه الوسيلة يتحول الوضوح المشترط في الوثيقة إلى غموض لا يفهمه إلا من يملك مفتاح الولوج إليها وإلى مضمونها.

  1. حفظ الوثيقة الالكترونية من التلف:

 أي حماية الحامل الالكتروني أيا كان نوعه أو شكله، من التلف والاضمحلال سواء بفعل الانسان أو بفعل الزمن أو بفعل الفيروسات وهذا ما يقتضي نظاما خاصا لتخزين هذه الوثائق وأرشفتها.

وبالإضافة إلى ذلك يتعين ضمان إمكانية الرجوع إليها عند الحاجة، وإمكانية الاطلاع على مضمونها ومحتواها، وهذا يقتضي أيضا توفير البرامج القادرة دائما على قراءة الوثائق الالكترونية مهما طال الزمن عليها.

ج- إمكانية التعرف على الشخص الذي صدرت عنه الوثيقة:

ويتحقق هذا الشرط بواسطة التوقيع عليها، وقد نص على ذلك صراحة الفصل 2-417 في فقرته الأولى من ظ.ل.ع، على ما يلي "يتيح التوقيع الضروري لإتمام وثيقة قانونية التعرف على الشخص الموقع ويعبر عن قبوله للالتزامات الناتجة عن الوثيقة المذكورة".

ولعل ذلك يعني أن التوقيع هو نسبة ما ورد في المحرر لأطرافه، ويعبر عن قبول الشخص الموقع للالتزامات الناتجة عن الوثيقة المذكورة، فالتوقيع الإلكتروني الموثق وفق ما تم الاتفاق عليه بين الأطراف، يكون علامة مميزة لشخص الموقع ويرتبط به ارتباطا وثيقا، وبالتالي يشير إلى شخص الموقع بشكل لا لبس فيه ولا غموض، ويحدد هويته، وتحديد هوية مبرم العقد أو صاحب الوثيقة أمر ضروري خاصة في مجال الوفاء بالالتزامات العقدية ليتم تحديد أهلية صاحب التوقيع، إذ لا يتصور أن يتم منح شخص عديم الأهلية أو ناقصها توقيعا إلكترونيا.

المطلب الثاني: حجية المحرر الالكتروني في اثبات الترفات العقارية

بما  ن الوثائق الإلكترونية فرضت نفسها علـى السـاحة القانونية سواء في شكل عقود  و مراسلات فإن المشرع بـادر إلـى الحسـم في قيمتها الثبوتية حيث أضفى عليها نفس القوة الثبوتية المقررة للمحرر الورقي مـن حيـت قوة الإثبات[31] ، كما إن مسألة مشروعية الإثبات الالكتروني في المعاملات العقارية ليست بالأمر الجديد، فقد تم تناول بحث حجيته في ظل الاستثناءات الواردة في النصوص التقليدية القائمة، لإضفاء القوة الثبوتية على المحررات الالكترونية والتي ثبت في بعض الحالات عدم انسجام هذه النصوص وعدم كفايتها بصورة كاملة مع الوضع الحالي، والذي أدى لتدخل المشرع في بعض الدول إلى القيام بإصلاح تشريعي بهذا الخصوص[32]، وعليه سنحاول الوقوف عن حجية الوثيقة الرسمية في الإثبات وفعاليتها في الاثبات الرقمي للمعاملات العقارية (الفقرة الأولى)، ثم بعد ذلك سنعرج إلى العقود العرفية (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: حجية الوثيقة الالكترونية الرسمية ومكانتها في الإثبات

بالرجوع للنصوص التي تعرضت لإبرام التصرفات العقارية سواء في مدونة الحقوق العينية أو القوانين التي نظمت طائفة ومجالا عقاريا محددا والتي سبق أن بيناها سنكتشف أن المشرع كرس للرسمية بشكل كبير، وهو ما تؤكده المادة 4 من مدونة الحقوق العينية التي جاء فيها ما يلي " يجب أن تحرر- تحت طائلة البطلان - جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية أو بإنشاء الحقوق العينية الأخرى أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها وكذا الوكالات الخاصة بها بموجب محرر رسمي، أو بمحرر ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض ما لن ينص قانون خاص على خلاف ذلك.

يجب أن يتم توقيع العقد المحرر من طرف المحامي والتأشير على جميع صفحاته من الأطراف ومن الجهة التي حررته. ‏تصحح إمضاءات الأطراف من لدن السلطات المحلية المختصة ويتم التعريف بإمضاء المحامي المحرر للعقد من لدن رئيس كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية التي يمارس بدائرتها" [33].

وهو ما يفسر أهمية الكتابة لأنها في المعاملات العقارية تكون لازمة لانعقاد التصرف ويترتب عنها البطلان، وإذا كان المشرع المغربي يعتبر الدليل الكتابي، لازما لانعقاد التصرف، وفي حالة تعذره في غير ذلك من التصرفات يجوز الإثبات بكافة الوسائل، فإنه وأمام بروز الأشكال الحديثة للكتابة، فإنه لا مانع من تبني هذه الأشكال كيفما كانت دعامتها ورقية أم إلكترونية، وبهذا يكون المشرع المغربي بصيغة أو بأخرى، ومن خلال مقتضيات الفصل 417 من ظ.ل.ع، السالف الذكر، قد مهد الطريق للاعتراف بالمحررات الالكترونية وبحجيتها[34]، وبالتالي اعتمادها كوسيلة من وسائل  الانعقاد والاثبات وهذا ما تم تأكيده وإقراره من خلال القانون المتعلق بالتبادل الالكتروني للمعطيات القانونية، فاستنادا للمادة 2 منه، فإنه يجوز إثبات المعاملات والتصرفات المدنية التي تتجاوز قيمتها مبلغ عشرة آلاف درهم، بالمحررات الالكترونية، إلا أن المشرع المغربي استثنى من تلك المحررات المتعلقة بتطبيق أحكام مدونة الأسرة، والمحررات العرفية المتعلقة بالضمانات الشخصية أو العينية ذات الطابع المدني أو التجاري.

ومنح المشرع المغربي من خلال الفصل 1-417 للمحرر الالكتروني المستوفي الشروط الآنفة الذكر، حجية في الاثبات، تعادل تلك التي يتمتع بها المحرر الورقي، مما يستفاد منه أن المحرر الالكتروني، تسري عليه نفس المقتضيات التي تسري على المحرر الورقي بنوعيه العرفي والرسمي، وذلك ما كرسه المشرع من خلال الفصل 2-417 من ظ.ل.ع الذي نص في فقرته الثانية على أنه:" تصبح الوثيقة رسمية إذا وضع التوقيع المذكور عليها أمام موظف عمومي له صلاحية التوثيق"[35].

 وهو نفس التوجه الذي سار على هديه المشرع المدني من خلال القانون المدني الفرنسي[36] 1316-3 والذي جاء فيه "تتمتع الوثيقة الرقمية بنفس القوة التي تتمتع بها الوثيقة الورقية"[37] .

 وأضاف في الفصل 3-417 من ظ.ل.ع، أن الوثيقة المذيلة بتوقيع إلكتروني مؤمن والمختومة زمنيا تتمتع بنفس قوة الإثبات التي تتمتع بها الوثيقة المصادق على صحة توقيعها والمذيلة بتاريخ ثابت[38]، وهي نفس المقتضيات التي كرسها المشرع السوري من خلال القانون المتعلق بالتوقيع الالكتروني لسنة 2009، من خلال مادته الثانية والتي جاء فيها ما يلي "للتوقيع الإلكتروني المصدق، المدرج على وثيقة إلكترونية، في نطاق المعاملات المدنية والتجارية والإدارية، ذات الحجية المقررة للأدلة الكتابية في أحكام قانون البينات، إذا روعي في إنشائه وإتمامه الأحكام المنصوص عليها في هذا القانون، والنواظم والضوابط التي يصدرها الوزير، بناء على قرار من مجلس إدارة الهيئة، المنصوص على إحداثها في الفصل الثالث من هذا القانون"[39].

غير أن هذا الأمر غير مستساغ قانونا، فإذا كانت الورقة الرسمية لا تكتسب صفتها هذه، إلا إذا كانت صادرة من موظف عمومي أو شخص مكلف بخدمة عامة في حدود سلطته واختصاصه المكاني والنوعي، مع مراعاة الأوضاع القانونية المحددة في تحريرها، فإن هذا الأمر يصعب تصوره بالنسبة للوثيقة الالكترونية الرسمية المنصوص عليها في القانون أعلاه، فالمعاملات الحديثة التي تتم بشكل إلكتروني تكون في الغالب عن بعد وعبر الانترنت، لا يمكن للموظف العمومي طبقا للنصوص التقليدية أن يشرف عليها، هذا وإن أمكنه التعرف على هوية أطراف المعاملة، من خلال التوقيعات الإلكترونية المؤمنة، فإنه يصعب عليه التأكد من أهليتهم ومن صدور الإيجاب والقبول، كما أن مراعاة حدود اختصاصه المكاني والنوعي يصعب تصوره، خاصة إذا علمنا أن التعاقد يتم عن بعد وبين طرفين ينتميان في أغلب الأحيان لدولتين مختلفتين.

لكن بخصوص بعض المهن الحرة التي سمح لها المشرع في ابرام التصرفات العقارية كالموثق[40] والمحامي يمكنه ذلك باعتباره هو الاخر يمكنه أن يثبت التصرفات العقارية فنلاحظ أنه يمكنه اللجوء إلى الية التعاقد عن بعد لإبرام هذه التصرفات سيما أن هذا العقد يتم على مسؤوليته فيما يتعلق بالالتزامات التي وضعها القانون المنظم لمهنته على عاتقه، ومنها على سبيل المثال التثبت من الوثائق قبل ابرام التصرف[41].

وبذلك تبقى المحررات الالكترونية تتأرجح بين إمكانية تعرضها للتزوير وبين مدى اعتمادها من طرف القضاء، ذلك أن المحررات الالكترونية غالبا ما تكون مستخرجة من الحاسوب، تكون عرضة للتزوير والقرصنة والتحوير من خلال الاستعمال السيء للتكنولوجيا، الأمر الذي قد يدفع بالقضاء إلى عدم الاعتداد بها تشكيكا منه في مصداقيتها، وهو الأمر الذي يسير في إطاره بعض الفقه الذي يرى بضرورة استبعاد المحررات الالكترونية وعدم اعتمادها في الإثبات لأنها في نظرهم لا تكتسي القوة التي تكتسيها المحررات الصادرة عن السلطة أو الجهاز الإداري المختص.

على أنه يبقى مدى اعتبار المحررات الالكترونية وسيلة إثبات ذات حجية قاطعة خاضعا في نهاية المطاف للسلطة التقديرية لقاضي الموضوع، لتحديد قيمة هذه المحررات مراعيا في ذلك الوسيلة المستخدمة في إنشاء هذا المحرر بالإضافة إلى الشروط الواجب توافرها في هذا المحرر.

الفقرة الثانية: الوثيقة الالكترونية العرفية ومكانتها في المعاملات العقارية

الملاحظ من خلال المقتضيات القانونية أن المشرع لم يحدد نظاما خاصا للوثيقة العرفية الإلكترونية، بل أخضها لنفس الأحكام التي تخضع لها الوثيقة العرفية التقليدية، بمفهوم المخالفة للفصل 418 من قانون الالتزامات والعقود المغربي يمكن القول بأن المحرر العرفي أو الورقة العرفية هي تلك التي يقوم بتحريرها الأفراد فيما بينهم دون تدخل الموظف العمومي.

وعلى خلاف الأوراق الرسمية التي تعتبر كلها معدة للإثبات، فإن الأوراق العرفية على نوعين: أوراق عرفية معدة للإثبات تكون موقعة ممن هي حجة عليهم، وأوراق غير معدة للإثبات ولكن القانون يجعل لها حجية في الإثبات إلى مدى معين.

ولا يشترط في صحة الورقة العرفية المعدة للإثبات إلا توقيع من هي حجة عليه. التوقيع الذي يكون عادة بالإمضاء، ويجوز أن يكون بالختم أو ببصمة الأصبع. فالتوقيع إذا هو دلالة خطية وتعبير صريح عن الإرادة بالتراضي على مضمون العقد، لذلك فهو يوضع عادة في آخر الورقة حتى يكون منسحبا على جميع البيانات المكتوبة الواردة فيها.

أما إذا كان العقد مذيلا بالبصمة فإنها لا تشكل أي إشكال، أو أن تكون مذيلة بإمضاء يلزم صاحبه ولا تكتسب قوة إثباتية، وإنما يصح اعتمادها كبدايـة حجـة يتعين تقويتها بالشهادة أو القرائن القوية لتكتسب قوتها الثبوتية. فالورقة العرفية تستمد حجيتها من التوقيع وحده، وبذلك فالورقة العرفية غير الموقعة لا تصلح للإثبات إلا إذا كانت مكتوبة بخط المدين.

ويمكن أن تكون الورقة العرفية مكتوبة بخط المدين أو بخط أي شخص أخر شرط أن تكون موقعة من المدين، وله أن يكتبها بأية لغة كما يجوز أن تكون الكتابة باليد أو بالطباعة.

ونشير هنا إلى أن الفصول من 433 الى 439 من قانون الالتزامات والعقود قد نصت على بعض أنواع المحررات غير المعدة للإثبات جعلت لكل منها حجية وفقا لشروط خاصة منصوص عليها قانونا، منها الرسائل والبرقيات ودفاتر التجار والدفاتر والأوراق المنزلية والتأشير على سند الدين.

فالمراسلة هي الكتابة المتضمنة قضايا خاصة يتبادلها أشخاص معينون وتودع الى شخص أو الى إدارة البريد لإيصالها إلى شخص معين.

وتشمل الكتب العادية والمضمونة وبطاقات البريد والبرقيات. أما دفاتر التجار فهي دفاتر اوجب القانون على كل تاجر أن يمسكها بطريقة تكفل بيان مركزه المالي بدقة وبيان ماله وما عليه من الديون المتعلقة بتجارته.

أما الدفاتر والأوراق المنزلية فهي تشمل كل ما يدون من أعمال الشخص البيتية ومعاملاته مع الغير من بيع وشراء وغيرها من الأمور، وقد تدون هده الأمور في شكل دفاتر أو على أوراق منفصلة عن بعضها.

أما بخصوص حجية الورقة العرفية، فقد نص الفصل 424 من ق ل ع على أن:

 " الورقة العرفية المعترف بها ممن يقع التمسك بها ضده أو المعتبرة قانونا في حكم المعترف بها منه، يكون لها نفس قوة الدليل التي للورقة الرسمية في مواجهة كافة الأشخاص على التعهدات والبيانات التي تتضمنها وذلك في الحدود المقررة في الفصلين 419 و 420 عدا ما يتعلق بالتاريخ كما سيذكر فيما بعد".

وفي الأخير لابد أن ننوه بالدور الذي تلعبه هذه المستندات في النظام العقاري، سيما في مرحلة التحفيظ والتي يتعين على طالب التحفيظ أن يدرج ضمن شكليات مطلب التحفيظ أن يدرج بيان أصل التملك سواء بالنسبة لمستند الملكية أو أي وثيقة أخرى تثبت حقا عينيا بالنسبة لذوي الحقوق على العقار[42] ، خاصة بعد سلوكهم لمسطرة التعرض.

ويشترط في الوثيقة الالكترونية مجموعة من الشروط للاعتداد بها وهي:

  1. التحقق من مصدر الوثيقة العرفية
  2. إعداد الوثيقة وحفظها بما يضمن تماميتها، رغم أن المشرع المغربي لم يحدد المقصود بالتمامية على عكس قانون يونيسترال النموذجي المتعلق بالتجارة الالكترونية الذي نص عليه وعرفه بموجب المادة 8 بكون التمامية تعني سلامة المعلومات الواردة في المحرر الالكتروني دون ان يلحقها أي تغيير في شكلها الأصلي الذي نشأت به.

المبحث الثاني: المستجدات المرتبطة بالجوانب التقنية –التوقيع الالكتروني_

في إطار الرفع من مستوى الخدمات المقدمة للمتعاملين في المجال العقاري، وكذا الانخراط في مشروع الحكومة الالكترونية الذي يجعل من الأساليب الإلكترونية أداة رئيسية في معالجة مختلف المساطر والإجراءات، وتمكين المتعاملين في الميدان العقاري من ابرام تصرفاتهم في جو من الشفافية والوضوح، عملت الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية على رقمنة خدماتها ووسائل عملها، الأمر الذي يصبح معه التصرف في العقار عبر الدعامات الرقمية بحاجة لنظام أكثر ضمانة للمتعاملين الذين يقومون بإجراءاتهم عن بعد، وبالتالي إمكانية التعرف عليهم من خلال علامة تميزهم فيما بينهم[43] .

والتوقيع هو وسيلة يستخدمها الشخص لتحديد هويته والتعبير عن إرادته في الالتزام بمحتوى التصرف القانوني، وقد تطورت هذه الوسيلة مع تقدم الحضارات خاصة التي شهدت التعامل التجاري، ففي بداية الأمر استخدم الشمع (على شكل ختم) في العصور الرومانية القديمة لتوثيق المراسيم التي كانت تصدر باسم الملك، وقد تطورت وسيلة التوقيع مع استعمال ورق (الكولان) في القرون الوسطى المتقدمة، ومع بداية القرن السادس عشر أصبح التوقيع بخط اليد إلزاميا، بعد تطور الأمم في سنة  1877ميلادية، ثم اختراع طريقة وضع البصمة على الورق، لأن كل شخص يتميز ببصمات أصابع لا يمكن أن تتشابه مع شخص آخر [44].

يلعب التوقيع الإلكتروني دورا بارزا في تحديد الشخص الذي صدر منه التصرف الواقع على الأموال العقارية، ويميزه عن غيره، ودلالة على رضاه بمضمون التصرف الذي أبرمه، والتزامه به، وله أهمية خاصة في العقود المبرمة عن بعد، إذ من خلاله يتم تأكيد العقود والاتفاقات وكذا تحديد هوية المرسل والمستقبل، والتأكد من صحة وصدق البيانات[45] .

وبما أن التوقيع اليدوي صار غير كاف ومواكب للتصرفات المبرمة عن بعد، خاصة بعد ازدهار الكتابة الالكترونية[46]، عمل المشرع المغربي[47] على تنظيم التوقيع الالكتروني من خلال القانون رقم 53.05، والتي يمكن إجمالها كما رأينا، في تنظيم العقد المبرم أو الموجه بطريقة إلكترونية، حيث الاعتراف الصريح بالكتابة أو الوثيقة الإلكترونية لإثبات التصرفات القانونية، وبالتالي إضفاء الحجية والمصداقية عليها، وهذا من شأنه أن يساهم في تسهيل إثبات العمليات التعاقدية التي يكون موضوعها عقار أو حق عيني.

هناك مستجدات مرتبطة بالجوانب التقنية، حددها المشرع المغربي من خلال القانون المتعلق بالتبادل الالكتروني للمعطيات القانونية، وذلك في القسم الثاني منه خاصة الباب الأول والثاني، حيث نجد المشرع يتحدث عن التوقيع الالكتروني المؤمن والتشفير ثم المصادقة الالكترونية، والتي من شأنها أو بفضلها يتمتع هذا التوقيع الالكتروني بقوته الثبوتية، على هذا الأساس سوف يتم التطرق إلى ماهية التوقيع الالكتروني (المطلب الأول)، وذلك من خلال تحديد تعريفه القانوني ومعايير تمييزه عن التوقيع العادي، من جهة، وكذا تحديد شروط صحته، ثم صوره وأشكاله من جهة أخرى، على أن نتحدث (المطلب الثاني) عن الحجية القانونية للتوقيع الالكتروني وكيفية التصديق عليه.

المطلب الأول: ماهية التوقيع الالكتروني وتمييزه عن التوقيع التقليدي

التوقيع الالكتروني كمصطلح جديد، نشأ نتيجة لاستخدام الحاسوب في المعاملات بين الأفراد والمؤسسات، وكذلك نتيجة لاستخدام التلكس والانترنت، مما يترتب عنه التبادل الالكتروني للبيانات والمعطيات، وبالتالي كنتيجة حتمية لذلك، تم الاتجاه نحو التوقيع الالكتروني.

