الوكالة في الزواج و الطلاق

مجموعة مواضيع في قانون الأسرة للإستعانة بها في البجوث التحضير للمباريات القانونية

الوكالة في الزواج و الطلاق

مقدمة :

من الحقائق التي لا خلاف فيها بين علماء الاجتماع والتربية والفكر، أن الأسرة هي عماد المجتمع، وقاعدة الحياة الإنسانية، وأنها إذا أسست على دعائم راسخة من الدين  والخلق والترابط، فإنها تشكل لبنة قوية في بنيان الأمة، وخلية حية ناضجة في جسم المجتمع ومن ثم كان إصلاح الأسرة هو السبيل الوحيد لإصلاح الأمة، وفسادها وانحلالها، مناط فساد المجتمع وانهياره.

وللأهمية البالغة للأسرة، فإن الشريعة الإسلامية أولتها عناية فائقة ورعاية قل نظيرها، وذلك بسن العديد من الأحكام الضابطة للعلاقات الأسرية في جل مناحي الحياة الاجتماعية. فقررت المبادئ والأسس والقواعد التي تؤسس عليها هذه الأسرة، والتي تكفل لها حياة سعيدة فاضلة، تقوم على معاني المودة والمحبة والرحمة والسكن النفسي، كما عبرت عن ذلك الآية الكريمة، قال تعالى: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون" سورة الروم، الآية: 21.

وفعلا فقد جسدت الأسرة المسلمة هذه المعاني وهذا التصور الشرعي لحرفية النصوص فعاشته كواقع ملموس بكل تجلياته في العهد النبوي، وحتى بعده في عصر الخلافة، بل يمكن القول: إن الأسرة المسلمة حافظت على العديد من القيم حتى بعد عصر الخلافة وإلى الآن رغم وجود العراقيل.

فقد حافظت على قيم الترابط والتكافل والتعاون على البر والتقوى، كما حافظت على قيم أخرى، كالإيثار والمحبة والكلمة الطيبة وصلة الرحم.

وعموما فهذه القيم الإسلامية كان لها دور بارز في الحفاظ على المجتمع وتطوره وتفوقه على المجتمعات الأخرى، بل إنه بهذه المميزات حقق الريادة في جميع مناحي الحياة، فأصبح مجتمعا حضاريا يرسم للغرب طريق العلم والتقدم.

وإلى جانب الشريعة الإسلامية فقد عمل القانون الوضعي على تحقيق هذه المعاني التي تحافظ على هذه الأسرة وتحميها من كل الظواهر الهدامة، فجميع القوانين تتوخى الوصول إلى هذه الغاية المنشودة، إضافة  إلى تحقيق السلم الاجتماعي، وإقامة العدل والمساواة والرقي بالمجتمع إلى أعلى المستويات، وهذا لا يتأتى إلا بسن قوانين رادعة لكل ما يمكن أن يخل بالنظام العام، وذلك بالتخصيص على زجره ومعاقبة مرتكبيه، ليكـون عبرة لغيره، وهذا كله من أجل الحفاظ على كيان الأسرة.

وإذا كان القانون الوضعي في جل فروعه يتوافق  مع المبادئ  التي جاءت بها الشريعة الإسلامية بخصوص الأسرة. فإن القانون الذي يلامس أكثر هموم ومشاكل المجتمع هو قانون "الأحوال الشخصية" أو حسب التعديل الجديد "قانون الأسرة". فهذا القانون وإن كان يصنف ضمن القوانين الوضعية إلى أنه أقرب في معظم أحكامه إن لم نقل كلها إلى الفقه الإسلامي.

وللإشارة فقانون الأسرة في المغرب، مر بمراحل تاريخية هامة، فقد عرف المغرب أول قانون للأسرة إبان الاستقلال، وبالضبط في سنة 1957م،  وقبل  هذا التاريخ أي في عهد الحماية لم يكن يعرف المغرب تشريعا مدونا خاصا بالأسرة، لا بالنسبة للمغاربة المسلمين، أو اليهود، ولا بالنسبة للفرنسيين والأجانب المقيمين بالمغرب. فالمغاربة المسلمين، كانوا يخضعون فيما يخص تنظيم علاقتهم الأسرية إلى الأحكام المدونة في الفقه المالكي،  وخصوصا متن الشيخ خليل، وتحفة ابن عاصم، والشروح المرتبطة بهما ومختلف كتب النوازل.

أما الفرنسيين والأجانب فقد كانوا يخضعون لقوانينهم الوطنية للأحوال الشخصية تطبيقا للمقتضيات المضمنة في ظهير 12 غشت 1913م، و"المتعلق بالوضعية المدنية للفرنسيين والأجانب بالمغرب". والملاحظ على هذا القانون الأخير أنه لازال إلى الآن يمثل العمود الفقري للقانون الدولي الخاص المغربي. أما اليهود المغاربة فكانوا يخضعون لقانون "الأحوال الشخصية العبري ويتقاضون لدى المحاكم الإسرائيلية الموجودة في المغرب.

ويمكن القول أن تقنين  مثل هذا القانون لتنظيم  حياة الناس  كان ضرورة ملحة، خصوصا وأن المجتمع لم يعد كما كان، وسلوكيات الناس تغيرت، حيث ابتعد الكثير عن طريق الله ورسوله، وخربت الذمم، وماتت الضمائر وتحولت الرخصة الشرعية إلى إباحة مطلقة، وحرمت النساء من حقوقهن الشرعية، وأصبح الكثير يتخذون من الحياة الزوجية مسرحا للذات الحيوانية، وأمام هذا كله فقد اقتضى الأمر تقنين الأحكام الأسرية وجعلها تحت الرقابة القانونية.

ولعل من الخطوات الهامة التي أقدم عليها الملك الراحل محمد الخامس في هذا السياق هو إصدار ظهير بتاريخ 19 غشت 1957م، يقضي بتكوين لجنة لوضع مدونة لأحكام الفقه الإسلامي. وكان أول ما قامت به هذه اللجنة هو وضع مدونة لتنظيم المجال الأسري في المغرب، وتكونت موادها من 297 فصلا أطلق عليها اسم "مدونة الأحوال الشخصية" غير أن السرعة التي تم بها إخراج  هذه المدونة جعلتها  قابلة للمؤاخذات، وعرضها للكثير من النقض في العديد من فصولها، الشيء  الذي اقتضى  ضرورة إعادة النظر في فصول هذه المدونة وهذا ما حصل بالفعل في سنة 1993م، حيث عدلت العديد من فصول هذه المدونة ورغم اعتبار هذا التعديل جديدا إلا أنه خيب آمال الكثير من الفعاليات النسائية، حسب تصريحات بعضهن، الشيء الذي فتح الباب أمام المطالب النسائية من جديد وكذا استجابة لدعوات بعض العاملين والمهتمين بالحقل الأسري.، وذلك بضرورة وجود قانون أسري عادل في نظرهم، وكان لهذه المطالب آذان صاغية، أدت في المطاف إلى إصدار قانون جديد للأسرة في سنة 2004 سمي "بقانون الأسرة".

ويمكن القول أن هذا القانون لاق استحسانا وتقبلا واسعا من لدن شرائح المجتمع المغربي كلها، وبدون استثناء، والسبب أنه تعرض إلى جل  القضايا  التي كانت تشغل بال الأسرة المغربية فتعددت كتبه ومواده، ورعي  في إعدادها العديـد من المقاييس: المقياس الشرعي، والقانوني، والحقوقي، والاتفاقيات الدولية، والعرف.

ومن المباحث التي فصل  فيها هذا القانون أكثر وخصها بتعديلات مهمة مبحثي: الزواج والطلاق، لأن معظم هذه الانتقادات كانت تصوب نحو هذين المبحثين. والسبب أن بعض فصول هذه المباحث  كانت مستصاغة بعبارات عامة ومحتملة وكان تفسيرها وتطبقها على المستوى القضائي يخلق تضاربا: حتى مع نفس المؤسسة وذلك راجع إلى هذا العموم الذي صيغت به بعض فصول هذا القانون، والتي كانت تعطي لكل مجتهد في مجال الأسرة وخاصة السادة القضاة أن يفسروا النص ويطبقونه حسب ما يرجح عند كل واحد منهم، وقد تولد عن هذا وجود إشكالات عملية وقانونية لازال بعضها قائما إلى الآن.

ومن الإشكالات التي كانت مطروحة ولازال جزء منها لم يحل هي قضية الوكالة في الزواج، والطلاق، حيث أنه كان يعاب على هذه  الوكالة في ظل هذا القانون، قانون الأحوال الشخصية بأنها كانت وكالة عامة غير مقيدة بشروط سواء في الزواج أو في الطلاق (وهو ما كان يتولد عنه عدة إشكالات ويمكن القول أن المشرع تدارك بعضها في قانون الأسرة).

ففي الزواج كان المشرع ينص على هذه الوكالة في الفقرة الأولى من الفصل العاشر بقوله: "يجوز للولي أن يعقد نكاح وليته كما للزوج أن يوكل من يعقد عنه" ويزكي هذا النص ما قلته من أن الوكالة كانت في مدونة الأحوال الشخصية وكالة عامة خاضعة في حكمها للأحكام الواردة في قانون الالتزامات والعقود المغربي ولم تكن تتناسب وطبيعة عقد الزواج كما أنها لم تكن تساير ما يتم العمل به في بعض القوانين المقارنة، وخاصة القانون التونسي، حيث الوكالة في الزواج مقننة وأخضعها لضوابط وشروط ميزته عن غيره من القوانين الأسرية.

وإذا كانت مدونة الأحوال الشخصية لم تعالج موضوع الوكالة في الزواج بالمستوى المطلوب، يمكن القول إن الحال تغير مع صدور قانون الأسرة الجديد، حيث أصبحت الوكالة في الزواج وكالة خاصة مقننة أكثر، وتخضع لعدة ضوابط تجسدت كلها في المادة 17 من المدونة، والتي جاءت كل بنودها تتحدث عن الوكالة، وعن طبيعتها والأسباب التي تدعو إليها، والشروط الواجب إتباعها في تحريرها وما يجب أن يضمن فيها وما لا يجب أن يضمن مع إلزام المشرع في القانون الجديد القضاء بمراقبة هذه البيانات، والقيـود الواردة في جميع وكالات الزواج وإلا كان مآلها البطلان.

وبخصوص الوكالة في الطلاق يمكن القول أن قانون الأسرة لم يعالج الإشكالات التي كانت تطرحها هذه الوكالة في مدونة الأحوال الشخصية بل زادها إشكالا آخر هو أعظم من الإشكالات التي كانت مطروحة، حيث حذف الوكالة في الطلاق، ولم ينص عليها بل فضل السكوت. وهذا خلق إشكالا فقهيا وعمليا كبيرا.

 وهذا السكوت الذي لوحظ على المشرع في قضية الوكالة الطلاق والوكالة في الزواج والمستجدات التي  جاءت في المادة 17 بخصوص الوكالة في الزواج هي ما سيتمحور حوله هذا البحث المتواضع والذي ناقشته وفق الإشكالات والتساؤلات التالية وهي: هل استطاع المشرع في خصوص قضية الوكالة  الزواج أن يسدد الخلل التي كانت عليه هذه الوكالة في ظل مدونة الأحوال الشخصية؟ وهل المادة 17 استطاعت أن تغير في هذه الوكالة من خلال البنود والشروط التي جاءت بها؟.

أما بخصوص الوكالة في الطلاق فإن التساؤل الذي يطرح وهو: هل كان المشرع في مدونة الأسرة موفقا في عدم التنصيص على هذه الوكالة؟ أم أنه غير موفق؟ وهل هذا السكوت يمنع العمل بالوكالة في الطلاق؟ أم أن عامل الظروف وبعض الحالات الاجتماعية ستجعل القضاء المغربي حائرا بين العمل بها وعدم العمل، خاصة ونحن نعلم أن الفقه الإسلامي يجيزها والمدونة أحالت على؟

أولا: تحديد موضوع البحث:

إن موضوع الوكالة في الزواج والطلاق يشكل محورا هاما للبحث خاصة ونحن نعلم أن هذه الوكالة في كلا المبحثين  عرفت عدة تطورات، وذلك تماشيا مع ما عرفه قانون الأسرة المغربي من تحولات، حيث شكلت هذه الوكالة في هذا القانون مادة خصبة للجدال والنقاش والبحث المستفيض. وإذا كان قانون الأسرة قد اهتم بالوكالة وناقشها فإن الفقه الإسلامي ناقشها كذلك، وحدد شروطها، وحكمها، وحكمتها، هنا صنفها ضمن عقود التبرعات التي تقوم على التكافل الاجتماعي وتثبيت روح التعاون والتآزر بين أفراد الأمة.

والوكالة كما عرفها فقهاء المذهب المالكي هي:"نيابة دى حق غير دى إمرأة ولا عبادة لغيره فيه غير مشروطة بموته".

فالوكالة من خلال هذا التعريف هي: إنابة شخص في حق يملكه شخص آخر، ليقوم به لصالحه مع اشتراط كون الوكالة بعد موت المنيب. أما قانون الالتزامات والعقود فقد عرفها في الفصل 879 يقوله:"الوكالة عقد بمقتضاه يكلف شخص شخصا آخر بإجراء عمل مشروع لحسابه ويسوغ إعطاء الوكالة أيضا لمصلحة الموكل والوكيل أو لمصلحة الموكل والغير، بل ولمصلحة الغير وحده". ويوضح هذا الفصل صفة الوكالة وأركانها وشروطها، ومهما يكن، فإن البحث في الوكالة المقرونة بالزواج والطلاق أتاح لي الفرصة في أن أتحدث عن الوكالة في الزواج وكيف كانت عليه قبل صدور مدونة الأسرة وكيف أصبحت حسب المادة 17 من هذا القانون حيث أضحت مقننة ومضبوطة أكثر؛ وتحت سلطة القضاء بمعنى: أن بنودها أصبحت مراقبة تخضع للفحص والتقصي من طرف قاضي الأسرة المكلف بالزواج؛ فهو لا يؤشر على ملف الزواج؛ إلا إذا تحقق من أن بنود الوكالة موافقة لما جاءت به الفلسفة العامة للمدونة؛ وهي المساواة والمحبة والمعاشرة بالمعروف.

أما البحث في الوكالة بالطلاق فقد كان فرصة للوقوف على المستجد الجديد في هذه المدونة؛ وهو سكوت المشرع عن التنصيص على هذه الوكالة كما كان مناسبة للوقوف على ما جاء بخصوص هذه الوكالة في الفقه الإسلامي والقضاء المغربي؛ حيث إن أقسام قضاء الأسرة بخصوص الوكالة ثلاث اتجاهات.

وكيف ما كان الحال؛ فإن التطرف لموضوع الوكالة وملامسة أهم الإشكالات التي يطرحها يعتبر شيء إيجابي؛ فهو يتطرق إلى الوكالة في الزواج ويطرح سؤالا ملحا وهو لماذا لم ينص المشرع في مدونة الأسرة على الوكالة في الطلاق أسوة بالوكالة في الزواج؟

ثانيا: أسباب اختيار الموضوع:

إن دواعي اختيار موضوع "الوكالة في الزواج والطلاق" لا يرتبط بسبب واحد بل بمجموعة من الأسباب: الاجتماعية، والقانونية، والقضائية. فالسبب الاجتماعي يتمثل في: أن الوكالة سواء كانت في الزواج أو في الطلاق فهي تهدف إلى المصلحة ورفع الحرج عن الناس ذلك أن الإنسان بطبعه لا يستطيع أن يقوم في بعض الأحيان بجميع مهامه، ولا يقدر على مباشرة جل أعماله أو بعضها بنفسه؛ مما يجعله محتاجا إلى غيره لينوب عنه في بعض الأمور التي تجوز فيها الوكالة. وهذا الدور الاجتماعي والحيوي الذي تقوم به الوكالة سواء في الزواج أو في الطلاق، كان سببا كافيا يجعلني أتناولها بالبحث والدراسة.

أما السبب القانوني، فيتمثل وبصراحة في السكوت الذي جاء به المشرع في مدونة الأسرة بخصوص الوكالة في الطلاق، وكذا المستجدات التي جاءت بهما المادة 17 من مدونة الأسرة بخصوص الوكالة في الزواج.

أما السبب القضائي: والذي كان محفزا إلى الاهتمام بهذا الموضوع؛ هو التضارب الجاري بين أقسام قضاء الأسرة بخصوص العمل أو عدم العمل بالوكالة في الطلاق. حيث إن أقسام قضاء الأسرة بخصوص هذه القضية ثلاث اتجاهات:

اتجاه يمنع العمل بهذه الوكالة مطلقا؛ واتجاه يعمل بها في بعض القضايا المحددة وبتحفظ شديد، كالطلاق الإتفاقي مثلا وبعد محاولة الصلح. بمعنى أن أصحاب هذا الاتجاه يعملون بهذه الوكالة في الإجراءات التي تلي عملية الصلح.

واتجاه ثالث يعمل بهذه الوكالة مطلقا ودون تحفظ، ولكن بشروط وضعها لنفسه، ويمثل هذا الاتجاه قسم قضاء الأسرة بالرباط.

ثالثا: صعوبات البحث:

تتمثل صعوبات البحث في هذا الموضوع على عدة أسباب منها:

  • كون الموضوع جديد: يتناسب مع المستجدات التي جاءت بها مدونة الأسرة  وبالخصوص الوكالة في الطلاق. حيث إن الصعوبة تمثلت في كيفية التعامل مع هذه الوكالة وخاصة في الفصل الثاني المتعلق بالوكالة في الطلاق؛ علما أن المشرع سكت عن  هذه الوكالة.
  • صعوبة التعامل مع المراجع العامة والخاصة وتكييفها وفق المواضيع المتناولة في مبحث الزواج. أما الوكالة في الطلاق فالصعوبة مع كتبه تمثلت في قلة المراجع والمصادر وخاصة القانونية منها.
  • قلة الأحكام القضائية وصعوبة الحصول عليها من طرف أقسام قضاء الأسرة.

 

رابعا: منهجية دراسة الموضوع:

اعتمدت كمنهج للبحث في هذه الدراسة على أساليب متنوعة: تتراوح بين التحليل؛ والمناقشة؛ وإبداء الرأي؛ وذلك من خلال ما تأتي من أدوات: الفقهية منها والتشريعية؛ والقضائية؛ إضافة إلى تبني نظرية التأصيل وخاصة فيما يخص الوكالة في الطلاق. كما اعتمدت على منهج المقارنة وذلك بمقارنة النص التشريعي الأسري مع قوانين الأسرة في الدول العربية، وهذه المقارنة هي مقارنة هادفة توخيت من خلالها الوقوف على المحسنات والسلبيات التي وقع فيها المشرع المغربي.

خامسا: خطة البحث.

درست هذا الموضوع  من خلال العناصر التالية:

الفصل الأول: الوكالة في الزواج

الفرع الأول: الوكالة في الزواج بين الفقه والقانون

الفرع الثاني: مستجدات الوكالة في الزواج والإشكالات العملية التي تطرحها.

الفصل الثاني: الوكالة في الطلاق

الفرع الأول: التصور الشرعي للوكالة في الطلاق

الفرع الثاني: المقاربة القانونية للوكالة في الطلاق.

 

الفصل الأول: الوكالة في الزواج

لاشك أن العلاقات الأسرية هي أسمى وأقدس العلاقات، فهي تبتدئ بفردين (الزوجة والزوج) ثم أفراد الأسرة وتمتد لتشمل باقي الأقارب والأصهار بين الطرفين، وتمتد أكثر حتى تصبح كالشجرة يستظل بها المجتمع كله.

غير أن التقدم الحضري والتطور الزمني، قد ألقى بظلاله عليها فلم تعد كما كانت من التماسك والرحمة والمودة.

 ولأهمية الأسرة البالغة كان الاهتمام الكبير الذي أولته الشريعة والقوانين الوضعية لها، وخاصة الشريعة الإسلامية التي قررت فيها العديد من المبادئ، والقواعد التي تؤسس عليها والتي تكفل لها حياة فاضلة تقوم على معاني المودة والرحمة، إلخ...

ومن الأحكام التي جاءت بها الشريعة والتي تعتبر أداة مساعدة لقيام الترابط والتراحم ورفع الحرج (قضية الوكالة) فهي تحقق أهدافا نبيلة غايتها رفع الحرج في إنشاء بعض التصرفات،وهي عديدة، ومنها الزواج. فالشرع أباح لكل مقدم عليه أن يعقده عن طريق الوكالة إذا أراد ذلك رغم أن الأصل هو أن يعقده بنفسه نظرا لقدسيته. والكيفية التي يتم بها هذا الزواج عن طريق الوكالة هو أن يعمد المقدم على الزواج إلى شخص آخر يقربه أو شخص تطمئن نفسه إليه قصد توكيله في القيام بإجراءات الزواج حسب ما اتفق عليه في صك الوكالة.

والوكيل في إطار المساعدة ورفع الحرج  عن الوكيل عليه أن يقوم بما وكله فيه إذ غالبا ما يكون الوكيل بعيدا عن مجلس العقد، ويخاف أن يضيع عنه فرصة الزواج فيوكل من يقوم عنه بهذه المهمة وفقا للإجراءات التي جاءت بها المادة 17 من المدونة، ولتوضيح ما يتم العمل به عليه والإجراءات التي تتم بها هذه الوكالة والأحكام الفقهية التي تؤطرها، فقد ارتأيت أن أقسم هذا الفصل إلى فرعين:

الفرع الأول: الوكالة في الزواج بين الفقه والقانون

الفرع الثاني: مستجدات الوكالة في الزواج والإشكالات العملية التي تطرحها.

الفرع الأول: الوكالة في الزواج بين الفقه والقانون

لا يخفى على أحد الدور الحيوي الذي تلعبه الوكالة بصفة عامة، فهي تقوم بدور اجتماعي بارز وهام يتمثل في المصلحة التي يجنيها الموكل من وراء هذه  الوكالة والمتمثلة أساسا في المصلحة ورفع الحرج.

وكما هو واضح من هذا العنوان فالوكالة في الزواج محكومة ومؤطرة بالدليل الفقهي والدليل القانوني، وإذا كان الحال هو هذا فالعمل في هذا الفرع سيوضح الأحكام الفقهية والدليل الشرعي الذي يستند عليه الفقهاء للدلالة على هذه الوكالة، وذلك من خلال المبحثين التاليين:

المبحث الأول: حقيقة الوكالة في الزواج والأحكام التي تؤطرها وأنواعها.

المبحث الثاني: الأحكام الفقهية والقانونية الضابطة لتعرف الوكيل في وكالة الزواج.

المبحث الأول: حقيقة الوكالة في الزواج والأحكام التي تؤطرها وأنواعها

إن الثقافة في معظمها عبارة عن مفاهيم مركبة من عدة مصطلحات، كل مصطلح له معنى خاص في نفسه، ومعنى عام يؤدي له الدور التركيبي للجملة، خبرية كانت أو إنشائية.

ولهذا، فمن الضروري على كل باحث أن يهتم أشد الاهتمام بالمصطلحات، خاصة تلك التي تشكل قطب الرحا في بحثه، وينبغي له أن يعرف بها، وذلك حتى يأتي بحثه منطقيا ومؤسسا على أسس علمية، إذ العرف في مجال الكتابة يقضي بأن تعرف أبرز المصطلحات التي يتكون منها عنوان البحث.

وجريا على هذا المنوال: وحتى يستقيم الكلام أكثر فقد ارتأيت أن أعرف بمصطلح الوكالة، لأني أرى من الضروري التعريف به خاصة وأن موضوع بحثي هو الوكالة في الزواج والطلاق، إذا فما معنى الوكالة؟ وما هي أحكامها؟ (المطلب الأول) وما هي أنواعها؟ (المطلب الثاني).

المطلب الأول: ماهية الوكالة في الزواج، وأحكامها

الوكالة كفكرة وكتصرف من التصرفات التي تتيح للغير الإنابة والإقامة محل الأصل  (الموكل) هي كلمة ذات حمولة ومعان متعددة خاصة وأننا أضفنا إليها مصطلحي الزواج والطلاق مما يستلزم مني تعريفها ككلمة مفردة في اللغة، وتعريفها اصطلاحا ( الفقرة الأولى) وذكر دليل مشروعيتها وأحكامها (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: تعريف الوكالة في الزواج

 قبل تعريف الوكالة في الزواج يقتضي المقام تعريف الوكالة في اللغة (أولا) ثم تعريفها في الاصطلاح (ثانيا) ثم بعد هذا تعريفها مضافة لمصطلح الزواج (ثالثا).

أولا: التعريف اللغوي للوكالة

جاء في كتاب مختار الصحاح للإمام الرازي أن الوكالة من (و.ك.ل) والوكيل  معروف. يقال: وكله بأمر كذا توكيلا والاسم الوكالة بفتح الواو وكسرها، والتوكيل: إظهار العجز والاعتماد على الغير، والاسم التكلان[1].

وعند ابن منظور الوكالة: اسم مصدر من التوكيل، وتصح بفتح الواو وكسرها ولها في اللغة عدة معان منها:

- الكفالة: قال ابن منظور: "الوكيل هو المقيم الكفيل بأرزاق العباد وحقيقته أنه يستقل بأمر الموكل إليه وفي التنزيل العزيز: "ألا تتخذوا من دوني وكيلا"[2] وجاء في الحديث: "من توكل بين لحييه ورجليه توكلت له بالجنة"[3] قيل فهو بمعنى تكفل.

- الحفظ: وقيل الوكيل: الحافظ، وقد ورد هذا المعنى للوكالة في كتب اللغة بصيغة التضعيف[4].

- إقامة الغير في التصرف: أي القيام بأمر الغير، قال ابن منظور: "ووكيل الرجل الذي يقـوم بأمره سمي وكيـلا لأن موكله قد وكل إليه القيام بأمر فهو موكول إليه"[5].

- الاعتماد: قيل اتكلت على فلان في أمري إذا اعتمدته[6] .

فالوكالة تأتي بمعنى الاعتماد لأن من مقاصدها أن يعتمد الموكل على الوكيل في القيام بمهام من مهامه وقضاء حاجته.

- التفويض: جاء في كتاب التوقيف على مهمة التعاريف أثناء تعريفه للوكالة لغة (فصل الكاف)، الوكالة لغة التفويض[7]، ويراد بها الاعتماد وتفويض الأمر، قال تعالى: "وعلى الله فليتوكل المتوكلون"[8] بمعنى اعتمدت عليه وفوضت أمري إليه[9].

ثانيا: تعريف الوكالة في الاصطلاح

عرف الإمام ابن عرفة الوكالة في الاصطلاح فقال: "هي نيابة ذي حق غير ذي إمرة ولا عبادة لغيره فيه، غير مشروطة بموته".

شرح التعريف: اشتمل التعريف المتقدم على قيود ينبغي توضيحها، فقوله غير ذي إمرة ولا عبادة يعني: المنيب وهو الموكل صاحب إمرة يوكل في شؤون إمارته،  فالإمام ينيب أميرا أو قاضيا أو غيرهما ممن يدير شؤون الأمة تخفيفا على الإمام، فإن المناب هذا، لا يكون وكيلا، وكذلك صاحب الصلاة إمام المسجد: حين ينيب غيره في الصلاة فإنها تكون نيابة لا وكالة، وعليه يكون قوله ذي إمرة ولا عبادة قيدا احترازيا تخرج به إنابة الإمام في مهام إمارته، أو إنابة القاضي قاضيا في مهامه، فهذه الصور هي نيابة، وليست وكالة، كما يتضح من هذا التعريف: أن إطلاق اسم النائب للوكيل على الأمير والقاضي والنائب في الصلاة، يراد بذلك أن هؤلاء لا تنفذ تصرفاتهم على من أنابهم كما هو الشأن في الوكالة التي تصدر في غير صاحب الإمارة والعبادة[10]، وهناك تعريف آخر، قريب من هذا التعريف. فيه قيود رغم أنه عبر عن الوكالة في الاصطلاح بالاستنابة، قال الأستاذ عبد الرازق المناوي: الوكالة شرعا: استنابة جائزة التصرف مثله فيما له عليه تسلط أو ولاية يتصرف فيه الوكيل فعيل ومعنى معقول، والتوكيل: أن تعتمد على غيرك[11] .

ثالثا: معنى الزواج بالوكالة

الزواج بالوكالة هو أن يعمد المقبل على الزواج إلى شخص يقربه أو شخص تطمئن نفسه إليه قصد توكيله في القيام بإجراءات الزواج حسب ما اتفقا عليه في صك الوكالة.

فيقوم الوكيل بتنفيذ ما وكل إليه في إطار المساعدة، ورفع الحرج عن الوكيل، إذ غالبا ما يكون الوكيل بعيدا عن مجلس العقد، ويخاف أن يضيع عنه فرصة الزواج بمن أراد فيوكل من يقوم بهذه المهمة، هذا إذا كانت الوكالة مقيدة. أما إذا كانت الوكالة مطلقة، فيكفيه أن يعطي الوكالة بالزواج للشخص الذي أحب والوكيل عليه أن يقوم مقامه في كل شيء يتعلق بالزواج لما في يده من الوكالة، وله كامل الصلاحية في الاختيار، والضابط في الوكالة، أن كل عقد يضيفه الوكيل إلى نفسه ترجع حقوقه إلى الموكل. سواء كان التوكيل بالزواج أو بالبيع أو الشراء...إلخ[12].

والجدير بالذكر أن قانون الأسرة المغربي سواء في مدونة الأحوال الشخصية أو في مدونة الأسرة لم يعرف الوكالة[13] .

وهذا من الأسباب التي ساهمت في تعميق الإشكالات المتعلقة بالوكالة سواء في الزواج، أو الطلاق، وإن كان التنصيص على مسطرة الوكالة في الزواج والطلاق موجود. وقد ازداد المشكل أكثر عندما سكت المشرع في مدونة الأسرة عن الوكالة في الطلاق. وعدم تعريف المشرع للوكالة في الزواج والطلاق شيء متعمد إذ في نظري المشرع حيث يتوخى من ذلك فتح الباب أمام الأساتذة والقضاة والباحثين لكي يبرعوا ويتفننوا في وضع تعاريف مناسبة وفق ضوابط معروفة.

الفقرة الثانية: دليل مشروعية الوكالة في الزواج وأحكامها

الدليل عندما يطلق يراد به عند الفقهاء الكتاب أو السنة، أو باقي مصادر التشريع الإسلامي. والدليل أو الأدلة في معظمها، عبارة عن قواليب الأحكام الشرعية العملية والتي تكتسب من الأدلة التفصيلية عن طريق الاستنباط والتنقيح والبحث.

وبما أن هذه الفقرة هي مخصصة للبحث في دليل مشروعية الوكالة وأحكامها، فإني سأقسمها إلى نقطتين، سأتكلم عن دليل مشروعية الوكالة (أولا) وبعده سأتكلم عن أحكام الوكالة (ثانيا).

أولا: دليل مشروعية الوكالة في الزواج

الملاحظ أن النصوص القرآنية التي تطرقت للوكالة، هي نصوص عامة.

وبالتالي فلم أجد نصا صريحا يعالج موضوع الزواج بالوكالة، ولكن هذا لن يمنعني من التنصيص عليها ببعض النصوص القرآنية ولو أنها عامة.

أما المصدر الثاني للتشريع الإسلامي وهي السنة المطهرة فبها نصوص صريحة تطرقت لموضوع الوكالة في الزواج، سأتكلم بداية عن دليل مشروعية الوكالة من الكتاب (1) وبعده سأتكلم عن دليل مشروعية الوكالة من السنة (2).

*(1) الأدلة من القرآن الكريم:

استدل الفقهاء رحمهم الله، على مشروعية الوكالة من الكتاب بآيات كثيرة، ومنها: قوله تعالى: "فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فلياتكم برزق منه وليتلطف"[14]، ذكر ابن جرير الطبري في تفسير هذه الآية أنهم لما فرج الله كربتهم بفتح باب الغار عليهم. أرسلوا أحدهم يأتيهم بطعام وشراب، وهذا توكيل منهم لصديقهم[15]، في حين يرى الإمام القرطبي، أن هذه الآية احتوت على سبع مسائل، قال في المسألة الثالثة: في هذه البعثة بالورق دليل على الوكالة وصحتها[16] .

- قوله تعالى: "وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها"[17]. ذكر الإمام ابن العربي في تفسيره لهذه الآية، وهو يذكر رأي الشافعية في مهمة الحكمين، أن هذه الآية تدل عندهم على أن الحكمين وكيلان للزوجين. قال القاضي أبو بكر: "هذا منتهى كلام الشافعي وأصحابه يصرحون به[18] وهذا الحكم عند الشافعية، أما عند المالكية فهما قاضيان لا وكيلان[19].

قوله تعالى: "وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم"[20]. قال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: إذا بلغ الغلام مصلحا لدينه وماله انفك الحجر عنه فليسلم إليه ماله الذي تحت يد وليه بطريقة[21]، وهذا يعني أن الولي يكون وكيلا في مال يتيمه.

قوله تعالى: "فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل"[22]، فإذا جاز أن يقوم بماله، وأبوه غير مالك لهذا المال. جاز أن يقوم فيه بتوكيل مالكه[23].

قوله تعالى: "إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب"[24]، ووجه الاستدلال بهذه الآية أن العاملين على جمع الصدقات إنما هو عاملون عليها بالوكالة.

والإمام القرطبي في تفسيره لهذه الآية: (والعاملين عليها) يقول: يعني السعاة والجباة الذين يبعثهم الإمام لتحصيل الزكاة بالتوكيل على ذلك[25].

*(2) الأدلة من السنة:

تشهد أدلة كثيرة من السنة المطهرة للوكالة في الزواج، فقد زوج النبي صلى الله عليه وسلم باعتباره وكيلا وتزوج هو صلى الله عليه وسلم بالوكالة باعتباره موكلا، ومن هذه الأدلة ما يلي:

- أخبرنا أبو عروة بحران، قال: حدثنا هاشم بن القاسم الحارثي، قال: حدثنا محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحيم... عن عقبة بن عامر قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خير النكاح أيسره، قال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل: أترضى أن أزوجك فلانة؟ قال: نعم، قال لها: أترضين أن أزوجك فلان؟ قالت: نعم، فزوجهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يفرض صداقا فدخل بها فلم يعطها شيئا فلما حضرته الوفاة، قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجني فلانة ولم أعطها شيئا وقد أعطيتها سهمي من خيبر فأخذته وباعته فبلغ مائة ألف[26].

يبين هذا الحديث أن الزواج بالوكالة جائز شرعا، وأن المصطفى صلى الله عليه وسلم أمر بالوكالة في الزواج وطبقها هو بنفسه في تزويجه لهذا الصحابي عن  طريق الوكالة وباعتباره وكيلا وللإشارة فهذا الحديث مذكور بنفس المتن عند أبي داوود في سننه والبيهقي كذلك.

وحديث النبي صلى الله عليه وسلم "وكل عمرو بن أمية الضرمي في قبول نكاح أم حبيبة حيث كانت بالحبشة والرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة فأنكحها إياه النجاشي عن طريق عمرو ابن أمية وبعث بها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم مع شرحبيل ابن حسنة إلى المدينة[27]"، ولهذا الحديث رواية أخرى، أخرج أبو داوود في سننه، قال حدثنا الحجاج ابن أبي يعقوب الثقفي، ثنا معلى بن منصور ثنا بن المبارك ثنا معمر "عن الزهري عن عروة عن أم حبيبة، أنها كانت تحت عبد بن جحش فمات بأرض الحبشة، فزوجها النجاشي النبي صلى الله عليه وسلم وأمهرها عنه أربعة آلاف وبعث بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم مع شرحبيل بن حسنة[28]"، كل هذه الشواهد تدل على أن الوكالة في الزواج مندوبة شرعا باعتبارها وكالة كغيرها من الوكالات المدنية. إلا أن الزواج له خصوصيات تجعل الوكيل مجرد سفير يعمل على نقل آراء وإرادة موكله، وتنفيذها، ذلك أن عقد الزواج يمكن إسناده إلى الوكيل، لأن جميع الحقـوق تعود إلى الموكل، إضـافة إلى أن أحكام الزواج بدورها تعود إلى هذا الأخير[29] .

كما وكل النبي صلى الله عليه وسلم في تزويج ميمونة وكان محرما عليه الصلاة والسلام.

وجاء في الحديث عن قتيبة أخبرنا حماد بن زيد عن مطر الوراق عن ربيعة بن أبي عبد الرحمان عن سليمان بن يسار عن أبي رافع قال: تم تزويج رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة وهو حلال وبنى بها وهو حلال، وكنت أنا الرسول فيما بينهما، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن[30].

هذه الأحاديث كلها تدل على أن الزواج بالوكالة جائز شرعا، بل إنها الأصل فيه، وذلك راجع للحياء الذي كان يسود الأسرة المسلمة، فغالبا ما كان يتم الزواج من طرف الزوج بحضور أبيه، رغم أنه غير مرغوب فيه شرعا، ولكن العرف اقتضاه وجعله في بعض المناطق حتميا. وأما بالنسبة للفتاة المخطوبة فوليها هو الذي يتولى عنها العقد، حتى وإن كانت ثيبا أو أيما، ولحد الآن لازال الزواج يتم بهذه الطريقة لدى كثير من الأسر إلى الآن، لكن هذه الوكالة لا يفهم منها على أنها تسلط من طرف الولي على البنت، وإنما تتم في جو عائلي تغمره المحبة والمودة.

ثانيا: أحكام الوكالة في الزواج

سأتحدث بداية عن حكم الوكالة في الزواج، ثم عن الحكمة من مشروعيتها.

أ- حكم الزواج بالوكالة:

إن الوكالة تصح في كل العقود التي تقبل النيابة، كالبيع والشراء، والرجعة، والطلاق والنكاح، ولا تصح في الصلاة والصيام واللعان والإشهاد، والنكاح بمعنى الوطء، أما الوكالة في النكاح بمعنى العقد فجائزة.

فالوكالة بهذا الاعتبار أي باعتبار حكمها التكليفي هي جائزة ومباحة، إذ يجوز لكل شخص أن يباشر التوكيل في التصرفات التي يريد أن يقوم بإجرائها وتكون فيها النيابة مقبولة شرعا. كما يجوز لكل شخص قبول التوكيل على غيره، في التصرفات التي يريد أن يقوم له بها.

وعلى هذا الأساس يمكن القول: إن التوكيل والتوكل أمرين يجوز للشخص مباشرتهما أو عدم مباشرتهما[31] .

والتوكيل في الزواج يجوز سواء كان مطلقا أو مقيدا، لأنه كسائر العقود غير اللازمة يجوز تقييدها بكل الشروط، سواء كان التقييد في الطرف الآخر، أم كان التقييد في المهر[32].

ومن القواعد المقررة.... أن من ملك تصرفا ملك التوكيل فيه إذا كان في ذاته يقبل الإنابة، وعقد الزواج من العقود التي تقبل الإنابة كما سبق الإشارة إلى ذلك، ولذا فإن التوكيل يجوز في ذلك سواء من صاحب الشأن أو وليه.

وكما يصح التوكيل من الرجل يصح أيضا من المرأة على حد سواء، عند أبي حنيفة لأنه يجيز للمرأة أن تنشأ العقد بنفسها، ومن يتولاه عنها يكون وكيلا عنها إذا كانت بالغة عاقلة.

وعند جمهور الفقهاء هو حق لوليها يتولاه عنها من غير توكيل، إذ هو الذي يملك حق إنشاء العقد وإن كان لابد من رأيهـا فلا حاجة إلى توكيلها، وإنما الحاجة إلى رضاها.

ولا حاجة في التوكيل إلى الشهادة، لأن التوكيل ليس جزءا من عقد الزواج، ولكن يستحسن الشهادة حتى لا تجرى مشاحات في صفة العقد[33].

أما عن شكليات الوكالة فإن القانون الحالي ق.ل.ع. يشترط فيها مجموعة من الشكليات، أهمها أن تكون مكتوبة في صك خاص مستقل، وهي إما أن تكون عدلية أو عرفية وهذا ما سوف نتحدث عنه لاحقا أثناء الحديث عن أنواع الوكالة.

إلا أن الوكالة ليست وليدة اليوم، وإنما كانت موجودة في الجاهلية ومباحة عندهم، وهذا ما يستخلص من النص الذي ذكره الإمام القرطبي في كتابه: أن عبد الرحمان بن عوف "وكل أمية بن خلف بأهله وحاشيته، بمكة وأمية مشرك والتزم عبد الرحمان لأمية من حفظ حاشيته بالمدينة"[34].

ب- حكمة الوكالة في الزواج:

لا يخفى على أحد الدور الكبير والحيوي الذي تلعبه هذه الوكالة، وما تحققه من أهداف نبيلة غايتها رفع الحرج عن الناس في إنشاء عقد يعتبر من أكثر العقود قدسية، فالحق سبحانه وتعالى وصفه بالميثاق الغليظ. قال تعالى: "وأخذن منهم ميثاقا غليظا"[35]، والوكالة في إنشاء هذا الميثاق الغليظ غالبا ما تكون عندما تظهر أعذار شرعية تعترض المقدم على الزواج مثل المرض والسفر، وغير ذلك من العوائق والحواجز، التي تمنع من حضور مجلس العقد، مما  يجد المرء نفسه مضطرا إلى توكيل غيره في إبرام عقده نيابة عنه، وقد تكون الوكالة في الزواج من باب الترفه عن النفس رغم حضوره، وقد تكون عادة لكون بعض القبائل يتم عقد الزواج فيها بالوكالة [36].

وهذا الحال كان في مدونة ح.ش. أما في مدونة الأسرة فالأمر مختلف، بحيث أصبح الحضور الشخصي ضروريا ولازما للزوجين في مجلس العقد من أجل التعبير عن الإيجاب والقبول – الرضى – والتوقيع على الرسم من طرف الزوجين أو ولي أحدهما عند الاقتضاء، وهذا ما تنص عليه المادة 67 من مدونة الأسرة[37].

والحكمة من تشريع الوكالة في الزواج، أو في المعاملات الأخرى التي يجوز فيها النيابة هي الحاجة، ورفع الحرج والمشقة، لأنه ليس كل إنسان قادر على مباشرة أموره بنفسه مما يجعله محتاجا إلى غيره في بعض الأحيان لتوكيله على عمل معين ليقوم مقامه[38]، وهذا التوكيل يدخل في باب التضامن والتآزر ويدخل أيضا في باب التعاون على البر والتقوى.

قال تعالى: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان"[39]. وتتجلى صور التعاون على البر والتقوى في التعاون والتضامن والتكافل لأن مذاهب الناس وقدراتهم من شخص إلى آخر فقد خلق الله هذا الإنسان وقسم بينهم القدرات والأرزاق ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ولينوب بعضهم عن بعض في القيام ببعض الأعمال الذي هي الحكمة في تباين المواهب والأرزاق[40] قال تعالى: "... ليتخذ بعضهم بعضا سخريا"[41].

وخلاصة القول في حكمة الوكالة إنها تبقى وسيلة تعاضدية تكافلية يسد بها الشخص حاجته عندما يقف عليها، ذلك أن الإنسان لا يستطيع دائما أن يقوم بجميع مصالحه وقضاء حاجياته، ولا يقدر على مباشرة كل أعماله أو بعضها بنفسه، كما لا يهتدي دائما إلى ما يناط به من أشغال، خاصة تلك التي تحتاج إلى نباهة وفطنة أو على الأقل إلى خبرة وتجربة سابقة.

فالمجتمع فيه الضعيف والهزيل، والشيخ والمسن، والمرأة والمعطوب والغائب وغيرهم من شرائح مختلفة في المجتمع.

ولذا فالمشرع تسهيلا على كل من تعذر عليه إجراء عقد الزواج بنفسه، أن يوكل غيره من مباشرة إجراءاته وذلك حتى يتم النظام في شؤون العيش وترفع المشقة والحرج وبالتالي تتحقق المصلحة المطلوبة شرعا..

وحتى المشرع في القانون الأسري لم يفوت فرصة في التعرض إلى حكمة الزواج بالوكالة، وهذا يتضح من خلال المادة الخامسة من قانون الأحوال الشخصية والمادة 17 من قانون الأسرة، بحيث أجاز المشرع في هاتين المادتين للخطيب أو المخطوبة الوكالة في الزواج وفي إجراءاته[42].

