المسطرة أمام المحاكم الإدارية
مجموعة دروس في التنظيم القضائي المغربي للتحضير للمباريات القانونية و إنجاز البحةث والمقالات
ولما كانت للقضايا الإدارية خصوصيات تميزها عن غيرها لاتصالها بالقانون الإداري الذي يهدف بالأساس إلى تحقيق المصلحة العامة وضمان حسن سير الإدارة فإن قانون إحداث المحاكم الإدارية قرر مجموعة من الإجراءات الشكلية التي يلزم احترامها في الدعاوى الإدارية.
-أولا :الإجراءات المتعلقة بمقال الدعوى: لقد اشترط المشرع أن تكون المسطرة كتابية أمام المحاكم الإدارية، حيث تنص المادة 3 من قانون 90 ـ 41 على أن القضايا ترفع إلى المحكمة الإدارية بمقال مكتوب يوقعه محام مسجل في جدول هيئة من هيئات المحامين بالمغرب، ولقد ارتأى المشرع من خلال هذا الشرط تكريس حقوق الدفاع، ذلك أن مواجهة الإدارة أمام القضاء يستلزم معرفة شاملة للقوانين والضوابط الإدارية، وهذا بالضبط لن يتأتى للمواطن العادي إلا بمؤازرة المحامي وإلا ضاع حقه بمجرد الإخلال بأبسط الإجراءات الشكلية.
والعريضة المرفوعة أمام المحكمة الإدارية يلزم أن تتضمن مجموعة من البيانات والمعلومات المتعلقة بالأطراف سواء تعلق الأمر بالشخص العمومي أو الشخص الطبيعي كالصفة والأسماء العائلية والمهنة والموطن ومحل الإقامة، إلا جانب هذا لابد من أن تتضمن العريضة موضوع الدعوى والوسائل والوقائع وترفق بالمستندات التي ينوي المدعي استعمالها.
كما يرفق بالمقال الافتتاحي للدعوى بعدد من النسخ يساوي عدد الخصوم عند تعددهم، وعند إيداع العريضة بكتابة ضبط المحكمة الإدارية، يسلم كاتب الضبط وصلا بذلك يتكون من نسخة منها يوضع عليها الختم وتاريخ الإيداع.
وبعد تسجيل الدعوى يحال ملف القضية من طرف رئيس المحكمة الإدارية إلى قاض مقرر، وإلى المفوض الملكي للدفاع عن القانون ومهمة القاضي المقرر هي القيام بالإجراءات الأولية حيث يصدر أمرا بالتبليغ ويعين تاريخ النظر في القضية وإشعار الأطراف إلى وجوب تقديم المذكرات والمستندات قبل الجلسة.
وإذا كانت القضية غير جاهزة للحكم يمكن إرجاع الملف إلى القاضي المقرر ليتخذ الإجراءات الضرورية.
ثانيا:الإجراءات المتعلقة بجلسات المحكمة الإدارية: تعقد المحاكم الإدارية جلساتها وتصدر أحكامها علانية، وهي متركبة من ثلاث قضاة يساعدهم كاتب الضبط، ويتولى رئاسة الجلسة رئيس المحكمة الإدارية أو قاض معين من لدن الجمعية العامة السنوية لقضاة المحكمة الإدارية.
وحضور المفوض الملكي ضروري في الجلسات، رغم كونه لا يشارك في مداولات إصدار الحكم ويعتبر مبدأ علانية الجلسات من المبادئ المعمول بها في معظم الأنظمة القضائية وبمقتضاها تكون الإجراءات التي تقوم بها المحكمة قبل إصدار الحكم علانية وللقاضي من تلقاء نفسه أو بناء على طلب أحد الأطراف أن يأمر بجعلها سرية حفاظا على النظام أو مراعاة للآداب والأخلاق الحميدة ( الفصلان 43، 339 من قانون المسطرة المدنية).
و شفوية الجلسات مكملة لعلانية الجلسات، ولا يقع فيها الاكتفاء بالمناقشة الشفوية بل يجب تقديم وتبادل المذكرات بين الأطراف حتى يتسنى توثيق مختلف الوقائع، وذلك لكون معيار الحضور في رحاب المحاكم الإدارية لا يتطلب الحضور في الجلسة بقدر ما يتطلب الإدلاء بالوثائق المكتوبة، فالمسطرة المتبعة كما سبقت الإشارة هي مسطرة كتابية يكفي فيها وضع مذكرات كتابية لصدور حكم حضوري.
وعندما تنتهي المحكمة من دراسة القضية وتصل إلى نتيجة، فلابد من تلاوة منطوق الحكم شفويا في جلسة علنية في حالة لم تكن الجلسة سرية.
وبعد النطق بالحكم لا تستطيع المحكمة التراجع عنه أو تعديله أو تغييره.
ولا ينبغي أن يشمل الحكم ما لم يطلب به الخصوم، إعمالا لقاعدة القاضي لا يمكن أن يحكم بأكثر مما يطلب منه.
ويقع أصل الحكم من طرف الرئيس والقاضي المقرر وكتابة الضبط، وتصدر الأحكام وتنفذ باسم جلالة الملك و طبقا للقانون.