وهذا ما يستلزم تحديد مفهوم هذا الأخير في البداية (الفقرة الأولى) وكذا تحديد شروطه وصوره (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: التعريف القانوني للتوقيع الالكتروني وتمييزه عن التوقيع العادي

 قبل التطرق إلى تمييز التوقيع التقليدي عن نظيره الإلكتروني، لابد من تحديد التعريف القانوني لهذا الأخير (أولا) وذلك وفق ما يلي

أولا: تعريف التوقيع الالكتروني

يمكن تعريف التوقيع الالكتروني، وفق ما جاءت به المادة الأولى في فقرتها الثانية من قانون الأونسترال النموذجي بشأن التوقيعات الإلكترونية لسنة 2001 بأنه: " بيانات في شكل إلكتروني مدرجة في رسالة بيانات أو مضافة إليها أو مرتبطة بها منطقيا، ويجوز أن تستخدم لتعيين هوية الموقع بالنسبة إلى رسالة البيانات وبيان موافقة الموقع على المعلومات الواردة في رسالة البيانات".

وعلى صعيد التشريعات الوطنية، فقد عرفه المشرع المصري من خلال قانون التوقيع الالكتروني رقم 15 لسنة 2004، في المادة الأولى بند ج، بأنه: "كل ما يوضع على محرر إلكتروني، ويتخذ شكل حروف أو أرقام أو رموز أو إشارات أو غيرها، ويكون له طابع منفرد يسمح بتحديد شخصية الموقع ويميزه عن غيره"[48].

أما المشرع البحريني، فقد عرفه كذلك في المادة الأولى من قانون التجارة الالكترونية لسنة 2002، بأنه: "معلومات في شكل إلكتروني تكون في سجل الكتروني أو مثبتة أو مقترنة به منطقيا، ويمكن للموقع استعماله لإثبات هويته".

في حين أورد التوجيه الأوربي لسنة 2003 رقم 39-1999 تعريفا للتوقيع وعرفه بأنه " عبارة عن معطيات ذات شكل إلكتروني مرتبطة أو مدرجة بمعطيات إلكترونية اخرى التي يمكنها أن تقوم بوظيفة التعريف"، وقد ميز هذا التوجيه في نصوصه بين مستويين للتوقيع الالكتروني، المستوى الأول، يعرف بالتوقيع الالكتروني البسيط، وهذا التوقيع حسب نص المادة الثانية في التوجيه يعرف بأنه، "معلومة تأخذ شكلا الكترونيا ترتبط بشكل منطقي ببيانات أخرى الكترونية والذي يشكل أساس منهج التوثيق".

أما المستوى الثاني: فيه التوقيع الالكتروني المسبق أو "المتقدم" وهو توقيع يرتبط بشكل غير قابل للفصل بالنص الموقع، ولكي يتصف التوقيع الالكتروني بأنه توقيع متقدم يجب أن ينبني على الشروط التي نصت عليها الفقرة الثانية من المادة الثانية وهي:

 -أن يرتبط وبشكل منفرد بصاحب التوقيع؛

 -أن يتيح كشف هوية صاحب التوقيع؛

 -أن ينشأ من خلال وسائل موضوعة تحت رقابة صاحب التوقيع؛

 -أن يرتبط بالبيانات التي وضع عليها التوقيع إلى درجة أن أي تعديل لاحق للبيانات يمكن كشفه[49] .

وفي الولايات المتحدة الأمريكية، نص القانون الفيدرالي على أنه يقصد بالتوقيع الالكتروني: "أي رمز أو وسيمة بصرف النظر عن التقنية المستخدمة إذا تمت نسبته إلى شخص يرغب في توقيع مستند". وكذلك عرفه القانون الأمريكي الصادر في 30يونيو2000 بأنه "شهادة رقمية تصدر عن إحدى الهيئات المستقلة، وتميز كل مستخدم يمكن أن يستخدمها في إرسال أي وثيقة أو عقد تجاري أو تعهد أو إقرار"[50].

وعلى الرغم من أن أغلب التشريعات المقارنة قد عرفت التوقيع الالكتروني [51]، إلا أن المشرع المغربي في قانون 53.05، لم يعرفه صراحة، ولكن اكتفى بالمقابل بذكر مجموعة من الشروط ينبغي توافرها في هذا النوع من التوقيعات، ورتب عليه نتائج ذات أهمية، من حيث إنه يتيح التعرف على الشخص الموقع، ويعبر عن قبوله للالتزامات الناتجة عن الوثيقة الالكترونية، التي تغدو رسمية إذا وضع التوقيع عليها أمام موظف عمومي له صلاحية التوثيق.

وهو ما قد يعيق العديد من الأنظمة الرقمية [52] التي جاء بها المرسوم رقم 2.18.181 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات التدبير الالكتروني لعمليات التحفيظ العقاري والخدمات المرتبطة بها[53].

ثانيا: تمييز التوقيع الالكتروني عن التوقيع التقليدي:

من خلال ما سبق، يتضح أن التوقيع يعتبر تعبيرا عن رضا الملتزم، فهو المظهر الخارجي للإرادة، ومن هنا اكتسى أهميته، فهو عبارة عن إشارة للتعبير عن هاته الإرادة، ولا يشترط أن تكون مقروءة، بل يمكن أن تكتب بشكل رموز أو أرقام أو بشكل اسم صريح، وبالتالي وجب أن يكتب ويشر أصلا لا وصفا.

وفي التشريع المغربي، فالتوقيع المتطلب، هو التوقيع بيد الملتزم نفسه، ولا يقوم الطابع أو الختم مقام التوقيع، والواقع أن عبارة "التوقيع باليد" تشمل جميع وسائل التوقيع الأخرى، كما هو الحال في التوقيع بالبصمة، بيد أن التفسير القضائي للعبارة المذكورة استبعد البصمة، علما بأن هذا الاستبعاد غير مفهوم.

لكن ما يهمنا بالأساس، هو أنه إذا كان كلا التوقيعين (التقليدي والالكتروني) يلتقيان في عدة نواحي، من حيث كلاهما يعبران عن إرادة وهوية صاحب التوقيع، ويؤكدان على موافقة الموقع على محتوى المحرر، علاوة على أنه شرط ضروري لتمام الوثيقة الالكترونية، فإنهما يختلفان في عدة وجوه يمكن إجمالها كالتالي:

 من حيث أداة التوقيع:

 الأداة المستخدمة في التوقيع التقليدي هي القلم بأنواعه أو البصمة أما الأداة المستخدمة في التوقيع الالكتروني فهي رموز أو إشارات أو إحدى خواص الإنسان الفيزيائية وذلك وفق تقنية تكنولوجية معينة.

 من حيث دعامة التوقيع: فالدعامة التي يرتكز عليها التوقيع التقليدي هي الورق، في مقابل الدعامة الالكترونية، بالنسبة للتوقيع الالكتروني، كالقرص المرن والممغنط.

 من حيث القوة الثبوتية:

 فالتوقيع التقليدي لا يحتاج إلى أي وسيلة أخرى تثبت صحته، بينما التوقيع الالكتروني، لا تكون له قوة ثبوتية، إلا إذا تمت المصادقة عليه من قبل السلطة المكلفة بذلك.

 من حيث الثبات والاستمرارية:

 فإذا ما تم تقليد أو تزوير التوقيع التقليدي من قبل الغير، فإن صاحبه لا يفرض عليه، عند اكتشاف التزوير او التقليد، تغيير شكل توقيعه، في مقابل ذلك يجب على صاحب التوقيع الالكتروني تغيير توقيعه، إذا اكتشف توصل الغير إلى المنظومة التي تنشئه، وذلك بإبلاغ الجهة المصدرة له.

الفقرة الثانية: شروط صحة التوقيع الالكتروني:

تتعدد أشكال التوقيع الالكتروني، بحسب تنوع وسائل التوثيق الالكتروني للتعاملات الالكترونية، لكن قبل الحديث عن ذلك، لابد من التطرق إلى الشروط التي يجب أن يستوفيها التوقيع الالكتروني، من خلال مقتضيات القانون 53.05.

كما سبقت الإشارة، فالمشرع المغربي لم يهتم بالمفاهيم، خاصة تلك التي لها طابع تقني محض، وبالتالي لم يعرف التوقيع الالكتروني، لكنه في المقابل، عمل على إدراج الشروط الواجب توافرها فيه، هكذا لكي يعتبر التوقيع الالكتروني المؤمن صحيحا يجب أن يستوفي الشروط الواردة في المادة 6 من القانون 53.05، وهي كالتالي:

  • أن يكون خاصا بالموقع[54] .
  • أن ينشأ بوسائل يمكن للموقع الاحتفاظ بها تحت مراقبته الخاصة بصفة حصرية.
  • أن يضمن وجود ارتباط بالوثيقة المتصلة به، بكيفية تؤدي إلى كشف كل تغيير ألحق عليها.
  • أن يوضع بواسطة آلية للتوقيع الإلكتروني، تكون صلاحيتها مثبتة بشهادة للمطابقة.
  • أن يشار في الشهادة الالكترونية المؤمنة إلى معطيات التحقق من التوقيع الالكتروني المؤمن.

هذا في حين المادة السابعة من القانون النموذجي للتجارة الالكترونية قد اشترطت فقط كون التوقيع دالا على هوية الموقع[55].

وما يلاحظ على المشرع المغربي في هذا الصدد، أنه تحدث عن نوعين من التوقيع الالكتروني، توقيع إلكتروني عادي أو بسيط، وهو الذي نص عليه الفصل 2-417 ظ.ل.ع في فقرته الأخيرة، حيث نصت على ما يلي "عندما يكون التوقيع الكترونيا، يتعين استعمال وسيلة تعريف موثوق بها تضمن ارتباطه بالوثيقة المتصلة به"[56] .

وتوقيع إلكتروني مؤمن، الواردة شروطه أعلاه، علاوة على الفصل 3-417 من ظ.ل.ع المضاف بمقتضى المادة 4 من قانون 53.05.

أما التوقيع الالكتروني فيتشكل من سلسلة من الأرقام الحسابية، الأصفار والآحاد مع مجموعها يتكون التوقيع الالكتروني الرقمي. لكن التساؤل الذي يمكن إثارته في هذا الصدد هو كيف تتم عملية التوقيع الرقمي؟

للإجابة عن هذا التساؤل، ندرج ملخص هذه العملية بحسب ما نصت عليها قواعد الأونسترال الموحدة بشأن التوقيعات الالكترونية، بحيث ينطوي استخدام التوقيعات الرقمية عادة على العمليات التي يؤديها إما الموقع أو متلقي الرسالة الموقع عليها رقميا، وهي كالتالي:

  1. ينتج المستعمل أو يتلقى زوجا فريدا من مفاتيح الترميز.
  2. يعد المرسل رسالته على جهاز الحاسوب (في شكل بريد إلكتروني مثلا).
  3. يعد المرسل خلاصة رسالة باستخدام خوارزمية تشويش مؤمنة مشتقة من الرسالة الموقعة ومفتاح خصوصي معين وتكون قاصرة عليهما دون سواهما.

4- يقوم المرسل بترميز الرسالة باستخدام المفتاح الخصوصي على نص خلاصة الرسالة باستخدام خوارزمية رياضية.

5- يرفق المرسل توقيعه الرقمي بالرسالة أو يلحق بها.

6- يرسل المرسل توقيعه الرقمي ورسالته الكترونيا إلى المتلقي.

7- يستخدم المتلقي المفتاح العمومي للمرسل للتحقق من صحة التوقيع الرقمي والتثبت من أن الرسالة جاءت من المرسل دون سواه.

8- ينشئ المتلقي خلاصة رسالة باستخدام نفس الخوارزمية المؤمنة.

9-  يضاهي المتلقي خلاصتي الرسالة، فإذا كانتا متطابقتين يعني ذلك أن الرسالة لم تتغير بعد توقيعها.

عموما ما يمكن أن نخلص إليه هو أن التوقيع الالكتروني يرتبط ارتباطا عضويا بنظام التشفير، هذا الأخير الذي سوف يتم التحدث عنه لاحقا في إطار أوجه الحماية للقانون 53.05.

المطلب الثاني: الحجية القانونية للتوقيع الالكتروني واليات التصديق عليه

فرضت الطبيعة المميزة للتوقيع الالكتروني، بالمقارنة مع التوقيع التقليدي الذي يضعه الشخص بخط يده على المحرر الكتابي، ليكون كاملا في الإثبات، تساؤلا هاما حول مدى إمكانية اعتماد هذا النوع من التوقيعات في استكمال عناصر الدليل الكتابي الكامل. ذلك أن التعاقد عن طريق الانترنت أو الحصول على خدمة عبر الأنترنيت يواجه مشكلة قبول التوقيع الالكتروني في الاثبات، وبالتالي حجية المحرر الذي تم التوقيع عليه الكترونيا، فهل التوقيع الالكتروني قادر على تحديد شخصية الموقع أم لا؟ وما الذي يضمن للمستخدم أن ما وصله من معلومات جاءه من موقع موثوق به؟ أو أن هذا الموقع حقيقي وموجود على الشبكة؟ لذا فقد يحتاج التعامل بين طرفين من خلال شبكة مفتوحة، مثل الانترنت، إلى من يتولى التصديق عليه بما يفيد صحته، وكذلك التأكد من طبيعة التعاقد ومضمونه، وهذا ما يفرض بالضرورة تدخل جهة مختصة قصد التصديق على هذا التوقيع، عبر تسليم شهادة المصادقة الالكترونية.

بناء على ذلك، سوف نتطرق إلى الحجية القانونية للتوقيع الالكتروني في الإثبات، ثم التصديق على هذا التوقيع وكذا شروطه.

الفقرة الأولى حجية التوقيع الالكتروني في الإثبات

نتيجة للتحول من استخدام التوقيع التقليدي إلى التوقيع الالكتروني في المجال الالكتروني للمعاملات التجارية والمدنية، أصبح من الضروري الحفاظ على الدور الذي يلعبه التوقيع التقليدي، ولقد كان للفقه محاولات لإيجاد نوع من الحجية للتوقيع الالكتروني، ذلك أنه انتهى فيها البعض إلى إعطاء التوقيع الالكتروني حجية الإثبات، وأن البعض الآخر قال عكس ذلك، وتعليله في ذلك هو غياب فكرة الأمن القانوني الكافي لمثل هذا التوقيع.

لكن بصدور قوانين خاصة بالتجارة الالكترونية لدى العديد من التشريعات سواء العربية [57] أو الأوربية، فإنه ثم إضفاء الحجية على التوقيع الالكتروني، وذلك استجابة لمتطلبات التجارة الدولية، والحفاظ على استقرار المعاملات، ومواكبة التكنولوجيا، خاصة وأن العالم اليوم أصبح مرتبطا بهذه الأخيرة، وهو ما جعل التجارة الدولية تكتسي صبغة جديدة وأصبحت تمارس في إطار ما يعرف بالتجارة الالكترونية، والمشرع المغربي بدوره نهج على غرار باقي التشريعات نهجا إيجابيا، من خلال إصداره لقانون التبادل الالكتروني للمعطيات القانونية، والذي تطرق من خلاله، إلى معالجة التوقيع الالكتروني، وضرورة توافر الشروط المنصوص عليها في الفصل 3-417 من ظ.ل.ع، وكذا تلك المنصوص عليها في الفرع الأول من الباب الأول من القسم الثاني للقانون 53.05، على أنه بعد توافر هذه الشروط - والتي تطرقنا إليها سابقا- لابد لأن يتم إخضاع هذا التوقيع للمصادقة من قبل السلطة الوطنية المكلفة باعتماد ومراقبة المصادقة الالكترونية، حتى يتمتع التوقيع الالكتروني بالحجية وبالتالي اعتماده كأداة من أدوات الإثبات القانونية[58] .

وبالنظر إلى التشريعات المقارنة، فيما يتعلق بحجية التوقيع الالكتروني، نجد مثلا المشرع الفرنسي، بدوره اشترط شروطا[59]، لابد من توافرها للقول بحجية التوقيع الالكتروني، ذلك أن مجلس الدولة الفرنسي، قام بجهود للاعتراف بحجية المحررات الالكترونية لكن شريطة توافر توقيع الكتروني موثوق من صحته في المحرر الالكتروني، وأن يكون هذا التوقيع منتسبا للمحرر، ومحددا شخصية الموقع، وكذا أن يكون محفوظا بطريقة آمنة وتحت سيطرة أطراف العقد، وهو نفس المنحى الذي سلكته باقي التشريعات العربية[60].

وتجدر الإشارة، إلى أن المشرع المصري على خلاف المشرع المغربي، قام بتحديد نطاق تطبيق التوقيع الإلكتروني من خلال المواد 14 و15 من القانون رقم 10 لسنة 2004 المتعلق بتنظيم التوقيع الإلكتروني، حيث نص على أن التوقيع الالكتروني يكون له الحجية في الإثبات، إذا ما تم استخدامه في المعاملات التجارية والمدنية والإدارية فقط، فهناك تنصيص وعلى سبيل الحصر في تحديد نطاق هذا التوقيع، وذلك حتى لا يفتح الباب أمام أي اجتهاد، كما أنه من خلال هذا القانون اعترف بالحجية القانونية للتوقيع الإلكتروني شريطة توفره على مجموعة من الشروط المنصوص عليها في هذا القانون والضوابط الفنية والتقنية، هذا الأمر هو ما نصت عليه المادة الرابعة عشر[61] من هذا القانون فالمشرع المصري من خلال هذه المادة اعترف للتوقيع الإلكتروني بالحجية في مجال الإثبات للمعاملات المدنية والتجارية والإدارية، وذلك في حالة إذا أحسن إنشاء هذا التوقيع وفقا للشروط المنصوص عليها بمقتضى هذا القانون.

وبالرجوع إلى المادة[62] 18 من نفس القانون، حيث نجده حدد لنا مجموعة من الشروط ليتمتع التوقيع الإلكتروني بالحجية القانونية في الإثبات، بمعنى أن التوقيع الرقمي المتوفر على الشروط الواردة في المادة السالفة الذكر.

وبالتالي نلاحظ أن المشرع المصري قد اعترف بالحجية القانونية للتوقيع الإلكتروني في مجال الإثبات المواد المدنية والتجارية والإدارية إذا توافر في التوقيع الشروط المطلوبة والمنصوص عليها في هذا القانون رقم 15 لسنة 2004 ولائحة التنفيذية وهو الأمر الذي لم يحدد المشرع المغربي منه موقفه بدقة[63] .

وبخصوص المشرع التونسي فهو الاخر بالرجوع إلى الفصل 493 من ق ل ع التونسي نجده ساوى بين الإمضاء إلكتروني والإمضاء التقليدي اليدوي في الحجية في مجال الإثبات ، فقد جاء في نص هذا الفصل "يتمثل الإمضاء اليدوي في وضع أمر أو علامة خاصة بخط اليد للعقد نفسه مدمجة بالكتاب المرسوم أو إذا كان إلكترونيا في استعمال منوال موثوق به[64] يتضمن صلة الإمضاء المذكور بالوثيقة الإلكترونية المرتبط به".

فالمشرع التونسي نهج طريق المشرع الفرنسي بالفصل 1316 في فقرته الرابعة والتي جاءت مرنة وقابلة لاستيعاب التطور التكنولوجي دون حصره في زمن ضيق وصياغة جامدة، وقد اشترط المشرع التونسي أن يكون الإمضاء موثوقا به حتى يضمن حجيته[65] .

يمكن القول إذا أن المشرع التونسي اعترف للتوقيع الإلكتروني بالحجية القانونية في إثبات التصرفات التي يتم إبرامها بواسطة وسائل إلكترونية، لكن هذا الاعتراف ليس مطلقا، بل معلق على توافر مواصفات جاءت في التشريع التونسي وبهذا يكون قد ساوى بين التوقيعين العادي الذي يتم بخط اليد والإلكتروني في الحجية في مجال الإثبات.

عموما، يمكن القول إن القانون 53.05، سيساهم ولو نسبيا في حسم النزاعات المترتبة عن التعاملات أو التعاقدات الالكترونية في المجال العقاري سيما بعد إحداث العديد من المنصات الرقمية التي ستعمل بلا شك على تسهيل عمليات الحصول على بعض الوثائق الرقمية التي تقدمها الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والخرائطية، وبالتالي إمكانية اعتماد المحررات الالكترونية والتوقيع الالكتروني كوسيلة من وسائل الإثبات، خاصة وأن هذه المحررات أو التوقيع، لا يكتسب الحجية إلا بعد توثيقه أو المصادقة عليه من طرف الجهات أو السلطات المختصة، وهو ما سنتطرق إليه في الفقرة الموالية.