المطلب الثاني: أنواع الوكالة وصيغها

تتنوع الوكالة وتتعدد صيغها عند الفقهاء إلى عدة أنواع: وكالة عامة ووكالة خاصة، ووكالة مطلقة وكالة مقيدة، وهذا التنوع في الحقيقة هو تنوع تقابلي.

والذين يقسمون الوكالة هذه التقسيمات المتنوعة إنما ينظروا إليها من زاوية الطبيعة والعمل التي تؤديه أو تحكمه... وهذه التقسيمات هي تقسيمات فقهية.

أما عن تنوع صيغها في القانون فيمكن القول إنها تنوع إلى عدة أنواع: وكالة معلقة ووكالة منجزة... إلخ، وقد ارتأيت أن أضيف إلى هذه الأنواع أنواع أخرى، لأنها في نظري تتناسب وعنوان هذا المحور، حيث إن الوكالة يمكن أن تتنوع إلى أنواع أخرى، وذلك حسب الرؤية التي يمكن أن ننظر بها إلى هذه الوكالة، فبالنظر إلى العمل التي يجوز فيه والتي لا تجوز فيه تتنوع إلى نوعين:

أعمال تقبل الوكالة، وأعمال لا تقبل هذه الوكالة. وإذا نظرنا إلى العقود التي تنجز بالوكالة تتنوع هذه العقود إلى نوعين: عقود يضيفها الوكيل إلى نفسه، وعقود يضيفها إلى الموكل. هذا وتتنوع هذه الأخيرة من خلال الرسوم أو المحررات التي تنجز فيها إلى نوعين: وكالة رسمية ووكالة عرفية.

وعلى هذا فقد قسمت هذا المطلب إلى فقرتين، سوف أتطرق إلى أنواع الوكالة من خلال طبيعتها (الفقرة الأولى) على أن نتحدث بعد ذلك عن أنواع الوكالة من خلال الرسوم التي تحرر فيها (الفقرة الثانية) مع الإشارة إلى أنني سأذكر هذه الأنواع مجردة عن حكم العمل بها لأن ذلك سأتناوله في المبحث الموالي.

الفقرة الأولى: أنواع الوكالة من خلال طبيعتها

تتنوع الوكالة بالنظر إلى طبيعتها اللغوية والعمل التي تؤطره أو تحكمه إلى وكالة عامة، ووكالة خاصة (أولا) ثم إلى وكالة مطلقة ووكالة مقيدة (ثانيا) وتتنوع تعبيراتها في القانون إلى عدة صيغ (ثالثا).

أولا: الوكالة العامة والوكالة الخاصة

1- الوكالة العامة: هي التفويض التام للوكيل للتصرف في جميع التصرفات من طرف الموكل، وبعبارة أخرى، هي الصلاحية الكاملة المخولة من طرف الموكل للوكيل للقيام بتصرف أو بعدة تصرفات من  غير تخصيصها حيث تطغى إرادة الوكيل في هذه الوكالة، فهو يعمل بهذه الوكالة حسب مشيئته بدون استثناء، ودون أن يتقيد بقاعدة أن ما فيه مصلحة للموكل جائز، والذي ليس فيه مصلحة غير جائز.

وقد عرفها القانون المدني في الفصل ... 893... بما يلي: "الوكالة العامة هي التي تمنح للوكيل صلاحيات غير مقيدة لإدارة كل مصالح الموكل، أو هي التي تمنحه صلاحيات عامة غير مقيدة في قضية معينة، وهي تمنحه الصلاحية لإجراء كل ما تقتضيه مصلحة الموكل وفقا لطبيعة المعاملة والأعراف التجارية، والأخص قبض ما هو مستحق له، ودفع ديونه واتخاذ كل الإجراءات التحفظية ورفع دعوى الحيازة (الدعوى التصرفية) ورفع الدعوى أمام القضاء على المدين وحق التعاقد الذي من شأنه تحميل الموكل بالالتزامات في الحدود التي يقتضيها تنفيذ  المعاملات التي كلف الموكل بإجراءاتها"[43].

من خلال هذا الفصل يتضح أن الوكالة العامة هي التي لا تتقيد بأي عمل من الأعمال أو أي تصرف من التصرفات بل هي عامة وشاملة، وبهذا المعنى تشمل بالتأكيد الزواج والطلاق لأنه من جنس التصرفات التي تقبل الوكالة.

والألفاظ التي تنعقد بها الوكالة العامة، هي ألفاظ عامة أيضا غير محددة وغير محصورة كأن يقول الموكل للوكيل، أنت وكيلي في كل شيء، أو فوضت لك أمري، أو وكلتك في جميع أموري، وهذا يعني أن الموكل أذن للوكيل في مباشرة أمواله وأملاكه، والتصرف في شؤون ماله ومصالحه[44] دون تقييد أو تحديد إلا ما قد يلحق الموكل من ضرر.  وقد اختلف الفقهاء في حكم هذه الوكالة إلى ثلاثة آراء، فمنهم من اعتبرها باطلة ومنهم من اعتبرها صحيحة ومباحة شرعا، ومنهم من اعتبرها صحيحة شريطة أن تحتكم إلى العرف وأن تهدف إلى تحقيق مصلحة الموكل، وانطلاقا من هذا يمكن القول إن الوكالة العامة تحكمها ثلاثة آراء.

الرأي الأول: هذا الطرح يتبناه الحنابلة، ومفاده أن الوكالة العامة باطلة، وهو مقتضى مذهب الظاهرية أيضا[45].

قال الإمام الشافعي رحمه الله (وإذا شهد الرجل لرجل أنه وكله بكل قليل وكثير، لم يزد على هذا فالوكالة غير جائزة من قبيل أنه وكله ببيع القليل والكثير ويحفظه ويدفع القليل والكثير وغيره فلما كان يحتمل هذه المعاني وغيرها لم يجز أن يكون وكيلا، حتى يبين الوكالات من بيع أو شراء أو وديعة أو خصومة أو عمارة أو غير ذلك.

وقد قال بعض أصحاب الشافعي إن الوكالة تجوز عندما يضيف الموكل التصرف إلى نفسه ولا تجوز إذا جاءت لفظ خاليا من الإضافة[46].

الرأي الثاني: يرى أصحاب هذا الرأي أن الوكالة العامة جائزة، صحيحة، وينفذ بها تصرف الموكل على الوكيل في جميع حقوقه، وهذا ما ذهب إليه بعض الحنفية حيث جاء في كتاب "بدائع الصنائع" فالعام أن يقول اشتري ما شئت، أو ما رأيت وأي ثوب شئت، أو أي دار شئت أو ما تيسر لك من الثياب ومن الدواب وتصبح مع الجهالة الفاحشة من غير بيان النوع والثمن والصفة، لأنه فوض إليه الأمر فيصح وحجة هؤلاء في جواز الوكالة العامة أن العموم يجري على عمومه ما لم يدخل عليه تخصيص من قبل الموكل[47] .

الرأي الثالث: يرى أصحاب هذا الرأي، أن التوكيل العام صحيح نافذ إلا أنه مخصص بالعرف وبمصلحة الموكل، فلا ينفذ من تصرفات الوكيل إلا ما لا ضرر فيه على الوكيل، بأن يكون التصرف فيه نفع ومصلحة ظاهرة ويتبنى هذا الاتجاه المالكية والحنفية.

ويقول الأستاذ عبد الله رحمات مفصلا في قول المالكية، وإن جوزوا الوكالة العامة استثنوا منها بيع دار السكنى وطلاق الزوجة، وإنكاح البكر، أي لا يجوز للوكيل المفوض أن يبيع دار السكنى للموكل وأن يزوج بنته البكر أو أن يطلق زوجته إلا بتوكيل خاص، لأن ذلك فيه مضرة عليه[48].

2- الوكالة الخاصة: هي إنابة الموكل لوكيله في تصرف معين ومحدد كأن يوكله في الزواج أو في الطلاق أو في البيع أو في الكراء أو غير ذلك من التصرفات التي تقبل الإنابة، فهذا النوع من الوكالة المحددة بعمل مخصص يسميه الفقهاء وكالة خاصة، لأنها تنص على أمر محدد بعينيه لا ينتقل إلى أمر آخر.

وقد عرفها قانون الالتزامات والعقود في الفصل 891 بقوله: "الوكالة الخاصة هي التي تعطى من أجل إجراء قضية أو عدة قضايا، أو التي لا تمنح الوكيل إلا صلاحيات خاصة، وهي لا تمنح الوكيل صلاحيات العمل إلا بالنسبة إلى القضايا أو التصرفات التي يعينها وكذلك توابعها الضرورية وفقا لما تقتضيه طبيعتها أو العرف المحلي[49].

يتضح من خلال هذا الفصل أن الوكيل في هذه الوكالة يكون ملزما بأن يحترم بنود هذه الوكالة لأن وكالته في عمل معين مخصوص، فلو وكل في زواج أو في طلاق مثلا أو في خصام أو غيره، لا يجوز له أن يتجاوز حدود ما رسمه له الموكل، وإلا اعتبر  تصرفه باطلا.

والوكالة الخاصة وإن كانت بألفاظ العموم تبقى خاصة من حيث ذكر نوع التصرف[50] وتعينيه بذاته، بل وينطبق ذلك العموم على ما خصصه الموكل من التصرفات كما يستشف من هذا النص[51]، والملاحظ على هذه الوكالة – أي الخاصة – أنها أكثر انتشارا في الميدان العملي، فالوكالة في الزواج والطلاق وفي الخصومات وفي بعض التصرفات الأخرى كلها وكالات خـاصة تشمل تصرف الموكل فيها عملا محددا ولا تتعداه إلى غيره، لأنه خـروج الوكيـل عن البنود المحددة لعمله تبطل الوكالة.

ثانيا: الوكالة المطلقة والوكالة المقيدة

سأتحدث عن الوكالة المطلقة ثم بعد ذلك عن الوكالة المقيدة.

أ- الوكالة المطلقة: هي التي تصدر من الموكل بدون قيود دون أن يذكر له مثلا في الزواج امرأة بعينها، ولا أوصاف خاصة ولا أسرة معينة، ولا مهر، ولا شيء آخر على الإطلاق، وبعبارة أخرى هي الوكالة التي يخلو لفظها من كل قيد يحدد للوكيل صفة التصرف الذي أنيط به، فمتى كان إيجاب الموكل خاليا من بيان أي نوع أو جنس أو ثمن مثلا أو تعيين زمان أو مكان التصرف تكون الوكالة مطلقة، ويسمى التوكيل مطلقا، والتوكيل المطلق؛ هو الذي يصدر في قضية معينة لكنه لا يقيد أفعال الموكل بأوصاف أو أجناس بل يترك ذلك لتقديره، بحيث إذا كان الوكيل مكلفا بإجراء البيع مثلا فإنه لا يتقيد بثمن محدد، وهكذا الحال في الزواج دون الطلاق[52].

وأما حكم الزواج بهذه الوكالة أي: أن يزوج الوكيل الموكل من غير تقييد بإجراءات معينة أو وصف معين أو تعيين مهر معين فهي جائزة. غير أن بعض الفقهاء عارضوا هذا الرأي معللين ذلك بأن فيما هذه الوكالة من الجهالة المؤدية إلى النزاع والضرر الذي قد ينتج عنه كثير من الأضرار للموكل[53].

والحقيقة أن هذا الضرر الذي قد يلحق الموكل هو ضرر محسوب، فالموكل قبل أن يقدم على توكيل غيره في شيء معين فهو يختار الأصلح، وغالبا ما يكون من الأسرة أو من الأقارب... وإذا  حدث أن غرر به الوكيل، فمن حقه أن يرجع عليه وينازعه لأن الفقه والقانون كفلا له حقه. بل يمكن القول إن الفقه كان أكثر دقة في مثل هذا النزاع، وهذا ما سأبينه بالتفصيل في المبحث الموالي مبينا حدوده وصلاحيات كل من الوكيل والموكل وحكم العمل بأنواع الوكالات والإشكالات التي تطرحها.

ب- الوكالة المقيدة:

الوكالة المقيدة هي التي يحدد فيها الموكل عمل الوكيل، فلا يترك له حرية التصرف والمشيئة، فإذا كانت هذه الوكالة في الزواج مثلا. حدد له المرأة وعائلتها وأوصافها، وحدد له مقدار الصداق بحيث يكون ذلك كله محددا في صك الوكالة.

ومن خلال هذا يمكن القول إن الوكالة تكون مقيدة في حالة ما إذا قيده بالمرأة والأسرة والمهر[54] .

وقد قال الأستاذ الكشبور في هذه الوكالة: هي التي يعين الموكل بمقتضاها للوكيل الزوج الذي يزوجه به بداية، أو امرأة معينة بذاتها، أو إحدى بنات رجل معين أو أي امرأة شريطة؛ أن تكون منتمية إلى أسرة معينة أو قبيلة معينة مقابل صداق محدد سلفا[55].

من خـلال هذه المفـاهيم يتبين أن الوكيل لا يجوز له أن يتجاوز حدود وكالته، وإن تجـاوز هذه الحدود لم يلزم الموكل ذلك بل ويمكن له أن ينازعه في هذا التصرف.

وانطلاقا من دراسة هذه الوكالات بجميع أنواعها وتقسيماتها نخلص إلى القول بأن هناك فرق جوهري بينهما يمكن إبرازه من خلال الملاحظة التالية:

الملاحظ: أن القارئ عندما يقرأ أنواع الوكالة بتقسيماتها الأربع، العامة والخاصة، والمطلقة والمقيدة يصعب عليه التمييز بين هذه الأنواع وخصوصا بين العامة والمطلقة، وبين الخاصة والمقيدة، يكاد يقر أن لا فرق بينهما، والحقيقة أن هناك فرق بينها ليس بجوهري وإنما فرق عرفي لغوي لا أكثر، وأيضا هناك فرق يتمثل في العموم والخصوص بحيث إن الوكالة العامة هي عامة في لغتها وفي معناها تشملها جميعا، بمعنى أنه إذا كانت الوكالة مطلقة فهذا الإطلاق لا يأتي على إطلاقه بل لابد أن يشمل تصرفا معينا بذاته كالزواج، والبيع والشراء...إلخ.

إذن فالإطلاق في الزواج يعني أن يزوجه الوكيل الموكل من يشاء ومن أي أسرة شاء كذلك، وعلى أي قدر من الصداق أراده، أي أن له الحرية المطلقة في الزواج فقط لا يتعداه إلى الطلاق أو إلى البيع، والشراء وغيره من التصرفات الأخرى، بل يحتاج إلى وكالة خاصة للقيام بهذه التصرفات عكس الوكالة العامة فهي تشمل جميع أمور الموكل من بيع وشراء وكراء ونكاح... إلخ، إلى غير ذلك من العقود المنضوية تحت لواء الوكالة العامة وهذه الأخيرة بدورها مقيدة في بعض الأحيان، إذ هناك أعمال لا يمكن أن تشملها هذه الوكالة، أي أنها لا تتحقق إلا بالوكالات الخاصة ومنها: الوكالة في الزواج التي تعد وكالة خاصة تنحصر في إبرام عقد الزواج دون غيره من التصرفات.

ولذا فلو كان شخص له وكالة عامة في القيام بأعمال الموكل جميعها لا يجوز له أن يزوج الوكيل إلا بوكالة خاصة أخرى، وبما أن هذه الوكالة تحكمها قاعدة العموم والخصوص يمكن القول: إن الوكالة المطلقة وإن كانت تظهر على أنها عامة فهي لا تتحقق إلا في الوكالة العامة دوما، وفي الخاصة إذا لم يصدر من الموكل ما يقيد الوكيل عند إبرام عقد الوكالة[56].

ثالثا: أنواع الوكالة من خلال صيغها في القانون

تتنوع صيغ الوكالة في القانون إلى الصيغة المنجزة والصيغة المعلقة، والمضافة إلى المستقبل والمؤقتة والمقترنة بشرط، وهذه الصيغ كلها مستنبطة من الفصل 889 من ق.ل.ع.م. إذ جاء فيه "يسوغ إعطاء الوكالة بشرط أو ابتداء من وقت معين إلى أجل محدد[57].

من خلال منطوق هذا الفصل يمكن تصنيف صيغ الوكالة إلى الصيغ الآتية:

1-الصيغ المنجزة: وهي التي تكون خالية من القيود، أي أن الوكيل لا يقيدها، حيث تنفذ في الحال وتنتج آثارها بمجرد الإيجاب والقبول من غير توقف على شيء؛ لا آني ولا مستقبلي، بل تكون خالية من أي تعليق أو تقييد واشتراط.

2-الصيغة المقترنة بالشرط: يجوز تنفيذ تصرف الوكيل بشروط صحيحة تضمن حق الموكل وتقيد حرية الوكيل، وهذا ما نص عليه الفصل 889، حيث نجد عبارة "يسوغ إعطاء الوكالة بشرط، وكما هو معلوما فالشرط يكون جائزا أو مشروعا حينما يكون غير منافي مع مقاصد العقد.

وقد نص المشرع المغربي في الفصل 110 من ق.ل.ع. على أن الشرط الذي يتنافى مع طبيعة الفعل القانوني الذي أضيف إليه يكون باطلا، ويبطل كذلك الإلتزام الذي يعلق عليه.

3- الصيغة المعلقة: تتحقق هذه الصيغة إذا علق الموكل عقد الوكالة على شيء في المستقبل كما إذا قال شخص لشخص آخر. أوكلتك إذا هاجرت البلاد، والشرط المعلق عليه العقد لا يصلح أن يكون شيئا مستحيلا أو منافيا للأخلاق الحميدة والقانون[58] ، حسب نص الفصل 108 من ق.ل.ع. الذي يقول: "كل شرط يقوم على شيء مستحيل أو مخالف للأخلاق الحميدة أو القانون يكون باطلا ويؤدي إلى بطلان الإلتزام[59].

4- الصيغة المضافة إلى المستقبل:

وهي التي يضيف فيها الموكل العقد إلى وقت معين في المستقبل، كما إذا قال الوكيل: أنت وكيلي منذ بداية الشهر القادم، وهذا ما جاء في الفصل 889 من ق.ل.ع. حيث تدل على ذلك عبارة "يسوغ إعطاء الوكالة بشرط أو ابتداء من وقت معين إلى أجل محدد".

5- الصيغة المؤقتة:

وهي التي يحدد فيها الموكل صلاحية الوكيل، وذلك بأن يقول له: أنت وكيلي من الشهر كذا إلى الشهر كذا ويمكن القول إن هذه الوكالة – أي المؤقتة – تنعقد في الحال غير أن آثارها لا تسري إلا بحلول الشهر المعين في صك الوكالة.

الفقرة الثانية: أنواع الوكالة من خلال الرسوم التي تحرر فيها

المحررات أو الرسوم التي تنجز فيها الوكالة تصنف إلى صنفين: محررات رسمية وأخرى عرفية، وعليه: فالوكالة من خلال هذه الرسوم نوعين: وكالة رسمية (أولا) ووكالة عرفية (ثانيا).

أولا: الوكالة الرسمية: تصنف العقود عادة إلى عقود رسمية وأخرى عرفية، والوكالة كرسم بدوره يخضع إلى هذا التصنيف، والضابط في ذلك يرجع إلى الجهة المخولة بالتصديق على هذه الرسوم. فإذا كانت الجهة التي تخاطب على هذا العقد أو الرسم هي من فئة الموظفين العموميين والذين يخضعون إلى نظام التوظيف العمومي، فالرسم في هذه الحالة يكون رسميا لأنه صادر عن جهة رسمية، وبالتالي يندرج ضمن العقود الرسمية والوكالة التي تتم بهذه الطريقة هي وكالة رسمية وليست عرفية، أما إذا كان الرسم موقعا من طرف صاحبه. أو مصادقا عليه من جهة غير مختصة. أو مصادقا عليه من جهة منتخبة لا تدخل ضمن خانة الموظف العمومي والعقد التي يُصدر بهذه الطريقة لا يعتبر عقدا رسميا.

ومن هذا المنطلق يمكن القول إن الوكالة التي حررت من طرف الموكل ووقعت من طرفه. وصودق على هذا التوقيع في إحدى البلديات أو المقاطعات حسب ما هو متاح للموكل، فالوكالة في هذه الحالة تبقى عرفية ولا ترقى إلى مستوى الرسمية، أما إذا كانت الجهة التي صادقت على هذه الوثيقة من فئة الموظفين العموميين كما سبق والذين لهم صلاحيات التصديق ووقعت من طرفهم كانت هذه الوكالة رسمية.

وأيا كانت هذه الوكـالة سواء كانت رسمية أو عرفية فهي تعتبر دليلا كتابيا ينتج آثـاره بين الموكل والوكيـل، سواء كانت مضمنة في ورقة رسمية أو في ورقة عرفية.

وقد عرف قانون الالتزامات والعقود المغربي المحرر الرسمي وميزه عن المحرر العرفي في الفصل 418 بقوله: "الورقة الرسمية هي التي يتلاقاها الموظفون العموميون الذين لهم صلاحيات التوثيق في مكان تحرير العقود وذلك في الشكل الذي يحدده القانون.

1) وأيضا الأوراق التي يخاطب عليها القضاة في أحكامهم تكون رسمية لا يمكن الطعن فيها إلا بالزور.

2) الأحكام الصادرة من المحاكم المغربية والأجنبية، بمعنى أن هذه الأحكام يمكنها حتى قبل صيرورتها واجبة التنفيذ، وأن تكون حجة على الوقائع التي تثبتها.

حيث جاء في الفصل 419... "أن الورقة الرسمية حجة قاطعة حتى على الغير في الوقائع والاتفاقات التي يشهد الموظف العمومي الذي حررها في محضره وذلك إلى أن يطعن فيها بالزور[60].

من خلال هذين الفصلين يتبين لنا أن الورقة الرسمية لا يمكن أن تكون رسمية إلا إذا كانت صادرة عن موظف عمومي وموقعة من طرفه.

ويشترط في المحرر الرسمي حتى يكون حجة للإثبات ثلاثة شروط.

الشرط الأول: أن يصدر هذا المحرر عن موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة، ويتم ذلك بكتابته إياه بنفسه أو من ينوب عنه قانونا مع توقيع الموظف عليه وإمضائه بحكم وظيفته ويراد بالموظف العمومي من تعينه السلطة الحاكمة للقيام بعمل من الأعمال ولو كان لا يأخذ عن ذلك أجرا، فكل موظف له صلاحيات كتابة ورقة ما تصبح هذه الورقة التي يتولى تحريرها رسمية كيف ما كان نوعها ما دام تحريرها داخلا في دائرة عمله.

ويمكن حصر أنـواع الأوراق الرسمية في أربعة أنـواع، وتصدر من أربعة جهات كذلك.

- النوع الأول: أوراق سياسية كالقوانين والمعاهدات والمراسيم وهذه الأوراق تصدر من السلطة الأولى.

- النوع الثاني: أوراق إدارية كدفاتر المواليد والوفيـات والحـوالات البريدية والشهادات الإدارية وتحقيقات الشرطة، ونحو ذلك ويصدر هذا النوع من السلطـات الإدارية.

- النوع الثالث: أوراق قضائية هي الأحكام والأوامر ومحاضر الجلسات، وهذا النوع يصدر من السلطات القضائية وأنواعها.

- النوع الرابع: أوراق مدنية كعقود الرهن الرسمية ووقائع الزواج والطلاق ونحو ذلك وهذا النوع يصدر من الموثقين المختصين، ويسمى الموظف العمومي الذي يحرر هذه الوثيقة مأمورا رسميا أو موثقا[61]   عدليا كان أو عصريا، وجل الوثائق التي تصدر منهما هي وثائق رسمية.

والملاحظ أن التوثيـق في المغرب يتميز بالإزدواجية، فهو مقسم إلى توثيق شرعـي وتوثيـق  عصري وضعي. التوثيـق العدلي يتميز بالأقدمية والدقة والضبط التام.

ويعود تاريخ ظهوره عادات للتوثيق إلى بداية الرسالة أما في المغرب فيمكن القول إنه لم يعرف هذا التوثيق إلا في القرن الثاني الهجري.

أما التوثيق العصري فلم يظهر إلى مع وجود المحتل الفرنسي وقد لقي هذا التوثيق من عدول المغرب معارضة شديدة على اعتبار أن الموثقين العصريين كانوا يعملون بالتنافس مع العدول غداة الاستقلال ومع صدور قانون 5 يناير 1965م والمتعلق بتوحيد وتعريب ومغربة القضاء أصبح هذا التوثيق الفرنسي يحمل الاسم التوثيق العصري[62].

- الشرط الثاني: أن يكون ما يحرره مطابقا للأوضاع القانونية وهذه الأوضاع يجب على الموظف العمومي مراعاتها عند القيام بمهمته.

- الشرط الثالث: أن يقوم بتحرير الورقة الرسمية في حدود سلطته وأن يكون تحريرها من اختصاصه[63].

ثانيا: الوكالة العرفية: على عكس المحررات الرسمية التي عرفها قانون الإلتزامات والعقود، فإن المحررات العرفية لم يعرفها، ولكن بالاستناد إلى القاعدة اللغوية المأثورة "بضدها تعرف الأشيـاء" يمكن القول إن المحرر العرفي هو الذي لا يصادق عليه الموظف العمـومي، بل هو الذي يوقع من شخص ينتمي إلى الهيئة المنتخبة.

والرسم العرفي سواء كان التزاما أو وكالة، له نفس الحجية التي للمحرر الرسمي، وهذا ما يستشف من خلال الفصل 429 من ق.ل.ع. والذي ينص على "أن الورقة العرفية المعترف بها ممن يقع التمسك بها ضده أو المعتبرة قانونا في حكم المعترف بها منه يكون لها نفس قوة الدليل التي للورقة الرسمية وقد سميت بأنها محررات عرفية لأنها لا تخضع لطريقة معينة في تحريرها ولا إلى أي إجراء من تلك الإجراءات التي تخضع لها المحررات الرسمية، وإنما تتم كتابتها عل ما جرى به العرف بين المتعاقدين.

 وتقسم هذه المحررات إلى محررات معدة للإثبـات ومحررات غير معدة للإثبات.

1- المحررات غير المعدة للإثبات: رغم أنها غير معدة للإثبات إلا أن حجيتها لا تنفك عنها وهي متنوعة منها.

- الرسائل والبرقيات.

- الدفاتر والأوراق المنزلية

- الدفاتر التجارية

2- المحررات المعدة للإثبات

وهي التي يقصد بها الأطراف المعنيون الإثبات عند المنازعة، ولا يشترط فيها إلا أن تحمل توقيع ممن يحتج بها عليه، والذي قد يكون طرفا واحدا كما إذا كان المحرر يتعلق بتعهد بدين، فتوقيع المدين هو المطلوب، وقد يكون التوقيع من طرفين، كما إذا كان العقد الذي يثبته المحرر ملزما للطرفين معا كعقد الإيجار أو السرقة فيكون توقيعهما معا هو المطلوب[64].

والوكالة العرفية رغم أنها توصف ضمن المحررات العرفية إلا أنها تمتاز ببعض المميزات فهي: تحرر بخط يد صاحبها غالبا، وتختم بختم بلدي، وإما أن يعمد الموكل إلى مكتب يقدم مثل هذه الخدمات فيحرر فيها هذه الوكالة.

إلا أن هذه الورقة تبقى محكومة بالقواعد العرفية وخاصة للعرف والذي يتنوع من حيث الزمان والمكان[65] .

 

المبحث الثاني: الأحكـام الفقهية والقـانونية الضـابطة لتصرف الوكيل في وكالة الزواج

القاعدة العامة في التصرفات النفعية أن كل إنسان يباشر عمله بنفسه، إلا أنه قد تطرأ ظروف تجعل هذا الأخير غير قادر على القيام بعمله مما يجعله مضطرا محتاجا إلى غيره ليقوم مقامه في العديد من التصرفات. وهذا الاستثناء مفتوح أمام كل شخص أراد أن يقوم بأي عمل من الأعمال، أو يعقد أي عقد من العقود، خاصة ونحن نعلم أن الأصل في العقود كلها أنها تجوز الوكالة فيها. اللهم ما استثنى شرعا.

وبما أن العقد الذي نبحث فيه هو عقد الزواج والوكالة فيه جائزة، بل يمكن القول إنه لم يقع الاختلاف بين الفقهاء في جواز الوكالة في الزواج، والواقع المعتاد في أكثر عقود الزواج قديما وحديثا إن لا يباشر من الخطيبان هو العقد بنفسهما وإنما بوكالة عنهما.

إلا أن هذا الوضع كان سببا مباشرا في نشوب العديد من المشاكل الأسرية، ولذا تدخل المشرع المغربي من أجل القضاء على هذه المشاكل ومساهمة منه في تحقيق الاستقرار الأسري الذي يتطلب معرفة الطرفان بعضهما البعض عن قرب وكذا إبداء كل واحد رأيه تجاه الآخر والتعبير عن الرضى بشكل مباشر. أصبح اليوم حضور الخطيب والمخطوبة في مجلس العقد إلزاميا ومتوقفا عليه هذا الأخير – العقد – إلا إذا كانت هناك ظروف وأعذار اقتضت دون تمكن الأطراف أو أحدهما من الحضور، فهناك أجاز المشرع المغربي إبرام العقد بوكـالة خاصة يتولاها من هو أهل لذلك.

أما حكم هذه الوكالة في الفقه الإسلامي فهي جائزة ومباحة سواء بالنسبة للرجل أو المرأة على حد سواء، وهذا المنحى هو الذي سلكه المشرع المغربي في مدونة الأسرة إلا أن هذا الحق في مدونة ح.ش. كان حكرا على الرجال والتي كانت تمنع المرأة من التوكيل في زواجها مع حضور الوالي قياسا على منع المرأة من تولي الولاية، ولكن الوكالة في مدونة الأسرة هي على خلاف ذلك....

وبما أن الوكالة هي عمل يقوم به الوكيل، وتصرف يثقل به الموكل كاهل الوكيل، فإن التساؤل يطرح حول الأحكام والطريقة التي تؤدى بها هذه الوكالة في الزواج، وعليه فحديثي في هذه المبحث يقتضي إبراز هذه الأحكام (المطلب الأول) على أن أتحدث على تصرف الوكيل في القانون الأسري والمقارن (المطلب الثاني).

المطلب الأول: الأحكام الفقهية الضابطة لتصرف الوكيل في وكالة الزواج

الأحكام الفقهية التي تحكم تصرف وعمل الوكيل وعلاقته بالموكل، أحكام فقهية مضبوطة مبنية على المصلحة الشرعية التي تدعو الشريعة الإسلامية السمحاء إلى العمل والتمسك بها متى كانت وأينما وجدت وفي أي مجال، سواء في الزواج أو في الطلاق أو البيع أو الشراء... شريطة أن تحترم ضوابطها.

وبما أن عمل الوكيل يدخل ضمن هذا الإطار والذي يتوخى منه تحقيق المصلحة ورفع الحرج عن الموكل، فإن عمله إما  أن يكون محكوما بتحديد أنواع الوكالة مطلقة كانت أو مقيدة (الفقرة الأولى) وإما أن يعتري تصرفه أحكام أخرى (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: حكم العمل بالوكالة المطلقة والمقيدة في الزواج

عمل الوكيل في وكالة الزواج لا تخلو وكالته من أمرين، إما أن يمنحه الموكل وكالة مطلقة (أولا) وإما أن يمنحه وكالة مقيدة (ثانيا).

أولا: حكم الزواج بالوكالة المطلقة: الوكالة المطلقة كما سبق وأن ذكرت هي التي تصدر من الموكل بدون قيود بحيث لا يتقيد فيها الموكل بامرأة بعينها أو أوصاف معينة أو مهر معين، والأمر يختلف في هذه الوكالة باختلاف الشخص الموكل فإما أن يكون الموكل هو الزوج وإما أن يكون هو الزوجة[66] - أي المرأة -.

أ-حالة كون الزوج هو الموكل: كأن يقول مثلا وكلتك في أن تزوجني بالصيغة المطلقة دون تحديد النوع أو الوصف، فإذا زوجه الوكيل في هذه الحالة بامرأة تحل له شرعا سواء كانت كفئا له أو غير كفئ، وسواء زوجه بمهر المثل أو بأكثر منه بغبن يسير أو بغين فاحش سواء كانت سليمة من العاهات والعيوب، أو غير سليمة فعقد الزواج يكون صحيحا نافذا على الموكل عند أبي حنيفة. لأن التوكيل صدر مطلقا غير مقيد بامرأة معينة ولا مهر معين والمطلق يشمل  أي امرأة وأي مهر، كان سواء كان قليلا أو كثيرا فينفذ تصرف الوكيل في هذه الوكالة ولا يتوقف على إجازة الموكل أو عدم إجازته.

ومذهب الصحابيين[67] في هذه المسألة أن العقد لا يكون صحيحا نافذا بدون توقف على إجازة الموكل إلا إذا كانت المرأة سليمة من العيوب والعاهات وكانت مكافئة له للموكل.

فالتوكيل عند الصاحبان وإن كان مطلقا بحسب لفظه إلا أنه مقيد بالعرف أي بما تعارف عليه الناس[68] ، أما المالكية فلا يجوزون الزواج بالوكالة المطلقة إذا كانت فيه مخالفة، أي مخالفة الوكيل لما تعارف عليه الناس في وكالة الزواج، فلو زوج الوكيل موكله من امرأة لا تليق به، أو أنه زوجه على مهر لا يماثلها، فالموكل في هذه الحالة على الخيار أي أنه مخير بين أن يقبل أو أن يرجع على الوكيل[69].

ومن خلال هذه الأحكام المتقدمة ينبغي على الوكيل في الوكالة المطلقة أن يعمل ما أمكن من أجل تحقيق الأفضل والأصلح لموكله ولا يتأتى ذلك إلا بتقيده  بالكفاءة والسلامة والمصلحة وذلك حتى لا يدخل في دائرة التهمة والمخالفة التي تلحق الأذى بالموكل.

ب- حالة كون الموكل هي المرأة في الوكالة المطلقة: تختلف الوكالة من المرأة بالزواج بناء على اختلاف الفقهاء في اشتراط الولي فيه، فالذين يجيزون نكاح المرأة لنفسها من غير وليها وهم الحنفية، أجازوا لها أن توكل من تشاء، فالأمر الذي يملك الإنسان القيام به لنفسه يملك التوكيل فيه.

أما الشافعية ومن معهم من الحنابلة والمالكية فيرون أن المرأة لا تملك أن توكل لأنها توكل في أمر لا تملكه أصلا، لأن مباشرة عقد الزواج لا تقوم به المرأة وإنما يقوم به الولي وذلك استنادا للحديث النبوي الذي يقول فيه المصطفى صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة أنكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل"[70].

من خلال هذا الحديث يتبين أن هؤلاء الفقهاء بنوا حكمهم على علة مفادها، أن المرأة لا يمكن أن توكل في زواجها بل أمرها لوليها، فالذي له الحق في التوكيل إذن هو الولي، وقد قسم الشافعية الولي إلى قسمين مجبر وغير مجبر.

فالمجبر هو الأب والجد، حيث أجازوا للولي المجبر التوكيل بزواج موليته دون إذنهما، ولا يشترط عندهم في جواز توكيل الولي المجبر. تعيين الزوج للوكيل امرأة كانت أو رجلا، بل تجوز الوكالة مطلقة، وعند  الإطلاق لا يزوج الوكيل من غير كفئ، لأن الإطلاق مقيد بالكفء، أما الولي غير المجبر إن كان غير أب أو جد، أو لكون المرأة ثيبا فليس لها حق التوكيل بتزويج موليته إلا إذا أدنت له فإن منعته فليس لها حق التوكيل.

والحنابلة أيضا بدورهم أجازوا توكيل الولي لغيره مطلقا ومقيدا غير أن إذن المرأة ليس شرطا في صحة الوكالة، لأن الولي عندهم ليس وكيلا بل إنه يلي شرعا، فكان له التوكيل[71].

فإذا كان الحنفية قد أجازوا للمرأة أن توكل غيرها بناء على أصلهم في عدم اشتراط الولي فالحكم يختلف حسب نوع الوكالة بين مطلقة ومقيدة.

وقد قسم الحنفية الوكالة إلى قسمين، وكالة المرأة ووكالة الرجل.

فإذا كانت المرأة هي الموكل، التزم الوكيل بالوكالة المطلقة، لأن المرأة تعير بزوجها إن كان دونها وغير كفء لها، أما الرجل فإنه لا يعير بعدم كفاءتها له، فلو زوجه الوكيل عمياء أو ارتقاء لا تصلح للنكاح جاز عند أبي حنيفة خلافا لصاحبيه، حيث قال الصـاحبان أن الوكالة وإن كانت مطلقة إلا أنها مقيدة بالمعتاد كما سبق وأن ذكرت[72].

وإذا كـان الخلاف بين الفقهاء قد وقع حول توكيل المرأة في الزواج فيمكن القول إن هذا الخلاف انتقل إلى قانون الأسرة، وخاصة في الفصل الخامس من مدونة ح. ش.

ثانيا: حكم الزواج بالوكالة المقيدة: الزواج بالوكالة المقيدة جائزة بل إنها الأضبط، والزواج بها يكـون أسلم، والوكالة المقيدة هي التي يقيد فيها الموكل الوكيل بامرأة معينة ومهر معلـوم[73]، وبدورها قد تصدر من الرجل كمـا يمكن أن تصدر من المرأة.

فإذا وكل الرجل غيره بأن يزوجه وقيده بامرأة معينة أو من أسرة معينة فزوجه كما طلب كان العقد نافذا صحيحا وإن خالف الوكيل فيها الموكل كان فضوليا ويكون العقد موقوفا على إجازة الموكل، إن أجازه الموكل نفذ وإن لم يجزه بطل[74].

وإن وكل شخص غيره وقيده بمهر معين فإن زوجه بالمهر الذي عينه كان العقد نافذا على الموكل وليس له رده، وإن خالف كان العقد موقوفا إلا إذا كانت المخالفة فيها خيرا للموكل فإن العقد يصح وينفذ  من غير توقف على إجازته لأنه من يرضى بالكثير يرضى بالقليل من باب أولى[75]. وبما أن المخالفة في الوكالة المقيدة ينظر إليها من زاوية المصلحة، أي إذا كانت المخالفة فيها حيز ومصلحة للموكل فهي جائزة، وإن كانت لا تحقق هذه الغاية للموكل فهي جائزة بل موقوفة ويبقى أمرها معلقا على أن يقبلها الموكل أو يردها.

ولذا فإن عمل الوكيل المخالف لبنود الوكالة يصنف ضمن العمل الفضولي، وقد اختلف الفقه في تصرفه، فقد ذهب الحنفية إلى أن تصرف الفضولي وعقده عن الغير ينعقد، ولكنه ينعقد موقوفا على إجازة ذلك وعللوا ذلك بما يلي:

إن ركن العقد وهو الإيجاب والقبول من الفضولي قد صدر من أهله وهو العاقل البالغ وصدر مضافا إلى محله والمالكية بدورهم يجيزون تصرفات الفضولي حيث يقولون بانعقادها موقوفة على إجازة من له حق الإجازة فإن أجازها جازت ونفدت وإلا بطلت لأن الإجازة اللاحقة كالإذن أو الوكالة السابقة[76].

أما الشافعية فقالوا ببطلان تصرفات الفضولي، وعدم انعقادها أصلا كما أنها لا تلحقها الإجازة[77] .

الفقرة الثانية: عمل الوكيل وتصرفه في إنشاء عقد الزواج

الأصل في العقود كلها أن يتولى إنشاءها عاقدان: أحدهما يصدر عنه الإيجاب والآخر يصدر عنه القبول، وإذا كانت هذه هي ميزة جميع العقود، فإن الزواج لا يخضع لهذه القاعدة دائما فقد يتم عقده بطريقين (الزوج والزوجة) وقد يعقده طرف واحد سواء كان وليا أو وكيلا ( أولا) كما يتم إنشاء هذا العقد بالرسالة أو بالكتابة بل يمكن إنشاؤه عن طريق الوكالة المركبة بمعنى أن الوكيل  في الزواج يمكن أن يوكل غيره فيه (ثانيا).

أولا: إنشاء عقد الزواج بعاقد واحد: لقد سبق أن قلت إن الأصل في العقود يتولى إنشاءها عاقدان إلا أن عقد الزواج يمكن أن يستثنى من هذا الأصل فيجوز عقده بطرف واحد.

وقد اختلف الفقهاء في هذا فمذهب الشافعي وزفر[78] أنه لا يجوز في عقد الزواج ألا يتولاه طرف واحد مطلقا سواء كان وليا أو وكيلا أو فضوليا فلو قال: أشهد أن فلانة بنت فلان وكلتني أن أتزوج منها وقد قبلت. لم يصح ذلك عندهما لأن العاقد الواحد لا يصح أن يكون ملزما لغيره ولا ملتزما لنفسه في آن واحد، كما في البيع فإنه لا يجوز أن يتولى واحد إجراء البيع والشراء بالاتفاق ما عدا الأب فإنه يجوز له أن يبيع لولده الصغير من نفسه لمكان الضرورة في ذلك ولا ضرورة هنا في الزواج[79].

ويرى الحنفية أن العاقد في باب النكاح سفير ومعبر فالواحد كما يصح أن يكون معبرا عن الواحد يصلح أن يكون معبرا عن الاثنين، ودليل الوصف أنه لا يستغني عن إضافة العقد إلى غيره، فكان مباشرا للعقد لا معبرا، وهذا يعني أن حقوق العقد في باب البيع تتعلق  بالعاقد، فإذا باشر العقد من الجانبين يؤدي إلى نفاذ الأحكام، لأنه يكون مطالبا ومطالبا مسلما ومسلما مخاصما ومخاصما، وفي باب النكاح لا تتعلق الحقوق بالعاقد فلا يؤدي إلى نفاذ الأحكام[80].

فمن خلال هذا الحكم يجوز للواحد أن ينفرد بالعقد عند الشهود على الاثنين إذا كان وليا لهما أو وكيلا وخالف زفر في ذلك فقال إذا كان العاقد وليا للطرفين جائز وإن يكن وكيلا لا يجوز، لأنه عقد معاوضة فلا يباشره الواحد من الجانبين[81]، أما أبي يوسف وهو من تلامذة الإمام أبو حنيفة، فقد أجاز ذلك في الواحد الفضولي سواء كان فضـوليا من جـانب وأصيلا من جـانب أم فضوليـا من الجانبين خلافا لأبي حنيفة وزفر[82].

ودليل ما أجاز، أن يتولى إنشاء عقد الزواج عاقد واحد، وهو الحديث المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم فعن عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أترضى أن أزوجك فلانة؟ قال: نعم، وقال للمرأة أترضى أن أزوجك فلانا؟ قالت: نعم، فزوج أحدهما صاحبه[83].

أما الحنابلة فقد ثبت عنهم روايتان بخصوص هذا الموضوع[84] .

الرواية الأولى: أن من أراد أن يتزوج امرأة وهو وليها، جعل أمرها إلى رجل يزوجها منه بإذنها و لا يجوز أن يتولى طرفي العقد.

الرواية الثانية: فهي أن يزوج نفسه منها، بأن يقول زوجت نفسي من فلانة وقبلت هذا النكاح فإما أن يتولى هو طرفي العقد وإما أن يوكل غيره فيزوجها من نفسه وللمالكية مثل هاتين الروايتين.

والراجح هو رأي الجمهور، لأن العاقد في الزواج لا يكون ملزما في آن واحد، فهو ليس إلا سفيـرا ومعبرا فقط ولذلك فلا ترجع إليه حقوق العقد فلا يطالب بالمهر أو بتسليـم الزوجة أو غير ذلك، ومن هذا يمكن للواحد أن يتولى طرفي العقد[85].

ويمكن حصر الصور التي يمكن أو يجوز فيها للعاقد الواحد أن ينشأ العقد عند الحنفية فيما يلي:

1) أن يكون العـاقد وليا للطرفين، كأن يزوج الأب ابنته الصغيرة لابن أخيه الصغير التي تحت ولايته.

