عدم استجابـة الزوج لطلـب الخلع المقدم من طـرف الزوجـــة
التطليق للشقاق في القانون المغربي مجموعة مواضيع في قانون الأسرة للإستعانة بها في البحوث التحضير للمباريات القانونية
ويعرف الفقهاء الخلع بأنه: عقد معاوضة تملك به المرأة نفسها و يملك به الزوج العوض، وعرفوه كذلك بأنه صفة حكمية ترفع حلية متعة الزوج بسبب عوض عن التطليق ( )، أما المشرع المغربي فقـد نظم أحكام الطلاق الخلعي في المواد 115 إلى 120 من مدونة الأسرة، حيث يشترط لتوقيع هذا النوع من الطلاق توافر شرطيـن أساسيـن : 1- تراضي و اتفاق الزوجين على الخلع.
2- عدم المساس بحقوق الأطفال إذا كانت الأم معسرة.
وبذلك فالطلاق بالخلع يقوم على مبدأ الرضائية ، حيث تنص المادة 115 على أن: » للزوجيـن أن يتراضيا على الطـلاق بالخلع طبقـا لأحكـام المادة 114 أعلاه «، حيث يعتبر بذلك نموذجا للطلاق الاتفاقي الذي يمكن من خلاله للزوجين أن يتفقا على مبدأ إنهاء العلاقة الزوجية، بدون شروط أو بشروط لا تتنافى مع أحكام مدونة الأسرة ولا تضر بحقوق الأطفال.
وضمانا لمبدأ الرضائيـة في إنهاء العلاقة الزوجيـة عن طريـق الطلاق بالخلع، فإن المشرع أحاطـه بضمانات قانونيـة، منها أن غير الراشدة أي دون سن الرشد القانوني إذا خولعت و وقع الطلاق، إلا أنها لا تلزم ببذل الخلع إلا بموافقة نائبها الشرعي ( المادة 116 )، كذلك إذا ثبت أن الخلع وقع نتيجة إكراه و إضرار الـزوج بزوجتـه، فإن هذه الأخيرة و طبقا للمادة 117 يحق لها أن تسترجع ما خالعت به وينفذ الطلاق في جميع الأحوال ( )، فالشرع يحرم على الزوج أن يدفع زوجته إلى مخالعته لقوله تعالى: و لا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن ( ).
وقد ثار خلاف فقهي بخصوص وجوب أو عدم وجوب الخلع عن طريـق القضاء، بمعنى هل يمكن أن ينشئه الزوجان باتفاقهما و تراضيهما فقط، أم لا بد لهما من الالتجاء إلى القضاء لإتمام إجراءاته؟ نظرا لكون الطلاق بالخلع يعتبر كما سبقت الإشارة إلى ذلك نموذجا للطلاق الاتفاقي، فإن إيقاعه لا يقتصر فقط على اتفاق الزوجين على مبدأ الخلع، بل لا بدا من لجوئهما إلى القضاء من خلال تقديمهما طلبا للتطليق مرفقا بالإذن بتوثيقه، حيث تحاول المحكمة ما أمكن الإصلاح بينهما، و إذا تعذر ذلك أذنت بالإشهاد علـى الطلاق وتوثيقه، كذلك اتفق الزوجان على مبدأ الخلع و اختلفا في المقابل فإن مدونة الأسرة في مادته 120 تنص على إمكانية رفع الأمر إلى المحكمة لمحاولة الصلح بينهما، و إذا لم تنجح فيها حكمت بنفاذ الخلع بعد تقدير مقابله، مراعية في ذلك مبلغ الصداق و فترة الزواج و أسباب طلب الخلع و الحالة المادية للزوجة.
أما إذا أصرت الزوجة على طلب الخلع و لم يستجب لها الزوج، يمكن لها طبقا للمادة 120 من مدونة الأسرة اللجوء إلى طلب تطبيق مسطرة الشقاق، لأن مطالبة المرأة بالخلع يؤكد وجود خلاف بينها و بين زوجها، و هذا الخلاف قد يتحول إلى نزاع عميق ومستمر نتيجة عدم استجابة الزوج لذلك، مما يجعلهما يعيشان حالة شقاق يتعذر معها استمرارية العلاقة الزوجية بينهما، والشقاق يفرض على المحكمة الحكـم بالتطليق لفائـدة الزوجـة بعد تأكدهـا من وجوده، من قيامهـا بكل الإجراءات القانونية المنصوص عليها في المواد 94 إلى 97 من المدونـة.
وعليه فاللجـوء إلى مسطـرة الشقـاق في هذه الحالة يعتبـر حلا قانونيا بديلا، أتاحه المشرع للزوجة قصد طلب تسوية النزاع القائم بينها و بين زوجها الذي يرفض طلب الخلع الذي تقدمت به و تصر عليه.