ثانيا: أهمية التوقيع في عمليات التحفيظ العقاري والخدمات المرتبطة به

نظرا لتطور العمليات والخدمات العقارية التي تقدمها المصالح العقارية، أصبح التوقيع في هذا المضمار يلعب دورا أساسيا في حماية حقوق المرتفقين الكترونيا لهاته الخدمات، وقد جاء مرسوم رقم 2-18-181 بمجموعة من الإجراءات الرقمية التي يتم من خلالها تدبير عمليات الالكترونية والخدمات المرتبطة بها حيت نجد المادة الثانية من هذا المرسوم نصت على ما يلي " يقصد بعمليات التحفيظ العقاري والخدمات المرتبطة بها التي يمكن تدبيرها بطريقة إلكترونية، وفق أحكام هذا المرسوم، الإجراءات والمساطر المتعلقة بالتحفيظ العقاري والمسح العقاري والخرائطية المنصوص عليها في المقتضيات التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، ولا سيما منها :

- تلقي مطالب التحفيظ والتعرضات والقيام بجميع الإجراءات المتعلقة بمسطرة التحفيظ العقاري وباقي المساطر الأخرى الخاصة بالتحفيظ ؛

- تأسيس الرسوم العقارية ونظائرها؛

- إشهار الحقوق العينية والتحملات العقارية المنصبة على العقارات المحفظة أو التي في طور التحفيظ ؛

- طلب وتسليم الشهادات ونسخ الوثائق العقارية ؛

- التبادل الالكتروني للمعطيات والوثائق مع الإدارات والمهنيين والهيئات المعنية بعمليات التحفيظ العقاري والمسح العقاري والخرائطية ؛..."[66] .

وبذلك يمكن الحصول على الشواهد الالكترونية عبر منصات رقمية أحدثت لهاته الغاية وهو ما كرسته المادة 14 من المرسوم السالف الذكر والتي جاء فيها ما يلي " يمكن تقديم طلب الحصول على الشهادات العقارية عبر المنصة الإلكترونية.

ولهذا الغرض، يتعين على طالب الشهادة تعبئة الاستمارة المعدة لذلك، وأداء وجيبات المحافظة العقارية بطريقة إلكترونية.

يتوصل المعني بالأمر بإشعار يتضمن رقما خاصا يمكن من خلاله تتبع مآل طلبه وتحميل الشهادة عبر المنصة المذكورة".

ورغم إقرار المشرع لهاته الخدمة إلا أنه ألزم مستخرج هذه الوثيقة بضرورة اللجوء إلى المحافظة العقارية من أجل توقيعها حيت نجد المادة 16 من المرسوم السابق قد نصت على ما يلي " يمكن تحميل الشهادة العقارية على دعامة ورقية وتقديمها إلى مصلحة المحافظة العقارية التي أعدتها، أو إلى أي مصلحة أخرى للمحافظة العقارية من أجل توقيعها من قبل المحافظ على الأملاك العقارية أو من ينوب عنه".

الفقرة الثانية جهات المصادقة الالكترونية ومهامها ودورها في المراسلات

لقد اهتم المشرع المغربي، من خلال القانون رقم 53.05 المتعلق بالتبادل الالكتروني للمعطيات القانونية، بموضوع المصادقة الالكترونية، وبالرجوع إلى هذا القانون، نجدان المشرع المغربي قد أناط مهمة المصادقة، للسلطة الوطنية، إلا أنه لم يعين هاته الأخيرة، بيد انه عاد وحدد هذه الجهة في المرسوم التطبيقي لنفس القانون، حيث حدد السلطة الوطنية بموجب المادة 21 منه، في الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات.

وبناء عليه، فقد عهد القانون إلى هذه السلطة الوطنية العديد من المهام، يمكن تصنيفها كالتالي:

مهام موضوعية: تتمثل في اعتمادها لمقدمي خدمات المصادقة الالكترونية واقتراحها معايير نظام الاعتماد على الحكومة، وكيفية اتخاذ التدابير اللازمة لتفعيله.

مهام إجرائية: تظهر في قيامها بنشر مستخرج من قرار الاعتماد بالجريدة الرسمية، وفي مسك سجل يتضمن أسماء مقدمي خدمات المصادقة الالكترونية المعتمدين، يتم نشره في الجريدة الرسمية في نهاية كل سنة.

مهام رقابية: وتتجلى في مراقبتها لنشاط مقدمي الخدمات المذكورين، وفي تأكدها من احترام هؤلاء، الذين يسلمون الشهادات الالكترونية المؤمنة، للالتزامات المنصوص عليها في القانون المذكور، وفي النصوص المتخذة لتطبيقه، مع إمكان قيامها، تلقائيا أو بناء على طلب ممن يهمه الأمر، بالتحقق من مدى مطابقة نشاطهم للقانون أو لنصوص تطبيقه، سواء بنفسها أو عن طريق أعوانها، وخبرائها المنتدبين بعد إثبات صفاتهم، وتمكينهم من الولوج إلى المؤسسات والاطلاع على وسائلها وآلياتها التقنية. 

أولا: مقدمو خدمات المصادقة الالكترونية:

الملاحظ ان المشرع المغربي من خلال القانون رقم 53.05، لم يحدد المفاهيم، خاصة تلك التي لها طابع تقني، وبالتالي لم يعرف مقدم خدمة المصادقة الإلكترونية، وذلك بعكس القانون النموذجي للتجارة الالكترونية (الأونسترال)، الذي عرفه بأن، "مقدم خدمات تصديق يعني شخصا يصدر الشهادات، ويجوز أن يقدم خدمات أخرى ذات صلة بالتوقيعات الالكترونية".

أما التوجيه الأوربي رقم 93 لسنة 1999، فقد عرف هذه الجهات في المادة الثانية بأنها:" كل شخص قانوني طبيعي أو اعتباري يقوم بتقديم شهادات إلكترونية للجمهور أو يقدم له خدمات مرتبطة بالتوقيعات الالكترونية".

وكذلك الأمر لقانون المعاملات الالكترونية لإمارة دبي، فقد عرف مزود خدمة المصادقة الالكترونية بأنه:" أي شخص أو جهة معتمدة أو معترف بها تقوم بإصدار شهادات مصادقة الكترونية أو أية خدمات أو مهمات متعلقة بها، وبالتواقيع الالكترونية والمنظمة بموجب أحكام الفصل الخامس من هذا القانون".

من خلال هذه التعاريف، نستشف، أن مقدم خدمة المصادقة، ينفرد لوحده دون غيره، بمهمة إصدار الشهادات الالكترونية المؤمنة، وتسليمها وتدبير خدماتها، فما هي إذن شروط اعتمادهم - بناء على القانون رقم 53.05- لاكتساب صفة مقدمي خدمات المصادقة؟ وما هي التزاماتهم ومسؤوليتهم؟

 ففيما يتعلق بشروط اكتساب صفة مقدمي خدمات المصادقة، فتتمثل في فئتين من الشروط، تستوجب الفئة الأولى، شرطين: أن يكون طالب الاعتماد مؤسسا في شكل شركة وأن يوجد مقر الشركة الاجتماعي بالمغرب، ولكن ليس هناك ما يمنع من اعتماد الأشخاص المعنوية للقانون العام، استثناء ولمصلحة المرفق العام، للقيام بنشاط خدمات المصادقة.

كما أنه لا مانع يمنع من قبول الشهادات المسلمة من مقدمي خدمات المصادقة المستوطنين بالخارج، بشرط وجود اتفاق ثنائي أو متعدد الأطراف، يكون المغرب طرفا فيها، يقر بالاعتراف المتبادل بالشهادة أو بمقدمها بين المغرب وبلد إقامة هذا الأخير.

أما الفئة الثانية من الشروط المذكورة، فيمكن ردها إلى شروط تقنية، تتعلق بالسلامة التقنية التشفيرية، لنظم ووسائل التشفير المقترحة من لدن مقدم الخدمة، وشروط مرتبطة بالشهادة الالكترونية، تتمثل في القدرة على المحافظة الكترونيا على معلومات الشهادة لإثبات التصديق أمام القضاء.

 وأما بخصوص التزامات مقدمي خدمات المصادقة الالكترونية، فيمكن إدراجها كالتالي:

- الالتزام بالتحقق من أهلية وصفة متسلم الشهادة، وذلك عن طريق مطالبة هذا الاخير، بتقديم وثيقة هوية رسمية تثبت توفره على الاهلية القانونية للالتزام من جهة والصفة التي يدعيها من جهة اخرى، مع ضرورة المحافظة على مميزات ومراجع الوثائق المدلى بها.

- الالتزام بالتأكد وقت تسليم الشهادة من صحة معلومات هذه الأخيرة، ومن المطابقة بين معطيات إنشاء التوقيع ومعطيات التحقق منه التي تتضمنها الشهادة.

- الالتزام بالإخبار، الذي يوجه إما إلى طالب صاحب الشهادة أو إلى الإدارة، ففي مواجهة صاحب الشهادة، يلتزم مقدم خدمة المصادقة بإخباره، قبل إبرام عقد تقديم الخدمة، بطريقة وشروط استعمال الشهادة، وطريقة حل المنازعات وتسوية الخلافات بشأنها، ودعوته إلى تجديدها على الأقل ستين يوما قبل انتهائها، وبتقديم عناصر الاخبار السابقة للأشخاص المعنيين بالشهادة. اما في مواجهة الإدارة يلتزم بإخبارها مسبقا برغبته في إنهاء نشاطه داخل أجل شهرين على الأكثر، مع إمكان استئناف ذات النشاط من مقدم خدمة جديد، يضمن نفس الجودة والسلامة، وإلا ألغيت الشهادات داخل أجل شهرين على الأكثر بعد إخبار أصحابها.

الالتزام بإلغاء الشهادة، ويكون ذلك في حالتين: الأولى تكون في حالة استناد تسليمها إلى معلومات مغلوطة أو مزورة، أو صيرورة معلوماتها غير مطابقة للواقع، أو خرق سرية المعطيات المتعلقة بإنشاء التوقيع، والثانية تكون في حالة أمر من السلطات القضائية يخبر بعدم مطابقة الشهادات المؤمنة للقانون المنظم والنصوص المتخذة لتطبيقه.

الالتزام بإبرام عقد تأمين لتغطية الأضرار الممكن نشوؤها نتيجة الأخطاء المهنية لمقدمي خدمات المصادقة الالكترونية.

بقي أن نشير في الأخير، بعد أن تطرقنا لكيفية اعتماد مقدمي خدمات المصادقة والتزاماتهم، إلى المسؤولية الملقاة على عاتقهم، فقد رتب القانون المذكور أولا مسؤوليتهم عن إفشاء السر المهني، سواء من طرفهم شخصيا أو من طرف مستخدميهم، غير انه لا يطبق الالتزام بكتمان السر المهني، عندما يتعلق الأمر بالسلطات الإدارية وأعوان وخبراء مقدمي الخدمة، وايضا في حالة موافقة صاحب الشهادة على نشر أو تبليغ المعلومات المدلى بها إلى مقدم خدمات المصادقة الالكترونية.

وثانيا مسؤوليتهم في إطار القواعد العادية، عن تهاونهم وقلة كفاءتهم أو قصورهم المهني تجاه المتعاقدين أو في مواجهة الغير.

ثانيا: التزامات صاحب الشهادة الالكترونية

في مقابل التزامات مقدم خدمة المصادقة الالكترونية، فقد قرر المشرع المغربي أيضا مجموعة من الالتزامات تجاه صاحب الشهادة الالكترونية، يمكن إيجازها كالتالي:

التزامه بسرية وتمامية المعطيات المتعلقة بالتوقيع الالكتروني:

فنظرا لأهمية التوقيع الالكتروني في المعاملات الالكترونية، كما سبق معنا، وبالنظر إلى الآثار القانونية التي تترتب عليه سواء في حق صاحب التوقيع أو حق الغير، ألزم المشرع بناء على نص المادة 25 من القانون رقم 53.05، صاحب التوقيع بالحفاظ على سرية وتمامية ذلك التوقيع، واعتبر أن أي استعمال لمعطيات إنشائه صادر من صاحبه وذلك إلى أن يثبت العكس.

إبلاغ مقدم خدمة المصادقة الالكترونية عن أي تغيير للمعلومات التي تتضمنها الشهادة:

ذلك لأن الشهادة الالكترونية لها عدة فوائد منها، أنها تعبر عن شخصية صاحبها، كما أنها تفيد نسبة البيانات الموقع عليها إلى صاحب تلك الشهادة، وبالتالي ألزم المشرع هذا المقتضى، منعا للإضرار بالغير، الذين تعلقت حقوقهم بتلك الشهادة وخاصة الأطراف في عقود التجارة الالكترونية.

طلب إلغاء الشهادة الإلكترونية:

باعتبار أن الشهادة تحمل صفة شخصية لصاحبها، فهو المعني بها أولا وأخيرا، فهي تمثل على حد قول بعض الفقه، جواز السفر أو البطاقة الشخصية أو العائلية لذلك الشخص، وبالتالي يستطيع إلغائها، وبالرجوع للمادة 27 من القانون رقم 53.05، نجد أن المشرع ألزم صاحب الشهادة بطلب إلغائها، في حالتين، تتمثل الأولى، في حالة الشك.

 

 

 

 

الفصل الثاني: سبل تدخل القضاء لتقدير وسائل الاثبات الرقمية في المنازعات العقارية

إن الحق يتجرد من قيمته من الناحية العملية أذا لم يستطع صاحبه أثباته بالطرق التي رسمها القانون، بان يقدم الدليل على ما يدعيه أمام السلطة المختصة والتي عليها تمحيص ما يقدم إليها من أدلة وفقاً للشروط القانونية والفصل في الدعوى اعتمادا على الدليل الذي اقتنعت به، وبذلك فإن كل مدع بالحق وفى سبيل سعيه إلى الوصول إلى ذلك الحق عليه أن يقيم الدليل عليه أمام المحكمة التي تتولى النظر في دعواه، بان يقدم ما لديه من أدلة واقعية ومادية وكتابية ووفقا للوسائل التي حددتها القواعد القانونية المتعلقة بالإثبات.

ويتم تقديم هذا الدليل أمام الجهة القضائية التي تنظر النزاع، والتي تتوفر على العديد من الصلاحيات المهمة من أجل فض النزاع عن طريق تطويع وسائل الإثبات في افق تدليل الحقيقة والكشف عنها.

والنزاعات العقارية سواء تعلقت بالاستحقاق أو الحيازة أو النزاعات العارضة لمطلب التحفيظ والتقييدات اللاحقة لتأسيس الرسم العقاري، هي الأخرى يلعب فيها القضاء دورا مهما في تقدير ادلة الإثبات سواء في سياق ترجيح إحداها عن الأخرى، أو من خلال التثبت من مشروعية الدليل المعتمد من طرف الخصوم، ولذلك منحه القانون مجموعة من الاليات التي تمكنه من فرض رقابته عن الدليل الالكتروني هو الاخر اسوة بالدليل التقليدي (المبحث الأول)، ثم بعد ذلك يقوم القاضي الناظر في النزاع في ترجيح الأدلة المتزاحمة فيما بينها من خلال مجموعة من الأسس النظرية سيتم الوقوف عنها (المبحث الثاني).

المبحث الأول: دور القاضي في الأدلة الرقمية لإثبات لمعاملات العقارية

تطورت أساليب الإثبات القضائي فأصبح هناك تعاونا وثيقا في الإثبات بين القانون والقاضي والخصوم، فالقانون يبين طرق الإثبات ويحدد قيمة كل منها، والقاضي يطبق القواعد التي يقررها القانون في ذلك ويتمتع في تطبيقيا بشيء من حرية التقدير.

ويقف أمام القاضي خصمان كل منهما يدعي الحق وينسبه إلى نفسه وينازع في ادعاء الآخر فيه، والقاضي يفتقر إلى ما يرجع به جانبا على الآخر ويظهر أثر ذلك خاصة إذا كان الحق المتنازع فيه غير مستقر وإنما في وضع مؤرجح بينهما.

أو كان الحق غير ثابت لأحدهما أو كان محل إثبات صعب المنال فإن تكليف أحد طرفين بإثبات حقه هو تهديد له فيه بحيث إذا عجز عن إقامة البينة أو قصر في تهيئة الدليل المقنع أو فشل في الإثبات الكافي، حكم عليه القاضي وسلب الحق منه، ولهذا اقتضت الضرورة توزيع عبء الإثبات بينهما (المطلب الأول).

المطلب الأول: دور القاضي في توزيع عبء الإثبات

يقصد بعبء الإثبات تحديد الخصم الذي يجب عليه إثبات الواقعة المتنازع بشأنها، في نطاق الادعاء يوجد من يدعي ومن يدعى عليه وقد لا يكون الحق ثابتا بطريقة واضحة ظاهرة محددة لأي من هذين الطرفين، وإنما قد يكون الحق متراوحا بينهما ولذلك فإنه يتعين تحديد من يكلف بعبء الإثبات إذ يذهب أغلب الفقه إلى أن عبء الإثبات يتوقف عليه مصير الدعوى ولذلك كانت قواعد عبء  الإثبات هي أولى قواعد الإثبات وأهمها[67]، حيث أن إلقاء عبء الإثبات على أحد الخصمين معناه أن يحكم له أو لخصمه.

وبذلك فالقاضي يمكنه أن يحدد وجهة عبء الإثبات عن طريق السلطة الممنوحة له في القضايا العقارية بخصوص المسائل التي يمكن إثبات عن طريق اليمين التي يوجهها لأحد الخصوم (الفقرة الأولى)، ونفس الأمر يتكرر عندما نعالج مسألة الإثبات في النزاعات القضائية المتعلقة بالتقييد الاحتياطي (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: توزيع عبء الإثبات بين الخصوم في النزاعات العقارية

في البداية لا بد أن نقول إن مبدأ حياد القاضي يعتبر أحد أهم المبادئ الأساسية في مادة الإثبات، حيث يقتصر دور القاضي في الإثبات المدني في المنازعات المدنية بشكل عام والمنازعات العقارية بشكل خاص سلبي، غير أن هذا المبدأ لا يجب أن يفهم منه أن القاضي لا يميل لأحد الخصوم على حساب الاخر، بل هذا أمر مسلم به ويعد من وظائفه الأساسية[68] .

تظهر أهمية تحديد المكلف من الخصوم بعبء الإثبات في الصعوبة العملية التي تكتنف الإثبات سواء في تعذر الحصول على الدليل أو في خضوع هذا الدليل للتفنيد والتشكيك من الطرف الآخر في الخصومة أو في السلطة التقديرية المقررة لمحكمة الموضوع في تقدير دلالة الدليل المقدم على الواقعة محل الإثبات كما هو الحال للشهادة والقرائن القضائية.

كما إن التمييز بين المدعي والمدعى عليه لأمر يبلغ من الأهمية بما كان، إذ أنه قمين بتحديد من يقع عليه عبء الإثبات منهم، وبالتالي يتوجه إليه القاضي بضرورة الإدلاء بصحة ما يدعيه لكي يخلص الى تكوين قناعة تمكنه من إصدار حكم فاصل وعادل في موضوع النزاع. كما أن تحديد من يتحمل عبء الإثبات مسألة قانونية تخضع لرقابة محكمة النقض.

وتحديد من يحمل عبء الإثبات مسألة يجب تناولها من حيث المبدأ ثم من ناحية التطبيق

إن عبء الإثبات من حيث المبدأ يحتكم الى القاعدة الفقهية القائلة بأن البينة على من ادعي والمقررة بمقتضى الفصل 399 من ظ.ل.ع[69]، وهنا يجب التفصيل في مفهوم المدعى على مستوى القواعد الإجرائية والقواعد الموضوعية.