2) أن يكون العاقد وليا على طرف ووكيلا عن طرف آخر، وذلك كأن يزوج ابنته ممن وكله في زواجه.

3) أن يكون العاقد أصيلا عن نفسه ووكيلا عن غيره، كأن توكل امرأة رجلا بزواجها فيزوجها من نفسه.

4) أن يكون العاقد وليا على طرف وأصيلا بالنسبة إلى نفسه، كأن يزوج رجل ابنة عمه التي تحت ولايته.

5) أن يكون العاقد وكيلا للطرفين، كأن توكل امرأة رجلا بزواجها ووكل الرجل نفس الوكيل في زواجه فيقوم الوكيل بتزويج موكلته من موكله[86].

ففي هذه الحالة كلها نجد العاقد واحدا قائم مقام العاقدين، وذلك جائز عند من ذكرتهم من الفقهاء، وحجتهم في ذلك أن الوكيل سفير ومعبر، فلا يكون كما قال الشافعي ملزما في آن واحد، بدليل أنه لابد من إضافة العقد إلى موكله أو المولي عليه، ولا يطالب بالمهر وتسليم الزوجة، وهذا بخلاف البيع والشراء، فإن العاقد فيه يضيفه إلى نفسه، ويطالب هو بالحقوق الناشئة عن العقد من تسليم المبيع أو دفع الثمن فافترق الأمر بين النكاح والبيع[87] .

أما ابن معجوز، فيرى أنه إذا كان يجوز لكل من الرجل وولي المرأة أن يوكلا من ينوب عنها في العقد، فإنه يجوز لهما أن يوكلا شخصا واحدا لينوب عنهما معا في عقد الزواج، بحيث يتولى هذا الوكيل وحده عقد الزواج نيابة عن  كل من الرجل وولي المرأة فيكون شخص واحد قد  تولى طرفي العقد[88].

وكأن ابن معجوز من خلال هذا الرأي يتفق مع الحنفية وبالضبط مع الصور السائلة الصورة الثانية لصور العاقد الواحد.

وإذا كان الشرع يجيز للوكيل أو الولي أن ينشأ العقد كطرف واحد بدون حضور الموكل أو المنوب، فإن التساؤل يطرح حول ما إذا كان يسمح للوكيل بأن يتزوج موكلته أم لا؟

وبخصوص هذا التساؤل، وهو هل يسمح الشرع بأن يتزوج الوكيلة موكلة أو الولي موليته، فيمكن القول إن فقهاء الحنفية اتفقوا على أن الوكالة إذا كانت مطلقة فلا يجوز للوكيل أن يزوجها من نفسه، وحجتهم في ذلك أنها لو أرادته لنصت على ذلك وصرحت به، فحيث إنها أطلقت ذلك على أنها لا تريده، أما تزويج الوكيل لها من ابنه أو ممن لا يقبل شهادته له، فأجاز ذلك الصاحبان ولم يجزه أبو حنيفة أما المالكية فقد وردت عنهم روايتان الأولى تجيزه والأخرى ترده[89].

أما بخصوص الولي فيمكن القول إن المرأة إذا فوضت زواجها لوليها فعقد زواجها بنفسه فإن هذا الزواج صحيح منعقد، وذلك استنادا للحديث الذي أورده البخاري من أن عبد الرحمان بن عوف قال لأم حكيم بن قارط أتجعلين أمرك إلي؟ قالت: نعم، قال: "فقد تزوجتك"[90]، وقال مالك لو قالت الثيب لوليها زوجني بمن رأيت فزوجها من نفسه أو ممن اختار لها لزمها ذلك ولو لم تعلم عين الزوج.

وذهب الشافعي وزفر من الحنفية وداود إلى أن الولي إذا أراد أن يزوج وليته من نفسه فلا يحق له أن يعقد هذا الزوج بصفته وليا لها، وإنما يعقد له السلطان أو ولي آخر مثله أو أبعد منه، واستدلوا على ذلك بما روي عن أن المغيرة خطب ابنة عمه عروة بن مسعود، فأرسل إلى عبد الله بن أبي عقيل فقال: زوجنيها فقال: ما كنت لأفعل أنت أمير البلد، وابن عمها، فأرسل المغيرة إلى عثمان بن أبي العاص فزوجها منه.

وقد يتبين من هذا أن الجمهور يجيزون للولي أن يزوج نفسه بوليته بينما يرى الشافعية ومن معهم أنه ليس للولي أن يعقد هذا الزواج [91].

وقد تبنى قانون الأسرة رأي الجمهور سواء في مدونة الأحوال الشخصية أو في مدونة الأسرة[92] بعد التعديل باستثناء حالة واحدة وهي ما إذا كان القاضي هو ولي المرأة فعندئذ لا يجوز له أن يتولى عقد الزواج على وليته لنفسه لا من أصوله ولا من فروعه.

ثانيا: الزواج بالكتابة والرسالة وحكم زواج وكيل الوكيل

إذا كان عقد الزواج ينعقد بعدة طرق  كما سبق ذكره نظرا للخصوصيات التي ينفرد بها عن باقي العقود لكونه ذو طبيعية خاصة وقدسية عظيمة عبر عنها الحق سبحانه وتعالى في قوله تعالى: " وأخذن منكم ميثاقا غليظا"[93] فوصفه بالميثاق الغليظ فيه دلالة على أنه لا عقد من العقود يشبهه، ومن المميزات التي تميز عقد الزواج أنه يتم إنشاؤه بطرق متنوعة، فيمكن إنشاؤه من طرف الزوجين أو وكليهما أو وليهما.

كمـا يمكن إنشـاؤه عن طريـق الكتـابة أو الرسالة وكذا عن طريق الإشارة المفهمة.

1- انعقاد الزواج بالرسالة وبالكتابة:

إذا كان العقد بين غائبين عن مجلس عقد الزواج بأن كان أحدهما في مدينة والآخر في مدينة غيرها، جاز أن يكون الإيجاب بواسطة رسول أو كتاب، وللإشارة فإن عبارة الرسول وما سطر في الكتاب تقوم مقام تلفظ العاقد الحاضر.

فلو أرسل الخاطب رسولا إلى امرأة يقول لها: زوجيني نفسك؛ أو تزوجتك، وأدى الرسول إليها عبارة المرسل وقبلت بحضرة الشهود ثم العقد لوجود شرطي الإيجاب والقبول في مجلس العقد وهذا ما قره الفقه الإسلامي. فإذا أرسل الخاطب إلى المخطوبة بكتابة يعبر فيه عن الإيجاب بأن قال لها: زوجيني نفسك ونحوه، فلما بلغها الكتاب أحضرت شهودا وقرأته عليهم أو أعلمتهم بما فيه ثم قبلت الزواج في المجلس، فإنه يتم العقد بذلك لأن الكتاب من الغائب كالخطاب من الحاضر، ومن الواضح أنه لو كتب الحاضر، تزوجتك فكتبت قبلت، لا ينعقد الزواج لأن الكتابة بلا قول من الطرفين الحاضرين لا تكفي ولو في  الغيبة، مع الإشارة أيضا إلى أن القادر عن النطق لا تصح منه الكتابة[94].

وإذا كان الزواج ينعقد بالرسالة وبالكتابة فإنه يمكن أن ينعقد بالإشارة. والإشارة كما هو معلوم هي لغة الأخرس، ولذا فإن العقد الصادر من هذا الشخص يطرح تساؤلا حول مدة صحة هذا العقد الصادر عن شخص لا يستطيع النطق؟ ثم هل الإشارة كافية لإبرام هذا العقد؟.

إن الجواب على هذا التساؤل يمكن أن يستخلص من الاتجاهات الفقهية، حيث اعتبر كثير من الفقهاء أن العقد جائز وصحيح إذا كان صادرا من الأخرس بإشارة مفهمة لا لبس فيها ولا غموض، وإذا كان لا يحسن الكتابة، وذهب بعض الشافعية أنه إذا كان يحسن الكتابة لا يقع طلاقه بالإشارة لانتفاء الضرورة بما هو أدل على المراد من الإشارة، والفقهاء لا يناقشون زواج الأخرس بل تجدهم يناقشون حتى طلاقه بقوله إذا كان الأخرس  لا يكتب وكانت له إشارة يعرف بها طلاقه ونكاحه وشراؤه وبيعه فهو جائز استحسانا.

وفي القياس لا يقع شيء من ذلك بإشارته لأنه لا يتبين بإشارته حروف منطوقة ولكن الاستحسان أن يقع فلو لم تجعل إشارته كعبارة الناطق أدى إلى أن يموت جوعا[95].

يفهم من هذا الكلام الفقهي أن إشارة الأخرس معتبرة في الشرع، ومن هنا يمكن القول إنه يجوز له أن يتزوج أو أن يطلق بالإشارة.

وإذا كان العقد قد عالج إنشاء عقد الزواج بطريق الإشارة، فإن قانون الأسرة بدوره نحى هذا المنحى، سواء في مدونة الأحوال الشخصية أوفي مدونة الأسرة، فالفقرة الثانية من الفصل تتحدث عن الإشارة وعن طريق التعبير بها، حيث جاء فيها: "يصح الإيجاب والقبول من العاجز عن النطق بالكتابة إن كان يكتب، وإلا فبإشارته المعلومة[96]، أما مدونة الأسرة فقد تحدثت عن التعبير بطريق الإشارة في المادة 10 وبنفس التعبير تقريبا، جاء فيها: "ينعقد الزواج بإيجاب من أحد المتعاقدين وقبول من الآخر بألفاظ تفيد معنى الزواج لغة أو عرفا".

يصح الإيجاب والقبول من العاجز عن النطق بالكتابة إن كان يكتب وإلا فبإشارته المفهومة من الطرف الآخر ومن الشاهدين [97].

ويلاحظ من خلال التعبير الذي جاء في الفقرتين المذكورتين، أن المشرع لم يقيد هذا الحكم بالأخرس، بل أطلقه في كل عاجز عن النطق فشمل معقد اللسان، لمرض طارئ، أي الذي لا يكون خرسه أصليا والذي  يذكره الفقهاء عندما يذكرون أحكام معتقل اللسان، ويقولون لا فائدة من زواجه لأنهم قالوا إن معتقل  اللسان تبقى تصرفاته موقوفة حتى الموت وهو قول ضعيف[98]، ومعنى ذلك أنه إذا عقد الزواج بإشارته لا يحكم بصحة عقده حتى يموت، وهذا في غاية الغرابة وفيه من الحرج ما لا يخفى[99] .

2- حكم زواج وكيل الوكيل:

يمكن القول إن الفقه يسمح بهذا الزواج ويجيزه، فلو وكل الوكيل غيره في تصرف من التصرفات، فإن تصرفه هذا لا يخلو إما إن يكون مأذونا به من قبل الوكيل وإما أن لا يكون مأذونا به، فإذا كان مأذونا له في التوكيل، فيجوز للوكيل أن يوكل عنه غيره في مباشرة عقد الزواج لوجود الرضى حينئذ برأي غيره.

أما إذا كان غير مأذونا له في التوكيل فليس له أن يوكل غيره فيما وكل به، لأن الموكل فوض إليه التصرف دون التوكيل به فلا يملكه حينئذ، ولأن الموكل رضي برأيه والناس متفاوتون في الآراء ومبنى الوكالة على الخصوص، لأن الوكيل يتصرف بولاية مستفادة من قبل الوكيل فيملك قدر ما أفاده، فإذا وكل الوكيل بغير إذن موكله فعقد وكيله بحضرته جاز، لأن المقصود حضور الرأي وقد حصل.

أما إذا عقد الثاني في غيبة الأول فإنه لا يجوز لفوات رأيه إلا أن يبلغه فيجيزه كما لـو زوجه أجنبي فبلغه فأجـابه، وكذلك يجوز بإجازة الموكل لوجود التصرف من أهله[100].

المطلب الثاني: الأحكام القانونية المنظمة لتصرف الوكيل في وكالة الزواج

على غرار الفقه الإسلامي فإن القانون الوضعي بدوره أخذ بالوكالة في الزواج، لأن الضرورة دعت إلى ذلك، إذ في كثير من الأحوال نجد الشخص مضطرا ومحتاجا إلى غيره لينوب عنه في كثير من التصرفات، ومنها إبرام عقد الزواج، وإذا كانت المدونة السابقة لم تنظم هذا الموضوع بنصوص خاصة مفصلة حيث اكتفت بنص يجيز للولي أن يوكل من يعقد نكاح وليته كما للزوج أن يوكل من يعقد نيابة عنه، فإنه في مدونة الأسرة نجد المشرع قد اهتم بالموضوع بشكل أكثر تفصيلا، وهذا ما سنتطرق إليه في الفرع الثاني، ونفس الشيء في التشريعات العربية، وعليه سنتطرق في هذا المطلب إلى الوكالة في التشريع المغربي وخاصة في مدونة الأحوال الشخصية (الفقرة الأولى) على أن أبرز موقف التشريعات العربية في المجال الأسري وتعامل القضاء المغربي مع الوكالة في الزواج، (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: الوكالة في التشريع الأسري المغربي

الملاحظ أنه عندما يلفظ بتعبير التشريع الأسري المغربي يراد به مدونة 1957 ومدونة 1993 والمدونة الحالية، ويمكن القول أن هذا التشريع مر بمخاض عسير وقد قطع عدة أشواط قبل أن يرسوا على مدونة الأسرة.

وبما أن مدونة الأحوال الشخصية عرفت عهدين مختلفين فإن عملي في هذه الفقرة سيكون مقسما حسب هذين العهدين، سأتكلم بداية عن الوكالة في مدونة 1957 (أولا) ثم بعد ذلك سأتحدث عن الوكالة في مدونة 1993 والجديد الذي أتبته(ثانيا) مع الإشارة إلى أن الحديث عن الوكالة في مدونة الأسرة سيكون مستقلا في فرع خاص.

أولا: الوكالة في الزواج من خلال مدونة الأحوال الشخصية لسنة 1957: لم يعرف المغرب في عهد الحماية تشريعا مدونا خاصا بالأحوال الشخصية لا بالنسبة للمغاربة المسلمين ولا بالنسبة للمغاربة اليهود ولا بالنسبة للفرنسيين والأجانب[101] ، فالمغاربة كانوا يخضعون فيما يخص تنظيم علاقتهم الأسرية إلى الأحكام المدونة في كتب الفقه وخصوصا شروح متن الشيخ خليل، وشروح تحفة ابن عاصم ومختلف كتب النوازل الفقهية، أما الفرنسيون والأجانب فقد كانوا يخضعون لقوانينهم الوطنية في الأحوال الشخصية تطبيقا للمقتضيات المضمنة في ظهير 12 غشت 1913 والمتعلق بالوضعية المدنية للأجانب والفرنسيين بالمغرب.

ويمكن القول إن هذا القانون لازال إلى الآن يمثل العمود الفقري للقانون الدولي الخاص[102] ، ولما غادر المستعمر الفرنسي بلدنا سنة 1956 تشكلت لجنة فقهية من كبار علماء المغرب[103] لكي يسهروا على وضع قانون الأسرة على غرار ما هو موجود في الدول العربية.

وقد انطلقت هذه اللجنة من مشروع تم تهيئته من طرف وزارة العدل آنذاك واشتمل في البداية على 269 فصلا، وهكذا أصدر المشرع المغربي خمس ظهائر.

ومن مجموع هذه الظهائر الخمسة[104] تكونت مدونة الأحوال الشخصية المغربية وقد احتوت 297 فصلا، والملاحظ على هذه المدونة لسنة 1957 بخصوص الوكالة أنها لم تنظم موضوع الوكالة بنصوص خاصة أو نص مفصل، وأعتقد أنه كان عليها أن تفعل ذلك، لأن التوكيل على إبرام عقد الزواج يتطلب عند السماح به أن يخضع لأحكام خاصة تختلف عن الوكالة العامة، لا من حيث الشكل ولا من حيث الموضوع، ولا من حيث تحديد صلاحيات الوكيل في إبرام العقد[105].

ورغم أن هذه المدونة كانت تنص على الوكالة في الزواج إلا أن هذه الوكالة كانت خاصة بالولي، والزوج فقط، وهذا ما يفهم من خلال الفقرة الأولى من الفصل العاشر، والذي جاء فيه "يجوز للولي أن يوكل من يعقد نكاح وليته كما للزوج أن يوكل من يعقد عنه" بل فرضت على المرأة الوصي أن تعين رجلا ليباشر العقد على من تحت وصايتها، وقد أخذ هذا الموقف جدلا فقهيا كبيرا وخاصة من المنظمات الحقوقية، والتي تعني بالمرأة إذ كانوا ينظرون إلى هذه المدونة على أنها تنقص من قيمة المرأة وتقلل من كرامتها وكانوا يعتقدون أن مدونة الأحوال الشخصية تحرم للزوجة من إبرام زواجها بنفسها، وعليه فمن باب أولى أنها لا تملك التوكيل فيه، بل هناك من يزعم إلى أن التوكيل في ظل هذه المدونة لا يمكن إلا أن يكون ذكرا[106] .

والحقيقة أن المشرع المغربي وإن نص على الوكالة وأجازها في قانون الأحوال الشخصية لسنة 1957، إلا أنه مع ذلك لم ينظم هذه الوكالة التنظيم الدقيق، لأن هذه الوكالة في عقد الزواج والتي يعتبر  من أهم العقود التي يبرمها الإنسان في حياته يجب أن تحدد أحكامها سواء من حيث الشكل أو من حيث الموضوع، وأن تطبق القواعد العامة الواردة في ق.ل.ع. في موضوع هذه الوكالة، وذلك حتى تنسجم مع طبيعة هذا العقد ومميزاته الخاصة والتي يختلف فيها عن باقي العقود المسماة الأخرى[107]، فالوكالة في هذا العقد ينبغي أن تكون محددة المعالم ومضبوطة بشكل دقيق تبعد عن هذا العقد كل الاحتمالات والتأويلات التي هو في غنى عنها أصلا.

ثانيا: الوكالة في الزواج وفق مدونة 1993

إن من بين التعديلات التي جاء بها ظهير 1993 والذي صدر بمثابة قانون تحت رقم 347. 93 . 1 الصادر في عاشر شتنبر 1993 تغيير وتتميم الفصل الخامس والفصل 12، اللذان يعالجان موضوع الوكالة[108]، ولقد أثار التعديل الذي أدخل على الفصل الخامس من مدونة الأحوال الشخصية لسنة 1993 اختلافا كبيرا في العمل القضائي بأقسام التوثيق حول ما إذا كان من حق المرأة توكيل غيرها في عقد الزواج نيابة أم لا؟ وتفسير هذا النص وجد اتجاهين:

- يرى الاتجاه الأول: أن الزواج لا ينبغي انعقاده إلا بحضور الزوجة شخصيا لدى العدلين وتوقيعها على ملخص العقد بمذكر الحفظ ولا حق للزوجة في توكيل غيرها ليباشر العقد نيابة عنها، لأن المشرع نص على ضرورة توقيعها على ملخص عقد الزواج لدى العدلين، والتنصيص على ذلك جاء على سبيل الالتزام مستدلين على ذلك بكون هدف المشرع من تعديل الفصل هو حماية الزوجة وحفظ حقها في التعبير عن إرادتها مباشرة وبدون واسطة مخافة أن يتم التدليس عليها، وبهذا الرأي كان العمل يجري عند بعض أقسام التوثيق.

 في حين يذهب الاتجاه الثاني: إلى أن الزوجة من حقها أن توكل من تشاء لينوب عنها في توقيع عقد زواجها ما دامت تملك ذلك، لأن المشرع لم ينص على ضرورة توقيعها شخصيا لدى العدلين، لأن العقد عليها في مقتضيات المدونة ما دام يتم إبرامه من طرف والدها وذلك بتفويض منها له، فهذا يدل على إمكانية تفويضها لغيره في التوقيع عنها لدى العدلين [109]، وذلك لما هو مقرر فقها من إمكانية توكيلها على إبرام عقد زواجها.

وهذا الخلاف لم يدم طويلا حيث ظهرت فكرة توحيد العمل بأقسام قضاء التوثيق، والاختلاف الذي كان سائدا في  أقسام قضاء التوثيق في نظري إنما كان مبنيا على الآراء الشخصية المحضة، وليس مؤسسا على أساس فقهي أو قانوني، إذ الفقه عامة وخاصة المالكية لا يمنعون وكالة المرأة من عقد زواجها سواء في إطار الولاية أو في إطار النيابة بصفة عامة، ولا يشترطون حضورها شخصيا في مجلس العقد وإنما بإمكانها اعتماد أي شخص سواء من أوليائها أو من غير أوليائها، بل يذهب الأستاذ عبد الله روحمات إلى أن وكالة الزوجة في توقيع  عقد زواجها غير منصوص على منعه لا بنص خاص في الأحوال الشخصية ولا بنص عام في قانون الالتزامات والعقود، مما يستدعي القول بأن كل موقف ذهب إلى منع وكالة المرأة في الزواج يبقى اجتهاديا وليس قانونيا[110]. وبهذا التعديل الذي أجري على الفصل الخامس أصبح بإمكان المرأة التي لا أبا لها أن تعقد على نفسها أو توكل من تشاء من الأولياء، وهذا يعد مكسبا مهما، وقد فتح الباب أمام القضاء المغربي لتطبيق بنود الوكالة في الزواج حيث نجد أن الوكالة في الزواج ازدادت.

وأخيرا ينبغي أن نشير إلى أن التعديل لم يقتصر على بعض فصول مدونة الأحوال الشخصية، بل شمل كذلك نصوص قوانين أخرى[111] لها علاقة بتنظيم وضعية المرأة والطفل داخل الأسرة وهي قانون الالتزامات والعقود (1248/2/ ) [112] وقانون المسطرة المدنية (179- 449) [113] ، كما صدر ظهير مؤرخ ب 10 شتنبر 1993 يتعلق بكفالة الأطفال المهملين ينظم قواعد الكفالة ليملأ بذلك تشريعيا دام مدة طويلة.

الفقرة الثانية: وكالة الزواج في القانون المقارن

لم تختلف القوانين المقارنة في موضوع الزواج بالوكالة فقد جاءت معظم هذه القوانين متناغمة مع الشرع الإسلامي وبالتالي مع قانون الأسرة المغربي، حيث أخذت معظم القوانين العربية بهذه الوكالة ولإبراز هذا أكثر ارتأيت تقسيم هذه الفقرة إلى نقطتين: سأتحدث في النقطة الأولى عن التشريع الأسري المغاربي (أولا) على أن أتحدث على التشريع الأردني والمصري واليمني كنماذج (ثانيا).

أولا: التشريع الأسري المغاربي وموقفه من الوكالة في الزواج

الملاحظة التي يمكن أن أبديها بداية هو أن جل الدول المغاربية عالجت موضوع الوكالة في الزواج.

فالمشرع الجزائري نص على هذه الوكالة في المادة 20 من قانون الأسرة: ونصت هذه المادة على أنه يصح أن ينوب عن الزوج وكيله في إبرام عقد الزواج بوكالة خاصة أو بورقة رسمية معدة في هذا الشأن[114].

ومن خلال هذا النص يتضح أن الوكالة بالزواج جائزة في  القانون الجزائري غير أنه ليس للوكيل أن يزوج موكله أو موكلته من نفسه إلا إذا نص على ذلك في وكالة خاصة بالزواج وليس له أن يجاوز حدود وكالته كما يجوز للولي أن يوكل من يعقد زواج وليته، كما للزوج أن يوكل من يعقد منه.

ويقول الأستاذ العربي بلحاج وهو من شراح قانون الأسرة الجزائري، أنه رغم وجود فائدة طفيفة للزواج بالتوكيل وخاصة في حالة غياب أحد الزوجين عن مجلس العقد، لأسباب قاهرة ومعقولة إلا أن مفهوم الوكالة لا ينسجم كثيرا مع طبيعة عقد الزواج ونظامه القانوني، وذلك أن عقد الزواج من العقود الرسمية والخطيرة التي تقوم على الاعتبار الشخصي علما أن عقد الزواج لا يتم إلا برضى الزوجين بصفة شخصية وعلنية وأمام موظف مؤهل قانونا، في حين أن الوكيل يبقى مجرد رسول أو متكلم باسم غيره[115].

في حين ذهب المشرع التونسي في الفصلين التاسع والعاشر من مجلة الأحوال الشخصية[116] إلى أن الأصل في الزواج هو حضور الطرفين لإبرام العقد، والاستثناء أن يوكلا  شاءا ولا يشترط في وكيل الزوج بشرط خاص وليس له أن يجاوز حدود الوكالة، ويجب أن يحرر التوكيل في ورقة رسمية وإلا اعتبر باطلا.

ومما يلاحظ على المشرع التونسي أنه سوى بين الرجل والمرأة في الوكالة، كما أنه لا يسمح بأعمال الوكالة إلا إذا كانت رسمية، أي صادرة عن جهة رسمية.

أما قانون الأسرة الموريتاني فقد نص على الوكالة في الزواج في الفصلين 12، وذلك بقوله: "يجوز للولي أن يوكل غيره في عقد النكاح".

وإذا كانت المرأة وصية أو كافلة وكلت من يتولى عقد الزواج عنها[117] .

يظهر من خلال هذه المادة أن قانون الأسرة الموريتاني وإن كان يسمح بالوكالة في الزواج، إلا أنه لا يجيزها للمرأة فهي خاصة بالرجال قياسا على الولاية وبالتالي لا يجوز للمرأة أن تكون وكيلا في الزواج حتى ولو كانت وصية أو كافلة حسب تعبير المادة 12 من القانون الأسري الموريتاني.

ثانيا: التشريع العربي وموقفه من الوكالة في الزواج

نصت المادة 14 من قانون الأحوال الشخصية الأردني على أنه "ينعقد الزواج بإيجاب وقبول الخاطبين أو وكيلهما في مجلس العقد".

يتضح من خلال هذا النص أن الزواج في الأصل ينعقد بركنيه الإيجاب والقبول، غير أنه وتخفيفا على الخاطبين فالمشرع الأردي يسمح لهما أن يوكلا في زواجهما.

ويرى الأستاذ عثمان التكروري بخصوص هذه المادة أن النكاح يجب أن يتم بألفاظ يجب استعمالها في الإيجاب والقبول والتي تكون دالة على النكاح والتزويج، حيث ينتفي أن يصدر الإيجاب إما من الزوجة أو وليها أو وكيلها والقبول كذلك من الزوج أو وكيله[118].

أما المشرع اليمني فقد نص على هذه الوكالة في المادة 21 وذلك بقوله: "تصح الوكالة في الزواج ولو كان الولي الموكل غائبا غيبة منقطعة، ويجوز للوكيل أن يزوج نفسه بمن له الولاية عليها وكل ذلك فيما لا يتعارض مع أحكام المادة 23 من هذا القانون[119].

يظهر من خلال هذه المادة أن المشرع اليمني توسع أكثر من غيره في وكالة الزواج فقد سمح بها حتى ولو كان الولي الموكل غائبا غيبة منقطعة، ولنا أن نتصور كيف يمكن أن يتم الزواج بوكالة صادرة عن موكل غائب غيبة منقطعة الحقيقة، أن هذا الزواج وإن ثم بهذه الطريقة فإنه في نظري بعيد عن الحكمة، فالتوكيل شرعا لا يسمح به إلا استثناء ولظروف تحول أو تمنع الموكل في الزواج، مثل السفر والغيبة المعروفة، أما التوكيل من الموكل التي تنقطع أخباره فهو توكيل غير منطقي، ويجيز قانون (28/ 2005) الصادر بتنفيذ قانون الأحوال الشخصية لدولة الإمارات العربية المتحدة، التوكيل في الزواج في المادة 37.

وذلك بقوله: "يجوز التوكيل فيعقد الزواج...

2- ليس للوكيل أن يزوج موكلته من نفسه إلا إذا نص على ذلك في الوكالة.

3- إذا جاوز الوكيل في الزواج حدود وكالته كان العقد موقوفا[120] .

وإذا كانت معظم الدول العربية تجيز الوكالة في الزواج فإن القانون العماني لم يتعرض إلى هذه القضية في قانون الأحوال الشخصية العماني[121] كذلك لم يتعرض قانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين والخاص بالطوائف في جمهورية لبنان العربية إلى الوكالة في الزواج، اللهم إلا بالنسبة للطائفة الكاتوليكية فهي تبيح الزواج عن طريق الوكالة، ولا تتم هذه الوكالة إلا بعد تقديم إذن كتابي إلى الرئيس الكنسي المحلي، ولا يجوز لهذا الرئيس الكنسي أن يعطي هذا الإذن إلا في حالة الضرورة، أي في حالة ما إذا تعذر حضور المتعاقدين معا أمام الكاهن لسبب خطير[122].

ويبقى الأصل هو إتمام الزواج بحضور أطرافه أمام الكاهن وبالتالي لا تلجأ إلى هذه الوكالة هذه الطائفة إلا في حدود ضيقة.

الفرع الثاني: مستجـدات الوكالة في الزواج والإشكالات العملية التي تطرحها

كانت مدونة الأحوال الشخصية تسمح للشخص المقدم على الزواج أن يوكل من تطمئن  إليه نفسه ليعقد قرانه نيابة عنه، كما كانت تسمح للولي في أن يوكل من يعقد نكاح وليته.

وقد كان المشرع ينص على هذا الحق في الفقرة الأولى من الفصل العاشر، وذلك بقوله: "يجوز للولي أن يعقد نكاح وليته كما للزوج أن يوكل من يعقد عنه".

إلا أن الملاحظ على هذه الوكالة أنها كانت وكالة عامة خاضعة للأحكام الواردة في قانون الالتزامات والعقود المغربي، ولم تكن تتناسب وطبيعة عقد الزواج كما أنها لم تكن تساير ما يتم العمل به في بعض القوانين المقارنة وخاصة القانون التونسي[123]. والذي تجسد في مجلة الأحوال الشخصية، حيث قنن وكالة الزواج وأخضعها لضوابط وشروط ميزته عن غيره من القوانين الأسرية.

 وإذا كانت مدونة الأحوال الشخصية لم تعالج موضوع الوكالة في الزواج بالمستوى المطلوب فيمكن القول إن الحال تغير مع صدور قانون الأسرة الجديد، حيث أصبحت الوكالة في الزواج وكالة خاصة مقننة أكثر وتخضع لعدة ضوابط، تجسدت كلها في المادة 17 من المدونة[124]، والتي جاءت كل بنودها تتحدث عن الوكالة وعن طبيعتها والأسباب التي تدعو إليها والشروط الواجب اتباعها في تحريرها وما يجب أن يضمن فيها وما لا يجب أن يضمن مع إلزام المشرع في القانون الجديد القضاء بمراقبة هذه البيانـات والقيود الواردة في جميع وكالات الزواج وإلا كان مآلها البطلان.

 وبما أن المادة 17 جاءت بأحكام جديدة ملخصة للوكالة في الزواج فهي تحتاج مني إلى قراءة. هذه القراءة سأضمنها في (المبحث الأول) في حين سأخصص (المبحث الثاني) للحديث عن الإشكالات الفقهية والقانونية التي تطرحها هذه المادة.

المبحث الأول: قراءة في المادة 17 من قانون الأسرة المغربي

تختص المادة السابعة عشر بالحديث عن الوكالة في الزواج وتنص على ذلك بقولها: "يتم عقد الزواج بحضور أطرافه غير أنه يمكن التوكيل على إبرامه بإذن من قاضي الأسرة المكلف بالزواج وفق الشروط التالية:

1- وجود ظروف خاصة لا يتأتى معها للموكل أن يقـوم بإبـرام عقد الزواج بنفسه.

2- تحرر وكالة عقد الزواج في ورقة رسمية أو عرفية مصادق على توقيع الموكل فيها.

3- أن يكون الموكل رشيدا متمتعا بكامل الأهلية المدنية وفي حال توكيله من الولي يجب أن تتوفر فيه شروط الولاية.

4- أن يعين الموكل في الوكالة اسم الزوج الآخر ومواصفاته والمعلومات المتعلقة بهويته وكل المعلومات التي يرى فائدة من ذكرها.

5- أن تتضمن الوكالة قدر الصداق وعند الاقتضاء المعجل منه والمؤجل وللموكل أن يحدد الشروط التي يريد إدراجها في العقد والشروط التي يقبلها من الطرف الآخر.

6- أن يؤشر القاضي المذكور على الوكالة بعد التأكد من توفرها على الشروط المطلوبة[125] .

إن ما يمكن أن يقال على هذه المادة أنها جاءت بأحكام خاصة متعلقة بالوكالة في الزواج، حيث تحدثت في البداية عن الأصل في الزواج وكيف يتم عقده ثم بعد ذلك تحدثت عن الاستثناء فيه، وعن الظروف التي يجب مراعاتها والتي سمحت بهذا الاستثناء والطريقة التي يجب أن تحرر بها الوكالة والبيانات التي يجب أن تضمن في صك الوكالة وعن أهلية الوكيل والمعلومات التي يجب أن يضمنها في وكالة الزواج، وختمت هذه المادة بالحديث عن الرقابة القبلية للقضاء على هذه الشروط، ويمكن القول إن هذه المضـامين والشروط منها ما هو موضوعي جوهري ومنها ما هو شكلي عادي.

وعليه فعملي في هذا المبحث سيكون مقسما إلى قسمين: بداية سأتحدث عن الشروط الموضوعية التي جاءت بها هذه المادة (المطلب الأول) على أن أخصص (المطلب الثاني) الشروط الشكلية.

المطلب الأول: الشروط الموضوعية

يمكن تلخيص الشروط الموضوعية الواردة في المادة 17 حسب رأيي في الظرف الخاص المانع من حضور الموكل عقد زواجه (الفقرة الأولى) واشتراط أهلية الوكيل (الفقرة الثانية).

*الفقرة الأولى: وجود ظروف خاصة

دائما نقول إن الأصل في عقد الزواج أن يتم إبرامه بحضور أطرافه، والحضور الشخصي له أهمية ودلالة كبرى لا يعرف أهميتها إلا رجال التخصص وأقصد بهم العدول، فهم يصرحون على أن الحضور الشخصي لإبرام عقد الزواج يشكل تجربة غير مسبوقة في حياة الفرد ومفترق طرق وخطا فاصلا في حياة الإنسان فهو بهذا الحضور الشخصي يشهد بنفسه على أنه دخل في مرحلة غير التي كان يعيشها[126]، ولكن ولظروف الحياة الصعبة واستثناءا سمح المشرع لمن توفر فيه شرط الظروف الطارئة أن يوكل من يعقد نكاحه إلا أنه مع الأسف أن المشرع لم يبين ما هي هذه الظروف؟ وما هي حدودها؟.

المشرع صرح بوجود ظروف خاصة لا يتأتى معها للموكل أن يقوم بإبرام عقد الزواج بنفسه ويمكن القول أن الظروف الخاصة هي كل عائق منع الزوج أو الزوجة من حضور مجلس العقد والتوقيع في رسم الصداق كالسفر والمرض والسجن...إلخ، وللإشارة فإن هذه العبارة (ظروف خاصة) تتشابه مع عبارة أخرى وهي السبب القاهر وتتشابه أيضا مع حالة الاستثناء الذي كان ينص عليها المشرع في مدونة الأحوال الشخصية الواردة في المادة 16 [127].

وقد عرف الأستاذ محمد الكشبور السبب القاهر بقوله: (كل عقبة مادية حالة دون توثيق عقد الزواج أمام العدلين المنتصبين للإشهاد) [128]. وفي نظري أن هذا التعريف يتطابق مع الظرف الخاص لأنه بدوره مانع يمنع الزوج من حضور مجلس العقد. فالمشرع المغربي باشتراطه هذا الشرط وهو وجود ظروف خاصة التي تحول دون إبرام العقد من طرف الموكل ربما يكون قد أخذ بالاتجاه الذي يقول (لا تجوز الوكالة لمن لا عذر له) ويقول الأستاذ محمد الأزهر: لو أخذنا بهذا الرأي في سائر المعاملات لعرفت حياتنا أشد الصعاب واقتصادنا تكدسا وركودا، ويقول: إن الأساس في ازدهار التجارة هو إيجاد عملاء ووكلاء بالعمولة، وإذا اضطر التجار أن يقوموا بكل شيء بأنفسهم لحال ذلك دون تغطيتهم سائر المراكز[129].

وللإشارة فإن الظرف الخاص أو السبب القاهر حسب تعبيرات المدونة لا يرادف القوة القاهرة كما هي محددة في الفصل 269 من قانون الالتزامات[130] والعقود المغربي، وهذا ما خلص إليه الأستاذ محمد الكشبور[131] .

وإذا كان القانون عالج فكرة الظرف الخاص أو السبب القاهر فإن الفقه الإسلامي كان سباقا إلى مناقشة هذه القضية بل خلق لها قاعدة تعتبر من أهم القواعد الفقهية ويمكن القول إن معظم الأحكام التي تعرف حالة الرخصة والاستثناء هي تأصيل نابع عن هذه القاعدة العظيمة، هذه القاعدة هي قاعدة "الضرورات تبيح المحظورات"[132]، فكل فعل يكون محرما في الأصل يباح اضطرارا خدمة للإنسان حسب هذه القاعدة[133].

وإذا كان الفقه يسمح من خلال هذه القاعدة بإباحة المحظور للمضطر، فكيف يعجز عن السماح بأقل منه، وهو الظرف الخاص المتمثل في الغيبة أو المرض أو السجن، والذي يبيح لكل من توفر فيه هذا الشرط أن يوكل في زواجه أو طلاقه، إن هذا الشرط المتمثل في الظروف الخاصة الذي دل عليه البند الأول من المادة 17 أثار نقاشا كبيرا إضافة إلى ما ذكرته والمتمثل في المرادفات المشابهة له[134]، فهو يطرح سؤالا كبيرا يصعب تحديد جوابه، وهذا التساؤل يتمثل في التالي، هل الظروف التي تعيق بعض الأشخاص هي نفس الظروف التي تعيق أشخاص آخرين؟ أول ما يقال عن هذا التساؤل أنه يصعب الحكم عليه كما يصعب تحديد مفهوم الظروف الخاصة نفسها[135]، وبما أن هذه الظروف هي التي تسمح بأن يوكل الشخص في زواجه وبالتالي تسمح بوجود هذا الاستثناء الذي يغني عن حضور مجلس عقد الزواج، فإنه ينبغي أن ينظر إليها على أنها طوارئ، كما ينبغي أن تكون محددة لا يتوسع في قراءتها والاجتهاد فيها، بل الواجب هو حصرها في المرض الخطير الذي يقعد صاحبه والسفر في بلد أجنبي والسجن، وأي معوق  آخر يكون أشد من هذه الثلاث، أما أن يقبل أي عذر كالدراسة مثلا أو السفر داخل المغرب فهذا غير  معقول، والواجب إذن هو التضييق في هذه الظروف وقراءتها والتعامل معا كما يتعامل مع الاستثناء نفسه والذي يقول فيه  صراحة: إنه لا يقاس عليه ولا يتوسع في تفسيره، لأن التوسع في تفسيره قد يلحق بالمسألة المقاس عليها أشياء لا تشبهها لا في الحكم ولا في علته رغم وجود بعض القواسم المشتركة.

*الفقرة الثانية: اشتراط أهلية الوكيل

من الشروط الموضوعية التي تحدثت عنها المادة 17 هي أهلية الوكيل والذي يعتبر الطرف الثاني في عقد الوكالة، واشتراط أهلية الوكيل في الزواج يعني أن يكون هذا الأخير راشدا بالغا سن الرشد القانوني ومتمتعا بكامل أهليته المدنية غير محجر عليه وغير مصاب بأية عاهة عقلية، ومدونة الأسرة باشتراطها لهذا الشرط تكون قد أزالت ذلك التضارب الذي كان  قائما في مدونة الأحوال الشخصية وقانون الالتزامات والعقود في  فصله 880[136] الذي يشترط في الوكيل البلوغ دون الأهلية. وتحدد أهلية الشخص المدنية في مدونة الأسرة ببلوغه سن الثامنة عشر[137]، وهذا في حالة ما لم تعترض أهليته إحدى العوارض المؤثرة في العقل[138] وبالرجوع إلى مضمون الفصل 880 من ق.ل.ع. يظهر أن للوكالة وضعا خاصا إذ لا تعد أهلية الوكيل ضرورية لإبرام العقد سواء في عقد الزواج أو غيره، لأن أثر التصرف الذي يجريه بالنيابة لا ينصرف إليه بل ينصرف للموكل ويكفي أن يكون للوكيل كل من الإرادة المستقلة والتمييز[139].

وقد ساد العمل بهذه القاعدة في وكالة الزواج في ظل مدونة الأحوال الشخصية الملغاة، بحيث إن الشخص الذي لا يتمتع بصلاحية إبرام عقد زواجه يمكن أن يبرمه آخر نيابة عنه مما آثار بعض الانتقاد لدى الفقه، كما عبر عن ذلك الأستاذ أحمد الخمليشي الذي قال: وبما أن عقد الزواج له خصوصية يختلف بها عن باقي العقود فقد استدركت مدونة الأسرة هذا الانتقاد الذي كان موجها لمدونة الأحوال الشخصية الملغاة، فقررت في المادة 17 ضرورة وجود أهلية الوكيل لعقد زواج غيره. والفقه الإسلامي بدوره يصر على ضرورة أن يكون الوكيل متمتعا بأهلية التصرف، فالوكيل في نظر الفقه لابد أن يكون أهلا لأي تصرف أراد أن يباشره، بل إنه تشترط شروط لتصح وكالته، وقد قسم هذه الشروط إلى متفق عليها ومختلف فيها[140] .

أما الشروط المتفق عليهـا والواجب توفرهـا في الوكيـل ليكون عمله صحيحا فهي:

1- أن يكون الوكيل عاقلا: لا يصح شرعا أن يكون الشخص المراد توكيله غير عاقل عند جميع الفقهاء، ذلك أن العقل هو أساس صحة جميع التصرفات ويقصد بالعقل في الوكالة، أن يكون الوكيل ممن يعقل التصرف الذي وكل في إجرائه، وعليه لا يجوز شرعا أن يكون الوكيل مجنونا لا يعقل تصرفاته، أو معتوها تخفى عليه مصالحه، وإذا ارتفع عنه الجنون فإنه يصبح أهلا لمباشرة أعماله بنفسه أما إذا بقي متصفا بالجنون سواء كـان جنونه مطبقـا أو غير مطبق فيلزمـه الحجر إلى أن يفيق منه[141].

2- أن يكون طائعا: بمعنى أن لا يكون الوكيل مكرها في وكالته، فالوكيل المكره لا تصح وكالته، لأنه لا يلزم الشخص من غير التزام مع انعدام القصد، وأن الإكراه يفسد الإرادة لأن إرادة الشخص تتجه إلى أمر معين فيغير الإكراه اتجاهها[142]، وبالتالي، لا يجوز عقد الوكالة الذي يكون فيها الوكيل مكرها على القيام بمهام موكله إما من قبل هذا الأخير أو من قبل طرف خارج عن عقد الوكالة.

3- أن يكون الوكيل معلوما: لابد في عقد الوكالة أن يكون الوكيل معلوما بالعين والذات والصفة، وذلك بأن يعين الموكل فلانا بعينه، ولا يصح أن يكون مجهولا، لأن الوكالة عقد تترتب بموجبه التزامات وحقوق، ولا يتحقق ذلك إلا بتعيين الوكيل، وهذا مذهب جميع الفقهاء[143].

وأما الشروط المختلف فيها فهي ثمانية شروط هي:

1- البلوغ: يرى فريق من المالكية والحنفية والحنابلة أن الوكيل لا يشترط بلوغه إذ يجوز للصبي أن يعقد تصرفا نيابة عن غيره، لأن الصبي عندهم من أهل العبارة ويكفي أن يكون يعقل العقد، بينما يرى الشافعية والظاهرية وبعض من المالكية كابن شاس أن الصبي المميز لا تصح وكالته، لأن البلوغ عندهم شرط لصحة التصرفات[144]، ويبدو أن المشرع في مدونة الأسرة أخذ بهذا الرأي والذي يشترط أن يكون الوكيل متصفا بصفة البلوغ.

2- الرشد: يشترط في الوكيل أن يكون راشدا حتى تكتمل أهليته، فمن أراد أن ينيب غيره في تصرف من التصرفات يجب عليه أن يختار الشخص الراشد للقيام بذلك وهذا ما صرح به الشافعية والصحابيان من الحنفية وفريق من المالكية[145].

3- الإسلام: اشترط المالكية دون غيرهم أن لا يوكل المسلم كافرا أو ذميا: قال مالك رحمه الله في وكالة الذمي "لا تدفع إلى النصراني شيئا يبيعه لك ولا يشتري شيئا ولا تستأجر أن يتقاضى لك شيئا ولا يبضع معه ولا يجوز شيئا مما يصنعه النصراني للمسلمين في بيع ولا شراء إلا أن يستأجره للخدمة فأما استئجاره يتقاضى له أو يبيع له أو يشتري له فلا يجوز ذلك"، ويستند المالكية في هذا المنع على قوله تعالى: "ولن يجعل الله للكفرين على المومنين سبيلا"[146].

4- العدالة: المالكية لا يرون العدالة شرطا من شروط الوكيل، بل إنهم يبيحون توكيل الفاسق في نكاح موكله، ذلك لأن العدالة ليست شرطا على المشهور.

5- الذكورة: لم يتناول الفقهاء صفة الذكورة إلا في بعض العقود ومنها عقد النكاح، فالمرأة في هذا العقد لا تجوز أن تكون وكيلة في نكاح غيرها من النساء، لأنها لا تملك ذلك على نفسها، وهذا مذهب الشافعية والمالكية والحنابلة[147].

6- عدم العداوة: اشترط المالكية عدم كون الوكيل عدوا لخصم الوكيل لأنه من المحتمل أن يجاحد الوكيل في هذه الوكالة[148]، وربما يلحق ضررا بخصم الوكيل الذي هو الزوجة.

7- عدم تعدد الوكلاء: قسم المالكية عمل الوكلاء إلى قسمين – توكيل في الخصومة– وتوكيل في غير الخصومة، واشترطوا في الخصومة أن يكون الوكيل واحدا، أما التوكيل في غير الخصومة فجائز ولو تعدد الوكلاء، والملاحظ أن ما عليه العمل الآن أن تعدد الوكلاء يوجد في الخصومة وينذر في غير الخصومة[149].

8- عدم السكر لا يصح توكيل السكران عند جمهور الفقهاء لأن الوكيل السكران لا يعقل ما يتلفظ به وفي  نظري أصبح هذا مستحيـلا، لأن التوكيـل يتم في مكـان والعمل به يتم في مكان آخر، ولا يعقل أن يكـون الإنسان في جميـع وقته سكران.

وللإشارة فالمادة 17 عندما تحدثت عن أهلية الوكيل، لم تغفل حالة الولي الوكيل، فإذا كان التوكيل من جانب الولي نصت هذه المادة على ضرورة توفر هذا الوكيل على شروط الولاية، وبديهي أن التوكيل إذا صدر من الولي وجب أن تتوفر في الوكيل شروط الولاية، ورغم أن مدونة الأسرة جعلت الولي شرط صحة في إبرام عقد الزواج، بالنسبة لزواج من دون سن الرشد القانوني، إلا أنها لم تحده الشروط الواجبة في الولاية في حالة ثبوتها[150] . ويرى الأستاذ محمد الأزهر أنه إذا تعلق الأمر بتوكيل لتولي الزواج فإن الوكيل يجب أن تتوفر فيه نفس الشروط المطلوبة في الولي، ويقول: لم نجد نصا في مدونة الأسرة يحدد هذه الشروط بخلاف مدونة الأحوال الشخصية في الفصل الحادي عشر حيث حددت فيه هذه الشروط في العقل والبلوغ والذكورة[151]، وهي الشروط التي ذكرتها سابقا والتي تحدث عنها الفقه الإسلامي. وبما أن هذه الشروط الواجب توفرها في الولي غير منصوص عليها في المدونة، إلا أن الفصل 400 منها يحلينا على ذلك، إذ ينص الفصل على أنه كل ما لم يرد به نص في هذه المدونة يرجع فيه إلى المذهب المالكي والاجتهاد الذي يراعي فيه تحقيق قيم الإسـلام في العدل، والمساواة والمعاشرة بالمعروف[152]، فإعمـال هذه المادة يعني أن شروط الولي التي يشترطها النص هي تلك الواردة في الفقه الإسلامي.

وخلاصة القول حول هذه النقطة المتعلقة بأهلية الوكيل يمكن القول: إن المشرع كان موفقا في وضعه لهذا البند من المادة 17 لأن التنصيص على الأهلية أمر حتمي لأنها هي التي تمنح الصلاحية لأي شخص أن يقوم بإجراء تصرف من التصرفات سواء أجراه لنفسه أو نيابة عن غيره[153].

وكما هو معلوم فالأهلية نوعان: أهلية وجوب وأهلية أداء، فأهلية الوجوب هي صلاحية الشخص، لأن يكون محلا للحق والالتزام وهي تلازم الشخصية ولا ترتبط بالتمييز والإدراك، أما أهلية الأداء فهي صلاحية الشخص لإجراء التصرفات القانونية التي تكسب الحق وتحمله بالالتزام والأهلية المتطلبة لإجراء التصرفات هي هذه الأخيرة أي أهلية الأداء وبالتالي فأهلية الوكيل التي عالجتها هي أهلية الأداء.

المطلب الثاني: الشروط الشكلية

تصنف الوسائل الإجرائية التي ينعقد بها الزواج عامة بالوسائل الشكلية لإبرام عقد الزواج، سواء تم عقد هذا الزواج بالطريقة العادية أو عن طريق الوكالة. وبما أن المادة 17 تتحدث عن بعض هذه الشكليات الإجرائية التي ينعقد بها الزواج عن طريق الوكالة فإن عملي في هذا المطلب سيكون مخصصا لإبراز ما جاءت به هذه المادة من الشكليات لإبرام هذا العقد، ومن بين هذه الشروط التي تحدثت عنها هذه المادة، الضوابط والبيانات الأساسية لتحرير صك الوكالة، (الفقرة الأولى) ثم الحديث عن ما هو واجب التضمين في هذه الوكالة والتأثير القضائي على هذه الشروط (الفقرة الثانية).

* الفقرة الأولى: الضوابط والبيانات الأساسية لصك الوكالة

من الضوابط الأساسية التي يجب أن يتوفر عليها عقد الوكالة، أن يتم تحرير هذه الوكالة في ورقة رسمية أو عرفية مصادق على توقيع الموكل فيها (أولا)، وأيضا من البيانات والضوابط أن يعين الموكل في عقد الوكالة اسم الزوج الآخر ومواصفاته والمعلومات المتعلقة بهويته (ثانيا).

- (أولا): تحرير عقد الوكالة وتوقيع الموكل عليها

إن هذا الشرط يتحدث عن تحرير عقد الوكالة إما في ورقة رسمية أو عرفية بشرط أن تكون مصادق على توقيع الموكل فيها، والملاحظ أن هذا الشرط جاء مخالفا لما هو معروف في القواعد العامة للقانون المدني، والتي تنص على أن التصرفات القانونية الرضائية لا تستوجب شكلا خاصا في إنشائها، خاصة ونحن نعلم أن الأصل في الوكالة أنها تصرف رضائي، وعليه فإن عقد الوكالة تبعا لهذه القواعد لا يتطلب شكلا خاصا[154] ، والتنصيص على أن تكون الوكالة مكتوبة يعني أنه لا يمكن أن تقبل أي وكالة شفهية كانت شفهية[155]، ما لم تكن مكتوبة محررة في صك رسمي يحرره العدلان ويختم عليه القاضي[156] بخاتمه، أو موثقون محلفون، كما يمكن أن يكون صك الوكالة عبارة عن محرر عرفي مصادق على توقيع الموكل فيه، وهكذا يتبين أن المشرع اشترط شكلية الكتابة في عقد الوكالة[157]. ويرى الأستاذ محمد الشافعي أنه من خلال التنصيص على أن تكون الوكالة محررة في ورقة رسمية أو عرفية مصادق على توقيع الموكل فيها يعد نقلة نوعية، فالمشرع المغربي بهذا يكون قد اعتبر الوكالة تصرفا شكليا، وهذه الشكلية هي شكلية انعقاد لا يمكن تصورها بدون صك مكتوب[158] يتم إفراغها فيه دفعا لكل خلط أو خطإ أو التباس، وفي جميع الأحوال سواء حررت الوكالة في ورقة رسمية أو عرفية فلابد من تضمنيها مجموعة من البيانات الضرورية والهدف من تضمين هذه الشروط في وكالة الزواج أن تكون هذه الوكالة ضامنة لحقوق كل من الموكل والوكيل لأن الوكالة التي تكون مضبوطة بهذا الشكل لا يمكن أن يتسرب إليها الاحتمال والشك، فهي مضمونة بالبنود التي تحميها، ويلاحظ أن المشرع أولى لهذه الشروط والبيانات عناية كبرى، ويبقى الهدف من التنصيص على هذه الشروط في نظر بعض الفقه المغربي هو سد الطريق أمام كل ما يمكن أن يسقط فيه الوكيل أثناء تنفيذ مهمته من خطإ أو تدليس أو التباس أو خلط[159]، هذا بالنسبة للوكالة التي تنجز في المغرب.

أما الوكالة التي تنجز خارج الوطن لدى القنصليات والسفارات المغربية بالخارج يتعين التصديق فيها لدى المصالح المختصة بذلك، والجهة المختصة بذلك هي وزارة الشؤون الخارجية والتعاون، وذلك طبقا للمقتضيات القانونية المتعلقة بالتصديق على الوثائق، دون التصديق عليها من طرف وزارة العدل، وهي بدورها كالوكالة التي تنجز داخل التراب الوطني، لا يمكن أن يؤشر عليها قاضي الأسرة المكلف بالزواج إلا إذا توفرت على الشروط المطلوبة في المادة 17. ولقد عالجت وزارة العدل الطريقة والكيفية التي يمكن أن تتم بها هذه الوكالة وطرحت تساؤلا حول الكيفية التي ينبغي أن يتم التعامل بها مع هذه الوكالة، وهل يتم اعتمادها على حالها والإذن بإبرام عقد الزواج على أساسها من طرف قاضي الأسرة المكلف بالزواج؟[160] .

لقد تم الحسم في هذه القضية، وهو أنه لابد أن تمر هذه الوكالة بوزارة الخارجية والتعاون من أجل التصديق فيها.

- (ثانيا): ذكر اسم الزوج الآخر ومواصفاته في عقد الوكالة.

يبدو من خلال هذا البند المتعلق بتعيين الموكل اسم الزوج الآخر ومواصفاته وذكر المعلومات المتعلقة بهويته وكل المعلومات التي يرى فائدة في ذكرها، إنما يريد المشرع من خلال هذا أن يبرز لنا أن الوكالة التي  يتم بها الزواج الآن حسب المادة 17 هي وكالة مقيدة خاصة، لأن الوكالة المقيدة كما سبق وأن ذكرت هي التي يحدد فيها الموكل للوكيل الزوجة وعائلتها والمهر الذي يجب أن يدفع إليها وكل المعلومات و الشروط التي يريد أن يبني عليها عقده هذا[161]، ويعني التقيد في هذه الوكالة أن تكون هناك قيود تلزم الوكيل، ويجب عليه احترامها وعدم مخالفتها، لأن مخالفتها تؤدي إلى بطلان العقد[162]، وهذا المعنى يوافق مفهوم الوكالة الخاصة في إطار القواعد العامة للقانون المدني من خلال الفصل 894 الذي حد من نطاق الوكالة العامة حينما أوقف إجراء بعض التصرفات من طرف الوكيل بالحصول على إذن صريح من الموكل مهما كانت صلاحياته، وإن كان السبب في هذا التقييد هو تأثير تلك التصرفات على مركز وذمة الموكل بحيث ترتبط أغلبها بالتصرف في حقوق مالية هامة فإن إبرام عقد الزواج يبقى أجل من تلك التصرفات وأعظم أثرا منها[163].

وفي نظري أن هذا البند من المادة 17 والمتعلق بتعيين اسم الزوج ومواصفاته، والمعلومات المتعلقة بهويته جاء ليخدم ويحمي الوكيل والموكل وفي نفس الوقت عقد الزواج من أي تصرف يمكن أن يخرجه عن ماهيته وهي: الترابط والتماسك المبني على المودة والمحبة. والملاحظ أن المشرع لم يكتفي بذكر اسم الزوج وهويته فقط بل المواصفات وكل المعلومات التي تفيد في تحديد الزوج الآخر، وهذا تنصيص وتضييق إيجابي لأن المفروض في الموكل أن يكون عالما بالطرف الآخر (الزوج أو الزوجة) بل يمكن القول إن هناك اتفاق قبلي بين الزوجين وإن حالت ظروفا دون حضور الموكل العقد، وهذا يبين أن نية المشرع منصبة على اعتبار الوكالة إجراءا قانونيا صرفا ينتدب فيه الوكيل لإبرام العقد دون ذلك وهي تمكنه من الاختيار والبحث عن الزوج أو الزوجة وفق مواصفات معينة فإذا لم يكن الزوج الآخر معلوما ومحددا فإن القاضي لا يأذن بهذه الوكالة، والتركيز من المشرع على ذكر اسم الزوج الآخر وصفاته وكل المعلومات التي تعرف بهويته يدل على  أن وكالة الزواج في مدونة الأحوال الشخصية لم تكن بخير وأنه كان ينتابها عدة أخطاء وشبهات، فهي كانت أقرب من أن تكون وكالة عامة مع العلم أن الوكالة في الزواج هي وكالة خاصة مقيدة وهذا هو الحكم الفقهي الذي كان ينظمها ويجيزها.

* الفقرة الثانية: البيانات المضمنة في عقد الوكالة وتأشير القاضي عليها

من البيانات التي تضمنها البند الخامس من المادة 17 أن تكون الوكالة في عقد الزواج متضمنة قدر الصداق، وعند الاقتضاء المعجل هنا والمؤجل، وحسب تعبير البند المذكور، ومن الأشياء التي تحدث عنها كذلك مسألة الشروط التي يريد إدراجها الموكل أو التي يمكن أن يتقبلها من الطرف الآخر.

أما البند السادس فتحدث عن ملمح إيجابي يتمثل في دور القضاء ومراقبته القبلية للبنود الستة الواردة في المادة 17 وتأشير القاضي على عقد الوكالة بعد تأكده من توفرها على الشروط المطلوبة، وبما أنني أدرجت في هذه الفقرة بندين فإنها ستكون مقسمة حسبهما، سأتحدث عن البند الخامس (أولا) ثم الحديث عن البند السادس الذي خصص للحديث عن دور القاضي الرقابي في هذه الوكالة (ثانيا).

(أولا): من الأشياء التي ضمنت في البند الخامس وحسب منطوقه: أن تتضمن الوكالة قدر الصداق وعند الاقتضاء المعجل منه والمؤجل، وللموكل أن يحدد الشروط التي يريد إدراجها في العقد والشروط التي يرى فائدة من ذكرها، إن المتصفح له جاء في هذا البند يلاحظ أنه تحدث في شطره الأول عن الصداق والأحكام التي تؤطره[164]، وتحدث في السطر الثاني عن الشروط التي تدرج في عقد الزواج[165].

1)- تضمين الوكالة قدر الصداق وكيفية أدائه يعد مسألة هامة في وكالة الزواج ذلك لأن الأمر يتعلق بشرط من شروط انعقاد الزواج وأيضا يتعلق بحق من الحقوق المالية للزوجة، وحسن فعل المشرع بتنصيصه على هذا الأمر. لأن الوكالة في القديم، كان فيها نوع من الجهالة، والصداق كما عرفته المدونة، هو ما يقدمه الزوج لزوجته إشعارا بالرغبة في عقد الزواج، وإنشاء أسرة مستقرة وتثبيت أسس المودة والعشرة بين الزوجين[166] ، ولقد اختلفت الآراء قبل مدونة الأسرة حول تضمين الصداق، وهل هو ركن أم شرط؟ ولكن المشرع في مدونة الأسرة حسم هذا الخلاف حيث اعتبره شرطا لصحة عقد الزواج بحيث لا يجوز الاتفاق على إسقاطه لما في ذلك من تعطيل للنصوص الشرعية وتشجيع للأزواج على إنهاء العقد بالطلاق مادام الزواج لا يكلفهم دفع شيء[167]، وإذا كانت المدونة اعتبرت الصداق شرطا لصحة العقد لا يجوز الاتفاق على إسقاطه فإن الفقه المالكي يعتبره كذلك رغم أن ابن عاصم عده من الأركان ويستشف هذا من خلال البيت الذي أورده ابن عاصم في عصمته، عندما تكلم عن أركان الزواج الخمسة، قال: "والمهر والصيغة والزوجان... ثم الولي جملة الأركان"[168]، ويلاحظ أن شراح ابن عاصم خالفوه ولم يعتبروه ركنا. قال الإمام محمد بن يوسف الكافي وهو يشرح هذا البيت، يعني: أن أركان عقد الزواج خمسة والمراد بالركن ما يتوقف عليه الشيء ولو كان خارج الماهية، فالزوجة والزوج ركنان والولي والصيغة شرطان وأما الشهود والمهر فليس بركنين ولا بشرطين لوجود ماهية العقد بدونهما، نعم يشترك في صحة الدخول الإشهاد على النكاح قبله، ويشترط في صحة النكاح أن لا يشترط فيه سقوط المهر[169].

ورغم كل ما قيل فالصداق مطلوب شرعا بدليل الكتاب والسنة فمن الكتاب قوله تعالى: "وآتوا النساء صدقاتهن نحلة"[170]، وقوله تعالى: "وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين، فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة"[171]. فمن خلال هاتين الآيتين  يلاحظ أن الله تعالى أمر في محكم كتابه العزيز، الأزواج بأن يعطوا الصداق لزوجاتهم، وقد وصفه الله تعالى في الآية الأولى بأنه نحلة والمراد بها عطية من الله بدون مقابل، ووصفه في الآية الثانية بأنه فريضة والمراد بها الأمر الواجب والمفروض[172]، ومن السنة ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال لأحد أصحابه وهو يحثه على أن يكون نكاحه فيه صداق "التمس ولو خاتما من حديد"[173]، وقال صلى الله عليه وسلم وهو يأمر أصحابه في أن لا يغالوا في مهورهم "خير الصداق أيسره"[174] يتضح من هذه الأحاديث أن النكاح لا يجوز بغير مهر وبالتالي فهو مفروض شرعا.

والصداق قد يعجل كله وقد يكون قسم منه معجل وقسمه الآخر مؤجل إلى أبعد الأجلين من الطلاق أو الموت، كما يمكن أن يقسط إلى أقساط يتم دفعها في المواعيد التي يحددها الاتفاق، والعرف يتحكم في  كيفية أدائه وتسديده إذا لم يتم الاتفاق على خلاف ما جرى به العرف، وقد يختلف عرف بلد في تسديده عن عرف بلد آخر، فأهل كل بلد ملزمون باتباع ما جرى عليه عرفهم[175] .

ومن الملاحظ أن فقهاء المالكية حددوا آجال تسديد المهور المؤجلة حيث حددوا لها الآجال  بين أدناه وأقصاه، فأدنى مدة لتسديد المهر المؤجل ستة أشهر وأقصاها عشرون سنة[176]، وهذه الأحكام لم تتطرق إليها المدونة بل تركت ذلك للعرف كما تحدث عن ذلك الأستاذ عبد الخالق أحمدون.

2)- الشروط التي تدرج في الوكالة هي: الشروط التي يريد الموكل إدراجها في عقد الزواج.

جاء في البند الخامس من المادة 17 "وللموكل أن يحدد الشروط التي يريد إدراجها في العقد والشروط التي يقبلها من الطرف الآخر". وهذه الشروط يطلق عليها الشروط الإدارية أو الاتفاقية في عقد الزواج ولقد اختلف الفقهاء حول مشروعية هذه الشروط بين مؤيد لها ومعارض إلى فريقين:

- الفريق الأول: يرى أن الأصل في هذه الشروط المقترنة بعقد النكاح الحظر، وأنه لا يجوز منها إلا ما ورد الشرع بإجازته، وقد قال بها الإمام مالك والشافعي وأهل الظاهر[177].

- الفريق الثاني: ويرى أصحابه أن الأصل في هذه الشروط المقترنة بعقد الزواج الجواز وأنه لا يبطل منها إلا ما دل النص على تحريمه وقد قال بهذا الإمام الأوزاعي وإسحاق وابن شبرمة وأحمد بن حنبل[178].

ويتبين من هذين الرأيين أن الشروط المقترنة بعقد النكاح يجب الوفاء بها إذا كانت موافقة لمقتضى العقد وورد بشأنها نص خاص كما أنها تكون باطلة يحرم الوفاء بها إذا كانت مناقضة لمقتضى العقد وورد بشأنها نص يمنعها[179]، والفقهاء يقسمون الشروط المقترنة بعقد الزواج إلى ثلاثة أنواع[180]:

- ما يقتضيه العقد ولا ينافيه: وهو في الحقيقة شرط مألوف في العقد، ومثاله: أن تشترط الزوجة على زوجها أن يعاشرها معاشرة حسنة وأن يشترط هو مثلا أن تسكن معه في منزله.

- ما لا يقتضيه العقد ولا ينافيه: وذلك كأن تشترط الزوجة على زوجها أن لا يخرجها من بلدها، أو أن يشترط هو عليها أن ترضع ولده.

- ما ينافيه العقد: وذلك أن تشترط الزوجة أن يكون طلاقها بيدها دون قيد أو أن يشترط هو عليها أن يبيت عندها ليلة وعند ضرتها أسبوعا، ويلاحظ على هذه الشروط أن المستفيد منها يمكن أن تكون الزوجة، كما يمكن أن يكون الزوج، ولكن يبقى كل هذا محكوم بقاعدة أن ما ثبت بالشرع مقدم على ما يثبت بالشرط عند التعارض. وتعليل هذا يقضي أن ما ثبت بالشرع هو من النظام الشرعي الذي يرتقي إلى مستوى الشرع الملزم التي تتمثل فيه الإرادة الحقيقية للمشرع، وأن ما ثبت بالشرط فهو تصرف بالإرادة الإنسانية[181]، فيجب إذن التفريق بين ما ثبت بالشرع وهو الزواج، وما ثبت بالشرط وهي الشروط المقترنة به.

(ثانيا): تأشير القاضي على الوكالة بعد التأكد من توفرها على الشروط المطلوبة.

تأشير القاضي على الوكالة بعد التأكد من توفرها على الشروط المطلوبة قبل منحه الإذن، يفيد أن قاضي الأسرة المكلف بالزواج يضطلع بدور رقابي في وكالة الزواج، ورقابته لعقد الوكالة هي رقابة قبلية أي قبل أن يمنح الإذن للوكيل من أجل تزويج موكله فإنه يتصفح عقد الوكالة بندا بندا قبل التأشير عليها و إجازتها، وهذا الدور ليس غريبا على القضاء، فالقضاء إضافة إلى مراقبته لعقد الوكالة أصبح يضطلع بأدوار ومهمات أخرى.

فإذا كان المشرع يهدف من خلال قانون الأسرة إلى إصلاح المجتمع، فإن الضامن الأساسي لوجود هذا الهدف النبيل هو القضاء، ولدوره الحيوي والفعال، فقد أعطي للقضاء دور أساسي ومهم في معالجة قضايا الأسرة.

ويقول الأستاذ عبد الخالق أحمدون حول القضاء ودوره في مدونة الأسرة لقد طوق القضاء بمسؤولية كبيرة فبالإضافة إلى سلطة القاضي في تطويع النص عن طريق الاجتهاد في التأويل والتفسير، خول له هذا القانون صلاحيات مهمة وجعل العديد من التصرفات مقيدة ومتوقفة على الإذن القضائي وخاضعة للمراقبة القضائية ابتداء من الإذن بتوثيق عقد الزواج وانتهاء بتصفية التركة.

ويقول أيضا: لقد خول للقاضي هامشا واسعا في استعمال سلطته التقديرية في العديد من الجوانب المتعلقة بالحياة الأسرية، فالمشرع بدأ في هذا القانون وكأنه يستغيث ويستنجد بالقضاء لأنه من الصعب إيجاد حلول لكل النوازل وضبطها في نصوص جاهزة، فالحالات تختلف والظروف تتغير خاصة إذا تعلق الأمر بعلاقات إنسانية واجتماعية حميمة[182].

وإدراكا من المشرع لأهمية القضاء وخاصة في قضايا الأسرة تم بمقتضى القانون 03- 73 إدخال تعديل على القانون المتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة ينص على أن الغرف التي تتكون منها المحكمة الابتدائية يمكن أن تبحث وتحكم في كل القضايا المعروضة[183] على المحكمة كيفما كان نوعها باستثناء ما يتعلق بأقسام قضاء الأسرة التي ستنظر في  قضايا الأسرة والميراث والحالة المدنية وشؤون القاصرين والكفالة وكل ما له علاقة برعاية الأسرة وحمايتها.

 

المبحث الثاني: الإشكالات الفقهية والقانونية التي تطرحها المادة 17

بمجرد أن دخل قانون الأسرة حيز التنفيذ، بدأ الباحثون والمهتمون بقضايا الأسرة بدراسة أبرز مستجداته والتعديلات التي جاءت فيه وذلك بشرح مواده وفقراته ومناقشة المضامين التي احتوتها هذه المواد والفقرات، بطرح التساؤلات والإشكالات والوقوف على نقط القوة وإبراز مكامن الضعف.

ويمكن القول إن مثل هذا النقاش أو الدراسة لمواد هذا القانون لا تزيده إلا قوة وصلابة وهي ظاهرة صحية ومحببة ينبغي دوامها واستمرارها لأنه كما يقال: الذي لا يتفاعل لا يفعل بمعنى أن القانون الذي لا يحدث حركية ونشاط في المجتمع ويجعل الناس يهتمون ويتساءلون بشأنه لا يفعل ولا يمكنه أن يترك بصماته في المجتمع، فالواجب إذا من خلال هذا أن تكثف الدراسة حول هذا القانون بجميع الوسائل وحسب ما هو متأتى لكل حقل من الحقوق المؤثرة في المجتمع، وأبرزها في نظري المحيط الاجتماعي وخاصة منه الجمعيات التي تعمل في ميدان الأسرة، والأساتذة والباحثين.

وإذا كان هذا القانون جاء بتعديلات جديدة ومستجدات كثيرة، فالمادة السابعة عشر هي واحدة من هذه المستجدات، ورغم ما فيها من حسنات إلا أنه مع ذلك احتوت عدة إشكالات منها فقهية (المطلب الأول) ومنها قانونية قضائية (المطلب الثاني).

المطلب الأول: الإشكالات الفقهية التي تطرحها المادة السابعة عشر

تطرح المادة 17 من قانون الأسرة عدة إشكالات فقهية، منها ما كان مطروحا في مدونة الأحوال الشخصية وبقي إلى الآن ومنه ما جاء مع التعديلات الجديدة.

ومن بين الإشكالات التي كانت مطروحة ولا زالت قائمة إلى الآن هو مخالفة الوكيل للموكل أو مخالفته لما جاء في الوكالة، (الفقرة الأولى) أما الإشكالات التي طرحها التعديل الجديد فيتمثل في أن المادة 17 لم تبين حكم الوكالة وهل هي عامة أم خاصة؟ ولم تبين ما المقصود بالتوكيل هل هو توكيل عن الإيجاب والقبول أو توكيل في الإجراءات التي ينعقد بها الزواج (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: مخالفة الوكيل للموكل

لم تتطرق المادة 17 إلى المخالفة التي يمكن أن تقع من الوكيل، في وكالة الزواج كما لم تتطرق إلى النزاع الذي يمكن أن يحصل بين الوكيل والزوج الآخر، بعد تأشير القاضي على الوكالة والإذن له بالزواج، وعليه فعملي في هذه الفقرة سيكون على الشكل التالي: سأتحدث بداية عن حكم مخالفة الوكيل للموكل (أولا) ثم عن النزاع الذي يمكن ان يحصل  بين الموكل والزوج الآخر (ثانيا).

أولا: حكم مخالفة الوكيل للموكل في وكالة الزواج

إن العمل الذي يقوم به الوكيل هو عمل تطوعي في الغالب وطبيعة العمل البشري أنه يمكن للمرء أن يصيب فيه أو يخطئ، ولكن الإشكال يتمثل في طريقة التعامل التي يمكن للقاضي أو القانوني أن يعالج به هذه المخالفة في غياب النص الذي يمكن أن يحكم به أو يحاجج به عند المناقشة.

فالمادة السابعة عشر لم تتطرق إلى هذه المخالفة لا من قريب ولا من بعيد، مع الإشارة إلى أن الفقه الإسلامي ناقش هذه القضية وبتفصيل: حيث عالج هذه المخالفة في الوكالة المطلقة والوكالة المقيدة.

فإذا كـانت الوكالة مطلقة فإن هذه المخالفة تبقى موقوفة فعلى الوكيل أن يجيزها أو يردها[184] .

ومعلوم أن الوكالة المطلقة هي التي يعطي فيها الموكل للوكيل الحق في أن يزوجه مما شاء وعلى أي مهر شاء، وبعبارة أخرى هي التي يخلو لفظها من كل قيد يحدد للوكيل صفة التصرف الذي أنيط به، فمتى كان إيجاب الموكل خاليا من تحديد المرأة وصفتها اعتبرت الوكالة وكالة مطلقة[185].

وإذا كان التوكيل بالوكالة المقيدة، كما لو قال الشخص للوكيل وكلتك بأن تزوجني فلانة على صداق قدره كذا، لم يكن للوكيل حينئذ أن يخالف ما قيد به وإن فعل لم يلزم الموكل ذلك، لأنه وكله على شيء معين وخاص[186].

وهناك من الفقهاء من يصنف هذه المخالفة على أنه فضولي الذي ينعقد موقوفا على إجازة من له حق الإجازة.

والمالكية يجوزون عمل الفضولي[187] إذا كانت فيه مصلحة فالحكم بالجواز أو بالرد يتأرجح في نظرهم بين المصلحة والضرر كما سبق.

فإذا كانت المخالفة قد ألحقت الضرر بالموكل بأن زوجه بمهر أكثر من مهر المثل أو بامرأة ليست كفئا له يجب في هذه الحالة رد عمل الوكيل، وبالتالي التصرف الذي أجراه يكون باطلا، وإذا كانت المخالفة إلى خير وأجازها الموكل فالعمل يكون صحيحا، ومن ثم تصنف الوكالة ضمن العمل الجائز، قد يقول قارئ: إن الوكيل هو مجرد سفير ومعبر عن ما جاء في هذه الوكالة، فكيف يمكن أن تحدث المخالفة منه، خاصة وأن المادة السابعة عشر حددت البنود التي  كانت تتم فيها المخالفة، والتي كانت تخلق إشكالات عملية؟.

لكن المخالفة الآن تتم بطرق أخرى وصور أغفلها المشرع ومن هذه الصور:

- امتناع الوكيل بعد حصوله على التوكيل عن تنفيذ ما جاء في الوكالة، أو التماطل فيه وهذا يخلق للموكل إرهاقا ويسبب له قلقا ويجعل مصير ومآل زواجه في خطر[188].

مطالبة الوكيل بعرض وبأجر مقابل ما سيقوم به وتهديد الموكل بأنه في حالة إذا لم يستجب لهذا الطلب فإن زواجه لا يمكن أن يتم عن طريق الوكالة، وهذا الأمر يجعل الموكل في حيرة من أمره، فإما أن يستجيب لطلبه وإما أن يبطل الوكالة التي بيده، أو يقوم هو بتزويج نفسه أو يبحث عن وكيل آخر[189].

وإذا كانت هاتين الصورتين تمثل مخالفة من الوكيل ولم تعالجهما المادة 17 فكيف يمكن أن يتم التعامل في حالة حصول هذا الخلاف؟.

الجواب على هذا التساؤل يتحدد في التالي: بما أن الفقه الإسلامي ناقش هذه المخالفة وعالجها بشكل دقيق، فإن حكم هذه المخالفة التي يمكن أن تحدث يجب أن يكون خاضعا للفقه الإسلامي ما دام أن قانون الأسرة يحيل على ذلك في المادة 400[190]، وفي غياب النص[191].

ثانيا: مصير الإذن بالزواج بعد ثبوت المخالفة

يحدث في بعض وكالات الزواج أن الوكيل عندما يؤشر له القاضي على هذه الوكالة ويحصل بالتالي على الإذن بالزواج فإن لا يتابع الإجراءات التي تلي الإذن إما عمدا وإما تماطلا.

وهذا يطرح تساؤلا كبيرا وهو ما مصير هذا الإذن؟ وكيف يمكن أن تعالج هذه القضية؟، يمكن القول:  إن الإذن بتوثيق عقد الزواج هو مجرد إذن لا يلزم صاحبه بإبرام عقد الزواج، وبالتالي ينبغي أن تكيف المخالفة على أنه تراجع عن الطلب.

فإذا تقدم صاحب الإذن بطلب التراجع لدى قاضي الأسرة المكلف بالتزويج فيجب أن يرفق طلبه بأصل الإذن المسلم له، وتسلم له وثائقه إذا طلبها ويحرر محضر في الموضوع يوقعه المعني بالأمر والقاضي وكاتب الضبط ويحفظ الملف وإذا احتاج المعني بالأمر إلى شهادة حفظ ملفه تسلم له.

ومن المعلوم أن الغاية من إحداث الإذن بالزواج بالوكالة هي تأكد قاضي الأسرة المكلف بالزواج من توفر الخاطبين على شروط عقد الزواج من أهلية وغيرها حماية لمؤسسة الزواج وتفاديا لأي تحايل[192].

وإذا كان هذا الإشكال يتعلق بمصير الإذن العادي بالزواج فإنه في نظري يجب أن تعالج قضية الإذن بالوكالة قياسا عليه وبنفس الإجراءات وذلك من أجل حماية حقوق الموكل من الضياع.

الفقرة الثانية:  الوكالة في الزواج وعلاقتها بالإيجاب والقبول

لم تبين المادة 17 ما المقصود بالتوكيل هل هو توكيل على الإيجاب والقبول، أم توكيل في الإجراءات التي يعقد بها الزواج، (أولا) ولم تبين حكم الوكالة في الزواج وهل هي وكالة عامة؟ أم وكالة خاصة؟ (ثانيا).

أولا: علاقة الوكالة بالإيجاب والقبول

إذا كان الرجل في الأصل هو الذي يتولى عادة عقد الزواج لنفسه، لكونه هو الذي يفصح عن رغبته ورضاه في العقد ويصرح بعبارته بما يفيد التزامه وقبوله لهذا الزواج، وإذا كانت المرأة حسب التعديل الجديد الذي جاءت به مدونة الأسرة أصبحت لها نفس الحق الذي يتمتع به الرجل شريطة أن تتوفر فيها شروط الزواج، فإن قانون الأسرة سمحا لهما استثناء في أن يوكلا من ينوب عنهما في إبرام عقد زواجهما، فإن الإشكال الذي يطرح وهو أن قانون الأسرة من خلال المادة 17 لم يبين ما المقصود بالوكالة في الزواج؟ أم أن التوكيل ينصرف إلى الإجراءات التي ينعقد بها الزواج؟ أم إليهما معا؟

لم تجب المادة 17 على هذا الإشكال ولكن هذا لا يمنعنا من القول بأن الوكالة في الزواج إنما تنصرف إلى الإيجاب والقبول، وأيضا ينصرف مغزاها إلى الإجراءات وهذا يعني أن هذه الوكالة تشمل كل من الإجراءات والتوكيل على الإيجاب والقبول، وهذا أيضا ما قال به أحد الباحثين: حيث عنون إحدى مباحث كتابه ب: التوكيل على الإيجاب والقبول[193]. فهو إن قصد أو لم يقصد فالتوكيل حقيقة ينصرف إلى التوكيل في الإيجاب والقبول[194].

والإيجاب والقبول عادة يتم بالعبارة وبالكتابة وبإشارة الأخرس وبالتبليغ، أما العبارة في الإيجاب فيلزم أن تكون بما اشتق من لفظ الزواج من الأفعال فقط عند الشافعية والحنابلة لأن عقد الزواج عقد له خطورته، لذا يلزم أن تستعمل لأجله ألفاظ واضحة الدلالة، كما يقول الأستاذ عبد الخالق أحمدون[195].

ثانيا: حكم الوكالة في الزواج وفق المادة 17.

لم تبين المادة 17 ما المقصود بالوكالة في الزواج في هذه المادة هل هي وكالة عامة أو خاصة اللهم إلا الإشارة "ظروف خاصة"، وهذه الإشارة لا يمكن الحكم بها على أن الوكالة في هذه المادة هي وكالة عامة أو خاصة، غير أن هناك من زعم بأن الأحكـام التي جـاءت بها هذه المـادة هي أحكـام خاصة وبالتالي فالوكالة هي وكالة خاصة.

يقول الأستاذ محمد الأزهر في هذا الصدد وهو يناقش فكرة الوكالة، والملاحظ أن مدونة الأسرة جاءت بأحكام خاصة للوكالة تحاشيا لأي استغلال لهذه الوسيلة القانونية أسوأ استغلال خصوصا ما تعرفه بعض الدول العربية من مشاكل وانحرافات أخلاقية آثارها موضوع الوكالة.

مما سبق يتبين أن مدونة الأسرة قيدت الوكالة في الزواج وجعلتها وكالة خاصة[196] فإلزام الموكل بتعيين اسم الزوج الآخر ومواصفاته والمعلومات المتعلقة بهويته والصداق المسمى والمعجل منه والمؤجل تدل علـى أن هذه الوكـالة هي وكالة خاصة.

ويلاحظ أن المشرع التونسي كان واضحا أكثر من المشرع المغربي بخصوص هذه النقطة[197] حيث أوجب أن تحرر الوكالة في ورقة رسمية، وهو بهذا الإلزام والحتمية يريد أن يجعل هذه الوكالة من ضمن العقود التي تتصف بصفات خاصة، وبالتالي إدراجها ضمن الوكالات الخاصة[198]، ونلاحظ أن المشرع المغربي لم يوجب تحرير الوكالة في ورقة رسمية بل خير المعني بالأمر بين تحريرها في ورقة رسمية أو عرفية وهذا التخيير وغياب أي إشارة في المادة تؤكد على حكم هذه الوكالة الشيء الذي جعلني أناقشه لأنه في نظري تساؤل مشروع خاصة ونحن نعلم أن الأحكام تختلف من وكالة خاصة إلى وكالة عامة مطلقة، فوصف المشرع هذه الوكالة بأنها وكالة خاصة تنبني عليه أحكام من قبيل أنه لا يجوز للوكيل أن يخرج عن بنود هذه الوكالة بل المطلوب فيه التقيد بحرفيتها، وإلا اعتبر عمله مخالفا وبالتالي بطلان حكم الزواج بها.

المطلب الثاني: الإشكالات القانونية

هناك إشكالات قانونية وتساؤلات لم تتطرق إلهيا المادة السابعة عشر، ومنها: الطريقة والكيفية التي يمكن أن تبرم بها الوكالة التي تكون أداة ووسيلة من أجل إبرام العقد نيابة عن الغير، وأيضا لم تبرز العلاقة بين عقد الوكالة وعقد الزواج (الفقرة الأولى) كما أنها لم تتطرق إلى أثر عقد الزواج الذي يتم بعقد الوكالة (الفقرة الأولى).

- الفقرة الأولى: إشكـال تحريـر الوكـالة والعلاقة القـائمة بينها وبين عقد الزواج

سأعـالج في هذه الفقرة نقطتين بارزتين:هما: الطريقة المسطرية التي تنجز بها الوكالة.

(أولا): العلاقة بين عقد الزواج وعقد الوكالة ومن المنشئ لمن (ثانيا)

أولا: الطريقة الإجرائية التي يحرر بها صك الوكالة:

لم تشر المادة السابعة عشر إلى الطريقة  التي يمكن أن تبرم بها وكالة الزواج، وهذا طرح تساؤلا منطقيا، وهو هل الطريقة والإجراءات المسطرية التي تحرر بها وكالة الزواج هي نفس الإجراءات التي تحرر بها باقي الوكالات؟ وإذا كان الجواب بنعم فماذا يمكن أن نقول حول الوكالات التي تنجز خارج المغرب والتي نعلم أنها تختلف إجرائيا وتقطع مراحل  حتى تصير صالحة من أجل العمل بها؟ وتطرح بالتالي عدة إشكالات.

كان على المشرع أن يفصل ولو قليلا في هذه النقطة ولم يكتف بذكر التوكيل فقط، في المادة 12 (يتم عقد الزواج بحضور أطرافه غير أنه يمكن التوكيل على إبرامه بإذن من قاضي الأسرة المكلف بالزواج وفق الشروط الآتية:

والسبب الذي دعاني إلى طرح هذا الإشكال هو ما يعانيه بعض أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، فعندما تضطر الظروف أحدهم في أن يوكل في زواجه يصطدم مع عدة إجراءات، وهي إجراءات معقدة نوعا ما وتطول، مما يكون سببا في إحراجهم وسببا أيضا في مناقشتهم  لهذه الإجراءات فبعض منهم يتذرع بأن هذه الإجراءات غير منصوص عليها في المادة السابقة والتي تنظم وكالة الزواج فلماذا يطلب منا تتبع هذه الإجراءات.

 وإذا كانت الإجراءات التي تنجز بها الوكالة في المغرب سهلة نوعا ما فإن الإجراءات التي تحرر بها الوكالات في الخارج والمراحل التي تقطعها هي على خلاف ذلك، وهذه الإجراءات تتمثل في التالي:

1- تحرير صك الوكالة: وهذا يمكن أن يقوم به الشخص نفسه، وإما أن يحررها في مكتب متخصص في تحرير العقود.

2- المصادقة على هذه الوكالة في القنصلية العامة والموجودة بالدولة المعنية المقيم فيها بالأمر.

3- عندما تدخل هذه الوكالة أرض المغرب يلزم الوكيل بأن يصادق عليها بملحقة وزارة الخارجية والتعاون، إما بمدينته وإما بأقرب مدينة توجد بها هذه الملحقة وإما بمقر الوزارة.

4- ثم بعد هذه المراحل تقدم مع وثائق الزواج الأخرى والمطلوبة في إذن الزواج  إلى قاضي الأسرة المكلف بالزواج[199]، الذي يكتب على ظهرها عبارة: اطلع عليها بتاريخ ..... وصودق على مضمونها .... وبها التأشير بأذن القاضي للوكيل بأن يزوج موكله.

ثانيا: العلاقة بين عقد الوكالة وعقد الزواج

لقد أثارت المادة 17 إشكال يتعلق بشأن العلاقة التي تربط عقد الوكالة بعقد الزواج فهذه العلاقة تطرح تساؤلا يتمثل في التالي: من المنشئ لمن؟ هل عقد الوكالة هو الذي  أنشأ عقد الزواج أم أن الحاجة إلى الزواج كانت سببا في عقد الوكالة وبالتالي عقد الزواج هو الذي أنشأ الوكالة.

 ينبغي بداية أن أشير إلى أن هذا التساؤل هو تساؤل منطقي، ولا يمكن أن يصنف ضمن الجدل العقيم الذي لا يجدي، كمن يطرح سؤالا من الأسبق وجودا البيضة أم الدجاجة؟ فإذا كان هذا يوصف بأنه عقيم.

فإن التساؤل الذي يطرح حول هذه العلاقة يبرز لنا عدة جوانب مهمة أغفلتها المادة 17 وهي:

1) أن  الوكالة عقد مستقل عن عقد الزواج وهذا المبدأ من المبادئ  العامة في كل عقود الوكالات، فقسيمة الزواج لم تحرر لإثبات الوكالة قصدا وإنما قصد بتحريرها إثبات عقد الزواج، كما أنها ليست من الأمور التي تدخل تحت حسن المأذون (العدل) لأنه يجوز شرعا أن تكون في غير مجلس العقد[200].

ومما نجنيه من هذا التساؤل أن الوكالة لا تتوقف بوقت ولا تنتهي إلا بانتهاء ما وكل فيه أو بالعزل أما عقد الزواج فلا ينتهي بالعزل وإنما ينتهي بالطلاق أو بالوفاة أو بالفسخ.