فعلى المستوى الإجرائي فالمدعي هو من يقوم بتسجيل مقال الدعوى، ويبقى مدعيا الى حين صدور الحكم، فإذا تقدم المدعي عليه بمقال مضاد، سمي بدوره مدعيا في هذا المقال، حتى إذا صدر الحكم، اعتبر كل طرف مدعيا ومدعى عليه في نفس الوقت، لوجود دعاوى متقابلة، أما من حيث الموضوع فالأمر مختلف، ذلك أن المدعي ليس هو من يرفع المقال ويحرك الخصومة القضائية، كما أن الطرف الواحد قد يصبح مدعيا في دفع ومدعى عليه في آخر، وبذلك فهو من يجب عليه العمل على تقديم المستندات الرقمية التي تثبت الحق العقاري الذي يدفع باستحقاقه، سواء كان تبعيا أو أصليا.

وبخصوص المسائل العقارية التي تتار امام القضاء في سياق المنازعات العقارية أو المنازعات المرتبطة بالتعرضات العقارية الناجمة عن التحفيظ، فإن المشرع أخد بناصية القاعدة المكرسة بشكل عام في ظ.ل.ع  والمتمثلة في صورة الإثبات بحكم القانون، وذلك من خلال مجموعة من النصوص التي أكدت ضرورة تقديم المدعي للوثائق التي تعزز ادعاءه منها مثلا المتعرض حيت نصت الفصل 25 من ظهير التحفيظ العقاري على ما يلي "... يجب على المتعرضين أن يودعوا السندات والوثائق المثبتة لهويتهم والمدعمة لتعرضهم ويؤدوا الرسوم القضائية وحقوق المرافعة أو يدلوا بما يفيد حصولهم على المساعدة القضائية وذلك قبل انصرام الشهر الموالي لانتهاء أجل التعرض..."

وبذلك فالإثبات امام القضاء يشترط تقديم المتعرض في إطار التعرض القضائي الوثائق والمستندات والحجج التي تعزز مزاعمة سواء فيما يتعلق بحق ملكية على العقار المراد تحفيظه او حق عيني قابل للتقييد بالرسم العقاري المراد تأسيسه، كما نص بذلك الفصل 24 من ظ.ت.ع[70] .

وما تجدر الإشارة إليه هو أن المحكمة لا تقضي بوجود التحفيظ من عدمه وإنما تكتفي بالبت في وجود الحق ومداه.

وهذا المقتضى كرسه القضاء المغربي على مستوياته المختلفة، بداية بقضاء محكمة النقض في قرارا لها  جاء فيه "المتعرض يحمل صفة مدعي وعلى كاهله يقع عبء الإثبات"[71] ، وهو ما سارت على هديه العديد من المحاكم[72] منها ابتدائية الراشيدية في قرار لها في ملف عدد 51/1403/2014 بتاريخ 30/12/2015، جاء فيه ما يلي "إن المتعرض في مطلب التحفيظ الذي يعتبر في مركز المدعي الذي يقع عليه عبء إثبات مزاعمه"، بخلاف طالب التحفيظ الذي يكون من حيث المبدأ معفي من الإثبات اللهم إذا أثبت المتعرض حقه بدلائل قوية، حيث في هذا الصدد يجب على طالب التحفيظ المدعى عليه أن يدحضها بدلائل قوية.

ويمكن للأطراف استئناف حكم المحكمة الابتدائية حيث يحال الملف على كتابة الضبط ليعمد بعد ذلك الرئيس الأول تعيين مستشار مقرر ليتولى القيام بإجراءات الفصل في النزاع ويمنع على الأطراف في هذه المرحلة أن يتقدموا بأي طلب جديد كما أن التحقيق الذي ينجزه المستشار المقرر يقتصر على النزاعات التي آثارها مطلب التحفيظ في المرحلة الابتدائية.

وبناء على ما سبق، فإن الأصل في الحقوق الشخصية أي الالتزامات هو براءة الذمة من أي التزام ومن تم فإن من يدعي بخلاف الظاهر ويدعي دينا على أحد الخصوم يكون مدعيا لخلاف الثابت أصلا وبالتالي يتعين عليه إقامة الدليل علة ما يدعيه، لكن في المنازعات العقارية والحقوق العينية فإن الأصل فيها هو احترام الوضع الثابت نظرا لكون الحق العيني هو سلطة مباشرة على شيء معين، وبالتالي من يعدي خلاف ذلك وجب عليه أن يثبت ما يدعيه وهو ما أكدت عليه مدونة الحقوق العينية في المادة 242 والتي جاء فيها ما يلي " لا يكلف الحائز ببيان وجه مدخله إلا إذا أدلى المدعي بحجة على دعواه"[73].

وعليه من يريد أن يثبت حقا عقاريا وجب عليه أن يتوفر على مستند رسمي تتوفر فيه كل الشروط القانونية التي سبق أن وقفنا عليها بنوع من التفصيل، سواء كانت وثائق الكترونية أو مراسلات رقمية أو توقيعا رقميا.

الفقرة الثانية: التقييدات القضائية المؤقتة واثباتها عن طريق السند الرقمي

يعد الإشهار العقاري من أفضل ما أفرزته الصياغة التشريعية كنظام يكفل للعقار حماية قانونية في مواجهة الأطراف المتعاملين بشأنه، وكذا في مواجهة الأغيار محققا بذلك الاطمئنان إلى البيانات الواردة بالرسوم العقارية.

 إذا كان للتسجيل بالرسم العقاري أثر إنشائي للحق بين الأطراف والغير، فإن هناك تقييدات مؤقتة تكتسي أهمية بالغة في القانون العقاري أوجب إشهارها في الرسم العقاري من أجل حفاظ أصحابها على مراكزهم القانونية وكذا من أجل ضمان استيفاء حقوقهم في مواجهة الأطراف والغير.

وتتنوع هذه التقييدات المؤقتة حسب الحق الذي ترمي إلى ضمانه أهو حق شخصي أم عيني حيث إن الحجز العقاري سواء منه التحفظي أو التنفيذي يضمن استيفاء الحق الشخصي للدائن تجاه مدينه كما يمنع من إجراء أي تسجيل جديد على العقار المحجور، أما بالنسبة للتقييد الاحتياطي، فهو شرع أساسا من أجل أن يضمن مؤقتا الحق العيني الوارد على الرسم العقاري المتعلق به [74].

كما إن للتقييد الاحتياطي دور هام في حماية الحقوق الغير القابلة للتسجيلات النهائية، بواسطته يقع إشهار أولي وتحفظي للحق المزمع تسجيله بعد رفع الإشكال الحائل دون التقييد حاليا، الغاية منه المحافظة المؤقتة إما على حق موجود لكن منازع فيه وينتظر من القضاء أن يعطي كلمته وإما حق تعذر استكماله لتأخر توفره على شكلية من الشكليات.

وبخصوص دور القاضي في التقييدات الاحتياطية، فإنه ينهض على مستوى وسائل الإثبات عند المنازعة في الحق موضوع التقييد حيت يتمتع بسلطات واسعة في هذا المضمار تتمثل في مراقبة مدى طلبات التقييد على المستندات والوثائق التي تثبت الحقوق المراد تقييدها احتياطيا، حيت نجد الفصل 65 من ظ.ت.ع الذي جاء فيه ما يلي " يجب على كل شخص يطلب تقييدا أو بيانا أو تقييدا احتياطيا بالرسم العقاري أن يقدم للمحافظ على الأملاك العقارية طلبا مؤرخا وموقعا من طرفه أو من طرف المحافظ في حالة جهله أو عجزه عن التوقيع. يجب أن يتضمن هذا الطلب بيان وتعيين ما يلي: ...

  1. أصل التملك وكذا نوع وتاريخ العقد الذي يثبته؛

...".

وبذلك فحسب مقتضيات الفصل السالف ابرازه يمكن القول ان القضاء يراقب في إطار دعوة البطلان المرفوعة ضد التقييد الاحتياطي الذي لم يحترم الشكليات المقررة قانوننا مدى اهتداء المحافظ للأملاك العقارية لأصل الحق المراد تقييده لضمان حق الرتبة الذي يمنحها هذا النظام.

وبذلك فتقييد الحق في إطار الدعاوى التي ترفع للمحكمة تمنح القاضي صلاحية مراقبة الوسائل المستدل بها من أجل تعزيز الحق العيني الواجب تقييده، سيما أن الحق العيني الواجب تقييده يجب أن يكون واردا على عقار محفظ[75].

وبذلك فالمحكمة يتعين عليها كلما ثبت لها أن طلب التقييد الاحتياطي قدم بصفة تعسفية أو كيدية أو عن سوء نية، أن تقضي تلقائيا لفائدة الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية بغرامة مدنية لا يقل مبلغها عن عشرة في المائة من قيمة العقار أو الحق المدعى به، والكل دون المساس بحق الأطراف المتضررة في المطالبة بالتعويض، وهو ما يمنحها صلاحية في تقدير مدى جدية وسائل الإثبات المعتمدة من قبل الطرف الطالب للتقييد.

المطلب الثاني: دور القاضي في تقدير وسائل الإثبات

انطلاقا من خصائص الإثبات المختلط وما يخوله للقاضي من صلاحيات تمكنه من التعامل بمرونة مع القضية المعروضة عليه، وتمكنه من تجاوز جمود النص القانوني الذي قد يكون في بعض الأحيان قاصرا أو عائقا أمام إنتاج الحقائق القضائية في انسجام مع الحقائق الواقعية، فقد أجاز المشرع للقاضي المساهمة على وجه الاستثناء في جمع الأدلة[76] ، وهو ما ينص عليه المشرع في مقتضى الفصل 71 من ق.م.م الذي جاء فيه "يجوز الأمر بالبحث في شأن الوقائع التي يمكن معاينتها من طرف الشهود والتي يبدو التثبت منها مقبولا ومقيدا في تحقيق الدعوى".

وقد أكد الفصل 55 من ق.م.م هو الآخر على هذا الاستثناء "يمكن للقاضي بناء على طلب الأطراف أو أحدهم أو تلقائيا أن يأمر قبل البت في جوهر الدعوى بإجراء خبرة أو وقوف على عين المكان أو بحث أو تحقيق خطوط أو أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق".

وقد عبر عن ذلك الفصل 143 من ق م م الفرنسي بقوله إن الوقائع التي يتوقف عليها حل النزاع يمكن أن تكون بناء على طلب الأطراف أو تلقائيا محل جميع إجراءات التحقيق الجائز قبولها قانونا.

فانطلاقا مما سبق يتضح أن للقاضي صلاحيات مهمة في المنازعات العقارية فيما يتعلق بتقدير حجية وسائل الإثبات الالكتروني سواء من خلال اللجوء إلى اليمين القانونية (الفقرة الأولى)، أو عن طريق دعوى الزور الفرعي (الفقرة الثانية)، أو عن طريق تحقيق الخطوط (الفقرة الثالثة).

الفقرة الأولى: اليمين

اليمين في القضاء يراد بها تقوية أحد طرفي الخبر في الادعاء (الإثبات أو النفي) بالصيغة التي تقررها المحكمة وفق وقائع الدعوى، وتكون تأدية اليمين بأن يقول الحالف (أقسم) ويؤدي الصيغة التي أقرتها المحكمة.

وإذا كنا أمام اليمين القانونية القضائية التي تدخل في نطاق الإثبات وإقامة الدليل أمام المحاكمة والتي تفيد الكشف عن الحق المتنازع فيه ويشترط فيها أن تكون منصبة على وقائع الدعوى المطلوب الحلف عليها، ويشترط في هذه اليمين أيضا أن تكون في صيغتها التي أقرتها المحكمة موجهة على مصدر الحق الذي نشأ عنه الالتزام، فهي إما أن تكون منصبة على تصرف قانوني قام به الخصم ونشأ عنه الحق المطالب به، وإما أن تكون على واقعة قانونية معلومة للخصم وبالحق الذي نشأ عنها.

واليمين القضائي في موضوع الإثبات نوعان، حاسمة ومكملة والتي يلعب فيها القاضي دوره الطلائعي في تقدير السندات الرقمية المستدل بها هي اليمين المتممة، ولكن تجدر الإشارة إلى أن اليمين الحاسمة هي الأخرى تلعب دورا مهما في حسم النزاع لفائدة أحد الخصوم رغم انها ملك لهما، لكن يبقى للقاضي فيها دور مهم لتطويع الدليل من أجل تذليل الحقيقة بحيث يمكنه رفضها إذا كانت في الأصل غير منتجة في الدعوى، لكن اليمين المتممة هي التي يوجهها القاضي من تلقاء نفسه إلى أي أطراف الخصومة في الدعوى بغرض اتمام اقتناعه بقرينة معينة، وهذه اليمين المتممة لا أثر لها، لأن القاضي له أن يأخذ بها وله ان يلتفت عنها حتى بعد قيام الخصم بحلف اليمين. ومن المعلوم أن للخصم أن يحلف اليمين المتممة إذا طلبها القاضي وله أن يمتنع عن أداء اليمين، حيث لا يتقرر حتما بأدائها أو النكول عنها حسم النزاع إيجابيا أو سلبيا[77].

إذا هي ليست صلحا ولا حتى تصرفا قانونياً أو دليلاً إنما هي إجراء يتخذه القاضي رغبة منه في تحري الحقيقة والاحتكام إلى ذمة أحد الخصوم الذي قدم دليلا غير كاملا.

ويشترط في توجيه اليمين الا يكون في الدعوى دليل كامل والا تكون الدعوى خالية من أي دليل.

الشرط الاول الا يكون في الدعوى دليل كامل، وتحلف اليمين المتممة من اجل استكمال الدليل الناقص وامر تحليفها متروك لتقدير قاضي الموضوع، والا تكون الدعوى خالية من أي دليل وهذا هو الشرط الثاني.

ومن اثار اليمين المتممة ولكونها حق للقاضي فإنه يمكن له الرجوع عنها مادامت هناك ادلة أخرى يمكن أن يقدمها الخصوم لإثبات مزاعمهم منها مثلا حجة رقمية من الخصم لدحض حجة الخصم الذي وجهت له اليمين المتممة.

فهذه اليمين لا تكمل الحجة الناقصة، وإنما تكمل النصاب إذا عجزت الحجة عن تمامه وفي هذا الصدد ورد في قرار لمحكمة النقض جاء في حيثياته ما يلي "لأن اليمين المكملة لا تجبر الخلل والنقض الحاصل في الحجة إذا كانت الحجة باطلة وغير معتبرة شرعا وإنما تكمل النصاب اذا عجزت الحجة عن تمامه إذا أقيمت بشاهد واحد وستة من اللفيف في الدعاوي المالية والآئلة الى المال"[78].

الفقرة الثانية: رقابة القاضي للدفع بزورية السند الرقمي

كما رأينا تعتبر الدعاوى القضائية المجال الخصب والطبيعي للمقارعة بين الأدلة، ففيها يتهافت كل طرف من أطرافها للإدلاء بما له من أدلة وحجج طمعا في إقناع القضاء بصحة ادعائه والاستئثار بموضوع الدعوى، فيسعى جاهدا إلى طرح أقوى ما لديه من أدلة ورد أقوى ما لدى خصمه، ولما كانت الكتابة الرقمية هي أقوى أدلة اثبات المعاملات العقارية على الإطلاق، فإن السعي إلى هدم قوتها والنيل من حجية الدليل الكتابي يعد أبرز مظاهر سعي الأطراف إلى رد أدلة الخصم، وأهم تجليات مساهمتهم في تحقيق الدعوى.

هذا، وان تحقيق غاية هدم الدليل الكتابي المدلى به في الدعوى المدنية خاصة ورده على صاحبه يبدو صعب المنال دون سلوك الطريق المحدد قانونا لذلك إما في القوانين الموضوعية أو الإجرائية المنظمة لأدلة الإثبات الكتابية وهي أساسا في قانون الالتزامات والعقود وقانون المسطرة المدنية. هذه المقتضيات منحت كذلك للقاضي صلاحية مناقشة الدليل المستدل به والتثبت من صحته وقوته من خلال دعوى الزور الفرعية.

وتعتبر دعوى الزور الفرعي من الاليات القانونية التي تمكن القاضي من بسط رقابته على المستندات الرقمية التي يعتمدها الخصوم لإثبات مزاعمهم، وقد نص عليها المشرع في الفصل 92 من ق.م.م الذي جاء فيه " إذا طعن أحد الأطراف أثناء سريان الدعوى في أحد المستندات المقدمة بالزور الفرعي صرف القاضي النظر عن ذلك إذا رأى أن الفصل في الدعوى لا يتوقف على هذا المستند.

إذا كان الأمر بخلاف ذلك أنذر القاضي الطرف الذي قدمها ليصرح بما إذا كان يريد استعمالها أم لا.

إذا صرح الطرف بعد إنذاره أنه يتخلى عن استعمال المستند المطعون فيه بالزور الفرعي أولم يصرح بشيء بعد ثمانية أيام نحي المستند من الدعوى".

ولذلك فللقاضي مجموعة من الصلاحيات التي يباشرها من خلال الزور الفرعي والتي تعكس رقابته على الوثيقة الرسمية منها أنه يجب أن تكون دعوى الزور مجدية في النزاع، ومعنى ذلك أن حسم النزاع متوقف على تلك الوثيقة الالكترونية المعدة للإثبات، ونقصد بالورقة الرقمية هنا الأوراق الرسمية فقط، دون الأوراق الرقمية العرفية والتي يمكن أن تكون موضوع تحقيق خطوط، وهو ما أكده القضاء المغربي في قرار له على مستوى محكمة النقض جاء فيه ما يلي "إذا طعن احد الأطراف في أحد المستندات المقدمة في الدعوى بالزور الفرعي، صرفت المحكمة النظر عن ذلك إذا رأت أن الفصل في القضية لا يتوقف على المستند المطعون فيه [79]"

كما أن تقدير ما إذا كان الادعاء بالزور الفرعي في موضوع الدعوى منتج هو مسألة يستقل بها القاضي الناظر في النزاع ولا رقابة لمحكمة النقض عليه في هذا الصدد، وبذلك فيحق له مناقشة الوثيقة الرقمية كما يمكنه أن يستعيض عن ذلك، وهو أمر أكده قضاء المغرب في عديد المرات، منها ما قضت به محكمة النقض الذي جاء فيه ما يلي "...حيث صح ما عاب به الطالب القرار المطعون فيه، ذلك أنه صرف النظر عن دعوى الزور الفرعي في رسم الملكية، ومع ذلك اعتمدهما في الاثبات رغم تمسك الطالب بالزور الفرعي مما يكون معه مشوبا بخرق الفصل 92 من ق.م.م"[80] .

وبعدما يتبين للقاضي أن الوثيقة المستدل بها منتجة وهناك منازعة جدية بأن تكون مزورة يقوم حينئذ بمجموعة من الإجراءات وقد تم التنصيص عليها في المادتين 92 و93 من قانون المسطرة المدنية، على رأسهاـ توجيه إندار لمستعمل الوثيقة الرقمية، حيث بعد حسم المحكمة موقفها من إنتاجية الوثيقة الرقمية المطعون فيها في إطار الدعوى الأصلية، تكون ملزمة بتوجيه انذار الى الخصم مستعمل لهاته الورقة ليعبر عما إذا كان ينوي استعمال هاته الورقة أو أنه يتنازل عن ذلك، وهو ما أكدته محكمة النقض في أحد قراراتها الذي جاء فيه ما يلي "...محكمة الاستئناف التي نشرت العوى امامها من جديد لما ظهر لها عكس ما انتهت اليه المحكمة الابتدائية واقتنعت بان الرسم المطعون فيه يتوقف عليه الفصل في النزاع كان عليها أن تنذر بصفة قانونية من استدل به ليصرح بما إذا كان يريد استعماله أم لا ..."[81] .

وتجدر الإشارة بأن الدعوى الخاصة بالزور في محرر توثيقي يفرض على المحكمة أو هيئة التحقيق الأمر بإجراء تحقيق على الوثيقة موضوع الطعن بالتزوير للتأكد من حصوله أو عدمه، ما لم يعترف العدلان أو الغير بارتكاب عملية التزوير أو يوجد شهود يشهدون بذلك خاصة عندما يتعلق الأمر بالتزوير المعنوي.

الفقرة الثالثة: دور القاضي في إنكار الخط أو التوقيع في السند الرقمي

نظم المشرع المغربي تحقيق الخطوط بموجب نصوص قانون المسطرة المدنية، بحيث نص الفصل 89 على ما يلي "إذا أنكر خصم ما نسب إليه من كتابة أو توقيع أو صرح بأنه لا يعترف بما ينسب إلى الغير أمكن للقاضي صرف النظر عن ذلك إن رأى أنه غير ذي فائدة في الفصل في النزاع.

إذا كان الأمر بخلاف ذلك فإنه يؤشر بتوقيعه على المستند ويأمر بتحقيق الخطوط بالسندات أو بشهادة الشهود أو بواسطة خبير عند الاقتضاء. تطبق القواعد المقررة بالنسبة إلى الأبحاث والخبرة في تحقيق الخطوط"، وكذلك الفصل 431 من ق.ل.ع الذي جاء فيه ما يلي "يجب على من لا يريد الاعتراف بالورقة العرفية التي يحتج بها عليه، أن ينكر صراحة خطه أو توقيعه، فإن لم يفعل اعتبرت الورقة معترفا بها". وهو

وتحقيق الخطوط لا يمكن تصوره إلا في الوثيقة الرقمية المحررة عرفيا [82] التي لم يقع الاعتراف بها من طرف الخصم[83]، دون الوثيقة الرسمية التي تخضع لمسطرة الزور الفرعي، التي سبق لنا أن توقفنا عندها.

وبخصوص المستندات الرقمية فكما هو مبين أعلاه، فهي إما رسمية أو عرفية، وهذا الأمر تأكد بموجب قانون الالتزامات والعقود، وبذلك فالعقود الرقمية العرفية يمكن أن تكون موضوعا لهاته المسطرة التي نظم احكامها المشرع بمجموعة من الفصول أبرزها 89 و90 و91 من ق.ل.ع.

فمن خلال هذا الفصل يتضح لنا أن إنكار الخصم لما نسب إليه من كتابة الوثيقة المدلى بها ضده أو بتوقيعه عليها وتمسك بها من قدمها بعد إنذاره من طرف القاضي، وقع هذا الأخير على الوثيقة وأمر بتحقيق خط هذه الوثيقة، أو التوقيع عليها بعد أن يؤشر القاضي المقرر أو القاضي المكلف بالقضية على هذه المستنتجات كي لا يقع استبدالها بأخرى، ومضاهاتها بمكتوبات أخرى للمنسوبة إليه الوثيقة ومقارنة توقيعه بعدة توقيعات أخرى يؤمر بها من طرف القاضي، أو من طرف الخبير في الخطوط الذي يعينه القاضي لذلك.

وإذا ثبت من تحقيق الخطوط صحة توقيع المستند أو من طرف من أنكره اعتبر السند صحيحا، وحكم على المنكر بغرامة من مائة إلى ثلاثمائة درهم لفائدة الخزينة، دون أن يمنع هذا الحكم من إقامة دعوى التعويض التي يمكن لمقدم الوثيقة والمستفيد منها أن يقيمها.

وإذا لم يثبت أن الخط أو التوقيع له، اعتبرت الوثيقة لاغية بالنسبة لهذه القضية وأبعدت من الملف، واعتبرت كأن لم تكن[84]، وفي هذا الصدد ذهب القضاء المغربي في إحدى قراراته، أنه إذا أنكر الخصم توقيعه على الكمبيالة المطلوبة منه أداء قيمتها، وأكد هذا الإنكار بتوكيل خاص إلى محاميه مشهود على إمضائه، ولم تقم المحكمة بمسطرة التحقيق الخطوط بعلة أن الدعوى لم توجه ضد شخص معين تكون قد خرقت مقتضيات الفصول 89 و 92 من قانون المسطرة المدنية وعرضت قضاءها للنقض.

 والملاحظ من خلال هذا القرار أن تحقيق الخطوط هو إجراء مهم يجب أن تآمر فيه المحكمة خصوصا إذا تعلق بوثيقة رقمية هي موضوع النزاع أو التي ستؤدي إلى الفصل فيه، وعموما فتحقيق الخطوط هو إجراء مهم لا يجب على المحكمة أن تغض الطرف عنه وإلا تعرض قضاءها للنقض.

وهو ما أكده القضاء المغربي في قرار له على مستوى محكمة النقض بتاريخ 25 مارس 2014 إذ جاء فيه ما يلي "بناء على الفصل 431 من ق.ل.ع وبمقتضاه يجب على من لا يريد الاعتراف بالورقة العرفية التي يحتج بها عليه أن ينكر صراحة خطه أو توقعه وإلا اعتبرت غير معترف بها وللورثة أن يقتصروا على التصريح بأنهم لا يعرفون خط أو توقيع من تلقوا الحق منه.

وبناء على الفصل 89 من ق.م.م وبمقتضاه إذا صرح خصم بأنه لا يعترف بما نسب إلى الغير من كتابة أو توقيع أمكن للقاضي صرف النظر عن ذلك إن رأى أنه غير ذي فائدة في الفصل في النزاع، وإذا كان الأمر بخلاف ذلك فإنه يأمر بتحقيق الخطوط بالسندات أو بشهادة الشهود او بخبرة"[85] .

وبهذا يمكن القول إن القاضي لديه العديد من الصلاحيات التي يمكن أن يفعلها من أجل تقدير المستندات الرقمية في إطار المنازعات العقارية التي تستعمل فيها هاته الوثائق.

المبحث الثاني: دور القاضي في الترجيح بين الأدلة الرقمية

عموما تعتبر الملكية العقارية المجال الخصب لنشوب العديد من النزاعات بين الأفراد، سواء تعلق الأمر بالعقار المحفظ أو في طور التحفيظ أو العقار غير المحفظ، وكل نمط من هذه الدعاوى يجب تأييده بالموجبات القانونية اللازمة، واثبات الحق المطالب به بالبينة الشرعية الدالة عليه دلالة نافية للجهالة، لأن الحق من الناحية القانونية يعتبر موجودا بوجود ما يثبته، ويعتبر غير قائم بانعدام ما يثبته.

فإذا كان العقار المحفظ لا يطرح إشكالا كبيرا ما دام إثباته الأخذ في هذا الإطار بالسجلات العقارية يسهل من عمل القضاء في فض النزاع، سيما ان العقارات المحفظة تقوم على مبدأ العينية القاضي بأن كل ما ضمن بالرسم العقاري فهو حجة قطعية على ما يثبه[86] .

غير أنه عادة ما يدلي كلا الطرفين المتخاصمين أمام القضاء بوثائق وحجج تثبت صحة ادعاءاته وتفند ادعاءات خصمه، وفي هذه الحالة قد يصعب في كثير من الأحيان على القاضي العقاري الفصل في النزاع المعروض عليه، نتيجة وجود تعارض بين حجج المتنازعين، مما يقضي معه بالنسبة للقاضي ضرورة ترجيح إحدى تلك الحجج على غيرها والحكم بموجبه لصالح أحد طرفي النزاع [87].

ومن هنا ظهرت الحاجة لإيجاد اليات قانونية يتم بموجبها ترجيح أحد الأدلة على حساب الاخر، وهو نفس الأمر بالنسبة للدليل الرقمي الذي يخضع لهاته الوضعيات ما دام التشريع المغربي لم يحدده بقواعد خاصة تراعي خصوصيته.

وعليه سنحاول بسط قواعد الترجيح التي جاء بها الاجتهاد القضائي المغربي في إطار المبادئ المستقرة للمذهب المالكي ومدى إمكانية اعمالها على المستندات الرقمية (المطلب الثاني)، لكن قبل ذلك لابد من الوقوف عن الضوابط التي يعمل بها القاضي العقاري لترجيح الدليل الرقمي (المطلب الأول).

المطلب الأول: الإطار العام للتعارض في ترجيح الأدلة الرقمية

تبنى مشرع مدونة الحقوق العينية القاعدة الذهبية في مجال الترجيح بين الحجج، ذلك أن هذ الأخير لا يصار إليه إلا عند تعارض حجج الأطراف، دون تعارضها المؤدي إلى سقوط الدعوى حينما تتعارض حجج الطرف نفسه، فيؤدي ذلك إلى عدم قبول دعواه، فدراسة قواعد الترجيح تقتضي الإلمام ابتداء بتوفر مجموعة من الشروط للجوء إلى الترجيح، منها ما يرتبط بها وجودا وعدما، بحيث إذا لم توجد هذه الشروط فلا مجال للحديث عته كما الشأن بالنسبة لتحقق التعارض (الفقرة الأولى)، ومنها ما يرتبط بدفع هذا التعارض إما عن طريق الجمع أو الإسقاط وهو ما سنتناوله في (الفقرة الثانية)

الفقرة الأولى: مفهوم التعارض في ميدان الاثبات الرقمي وشروطه

 إذا كانت قواعد الفقه المالكي تقضي أن الترجيح بين الحجج لا يصار إليه إلا عند تعارضها، وأن المبرر لإعمال قواعد الترجيح هو تعارض الحجج، فماذا يقصد بالتعارض في ميدان الإثبات؟

التعارض في اللغة يقول بشأنه ابن منظور "عارض الشيء بالشيء معارضة أي قابله، وعارضت كتابي أي قابلته، وفلان يعارضني أي يباريني، ويقصد بالمعارضة المقابلة"[88].

ومن معانيه كذلك عدة مرادفات تتقارب ومعنى التقابل، منها على وجه التحديد التمانع، حيت يقال سرت فعرض له الطريق عارض من جبل ونحود أي مانه يمنعه من المضي، وسميت اعتراضات الفقهاء بذلك لأنها تمنع من التمسك بالدليل[89].

ثانيا: التعارض اصطلاحا يعرفه البعض بأنه: هو التقابل بين الحجتين المتساويتين على وجه توجب كل واحدة منهما ما توجبه الأخرى أن الدليل يتضمن عكس الآخر في واقعة معينة واحدة ينشأ بينهما التباين[90].

كما عرفه الدكتور محمد الزحيلي تعريفا في منتهى الوضوح والشمول، حيث بين أن تعارض البينات هو" أن يقدم كل طرف في الخصومة دليلا يؤيد دعواه، وينفي دعوى الآخر، بحيث لو انفرد دليل أحدهما لحكم له به "[91] .

فبقوله أن يقدم كل طرف فقد وسع من دائرة الأطراف ولم يحصر الخصومة في طرفين فقط، لأنه قد تكون بين ثلاثة فأكثر، إلى جانب شموله لكل دليل يبين صحة الدعوى من شهادة وغيرها من البينات الأخرى[92].

 فالتعارض إذن هو أن يدلي أحد الأطراف بحجة مخالفة لما أدلى به الطرف الآخر كما إن أدلى أحدهما بحجة تثبت ملكية شيء ما، وأدلى الآخر بحجة تنفي هذه الملكية.

الفقرة الثانية: شروط التعارض

إن إعمال الترجيح بين السندات الرقمية المدلى بها في موضوع النزاع العقاري يقتضي أولا وقبل كل شيء مراقبة هاته السندات ومدى توفرها على الشروط المتطلبة شرعا وقانونا، منها ما يتصل بالحجة نفسها من حيث وجوب كونها صحيحة، ومنها ما يتعلق بمضمونها، بحيث يكون التقابل بينها على وجه توجب كل واحدة منها عكس ما توجبه الأخرى[93] ، ويمكن إجمال هذه الشروط في صحة الحجج المقدمة من طرف الأطراف (أ) وعدم تعارضها (ب).

أ: صحة الحجج

 لا يمكن للقاضي أن يلجأ إلى الترجيح للفصل في النزاع إلا إذا كانت الأدلة محل التجريح صحيحة شكلا وموضوعا، أما إذا اختل شرط جوهري في الدليل الرقمي المدلى به اعتبر باطلا وجب استبعاده، ومن ثم لا مجال لترجيحه على غيره[94] ، وقد أكد قرار للمجلس الأعلى (محكمة النقض) " أن المحكمة لا تلجأ إلى قواعد الترجيح بين الحجج إلا عندما تكون حجج الطرفين مستوفية للشروط المتطلبة شرعا ومنطبقة على أرض النزاع"[95] .

وقد جاء في قرار لمحكمة النقض على أنه"...لا تناقش حجة طالب التحفيظ إلا بعد إدلاء المتعرض بحجة مقبولة شرعا..."[96] ، كما جاء أيضا في قرار لمحكمة النقض " لا يلجأ لترجيح الحجج بتطبيق الرسوم على محل النزاع إلا عند توفر البينات على الشروط الشرعية المقررة شرعا للاعتداد بها"[97] .

والحجة الباطلة هي الحجة التي لا تتوفر فيها الشروط المستلزمة شرعا وقانونا لإقامتها، كما هو الشأن بالنسبة للإدلاء برسم ملكية حديث أي منجز بعد دخول مدونة الحقوق العينية غير محترم لشكلية المادة الرابعة من المدونة، فلا هو بعقد رسمي محرر من طرف موثق عصري خاضع للقانون، ولا من طرف العدول الخاضعين لقانون خطة العادلة[98] ، ولا بالمحرر العرفي ثابت التاريخ المحرر من طرف المحامي المقبول للترافع أمام محكمة النقض، فوثيقة الملكية المدلى بها في حكم العدم نظرا لبطلانها، بخلاف الحجة المدلى بها من طرف الخصم والتي سترجحها حتما.

وعليه فالحجج المخلة بأحد الشروط الشكلية التي تقتضيها قواعد التوثيق فكثيرا ما تستبعدها المحكمة، إذ حين يلجأ إلى تقنية الترجيح وجب أن يستند القاضي لحل النزاع على وثائق واضحة الألفاظ والمعاني والتي من شأنها ضبط الحق الذي تشهد به والدلالة عليه، وهو ما ظلت محاكم الموضوع تؤكد عليه، حيث جاء في حكم ابتدائية الدار البيضاء أنه، "حيث إن رسم التركة المستدل به فضلا على أنه لا يتوفر على شروط الملك فهو لا يلزم من ليس طرفا فيه وبالتالي لا يرقى إلى درجة اعتباره سند تملك المتعرض وبالتالي يتعين التصريح بعدم صحة التعرض"[99] .

وبذلك فصحة المستند الرقمي وصلاحية تحريره من الجهة التي حررته من الأمور الأساسية التي وجب الاهتداء إليها

ب: أن يكون هناك تعارض بين الحجج مع عدم إمكانية الجمع بينها

إن الترجيح لا يتم اعتماده إلا إذا وقع تعارض بين الحجج، والمقصود بالحجج المتعارضة، تلك الحجج التي تتضمن إحداها عكس ما تتضمنه الأخرى في واقعة واحدة الشيء الذي ينشئ بينها التباين، وهو ما نصت عليه الفقرة الثالثة من المادة 3 من مدونة الحقوق العينية "...إذا تعارضت البينات المدلى بها لإثبات ملكية عقار أو حق عيني على عقار، وكان الجمع بينها غير ممكن، فإنه يعمل بقواعد الترجيح بين الأدلة"[100] .

فكلما تبين للمحكمة أن هناك تعارض بين الحجج وجب على المحكمة مناقشتها وتوضيح المسالك التي اعتمدتها للترجيح، هذه المسالك التي تعد قواعد رئيسة عند الفقهاء للخروج من التعارض، ففي الحالة التي يتعارض فيها طريقان من طرق الإثبات، فإنه ينبغي للخروج من هذا التعارض سلوك إحدى مسالك الترجيح مثل الجمع، الترجيح والتساقط[101] .

وبذلك فمثلا إذا قام طرف في نزاع عقاري بتقديم وثيقة رقمية ترجح حقه بخصوص الملكية واخر حجة رقمية تم صرح الخبير بأن إحدى الحجج لا تنطبق على الحق موضوع النزاع، وهذا الأمر أكده القضاء المغربي في قرار صادر عن استئنافية تازة جاء فيه ما يلي " لا مجال لمناقشة ترجيح الطرفين ... طالما أن الخبير أشار إلى أن حجة المدعي عليه تنطبق عليه دون حجة المدعي إذ أن الترجيح لما ذكر يصح لو انطبقت عليه الحجتين معا"[102] .

وهناك أمر لابد أن نشير إليه، وهو ان إعمال الترجيح يقتضي أن تكون الوثائق محل الترجيح لها نفس القوة الإثباتية، ومن نفس النوع، وكذلك متساوية، وهذا ما أكده قضاء محكمة النقض في قرار له، ورد فيه ما يلي "عن التعارض المقصود فقها هو التعارض اللاحق بحجج من نفس النوع والصنف والقوة الإثباتية وأن حجج الطرفين لا علاقة نوعية بينهما"[103] وبذلك فإذا استدل طرف بحجة رقمية رسمية فالطرف الاخر يجب ان تكون حجته الرقمية رسمية هي الأخرى لإعمال التعارض.

وهو ما أيده قرار اخر جاء فيه ما يلي "لا يلجأ إلى الترجيح إلا إذا تساوت البينات في قوتها الثبوتية ولو انطبقت على محل النزاع"[104] .

 الفقرة الثانية: طرق دفع التعارض بين السندات الرقمية

 إن القضاء لما يجد نفسه أمام حجتين رقميتين أو أكثر في قضية واحدة ويظهر له أنها متعارضة فيكون ملزما بإزالة هذا التعارض فإما أن يعمل على الجمع بين هاته السندات الرقمية، وهي مرحلة ما قبل الترجيح، الهدف منها إعمال جميع الحجج مادامت عاملة الإثبات، إذ أن القاعدة هي استعمال الحجة الرقمية أولى من إهمالها (أولا)، وإذ تعذر عليه ذلك انتقل الى الخطوة الثانية وهي الترجيح بين البنيات، فإن تأتى للمحكمة ذلك فصلت في النزاع، وإلا انتقلت إلى الخطوة الأخيرة وهي إسقاط هذه البنيات (ثانيا).

أولا: الجمع بين البينات والحجج

 يعتبر الجمع بين الحجج وسيلة وضعها الفق [105]ه بين يدي القاضي لمساعدته على الحسم في النوازل، وذلك عندما تعرض أمامه بينتان أو أكثر في النزاع الواحد، بحيث يكون عليه البحث في إمكان الجمع بين البينات من عدمه، فإن تيسر له ذلك عمل بالحجج جميعا، إذ أن الجمع مقدم على الترجيح، فكلما أمكن الجمع وزال التعارض امتنع الترجيح.

والمقصود بالجمع هو العمل بالبنتين المتعارضين في جميع ما شهدتا به، فيعمل بهما وكأنا لا تعارض بينهما، ويحكم بما شهدت به كل منهما دون تصرف فيهما أو في واحدة منها، لا بترجيح أو إسقاط. ومضمون هذه الطريقة أن يجد القاضي المقرر في الملف حجتين لهما نفس القوة الثبوتية، لكن تشهد كل واحدة منهما بضد ما تشهد به الأخرى، وكل واحدة منهما أيضا تقتضي حكما يخالف ما تقتضيه الحجة الأخرى.

ومن ثم وجب البحث عن محاولة الجمع بينهما إن أمكن ذلك، وإلى هذه القاعدة أشار الشيخ خليل بقوله وإن أمكن الجمع بين البينتين جمع.

ومثال ذلك أن يدلي أحد الورثة بإراثة تحصرهم في عدد معين. ويدلي الآخر بإراثة تحصر عدد الورثة في عدد مختلف، فهنا يجمع بين الإرادتين، ويحكم لكل الورثة المذكورين فيهما معا.

وفي هذا الإطار فقد صدر عن محكمة النقض أن "التعارض الذي يوجب الالتجاء إلى المرجحات هو الذي لا يمكن معه الجمع بين مدلول الحجتين...[106] " ، وهو ما كرسه قرار لمحكمة النقض جاء فيه " إذا لم تتعارض الإراثات قضي بالجمع بينهما من غير ترجيح"[107] .

هذا ومتى تعذر على القاضي الجمع بين البينات وفق ما ذكر أعلاه ينتقل للمرحلة التالية وهي طريقة الترجيح بين البينات قبل أن ينتقل إلى إسقاط البينات كآخر حل لتعارضها.

وفي حكم صادر عن محكمة النقض في ملف مدني عدد 1856-1-1-2005 بتاريخ 11 أكتوبر 2010 قرار عدد 3056 إذ جاء فيه ما يلي "إذا لم تتعارض الإراثات قضي بالجمع بينهما من غير ترجيح"[108] .