3) الوكالة بالزواج وقبض المهر لا تتقيد بالمجلس[201] عكس عقد الزواج الذي يكون مقيدا بالمجلس حين إنشائه ومقيدا أيضا بالأحكام الفقهية التي يختلف بها على باقي العقود.

4) من المبادئ التي يعرفها عقد الوكالة أنها إذ لم تثبت في مجلس العقد ليس معنى انتفاؤها، في الواقع فيجوز أن تكون في غير مجلس العقد[202].

أما عقد الزواج فهو مقيد بالمجلس ومقيد بوجود هذه الوكالة إذا كانت هي السبب في إنشائه.

الفقرة الثانية: آثار عقد الزواج الذي ينعقد بالوكالة

الحقيقة أن الوكيل في الزواج سفير ومعبر لا يرجع إليه شيء من حقوق العقد ولا يطالب بالمهر إذا كان وكيل الزوج ولا يتسلم المهر إذا كان وكيلا للزوجة ولا يضمن شيئا مما يتعلق بذلك إلا إذا كانت هناك كفالة صريحة، من جانب الوكيل وأيضا لا يقبض الوكيل المهر إلا إذا كان مأذونا بذلك صراحة أو دلالة، ويكون قبضه في هذا الحال، بتوكيل آخر غير توكيل الزواج[203].

ومما ينبغي الإشارة إليه أن وكيل البكر الراشدة، سواء كان أبوها أو جدها، فإنه يكون مأذونا له بقبض المهر دلالة، فلو قبضه مثلا أبوها أو جدها بالقبض فيصح قبضه وتبرأ ذمة الزوج وليس لها أن تطالب بعد ذلك، وبالقول إن العادة أن يقبض الآباء مهور بناتهم ويقوموا بتجهيزهم.

أما إذا كانت الموكلة ثيبا أو كان الوكيل في العقد غير الأب والجد فقبض المهر وسكتت فلا يعد سكوتها رضا بالقبض بل لابد من الإذن الصريح ولا تبرأ ذمة الزوج بتسليم الوكيل المهر، إذ هي لا تستجيب في ذلك.

ويبقى أن أشير إلى أن الزواج تترتب عليه آثار أخرى لخصتها المادة 51 من مدونة الأسرة[204] وهي تختلف عن الآثار والحقوق التي كانت منصوصا عليها في مدونة الأحوال الشخصية والتي كانت تتنوع إلى حقوق الزوجة وحقوق الزوج والحقـوق المشتركة[205]، فلم تعد بمثل الآن بهـذا التنوع، فأصبحت حقوقـا متبادلة بين الزوجين.

ويمكن القول كما يقول الأستاذ عبد الخالق أحمدون، إن المدونة سلكت نهجا جديدا في صياغة آثار الزوجية بالنسبة للزوجين وذلك باعتبارها حقوقا وواجبات متبادلة يتحمل بها كل من الزوجين إزاء الآخر تأكيدا لمبدأ المساواة التي قامت عليه نصوص المدونة، والغاية من ذلك هو الوصول إلى رأي مشترك توافقي بعيدا عن التمسك برأي شخصي والتعصب له في إطار من الحوار الهادئ والتعاون والتكافل والإيثار[206] .

والملاحظ على هذه الحقوق والواجبات أنها تحفظ المقاصد الشرعية التي دعا إليها الدين الإسلامي الحنيف فإذا راع الزوجان هذه الحقوق والواجبات وأحسن القيام بها قويت رابطة الزوجية واستقرت حياة الأسرة واستقام أمرها، والأصل في ثبوت هذه الحقوق والواجبات هو قوله تعالى: "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف"[207].

وبهذا النص المحكم وضع الإسلام القاعدة التي تقوم عليها الحياة للزوجية وهي تبادل الحقوق والواجبات بين الزوجين فجعل للزوجة على زوجها حقوقا وجعل للزوج على زوجته حقوقا فضلا عن الحقوق المتبادلة بينهما والمشتركة[208].

وخلاصة القول إن الوكالة في الزواج جاءت لتخدم الزواج وتساعد كل من كان بعيدا عن بلده إما لعذر أو سفر أن ينيب غيره في إبرام زواجه تخفيفا وتيسيرا على من توفرت فيه الأعذار الشرعية.

 

الفصل الثاني: الوكالة في الطلاق

الأصل في الزواج الاستمرارية والدوام. لأنه شرع ليدوم ويطول. وإذ كان هذا هو حكمه فعلى أطرافه أن يعملا على تحقيق ديمومته، واستقراره بكل الوسائل المشروعة وأن يعملا أيضا على درء كل ما يمكن أن يهدد هذا الكيان في أصله والوصول بالتالي إلى تحقيق الحكمة المرجوة من تشريعه.

فالزواج نظام شرعه الله تعالى لعباده من أجل تحقيق حكم عديدة وخلق أسرة تسودها المودة والمحبة والإيخاء، بغية الوصل إلى الأهداف السامية والنبيلة التي شرع الزواج من أجلها، وهي ما يلي:

*بقاء النوع الإنساني واستمراره: فالغاية إذا هو استمرار التناسل بطريقة شرعية لامتداد النوع البشـري لأنه هو الأسـاس الأول للأسـرة والخلية الأولى لبناء المجتمع.

*تحصين النفس: فالزواج في الإسلام هو الطريق الإنساني الأخلاقي الأوحد. الذي يؤدي إلى الإشباع الجنسي للفرد من غير إضرار بالمجتمع، بل هو الواحة الطبيعية الفطرية التي تجمع بين المرأة والرجل وتمنحهما الراحة النفسية والحسية.

*السكن النفسي: فمن الحكم التي يعمل الزواج على تحقيقها هو الاستقرار النفسي وهذا ما نوه به الحق سبحانه وتعالى في كتابه قال تعالى: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزوجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة"[209].

ولكي تتحقق هذه الحكم يلزم أن يكون الزوجين منسجمين تمام الانسجام وعلى قدر كبير من الوعي بهذا الأشياء وذلك حتى لا تتحول عيشهم من حياة هنيئة مستقرة إلى حياة يملؤها القلق والاضطراب.

وإذا وصل الحال بالأسرة إلى أن أصبحت العلاقة الزوجية فيها علاقة مستحيلة الدوام بسبب الخلاف والنزاع الذي دب إليها وحولها من أسرة سعيدة إلى أسرة تعيسة فإن الشرع والقانون أباحا لأطرافها حق الانفصال عن بعضهما البعض وذلك وفق لقاعدة "الأخذ بأخف الضررين" كما عبر عن ذلك قانون الأسرة[210].

وحق الانفصال، لحل عقد النكاح، ثابت لكل من الرجل والمرأة. فالطلاق أصل للرجل والخلع والتخيير والتمليك أصل للزوجة.

وإذا كان الطلاق حق من حقوق الزوج، لأنه ثابت له بالشرع لما له من القوامة على الزوجة. فله أن يتولاه بنفسه كما له أن ينيب غيره فيه، استنادا لقاعدة أن من ملك حقا ملك التوكيل فيه إذا كان يقبل الإنابة في ذاته. والطلاق من التصرفات التي تقبل التوكيل والإنابة، وبما أن التوكيل جائز في الطلاق فعملي في هذا الفصل سيكون مخصصا لإبراز أحكام هذه الوكالة في الفقه والقانون وذلك من خلال الفرعين التاليين:

الفرع الأول: التصور الشرعي للوكالة في الطلاق

الفرع الثاني: المقاربة القانونية للوكالة في الطلاق.

الفرع الأول: التصور الشرعي للوكالة في الطلاق

لقد عالج الفقه الإسلامي الوكالة في الطلاق معالجة شمولية حسب ما هو معهود فيه: رغم أن الوكالة في الطلاق، هي مسألة خطيرة وحساسة لأنها ستؤدي  في المطاف إلى جعل نهاية لعلاقة زوجية جمعت بين شخصين جمعهما الله في السماء قبل أن يجمع شملهما في الأرض بعقد قران مقدس. فالشرع الحكيم يسمح لكل شخص وصل به الحال إلى أن ينهي علاقته الزوجية أن يوكل من ينوب عنه في إيقاع طلاقه، وقد ناقش الفقهاء الأحكام التي يمكن أن تتم بها هذه الوكالة. بذكر دليلها وحكمها والطريقة التي تتم بها. وإذا كان الفقه ثابتا في قضية الوكالة في الطلاق، فإن قانون الأسرة لم يثبت على حالة واحدة في هذه النقطة. ففي ظل التعديلات الجديدة لم تشر المدونة إلى الوكالة في الطلاق، مع العلم أن المشرع كان ينص عليها في مدونة الأحوال الشخصية. وهذا السكوت الذي لوحظ على المشرع في قضية الوكالة هو ما سأحاول أن أناقشه من خلال مباحث وفقرات هذه الفرع وذلك بطرح سؤال مهم، وهو: هل كان المشرع موفقا في عدم التنصيص على الوكالة في الطلاق؟ أم أنه كان غير موفقا؟ وللإشارة فإن المشرع أخذ برأي من يقول إن الوكالة في الطلاق تصطدم مع مؤسسة أخرى تقوم بدور حيوي في استقرار الأسرة والعمل على إنقاذها في آخر المطاف، وهي: مؤسسة الصلح.

كيف ما كان الحال، فإن الوكالة في الطلاق، وإن لم ينص عليها المشرع إلا أنها بحكم الظروف موجودة، لأن الفقه الإسلامي يجيزها، ومن أجازه الشرع وغفل عنه القانون يرجع فيه على الفقه بنص القانون نفسه، الذي يحيـل على ذلك في غياب النص.

 ويبقى أن أشير إلى أن الوكالة في الطلاق تلعب دورا مهما رغم ما قيل عنها.

فهناك حالات أسرية وصل بها الأمر إلى أن اتفقت على إنهاء الرابطة الزوجية، ولكن ولظروف المرض المزمن لم يتم هذا الطلاق. لأن المشرع كما هو معلوم لا يسمح بالطلاق الانفرادي بل يلزم الطرفين بالحضور إلى جلسة الصلح، وهذا الإلزام بالحضور فيه إرهاق وبالتالي أن الطلاق لم يتم. وللإشارة فإن مضمون هذا التساؤل الذي طرح والأحكام التي تعتري الوكالة في الطلاق، هي ما سأضمه في المبحثين التاليين: سأخصص الكلام في المبحث الأول: عن الوكالة في الطلاق في الفقه الإسلامي، على أن يكون المبحث الثاني: مخصصا للحديث عن التعارض القائم بين الصلح وإعمال التوكيل في الطلاق.

المبحث الأول: الوكالة في الطلاق في الفقه الإسلامي

الحديث عن الوكالة في الطلاق في الفقه الإسلامي اقتضى مني الحديث في دليل مشروعية هذه الوكالة وحكمها (المطلب الأول). وذكر المرادفات والأنواع التي تتم بها هذه الوكالة (المطلب الثاني).

المطلب الأول: دليل مشروعية الوكالة في الطلاق وحكمها

إن الطلاق حق من حقوق الزوج وبما أنه يملك هذا الحق فيجوز له أن يوكل فيه غيره أو أن يفوضه إلى زوجته. وهذا التصرف جائز بالكتاب والسنة والإجماع (الفقرة الأولى) وبالإضافة إلى الاجتهاد الفقهي الذي يسمح بقيام بهذه الوكالة في الطلاق (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: دليل مشروعية الوكالة في الطلاق

استدل فقهاء الشريعة على جواز الوكالة في الطلاق بنصوص شرعية ثابتة من الكتاب (أولا) ومن السنة (ثانيا) والإجماع (ثالثا).

أولا: الكتاب

من الآيات التي يستدل بها على الإنابة في الطلاق هي قوله تعالى: "يأيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما"[211] .

وقد اختلف المفسرون في سبب نزول هذه الآية على أقوال: وقد صرح القرطبي بخصوص هذا الاختلاف بقوله: (قال علماؤنا): هذه الآية متصلة بما تقدم من إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم وكان قد تأذى من بعض الزوجات، قيل: سألته إحداهن عن عرض الدنيا، وقيل: زيادة في النفقة وقيل: أن السبب الذي أوجب التخيير لأجله أن امرأة من أزواجه سألته أن يصوغ لها حلقة من ذهب فصاغ لها حلقة من فضة فأبت إلا أن تكون ذهبا. فنزلت آية التخيير، فخيرهن كلهن، فاختزن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. وقيل: إن واحدة منهن اختارت الفراق[212].

 وقد أورد ابن العربي في سبب نزولها خمسة أقوال: وقد اخترت الذي اختاره هو رحمة الله قال: والصحيح عندي: ما جاء في صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله قال: جاء أبو بكر يستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد الناس جلوسا عند بابه لم يأذن لأحد منهم، قال: فأذن لأبي بكر فدخل تم أقبل عمر فاستأذن فأذن له بالدخول فوجد النبي صلى الله عليه وسلم جالسا وحوله نساؤه واجها ساكتا قال: قال أبو بكر لأقولن شيئا يضحك النبي صلى الله عليه وسلم.

فقال: أرأيت يا رسول الله بنت خارجة (يعني زوجته) سألتني النفقة فقمت إليها فوجأت عنقها وضحك النبي صلى الله عليه وسلم وقال هن حولي كما ترى يسألني النفقة فقام أبو بكر إلى عائشة يجأ عنقها، وقام عمر إلى حفصة يجأ عنقها كلاهما يقول: تسألن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ليس عنده ثم اعتزلهن صلى الله عليه وسلم شهرا ثم أنزلت عليه أية التخيير (يأيها النبي قل لأزواجك...إلخ) فاختزناه صلى الله عليه وسلم ولم يختزن أنفسهن [213].

ومهما يكن من خلاف حول سبب نزول هذه الآية فالفقهاء يعتبرونها دليلا في التخيير الذي يعطي للمرأة من أجل حل عصمة الزواج.

يقول الأستاذ محمد سمارة: ووجه الدلالة بهذه الآية: أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد خير نساؤه بين مفارقته وبين القيام معه، فلو لم يكن لاختيارهن الفرقة أثر، لما كان لتخيرهن معنى[214].

وخلاصة القول: أن هذه الآية وإن كانت صريحة في التخيير والتفويض، فإن الفقهاء يستدلون بها على الوكالة في الطلاق.

وتخيير المصطفى صلى الله عليه وسلم لزوجاته بين البقاء معه أو البعد عنه فيه تفويض للذي تريـد أن تختار الفراق. والتفويض كما هو معلوم نوع من الوكالة هو وكالة.

ثانيا: السنة: من الأحاديث التي يستدل بها على جواز الوكالة في الطلاق الحديث الذي ذكرته سابقا في سبب نزول آية التخيير، والحديث الذي أخرجه الإمام مسلم في  صحيحه، وقد جعله عنونا لباب في كتاب النكاح.

قال الإمام مسلم: حدثنا حرمة بن يحيى التجيبي واللفظ له، عن ابن سلمه بن عبد الرحمن أن عائشة قالت ثم لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتخيير أزواجه بدأ بي فقال: إني ذاكر لك أمرا فلا عليك أن تعجلي فيه حتى تستأمر أبويك، قالت:  قد علم أن أبوايا لم يكونا ليامراني بفراقه قالت: ثم قال: إن الله عز وجل قال: "يأيها النبئ قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن واسرحكن سراحا جميلا"[215] الآية.

قالت في أي هذا أستأمر أبوي فإني وأريد الله ورسوله، قالت: ثم فعل أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما فعله) وكما سبق أن قلت الإمام مسلم جعل هذا الحديث عنونا "لباب" قال في صحيحه: "باب أن تخيير المرأة لا يكون طلاق إلا بالنية"[216]. من خلال هذا يستشف أن الإمام مسلم، يقول بأن التخيير إذا كان القصد منه الطلاق فإنه يقع طلاقا كما جاء في عنوان الباب. ومن السنة أيضا ما روي عن عائشة رضي الله عنهـا قالت: خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاختزناه فلم يكن طلاقا"[217] .

من الاستنتاجات التي يمكن أن نخرج بها حول قراءة هاذين الحديثين، أن التخيير في الفراق أو البقاء في عصمة الزواج تعتريه أحكام. فإذا خير الرجل امرأته بين أن تبقى معه أو أن تفارقه وحدث وفارقته. فإنه حسب مضمون الحديث الأول لا يعد ذلك طلاقا ما لم تتبعه النية في الطلاق. والنية هنا هي نية الزوجة المخيرة وليست نية الزوج، فالزوج إذا خير زوجته بنيه أو بغير نية فإن تخييره لا أثر له إذا لم تعطي فيه المرأة رأيها، لأن الزوج له طريق أخر ينهي به العلاقة الزوجية وهو الطلاق أما التخيير والتفويض فينقلان الاختصاص من الزوج على الزوجة.

بينما يدل الحديث الثاني الذي روته عائشة أن المرأة المخيرة إذ اختارت البقاء  بقيت على عصمتها، وإذا اختارت الفراق، كان ذلك طلاق سواء سبقته النية أم لا.

ثالثا: الإجماع: أجمع علماء الأمة من المذاهب الستة على أن الطلاق بالإنابة جائز لا يجوز منعه[218]، باستثناء الإمام ابن حازم الظاهري الذي يقول بعدم جواز الوكالة في الطلاق وتعليله على هذا المنع، أنه لا يجوز كلام أحد على كلام، إلا حيث أجازه القرآن، ولم يأت بجواز التوكيل كتاب ولا سنة. وكما لا يجوز التوكيل في اللعان والظهار والإيلاء، فلا يجوز التوكيل في الطلاق، لأن الله خاطب بالطلاق الأزواج دون غيرهم[219]، وهذا الحكم من الإمام ابن حزم الظاهري يتماشى مع مبدأ مذهب الذي يبني أحكامه على ظواهر النصوص، وكل نص غير صريح في المسألة كحالة الوكالة في الطلاق مثلا، لا يعمل به. ولا يجوز أن يأخذ من النصوص إلا ظاهرها وقد لقب رحمه الله بالظاهري لأنه يأخذ بظاهر النصوص ولا يأخذ بتأويلاتها، إلا إذا كان هناك نص أخر صريح في المسألة حينئذ يجيزها ويعمل بها في مذهبه.

وفد ذكر الشيخ وهبة الزحيلي وهو يتحدث عن الإجماع الذي وقع عليه من بين علماء الأمة، بقوله: والرجل كما يملك الطلاق بنفسه، يملك إنابة غيره فيه ويجوز تفويض الطلاق للزوجة بالإجماع، لأن النبي صلى الله عليه وسلم خير نساءه بين المقام معه وبين مفارقته لما نزل قوله تعالى: "يأيها النبئ قل أزواجك عن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها  فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا"[220]، فلو لم يكن لاختيارهن الفرقة أثر لم يكن لتخييرهن معنى[221].

الفقرة الثانية: حكم الطلاق بالوكالة

الطلاق حق من حقوق الزوج وهو ثابت له بالشرع لما له من القوامة على الزوجة لذا كان له أن يتولاه بنفسه كما له أن ينيب غيره فيه، استنادا إلى قاعدة: أن ملك أمرا ملك التوكيل فيه إذ كان يقبل الإنابة في ذاته، والطلاق من العقود التي يقبل الإنابة، لذلك يجوز للشخص أن يوكل غيره في طلاق زوجته كما له أن يوكل زوجته نفسها في إيقاع الطلاق عنها.

والوكالة في الطلاق تعني: أن يقول الشخص المتزوج (الموكل) لشخص آخر (الوكيل) وكلتك في طلاق زوجتي.

فإذا قبل الآخر ذلك التوكيل ثم قال لزوجة موكله: أنت طالق، أو طلقت زوجة موكلي وقع الطلاق. وكذلك يقع الطلاق إذا جعل الرجل أمر زوجته بيدها وقبلت ذلك، انعقدت الوكالة وصح تصرفها نيابة عنه. وهذا هو الحكم الشرعي الذي عليه الوكـالة في الطـلاق فإذا توفرت شروطها فإن الطلاق يتم بها، وهذا ما قال به معظم الفقهاء.

فالمالكية يقولون بجواز الوكالة في الطلاق، ما دام أنها ثابتة بالكتاب والسنة. وأنها تدخل ضمن التصرفات المباحة.

ويروى أنه ليس كل تصرف يتفق الطرفان على النيابة فيه يصلح أن يكون محلا للوكالة، بل لابد أن يتوفر هذا الفعل على شروط، لكي يصح التوكيل فيه بل إنهم فرقوا بين الأعمال التي تدخلها الوكالة والتي لا تدخلها[222].

ومن الشروط التي يفرضها المالكية للعمل ليصبح التوكيل فيه والذي تتوافق مع ما قال به الشافعية والحنابلة والحنفية:

1) أن يكون الفعل الذي يريد أن يوكل فيه يقبل النيابة في أصله، والطلاق من العقود التي تقبل النيابة، وقد عدوا الأشياء التي لا تجوز فيها الوكالة وهي: النذور، والإيلاء والقسامة واللعان لأنها أيمان كما لا يجوز في النكاح بمعنى الوطء، ولا تجوز أيضا في المعاصي مطلقا كالظهار ونحوه، لأنه منكر من القول وزورا، ويستفاد من ذلك أن كل فعل لا يجوز للشخص فعله لا تجوز فيه النيابة: كالسرقة والقذف. وللإشارة فهناك من فقهاء المالكية من عقب على منع الوكالة في الظهار[223] والأيمان، فبالنسبة للأيمان فقد أوردت بعض كتب المالكية أن الوكيل يمكن أن يحلف بدلا من الموكل إذا كان وكيلا بقبض الديون[224].

بالنسبة للظهار: هناك من على منع الوكالة في الظهار وجوازها في الطلاق رغم أن الظهار شبيه بالطلاق. أجيب عنه أن الظهار معصية والطلاق مباح والوكالة في ما هو محرم لا تقبل[225].

2) أن يكون الموكل فيه مملوكا للموكل: إن اشتراط هذا الشرط يعني أن يكون الموكل يملك التصرف في الفعل المراد التوكيل فيه بأي وجه من أوجه التصرف وأن يكون الشرع سمح له بأن يتصرف فيه بنفسه، ولا يكون ممنوعا، وهذا ما قال به المالكية، ويصرح به ابن عاصم في تحفة قال: يجوز توكيل لمن تصرف في مالك لمن بذلك اتصاف [226].

- ويرى الحنفية أن المقصود بملك الموكل فيه هو ما يعرف بملك الولاية الشرعية في إجراءه بأن لا يكون الموكل محجوزا عليه أو به عذر شرعي يمنعه من القيام بهذا التصرف وهذا الحكم يتعلق بالوكالة في الطلاق[227].

- أما الحنابلة: فذهبوا إلى أن التوكيل لا يجوز إلا ممن يصح تصرفه في الموكل فيه. فلكي يصح التوكيل من شخص في شيء ما، لابد أن يكون الموكل مالكا لذلك الشيء، بالولاية الشرعية عليه أي: ما يجوز التصرف فيه شرعا أو أن تكون له أهلية مباشرته بنفسه. فإذا كان الموكل على هذا الحال صح توكيله، إذ أن من يملك شيئا يملك أن يملكه لغيره[228] والطلاق في التصرفات التي يملكها الشخص وبالتالي يجوز له أن يوكل فيه شرعا.

وهناك من يقيس الوكالة في الزواج على الوكالة في الطلاق ويقول إذا كانت الوكالة في الزوج ثابتة بحكم الشرع، فالطلاق جنس من الزواج يجوز التوكيل فيه سواء كان الشخص أجنبيا أو للمرأة نفسها بان يفوض لها بإيقاع الطلاق منه إن شاءت وتسمى المرأة المفوضة وفي كلا الحالتين يقع الطلاق في الموكل ومن المفوضة وينفذ على الزوج[229].

 وهذا الحكم هو ما كانت تنص عليه المادة 88 من مدونة الأحوال الشخصية[230] .

ويبدو أن المشرع في مدونة الأحوال الشخصية كان يكيف الطلاق الذي يتم بالوكالة على أنه تطليق ويسمى طلاق وهذا ما يستفاد من العبارة التي جاءت بها المادة 88: "للزوج أن يوكل غير بالتطليق" فعبارة التطليق واضحة بعد عبارة التوكيل، أما المشرع في مدونة الأسرة فلا ندري ما الصورة التي يعطيها للطلاق الذي يقع في بعض المحاكم بالمغرب بالوكالة هل يعتبر طلاقا؟ أو تطليقا؟ مع العلم أن هناك فرق وأحكام واضحة تميز الطلاق عن التطليق.

3) أن يكون الموكل فيه معلوما ومباحا: لما كانت الوكالة إنابة في إجراء التصرف، وكان هذا التصرف هو محل عقد الوكالة. فإن الوكيل ملزم بأن يكون على علم بما هو موكل في إجرائه والقيام به ليتسنى له تحقيق رغبة موكله، وتنفيذ عناصر التوكيل على الوجه المطلوب فيلزم الوكيل حينئذ في وكالة الطلاق أن يعرف المرأة معرفة صحيحة بأنه هي زوجة الموكل وأن يكون عالما بأحكام الطلاق، وذلك حتى يأتـي توكيـله صحيحا وموافقـا لما جاءت به أحكام الشريعة في موضوع الوكالة في الطلاق.

فالحنفية يرون أن الوكالة لا تصح إلا في تصرف معلوم[231]، وجائز شرعا ومعلوم ومباح. ويتضح من هذا أن الفقهاء يتحرون في الوكالة في الطلاق وفي غيرها فهم يضعون شروطا هي في حقيقتها تحمي الموكل قبل الوكيل وتضبط التصرف بشكل دقيق حتى لا يتسرب إليها الشك أو الاحتمال أو الخطأ الذي يمكن أن يدخل هذا التصرف في المحظور شرعا رغم أصل إباحته. والفقهاء في وكالة الطلاق ناقشوا مفهوم الوكالة وحكمتها وحكها وناقشوا أيضا محلها (محل الوكالة) وأطرافها فأوضحوا ما المطلوب من الموكل وما الشروط التي يجب أن تتوفر في الوكيل وأكدوا أن الوكالة في الطلاق تصرف جائز يصح من الوكيل كبيرا كان أو صغيرا، بشرط أن يعقل العقد، وهذا ما قال به الحنابلة. فأكثر الروايات عن الإمام أحمد أنه يجيز طلاق حتى الصبي توكيلا  إذا كان يعقل الطلاق. وكان سنه ما بين عشر إلى اثني عشرة، وقد قال ابن قدامة: من أجاز طلاق الصبي، اقتضى مذهبه أن يجوز توكيله فيه وتوكيله لغيره، وقد أومأ إلى هذا الإمام أحمد وقال: "إن من صح تصرفه في شيء مما تجوز الوكالة فيه بنفسه صح توكيله ووكالته"[232].

وإذا كان معظم الفقهاء يقرون بالوكالة في الطلاق ويقولون في حكمها بالجواز، فإن الإمام ابن حزم لا يجوزها فقد قال رحمه الله: لا يجوز للمرأة أن تطلق نفسها حتى وإن فوضها زوجها بذلك، فإن فعلت، فلا يلزمه الطلاق. لأن الله جعل للرجال حق القوامة وأعطاه حق الطلاق. دون المرأة ونسب إيقاع الطلاق إلى الرجل في كل موضع ذكر فيه (إذا طلقتم النساء) [233] (ثم طلقتموهن) [234] (فطلقوهن لعدتهن) [235] "الطلاق لمن أخذ بالساق"[236] مره ليراجعا إذا ظهرت فإن شاء طلقها[237].

وهكذا الحكم الذي قرره الإمام ابن حزم في وكالة الطلاق يتماشى مع المبدأ العام الذي قرره بخصوص منع الوكالة في بعض الأعمال، وقد حصرها رحمه الله في عدة أمور وذلك بقوله: ولا تجوز الوكالة على طلاق، ولا على  عتق ولا على إنكار، ولا على عقد الهبة، ولا على العفو، ولا على الإبراء، ولا على عقد ضمان، ولا على قذف، ولا على صلح، ولا إنكار مطلق بغير تسمية المنكحة والناكح، لأن كل ذلك الزام الحكم ما لم يلزم قط، وحل عقد ثابت ونقل ملك بلفظ فلا يجوز أن يتكلم أحد على أحد حين أوجب ذلك نص: ولا نص على جواز الوكالة في شيء من هذه الوجوه. والأصل أنه لا يجوز قول أحد على غيره ولا حكمه على غيره بقوله الله تعالى: "ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى"[238]. وكل ما ذكرنا كسب على غيره وحكم بالباطل فلا يمضيه أحد على أحد[239]. ويلاحظ على هذا النص أنه لا يتحدث عن منه الوكالة في الطلاق. بل هو نص عام جمع فيه ابن حزم رحمه الله كل الأعمـال التي لا تجـوز فيها الوكالة حسب نظرته وإن كـانت تختلف عن نظرة باقي الأئمة.

لأن هذا الاختلاف ميزه الدين الإسلامي الحنيف، وهو رحمة للعباد وفسحه شرعيه يمكن للمكلف التعامل معها ولكن هذا لا يكون إلا بعد العلم بها وبمعرفة دليلها حسب اجتهاد كل إمام. وإذا كان الإمام ابن حزم لا يجيز الوكالة في الطلاق. فهناك من الفرق الإسلامية والشيعية لا تجيز هذه الوكالة بدورها. فقد ذكر هذا الأستاذ أنور الخطيب بقوله: قلنا أن الطلاق بيد من أخذ بالساق، يعني: بيد الرجل ولكن هذا لا يمنع أن يفوض الرجل زوجته أثناء العقد أو بعد العقد بأن تطلق نفسها وهذا ما جرت عليه الألسن بالقول: فلانة طلاقها بيدها، أي أنها مفوضة بطلاق نفسها وهذا في مذهب السنة فقط.

وليس مقبولا عند الشيعة والدروز[240].

والحكم على الشيعة بأنهم لا يجزون الوكالة في الطلاق ليس عاما، فمذهب الإمامية وهي طائفة شيعية تجيز الوكالة والتفويض في الطلاق. وحسب مذهبهم يمكن للزوج أن يفوض للمرأة إما بتخيرها نفسها، أو جعل أمرها بيدها أو بتفويضه لمشيئتها بأن يقول لامرأته: اختاري نفسك، أمرك بيدك ناويا تفويض الطلاق إليها وللمرأة أن تختار نفسها بقولها: "أنا طالق وإن كان في مجلس أخر فلو قالت اخترت نفسي فلا يقع الطلاق ولو قالته في المجلس لأن باختيارها نفسها يعني اختيارها البقاء على عصمته.

والتفويض في مذهب الإمامية يبطل خيارها بمضي الوقت ولو لم يرجع حتى ولو كانت غائبة ولم تعلم بالتفويض إلا بعد فوات الأوان والوقت.

ويمكن للزوج الرجوع على التفويض بعد إيجابه قبل جواب المرأة لأنه توكيل وإذن منه في الطلاق فله العدول عنه [241].

وخلاصة القول أن الوكالة في الطلاق هي جائزة بتصريح معظم الأئمة، والمذاهب الذين أجمع أغلبهم على جوازها بالنسبة للمرأة والرجل وذلك من أجل تحقيق الغاية التي توخاها الشرع الحكيم من أجـلها وهي: رفع الحرج عن الناس والتوسيـع عليهم. لذلك كان علـى القانون أن يـأخذ بها أسوة بالمذاهب الفقهيـة التي أجازتها.

المطلب الثاني: الصيغ والمرادفـات الشـرعية التـي تؤدي معنى الوكالة في الطلاق

تتعدد الصيغ والمرادفات الشرعية التي تؤدي معنى الوكالة في الطلاق إلى أنواع عدة، تبتدأ بلفظ الوكالة الصريح، ثم لفظ التفويض، وهذا الأخير بدوره يتنوع إلى تخيير وتمليك ومشيئة ...إلخ، وكل هذه الصيغ تدخل ضمن دائرته التفويض ولا يعرف معنى أحدها إلا من خلال لفظ المفوض نفسه.

وبما أن هذه الصيغ في حقيقتها نيابة ويؤدي التعبير بأحدها إلى الطلاق نيابة.

إن البحث في هذا المطلب سيكون مخصصا للتعريف بها وذكر أنواعها، (الفقرة الأولى) ثم ذكر الفرق بينها (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: حقيقة هذه الصبغ وأنواعها.

لفقهاء المذاهب اصطلاحات عديدة في إنابة الزوج غيره في الطلاق.

ذهب المالكية إلى أن التفويض في الطلاق هو إنابة الزوج غيره ويتنوع إلى ثلاثة أنواع:

توكيل وتخيير وتمليك[242].

وذهب الحنفية إلى أن إيقاع الطلاق من غير الزوج بإذنه يتنوع إلى ثلاثة أنواع: تفويض وتمليك ورسالة[243] .

أما الشافعية فيرن أن تفويض الطلاق تمليك ويشترط لوقوعه تطليقها نفسها على الفور والتفويض عندهم إما صريح مثل: طلقي نفسك أو كناية مثل: أبيني نفسك أو اختاري نفسك ونوى فقالت طلقت. وقع الطلاق[244].

أما الحنابلة فعندهم أن من صح طلاقه صح توكيله فإن وكل الرجل المرأة في الطـلاق صح توكيلها وطلاقها لنفسها لأنه يصح توكـيلها في غيرها، فكذا في طلاق نفسها[245].

وإن قال لامرأته: طلقي نفسك فلها الطلاق كالتوكيل، وهذه هي الألفاظ التي ذكرها الفقهاء.

وبعد سردي لهذه الأنواع يلزمني التعريف بها واحدة واحدة.

معنى التوكيل في الطلاق: فالتوكيل هو جعل الزوج حق إنشاء الطلاق لغيره زوجة كانت أو غيرها. فإذا كانت زوجة كان تفويضا، وإذا كان هذا الحق أعطى للغير اعتبر توكيلا، مع الإشارة إلى أن الزوج يبقى على حقه في منع التوكيل، من إيقاع الطلاق وإذا وكل الرجل المرأة على طلاقها فلها أن تفعل ما وكلها عليه من طلقة واحدة أو أكثر وله أن يعزلها ما لم تفعل الموَّكلُ فيه إلا لتعلق حقها بالوكالة وهو خلاف التوكيل والتخيير فليس له أن يعزلها ما لم تفعل الموكل فيه.

معنى التفويض: التفويض إنابة الزوج غيره في إيقاع الطلاق نيابة عنه، فإذا فوض الزوج هذا الحق لزوجته اعتبر تخييرا أو مشيئة أو تمليكا وذلك حسب ما تلفظ به المفوض.

وإذا فوض هذا الحق للغير اعتبر هذا التفويض من الزوج للغير توكيلا وليس تفويضا وهذا ما سأبينه عندما سأتكلم عن الفرق بين هذه الصيغ.

وقد كانت مدونة الأحوال الشخصية تنص على التفويض والتوكيل في الطلاق في المادة 88 بقولها: للزوج أن يوكل غيره بالتطليق وأن يفوض المرأة بتطليق نفسها[246]، ويمكن القول بخصوص التفويض أن الألفاظ التي يؤدي بها ثلاثة: أمرك بيدك وتخيير ومشيئة.

معنى تمليك الطلاق: التمليك في الطلاق هو أن يجعل الزوج أمر زوجته بيدها بحيث تصير مالكة لعصمتها ولها الحق في أن توقع الطلاق متى شاءت وذلك كأن يقول لها ملكتك أمرك وأمرك بيدك فإن قال لها ذلك قالت: إذن أنا طالق تطلق[247] .

وقد نصت المادة 89 على التمليك في الطلاق وبينت الإجراءات التي على الزوجة إتباعها من أجل حل عصمة الزواج ما دامت تملك حل هذه العصمة تفويضا من الزوج.

وتنص هذه المادة على أنه إذا ملك الزوج زوجته حق إيقاع الطلاق كان لها أن تستعمل هذا الحق عن طريق تقديم طلب إلى المحكمة طبقا لأحكام المادتين 79 و80 أعلاه.

 تتأكد المحكمة من شروط التمليك المتفق عليها بين الزوجين وتحاول الإصلاح بينهما طبقا لأحكام المادتين 81 و 82 أعلاه.

إذا تعذر الإصلاح بينهما تأذن المحكمة للزوجة بالإشهاد على الطلاق:

تبث في مستحقات الزوجة والأطفال عند الاقتضاء تطبيقا لأحكام المادتين 84 و85 أعلاه، ولا يمكن للزوج أن يعزل زوجته من ممارسة حقها في التمليك الذي ملكها إياه. يتبين من هذا النص أن المشرع حدد الطريقة والكيفية التي يمكن للزوجة أن تسلكها أمام المحكمة إذا كانت تملك أمر نفسها في إيقاع الطلاق، كما تبين هذه المادة أنه لا يجوز للزوج أن يمنع زوجته من ممارسة حقها في التمليك وأن يعزلها في الحق الذي وكلها فيه، ويمكن القول أيضا أن المشرع في هذه المادة يقرر أن متى ملك الزوج زوجته حق إيقاع الطلاق كان لها أن تستعمل هذا الحق عن طريق تقديم طلب إلى المحكمة ملتمسة في خضم ذلك الإشهاد بطلاق التمليك لدى عدلين منتصبين للشهادة لهذا الغرض بدائرة نفوذ المحكمة التي يتواجد بها بيت الزوجية، أو موطن الزوجة الطالبة، أو محل إقامتها أو التي  أبرم فيها عقد الزواج حسب الترتيب ويتضمن طلب الإذن بالإشهاد على الطلاق المملك هوية كل من الزوج والزوجة ومهنتهما ومحل إقامتهما مع الإشارة إلى عدد الأبناء متى وجدوا وذكر تواريخ ازديادهم ووضعهم الصحي والدراسي. ويرفق الطلب لزوما بمستند الزوجية مرفوقا بما يفيد تمليك الزوج الطلاق لزوجته مع ذكر الحجج المثبتة لوضعية  المادية والتزاماته المالية وذلك وفقا لأحكام المادتين 79 و 80 أعلاه[248].

معنى التخيير: والتخيير هو أن يخير الزوج زوجته بين البقاء معه والفراق، بأن يقول لها اختاري بيني أو اختاري نفسك، فلها أن تفعل من الأمرين ما أحبت، فإن اختارت الفراق كان طلاقا بالثلاث. وإن أرادت طلقة واحدة أو طلقتين لم يكن لها إلا أن يخيرها في طلقة أو طلقين[249].

والتخيير يمكن أن يكون صريحا كما يمكن أن يكون حكميا: فمثال الصريح أن يقـول: للزوجة طلقـي نفسك إن شئت، أو يقـول لغيرها طلق زوجتي فلانة مني إن شئت.

ومثال الحكمي أن يقول للزوجة: اختاريني أو اختاري نفسك أو يقول لغيرها: اخترني لزوجتي فلانة أو اخترها عني ويدخل فيه كل حكم يدل ذلك على التخيير بين البقاء على العصمة أو الذهـاب عنها كلـية وليس للزوج أن يعزل من خيره قبل إيقاع الطلاق[250].

معنى أمرك بيدك: للإشارة فهذا التعبير (أمرك بيدك) من ألفاظ التفويض، ومعناها أن يقول لها: أمرك بيدك فيصير الأمر بيدها في الطلاق، وذلك بشرطين:

أحدهما: نية الزوج الطلاق، لأنه من كنايات الطلاق فلا يصنع من غير نية.

والثاني: علم المرأة بجعل المر بيدها فلا يصير الأمر بيدها ما لم تسمع أو يبلغها الخبر، لأن معنى التفويض ثبوت الخيار لها بين الطلاق أوالسكوت[251].

معنى المشيئة في الطلاق: المشيئة التي يمكن أن يتم بها الطلاق هو قول الرجل لزوجته: أنت طالق إن شئت، وهو مثل قوله لزوجته اختاري لأن كل واحد منهما تمليك الطلاق، إلا أن الطلاق بها يقع رجعيا وفي التخيير يقع بائنا لأن التفويض بالمشيئة صريح وفي التخيير كناية[252].

معنى الطلاق بالرسالة وهو أن يقول الزوج لرجل اذهب إلى فلانة وقل لها: إن زوجك يقول لك: اختاري أو أن يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة على يد إنسان فيذهب الرسول إليها ويبلغها الرسالة على وجهها فيقع الطلاق فالرسول معبر وسفير وناقل كلام المرسل لا غير.

وإذا كان العمل الآن في محاكم المملكة لا يقبل هذه الصيغ في الطلاق نظرا للتعديلات الجديدة التي جاء بها قانون الأسرة والذي يفرض في الطلاق أن يتم بحضور أطرافه.

فإن هذا لا يعني أن نجهلها وأن نهمل أحكامها خاصة وأن الفقه الإسلامي ناقشها بتفاصيلها.

الفقرة الثانية: الفرق بين بعض هذه الصيغ

سأعالج في هذه النقطة الفرق الجوهري بين التوكيل والتفويض ثم الفرق بين التخيير والتمليك.

الفرق بين التوكيل والتفويض:

التوكيل والتفويض كلاهما إنابة غير الزوج في إيقاع الطلاق، غير أنهما مختلفات في حقيقتهما من عدة وجوه منها:

I- أن التفويض لا يمكن الرجوع فيه بعد صدوره لأنه نوع من الطلاق المعلق على مشيئة من فوض إليه ومن علق طلاقه على أمر ما لا يمكنه أن يرجع عن تعليقه أو أن يلغيه، فمن فوض طلاقه لا يمكنه الرجوع فيه. سواء أكان المفوض في الطلاق الزوجة أو سواها.

غير أن الشافعية قالوا: إن من فوض غيره في الطلاق فله الرجوع عن هذا التفويض قبل تطليقها، لأن التفويض تمليك والتمليك والتفويض والتمليك يجوز الرجوع فيهما قبل القبول. فإذا رجع المفوض عن تفويضه ثم طلقت المرأة نفسها إذا كانت مفوضة أو طلقها غيرها إن كان مفوضا فلا يقع الطلاق[253]، والتفويض في الطلاق لا يسقط حق الزوج فيه ولكن الزوج عند التفويض يكون قد أشرك معه غير في حق إيقاع الطلاق على زوجته.

II- التوكيل في الطلاق يمكن أن يطلق في مجلس العقد أو في سواه، إذا لم قد نص في الوكالة على أن يوقع الوكيل الطلاق في زمان ومكان مجددين.

أما التفويض: فيتقيد المفوض في إيقاعه بمجلس التفويض فإن قال لها اختاري أو طلقي نفسك ثم انفض المجلس أو حدث ما يبطل اتخاذه. ثم طلقت نفسها بعد ذلك فلا يقع الطلاق، لأن التطليق في حالة التفويض جواب للتمليك، وقبول التمليك لابد أن يكون فورا مكان قبول إيقاع الطلاق.

أما إذا كانت صيغة التفويض قد قيدت بوقت معين أو أنها كانت عامة للأوقات كلها فإنها في هذه الحالة تلزم ما نص عليه فيه [254].

III- إذ التفويض لا يبطل بجنون الزوج المفوض، لأن التفويض تعليق كما ذكر ولا علاقة له بجنون المفوض.

أما التوكيل فإنه يبطل بجنون الموكل.

لا يلزم أن يكون الذي يفوض إليه أمر الطلاق في المجلس عاقلا، فيمكن أن يفوضه إليه صبي أو مجنون لأن التفويض تمليك في ضمنه تعليق فإذا لم يصح التفويض لغير العاقل، باعتبار التمليك فإنه يصح باعتبار التعليق[255].

الفرق بين التخيير والتمليك:

جاء في كتاب بداية المجتهد ونهاية المقتصد للإمام ابن رشد:

وما يعد من أنواع الطلاق مما يرى له أحكاما خاصة التمليك والتخيير، والتمليك عند مالك في المشهورين غير التخيير وذلك أن التمليك هو عنده تمليك المرأة إيقاع الطلاق فهو يحتمل الواحدة فما فوقها ولذلك له أن يرجع  عليه فيما فوق الواحدة.

والخيار بخلاف ذلك لأنه يقتضي إيقاع طلاق تنقطع معه العشرة إلا أن يكون تخييرا مقيدا مثل أن يقول لها، مثل اختاري نفسك أو اختاري تطليقة أو تطليقتين، ففي الخيار المطلق عند مالك، ليس لها إلا أن تختار زوجها أو تبين منه بالثلاثة وإن اختارت واحدة لم يكن لها ذلك.

والفرق عند مالك بين التمليك وتوكيله إياها، على تطليق نفسها أن في التوكيل له أن يعزلها قبل أن تطلق وليس له ذلك في التمليك[256].

 

المبحث الثاني: التعارض بين مؤسسة الصلح وإعمال الوكالة في الطلاق

مما لاشك فيه أن الهدف من الزواج هو إنشاء أسرة مستقرة تسودها المودة والمحبة والإخاء، غير أنه قد تحدث أزمات تحيط بهذه الأسرة فتغير مسار حياتها، من حياة سعيدة هنيئة إلى حياة ملئها القلق والشك والخلاف الدائم الشيء الذي يؤدي في الغالب إلى أن يقدم أحد أطراف هذه العلاقة (الزوج أو الزوجة) على إنهاء هذه العلاقة إما عن طريق الطلاق، أو عن طريق التطليق، أو بالتجاء بعضهما معا إلى القضاء لإنهاء هذه العلاقة وذلك عن طريق اتفاق مسبق بينهما إلخ.

وقد عالج الشرع الحكيم هذه المعضلة فأمر أطراف العلاقة الزوجية ومعهم الأسرة، في حالة الشقاق والخلاف، إلى أن يتحلوا بالصبر ويعالجوا مكامن الخلل وذلك عن طريق مؤسسة فاعلة تسمى "بالصلح"، أو إرسال حكمين من عائلتهما لحل النزاع وديا.

وقد سنت الشريعة الإسلامية هذا النظام لأنه الأنجع لإزالة الشقاق والخلاف بين الزوجين، وإعادة الحياة الزوجية إلى ما كانت عليه من الألفة والمودة والمحبة.

وقد سارت معظم التشريعات العربية على المنهج الإسلامي في قضية الصلح بين الزوجين حيث اقتبست منها الأحكام التي تنظم هذه المؤسسة، وقانون الأسرة المغربي بدوره سار في هذا الاتجاه فأعطى لمؤسسة الصلح أهمية كبرى وعلق عليها آمالا كبيرة في حل النزاعات الأسرية، وللإشارة، فإن الصلح ليس بالأمر الجديد، إن قضايا الأسرة، بل كان منصوصا عليه في مدونة  الأحوال الشخصية لسنة 1958 ومدونة 1993 وكلها كانت تنص على ضرورة إجراء محاولة الصلح بين الزوجين لأن الطلاق يعتبر أكبر خطر يهدد الأسرة بوصفها الخلية الأولى للمجتمع.

وقد كرس المشرع المغربي في مدونة الأسرة الدور الفعال الذي تقوم به مؤسسة الصلح (وحتى في قانون المسطرة المدنية) سار في هذا الاتجاه.

لأنها وسيلة فعالة لحل النزاعات الأسرية، سواء تعلق الأمر بالطلاق أو التطليق... إلخ، وذلك طبقا للفصول 179 و 212 من قانون م.س.م[257].

والمواد 81 و 82 و 83 من قانون الأسرة[258] .

وإذا كانت جل هذه النصوص تدعو إلى إعمال الصلح بين الزوجين وتظهر الطريقة التي يتم بها في المحكمة، فكيف السبيل إلى أعمال الوكالة في الطلاق مع وجود هذه النصوص؟ وهل غض النظر عن إجراء مسطرة يجعل الحكم غير قانوني؟

للإجابة على هذه الإشكالات قررت أن أتناول هذا الموضوع على الشكل التالي: سأتحدث في البداية عن دليل مشروعية الصلح وأهميته في حل النزاعات القائمة بين الزوجين وأنواعه(المطلب الأول) ثم الحديث عن المؤسسات المرصدية له وتعارضها مع الوكالة في الطلاق ( المطلب الثاني).

المطلب الأول: دليل مشروعية الصلح وأهميته وأنواعه

يحتل الصلح في القضايا الأسرية أهمية كبرى، فإضافة إلى الدور المحوري الذي أصبح يلعبه في حل هذه القضـايا، فإن أهميته تبرز أكبر في كونه يخفف العبء عن المحاكم ويقضي على أسبـاب الخلاف والشقـاق بطرق ودية بعيدة عن الخصام والتطاحن.

ولدوره الفعال في الحفاظ على كينونة الأسرة وبقاءها قائمة فقد قررت في هذا "المطلب" الحديث عن دليل مشروعية "الصلح"، (الفقرة الأولى) ثم الحديث عن أهميته وأنوعه (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: دليل مشروعية الصلح

يستدل الفقهاء على مشروعية وجوار "الصلح" في حل النزاعات على الكتاب والسنة والإجماع.

أولا: فمن الكتاب آيات منها

1) قوله تعالى: "لا خير في كثير  من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس. ومن بفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نوتيه أجرا عظيما"[259] ووجه الاستدلال بهذه الآية: أن الله سبحانه وتعالى وعد المصلحين بالأجر العظيم والتواب الجزيل.

والثواب على الفعل دليل على مشروعية[260]. كما أن هذه الآية تدل على جواز فصل الصلح في كل شيء يقع فيه الخصام والنزاع بين المسلمين.

2) قوله تعالى: "وإن طائفتان من المومنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فاصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين"[261] .

ذكر المفسرون في سبب نزل هذه الآية عدة أقوال منها:

- أنها نزلت في رجلين من الأنصار تضاربا بالأيدي والنعال والسيوف. قال الإمام القرطبي: قال قتادة: نزلت في رجلين من الأنصار كانت بينهما مدارأة في حق بينهما: فقال أحدهما: لأخذن حقي عنوة لكثرة عشيرته، ودعاه الآخر إلى أن يحاكمه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأبى أن يتبعه فلم يزل الأمر بينهما حتى تواقعا وتناول بعضهم بعضا بالأيدي والنعال والسيوف، فنزلت هذه الآية[262] .

وهي آية صريحة في الدعوة إلى إصلاح ذات البين في حال الاقتتال والتباغض.

3) قوله تعالى:

"وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصالحا بينهما صلحا والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا"[263] .

ذكر المفسرون في سبب نزول هذه الآية أيضا عدة وجوه منها:

ما روى عن عائشة رضي الله عنهما أنها قالت نزلت في المرأة تكون عند الرجل ويريد الرجل أن يستبدل بها غيرها، فتقول: أمسكني وتزوج بغيري وأنت في حل من النفقة والقسم.

والمراد بالنشوز: إظهار الخشونة في القول أو الفعل أو فيهما، والمراد من الإعراض: السكوت عن الخير والشر والمداعاة والإيذاء. ومثل هذا الإعراض يدل دلالة قوية على النفرة والكراهة[264].

فإذا خافت المرأة من وزجها أن ينفر منها أو يعرض عنها فلها أن تقسط حقها أو بعضه من نفقة أو كسوة أو مبيت أو غير ذلك من حقوقها عليه، وله أن يقبل ذلك منها، فلا حرج عليها في بدلها ذلك له ولا عليه في قبوله منها لأن الصلح عند المشاحة خير من الفراق[265].

والملاحظ حول هذه الآيات أنها تأمر المسلمين بالاحتكام إلى الصلح في حالة الشقاق والنزاع، ولأن الصلح هو السبيل الوحيد للقضاء على هذه الخصومات فالإصلاح بين الناس يتوخى إعادة الأمور إلى ما كانت عليها من الألفة والمودة، وبالتالي إرضاء الله. وهذا هو المؤمل من المسلمين في علاقتهم في بعضهم البعض.

ثانيا: مشروعية الصلح بالسنة النبوية المطهرة

الدليل على مشروعية الصلح بالسنة النبوية المطهرة يقوم على الأحاديث القولية للرسول عليه الصلاة والسلام، كما يقوم على السنة الفعلية وذلك بتولي الرسول صلى الله عليه وسلم الإصلاح بين المتخاصمين ومن ذلك:

1) ما روي عن عمرو بن عوف المزني رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الصلح جائز من المسلمين إلا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما، والمسلمون على شروطهم إلا شرطا حرم حلالا أو أحل حراما[266].

قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح والحديث أخرجه أيضا الحاكم وابن حبان وفي إسناده كثير من عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده وهو ضعيف جدا قال فيه الشافعي وأبو داود: هو ركن من أركان الكذب[267].

قال الإمام النووي في هذا الحديث: لقد استدل به العلماء باعتباره أحد الأحاديث الدالة على مشروعية الصلح[268] .

ومعنى هذا الحديث هو أن الكفار كالمسلمين، فالصلح بينهم جائز، وإنما خص المسلمون بالذكر نظرا لانقيادهم لأحكام الكتاب والسنة في الغالب، وأن الصلح الذي يحرم الحلال كمصالحة الزوجة للزوج على أن لا يطلقها أو يتزوج عليها أو لا يبيت عند ضرتها، والذي يحـلل الحـرام كأن يصالحه على أكل ما لا يحل له أكله أو نحو ذلك[269].

2) عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: جاء رجلان يختصمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، في مواريث قد درست ليس بينهما بينة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنكم تختصمون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما أنا بشر ولعل بعضكم ألحن بحجة من بعض وإنما أقصى بينكم على نحو ما أسمع فمن قضيت له من أخيه شيئا فلا يأخذه فإنما أقصع له قطعة من النار يأتي بها أسطاما في عنقه يوم القيامة، فبكى الرجلان وقال كل واحد منهما: حقي لأخي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما إذا قلتما فاذهبا فاقتسما ثم توخيا الحق ثم استهما ثم ليحلل كل واحد منكما صاحبه".

وفي رواية أبي داود إنما أقضي بينكم برأيي فيما لم ينزل على فيه[270] .

وأصل هذا الحديث في الصحيحين[271].

ووجه الاستدلال بهذا الحديث على مشروعية الصلح، قوله صلى الله عليه وسلم: ("ثم ليحلل كل واحد منكما صاحبه") أي ليسأل كل واحد منكما صاحبه أن يجعله في حل من قلبه بإبراء ذمته وفيه دليل على أنه يصح الإبراء من المجهول وفيه أيضا صحة الصلح بمعلوم عن مجهول، ولكن لابد في ذلك من التحلل[272].

3) وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم، لما أخبر بأن أهل قباء اقتتلوا حتى تراموا بالحجارة قال: (اذهبوا بنا نصلح بينهم) [273].

يتبين من هذه الأحاديث التي أوردتها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر أصحابه بأن يتصالحوا بينهم وأن يقضوا على أسباب الشقاق والخلاف، حسما للنزاع ودواما للبر وإدامة المودة.

ولم يكف النبي صلى الله عليه وسلم بالدعوة إلى إصلاح ذات البين بل كان يذهب بنفسه إلى المتخاصمين ليصلح بينهم عندما تستدعي الضرورة ذلك كما رأينا في الأثر الأخير الثابت عنه صلى الله عليه وسلم.

ثالثا: مشروعية الصلح بالإجماع

لقد أجمع علماء الأمة على جواز الصلح وقيمته في حل النزاعات، قال ابن رشد: (واتفق المسلمون على جوازه على الإقرار واختلفوا في جوازه على الإنكار) [274] يعني الصلح.

وهذا الإجماع الذي انعقد للصلح ثابت بالكتاب والسنة وأفعال الصحابة رضوان الله عليهم.

حيث ثبت أن عمر بن الخطاب عندما عين أبا موسى الأشعري حته على الصلح وإعماله بين الناس حين المخاصمة، إذ قال له: ("واحرص على الصلح ما لم يتبين لك فصل القضاء").

وروى عنه أيضا أنه قال: "ردوا الخصوم حتى يصطلحوا فإن فصل القضاء يورث بينهم الضغائن" وكان ذلك بمحضر الصحابة رضي الله عنهم ولم ينكر عليه أحد فاعتبر إجماعا[275].

ومثل ذلك ما أمر به علي بن أبي طالب وكذا ابن عباس رضي الله عنهما لقد روى عنه أنه قال: يتخارج أهل الميراث أن يصطلحوا على إخراج بعضهم البعض من الميراث بشيء معلوم يعطونه دون كمال حصته منه[276].

وخلاصة القول: أن الصلح وقع عليه الإجماع بين أئمة المسلمين ولم ينكر أحد فيه، لأن أصله ثابت بالكتاب والسنة وأفعال الصحابة رضي الله عنهم والمسلمون لازالوا يسلكون طريق الصلح باعتبارها أحسن طريق لفظ النزاع بين المتخاصمين.

الفقرة الثانية: أهمية الصلح وأنواعه

سأتناول في هذه الفقرة نقطتين: الأولى عن أهمية الصلح والثانية عن أنواعه:

أولا: أهمية الصلح

تتجلى أهمية الصلح في كونه يلعب دورا أساسيا ليس في حل النزاعات الأسرية فحسب، وإنما تظهر أهميته في حقول أخرى:

منها: التحقيق على القضاء إضافة إلى الدور الاجتماعي والاقتصادي الذي يلعبه الصلح في حياة الناس. فأهمية الصلح على المستوى الأسري تكمن في أنه يعتبر أداة فعالة وناجعة لحل المشاكل الأسرية، حلا وديا (يقوم على أساس لا غالب ولا مغلوب) بل يقوم على أساس احترام الآخر والإخاء والمودة والرحمة.

فمن خلال الواقع المعيش تجلى بشكل واضح أن الصلح يلعب دورا محوريا في الإبقاء على كينونة الأسرة قائمة، فالأسرة التي تطبق الصلح في حل نزاعاتها هي أسرة سعيدة وأسره قائمة مستقرة، لم يدب إليها التفكك، وأبناءها يهنؤون بلحمة المودة والرحمة التي تجمع آباءهم.

أما الأسر التي لا تطبق الصلح في حل نزاعاتها ولا تأمر به وتغيب عليها حكمته، أسر في غالبها مشتتة، فالحياة الزوجية مهما كانت متينة فلا بد من رياح تأتيها في بعض الأحيان تؤثر على استقرارها والأسر التي تدري معني الحياة دراية صحيحة، تقف على أي مشكل يهدد استقرارها وتحاول أن تتفاداه، وإذا تسع وانتشر يتدخل أفراد الأسرة جميعا من أجل رأب الصدع  وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه من التفاهم والانسجام وذلك عن طريق الصلح المأمور به شرعا في حالة النزاع.

والنتيجة التي تجنبها الأسرة عن طريق الصلح نتيجة ملموسة وتصنف من أعمال الخير والمعروف، والأسرة المسلمة في أمس الحاجة إلى العمل الخيري الذي يقوي تماسكها ويطفئ لهيب نارها، ويعزز فيها قيم التسامح وحسم النزاع سواء كان قائما أو محتملا بين المتخاصمين.

وتتجلى أهمية الصلح على المستوى القضائي في كونه يخفف العبء عن المحاكم وهناك العديد من القضايا المتنازع بشأنها لا تصل إلى القضاء وحتى ولو وصلت إلى القضاء يقع الصلح بشأنها وبالتالي يصبح الصلح أداة فعالة للتخفيف على المحاكم، فالقضاء يعاني من تكدس القضايا، وهذا لا يعني أنه عاجز بل العكس، فالقضاء فاعل إلا أنه يعاني من كثرة القضايا والتي هي معظمها بسيطة يكفي  الأطراف أن يتعالى نشأنها وبالتالي تفسح المجال للقضاء لمعالجة قضايا أخرى بما هي أهم.

وأهمية الصلح تتجلى في القضايا الأسرية أكثر لأن مدونة الأسرة أعطت للقضاء دورا حاسما وأساسي في معالجة قضايا الأسرة حيث طوق القضاء بمسؤوليات كبيرة، كما يقول الأستاذ عبد الخالق أحمدون.

فبالإضافة إلى سلطة القاضي في تطويع النص عن طريق الاجتهاد في التأويل والتفسير، خول هذا القانون صلاحيات مهمة وجعل العديد من التصرفات مقيدة ومتوقفة على القضاء ويتجلى ذلك من خلال مسطرة الصلح والوساطة في قضايا التعدد والمراجعة والطلاق والتطليق والحضانة وتقدير النفقة[277]، وهذا أدوات في كنهها اجتماعية يقوم بها القضاء إضافة إلى الصلح.

والصلح قديم في العمل القضائي قدم التاريخ، فالقضاء بدأ تحكيما تصالحيا لأنه الأسلوب الطبيعي لفض النزاعات بين الناس [278].

والصلح يحقق عدة مزايا وأهداف كما يقول الأستاذ الفاخوري.

ومنها: إيجاد الحلول السريعة للنزاعات، فطول أمد النظر في النزاعات يزعزع ثقة المتقاضين، ويفقد الأمل في الحصول على الحقوق ذلك لأن العدالة البطيئة تزعزع ثقة الأفراد.

-إنهاء الخصومة بصفة نهائية وارتياح المتنازعين للحل الصلحي[279] .

أما أهمية الصلح على المستوى الاجتماعي والاقتصادي فتكمن في كون الصلح يوفر الوقت والجهد والمال ويحد من تكاليف الخصومة ويزيل الضغائن كما أنه ينهي النزاع بحلول شريعة[280].

وهذا فيه فائدة عظيمة للمتنازعين فضياع الوقت أمام دهاليز المحاكم يرهق الأطراف ويضيع عليهم فرصا كبيرة، أضف إلى ذلك الخسارة المادية التي  يؤديها الخصوم كرسوم أو مبالغ تعطى المحامين من أجل أن يدافعوا على خصومهم.

ثانيا: أنواع الصلح

يتنوع الصلح تبعا لتنوع القضايا التي يعالجها: فهو صلح بين المسلمين وأهل الحرب، وصلح بين أهل العدل والبغي، وصلح بين الزوجين وصلح بين المتخاصمين في غير مال، وصلح في المعاملات بين المتخاصمين في الأموال[281].

وذلك بالنظر إليه من زاوية أشخاصه وموضوعه بيد أن أهم زاويتين يمكن أن ينظر منها إلى الصلح هما: تنوعه بحسب حكمه، وتنوعه بمجلس انعقاده.

أ-  تنوع الصلح بحسب حكمه

يتنوع الصلح بحسب هذه الصفة إلى صلح عادل جائز، وصلح جائز مردود.

وقد ميز فقهاء الشريعة بين هذين النوعين على أساس حكم الشرع[282] واختلفوا في ذلك، فهناك من جعل الصلح نوعين: 1- صلح على إقرار، 2- وصلح على إنكار وجعله البعض ثلاثة أنواع: صلح على إقرار المدعى عليه، وصلح على إنكاره، وصلح عن سكوت المدعى عليه.

غير أن الإمام الونشريسي ذكر أن الفقهاء قسموا الصلح إلى ما يكون على الإقرار وإلى ما يكون على الإنكار؛ وإلى ما يكون على الأمرين معا، وإلى ما يكون على السكوت[283] في الصلح.

فالصلح الجائز على الإقرار ما تصح المعاوضة به، والممنوع، الصلح على الإقرار بما لا تصح المعاوضة به، والمكروه ما يؤدي إلى أسلفني واسلفك مثل: أن يدعي كل واحد على صاحبه بدنانير فينكره صاحبه فيصطلحان على أن يؤخر أخدهما صاحبه بما يدعيه عليه إلى أجل، والمختلف فيه، الصلح على الإنكار فقد كان ابن ابي ليلى لا يجيز الصلح على الإنكار كما جاء في المحلى أنه: لا يحل الصلح البتة على الإنكار ولا على السكوت الذي لا إنكار معه ولا إقرار ولا على إسقاط يمين فقد وجبت[284].

وبعض النظر عن الخلاف الفقهي، فإن الونشريسي قد ذكر ضابطا لفساد الصلح، وهو أن كل ما أدى إلى التفاضل بين الذهبين أو الفضتين أو إلى بيع ذهب بذهب وعروض وفي  الدراهم كذلك، أو إلى بيع الطعام قبل استيفائه أو إلى الجهل والغرر أو إلى صرف متأخر، أو إلى دين بدين أو إلى سلف بمنفعة أو تأخير بنفع فإنه لا يجوز[285].

والجدير بالذكر أن الحقوق التي يجوز التصالح بشأنها هي حقوق الآمديين، دون حقوق الله تعالى.

ب- تنوع الصلح بالنظر إلى مجلس انعقاده

يتنوع الصلح بالنظر إلى مجلس انعقاد إلى صلح قضائي، وصلح غير قضائي:

1) الصلح القضائي: يقع هذا الصلح بين الخصوم في دعوى مرفوعة بينهم أمام القضاء، فبمجرد حضور الأطراف شخصيا إلى المحكمة، فالقاضي يأمر بإجراء محاولة للصلح تختلف من قانون إلى قانون في إجراءاتها، فإذا كانت القضية يحكمها قانون الأسرة مثلا فالمحكمة تجري محاولة للصلح بين الزوجين طبقا للفصول 81 و 82 و 83، وأيضا المادة 94 من نفس القانون والتي أحالت عليها المادة 81 وإجراءات الصلح هذه تعرف خصوصية في الحالة التي يوجد فيها أطفال، حيث يتعين على المحكمة أن تجري محاولتين للصلح تفصل بينهما مدة لا تقل على ثلاثين يوما والسند التشريعي في ذلك ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 82، من المدونة المحال عليها بمقتضى المادة 94 من نفس القانون والتي جاء فيها: (.. في حالة وجود أطفال يقوم المحكمة بمحاولتين للصلح تفصل بينهما مدة لا تقل على ثلاثين يوما) [286] .

ووصف الصلح بأنه قضائي يرجع بالأساس إلى مجلس انعقاده الذي يكون بعد تقديم المقال الافتتاحي الذي يعتبر الأداة الفنية لاستخدام الحق في الدعوى، فإذا كان الأصل أن القضاء هو مرجع المتخاصمين للفصل في المنازعات التي تنشأ بينهم فإن الصلح كشكل حقيقي من أشكال فض النزاع يبدو من الوسائل التي تفصل في الخصومات بأقل الخسائر المادية، والمعنوية الشيء الذي يشيع الطمأنينة بين أفراد المجتمع.

2) الصلح غير القضائي:

الصلح الغير القضائي هو الذي يتم بين الخصوم بعيدا عن مجلس القضاء وبعبارة أخرى هو الصلح الذي يتم بين الأطراف قبل الالتجاء إلى المحاكم.

ومسطرته تختلف عن الصلح القضائي، فهي مسطرة فردية اتفاقية يقوم بها الخصوم ويجب تبين متى تم الاتفاق نهائيا بين الطرفين، ولا يجوز الوقوف عند أية مرحلة من مراحل التفاوض في الصلح ما دام الاتفاق النهائي لا يتم[287].

والصلح الغير القضائي هو أكثر انتشارا وأكثر فائدة لأنه يكون عائليا في الغالب ويطغى عليه طابع السرية وهذا شيء إيجابي تتوخاه كل أسرة.

المطلب الثـاني: المؤسسـات المرصدة للصلح وتعـارضهما مع الوكـالة في الطلاق

لدوام استقرار الأسرة من التفكك أمر الشرع الحكيم إلى أعمال الصلح في أي نزاع يهدد كيانها، ومن الوسائل التي سخرت للقيام بهذه المهمة الحكمان. إضافة إلى مجلس العائلة (الفقرة الأولى) غير أن الأشكال يتمثل في أن إعمال هذه المؤسسات في إصلاح ذات البين يتعارض ويتقاطع مع إعمال الوكالة في الطلاق لأن المشرع سكت عنها (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: المؤسسات المرصدة لإجراء "الصلح"

الصلح كمنهج يهدف إلى المحافظة على كيان الأسرة من التفكك، يؤدي بوسائل وهذه الوسائل تتمثل في: مؤسسة الحكمين المطلوب شرعا (أولا) إضافة إلى مجلس العائلة والقضاء (ثانيا).

أولا: مؤسسة الحكمين

يجد التحكيم سنده الشرعي في قوله تعالى: "وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا"[288]، كما يحد التحكم سنده القانوني في المادة 82[289]. و 95 من المدونة، هاتان المادتان تطبيق لما جاء في الآية المذكورة أعلاه.

ولإبراز التحكيم ودوره في العملية التصالحية فقد قررت أن أعالج هذا الموضوع في نقطتين مهمتين: تتمثل الأولى في تعين الحكمين، والثانية في اختصاصهما.

1- تعيين الحكمين:

يعتبر انتداب الحكمين من أهم الوسائل التي خول المشرع للمحكمة الاستعانة بها من أجل الصلح بين الزوجين عملا بمقتضيات المادتين 82 و 95، من مدونة الأسرة، وطبقا لأحكام البند الثالث من الفصل 56 من مدونة الأحوال الشخصية الملغاة، والذي كان ينص على: (على الحكمين أن يتفهما أسباب الشقاق بين الزوجين ويبذلا جهدهما في الإصلاح فإن أمكن على طريقة معينة قررا وإذا عجزا على الإصلاح دفع الأمر إلى القاضي لينظر في القضية على ضوء تقريرهما).

والظاهر من خلال هذه النصوص أن مهمة الحكمين الأولى هي إصلاح ذات البين وأن الجهة التي تقوم بتعينهما هي المحكمة كما جاء في المادة 82 من المدونة والعلماء اختلفوا من المخاطب بالآية التي تأمر ببعث الحكمين؟ فقال بعضهم المأمور

بذلك السلطان الذي يرفع إليه[290] وقيل المخاطب بذلك الأولياء[291].

ومهما يكن فعلى الحكمان أن يبحثها في مهمتهما الفقيه بشكل دقيق، وأن يتتبعا أسباب الشقاق والخلاف وأن يكرر الزيارة للزوجين متى تطلبت الظروف ذلك، ويجتهدا ما أمكنهما لإقناعهما بفكرة الصلح.

وللحكمين أن يستأنسا في مهمتهما بتوجيهات القاضي وأهل الفضل من الجيران والأقارب وبكل من له نفوذ عليهما كالأب والجد مثلا[292].

وكيفما كانت النتيجة التي انتهى إليها الحكمان عليهما أن يرفعا بذلك تقريرا إلى القاضي الذي عينهما.

2- اختصاص الحكمين:

حددت المادة 95 من المدونة اختصاصات الحكمين فيما يلي: يقوم الحكمان أو من في حكمهما باستقصاء أسباب الخلاف بين الزوجين ويبذلا جهدهما لإنهاء النزاع، إذا توصل الحكمان إلى الإصلاح بين الزوجين حررا مضمونه في تقريرهما من ثلاث نسخ يوقعها الحكمان والزوجان.

ويرفعانها إلى المحكمة التي تسلم لكل واحد من الزوجين نسخة منه وتحفظ الثالثة في الملف ويتم الإشهاد على ذلك من طرف المحكمة.

الأمر المتفق عليه هو أن الوظيفة الأولى للحكمين هي أن يسعيا إلى الإصلاح بين الزوجين بكل الوسائل، وأهمها الترغيب باستعمال الكلمة الطيبة والأسلوب الحسن وذكر المواعظ من استعمال أدلة من الكتاب والسنة وإبراز الأمر والتواب الذي وعد الله به عبادة المصلحين.

وقد اختلف العلماء في مهمة الحكمين فمنهم من رأى أن اختصاصهم يتمثل في الإصلاح فقط، ومنهم من رأى أن اختصاصهم يتعدى ذلك إلى التفريق طلاقا أو خلعا إذا اقتضى الأمر ذلك، وقد نتج عن هذا الاختلاف رأيان:

الرأي الأول: أن الحكمان يملكان سلطة التفريق بين الزوجين دون حاجة إلى إذنهما أو موافقتهما بعد أن يعجز عن الإصلاح بينهما وهذا هو مذهب مالك والأوزاعي وهو الرواية الثانية عن أحمد.

الرأي الثاني: إن الحكمان وكيلان، ليس لهما إلا الإصلاح فإن لم يتمكنا من تحقيقه فعليهما أن يرفعا الأمر إلى القاضي، دون التفريق بينهما إلا إذا وكلهما الزوجان به وهو قول الحسن البصري ومذهب الحنفية وقول أهل الظاهر[293] .

وخلاصة القول أن الحكمين يقومان بدور فعال، يساهمان به في استقرار الأسرة من الضياع. وبالتالي على القضاء أن يرسخ دورهما في الأحكام القضائية، لأن المهام التي تقوم بها مؤسسة الحكمين هي مهام لا تقل في نتيجتها عن الأحكام القضائية نفسها.

ثانيا: مؤسسة مجلس العائلة

إذا لم يتوصل الحكمان إلى معرفة حقيقة الخلاف وأسباب الشقاق لعدم الكشف عنه من طرف الزوجين رغم محاولتهما وبذلهما جهدا لمعرفة ذلك، واختلفت وجهة نظرهما في تحديد من المسؤول عن الشقاق والخلاف، فإن للمحكمة أن تستعين حسب المادة 82 من مدونة الأسرة بأية وسيلة أخرى تراها مناسبة ومن بين الوسائل المهمة هي مجلس العائلة[294].

وهذا المجلس  يتكون من القاضي بصفته رئيسا، ثم الأب والأم، والوصي أو المقدم، وأربعة أعضاء يعينهم رئيس مجلس العائلة من بين الأقارب أو الأصهار بالتساوي بين جهة واحدة سواء تعلق الأمر بجهة الأب، أو جهة الأم، ولعقد مقارنة بين المادة الأولى من هذا المرسوم والمادة الأولى من المرسوم عدد 31. 94. 2. الذي تم نسخه بالمرسوم 88. 04. 2. نلاحظ أنه تم الاحتفاظ بنفس التركيبة دون أي تعير يذكر ما عدا إحلال عبارة رئيس العائلة في المرسوم الجديد بدلا من القاضي في المرسوم 02.94.31 والذي كان يتحدث عن مجلس العائلة.

ومهام مجلس العائلة تتلخص في التحكيم لإصلاح ذات البين، وإبداء رأيه في كل ما له علاقة بشؤون الأسرة[295] .

خاصة ونحن نعلم أن المشرع في مدونة الأسرة عقد آمالا كبيرة على هذا المجلس في إصلاح ذات البين وفي مساعدة القضاء، ويظهر هذا من خلال المادة 251 حيث أكدت هذه المادة على دور مجلس العائلة وما يقوم به في الحفاظ على استقرار الأسرة ودوامها تنص الفقرة الثانية من هذه المادة 251 على (يحدث مجلس العائلة وتناط به مهمة مساعدة القضاء، في اختصاصاته المتعلقة بشؤون الأسرة ويحدده تكوينه ومهامه بمقتضى القانون).

الفقرة الثانية: التعارض بين الصلح وإعمال الوكالة في الطلاق

بمجرد ما يقدم أحد الزوجين طلب الإذن بالطلاق إلى كتابة الضبط لدى المحكمة المختصة، فإن هذه الأخيرة تلجأ مباشرة إلى سلوك مسطرة الإصلاح بين الزوجين طبقا للمادة 81 من قانون الأسرة التي حددت إجراءات استدعاء الأطراف وما ينتج عن غياب أحد الزوجين بعد التوصل شخصيا بالاستدعاء.

وعند حضور الأطراف تجري المناقشات داخل غرفة المشورة بما في ذلك الاستماع إلى الشهود ولمن ترى المحكمة فائدة في الاستماع إليهما. وطبقا للمادة (82) من المدونة يجب على المحكمة أن تقوم بكل الإجراءات بما فيها انتداب الحكمين أو مجلس العائلة أو كل من تراه المحكمة مؤهلا لإصلاح ذات البين بين الأزواج حسب تعبير المادة المذكورة أعلاه.

وفي حالة وجود أطفال تقوم الحكمة بمحاولتين للصلح تفصل بينهما مادة لا تقل عن ثلاثين يوما.

 غير أن الأشكال المطروح، والذي اعتبر من أبرز الإشكالات العملية التي طرحتها مدونة الأسرة هو كيف يمكن التوفيق بين الصلح ومؤسساته، وأعمال الوكالة في الطلاق؟ وهل الوكالة في الطلاق تتعارض وتتناقص فعلا مع مسطرة الصلح؟ وهل المدونة بعدم التنصيص على الوكالة في الطلاق تكون قد ألغت حكما فقهيا كان يجري العمل به وهي الوكالة في الطلاق.

إن أو ما يمكن أن يسجل بخصوص هذه الاستفسارات، أن إجراءات الصلح لا تتناقض كليا مع إعمال الوكالة في الطلاق، ذلك أن أعمال هذه الوكالة لا يلغي بالضرورة الصلح بكل مؤسساته (مجلس العائلة والحكمين والقاضي) بل أن الوكالة قد تكون في  إجراء الصلح نفسه، بمعنى أن الصلح من الأعمال التي تقبل الوكالة جاء في الفصل 892 من قانون الالتزامات والعقود على: (أن: وكالة التقاضي وكالة خاصة، وهي تخضع لمقتضى أحكام هذا القانون وهي لا تخول صلاحية العمل إلا بالنسبة إلى الأعمال التي يعنيها، وعلى الأخص فهي لا تعطي الصلاحية في قبض الديـن وإجراء الإقرار والاعتـراف بالديـن أو إجراء الصلح مـا لم يصرح بمنحهما للوكيل).

وينص الفصل 894 على أنه لا يجوز للوكيل أيا ما كان مد صلاحيته بغير إذن صريح من الموكل توجيه يميث ولا قبول التحكيم، ولا إجراء الصلح، ولا الإبراء من الدين.

يتبين من خلال هذين النصين أن الصلح باعتباره تصرفا من التصرفات القانونية يجوز أن يكون محلا لعقد الوكالة بصفة عامة، وأنه من الأعمال والتصرفات التي لا تشملها عقود الوكالة العامة إذا بقيت على عمومها. كما تبين من خلال منطوق النصين أيضا أن الصلح لا تشمله وكالة التقاضي، بل لابد من التنصيص عليه صراحة بوكالة خاصة، مثله مثل باقي التصرفات القانونية التي تحتاج إلى تخصيص[296]، وعليه فالوكالة التي يؤدي بها الصلح هي وكالة خاصة مستقلة عن وكالة التقاضي، وإعمالها لا يتناقص مع الصلح ومؤسساته، بل إن إجراءات الصلح كما يباشرها القاضي بحضور الأطراف يجوز أن يباشرها بحضور من ينوب عنها إذا كانت نيابتها نيابة خاصة كما أن هذا الإجراء لا يتناقض في نظري مع ما جاءت به المدونة من وجوب إجراء الصلح بين الزوجين شخصيا، طبقا للمادتين 81 و82 من مدونة الأسرة وهذه الإجراءات هي ملازمة لكل حالات الطلاق واعتبرها من صميم النظام العام[297] .

غير أنه مما ينبغي الإشارة إليه، أن الإصلاح بين الزوجين قد تقوم به المحكمة نفسها كما يمكن لها أن تنتدب له حكمين، أو مجلس العائلة أو أي شخص آخر تراه مؤهلا لإصلاح ذات البين، وتصبح المحكمة ملزمة بعد فشل محاولة الصلح بين الزوجين أن تقوم إما ببعث الحكمين أو تشكيل مجلس العائلة، ولا تلزم بسلوك الإجرائين معا[298].

وإذا كان المشرع يسمح للحكمة أن ننتدب حكمين أو مجلس العائلة للإصلاح بين الزوجين، فلماذا لا يسمح المشرع بالوكالة في الصلح من طرف موكل لموكله.

ولا يخفى أن مهمة الوكيل في إجراءات الصلح هي نفسها مهمة الحكمين سواء كان الوكيل من الأقارب أو من الأجانب لأنه مركزه لا يبعد كثيرا عن مركز الحكم لذلك فإن توكيل الزوجين وكيلين عنهما للقيام بمحاولة الصلح، لا يختلف عن بعث القاضي حكمين، خاصة وأن الحكمين في مفهوم القانون المغربي وكيلان وليس قاضيان[299]، علما أن الوكيلان يكونان دائما يحملان عبارة موكليهما وتحل إرادتهما محل إرادة الأصيل امتثالا لأوامره وتحقيقا لإرادته ورغبته.

وإذا كان بعث الحكمين مما ينص عليه الشرع والقانون ويستساغ عقلا فلم لم يبق المشرع على الوكالة في الطلاق، خاصة وأن عمل الوكيل لا يختلف في الجوهر عن عمل الحكمين وإن كانا مختلفين شكلا – مع العلم أن حضور الوكيل أو حضور الحكمين بصفتهما وكيلان يغني عن حضور الأصيل بداهة.

لذا فإن توكيل الزوجين في إجراءات الصلح تفاديا للطلاق كما يجد سنده في الشرع يجده كذلك في المنطق[300] .

أما القول بأن إجراءات الصلح مسألة شخصية لا ينبغي لأحد أن يطلع عليها كما ذهب إلى ذلك بعض الشارحين لقانون الأسرة، وأن المسألة تقتضي تنازلات من الطرفين تستلزم وجودهما شخصيا، من أجل استرشاد القاضي بالتفسيرات التي يبديها الزوجان فإن هذا الدفع لا يصمد أمام الواقع، لأن هناك نزاعات بين الزوجين تكون شخصية محضة ومع ذلك يجوز مباشرتها، عن طريق الوكالة، كما يجوز ذلك بالأصالة. وبالتالي فلا يبقى سببا لرفض الوكالة في إجراءات الصلح بين الزوجين بمجرد الاجتهاد الذي لا يساير المنطق من جهة، ولا يساير القواعد الشرعية والقانونية العامة التي تسمح بذلك، من جهة ثانية، علاوة على كون الاجتهاد الذي ذهب إلى منع الوكالة، في الطلاق وبالضبط في إجراءات الصلح، يقر أن الوكالة تؤدي أدوارا مهمة في حياة الناس.

وإذا كان الطلاق هو حق مخول للزوج بدليل الشرع والتطليق حق للزوجين معا. والتخير والتملك حق للزوجة فقط، فإنه لا ينبغي ضياع هذه الحقوق من أصحابها. فتطبيقا لقاعدة أن من ملك حقا ملك التصرف فيه، فينبغي إعمال الوكالة في الطلاق وفي الصلح بين الزوجين وينبغي أن لا ينظر إليهما على أنها تتناقص وتتعارض مع مسطرة الصلح.

الفرع الثاني: المقاربة القانونية للوكالة في الطلاق

تلعب الوكالة دورا أساسيا وحاسما في حياة الناس، فهي أداة للتخفيف ورفع الحرج، يلجأ إليها الوكيل إما اضطرارا وإما ترفيها.

ويتحقق الاضطرار في كون بعض الأشخاص لا يستطيعون أن يقوموا بجميع مصالحهم ولا يقدرون على مباشرة كل أعمالهم بأنفسهم وذلك لأعذار. إما لسفر أو مرض أو قلة تجربة حتى، فمثل هؤلاء يبقون في أمس الحاجة إلى غيرهم لينوبوا عنهم في بعض المعاملات ومنها الوكالة في الطلاق.

وقد يقدم الشخص على أن يوكل غيره ترفيها، لأن نفسه تأبى أن يقوم بمثل هكذا أعمال، أو أن مركزه الاجتماعي يجعل معظم أعماله تتم عن طريق الوكالة.

والمقاربة القانونية للوكالة عامة سواء في الزواج أو في الطلاق على ما كان معمولا به في مدونة ح س، كما يجد سنده في الشريعة الإسلامية يجد سنده في الشريعة العامة للقانون والتي تجيز الوكالة في بعض الأعمال ومنهما الوكالة في الطلاق لأن الطلاق حق، وبما أنه حق فتسمح بالتوكيل فيه تطبقا لقاعدة أن من ملك حقا ملك التعرف فيه، وأقصد بالشريعة العامة قانون الالتزامات والعقود، حيث صنف الوكالة ضمن العقود الخاصة وعرفها في الفصل 879 بقوله: "الوكالة عقد بمقتضاه يكلف شخص شخصا آخر بإجراء عمل مشروع لحسابه، ويسوغ أعطاء الوكالة أيضا لمصلحة الموكل و الوكيل أو لمصلحة الموكل والغير، بل ولمصلحة الغير وحده".

أما القانون المختص ونقصد به هنا قانون الأسرة فقد كان الفصل 44 من مدونة الأحوال الشخصية يجيز الوكالة في الطلاق وذلك بقوله: "الطلاق هو حل عقد النكاح بإقناع الزوج أو وكيله أو من فوض له في ذلك أو الزوجة إن ملكت هذا الحق أو القاضي).

وينبغي أن أشير إلى أن مدونة الأسرة لم تشر إلى الوكالة في الطلاق، وأمام هذا الفراغ التشريعي طرحت عدت تساؤلات ومنها هل أن سكون المشرع كان مقصودا أم لا؟ وهل هذا السكوت يتبعه أن يغط الطرف السادة القضاء عن إعمال الوكالة في الطلاق، حتى في حالات خاصة أم لا؟

ولمناقشة هذا الموضوع على ضوء هذه الإشكالات فقد قررت أن أعالج موضوع الوكالة من خلال قانون الأسرة المغربي والمقارن (المبحث الأول) ثم موقف القضاء الأسري المغربي من إشكالية تطبيق الوكالة في الطلاق (المبحث الثاني).

المبحث الأول: الوكالة في الطلاق من خلال قانون الأسرة المغربي والمقارن

لقد كان قانون الأحوال الشخصية متناغما مع ما جاءت به الشريعة الإسلامية فيما يتعلق بالوكالة في الطلاق، وهذا شيء منطقي ومطلوب ما دام النص ثابت في مشروعيتها وأن من حكمتها تحقيق جانبا هاما من التيسير ورفع الحرج عن الناس في باب الطلاق.

غير أن مدونة الأسرة لم تشر إلى الوكالة في الطلاق وهي بذلك ربما استجابت للدعوات التي كانت تدعو إلى محو الوكالة في الطلاق من النص التشريعي، لأنها تخرم مؤسسة أخرى، وهي مؤسسة الصلح والتي في طبيعتها أنها تقوم على الاعتبار الشخصي، بمعنى أن الصلح لا يجوز أن يكون إلا شخصيا، وهذا المنحى في قانون الأسرة المغربي جعل الوكالة في الطلاق تعرف حقبتين من التسريع حقبة تحير الوكالة في الطلاق وحقبة تمنعها وهذا الشيء جعل قانون الأسرة المغربي مميزا عن بعض قوانين الأسرة في  الدول العربية، وحتى يكون مستقيما ومتوازنا أكثر فقد قررت أن أعالج موضوع الطلاق بالوكالة في التشريع المغربي (لمطلب الأول) ثم الحديث عن الطلاق بالوكالة في التشريع المقارن (المطلب الثاني).

المطلب الأول: الطلاق بالوكالة في قانون الأسرة المغربي

إن عبارة قانون الأسرة المغربي تعني في مخيلة المشرعين والمهتمين بهذا القانون ثلاث مراحل عاشها هذا القانون، قبل أن يثبت على ما هو عليه الآن: فنحن نعلم جميعا أن أول قانون ينظم الحياة الأسرية من زواج وطلاق وإرث وبنوة عرفته المملكة المغربية في سنة 1957، وبعد صدوره بدأ الاهتمام به ودراسته إلى أن ظهرت بعض  الدعوات التي تدعو إلى تجديده وتعديل بعض فصوله فكان التعديل في سنة 1993 ورغم ذلك فلم تقف سهام النقص لهذا القانون ما حدا بالمشرع إلى الاستجابة من جديد لبعض الحقوقيين والجمعويين الذين طالبوا بإدخال تعديلات جوهرية على مدونة 1993 وقد تحقق هذا بالفعل في سنة 2004 حيث صدر قانون جديد للأسرة يهتم بقضايا الأسرة ويعالج مشاكلها سمي بقانون الأسرة وعليه فإن التطرق للوكالة في الطلاق في قانون الأسرة يقتضي منا الحديث عن الوكالة في الطلاق في مدونة الأحوال الشخصية (الفقرة الأولى) ثم الحديث عن هذه الوكالة في قانون الأسرة الجديد (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: الطلاق بالوكالة في مدونة الأحوال الشخصية

تطبيقا للقاعدة العامة أن من ملك حقا ملك التصرف فيه، وبما أن الطلاق حق من حقوق الزوج لأنه ثابت له بالشرع بما له من القوامة على الزوجة لذا كان له أن يتولاه بنفسه كما له أن ينيب غيره فيه، إذ أن من ملك أمرا ملك التوكيل في إجرائه، إذا كان يقبل النيابة في ذاته.