وبذلك فالقاضي العقاري وهو بصدد النظر في نزاع عقاري مرتبط بالاستحقاق او الحيازة استدل فيه بسند رقمي أمكنه غض البصر عن مسألة الترجيح ما دام ليس هناك أي تعارض بين الحجج المستدل بها بين الخصوم.

ثانيا: تساقط البينات

 في إطار تضارب وتقارع الحجج في المنازعات العقارية، فإن القاضي يلتزم بالفصل في النزاع، فإن كانت أول إمكانية يبحث عنها القاضي هي محاولة الجمع بين الحجتين أو الترجيح بينهما إن أمكن ذلك، فإنه عند ذلك يلجأ إلى المرحلة الموالية، وذلك بغض النظر عنهما واستبعادهما وهو ما يسمى بتساقط أو تهاترها بحيث لا يؤخذ بهما، فيتم الحكم وفق الأوضاع الظاهرة قبل عرض الحجج وفقا للأدلة المستمدة من الوضع الظاهر أو ما يسمى بقرائن الأحوال.

وبالتالي يصبح المتخاصمون كمن لا بينة لهم مادام العمل بينتهم متعذرا لتنافي موجبهما ولاستحالة كون العين الواحدة مملوكة بأكملها لاثنتين في زمن واحد.

إذا فإن تم وحدث ولم تتيسر أسباب الجمع أو الترجيح بين الحجج المتعارضة فسيكون المآل إسقاطها وذلك لقول الشيخ خليل في مختصره "وإن تعذر ترجيح سقطتا" ومثال ذلك إذا أثبتت إحدى البيانات وجوب شيء أو أثبتت الأخرى نفيه حيث يصح، والخالة هاته اجتماع النقيضين من المحال فتسقطان وتصبح الدعوى مجردة من البيانات المنافسة والمؤيدة لها، وفي هذه الحالة فإن المحكمة مضطرة للرجوع إلى المرجعيات الأولية المستخدمة للفصل بين الخصوم في حالة فقدهم لوسائل الإثبات.

وعليه فإذا تعذر الترجيح لعلة عدم وجود شروطه يجعلنا أمام ما يسمى بالتساوي الذي يؤذي إلى التساقط تطبيقا لقاعدة "إذا تساوتا حجة المدعي مع حجة المدعى عليه سقطتا"، فتنزل الحجج المتعارضة حينئذ منزلة العدم، ويحكم بعدها للحائز، وقد قضت محكمة النقض بهذا في أحد قرارتها، "حيث يتجلى من تصفح الحكم المطعون فيه أن المحكمة اعتبرت أن كل من حجة المدعى والمدعى عليه متساويتان في الصحة، وهذا يقتضي سقوطهما وعدم العمل بأي واحد منها".

المطلب الثاني: دور القاضي في إعمال قواعد الترجيح على الوثيقة الرقمية

يقصد بدور القاضي في مجال الترجيح، مجموعة من القواعد التي يهتدي إليها من أجل ترجيح بينة على أخرى، قصد الفصل في النزاع المدلى بهما بمناسبته، وفي بداية الأمر كان عمل القاضي في هذا المضمار يكتنف نوع من الغموض والصعوبة بالنظر لعدم تمكينه من قواعد مستقرة لإعمالها في ترجيح البينات، لكن بصدور مدونة الحقوق العينية عرفت قواعد الترجيح تطورا مهما إذ نصت المادة 3 في هذا الصدد على مجموعة من الضوابط القانونية والمنطقية التي استقرت وازدهرت على أنقاض نوازل الفقه الإسلامي.

وهذه الضوابط إما ترتبط بأمور شكلية تخص الوثيقة محل الترجيح فيطلق عليها ضوابط شكلية (الفقرة الأولى).

وإما تكون لها علاقة بمضمون الوثيقة ومحتواها فيطلق عليها بالضوابط الموضوعية (الفقرة الثانية).

وعليه سنحاول الوقوف عنها وفق ما سيأتي لاحقا.

الفقرة الأولى: الترجيح بالضوابط الشكلية المرتبطة بالوثيقة الرقمية

إن الوثيقة الرقمية أنزلها القانون منزلة الوثيقة التقليدية التي كان العمل بعا سائدا في مجال المعاملات العقارية، ولذلك فهي تخضع لنفص ضوابط الترجيح المعمول بها سلفا، مع الأخذ بخصوصيتها في مسائل معينة، وضوابط الترجيح بين الحجج المتعارضة ليست فقط تلك المرتبطة بشهادة الشهود كما نصت بذلك المادة 3 من مدونة الحقوق العينية المومأ إليها أعلاه، وإنما هناك أسباب أخرى يحتكم إليها للترجيح ترتبط بالبينات الشكلية للرسم أو الوثيقة الرقمية المثبتة للملكية العقارية أو الحق العيني الوارد عليها والمدلى به في الدعوى.

 ويتعلق الأمر بترجيح على وجه التحديد بينة الإثبات على بينة النفي، وكذلك تقديم البينة المؤرخة على البينة غير المؤرخة (أولا) ثم ترجيح البينة السابقة على البينة اللاحقة تاريخيا ( ثانيا).

أولا: ترجيح الحجة الرقمية المؤرخة على البينة غير المؤرخة

إذا أدلى كل من الخصمين بحجة، وكانت الحجتان متعارضتان، إلا أن إحداهما مؤرخة فتقدم هذه الأخيرة على البينة التي لم تؤرخ، ولاسيما في عقود المعاوضة، أو التبرعات عند تعددها، لأنه مع عدم تحديد التاريخ لا يعلم السابق من اللاحق منها، أما إذا لم تؤرخا، أو ذكرتا وقتا واحدا، فهما ساقطتان معا، ويبقى الشيء في يد حائزه، ومثال ذلك أن تشهد بينة المدعي أن العقار محل الاستحقاق ملكه منذ تاريخ 1980/3/6 في حين تشهد بينة المدعى عليه بأن العقار في ملكه دون أن تشمل على تاريخ محدد، ففي هذه الحالة يتم ترجيح بينة المدعي على بينة المدعى عليه لاشتمال الأولى على التاريخ وتجرد الثانية منه.

وتجدر الإشارة أن المقصود بالتاريخ هنا، ليس تاريخ تحرير الوثيقة بل هو تاريخ علم الشهود، أي تاريخ الواقعة أو التصرف المشهود به، وهذا ما قضي به قرار لمحكمة النقض والذي جاء في حيثياته "إن المقصود بقدم التاريخ المعتبر في ترجيح البينة الموجبة للملك هو قدم الحيازة والتصرف المشهود بهما للمالك على الوجه الموجب للملك وليس تاريخ تحرير البينة"[109].

وتبقى القاعدة التي أقرها الفقه المالكي التي تقضي بتقديم البينة المؤرخة على البينة غير المؤرخة هي المعمول بها في القضاء المغربي وذلك من خلال ما هو واضح في المادة 3 من مدونة الحقوق العينية التي جاء فيها أنه "إذا تعارضت البينات المدلى بها لإثبات ملكية عقار أو حق عيني على العقار، وكان الجمع بينهما غير ممكن، فإنه يعمل بقواعد الترجيح بين الأدلة ومن بينها:

تقدم البينة المؤرخة على البينة غير المؤرخة".

وقد استقر القضاء المغربي في تطبيقه لقواعد الترجيح على ترجيح البينة المؤرخة على المطلقة لإثبات الملك من حيث تاريخ حدوث الوقائع المشهود بها، وتطبيقا لذلك جاء في حيثيات أحد قرارات محكمة النقض أنه "... خلافا لما جاء في الوسيلة فإن محكمة الاستئناف لم تصرح بأن كلا الرسمين لا يتوفر على قوة الإثبات بل صرحت بأن الرسمين إن كان معا أقيما من أجل الاحتجاج بهما في النزاع فإن الرسم المدلى به من طرف المطلوب في النقض له تاريخ ثابت وسابق مما جعل محكمة الموضوع ترجحه على الآخر..."[110] .

وقاعدة ترجيح المؤرخ عن غير المؤرخ تجد لها كذلك مستقر في المبادئ العامة التي جاء بها ق.ل.ع في الفصل 458 في فقرته الثانية والتي جاء فيها ما يلي " إذا لم يكن سند أحد الخصمين ثابت التاريخ رجح جانب من كان لسنده تاريخ ثابت".

عموما يمكن القول أن للتاريخ فائدة كبيرة على الوثيقة الرقمية وهو ما عززه المشرع لما فرض نفس الشكلية على الوثيقة الرقمية وذلك بموجب الفصل 417-1 الذي أكد على ضرورة تمامية[111] الوثيقة بالنظر للجهة التي حررتها والتي سواء كانت محررا صادرا عن موثق او محامي مقبول للترافع أو موظف عمومي فالقانون يلزمه بضرورة تأريخ الوثيقة.

ثانيا: ترجيح الحجة الرقمية السابقة على البينة اللاحقة تاريخيا[112]

والمقصود بسبقية أو قدم التاريخ هو قدم تاريخ واقعة اليد على العقار أو قدم التصرف المشهود به لا قدم تاريخ التحرير، فإذا تعارضت بينتان مؤرختان وكان تاريخ إحداهما أقدم وأسبق من تاريخ الأخرى، فإنه ترجح أسبق البينتين تاريخا، كلما انطبقتا على المدعى فيه، سواء كانت بينة الخصم الآخر أعدل من البينة السابقة تاريخا أم لا[113] ، وسواء كان العقار المتنازع فيه بيد صاحب البينة المتأخرة تاريخا أو بيد الآخر، أو تحت يدهما معا أو تحت يد الغير أو لا يد عليه.

وتعتبر هذه القاعدة من أبرز وأكثر المرجحات تطبيقا في الميدان القضائي، وذلك لكثرة الرسوم والبيانات الرقمية التي تشهد بالملك لمدة معينة[114]، ثم إن الترجيح بقدم التاريخ من المرجحات المتفق عليها بين فقهاء المذاهب الأربعة، وقد عززها القضاء المغربي في جملة من القرارات التي صدرت عنه، منها ما صدر عن قضاء محكمة النقض في قرار عدد 1380 في ملف مدني عدد 307-1-1-2004 جاء فيه ما يلي "إذا أقام كل من الخصمين بينة على أنه اشترى الدار من فلان وذكرا بائعا واحدا أو جاء كل واحد منهما بشرائه من ذلك البائع، فإن ارختا معا فالشيء لمن شراؤه أقدم".

وعليه، تجدر الإشارة إلى أن قدم التاريخ الذي يقع به الترجيح بين البينات يعني قدم تاريخ الشيء المشهود به لا تاريخ تحرير البينات، فإذا ما شهدت بينة – مثلا- بأن فلانا تصرف منذ أربع وأربعين سنة، وشهدت أخرى بأن خصمه تصرف منذ أربعين سنة فإن الأولى مرجحة بقدمها؛ وفي هذا الصدد جاء في قرار للمجلس الأعلى سابقا ما يلي "بمقارنة تاريخي الحجتين بعضهما و مدة التصرف فيهما نجد أن حجة طالبي التحفيظ أقدم من حجة ... كما أن مدة تصرف الأولين استمر ... سنة إلى تاريخ تحرير الحجة الأولى و هو أطول من تصرف ... الأمر الذي يجعل حجة طالبي التحفيظ طبقا للقواعد الفقهية أقدم من حجة المتعرض مما يجعل قرار المحكمة الذي عكس ذلك غير مرتكز على أساس ويتعين نقضه"، كما جاء في قرار لمحكمة النقض على أنه "يعتمد في الترجيح بين البينات بقدم المدة المشهود بها لا بتاريخ إعدادها وتوثيقها"[115] .

ومن ثم إذا استدل الخصمان بحجج متبادلة، وكان تاريخ إحداهما سابقا على الأخرى، فترجح ذات التاريخ السابق على ذات التاريخ الحديث، أو المؤرخة بتاريخ إجمالي، أو تقريبي، فإذا كان تاريخ إحدى البينتين أقدم فهي مقدمة على حديثة التاريخ، إلا إذا كان المدعي بحديثة التاريخ، حائز يتصرف تصرف المالك في ملكه بمحضر المدعي، ولا عذر له في سكوته عنه، فتقدم بينته، وإن كانت أحدث تاريخا، لأن تركه بيده يتصرف فيه وهو ينظر إليه قاطع لحجيته، بل في حالة إذا لم تتضمن الوثائق المستدل بها أي تاريخ، فإن البينة المحددة للتاريخ ترجح على التي لم تحدده[116].

الفقرة الثانية: ترجيع المستند الرقمي عن طريق الضوابط الموضوعية

غالبا مالا تسعفنا القواعد المرتبطة بشكليات البينات المعروضة أمام القاضي في إيجاد حل للنزاع، مما يجعله أمام تحدي البحث عن وسائل بديلة للفصل في الدعوى وصيانة الحقوق. ولهذا الغرض أوجد الفقهاء قواعد ترجيحية أخرى لها ارتباط بمضمون البينة، تحتاج من القاضي مناقشة كل حجة على حدة شرحا وتكييفا، فينتقل في تعامله مع هاته الحجج من شكلياتها إلى النظر في موضوعها للوصول إلى ما يتيح الفصل في الدعوى.

هنا يبحث القاضي في مضمون الوثيقة وذلك من أجل ترجيح إحداها في مواجهة الأخرى، وهنا يمكنه أن يرجحها باعتماد ضابط تقديم بينة الإثبات على النفي ( أولا)،

 ثم بعد ذلك اللجوء لضابط ذكر سبب الملك (ثانيا).

أولا: تقديم بينة الإثبات على النفي

 أشار المشرع لقاعدة تقديم بينة الإثبات على بينة النفي من خلال البند الخامس من المادة 3 من م ح ع، ومفادها أنه في حالة تعارض ووثيقتين، إحداهما تشهد بالإثبات والثانية بالنفي، فإن بينة الإثبات تقدم على بينة النفي، كما لو تنازعتا في حوز التبرع فالبينة الشاهدة به مثبتة والبينة الشاهدة بعدمه نافية، لأنها علمت باطنا لم تعلمه الثانية، وبصيغة أخرى واقعة لم تدركها النافية.

وقد أشار العديد من الفقهاء إلى هذه القاعدة، حيث جاء في لامية الزقاق ما يلي:

وملك على حوز وزيد وعدالة *** وبالنقل والإثبات أو ما قد أصلا [117]

 فقد أدرج الناظم بينة الإثبات ضمن المرجحات التي يعتمدها القاضي عند تعارضها مع بينة منافية لها، وقد عبر عنها بقاعدة فقهية وأصولية، وهي أن المثبت مقدم على النافي.

وتتعدد تطبيقات هذه القاعدة بتعدد النزاعات العقارية المعروضة على أنظار القضاء المغربي، ففي مجال الحيازة وتوفر شروط إثباتها، وقد يحدث أن يتنازع طرفان حول ملكية عقار، فيدلي أحد الأطراف بحجة حاملة لكافة شروط الملك، في حين يدلي خصمه ببينة تثبت وقوع المنازعة أثناء مدة الحيازة، فإن ذلك يقتضي أن الحجة الشاهدة على ثبوت المنازعة في الحيازة خلال مدتها المعتبرة شرعا مقدمة على نقيضها التي نقيضتها التي تنفيها، و ذلك لأن الأولى علمت ما لم تعلمه الأخرى، جاء في قرار لمحكمة النقض " حيث تبين صحة ما عابته الوسيلة على القرار الذي اعتمد ملكية المطلوبين في النقض التي تشهد لهم بالملك بدون منازعة مدة عشر سنوات مع أن الأحكام المدلى بها تثبت وجود النزاع بين الطرفين، و استبعد تلك الأحكام لمجرد اختلاف اسم المحل و نوع التربة، دون أن تقوم المحكمة بتطبيقها على عين المكان حتى تبني قضاءها على اليقين، فجاء بذلك قرارها ناقص التعليل الموازي لانعدامه".

أو كأن تثبت حجة أحد الأطراف انقطاع الحيازة بينما تنفي الحجة المقابلة هذا الانقطاع، كما جاء في قرار لاستئنافية تازة حين عللت قرارها بأنه "حيث تبين من خلال الاطلاع على وثائق الملف أن المستأنفين أدلوا بحكم صادر عن محكمة أكنول في القضية العقارية... وتاريخ... قضى لفائدتهما وذاك بتخلي المدعى عليهما... عن القطعة الأرضية المسماة... وقد تم تنفيذ الحكم المذكور وتحوزا بها بناء على محضر التنفيذ المؤرخ في... وهو ما يفيد استمرار تصرفهم منذئذ طالما أن الطرف المستأنف عليهم لم يثبتوا عليهم استمرار تصرفهم في المدعى فيه خلال المدة المذكورة ولا منذ شرائهم سنة  1944 وبالتالي تبقى حيازتهم قد انقطعت لعدم إثبات استمرارها مادام أن ما شهدت به الملكية ينفعه فيما قبلها وكان عليهم إثبات استمرار حيازتهم لما سيما وأنها قد طالت وأثبت المستأنفون حيازتهم لما بمحضر التنفيذ المذكور ولمدة تنهدم معه ما شهدت به الملكية، لذلك يكون الحكم المستأنف مجانبا للصواب لعدم إثبات استمرار الحيازة مما يتعين التصريح بعدم قبول الدعوى خلافا لما ذهب إليه الحكم الابتدائي"[118].

ثانيا: ذكر سبب الملك مقدم على عدم بيانه

تعرض المشرع المغربي لهاته الحالة في البند الأول من الفقرة الثالثة في المادة الثالثة من مدونة الحقوق العينية[119] بالقول "-‏ذكر سبب الملك مقدم على عدم بيانه؛"، ويعد سبب الملك السند الذي يبين السبيل الذي وصل به الملك إلى صاحبه سواء كان حائزا له أم لا، فذكر سبب الملك يكون بذكر هذا السبب والإشارة بكل تدقيق إلى مصدره، وإلا كان مطلقا، فكل من يريد إثبات ملكيته لا ينفعه في ذلك إلا جملة الوثائق والحجج التي تبين بشكل لا لبس فيه سبب ملكيته له.

ولذا فإن ما يكتسبه أصل التملك أو أصل المدخل من أهمية يجعل الحجة المبنية لسبب التملك تترجح على التي لم تبينه أو المجردة منه، فقد صدر عن محكمة النقض ما يعزز ذلك، حيث ورد في حيثيات إحدى القرارات أنه " لا ينتزع الملك من يد حائزه بمجرد إدلاء المدعي برسم شرائه غير المبني على ملكية البائع له".

وقد كرش هذا الضابط الفقه القديم، إذ يقول الزقاق في لاميته:

بأسباب ملك رجحن إن تعارض بدا من شهود وانتفى الجمع أولا

كنسج لنفس أو نتاج رجحن على الملك إلا من مقاسم فاقبلا[120]

وهذا الأمر أكده القضاء على مستوى محكمة النقض في قرار جاء فيه "المحكمة كانت على صواب لما استبعدت رسوم الأشرية بعلة أنها غير مؤسسة على أصل التملك، وبالتالي فإن قرارها جاء مرتكزا وعلى صواب، وغير خارق لقواعد التحفيظ ..."[121] .

ويأخذ الترجيح لذكر سبب التملك صورتان وهما:

صورة ذكر سبب الملك في إحدى الوثيقتين فقط:

تعد هاته الحالة الصورة المنطقية والمألوفة في الترجيح باعتماد قاعدة ذكر سبب الملك مقدم على عدم بيانه، حيت تكون المحكمة في هاته الحالة امام دليلين على الملك جاء أحدهما معززا بسبب الملك ومحترما لشروطه القانونية، في حين الاخر يفتقد لذلك، ففي هاته الحالة يرجح الذي ذكر فيه سبب الملك ويرجح لفائدته البيان، وقد جاء في حكم لابتدائية البيضاء ما يلي " حيث استند المتعرض على رسم الشراء المتضمن بعدد ... والذي يفيد شراء المتعرض لبقعة فلاحية تضم العقار موضوع مطلب التحفيظ من ورثة المرحوم ... وحيث إن رسم الشراء المدلى به مجرد من مدخل التملك، ذلك أنه لا يشير إلى مستنذ تملك البائع، وبالتالي فهو لا يوجب الملك" [122].