وقد كانت تنص مدونة الأحوال الشخصية على الوكالة في الطلاق من خلال الفصل 44 والذي جاء فيه: "الطلاق هو حل عقد النكاح بإيقاع الزوج أو وكيله أو من فوض له في ذلك أو الزوجة إن ملكت هذا الحق أو القاضي"[301] يتبين من خلال هذا النص أن المشرع يتماشى مع فكره: أن الطلاق من الناحية الشرعية هو حق من الحقـوق التي تقبل النيـابة، لذا يمكن للزوج أن يوقعه بنفسه أو يوكل من ينوب عليه في ذلك.

كما يتبع هذا النص للزوجة أن توقع الطلاق عن طريق التخيير إذا خيرت في ذلك وهو حق مكفول لها شرعا كما يجير هذا النص للقاضي حق إيقاع الطلاق.

والطلاق من العقود التي تقبل فيها النيابة، لذلك يجوز للشخص أن يوكل غيره في طلاق زوجته، كما له أن يؤكل زوجته في إيقاع الطلاق عليها.

وبناء على هذا فمن قال لآخر وكلتك في إيقاع طلاق زوجتي وقبل الآخر ذلك التوكيل تم قال لزوجة موكله: أنت طالق، أو طلقت زوجة موكلي وقع الطلاق، كذلك إن جعل طلاق زوجته بيدها وقبلت ذلك انعقدت الوكالة وصح تصرفها نيابة عنه

وفي جميع الحالات يأخذ الوكيل حكم الزوج ويتقيد بأوامره ولا يجوز مخالفته إلا بما فيه مصلحته، ويعني هذا أن الوكيل إذا خالف الزوج في صفة الطلاق أو نوعه، فإنه لا يلزم منه إلا ما هو في مصلحة الموكل، وللزوج حق الرجوع في الوكالة وله أن يعزل وكيله متى شاء قبل إيقاع الطلاق وتنتهي مهمة الوكيل بتوقيع الطلاق، ولا يجوز للمطلقة أن ترجع عليه بشيء لأن الوكالة تصرف قانوني ينتج آثاره في مواجهة الأصيل وهو الزوج وهنا يترتب عن توقيع الزوجة للطلاق جميع الآثار القانونية الناجمة عن الطلاق[302].

وللإشارة فإن الوكيل يبقى على صلاحية في مباشرة الطلاق ما دام الموكل على إيجابه إذا لم يكن حدد لذلك وقتا معينا وإلا انتهت صلاحية الوكيل بانتهاء الوقت المحدد لذلك سواء أوقع الطلاق أم لا[303]؟

وبالرجوع إلى الفصل 44 من مدونة الأحوال الشخصية نجده لا يتحدث عن الوكالة في الطلاق فقط، وإنما يتحدث عن التفويض والتمليك، والتمليك: هو جعل إنشاء الطلاق حقا للغير سواء كان زوجة أو غيرها[304].

ويختلف حكم التمليك عن التوكيل، بأن الزوج لم يبق له حق العزل كما في الوكالة لأنه ملك حق الطلاق لغيره فصار الوكيل المملك كالزوج يملك إيقاع الطلاق متى شاء. كما يختلف عنه في أنه يفيد بمجلس العقد أي أن الوكيل يجب أن يعلن قبوله أو رفعه في المجلس، مادام الموكل لم يقيد ذلك بزمن وإلا خضع التمليك للزمن المحدد من طرف المملك، وإذا كان الوكيل المملك الزوجة نفسها فإنها تملك هذا الحق إذا أجابت فورا ولا تمهل إذا كان الإيجاب مطلقا، لأن الزوج ملكها ذلك وأقرنه بمشيئتها، فأوجب عليها الجواب ما دامت في المجلس اللهم إذا أمهلها الزوج في الجواب فيفرق بينهما إلى انتهـاء المهلة[305]، ذلك أن المملكة في الطـلاق ليست كالوكيل فيه.

وقد اتفق الفقهاء على أن المملكة إذا طلقت نفسها فإن طلاقها يخضع للعدد من حيث كونه واحدا أو أكثر، فهو يحتمل إيقاع طلقة فما فوقها، وللزوج حق مناكرتها بأنه أراد واحد أو أكثر رغم ما ورد عن ابن عباس وعمر رضي الله عنهما من أن القول قولها، في عدد الطلقات[306].

ومما ينبغي الإشارة إليه في هذه الفقرة أن الوكالة في الطلاق كانت محل هجوم وانتقاد، فالأستاذ الكشبور يروي هذا ويسانده حيث قال إن بعض الفقه قد هاجم عن حق فكرة استعمال الوكالة في الطلاق على أساس أنها تتنافى مع استقرار الحياة الزوجية من حيث أنها تجعل مشيئتها بيد شخص غريب بالإضافة إلى أنها تسمح لهذا الأخير بالإطلاع على ما لا يجب الإطلاع عليه من أحوال الأسرة وأمورها[307] .

وفي نظري أن هذا الطرح وإن كان فيه بعض الصواب إلا أنه يبتعد عن الحكمة التي شرعت من أجلها الوكالة فالطلاق وفي غيرها، فالوكالة يجب أن لا تلغي من مبحث الطلاق. وإنما يجب تقنينها وتقييدها وذلك على غرار المادة 17 والتي تجير الوكالة في الزواج، فقد كانت الوكالة في الزواج في مدونة الأحوال الشخصية وكالة عامة فضفاضة أما في مدونة الأسرة فأصبحت خاصة مقننة بشروط ينبغي مراعاتها وإلا أصبحت الوكالة باطلة وهذا هو ما كان على المشرع أن يسلكه في مدونة الأسرة، حيث  كان عليه أن يبقى علي الوكالة في الطلاق ويقيد حرية الوكيل. أما حذفها إما قصدا أو بالسكوت المحتمل للشك فلا يجوز لأن هناك حالات من الطلاق إذا لم تتم عن طريق الوكالة فلا يمكن أن تتم كحالة تراجع أحد الزوجين بالخارج أو في  السجن أو في مرض مزمن لا يستطيع معه صاحبه الحركة، وهذه حالات كان على المشرع أن يشملها في تشريعه.

 بقي له أن أشير إلى أن فكرة إلغاء الوكالة في الطلاق مأخوذة مما قرره الإمام ابن حزم الظاهري رحمه الله في كتابه "المحلى"، والأستاذ محمد الكشبور يقول بهذا، فقد جاء في كتابه "الوسيط في شرح مدونة الأحوال الشخصية"، وكم يعجبني ما قرره ابن حزم الطاهري في المحلى عندما قال بهذا الخصوص: لا تجوز الوكالة في الطلاق لأن الله عز وجل يقول: "و لا تكسب كل نفس إلا عليها" فالله خاطب الأزواج بالطلاق ولم يخاطب غيرهم، وبالتالي فلا يجوز أن ينوب عنهم فيه غيرهم. لا بوكالة ولا بغيرها[308].

وللإشارة فإن هذه الدعوات هي التي كانت سببا في تحول المشرع الأسري المغربي من التنصيص على الوكالة في الطلاق في مدونة الأحوال الشخصية إلى عدم التنصيص عليها في مدونة الأسرة.

الفقرة الثانية: الطلاق بالوكالة في مدونة الأسرة

لم تتطرق مدونة الأسرة إلى موضوع الطلاق بالوكالة، وقد تضارب آراء الشارحين والباحثين بخصوص هذه النقطة، فهناك من يرى أن المشرع تعمد عدم التنصيص على الطلاق بالوكالة لأنه غلب الاعتبار الشخصي على الاعتبار الديني الذي يجيز الوكالة في الطلاق.

وهناك من يقول أن المشرع لم يمنع الوكالة وإنما سكت عليها وألزم الزوجين بإجراء محاولة الصلح بين الزوجين، وبدوري أرى أن المشرع سكت ولم يمنع الوكالة مطلقا ويؤكد هذا ما تقوم به بعض المحاكم من إعمال الوكالة في الطلاق في حالة الضرورة.

وقد نتج عن هذا التضارب في الآراء أن القضاء المغربي متأرجح في قضية  الطلاق بالوكالة بين المنع والجوار في حالات.

فالذين يقولون أن المشرع تعمد عدم الإشارة إلى الوكالة في الطلاق والتطليق يقرون بأن فلسفة المشرع اتجهت إلى التضييق من إعمالها في هذا المجال، ذلك أن المشرع ألزم المحكمة بالقيام بمحاولات جادة من أجل الوصول إلى صلح بين الزوجين وقيامها بهذه المهمة يفترض حضور الطرفين بصفة شخصية للتعرف منها مباشرة على أسباب الخلاف والشقاق، وتقريب وجهات نظرهما فالصلح يقوم أساسا على الاعتبار الشخصي، ومن تم يصعب القيام به، إذا حضر وكيل أحد الطرفين الذيـن تكـون له غالبا تعليمات برفض الصلح، وبالتالي إفراغ مسطرته من كل مدلول لها[309].

أما الذين يقولون بأن إرادة المشرع لم تتجه إلى المنع وإنما سكت عن الوكالة في الطلاق إنما يعتمدون على أنه ليس هناك نص يمنع وإنما أمر بإجراء محاولة للصلح فقط في كل أنواع الطلاق، والتطليق حيث لابد مبدئيا من حضورهما معا، إذ لا يمكن للوكيل أن ينوب عنهما في ذلك ويقول الأستاذ محمد الكشبور بهذا الخصوص: وقد سبق أن أشرنا إلى أنه لا مانع يمنع من اعتماد الوكالة في الطلاق في حالة الضرورة القصوى[310] .

ويضيف الأستاذ الكشبور قائلا فإن الأمور نظرا يجب أن تقدر بقدرها بحيث يكون الأصل هو الحضور الشخصي للطرفين غير أنه يمكن اعتماد الوكالة في الطلاق في حالة الضرورة القصوى كتواجد الزوج خارج الوطن مع استخلاص إصراره الأكيد على الطلاق[311].

ومهما يكن عرض المشرع المنع أو السكوت فإن أهم الحقائق التي ينبغي أن نعلمها جميعا هي: أن الوكالة بصفة عامة تقوم بدور اجتماعي كبير ومحمود، يتمثل في رفع الحرج عن الناس وتحقيق التكافل والمودة وأن الوكالة في الطلاق لا تبتغي غير هذا المنهج بديلا فهي تهدف إلى رفع الحرج عن المطلق البعيد، أو المريض ولا تهدف إلى تفكيك الأسرة كما يصفها البعض، حيث يعتقدون أن الوكالة في الطلاق تساهم في ارتفاع نسبة الطلاق وهذا محص افتراء  لأن الإحصاءات تفند هذا فإحصاء قسم قضاء الأسرة في الرباط وهو الوحيد الذي يقبل الوكالة في الطلاق، ويطبقها في أحكامه بشروط تؤكد إحصاءاته أن الطلاق التي يتم بالوكالة نسبة ضعيفة مقارنة مع الطلاق الأخرى. ويلاحظ أن هذا القسم أصبح قبلة لمن يريد أن ينهي العلاقة الزوجية عن طريق الوكالة، ورغم ذلك فإن عدد الطلاق الذي يتم بالوكالة يشكل بسنة ضئيلة مقارنة مع باقي قضايا الطلاق الأخرى، ويؤكد هذا الجدولين التاليين: والمتعلقين بالنشاط العام لقسم قضاء الأسرة بالرباط لسنة 2006 و 2007 والذي يرسم في إحدى خاناته قضايا الطلاق بالوكالة.

 

المطلب الثاني: الطلاق بالوكالة في قانون الأسرة المقارن

إن المقارنة التي سأعقدها لقانون الأسرة المقارن في هذا المطلب هي مقارنة مع الدول العربية، وحتى تكون هذه المقارنة ناجعة ومنطقية، فقد فضلت أن أتحدث عن الطلاق بالوكالة في قانون الأسرة لدول المغرب العربي (الفقرة الأولى) ثم بعد ذلك الحديث عن هذه الوكالة لبعض الدول العربية (الفقر الثانية).

الفقرة الأولى: الطلاق بالوكالة في دول المغرب العربي

إن من الدول التي تنص صراحة على الوكالة بالطلاق في شمال إفريقيا هي الجمهورية الإسلامية الموريتانية حيث جاء في المادة 95 من قانون الأسرة لهذه الدول ما يلي:

(إذا وكل الزوج زوجته على طلاقها فلها في حدود وكالتها أن تطلق نفسها مرة أو مرتين أو ثلاث مرات. يمكن للزوج عزلـها عن ذلك ما لم تنفذ التوكيل ويتعلق لها به حق) [312].

ويتضح من هذه المادة أنها تتحدث عن الوكالة في الطلاق التي تعطي للزوجة عن طريق التمليك والتخير وبما أن هذا القانون يجيز الوكالة للزوجة فإنه يجيزها لغيرها بالتبعية.

وعليه فالوكالة في الطلاق من خلال هذا القانون هي وكالة كما حددها الفقه الإسلامي.

وهي إنابة الزوج زوجته في إيقاع الطلاق نيابة، وهذا يسمى عند الفقهاء تمليك وهو نوع من التفويض، والزوج يبقى على حقه في إيقاع الطلاق بنفسه.

ويتم هذا التوكيل كان يقول الزوج لزوجته وكذلك على أن تطلقي نفسك، أو يقول لغيرها: وكلتك على أن تطلق زوجتي فلانة، وللزوج في هذه الحالة أن يعزل من وكله قبل إيقاع الطلاق متى شاء إلا إذا كان التوكيل يتعلق به حق الزوجة كدفع الضرر عنها مثلا كما لو قال الزوج لزوجته عند العقد أو بعده أن تزوجت عليك فأمرك أو أمر النازلة عليك بيدك توكيلا أو تخييرا أو تمليكا[313].

ويتضح من هذه المادة أن المرأة حسب هذا القانون يمكن أن تطلق نفسها بهذا التوكيل إما طلاقا رجعيا أو طلاقا بائنا وهذا ما عبرت عنه المادة المذكورة في فقرتها الأخيرة بقولهما فلها (أي الزوجة) أن تطلق نفسها مرة أو مرتين أو ثلاث مرات.

ونص المادة 97 على أن المرأة الموكلة في طلاقا نفسها أن توضح عباراتها عند التلفظ بالطلاق وأن تظهر ما إذا طلقت نفسها مرة أو مرتين أو ثلاث مرات والمادة 97 من القانون الموريتاني تؤكد على هذا حيث جاء فيها: (لمعرفة عدد الطلقات في التوكيل والتمليك يعمل بالمعنى الصريح والضمني لعبارة المرأة) [314].

وإذا كان القانون الموريتاني في شرع للوكالة في الطلاق وأجازها فإن باقي دول شمال إفريقيا تونس والجزائر لم تنص في قانونها الأسري على الوكالة في الطلاق أما ليبيا، فلم أستطع أن أحصل على قانون أسرها وبالتالي لا أعرف ما إذا كانت تعمل بالوكالة في الطلاق أم  لا.

لم ينص قانون الأسرة الجزائري على الوكالة في الطلاق كما سبق وأن أشرت بل أنه نص في المادة 49: (على أنه لا يثبت الطلاق إلا بكم بعد محاولة الصلح من طرف القاضي دون أن تتجاوز مدة الصلح ثلاثة أشهر) [315].

ويتضح من هذا النص أنه لا وجود للطلاق إلا إذا صدر به حكم من القضاء وأن محاولة الصلح أصبحت إجراءا إجباريا يجب على القاضي القيام به قبل النطق بالطلاق وهذا يعني أنه لا مكان للوكالة في الطلاق وإذا لم يتم هذا الإجراء فإن الحكم الصادر بالطلاق يكون باطلا.

والقاضي المختص في دعاوى الطلاق عليه حسب نص المادة 49 أن يستدعي الزوجين المتخاصمين إلى مكتبة بواسطة مكتب الضبط وذلك في جلسه خاصة ثم يحاول أن يصلح بينهما ويكون ذلك بإشعار الزوجين بضرورة التسامح المتبادل وبيان محاسن المحبة والتفاهم والانسجام من أجل استقرار الأسرة وضمان مصالح الأطفال واستمرار علاقة القرابة والمصاهرة بين عائلة الزوجين.

ويعتبر نص المادة 49 نصا إجرائيا، أي أنه يتعلق بإجراءات الطلاق ويوجب على القاضي إجراء محاولة الصلح قبل النطق بحكم الطلاق، وإلا سيكون حكمه معيبا ومخالفا للقانون ويتحكم نقضه[316].

وللإشارة كما يقول الأستاذ بلحاج العربي، إن نص المادة 49 لم يأت واضحا في وجوب وإلزامية محاولة الصلح، رغم أهيمتها الكبيرة بل جاء عاما فلا يستفاد بوجوبها إلا بطريق الدلالة[317].

وأيا كان فقانون الأسرة الجزائري لا ينص على الوكالة في الطلاق، وهو بدوره يذهب مع ما ذهب إليه المشرع التونسي والمغربي في عدم التنصيص على الوكالة في الطلاق.

الفقرة الثانية: الوكالة في الطلاق في قانون الأسرة للدول العربية

لأهمية الوكالة ودورها في تحقيق التكافل ورفع الحرج قد نصت العديد من الدول العربية على الوكالة في الطلاق، وخصتها بنصوص خاصة حيث تحدثت عن هذه الوكالة وعن الطريقة الإجرائية التي يمكن أن تتم بها وهي: إما توكيل، أو تمليكا، أو تخييرا.

ومن الدول التي نصت على هذه الوكالة.

دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث جاء في المادة 100: "يقع الطلاق من الزوج أو من وكيله بوكالة خاصة أو من الزوجة إن ملكها أمر نفسها"[318].

توضع هذه المادة أن الأصل في الطلاق أن يقع من الزوج، غير أنه وبما أنه حق من حقوقه يجوز له شرعا أن يوكل فيه إما زوجته أو شخصا آخر بشرط أن يكون أهلا للوكالة.

ومن الواضح أن الوكالة التي عليها قانون الأسرة الإماراتي هي الوكالة الخاصة في الطلاق، بمعنى أن الوكالة العامة لا تقبل في إيقاع الطلاق وهذا معطى إيجابي لأن الوكالة الخاصة تكون أضبط وأوثق في التعبير عن الوكالة العامة، وتنص هذه المادة أيضا على أن الزوج يمكن أن يملك حق عقدة النكاح لزوجته وذلك عن طريق التمليك.

وبنفس التعبير نصت مدونة الأحوال الشخصية في "سلطة عمان" على الوكالة في الطلاق وذلك في المادة 82 بقولها: "يقع الطلاق من الزوج أو من وكيله بوكالة خاصة أو من الزوجة إن ملكها الزوج أمر نفسها"[319]. كذلك نجد نفس التعبير في "قانون الأسرة القطري" وذلك في المادة 109 حيث نصت على أنه: "يقع الطلاق من الزوج أو من وكيله بوكالة خاصة أو من الزوجة إن ملكها الزوج أمر نفسها"[320].

والملاحظ على هذه القوانين الثلاث التي ذكرنها أنها استعملت نفس التعبير، بدون زيادة ولا نقصان، مما يطرح سؤالا وهو من الذي أخذ عن الآخر؟ أم أن الأمر صدفة؟ كيف ما كان الحال فإن هذه الدول نصت على هذه الوكالة في الطلاق ونظمتها، ليسهل على قضائها التعامل مع قضايا الطلاق بوكالة.

وإضافة إلى هذه الدول توجد دول أخرى أقرت في قانونها الأسري الوكالة في الطلاق، حيث تجد قانون "الأحوال الشخصية الكويتي"، ينص على هذه الوكالة في المادة 106 بقوله: (للزوج أن يوكل غيره بالطلاق، وليس للوكيل أن يوكل غيره إلا بإذن الزوج، وتنتهي الوكالة بالعزل، بشرط علم الوكيل"[321].

إن المتأمل في مضامين هذه المادة يلاحظ أن المشرع الكويتي كان أكثر وضوحا من غيره في صياغة النص فهو تحدث مباشرة عن الوكالة في الطلاق التي تعطى للغير وذلك بقوله في العبارة الأولى من المادة (للزوج أن يوكل غيره) كما تحدثت المادة عن حكم آخر يتعلق بحكم وكيل الوكيل، بمعنى هل يجوز للوكيل أن يوكل غيره فالمادة كانت صريحة بأن هذا التوكيل الثاني لا يجوز إلا بإذن الزوج.

وينص قانون "الأحوال الشخصية للجمهورية اليمنية" على هذه الوكالة في المادة 60 وذلك بقوله: يقع الطلاق من زوج مختار مكلف، أو من وكيله ولو كانت الزوجة، وللحاكم أن يأذن لولي المجنون أو المعتوه بإيقاع الطلاق عنه إذا وجد سببا يدعو لذلك وتحققت المصلحة[322].

أما القانون الأردني فقد أشار إلى النيابة في الطلاق حسب تعبيره في المادة 87 من قانون الأحوال الشخصية وذلك بقوله: (للزوج أن يوكل غيره بالتطليق وأن يفوض الزوجة بتطليق نفسها على أن يكون ذلك بمستند خطي) وانطلاقا  من هذا النص يجوز للزوج أن يوكل غيره بتطليق زوجته على أن تكون الوكالة بمستند خطي وعندئذ يقع طلاق الوكيل وينفذ في حق الزوج كما لو طلق بنفسه كما يجوز للزوج أيضا أن يفوض للزوجة بمستند خطي بتطليق نفسها، والتفويض هو تمليك حق الطلاق للغير وهو يختلف عن التوكيل في أنه لا يملك الرجوع فيه بعد صدوره بينما يجوز الرجوع في التوكيل وكذلك لا يبطل التفويض بجنون الزوج في حين يبطل التوكيل بجنون الموكل.

وصيغ التفويض ثلاثة هي: طلقي نفسك اختاري نفسك، أمرك بيدك والتفويض في الطلاق لا يسقط حق الزوج فيه ولكن الزوج يكون قد أشرك معه الزوجة في حق إيقاع الطلاق.

والتفويض في الطلاق إما أن يكون مقيدا بمدة معينة، فلها أن تطلق نفسها في المدة المذكورة أو أن يكون مقترنا بما يدل على التعميم في كل الأوقات فلها أن تطلق نفسها في أي وقت شاءت أو أن يكون التفويض مطلقا ليس مقيدا بزمن معين أو بما يفيد التعميم فإن التفويض بالطلاق يكون مقيدا بالمجلس الذي تم فيه التفويض فلها أن تطلق نفسها ما دام المجلس أما بعده فلا ويسقط حقها في إيقاع الطلاق.

ويتضح من نص القانون أن التفويض مقصور على الزوجة وحدها، فلا يجوز تفويض غير الزوجة بالطلاق بينما التوكيل جائز سواء أكان للزوجة أو لغيرها[323].

ومهما يكن فإن هذه القوانين كلها نصت على هذه الوكالة وأبقت على الحكم الفهمي الذي يجيزها. كما ساعدت قضاتها بهذا التنصيص، لأن النص ينور العدالة ويرشدها إلى الصواب.

المبحث الثاني: القضاء الأسري المغربي وإشكالية تطبيق الوكالة في الطلاق

إن القوانين كيف ما كان نوعها، وكيف ما كانت قوة زجرها للأفعال المجرمة، تبقى قاصرة ودون فعالية إذا لم يكن بجانبها قضاء فعال وحازم في اتخاذ القرارات.

فالمعمول أولا وأخيرا ليس على القوانين في حد ذاتها، إنما المعمول هو على القضاء وأجهزته، وبما أننا نبحث في قانون الأسرة، وهو أقرب قانون ملامس للحياة الاجتماعية اليومية للإنسان، فإن هذا القانون بدوره يبقى دون جدوى إذا لم يكن بجانبه جهاز قضائي فعال ومتطور، قادر على بلورة توجهات ومسارات المشرع. فالقضاء هو المفعل الأساسي لمواد المدونة، وواضع الحلول للإشكالات التي يطرحها هذا القانون.

ومن أبرز الإشكالات التي تقاطبت على أقسام قضاء الأسرة بالمملكة، قضية إعمال الوكالة في الطلاق، فبخصوص هذه القضية يمكن القول أن القضاء الأسري انقسم بخصوصها. فهناك من بين أقسام قضاء الأسرة من ترفض هذه الوكالة مطلقا، وتأمر أصحابها بتصحيح المسطرة، وعلة هؤلاء أن المشرع سكت على هذه الوكالة وهذا يعني في نظر اجتهادهم أنه لا يجيزها. وقد التزم أصحاب هذا الاتجاه بحرفية القاعدة القانونية العامة لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص رغم أنها فكرة تصنف ضمن القضاء الجنائي، إلا أنها تعتبر مذهبا للاحتجاج عندهم وعند كل من أراد أن يمتنع عن إيجاد حل لنازلة عرضت على القضاء ليس فيها نص أو ليس بينها سند قانوني.

وهناك من بين أقسام قضاء الأسرة من يجيز الوكالة في الطلاق، لكن بحذر وفي حدود حيث يعمل لها في الطلاق الاتفاقي، وفي الطلاق التي يتم قبل البناء.

ومن بين هذين الاتجاهين، هناك قسم لقضاء الأسرة يعمل بالوكالة في الطلاق مطلقا وبدون تحفظ بشروط وضعها لنفسه، وتبعته في ذلك بعض المحاكم، حيث ثبت أنها أجازت الوكالة في الطلاق، وهي بهذا تمثل حالات فردية لا تشكل اتجاها عاما.

على هذا الأساس يمكن القول أن القضاء الأسري المغربي بخصوص الوكالة في الطلاق ثلاث اتجاهات: اتجاه متشدد في التعاطي مع هذه القضية واتجاه توافقي (المطلب الأول) في مقابل هؤلاء يوجد اتجاه آخر يجيز الوكالة مطلقا ويمثله قسم قضاء الأسرة بالرباط.

المطلب الأول: التبـاين في تعـامل القضـاء الأسري المغربي مع الوكالة في الطلاق

تتفاوت درجة التعاطي وتعامل أقسام قضاء الأسرة في المملكة مع قضية الوكالة في الطلاق نتيجة غياب نص قانوني مؤطر للموضوع بين اتجاه متشدد (الفقرة الأولى) واتجاه توافقي واقعي يغلب المصلحة وحاجة الناس إلى هذه الوكالة في قضايا محدودة من الطلاق.

الفقرة الأولى: الاتجاه المتشدد

يمكن  القول بخصوص هذه النقطة، أن بعض أقسام قضاء الأسرة وهي بذلك تمثل رؤيا لمحاكم بالمملكة، أنها تمنع الوكالة في الطلاق، معللة موقفها هذا من أن قـانون الأسرة لم ينص على هذه الوكالة، وعليه ينبغي احترام رغبة المشروع، سواء بالنفي أو بالإيجـاب في أي قضية من القضايـا التي تنـاولها بالتشـريع أو التي لم يتناولها.

ومن بين أقسام قضاء الأسرة التي تمنع إجراء الوكالة في الطلاق قسم قضاء الأسرة بالمحكمة الابتدائية بتطوان [324]، حيث يقرر القضاة العاملين بهذه القسم، أن الطلبات التي تقدم إلى هذا القسم والذي يلتمس فيها صاحبها الإذن له بالإشهاد على الطلاق، ويقدم مع هذا الطلب وكالة يوكل فيها أحد الأشخاص من أجل متابعة باقي الإجراءات المتعلقة بالحصول على الإذن بالطلاق، فإن هذا الطلب يعتبر في نظر هذه المحكمة طلبا لاغيا، بمعنى أن الوكالة يجب أن تحذف من هذا الطلب، لأن المشروع لم ينص عليها.

ويسير في هذا الاتجاه القاضي برفض الوكالة في الطلاق عدة أقسام لقضاء الأسرة، ويمكن القول أن هذا التوجه يمثل التيار الأغلب في التعاطي مع قضية الوكالة في الطلاق، حيث إن الكثير من أقسام قضاء الأسرة ترفضها، ففي منطقة الشمال مثلا لا نجد أي محكمة تأخذ بهذه الوكالة، مثال: كقسم قضاء الأسرة، بالناظور والحسيمة وتازة لا يعملون بها، إضافة إلى قسم قضاء الأسرة بتطوان الذي ذكرت موقفه سابقا.

أما في طنجة فالأصل أن الوكالة ممنوعة في الطلاق إلا أنه في بعض الحالات وهذا ناذر جدا حسب ما صرح لي به أحد القضاة[325]. الذين يعملون بقسم قضاء الأسرة يمكن العمل بها وخاصة في قضايا الطلاق الاتفاقي، وهذا ليس على علاقة، فهي تأخذ بالوكالة في حالة وجود أطفال وتمت جلسة الصلح الأولى، وأظهر الزوجـان إصرارهمـا الأكيد على إنهاء الرابطة الزوجية بينهما وديا عن طريق اتفاق مسبق.

فالمحكمة في مثل هذه الحالات تعمل بهذه الوكالة وخاصة إذا كان الزوجان أو أحدهما يعمل بالخارج.

ويمكن القول أن هذه المحكمة لا تعمل بهذه الوكـالة في الجـوهر، فهي قامت بالصلح.

وإنما تأخذ بها في باقي المسائل الإجرائية التي تلي جلسة الصلح.

وهذا لا يخل بالنص حسب ما أعتقده.

الفقرة الثانية: الاتجاه التوافقي

يحاول بعض أقسام قضاء الأسرة بالمغرب الأخذ بالوكالة في الطلاق، وذلك محاولة منها في التوفيق بين العمل بهذه الوكالة والامتناع عن العمل بها، مبينة في ذلك اجتهادنا التوفيقي هذا على المصلحة وحاجة الناس إلى هذه الوكالة مستندة في ذلك  إلى المادة 400 من المدونة والتي تنص على أن: "كل من يرد به في المدونة يرجع فيه المذهب المالكي  والاجتهاد الذي يراعى فيه تحقيق قيم الإسلام في العدل والمساواة والمعاشرة بالمعروف".

وأيضا إلى بعض الدعوات  التي ظهرت حديثا والتي تدعم القضاء المغربي إلى العمل بالوكالة في الطلاق لأنها تمثل أشكالا عمليا يتخبط فيه القضاء المغربي. وعليه فأصحاب هذا الاتجاه  عندما يقولون بالتوفيق في قضية الوكالة إنما يستندون على أساس قانوني وأساس منطقي.

- الأساس القانوني

يتمثل هذا الأساس في الاجتهاد والتي تحيل عليه المادة 400 من المدونة، حيث يلاحظ على هذه المادة أنها جاءت بمقتضى جديد، وهو ما يظهر من خلال الجملة الأخيرة من هذه المادة. والتي تدعو إلى إعمال الاجتهاد الذي يجب أن تراعى فيه قيم الإسلام المتمثلة في العدل والمساواة والمعاشرة بالمعروف.

فنص المادة يفيد أن الاجتهاد المأمور بالرجوع إليه ليس مقصورا على المذهب المالكي إن كنا نعلم أنه يجيز الوكالة  في الطلاق،  بل يبقى هذا الاجتهاد مفتوحا على المذاهب الأخرى، حسب نص المادة.

إذا فالأساس هو عدم الخروج عن قيم الإسلام المتمثلة  في العدل والمساواة... في حال غياب النص لحكم أي نازلة من النوازل المعروضة على القضاء، ومن النوازل المعروضة على القضاء في غياب نص قانوني، كما هو معلوم قضية الوكالة في الطلاق، وهذا ألزم السادة القضاة بالرجوع إلى الاجتهاد وتطبيق القانون وفق روح النص والغايات التي يتوخاها المشرع فإذا كان قانون الأسرة لم ينص على هذه الوكالة فإنه أحال على المذهب المالكي وإعمال الاجتهاد الذي أحالت عليه المادة 400 يفترض معرفة عميقة بالأحكام الفقهية وكذا المعرفة بالمقاصد الشرعية وخاصة منها تلك التي تهدى بهديها المدونة.

وعلى معرفة بالثقافة التي من شأنها أن تساعد على إدراك أحوال المتقاضين  وأوضاعهم فإذا ابتعد المجتهد عن هذا المبتغى فلن يكون مؤهلا لممارسة العملية الاجتهادية ولن يكون قادرا على حماية حقوق المتقاضين"[326]

- الأساس المنطقي:

إضافة إلى المصلحة ورفع الحرج التي يجنيها الوكيل من الوكالة في الطلاق فإن الاتجاه الذي يعمل بها، وذلك توفيقا منه بين إعمال هذه الوكالة في غياب النص وبين مصلحة الناس إليها فإن أصحاب هذا الاتجاه التوفيقي يقولون: إن الناس الآن ويحكم انشغالهم وارتباطهم المتعددة وكذا وجود أعذار وظروف تمنع بعض المقدمين على إنهاء العلاقة الزوجية بصفة شخصية فإنه ونظرا لما ذكر يجب العمل بهذه الوكالة في حدود ضيقة.

وبالتالي فهذا الاتجاه يجيز الوكالة في الطلاق الاتفاقي والطلاق قبل البناء والخلع مع العلم أن الحضور ضروري في الطلاق الرجعي، كما يحاول أصحاب هذا الاتجاه أن يعملوا بالوكالة عندما يكون الزوجان يقيمان في الخارج معا وأرادا الطلاق في المغرب أو أن أحدهما هو الذي يقيم في الخارج.

فقانون الأسرة يسمح لأبناء الجالية بأن ينهوا علاقاتهم الزوجية بنفس الطريقة التي تتم بها في بلد الإقامة غير أنه يجيز لأبناء الجالية إجراء محاولة الصلح بين الزوجين لدى القاضي المقيم بقنصلية المملكة، وللإشارة فإن محاكم المملكة تصدر مقررات تمهيدية[327]. بانتداب السيد قنصل المملكة لدى دول المهجر للقيام بمحاولة الصلح.

وهذه الإجراءات تتماشى مع ما أصدره وزير العدل في سنة 2004 حيث أصدر منشورا تحت رقم 13 س 2 بتاريخ 12 أبريل 2004 حول تطبيق مقتضيات مدونة الأسرة على أفراد الجالية المغربية المقيمين بالخارج وقد جاء في هذا  المنشور الوزاري (... لابد من سلوك المسطرة القضائية بالإذن لهما بتوثيق الطلاق، والإعفاء من مسطرة الصلح. والإشارة فيه إلى أقرب عنوان لأي قنصلية بدولة الإقامة من أجل انتدابها  لإجراء محاولة للصلح بينهما إذا ارتأت المحكمة ذلك، ويمكن سلوك نفس المسطرة في حالة الإتفاق على الطلاق بالخلع...[328]

وبالرجوع إلى ما جاء  في المنشور يتضح أن المشرع يتيح لأبناء الجالية أن يضمونا في طلباتهم القاضية بإنهاء العلاقة الزوجية؛ ملتمسا يعفيهم من إجراء محاولة الصلح في المغرب حيث يقومون بهذه الإجراءات في قنصليات المملكة بدول المهجر، والسؤال الذي يطرح إذا كان المشرع يتيح للمغاربة المقيمين بالخارج نقل مسطرة الصلح إلى دولة الإقامة وذلك لعذر الانشغال والبعد الذي يتعذر معه إجراء مسطرة الصلح بالمغرب فلماذا المشرع لا يتيح هذه الفرصة لبعض الناس وخاصة أولئك الذين توفرت فيهم أعذار مثل المرض المزمن والسجن إلخ.

وخلاصة القول أن أصحاب هذا الاتجاه التوفقي ليسوا وحدهم، من يطالب بإعمال الوكالة في الطلاق في حدود ضيقة وفي حالة ما إذا توفرت أعذار حيث توجد هناك دعوات كثيرة تدعوا إلى النظر من جديد في قضية الوكالة في الطلاق، ومن هذه الدعوات ما صدر عن المؤتمر العام لجمعية هيئات المحامين بالمغرب حيث أن من بين ما جاء في بيانهم العام المطالبة بإعمال الوكالة في الطلاق والتطليق إسوة بالوكالة في الزواج من أجل تبسيط الإجراءات القانونية بالنسبة للمغاربة المقيمين في الخارج[329]. وهذا إن دل فإنما يدل على أن ما ذهب إليه المشرع في عدم التنصيص على هذه الوكالة لا يساير في مجمله فكر أكبر شريحة في المجتمع المغربي.

ومن أجل البحث عن الحلول الفضلى والنتائج المثلى في قضية الطلاق بالوكالة وفي غيرها. ومن أجل توحيد مناهج العمل داخل أقسام قضاء الأسرة بالمملكة تم تنظيم ندوة إفران أيام 20-21 نونبر 2006 الغاية منهما تفادي التضارب في التطبيق وقد نوقشت في هذه الندوة العديد من الإشكاليات العملية التي ظهرت من خلال التطبيق العملي لمدونة الأسرة. ومنها الطلاق بالوكالة وبخصوص هذه الأخير تم التوصل إلى الحل المقترح واعتبار الحضور الشخصي أساسي للقيام بإجراء محاولة الصلح،-يمكن انتداب القنصليات لإجراء محاولة الصلح. –إمكانية تجاوز محاولة الصلح إذا تعذر الحضور الشخصي[330].

المطلب الثاني: توجه قسم قضاء الأسرة بالرباط.

يختلف العمل في هذا القسم عن باقي أقسام قضاء الأسرة بالمغرب فيما يتعلق بالعمل بالوكالة في الطلاق، فهو القسم الوحيد الذي يجيزها ويعمل بها في قراراته القاضية بالإشهاد على الطلاق. ويعتمد هذا القسم على اجتهاد خاص به، وبشروط حددها من أجل العمل بهذه الوكالة وعليه فهذا القسم يعتمد أساسا على الاجتهاد الخاص به وبشروط حددها من أجل العمل بهذه الوكالة وعلى الاجتهاد الخاص بأحد قضاته. (الفقرة الأولى) وعلى شروط حددها هذا القاضي فإذا لم تتوفر فالوكالة تعتبر لاغية (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: اجتهاد قسم قضاء الأسرة بالرباط.

يعتمد هذا القسم في جوازه للوكالة في الطلاق على اجتهاد يختلف به عن باقي الأقسام، وهذا الاجتهاد يمثله بقسم قضاء الأسرة بالرباط، الأستاذ محمد بن عبد السلام فرشادو[331]، حيث يبني اجتهاده على عدة مقومات شرعية واجتماعية.

فمن المقومات الشرعية الذي ينبني عليها اجتهاده، أن المشرع لم يمنع الوكالة في الطلاق، وإنما سكت عليها والسكوت في الفقه الإسلامي يفسر غالبا بالإباحة وقد قال لي بالحرف إن سكوت المشرع في نظره يساوي الإباحة.

ومن المقومات الاجتماعية أن الطلاق يشكل حالة مرضية في المجتمع ينبغي العمل على إيجاد الحلول لها إما بالإصلاح ذات البين وإما بحل عقدة النكاح. وبما أن هناك حالات لا يمكن أن تحل عن طريق الإصلاح وتتمثل هذه الحالات في نظره، في الزواج المختلط، وخاصة عندما يكون الطرف الأجنبي فيه هو الزوج فهذا الطرف الأجنبي غالبا ما يمتنع عن الحضور لجلسة الصلح وفي نظره كالطرف المتضرر هو الزوجة المغربية أو الزوج المغربي الذي يكون قد تزوج بمسلمة تحمل جنسه غير الجنسية المغربية.

ويقول هذا الأستاذ: كان على المشرع المغربي أن يراعي هذه الحالات وغيرها لأنها تمثل مشكله وحلها عن طريق الوكالة يمثل موقفا اجتماعيا وإنسانيا بالدرجة الأولى. وبالتالي على القضاء المغربي أن لا يخجل عندما يأخذ بهذه الوكالة لفك عصمة الزواج والحضور عند هذا القاضي لأجل جلسة الصلح. يمكن أن يغض الطرف عنه إذا كان الزوج أجنبيا وامتنع عن  الحضور، وأدلى بوكالة خاصة أثبت فيها أنه يريد إنهاء العلاقة الزوجية فإن القضاء عليه أن ينظر في الوكالة بنظرة قانونية واجتماعية، وهذا لا يعني في نظره مخالفة للمادتين 81-82 مادام أيضا يحقق المصلحة التي شرعت من أجلها الوكالة في الطلاق واجتهاده هذا يبنيه على شروط.

وقضية الحضور أو الغياب لم يعالجها قانون الأسرة بالكيفية التي ينبغي أن تعالج بها، فالمادتين 81-82 من قانون الأسرة تتحدث عن الحضور الذي يجب أن يتم بعد تقديم الطلب للمطالبة بالإذن من أجل الإشهاد على الطلاق والتطليق لأجل الصلح ولم تتحدث المادتين عن تخلف الخصوم والغياب أمام المحكمة كلهم أو بعضهم مع العلم أن المشرع المغربي في قانون المسطرة المدنية تعرض للحالة التي يتغيب فيها كل من المدعى والمدعى عليه، وقرر في هذه الحالة إمكانية التشطيب عن الدعوى[332]. وهذه النقطة قابلة للنقاش. 

الفقرة الثانية: الشروط الذي يضعها قسم قضاء الأسرة بالرباط للعمل بالوكالة في الطلاق

كما سبق وأن قلت، أن من بين أقسام قضاء الأسرة الذي يعمل بالوكالة في الطلاق هو قسم قضاء الأسرة بالرباط. واليوم الذي يخصصه للنظر في قضايا الطلاق بالوكالة هو يوم الخميس، حيث تجمع طلبات الإذن بالإشهاد على الطلاق والتي تكون فيها الوكالة ويخصص لها هذا اليوم. فينظر فيها هذا القسم، برئاسة الأستاذ محمد فرشادو حيث يناقش ما جاء فيها، مع الإشارة إلى أن هذا القاضي لا يلتزم بالاختصاص المكاني بل يتجاوزه وقد قال لي بالحرف، أن الاختصاص المكاني نتجاوزه إذا كانت القضية تمثل حالة إنسانية، وهناك عدة قضايا ترفض بعض محاكم المملكة النظر فيها لأن الطلب يكون مشتملا على الوكالة ويطول بها المطاف ولم تحل؛ فتمثل في نظره حاله إنسانية يجب حلها، وعليه فهو يقبل الوكالة في الطلاق من جميع مدن المملكة، إضافة إلى الوكالة التي ترد إلى هذا القسم من الرباط والنواحي.

حيث نظر في طلب قدم له من طرف مواطن من مدينة آسفي ومكناس والجديدة والدار البيضاء وبنظر فيها رغم أنها تحرم قاعدة معروفة في رفع الدعوى وهي عدم احترام الاختصاص السكاني. وهذا لا يعني أنه يلغيه تماما ولكنه يتجاوزه في بعض الحالات التي تمثل في نظره حالات إنسانية وذلك بشروط ومنها ما يلي:

  • بالنسبة للاختصاص المكاني يطرح سؤالا على الوكيل (الزوج أو الزوجة) هل تعترض على أن تنظر محكمة الرباط في قضيتكم؟ فإذا أجاب الوكيل أو الزوج الذي سيقع عليه الطلاق بنعم. ينظر في القضية ويتبع باقي الإجراءات وإذا كان الجواب بالنفي فيمتنع هذا القسم عن النظر في هذه الوكالة التي تأتي من مدة بعيدة: أما إذا كان الطلاق أو التطليق مقدم من مدينة الرباط فينظر فيها بدون طرح هذا السؤال. والملاحظ على السؤال انه يمثل شرطا لكي ينظر هذا القاضي في هذا الطلاق التي يتوخى منه صاحبه أن يتم بالوكالة.
  • الشرط الثاني: إذا كان الوكيل الذي يريد أن ينهي علاقته الزوجية عن طريق الوكالة يقيم بالخارج، يجب أن تكون هذه الوكالة التي أدلى بها صادرة من دولة الإقامة.
  • الشرط الثالث: المناقشات التي تتم داخل غرفة المشورة كلها يجب أن تبلغ إلى الوكيل وينبغي أن يرد عليها عن طريق الفاكس وإذا لم تبلغ له، تعتبر هذه الوكالة باطلة.
  • الشرط الرابع: إجراءات الطلاق بالوكالة كلها يجب أن تتم في المحكمة واحد.
  • الشرط الخامس: التوقيع على الكلام الذي أجاب عنه كله من الوكيل والزوجة وهذا التوقيع ضروري.
  • والشرط السادس: أن يكون الوكيل ملما بشروط الوكالة وبفقهها و أن يكون ملما بجميع الإشكالات والنزاع الحاصل بين الطرفين.