وبخصوص الحالة الثانية التي يذكر فيها في الوثيقتين معا مدخل التملك يصعب معهما إعمال قواعد التعارض ويصعب الجمع بينمهما ففي هاته الحالة يحكم بما هو راجح قضاء لفائدة الحائز، وهذا الأمر أكده قضاء محكمة النقض في قرار له جاء فيه ما يلي "إذا تعارضت الحجتان وتعذر الجمع بينهما ببقي الشيء المتنازع فيه لدى واضح اليد تطبيقا 'وإن يعدم الترجيح فاحكم لحائز'"[123] .

وبذلك فالقاضي وهو بصدد الترجيح بين وثيقتين رسميتين يمكنه أن يستدل بهاته القواعد لترجيح إحداها سواء في حالة ذكر سبب الملك بالنسبة لهما معا أو بالنسبة لإحداهما فقط.

 

خاتمة

ومن خلال ما سبق بيانه يمكن القول إن الرهانات الاقتصادية والمالية والسرعة التي تميزها فرضت على المشرع المواكبة القانونية المستمرة للإثبات، وهو ما أدى بالمنظومة القانونية المغربية في مجال المعاملات العقارية إلى التعقد والتعدد، الأمر الذي جعل مبدأ الأمن التعاقدي مناط تأملات وتساؤلات عدة، إذ أن كثرة النصوص القانونية وتجزئتها يكون له تأثير سلبي على مستوى الأمن التعاقدي واستقرار المعاملات القانونية العقارية، وتتفاقم هذه الأزمة القانونية بسبب سوء صياغة النصوص وتدهور القاعدة القانونية، فالقاعدة يجب أن تصاغ بأسلوب واضح وسهل الاستيعاب من قبل المخاطبين، وذلك كله في إطار رؤية شمولية ومندمجة تراعي انسجام مقتضيات القانون فيما بينها وبين أحكام القوانين الأخرى النافذة.

وإذا كانت مواكبة القانون للتطورات الاقتصادية والمالية والتكنولوجية أمر حتمي، فإنه بالمقابل ينبغي الموازنة بين ضرورة تطوير القانون انسجاما مع تحولات الحياة الاقتصادية وبين حماية استقرار المعاملات والمراكز القانونية المترتبة عنها، وذلك باعتماد تدابير انتقالية تسمح بتوفير الأمن القانوني وضمان ثبات المعاملات القانونية.

ومن هذا المنطلق فالمشرع المغربي وهو بصدد المساهمة في تسهيل عمليات الإثبات الرقمي، وضع مجموعة من الأنظمة القانونية محل تدقيق ومحاسبة من قبل الباحثين منها القانون رقم 53.05 وكذلك بعض القوانين الأخرى كظهير الالتزامات والعقود، وقد تبين من خلاله أن المقتضيات القانونية التي تم الاهتداء إليها في مجال الإثبات الرقمي لم تستطع الإجابة عن كل التساؤلات العملية المطروحة بخصوص الإثبات الرقمي للمعاملات الرقمية، الامر الذي يفتح معه مجالا واسعا للقضاء من اجل التأويل والتفسير والاجتهاد في إطار تطويع الاتفاقات الرقمية المبرمة بين المتعاملين في المجال العقاري.

وقد توصلنا من خلال البحث على مجموعة من الخلاصات يمكن إجمالها في:

  1. من اجل تيسير عملية التعاقد عن بعد وضع المشرع المغربي إطار قانوني في مواجهة المتعاملين يتضمن مجموعة من الشروط التي يتوجب الاهتداء بها في افق توثيق المعاملات العقارية عن بعد.
  1. عدم استجابة كل الأنظمة التوثيقة للتوثيق الرقمي للمعاملات العقارية، غذ نجد أن قانون خطة العدالة يفرض ضرورة تواجد المتعاقدين امام العدل لحظة ابرام العقد، وهو ما يشكل تضييقا لعمل العدل وجب القطع معه، من خلال إعادة صياغة نصوص قانون خطة العدالة بما ينسجم مع الظرفية التكنولوجية التي يمر منها التشريع المغربي.
  2. اتاحة القضاء وهو بصدد النظر في النزاعات العقارية مجموعة من الصلاحيات التي تمكنه من تطويع العقد سواء أثناء مرحلتي التأويل والتفسير، وكذلك مرحلة التطبيق.

 

 

تقديم: 5

الإطار العام: 5

الإطار الخاص... 7

الأهمية القانونية 8

الفصل الأول: الإثبات الرقمي للمعاملات العقارية وحجيته 10

المبحث الأول: المحررات الرسمية ودورها في إثبات المعاملات العقارية 11

المطلب الأول: المحرر الالكتروني ومكانته في إثبات الحقوق العقارية 13

الفقرة الأولى: مفهوم المحرر الإلكتروني والشروط اللازم توافرها فيه وفق القانون 53.05. 14

الفقرة الثانية: الشروط اللازم توفرها في المحرر الالكتروني وفق قانون 53.05. 18

المطلب الثاني: حجية المحرر الالكتروني في اثبات الترفات العقارية 22

الفقرة الأولى: حجية الوثيقة الالكترونية الرسمية ومكانتها في الإثبات.. 23

الفقرة الثانية: الوثيقة الالكترونية العرفية ومكانتها في المعاملات العقارية 27

المبحث الثاني: المستجدات المرتبطة بالجوانب التقنية –التوقيع الالكتروني_. 30

المطلب الأول: ماهية التوقيع الالكتروني وتمييزه عن التوقيع التقليدي. 32

الفقرة الأولى: التعريف القانوني للتوقيع الالكتروني وتمييزه عن التوقيع العادي. 32

أولا: تعريف التوقيع الالكتروني. 32

ثانيا: تمييز التوقيع الالكتروني عن التوقيع التقليدي: 34

المطلب الثاني: الحجية القانونية للتوقيع الالكتروني واليات التصديق عليه 38

الفقرة الأولى حجية التوقيع الالكتروني في الإثبات.. 39

الفقرة الثانية جهات المصادقة الالكترونية ومهامها ودورها في المراسلات.. 44

أولا: مقدمو خدمات المصادقة الالكترونية: 45

ثانيا: التزامات صاحب الشهادة الالكترونية 48

الفصل الثاني: سبل تدخل القضاء لتقدير وسائل الاثبات الرقمية في المنازعات العقارية 49

المبحث الأول: دور القاضي في الأدلة الرقمية لإثبات لمعاملات العقارية 50

المطلب الأول: دور القاضي في توزيع عبء الإثبات.. 50

الفقرة الأولى: توزيع عبء الإثبات بين الخصوم في النزاعات العقارية 51

الفقرة الثانية: التقييدات القضائية المؤقتة واثباتها عن طريق السند الرقمي. 55

المطلب الثاني: دور القاضي في تقدير وسائل الإثبات.. 57

الفقرة الأولى: اليمين. 58

الفقرة الثانية: رقابة القاضي للدفع بزورية السند الرقمي. 59

الفقرة الثالثة: دور القاضي في إنكار الخط أو التوقيع في السند الرقمي. 62

المبحث الثاني: دور القاضي في الترجيح بين الأدلة الرقمية 65

المطلب الأول: الإطار العام للتعارض في ترجيح الأدلة الرقمية 66

الفقرة الأولى: مفهوم التعارض في ميدان الاثبات الرقمي وشروطه 66

الفقرة الثانية: شروط التعارض... 68

الفقرة الثانية: طرق دفع التعارض بين السندات الرقمية 71

أولا: الجمع بين البينات والحجج. 72

ثانيا: تساقط البينات.. 73

المطلب الثاني: دور القاضي في إعمال قواعد الترجيح على الوثيقة الرقمية 74

الفقرة الأولى: الترجيح بالضوابط الشكلية المرتبطة بالوثيقة الرقمية 75

أولا: ترجيح الحجة الرقمية المؤرخة على البينة غير المؤرخة 75

ثانيا: ترجيح الحجة الرقمية السابقة على البينة اللاحقة تاريخيا 77

الفقرة الثانية: ترجيع المستند الرقمي عن طريق الضوابط الموضوعية 79

أولا: تقديم بينة الإثبات على النفي. 79

ثانيا: ذكر سبب الملك مقدم على عدم بيانه 81

خاتمة 84

لائحة المراجع المعتمدة 86

ملاحق. 91

فهرس.. 93

 

 

 

[1] يونس الحادي، دور المحررات الرسمية في استقرار المعاملات العقارية، سلسلة الأبحاث المعمقة، مجلة الباحث، العدد 49، ص5.

[2] محمد العروصي، المختصر في بعض العقود المسماة –عقد البيع والمقايضة والكراء، مطبعة مرجان –مكناس-، طبعة 2016، ص141.

[3] حتى المغرب لم يبق بمنأى عن هذه التورة حيت اعتمد بداية استراتيجية كتطبيق للتوجهات التي جاءت في الرسالة الملكية الموجهة للمشاركين في مناظرة الاستراتيجية الوطنية لإدماج المغرب في المجتمع والاعلام.

أنظر: مهدي اوعديش، تطور عمليات التحفيظ العقاري والخدمات المرتبطة بها –التدبير والتوقيع الالكتروني-، رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس، السنة الجامعية 2018- 2019، ص 25.

[4] جاء ظهور الأنترنت سنة 1957 إثر إحداث الولايات المتحدة الأمريكية لوكالة مشروع الأبحاث المتقدمة، لخدمة عمليات التأهب السريع للقوات الأمريكية خوفا من الهجوم النووي ابان الحرب الباردة. انظر، عبد الله الكرجي وصليحة حاجي، الإثبات الرقمي، مطبعة الأمنية –الرباط- الطبعة الأولى 2015، ص11.

[5]  خالد ممدوح إبراهيم، ابرام العقد الالكتروني دراسة مقارنة، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية –مصر-، الطبعة الثانية 2011، ص 311.

[6] ادريس العلوي العبدلاوي، وسائل الاثبات في التشريع المدني المغربي، بدون ذكر مطبعة، الطبعة الأولى 1977، ص 4 وما يليها. أنظر كذلك عبد الرزاق أحمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، الإثبات –اثار الالتزام- دار النشر للجامعات، القاهرة، طبعة 1956، ص26.

[7] ماجد محمد سليمان أبا الخيل، العقد الالكتروني، مكتبة الرشد، المملكة العربية السعودية، الرياض-، الطبعة الأولى 2009، ص 5.

[8] عبد الله الكرجي وصليحة حاجي، مرجع سابق، ص16.

[9] مبارك الحسناوي، الإثبات في العقد الالكتروني، منشورات مجلة العلوم القانونية –سلسلة فقه القضاء التجاري-، العدد الأول 2015، ص167.

[10] ظهير شريف رقم 1.07.129 صادر في 19 من ذي القعدة 1428 (30 نوفمبر 2007) بتنفيذ القانون رقم 53.05 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية.

[11] العربي جنان، التبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية القانون المغربي رقم 53-05 دراسة تحليلية نقدية، المطبعة الوراقة الوطنية، طبعة 2008، ص 42.

[12] هذا دون نسيان السكن الاجتماعي الذي قلص المشرع فيه النطاق الشخصي للأشخاص المؤهلين لابرام العقود الواردة عليه، حيت تم الارتكاز على الموثق فقط، بالنظر لضمانته في تعزيز الأمن التعاقدي.

أنظر: العربي محمد مياد، تأملات في مدونة الحقوق العينية، الحقوق العينية التبعية، الجزء الأول، ص 20.

[13] يونس الحاجي، دور المحرر الرسمي في استقرار المعاملات العقارية، مقال منشور بمجلة الباحث العدد 49، سنة 2017، ص10 وما يليها.

[14] عبد الله الكرجي، صليحة حاجي، الإثبات الرقمي، مكتبة الرشاد سطات، مطبعة الأمنية الرباط، الطبعة الأولى 2015، ص 33.

[15] تنص احكام الفصل 14 من ظهير التحفيظ العقاري على ما يلي " يقدم طالب التحفيظ مع مطلبه أصول أو نسخ رسمية للرسوم والعقود والوثائق التي من شأنها أن تعرف بحق الملكية وبالحقوق العينية المترتبة على الملك".

[16] محمد خیري، العقار وقضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي، منشورات المعارف الجديدة، طبعة –الرباط-، الطبعة 2014، ص 156

[17] ادريس العروسي العلمي، الحماية القانونية للمشتري في بيع العقار في طور الإنجاز على ضوء القانون 107.12، مجلة البوغاز للدراسات القانونية والقضائية العدد 6 يونيو 2020، ص453.

[18] ادريس الفاخوري، الوسيط في نظام التحفيظ العقاري بالمغرب –دراسة لنظام التحفيظ العقاري والفقه الإداري والعمل القضائي، مكتبة المعرفة مراكش، طبعة 2018، ص238.

[19] الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331 (12 أغسطس 1913) المتعلق بالتحفيظ العقاري كما وقع تغييره وتتميمه بالقانون رقم 14.07 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.177 في 25 من ذي الحجة 1432 (22 نوفمبر 2011)، الجريدة الرسمية عدد 5998 بتاريخ 27 ذو الحجة 1432 (24 نوفمبر 2011)، ص 5575

[20] محمد خیري، العقار وقضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي، منشورات المعارف الجديدة، طبعة –الرباط-، طبعة 2014، ص 38

[21] محمد الخضراوي، اشكاليات توثيق التصرفات العقارية ومتطلبات التنمية، قراءة في القانون 44.00. مقال منشور بموقع وزارة العدل.

[22]تنص المادة الأولى على ما يلي " يحدد هذا القانون النظام المطبق على المعطيات القانونية التي يتم تبادلها بطريقة إلكترونية وعلى المعادلة بين الوثائق المحررة على الورق، وتلك المعدة على دعامة إلكترونية وعلى التوقيع الإلكتروني. كما يحدد الإطار القانوني المطبق على العمليات المنجزة من قبل مقدمي خدمات المصادقة الإلكترونية وكذا القواعد الواجب التقيد بها من لدن مقدمي الخدمة المذكورين ومن لدن الحاصلين على الشهادات الإلكترونية المسلمة ".

[23]  كالقانون التونسي في الفصل 455 مكرر من ق.ل.ع. انظر بخصوص ذلك: أحمد الدريوش، تأملات حول قانون التبادل الالكتروني للمعطيات القانونية، منشورات سلسلة المعرفة القانونية سنة 2009، ص 59.

[24] عبد العزيز محمد حمد ساتي، المبادئ القانونية والأحكام التشريعية المنظمة للعقود الالكترونية، المركز العربي الديموقراطي للدراسات السياسية والاقتصادية، برلين –المانيا- 2020، ص231.

[25] Article 1369 du code civil "L'acte authentique est celui qui a été reçu, avec les solennités requises, par un officier public ayant compétence et qualité pour instrumenter. Il peut être dressé sur support électronique s'il est établi et conservé dans des conditions fixées par décret en Conseil d'État. Lorsqu'il est reçu par un notaire, il est dispensé de toute mention manuscrite exigée par la loi".

[26] عبد الرحمان الشرقاوي، القانون المدني دراسة حديثة للنظرية العامة للالتزام في ضوء تأثرها بالمفاهيم الجديدة للقانون الاقتصادي، الجزء الرابع، إثبات الالتزام، مطبعة المعارف الجديدة –الرباط- الطبعة الأولى 2020، ص53.

[27]  ينص الفصل 417-1 على ما يلي "تتمتع الوثيقة المحررة على دعامة إلكترونية بنفس قوة الإثبات التي تتمتع بها الوثيقة المحررة على الورق.

تقبل الوثيقة المحررة بشكل إلكتروني للإثبات، شأنها في ذلك شأن الوثيقة المحررة على الورق، شريطة أن يكون بالإمكان التعرف، بصفة قانونية، على الشخص الذي صدرت عنه وأن تكون معدة ومحفوظة وفق شروط من شأنها ضمان تماميتها".

[28]  مبارك الحسناوي، الإثبات في العقد الالكتروني، مرجع سابق، ص172.

[29] Article 1108-1 du code civil "Lorsqu'un écrit est exigé pour la validité d'un acte juridique, il peut être établi et conservé sous forme électronique dans les conditions prévues aux articles 1316-1 et 1316-4 et, lorsqu'un acte authentique est requis, au second alinéa de l'article 1317.

Lorsqu'est exigée une mention écrite de la main même de celui qui s'oblige, ce dernier peut l'apposer sous forme électronique si les conditions de cette apposition sont de nature à garantir qu'elle ne peut être effectuée que par lui- même."

[30] https://uncitral.un.org/ar/texts/ecommerce/conventions/electronic_communications< /span>

تاريخ الزيارة 24-06-2021 على الساعة 00:00

[31]  وبهذا الصدد فقد نص المشرع المصري بمقتضى المادة 15من قانون تنظيم التوقيع الإلكتروني المصري بأن، "للكتابة الالكترونية وللمحررات الالكترونية في نطاق المعاملات المدنية والتجارية والإدارية ذات الحجية المقررة للكتابة والمحررات الرسمية والمحررات العرفية في أحكام قانون الإثبات".

أما المشرع الأردني فقد قرر سنة 2000 معادلة الوثيقة الالكترونية بالوثائق الخطية التقليديون اعتبر بان المحررات الالكترونية من قبيل المحررات غير الرسميون أضفى عليها نوعا من الحجية من خلال اعتبارها من المحررات العرفية.

[32] أحمد الدريوش، مرجع سابق، ص59.

[33]  القانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.178 صادر في 25 من ذي الحجة 1432 (22 نوفمبر 2011)، الجريدة الرسمية عدد 5998 بتاريخ 27 ذو الحجة 1432 (24 نوفمبر 2011)، ص 5587

[34] ينص الفصل 417 من ظهير الالتزامات والعقود على ما يلي " الدليل الكتابي ينتج من ورقة رسمية أو عرفية. ويمكن أن ينتج كذلك عن المراسلات والبرقيات ودفاتر الطرفين وكذلك قوائم السماسرة الموقع عليها من الطرفين على الوجه المطلوب والفواتير المقبولة والمذكرات والوثائق الخاصة أو عن أي إشارات أو رموز أخرى ذات دلالة واضحة، كيفما كانت دعامتها وطريقة إرسالها. إذا لم يحدد القانون قواعد أخرى ولم تكن هناك اتفاقية صحيحة بين الأطراف، قامت المحكمة بالبت في المنازعات المتعلقة بالدليل الكتابي بجميع الوسائل وكيفما كانت الدعامة المستعملة".

[35] عبد الله الكرجي وصليحة حاجي، مرجع سابق، ص67.

[36]  Version en vigueur au 24 juin 2021.

[37] Article 1316-3 du code civil " L'écrit sur support électronique a la même force probante que l'écrit sur support papier"

[38]  ينص الفصل 417-3 على ما يلي "يفترض الوثوق في الوسيلة المستعملة في التوقيع الإلكتروني، عندما تتيح استخدام توقيع إلكتروني مؤهل إلى أن يثبت ما يخالف ذلك.

يعتبر التوقيع الإلكتروني مؤهلا إذا تم إنشاؤه وكانت هوية الموقع مؤكدة وتمامية الوثيقة القانونية مضمونة، وفق النصوص التشريعية والتنظيمية المعمول بها في هذا المجال.

تتمتع كل وثيقة مذيلة بتوقيع إلكتروني مؤهل وبختم زمني إلكتروني مؤهل بنفس قوة الإثبات التي تتمتع بها الوثيقة المصادق على صحة توقيعها والمذيلة بتاريخ ثابت".

[39] القانون 4 لعام 2009 قانون التوقيع الإلكتروني وخدمات الشبكة

[40] تنص المادة 37 من القانون رقم 32-09 على ما يلي " يتحقق الموثق تحت مسؤوليته من هوية الأطراف وصفتهم وأهليتهم للتصرف ومطابقة الوثائق المدلى بها إليه للقانون.

يجب على الموثق إسداء النصح للأطراف، كما يجب عليه أن يبين لهم ما يعلمه بخصوص موضوع عقودهم، وأن يوضح لهم الأبعاد والآثار التي قد تترتب عن العقود التي يتلقاها".

 

"[41]حرصا من المشرع وتفاديا لكل عيب او لبس في محررات الموثقين، فرضت على الموثق جملة من الالتزامات عند تحريره للعقود في نص واحد مع تجنبه ترك أي بياض أو فجوات عند كتابته للعقود والتي قد تغير من مضمون العقد، وكذا ترقيم صفحاته والتأشير عليها عند تعدد صفحات العقد الواحد، لكن يقع أن يكتشف الموثق وقوعه في بعض الأخطاء عند انتهاءه من تحرير العقد وهنا المشرع مكنه من عدة آليات كالإحالات أو الإضافات لبعض الكلمات أو التشطيب عليها لكن بمراعاة الضوابط القانونية التي حددها المشرع لذلك، وذلك بهدف تامين سلامة المحرر من أي تحريف قد يلحق بمضمون العقد ويضر بحقوق زبنائه. أنظر، كريم أيت عيسى، أساس المسؤولية المدنية للموثقين، رسالة لنيل دبلوم الماستر في العلوم القانونية، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الرباط السنة الجامعية 2009-2010 ص 37 و38

[42] محمد المحبوبي، اساسيات في احكام الشهر العقاري والحقوق العينية العقارية في ضوء التشريع المغربي، مطبعة المعارف الجديدة –الرباط-، 2017، ص74 وما يليها.

[43] مهدي اوعديش، مرجع سابق، ص 2.

[44] زينب غريب، إشكالية التوقيع الإلكتروني وحجيته في الإثبات، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس بالرباط كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي، السنة الجامعية 2010/2009ص3.

[45] بشرى النية، العقد المبرم بطريقة الكترونية، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط –أكدال-، السنة الجامعية 2011-2012، ص199.

[46] عرف المشرع المصري الكتابة الالكترونية من خلال المادة الأولى من القانون رقم 15 لسنة 2004 المتعلق بتنظيم التوقيع الالكتروني بما يلي "كـل حروف أو أرقام أو رموز أو أى علامات أخرى تثبت على دعامة إلكترونية أو رقمية أو ضوئية أو أية وسيلة أخرى مشابهة وتعطى دلالة قابلة للإدراك".

[47] شأنه في ذلك شأن بعض التشريعات العربية كالقانون السوري للتوقيع الالكتروني رقم 4 الصادر بتاريخ 2009.

[48] زينب غريب، إشكالية التوقيع الالكتروني وحجيته في الإثبات، مرجع سابق، ص 20.

[49] Séverine Mas- Fovean et Malika Benachour- Verstrepen : « le commerce électronique en toute confiance, Litec, 2001, p. 85

[50] خالد ممدوح إبراهيم، حجية البريد الالكتروني في الإثبات، دار الفكر الجامعي، مصر، الطبعة الأولى 2008، ص 194.

[52] مهدي اوعديش، مرجع سابق، ص 44 وما يليها.

[53]  مرسوم رقم 2.18.181 صادر في 2 ربيع الآخر 1440 (10 ديسمبر 2018) بتحديد شروط وكيفيات التدبير الإلكتروني لعمليات التحفيظ العقاري والخدمات المرتبطة بها. -الجريدة الرسمية عدد 6737 بتاريخ 16 ربيع الآخر 1440 (24 ديسمبر 2018)، ص 9743.

[54] عرفت المادة 7 من القانون 53.05 الموقع بحسب ما يلي " الموقع المشار إليه في المادة 6 أعلاه هو الشخص الطبيعي الذي يعمل لحسابه الخاص أو لحساب الشخص الطبيعي أو المعنوي الذي يمثله والذي يستخدم آلية إنشاء التوقيع الإلكتروني".

[55] "Lorsque la loi exige la signature d’une certaine personne, cette exigence est satisfaite dans le cas d’un message de données:

 a) Si une méthode est utilisée pour identifier la personne en question et pour indiquer qu’elle approuve l’information contenue dans le message de donnée".

[56] مهدي اوعديش، مرجع سابق، ص 14.

[57] كالمادة الثالثة من القانون السوري الخاص بالتوقيع الصادر سنة 2009.

[58] هذه السلطة هي الوكالة الوطنية لتقنين الموصلات

[59] Article 1316-4 du code civil " La signature nécessaire à la perfection d'un acte juridique identifie celui qui l'appose. Elle manifeste le consentement des parties aux obligations qui découlent de cet acte. Quand elle est apposée par un officier public, elle confère l'authenticité à l'acte.

Lorsqu'elle est électronique, elle consiste en l'usage d'un procédé fiable d'identification garantissant son lien avec l'acte auquel elle s'attache. La fiabilité de ce procédé est présumée, jusqu'à preuve contraire, lorsque la signature électronique est créée, l'identité du signataire assurée et l'intégrité de l'acte garantie, dans des conditions fixées par décret en Conseil d'Etat."

[60] تنص المادة 3 من قانون التوقيع السوري على ما يلي "يعد التوقيع الإلكتروني المصدّق، المدرج على وثيقة الكترونية، مستجمعاً للشروط المطلوبة للحجيّة في الإثبات، وهي:‏ ‏

1ارتباط التوقيع بالموقّع وحده دون غيره، وكفايته للتعريف بشخص الموقّع.‏ ‏

2سيطرة الموقّع وحده دون غيره على منظومة إنشاء التوقيع الالكتروني المستخدمة.‏ ‏

3.  ارتباط التوقيع الإلكتروني بالوثيقة الإلكترونية ارتباطاً لا يمكن إحداث أي تعديل أو تبديل على الوثيقة دون ظهور أثر للتدقيق والكشف.‏‏"

[61] تنص المادة 14 من قانون التوقيع الإلكتروني المصري رقم 15 لعام 2004 على ما يلي: "للتوقيع الإلكتروني في نطاق المعاملات المدنية والتجارية والإدارية، ذات الحجية المقررة للتوقيعات في أحكام قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية، إذا روعي في إنشائه وإتمامه الشروط المنصوص عليها في هذا القانون والضوابط الفنية والتقنية التي تحددها للائحة التنفيذية لهذا القانون ".

[62]  تنص المادة 18 على ما يلي: " يتمتع التوقيع الإلكتروني والكتابة الإلكترونية والمحررات الإلكترونية بالحجية في الإثبات

إذما توافرت فيها الشروط الآتية:

ارتباط التوقيع بالموقع وحده دون غيره.

سيطرة الموقع وحده دون غيره على الوسيط الإلكتروني

إمكانية كشف أي تعديل أو تبديل في بيانات المحرر الإلكتروني أو التوقيع الإلكتروني…".

[63] سحر البكباشي، التوقيع الإلكتروني دراسة تحليلية لأحكام القانون رقم 15 لسنة 2004 مدعمة بالتشريعات المقارنة، منشأة المعرفة الإسكندرية، طبعة 2009، ص 64 و65

[64] محمد بالحاج عمر، تطور تقنيات الإعلامية وتأثيرها على الإمضاء، مجلة القضاء والتشريع، العدد السادس، سنة 1999، ص 62.

[65] زينب غريب، مرجع سابق، ص 123.

[66] مرسوم رقم 2.18.181 صادر في 2 ربيع الآخر 1440 (10 ديسمبر 2018) بتحديد شروط وكيفيات التدبير الإلكتروني لعمليات التحفيظ العقاري والخدمات المرتبطة بها.

[67] عبد الرحمان الشرقاوي، القانون المدني –دراسة حديثة للنظرية العامة للالتزام في ضوء تأثرها بالمفاهيم الجديدة للقانون الاقتصادي، الجزء الرابع –، م س، ص 31

[68] عبد الرحمان الشرقاوي، القانون المدني –دراسة حديثة للنظرية العامة للالتزام في ضوء تأثرها بالمفاهيم الجديدة للقانون الاقتصادي، الجزء الرابع ، م س، ص22.

[69]  ينص الفصل 399 من ق.ل.ع على ما يلي " إثبات الالتزام على مدعيه".

[70] ينص الفصل 24 من التحفيظ العقاري على ما يلي " يمكن لكل شخص يدعي حقا على عقار تم طلب تحفيظه أن يتدخل عن طريق التعرض في مسطرة التحفيظ خلال أجل شهرين يبتدئ من يوم نشر الإعلان عن انتهاء التحديد في الجريدة الرسمية إن لم يكن قام بذلك من قبل وذلك:

1- في حالة المنازعة في وجود حق الملكية لطالب التحفيظ أو في مدى هذا الحق أو بشأن حدود العقار؛

2- في حالة الادعاء باستحقاق حق عيني قابل للتقييد بالرسم العقاري الذي سيقع تأسيسه؛

3- في حالة المنازعة في حق وقع الإعلان عنه طبقا للفصل 84 من هذا القانون."

[71] قرار صادر عن المجلس الأعلى في ملف مدني رقم 71-07-67 بتاريخ 15-4-81 منشور بمجلة رسالة المحاماة عدد 8، ص 307.

[72] منها اجتهاد قضائي لمحكمة النقض عدد: 5202 المؤرخ في: 30/07/1998 ملف عقــاري عدد: 1966/1/9/95 جاء فيه ما يلي "إن موضوع النزاع هو استحقاق المدعى للمدعى فيه، والمحكمة عندما ردت تلك الدعوى مع يمين المدعى عليه باعتبار أن حجة المدعي - التي هي رسم الشراء المجرد عن أصل التملك ناقصة عن درجة الاعتبار، تكون قد طبقت تطبيقا سليما القاعدة الفقهية: ''البينة على المدعي واليمين على من أنكــر''.

أنظر الرابط الاتي: https://adala.justice.gov.ma/production/jurisprudence/ar/cour_supreme/fes/ %D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%82%D8%A7%D8%B1.htm

تاريخ الزيارة 08-08-2021 على الساعة 14:00

[73] القانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.178 صادر في 25 من ذي الحجة 1432 (22 نوفمبر 2011). الجريدة الرسمية عدد 5998 بتاريخ 27 ذو الحجة 1432 (24 نوفمبر 2011)، ص 5587.

[74] حسن فتوح، م س، ص 196.

[75] حسن فتوخ، التقييد الاحتياطي وعلاقته بالحجوز والانذارات العقارية، المطبعة والوراقة الوطنية الداوديات –مراكش-، الطبعة الأولى، 2018، ص 195.

[76]  العلوي العبدلاوي ادريس، وسائل الإثبات في التشريع المدني المغربي، مطبعة فضالة –المحمدية-، الطبعة الأولى 1977 ص 4 و5.

[77] عبد الرحمان الشرقاوي، الجزء الرابع، مرجع سابق، ص167.

[78] قرار عدد 792 الصادر بتاريخ 14 دجنبر 1982 في الملف ع رقم 92279 مجلة القضاء والقانون العدد 132

[79] قرار عدد 403 بتاريخ 7 شتنبر 2005 الصادر عن غرفتين في ملف شرعي عدد 482-2-1-2002 منشور ب

[80] قرار عدد 1086 بتاريخ 14 أبريل 2014، ملف مدني عدد 2539-1-4-2000، أنظر: سعيد بواطاس، الطعن بالزور الفرعي بين النص القانوني والعمل القضائي، بحث نهاية التكوين بالمعهد العالي للقضاء، الفوج 39، فترة 2013-2015، ص35.

[81] قرار عدد 4023 بتاريخ 25 يونيو 1997 ملف مدني عدد 2456-1-5-94. أنظر: سعيد بواطاس، الطعن بالزور الفرعي بين النص القانوني والعمل القضائي، بحث نهاية التكوين بالمعهد العالي للقضاء، الفوج 39، فترة 2013-2015، ص36.

[82] عبد الرحمان الشرقاوي، القانون المدني –دراسة حديثة للنظرية العامة للالتزام في ضوء تأثرها بالمفاهيم الجديدة للقانون الاقتصادي، الجزء الرابع –إثبات الالتزام، مطبعة المعارف الجديدة الرباط، الطبعة الأولى 2020، ص 98.

[83] لأن الوثيقة الرقمية العرفية التي تم الاعتراف بها تنزل منزلة المستند الرقمي الرسمي، وبالتالي لا يمكن الطعن فيها إلا بالزور.

أنظر، عبد الرحمان الشرقاوي، القانون المدني –دراسة حديثة للنظرية العامة للالتزام في ضوء تأثرها بالمفاهيم الجديدة للقانون الاقتصادي، الجزء الرابع –إثبات الالتزام، مطبعة المعارف الجديدة الرباط، الطبعة الأولى 2020، ص126.

[84] عبد العزيز توفيق، شرح ق.م.م والتنظيم القضائي، الجزء الثاني، المكتبة القانونية، الطيعة الثانية، طبعة 1998 ص200.

[85] القرار عدد 218 من الملف المدني عدد 2191-1-2-2013. انظر، عبد الرحمان الشرقاوي، القانون المدني –دراسة حديثة للنظرية العامة للالتزام في ضوء تأثرها بالمفاهيم الجديدة للقانون الاقتصادي، الجزء الرابع –إثبات الالتزام، مطبعة المعارف الجديدة الرباط، الطبعة الأولى 2020، ص 129.

[86] جلال قرقاش، قواعد الترجيح بين البينات في النزاعات العقارية، رسالة لنيل شهادة الماستر، جامعة سيدي محمد بن عبد الله –فاس- الكلية متعددة التخصصات تازة، السنة الجامعية 2018-2019، ص2.

[87]  محمد بخنيف، ضوابط الترجيح بين البينات في الفقه المالكي على ضوء المادة 3من مدونة الحقوق العينية المغربية، مقال منشور في مجلة القبص المغربية للدراسات القانونية والقضائية، -نظام التوثيق بالمغرب في ضوء مستجدات القانون 32.09 والقانون 39.08 وللقوانين ذات الصلة- العدد 5يوليوز 2013، ص 1.

[88] جلال قرقاش، قواعد الترجيح بين البينات في النزاعات العقارية، رسالة لنيل شهادة الماستر، جامعة سيدي محمد بن عبد الله –فاس- الكلية متعددة التخصصات تازة، السنة الجامعية 2018-2019، ص 10.

[89]  جلال قرقاش، قواعد الترجيح بين البينات في النزاعات العقارية، رسالة لنيل شهادة الماستر، جامعة سيدي محمد بن عبد الله –فاس- الكلية متعددة التخصصات تازة، السنة الجامعية 2018-2019، ص 11.

[90] جلال قرقاش، قواعد الترجيح بين البينات في النزاعات العقارية، رسالة لنيل شهادة الماستر، جامعة سيدي محمد بن عبد الله –فاس-، السنة الجامعية 2018-2019، ص 9

[91] محمد مصطفى الزحيلي، وسائل الإثبات في الشريعة الإسلامية في المعاملات المدنية والأحوال الشخصية- الجزء الأول والثاني، مكتبة دار البيان- دمشق، الطبعة الأولى، 1998، ص 803.

[92] محمد عبد الله الشنقيطي، تعارض البينات في الفقه الإسلامي –دراسة مقارنة بين المذاهب الأربعة، أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية- مكتبة الملك فهد الوطنية، الطبعة الأولى، سنة 1999، ص 5.

[93] حميد البشيري، دعوى استحقاق العقار غير المحفظ بين الفقه المالكي والاجتهاد القضائي، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة محمد الأول كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية -وجدة-، السنة الجامعية 2009-2010، ص91.

[94] سعيد بوطاس، قواعد الترجيح بين لأدلة المتعارضة، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون المدني، الفوج الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية -أكادير-، الموسم الجامعي 2014.2013، ص30.

[95]  قرار عدد 570 مؤرخ في 20 فبراير 2001، ملف مدني رقم 1652-1-11-2000، أورده جمال قرقاش، م س، ص 26.

[96] القرار عدد 8-589 الصادر بتاريخ 2017-11-14في الملف رقم 4647-1-8-2016.

[97]  قرار 4006 المؤرخ في 2007/21/05 ملف مدني عدد 3010-1-3-2004 أورده عمر أزوكار، قضاء محكمة النقض في الترجيح بين البينات والحجج، منشورات دار القضاء بالمغرب، يصدرها مكتب أزوكار للمحاماة والاستشارة والتحكيم الطبعة الأولى- 2014، ص196.

[98] وإن كان لحد الان المحرر العدلي لا زال بعيدا عن مواكبة التطور الرقمي الذي عرفه مجال التوثيق.

[99]  حكم عدد 95 مؤرخ في 2017/05/29ملف رقم 2016/1403/217 صادر عن المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء، أورده جلال قرقاش، قواعد الترجيح بين البيانات في النزاعات العقارية، رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص، جامعة سيدي محمد بن عبد الله الكلية متعددة التخصصات تازة موسم 2019- 2018، ص 25.

[100] ظهير شريف رقم 1.11.178 صادر في 25 من ذي الحجة 1432 (22 نوفمبر 2011) بتنفيذ القانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية

[101] وهي ما ستكون موضوع الفقرة الموالية.

[102] قرار عدد 217 مؤرخ في 04 يوليوز 2016 ملف رقم 147-2016، صادر عن المحكمة الاستئنافية بتازة، أورده، جمال قرقاش، م س، ص 25.

[103] جلال قرقاش، م س، ص29.

[104] عمر أزوكاغ، م س، ص 99.

[105] يقول خليل في مختصره، "وإن أمكن الجمع بين البينتين جمع، وإلا رجح". انظر جلال قرقاش، قواعد الترجيح بين البينات في النزاعات العقارية، رسالة لنيل شهادة الماستر، جامعة سيدي محمد بن عبد الله –فاس-، السنة الجامعية 2018-2019، ص 14.

[106] قرار عدد 148 مؤرخ في 11/03/1973ملف شرعي عدد 43203، أورده عبد المجيد الكتاني، الترجيح بين البينات في ضوء الفقه المالكي ومدونة الحقوق العينية، مجلة القيس المغربية للدراسات القانونية والقضائية- ملف "قراءة في القانون العقاري الجديد"، العدد الثالث يوليوز ،2012، ص143.

[107] عمر أزوكار" قضاء محكمة النقض في الترجيح بين البينات والحجج" منشورات دار القضاء بالمغرب، 2014، ص37.

 قرار عدد 3056 بتاريخ 11-10-2006 ملف مدني عدد 1856-1-1-2005.

[108]  عمر أزوكاغ، قضاء محكمة النقض في الترجيح بين البينات والحجج، منشورات دار القضاء بالمغرب، طبعة 2014، ص37.

[109] قرار للمجلس الأعلى تحت عدد 4934 بتاريخ 20 دجنبر 2000 ملف مدني عدد 540-1-1-98

[110] جلال قرقاش، م س، ص 39.

[111] ينص الفصل 417-1 على ما يلي "تتمتع الوثيقة المحررة على دعامة إلكترونية بنفس قوة الإثبات التي تتمتع بها الوثيقة المحررة على الورق.

تقبل الوثيقة المحررة بشكل إلكتروني للإثبات، شأنها في ذلك شأن الوثيقة المحررة على الورق، شريطة أن يكون بالإمكان التعرف، بصفة قانونية، على الشخص الذي صدرت عنه وأن تكون معدة ومحفوظة وفق شروط من شأنها ضمان تماميتها".

[112] قال ابن عاصم القرطبي في تحفته: وقدم التاريخ ترجيح قبل ولو مع يد والعكس عن بعض نقل

[113] برادة غزيول، الدليل العملي للعقار غير المحفظ، منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية، سلسلة الدراسات والأبحاث، العدد 2، الطبعة الأولى 2007، الطبعة الثانية، ص74.

[114] جلال قرقاش، قواعد الترجيح بين البينات في النزاعات العقارية، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، الكلية المتعددة التخصصات تازة، السنة الجامعية 2018 2019، ص 40.

[115] قرار عدد 750 المؤرخ في 2006/3/8 ملف مددني عدد 2005/1/1/3605 أورده عمر أزوكار، م س، ص10.

[116] برادة غزيول، م س، ص 74.

[117] جمال قرقاش، م س، ص 95.

[118]  قرار عدد 190مؤرخ في 11/07/2017ملف عقاري رقم ،84/2017 صادر عن محكمة الاستئناف بتازة.

[119] القانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.178 صادر في 25 من ذي الحجة 1432 (22 نوفمبر 2011)

[120]  جلال قرقاش، م س، ص 81.

[121] جلال قرقاش، م س، ص 82.

[122] حكم عدد 26-02 بتاريخ 3 نونبر 2009، في ملف عقاري 02-26-09.

[123] قرار عن محكمة النقض عدد 316 بتاريخ 20 يناير 2010 ملف مدني رقم 19-6-1-08 أورده محمد بفقير، مدونة الحقوق العينية، م س، ص39.

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0