  وقسم قضاء الأسرة بالرباط عندما يضع هذه الشروط ويعمل بالوكالة فهذا لا يعني أن جميع طلبات الطلاق التي تشتمل على الوكالة يبث فيها، بل من الناذر جدا أن يعطى الإذن للوكيل. ويؤكد هذا ما رأيناه في الإحصاءات التي مرت معنا، ففي السنة كلها لا يتجاوز العدد 177. كما أن الإذن بالشهادة على الطلاق عن طريق الوكالة لا يختص به قسم الأسرة بالرباط لوحده، فقد وقفت على بعض القرارات التي أعطي فيها الإذن بالإشهاد على الطلاق صادر عن معالم أخرى. فقد صدر مؤخرا في سنة 2007 قرار عن محكمة الاستئناف بالجديدة أعطى فيها الإذن بالطلاق عن طريق الوكالة وقد عللت هذه المحكمة قرارها بأن : ستكون المشرع عن تنظيم الوكالة في الطلاق لا يمنع من اعتماد التوكيل في الطلاق عند نهوض ضرورياته القصوى كتواجد الزوج خارج الوطن مع استنتاج إصراره الأكيد على الطلاق[333].

ويوجد قرار آخر صادر عن المحكمة الابتدائية بمراكش في التطليق للشقاق، وهو غير منشور، وقد عللت هذه المحكمة هذا الإذن بالتطليق للشقاق عن طريق الوكالة بقولها، وحيث أفاد الوكيل أن موكلته لا ترى مانعا من الاستجابة لطلب المدعى لكونهما سبق لهما أن اتفقا على ذلك، حيث أن تخلفها لكونها خارج أرض الوطن حال دون إجراء الصلح بينهما، وعليه فقد حكمت المحكمة بتطليق المدعى عليها طلقة أولى بائنة.

ويلاحظ على هذين القرارين أن بعض محاكم المملكة ورغم غياب النص المنظم للوكالة في الطلاق إلا أنها تعمل بها في بعض الحالات وهذا شيء منطقي لأن القضاء لا يلتجئ إليه الإنسان في الغالب إلا ليجد حلا لمشكلته.

 

خـاتمـة

 إذا كانت المقدمة تمثل بابا نتعرف من خلالها على ما جاء في فصول البحث وفي فقراته، ومعرفة أبرز الإشكالات التي عالجها موضوع البحث. فإن الخاتمة تمثل نافذة أخرى يستدرك فيها ما لم يتم التطرق إليه، وأيضا نافذة للإبراز أهم الاستنتاجات التي تمخضت عن هذا البحث.

ومن الاستنتاجات التي خلصت إليها:

  • أن الوكالة بصفة عامة تلعب دورا هاما في حياة الناس، وتصنف ضمن فقه التبرعات الذي يتوخى تحقيق التكافل والتضامن بين أفراد الأمة.

وهذا التكافل يتوخى يظهر من خلال المصلحة التي يجنيها الموكل من خلال هذه الوكالة، لأن الموكل ما أعطى هذه الوكالة إلا لتنفيذ رغبته المشروعة وتحقيق مصلحه الظاهرة.

  • أن هذه الوكالة تجوز في جميع الأعمال التي يبيحها المشرع، ومن الأعمال التي تجوز فيها. "الوكالة في الزواج والطلاق". وهي ثابتة في هذين الفعلين بالكتاب والسنة والإجماع. ولم يثبت أن أحدا خالف في وكالة هذين الفعلين، إلا الإمام ابن حزم ،فإنه لا يجيز الوكالة في الطلاق.
  • فإذا كان الفقه  يجيز الوكالة، فالقانون يسير على منواله. وهي منظمة ومنصوص عليها في القانون الالتزام والعقود.
  • أن الوكالة في القانون مرت بمراحل، ففي مدونة الأحوال الشخصية كانت الوكالة مستصاغة بصيغة محتملة وهذا ما كان يعرضها إلى النقد.
  • أن الوكالة في هذا القانون كان منصوص عليها في الزواج و الطلاق.
  • أن الوكالة في مدونة الأسرة وخاصة فيما يتعلق بالزواج أصبحت وكالة خاصة مقننة أكثر, وبنودها واضحة وتخضع لكي يتم العمل بها لشروط. مع العلم أن هذه الوكالة أصبحت مراقبة من طرف القضاء، بمعنى أن القاضي لا يمكن أن يعطي الإذن للوكيل إلا إذا فحص هذه الوكالة.
  • إذا كانت الوكالة في قانون الأسرة كما سبق وأن ذكرت أصبحت وكالة خاصة فإن هذا القانون لم يبق على الوكالة الطلاق أسوة بالوكالة في الزواج.
  • إن سكوت المشرع عن الوكالة في الطلاق خلق إشكالا فقهيا وعمليا واضحا. فمن بين لإشكالات الفقهية الناجمة عن هذا السكوت أن أغلب شراح المدونة والباحثين والمهتمين بالحقل الأسري، لم يتفهموا إلى الآن الأسباب الذي دعت المشرع، إلى عدم التنصيص على هذه الوكالة وإن كان يرجح أن المشرع هدف من وراء ذلك إلى تفعيل مؤسس الصلح.

أما الإشكال العملي، فيتمثل في التضارب الذي أصبح يتسم به القضاء الأسري المغربي، بين قضاء بعمل بالوكالة في الطلاق، وقضاء يمنع أن تتم إجراءات الطلاق بهذه الوكالة، وهذا ما تولد عنه أن غاد القضاء المغربي بخصوص هذه النقطة ثلاث اتجاهات: اتجاه يمنع العمل بهذه الوكالة كيف ما كان الحال، واتجاه ثان يحاول التوفيق بين العمل بهذه الوكالة في بعض القضايا، وبين الامتناع عن العمل بها في قضايا أخرى، واتجاه ثالث يجيز العمل بهذه الوكالة ولكن بشروط، ويمثل هذا التوجه قسم قضاء الأسرة بالرباط.

  • إن هناك دعوات ظهرت مؤخرا تدعوا المشرع لإعادة النظر فيما يخص الوكالة في الطلاق وذلك لحاجة الناس إليها، وخاصة أمام أبناء جاليتنا المقيمة بالخارج.
  • وفي الأخير أقول:  الحمد لله الذي يسر لي الانتهاء من البحث في هذه الرسالة وألهمني صبر إتمام موضوعاتها على نحو ما بلغ جهدي المتواضع. والصلاة والسلام على خير الخلق الذي علم المتعلمين. والحمد لله رب العالمين.

لائحة المصادر والمراجع

كتب التفسير

  • إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي أبو الفداء "تفسير ابن كثير" دار الفكر بيروت.
  •  محمد ابن جرير بن يزيد بن خالد الطبري أبو جعفر " تفسير الطبري " المتوفى 310هـ دار الفكر(202) بيروت سنة النشر 1405 هـ.
  • محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح القرطبي المتوفى سنة 671هـ " تفسير القرطبي"جامع البيان عن تأويل آي القرآن  دار الشعب القاهرة الطبعة الثانية سنة النشر1372هـ تحقيق أحمد عبد العليم البردوني.
  • محمد بن عبد الله المعروف بابن العربي المتوفى سنة 543 هـ "أحكام القرآن"، دار الفكر للطباعة والنشر طبعة جديدة راجع أصوله وطرح أحاديثه وعلق عليه محمد عبد القادر عطا، الطبعة الأولى 1997.
  • أحمد بن علي الرازي المعروف بالجصاص " أحكام القراءة " المطبعة البهية مصر، الطبعة الأولى، 1347.

كتب الحديث

    1. أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني " سنن أبو داود " تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد دار الحديث القاهرة عار عن السنة والطبعة.
    2. أحمد بن الحسن أبو بكر بن الحسين بن علي البيهقي، توفي 485هـ تحقيق محمد عبد القادر عطا مكتبة دار البار عار عن الطبعة والسنة.
    3. الإمام مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري المتوفى، سنة 206 هـ " صحيح مسلم"، تحقيق محمد عبد الباقي دار إحياء التراث العربي بيروت عار عن الطباعة والسنة.
    4. محمد بن يزيد أبو عبد الله القزويني المتوفى سنة 207 هـ "سنن ابن ماجة"، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار الفكر بيروت، عار عن الطبعة والسنة.
    5. محمد بن إسماعيل البخاري المتوفى سنة 156 هـ " صحيح البخاري ،" دار ابن كثير اليمامة بيروت، الطبعة الثالثة، سنة النشر 1407 هـ 1987 م تحقيق د مصطفى ديب البغا.
    6. محمد بن عيسى الترمذي " سنن الترمذي " تحقيق محمد شاكر وآخرون.
    7. محمد بن حبان بن أحمد أبو حاتم التميمي البستي المتوفى سنة 354 هـ "صحيح ابن حبان"، حبان مؤسسة الرسالة الطبعة الثالثة تحقيق شعيب الأرناؤوط.
    8. محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري "المستدرك على الصحيحين" مطبعة دار الكتب العلمية بيروت 1990م /1411هـ الطبعة الأولى، تحقيق عبد القادر عطا.

كتب اللغة

    • جمال الدين بن محمد بن مكرم المعروف بابن "منظور" "لسان العرب "، مصور عن طبعة بولاق للتأليف والترجمة عار عن الطبعة.
    • محمد بن عبد القادر الرازي، " مختار الصحاح "، تحقيق محمد المنتصر محمد  الزمزمي الكتاني دار النشر مكتبة لبنان ناشرون 1406 هـ 1981م الطبعة الرابعة.
    • محمد عبد الرزاق المناوي، " التوفيق على مهمة التعاريف "، دار الفكر المعاصرة بيروت الطبعة الأولى.
    • الرصاع... أبو عبد الله محمد الأنصاري المشهور بالرصاع التونسي – شرح حدود ابن عرفة. وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغرب 1992، الطبعة الأولى.

الكتب الفقهية العامة

  • ابن جزي، "القوانين الفقهية"، بدون ذكر الطبعة بطلبي من مكتبة أسامة بن زيد، بيروت.
  • أبو عبد الله محمد بن ادريس الشافعي، " الأم "، دار الفكر الطبعة الأولى 1980.
  • أبو عبد الله محمد بن أحمد بن سعيد بن حزم، " المحلى بالآثار"، طبعة مصححة على عدة مخطوطات ونسخ متعددة: تحقيق لجنة إحياء التراث العربي – دار الجليل بيروت، وبدون ذكر الطبعة.
  • أبو محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة " المغني والشرح الكبير " دار إحياء التراث العربي بيروت طبعة 1993.
  • أبي بكر بن محمد بن عاصم الأندلسي الغرناطي المتوفى سنة 829 هـ " متن العاصمية " المسمى بتحفة الحكام على نكت العقود والأحكام في مذهب الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه. دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع عار عن الطبعة والسنة.
  • أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمان المغربي المعروف بالحطاب، " مواهب الجليل شرح مختصر الجليل" على دار الفكر عار عن السنة والطبعة.
  •  أبو البركات: أحمد بن محمد الدرديبر المتوفى سنة 1201هـ "الشرح الكبير" بهامشه الدسوقي دار الفكر عار عن الطبعة والسنة.
  • أبو الوفاء إبراهيم ابن عبد الله بن محمد بن فرحون " تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام "دار الكتب العلمية بيروت المطبعة الشرقية الطبعة الأولى 1301 هـ .
  • سيد سابق " فقه السنة " دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع طبعة 1424هـ / 2003م .
    • محمد بن يوسف الكافي " إحكام الأحكام على تحفة الحكام " على منظومة القاضي أبي بكر محمد بن عابدين " حاشية ابن عابدين " المسماة رد المحتار على دار المختار شرح تنوير الأبصار": دار إحياء التراث العربي بيروت عار عن الطبعة والسنة.
    • أبو زكرياء محيي الدين بن شرف النووي، "المجموع شرح المهدب" دار الفكر عار عن الطبعة والسنة دار الفكر.
    • شمس الدين محمد بن محمد الخطيب الشريبي " مغنى المختام إلى معرفة ألفاظ المناهج"، دار الكتب العامة بيروت لبنان الطبعة الأولى 1994.
    • الفقه الإسلامي وأدلته (التأمل للأدلة الشرعية والآراء الفقهية وأهم النظريات وتحقيق الأحاديث النبوية وترتيبها... وأهم المسائل الفقهية، دار الفكر بيروت الطبعة الأولى والثانية 1409هـ – 1989م / 1419هـ -1984 م.
    • شمس الدين محمد بن أحمد السرخسي "المبسوط"  دار المعرفة، بيروت لبنان، الطبعة الأولى، 1989.
    • شمس الدين الشيخ محمد بن عرفة الدسوقي "حاشية الدسوقي" مطبعة دار الفكر بيروت لبنان – عار عن الطبعة والسنة الجزء الثالث.
    •  محمد بن عبد الله بن أحمد الخرشي المتوفى سنة 1101هـ، شرح الخرشي على مختصر خليل المسمى منحة الجليل. دار الفكر بيروت.

كتب النوازل

- أبي الحسن علي ابن الشيخ عيسى ابن علي الحسني العلمي ( النوازل) المعروف بنوازل العلمي، تحقيق المجلس العلمي بفاس طبع بأمر من صاحب الجلالة أمير المؤمنين الحسن الثاني نصره الله وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المملكة المغربية الجزء الثالث طبعة 1409هـ / 1989 م .

- أبي العباس أحمد بن يحيى الونشريسي، " المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوى وأهل الأندلس والمغرب " وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية للمملكة المغربية ودار العرب الإسلامية طبعة 1981 م .

أصول الفقه

- أبي العباس بن يحيى الونشريسي: " إيضاح المسالك إلى قواعد الإمام مالك " تحقيق أحمد بوخاطر الخطابي طبع هذا الكتاب بإشراف من اللجنة المشتركة لنشر التراث الإسلامي بين حكومتي المملكة المغربية  وحكومة دولة الإمارات العربية المتحدة، بمناسبة مطلع القرن الخامس عشر الهجري في الرباط سنة 1400هـ  1980 ميلادية.

المراجع الفقهية والقانونية الخاصة :

      • أحمد الخمليشي " وجهة نظر" دار النشر والتوزيع مطبعة المعارف الجديدة الرباط.
      • أحمد الخمليشي، "التعليق على قانون الأحوال الشخصية"، الجزء الثاني آثار الولادة والأهلية والنيابة القانونية، مطبعة المعارف الجديد الرباط الطبعة الأولى 1994.
      • أحمد الخمليشي، "وجهة نظر" الجزء الثاني: الأسرة والطفل والمرأة – أصول الفقه والفكر الفقهي . دار المعرفة للنشر والتوزيع مطبعة المعارف الجديدة الرباط الطبعة الأولى 1998م.
      • أحمد فراج حسين، "أحكام الزواج في الشريعة الإسلامية". الدار الجامعية الطبعة الأولى 1986م.
      • أحمد نصر الجندي. مبادئ القضاء في الأحوال الشخصية، الطبعة الثالثة 1406هـ/ 1986م.
      • إدريس الفاخوري، "الزواج والطلاق في مدونة الأحوال الشخصية وفقا لآخر التعديلات". ظهير10/09/ 1993، دار النشر الجسور الطبعة السادسة 1999.
      • إدريس الفاخوري "قانون الأسرة المغربي" الجزء الأول . أحكام الزواج، الطبعة الأولى 2005م.
      • إدريس الفاخوري، المركز القانوني للمرأة المغربية من خلال نص2وص مدونة الأحوال الشخصية، أبحاث ودراسات. مطبعة دار النشر الجسور، وجدة 2002.
      • إدريس حمادي، "البعد المقاصدي وإصلاح مدونة الأسرة"، مطبعة افريقيا الشرق، الطبعة الأولى 2005.
      • بدران أبو العنين بدران: "الفقه المقارن" للأحوال الشخصية بين المذاهب السنية والمذهب الجعفري والقانون" دار النهضة بيروت بدون ذكر سنة الطبع الجزء الأول – الزواج والطلاق.
      • بلحاج العربي، "الوجيز في شرح قانون الأسرة الجزائري"، مقدمة الخطبة – الزواج- الطلاق – الميراث- الوصية- الجزء الأول ( الزواج والطلاق ) ديوان المطبوعات الجامعية الساحة المركزية بن عكنون . الجزائر الطبعة الأولى 2005.
      •  خالد بنيس "عقد الوكالة"، شركة بابل للطباعة والنشر والتوزيع الرباط الطبعة الأولى 1997-1998.
      • عبد الخالق أحمدون، "الزواج والطلاق في مدونة الأسرة"، دراسة مقارنة مع أحكام الفقه الإسلامي وقوانين دول المغرب العربي والاتفاقيات الدولية . الطبعة الأولى 1426هـ / 2006 م.
      • عثمان التكروري، "شرح قانون الأحوال الشخصية"، دار الثقافة للنشر والتوزيع الأردن، الطبعة الأولى، الإصدار الثاني 2004.
      • عبد الرزاق أحمد السنهوري، "الوسيط في شرح القانون المدني الجديد" منشورات الحلبي الحقوقية بيروت الطبعة الثالثة 1998.
      • لحسن خضيري، " الوجيز في أحكام الزواج في ضوء مدونة الأحوال الشخصية" شركة بابل للطباعة والنشر والتوزيع الرباط الطبعة الثانية 1997م.
      • محمد الشافعي، "أحكام الأسرة في مدونة الأحوال الشخصية"، دار وليلي للطباعة والنشر الطبعة الثالثة 1998م.
      • محمد أبو زهرة، "الأحوال الشخصية"،  دار القلم، عار عن الطبعة والسنة.
      • محمد أبو زهرة "محاضرات في عقد الزواج وآثاره" دار الفكر العربي(عار عن الطبعة والسنة).
      •  مصطفى السباعي، "شرح قانون الأحوال الشخصية"، دار الوراق، الطبعة الثانية 2000م.
      • محمد الكشبور، "الوسيط في قانون الأحوال الشخصية"، مطبعة النجاح الدار البيضاء، الطبعة الخامسة 2003.
      • محمد جميل مبارك "التوثيق والإثبات بالكتابة في الفقه الإسلامي والقانون الوضعي"، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، الطبعة الأولـى 1421هـ/ 2000 م.
      • محمد بن معجوز "أحكام الأسرة في الشريعة الإسلامية وفق مدونة الأحوال الشخصية"، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الثالثة 1406 هـ /1986م .
      • محمد سمارة "أحكام وآثار الزوجية شرح مقارن لقانون الأحوال الشخصية" دار الثقافة للنشر والتوزيع. الطبعة الأولى، الإصدار الثاني 1429هـ/ 2008 م.
      • محمد الكشبور، "التطليق بسبب الشقاق في مدونة الأسرة" سلسلة الدراسات القانونية المعاصرة، 511-، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 1427هـ 2006 م.
      • عبد اللطيف البغيل، "الشامل في القانون القضائي المغربي"، نظريات الأحكام، الجزء الثاني، الطبعة الأولى، مطبعة طوبريس 2006.
      • عبد الهادي إدريس أبو أصبع، الأحكام الشرعية للأحوال الشخصية، الطبعة الأولى 1994، دار الكتب الوطنية 2006.
      •  محمد الأزهر، "شرح مدونة الأسرة الزواج إنحلال ميثاق الزوجية وآثاره، الولادة ونتائجها"، مطبعة دار النشر المغربية عين السبع، طبعة 2006 الأولى.
      • محمد بودلاحة "محاضرات في الفقه المقارن بالقانون الوضعي"، جامعة القرويين. كلية الشريعة – السنة الجامعية 1424 هـ / 2002م2003 م  مكتبة وراقة ماند رقم 1 حي الليدو فاس.
      •  محمد المهدي، "المقتضب في أحكام الأسرة من خلال قانون الأسرة المغربي" الجزء الأول . الزواج الطبعة الأولى 2004.
      • محمد الكشبور، "شرح مدونة الأسرة" الجزء الأول الزواج، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، الطبعة الأولى 1427 هـ/ 2006م.
      • محمد بن ابراهيم بن عبد الله الموسوي، "نظرية الضمان الشخصي (الكفالة)، مكتبة النبيكان، الطبعة الأولى 1419هـ - 1999م.
      • مرزوق آيت الحاج، "الوجيز في التوثيق العدلي"، مطبعة طوب بريس 1428هـ-2006م.
      • توفيق حسن فرج، "أحكام الأحوال الشخصية لغير المسلمين"، الحارة الجامعية، طبعة 1977.
      • محمد علي أبو غمجة، "الوكالة في الفقه الإسلامي" المنشأة العامة للنشر والتوزيع، طرابلس، الطبعة الأولى 1996.
      • الطيب الفصايلي، "أحكام الزواج والطلاق وفق مدونة الأسرة"، مطبعة  النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى 1427هـ، 2006 م.

الرسائل  والأطروحات

        • جميلة المهوطي "المؤسسات القضائية المرصدة لحماية الأسر في مدونة الأسرة".
        •  رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث في قانون الأسرة المغربي والمقارن. جامعة عبد المالك السعدي. كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة السنة الجامعية 2005/ 2006.
        • خالد الحارثي "التدبير التعاقدي لأحوال الأسرة قراءة في وثائقه" رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة قسم الدراسات العليا شعبة الأحوال الشخصية والتبرعات جامعة القرويين كلية الشريعة بفاس سايس السنة الجامعية 1420/1421 هـ موافق 1999/2000م.
        • عبد الإله بنيس، "دراسة لنوازل" إقتران الشرط بالنكاح من خلال معيار المعرب الونشريسي بحث لنيل شهادة الدراسات العليا المعمقة في الشريعة. قسم الدراسات العليا شعبة الأحوال الشخصية والتبرعات جامعة القرويين كلية الشريعة – فاس - سايس السنة الجامعية 1420/ 1421 هـ الموافق ل 1999/2000م.
        • عبد اللطيف التغزوتي، "عقد الزواج بين شكلية الكتابة وإشكالية الإثبات" رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص وحدة التكوين والبحث. فرع قانون الأسرة المغربي والمقارن جامعة عبد المالك السعدي كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية طنجة 2005 / 2006.
        • طارق الطاهري، "مظاهر حماية المرأة في مدونة الأسرة " الزواج وانحلاله " بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص وحدة التكوين والبحث في قانون الأسرة المغربي المقارن جامعة عبد المالك السعدي كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية 2005/2006.
        • عبد الله رحمات "الوكالة في الفقه الإسلامي والتقنين المدني المغربي"، بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في الشريعة تخصص الأحوال الشخصية والتبرعات. جامعة القرويين كلية الشريعة فاس الجزء الأول والثاني السنة الجامعية 1417- 1418 هجرية / 1997 -1998 ميلادية.
        • سناء حبي، "الصلح أمام القاضي في الفقه الإسلامي والقانون الوضعي"، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا وحدة الفقه الإسلامي المقارن بالقانون الوضعي تخصص – قضاء – إفتاء- شروط- جامعة القرويين كلية الشريعة فاس السنة الجامعية 1424- 1425هـ / 2003 -2004 م.

المقالات

          1. عبد الله رحمات، "الوكالة في صلح الزوجين بين النص القانوني والواقع العملي"، مقال منشور بجريدة التجديد عدد 576 الخميس 27 ذو القعدة 1423 الموافق 30 يناير 2003.
          2. عبد الله رحمات، "توكيل المرأة في الزواج على ضوء المعمول به في أقسام التوثيق"، مقال منشور في جريدة العصر عدد 296 3 شوال 1424هـ الموافق 28 نونبر 2003.
          3. إدريس الفاخوري، الصلح في العمل القضائي المصري المقارن، مجلة القصر، العدد الرابع، يناير 2003.
          4. مضمن مقال، سمير آيت أجردال، الصلح في دعاوي الطلاق والتطليق وفق مدونة الأسرة بين النص والممارسة العدد 25 الطبعة الأولى 2006.
          5. البيان العام الصادر عن المؤتمر العام 26 لجمعية هيئات المحامين بالمغرب الذي انعقد بهيئة المحامين بطنجة، جريدة النهار المغربية، المغرب السامي، العدد 1236، السبت الأحد 24-25 ماي 2008.
          6.  عبد اللطيف التيجاني أهلية الوكيل – مجلة الملحق القضائي – العدد 28 مارس 1994 التي تصدرها وزارة العدل " المعهد القضائي للدراسات القانونية"، دار المعرفة مطبعة ومكتبة الأمنية 1994.
    1. ورقة عمل حول اليومين الدراسين اللذان نظما بمدينة إفران يومي 20-21 نونبر 2006 بشأن قضايا الأسرة، مديرية الشؤون المدنية.

نصوص القوانين

  • ظهير شريف بمثابة قانون رقم 347- 93 – 1 صادر في 22 ربيع الأول 1414 موافق 10 شتنبر 1993م بتغيير وتميم بعض فصول مدونة الأحوال الشخصية المنشور بالجريدة الرسمية عدد 4222 بتاريخ 29 شتنبر 1993.
  • ظهير شريف رقم 11 / 8 / 1995 الخاص بتعديلات قانون الالتزامات والعقود.
  • ظهير شريف رقم 22- 04 – 1 صادر في 12 من ذي الحجة 1424ه موافق 03 فبراير 2004 بتنفيذ القانون رقم 03 -70 بمثابة مدونة الأسرة منشور بالجريدة الرسمية عدد 5184 بتاريخ 1 فبراير 2004م.
  • مجلة الأحوال الشخصية التونسية سلسلة الميزان التشريعي . جمع وتعليق القاضي محمد الحبيب الشريف . دار الميزان للنشر واللتوزيع 47 شارع سانغفورة – عمارة المنصف المنستير في 4000 سوسة ( تونس).
  • وزارة العدل. قضاء الأسرة مجلة متخصصة . منشورة جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية العدد الأول يوليوز 2005.
  • وزارة العدل . قضاء الأسرة مجلة متخصصة . منشورة جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية العدد الثالث.
  •  مجلة الملحق القضائي ص 60.
  • قانون الالتزامات والعقود مع آخر التعديلات ظهير 11 / 8/ 1995  منشورات مؤسسة إيديوسوفت للطباعة والنشر موسوعة النصوص التشريعية والتنظيمية بالمغرب ( جيب) عدد 6 مراجعة وتحيين ذ. عطاء الله الأزهري مطبعة النجاح الجديدة.
  • قانون رقم (20) سنة 1992م بشأن الأحوال الشخصية وتعديلاته بالجمهورية اليمنية وزارة الشؤون القانونية. طبع بمطابع  دائرة التوجيه المعنوي شتنبر 2003.
  • قانون الأحوال الشخصية 1418هـ/1997م سلطنة عمان وزارة العدل والأوقاف والشؤون الإسلامية.
  • قانون الأحوال الشخصية 28 / 2005 لدولة الإمارات العربية المتحدة.
  • قانون رقم 2001- 052 الصادر بتاريخ 19 يوليوز 2001 يتضمن مدونة الأحوال الشخصية الموريتانية.
  • تعديلات مدونة الأحوال الشخصية بظهائره لسنة 1993 حصيلة أولية سلسلة الندوات رقم 1، منشورات كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط- تقديم الدكتور عبد الرزاق مولاي رشيد أشغال اليوم الدراسي المنظم من قبل شعبة القانون الخاص بتعاون مع مؤسسة " فريد رش"، طبع بالرباط يوم 8 مارس 1997.
  • مولود ديدان قانون الأسرة الجزائري حسب آخر التعديلات قانون رقم 05- 09 المؤرخ في 4 ماي 2005 . سلسلة القانون دار النجاح الجزائر.
  • قانون رقم 03- 70 بمثابة مدونة الأسرة الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم 22- 04 – 1 في 3 فبراير 2001 بالجريدة الرسمية عدد 184 بتاريخ 5 فبراير2004.
  • قانون رقم 2001/ 025 الصادر بتاريخ 19 يوليوز 2001 يتضمن مدونة الأحوال الشخصية للجمهورية الإسلامية الموريتانية.
  • مولود ديدان: قانون الأسرة حسب آخر تعديل له قانون رقم 05-09 المؤرخ في 04 مايو سنة 2005 سلسلة النصوص القانونية في تناول الجميع. دار النجاح للكتاب  الجزائر.
  • قانون رقم 22 /2006 بمثابة قانون الأسرة لدولة قطر تاريخ الطباعة 11 – 05 – 2007.
  • مرسوم وزاري رقم 88- 2004، الصادر في 25 من ربيع الآخر 1425 519 يونيو 2004 بشأن تكوين مجلس العائلة وتحديد مهامه.
        • قانون رقم 51 لسنة 1984، في شأن الأحوال الشخصية لدولة الكويت، (51/1984 المعدل بقانون رقم 61 لسنة 1996).

فهرس الآيات القرآنية

 

الآيــات

السورة

رقمها

الصفحة

"ألا تتخذوا من دوني وكيلا "

الإسراء

2

14

" على الله فليتوكل المتوكلون "

إبراهيم

15

15

"وابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق وليتلطف "

الكهف

19

18

" وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها "

النساء

35

18

" وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم "

النساء

7

18

" فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل "

البقرة

282

19

" إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب "

التوبة

60

19

" وأخذن منكم ميثاقا غليظا"

النساء

21

23-52

" وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان " 

المائدة

3

24

" ليتخذ بعضكم بعضا سخريا "

الزخرف

33

25

" وأخذن منكم ميثاقا غليظا "

النساء

155

" ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا "

النساء

140

" واتوا النساء صدقاتهن نحلة "

النساء

4

" وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين فما استطعتم به منهن فأتوهن أجورهن فريضة "

النساء

24

83

"ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف "

البقرة

228

100

102

21

الروم

" ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم  مودة ورحمة "

106

29-28

الأحزاب

قال تعالى: " يأيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا، وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما "

110

28

الأحزاب

"يأيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا "

29-28

الأحزاب

"يأيها النبي قل لأزواجك ....... أجرا عظيما "

115

1

الطلاق

" يأيها النبي إذا طلقتم النساء ......"

115

50

الأحزاب

"ثم طلقتموهن .... "

115

1

الطلاق

"فطلقوهن لعدتهن"

115

165

الأنعام

" ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى"

128

9

الحجرات

" وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما

113

النساء

"لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس "

128

127

النساء

" وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليها أن يصالحها بينهما صلحا " 

18-139

35

النساء

" وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما"

 

فهرس الأحاديث

الصفحة

الأحاديث

عن عائشة رضي الله عنها قالت: خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترناه فلم يكن طلاقا.

قال صلى الله عليه وسلم " الطلاق لمن أخذ بالساق"

"الصلح جائز بين المسلمين، إلا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما، والمسلمون على شروطهم، إلا شرطا حرم حلالا أو أحل حراما "

إنكم تختصمون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما أنا بشر، ولعل بعضكم ألحن بحجة من بعض، وإنما أقضي بينكم على نحو ما أسمع، فمن قضيت له من أخيه شيئا فلا يأخذه، فإنما أقطع له قطعة من النار، يأتي بها اسطاما في عنقه يوم القيامة، فبكى – الرجلان- وقال كل واحد منهما: حقي لأخي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما إذا قلتما فاذهبا فاقتسما ثم توخيا الحق، ثم استهما ثم يحلل كل واحد منكما صاحبه.

وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم بما أخبر بأن أهل قباء اقتتلوا حتى تراموا بالحجارة قال: "اذهبوا بنا نصلح بينهم".

14

من توكل بين لحييه ورجليه توكلت له بالجنة

20

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ثم خير النكاح أيسره، قال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل: أترضى أن أزوجك فلانة؟ قال: نعم، قال لها: أترضين أن أزوجك فلان؟ قالت: نعم، فزوجهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يفرض صداقا فدخل بها فلم يعطها شيئا فلما حضرته الوفاة، قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجني فلانة ولم أعطها شيئا وقد أعطيتها سهمي من خيبر فأخذته وباعته فبلغ مائة ألف.

20

عن الزهري عن عروة عن أم حبيبة، أنها كانت تحت عبد بن جحش فمات بأرض الحبشة فزوجها النجاشي النبي صلى الله عليه وسلم وأمهرها عنه أربعة آلاف، وبعث بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم مع شرحبيل بن حسنة.

وجاءني في الحديث عن قتيبة أخبرنا حماد بن زيد عن مطر الوراق عن ربيعة بن أبي عبد الرحمان عن سليمان بن يسار عن أبي رافع قال: ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة وهو حلال وبنى بها وهو حلال، وكنت أنا الرسول فيما بينهما. 

44

 أيما امرأة أنكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل"

روي عن عبد الرحمان بن عوف قال لأم حكيم بن قارط أتعجلين أمرك إلى؟ قالت: نعم، قال: " فقد تزوجتك"

قال صلى الله عليه وسلم " التمس ولو خاتما من حديد"

وقال أيضا "خير الصداق أيسره"

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

فهرس الموضوعات

مقدمة...........................................................................01

الفصل الأول: الوكالة في الزواج................................................11

الفرع الأول: الوكالة في الزواج بين الفقه والقانون........................12

المبحث الأول: حقيقة الوكالة في الزواج والأحكام التي تؤطرها وأنواعها.........13

المطلب الأول: ماهية الوكالة في الزواج وأحكامها.........................13

الفقرة الأولى: تعريف الوكالة في الزواج..................................13

أولا: التعريف اللغوي للوكالة.............................................14

ثانيا: تعريف الوكالة في الاصطلاح.......................................15

ثالثا: معنى الزواج بالوكالة...............................................16

الفقرة الثانية: دليل مشروعية الوكالة في الزواج وأحكامها.................17

أولا: دليل مشروعية الوكالة في الزواج...................................17

ثانيا: أحكام الوكالة في الزواج............................................21

المطلب الثاني: أنواع الوكالة وصيغها.....................................26

الفقرة الأولى: أنواع الوكالة من خلال طبيعتها............................26

أولا: الوكالة  العامة والوكالة الخاصة.....................................27

ثانيا: الوكالة المطلقة والوكالة المقيدة......................................30

ثالثا: أنواع الوكالة من خلال صيغها في القانون...........................33

الفقرة الثانية: أنواع الوكالة من خلال الرسوم التي تحرر فيها..............35

أولا: الوكالة الرسمية.....................................................35

ثانيا: الوكالة العرفية......................................................38

المبحث الثاني: الأحكام الفقهية والقانونية الضابطة لتصرف الوكيل في وكالة الزواج....41

المطلب الأول: الأحكام الفقهية الضابطة لتصرف الوكيل في وكالة

الزواج...................................................................42

الفقرة الأولى: حكم العمل بالوكالة المطلقة والمقيدة في الزواج.............42

أولا: حكم الزواج بالوكالة المطلقة........................................42

ثانيا: حكم الزواج بالوكالة المقيدة.........................................45

الفقرة الثانية: عمل الوكيل وتصرفه في إنشاء عقد الزواج.................47

أولا: إنشاء عقد الزواج بعاقد واحد........................................47

ثانيا: الزواج بالكتابة والرسالة وحكم زواج وكيل الوكيل...................52

المطلب الثاني: الأحكام القانونية المنظمة لتصرف الوكيل في وكالة

الزواج...................................................................55

الفقرة الأولى: الوكالة في التشريع الأسري المغربي.......................56

أولا: الوكالة في الزواج وفق مدونة الأحوال الشخصية لسنة 1957........56

ثانيا: الوكالة في الزواج وفق مدونة 1993................................59

الفقرة الثانية: وكالة الزواج في القانون المقارن............................61

أولا: التشريع الأسري المغاربي وموقفه من الوكالة في الزواج............61

ثانيا: التشريع العربي وموقفه من الوكالة في الزواج.......................63

الفرع الثاني: مستجدات الوكالة في الزواج والإشكالات العملية التي

 تطرحها.................................................................65

المبحث الأول: قراءة في المادة 17 من قانون الأسرة المغربي.............67

المطلب الأول: الشروط الموضوعية......................................68

الفقرة الأولى: وجود ظروف خاصة.......................................68

الفقرة الثانية: اشتراط أهلية الوكيل........................................71

المطلب الثاني: الشروط الشكلية...........................................77

الفقرة الأولى: الضوابط والبيانات الأساسية التي تضمن في صك الوكالة...77

أولا: تحرير عقد الوكالة وتوقيع الموكل عليها.............................78

ثانيا: ذكر اسم الزوج الآخر ومواصفاته في عقد الزواج...................80

الفقرة الثانية: البيانات المضمنة في عقد الوكالة وتأشير القاضي عليها......81

أولا: مضمون البند الخامس من المادة 17................................82

ثانيا: تأشير القاضي على وكالة الزواج...................................86

المبحث الثاني: الإشكالات الفقهية والقانونية التي تطرحها المادة 17 من قانون

الأسرة.........................................................................88

المطلب الأول: الإشكالات الفقهية التي تطرحها المادة السابعة عشر........88

الفقرة الأولى: مخالفة الوكيل للموكل......................................89

أولا: مخالفة الوكيل للموكل في وكالة الزواج..............................89

ثانيا: مصير الإذن بالزواج بعد ثبوت المخالفة.............................92

الفقرة الثانية: الوكالة في الزواج وعلاقتها بالإيجاب والقبول...............92

أولا: علاقة الوكالة بالإيجاب والقبول.....................................93

ثانيا: حكم الوكالة وفق المادة 17.........................................94

المطلب الثاني: الإشكالات القانونية........................................95

الفقرة الأولى: إشكال تحرير الوكالة وتحرير عقد الزواج والعلاقة القائمة بينها

وبين عقد الزواج.........................................................95

أولا: الطريقة الإجرائية التي يحرر بها صك الوكالة.......................95

ثانيا: العلاقة بين الوكالة وعقد الزواج.....................................97

الفقرة الثانية: آثار عقد الزواج الذي ينعقد بالوكالة.........................98

الفصل الثاني: الوكالة في الطلاق..............................................102

الفرع الأول: التصور الشرعي لوكالة في الطلاق...............................104

المبحث الأول: الوكالة في الطلاق في الفقه الإسلامي....................106

 المطلب الأول: دليل مشروعية الوكالة في الطلاق وحكمها..............106

الفقرة الأولى: دليل مشروعية الوكالة قي الطلاق........................106

أولا: الكتاب............................................................106

ثانيا: السنة..............................................................108

ثالثا: الإجماع...........................................................109

الفقرة الثانية: حكم الطلاق بالوكالة......................................110

المطلب الثاني: الصيغ والمرادفات الشرعية التي تؤدي معنى الوكالة في

الطلاق.................................................................117

الفقرة الأولى: حقيقة هذه الصيغ وأنواعها................................117

الفقرة الثانية: الفرق بين بعض هذه الصيغ...............................122

المبحث الثاني: التعارض بين مؤسسة الصلح وأعمال الوكالة في

الطلاق.................................................................125

المطلب الأول: دليل مشروعية الصلح وأهميته وأنواعه..................127

الفقرة الأولى: دليل مشروعية الصلح....................................127

أولا: الكتاب............................................................127

ثانيا: السنة..............................................................129

ثالثا: الإجماع...........................................................132

الفقرة الثانية: أهمية الصلح وأنواعه.....................................133

أولا: أهمية الصلح......................................................133

ثانيا: أنواع الصلح......................................................135

المطلب الثاني: المؤسسات المرصدة للصلح وتعارضها مع الوكالة في

الطلاق.................................................................138

الفقرة الأولى: المؤسسات المرصدة لإجراء الصلح.......................138

أولا: مِؤسسة الحكمين...................................................139

ثانيا: مؤسسة مجلس العائلة..............................................141

الفقرة الثانية: التعارض بين مؤسسة الصلح وأعمال الوكالة في

الطلاق.................................................................143

الفرع الثاني: المقاربة القانونية للوكالة في الطلاق..............................147

المبحث الأول: الطلاق بالوكالة في قانون الأسرة المغربي

والمقارن................................................................149

المطلب الأول: الطلاق بالوكالة في قانون الأسرة المغربي...............149

الفقرة الأولى: الطلاق بالوكالة في مدونة الأحوال الشخصية..............150

الفقرة الثانية: الطلاق بالوكالة في مدونة الأسرة..........................153

المطلب الثاني: الطلاق بالوكالة في قانون الأسرة المقارن................160

الفقرة الأولى: الطلاق بالوكالة في دول المغرب العربي..................160

الفقرة الثانية: الطلاق بالوكالة في قانون الأسرة للدول العربية............163

المبحث الثاني: القضاء الأسري المغربي وإشكالية تطبيق الوكالة في

الطلاق.................................................................167

المطلب الأول: التباين في تعامل القضاء المغربي مع الوكالة في

الطلاق.................................................................168

الفقرة الأولى: الاتجاه المتشدد...........................................168

الفقرة الثانية: الاتجاه التوافقي............................................170

المطلب الثاني: توجه قسم قضاء الأسرة بالرباط.........................174

الفقرة الأولى: اجتهاد قسم قضاء الأسرة بالرباط.........................174

الفقرة الثانية: الشروط التي يضعها قسم قضاء الأسرة بالرباط للعمل بالوكالة

في الطلاق..............................................................176

خاتمة...................................................................179

لائحة المصادر والمراجع...............................................181

فهرس الآيات القرآنية...................................................195

فهرس الأحاديث النبوية.................................................197

فهرس الموضوعات.....................................................199

 

 


[1] - محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي: "مختار الصحاح"، تحقيق محمد المنتصر محمد الزمزمي الكتاني دار النشر مكتبة لبنان ناشرون، الطبعة الرابعة، 1406هجرية، 1985م، ص: 306.

[2] - سورة الإسراء، الآية: 2.

[3] - محمد ابن إسماعيل  البخاري صحيح البخاري كتاب الحدود، رقم الحديث 6422، دار ابن كثير اليمامية بيروت، الطبعة الثالثة (تحقيق الدكتور مصطفى ديب البغا) الجزء السادس، ص: 2467.

[4] - ابن منظور "لسان العرب" الدار المصرية للتأليف والترجمة طبعة مصورة عن طبعة بولاق الجزء 13، ، ص: 261.

[5] - ابن منظور، مرجع سابق، ج13، ص: 263.

[6] - ابن منظور، مرجع سابق، الجزء 13 ، ص: 263.

[7] - محمد عبد الرازق المناوي "التوقيف على مهمة التعاريف"، دار الفكر المعاصرة بيروت الطبعة الأولى، ص: 732.

[8] - سورة إبراهيم، الآية: 15.

[9] - الإمام علاء الدين أبي بكر بن مسعود الكساني الحنفي كتاب "بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع" دار الكتاب العربي الطبعة الأولى والطبعة الثانية 1393 هجرية/ 1974 ميلادية الجزء السادس، ص: 19.

[10] - أبو عبد الله محمد الأنصاري المشهور بالرصاع التوسي، شرح حدود ابن عرفة، طبعة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغرب، 1992.

[11] - محمد عبد الرزاق المناوي، مرجع سابق، ص: 732.

[12] - بدران أبو العينين بدران: "الفقه المقارن للأحوال الشخصية بين المذاهب السنية والمذهب الجعفري والقانون"، دار النهضة بيروت بدون ذكر سنة الطبع، الجزء الأول الزواج والطلاق، ص: 155.

[13] - محمد الشافعي: "أحكام الأسرة في مدونة الأحوال الشخصية"، المكتبة الجامعية بدون ذكر تاريخ الطبعة، ص: 56.

[14] - سورة الكهف، الآية: 19.

[15] - محمد بن جرير الطبري، "تفسير الطبري"، دار الفكر، بدون ذكر الطبعة والسنة، الجزء 15 ص: 200.

[16] - محمد بن فرج القرطبي، تفسير القرطبي، دار الشعب الطبعة الثانية، 1372هـ، تحقيق أحمد بن عبد العليم البردوني الجزء العاشر، ص: 375.

[17] - سورة النساء الآية: 35.

[18] - أبو بكر ابن العربي: "أحكام القرآن" راجع أصوله وأخرج أحاديثه محمد عبد القادر عطا، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، الجزء الثالث، ص: 337.

[19] - أبو بكر ابن العربي، مرجع سابق، الجزء الثالث، ص: 337.

[20] - سورة النساء، الآية: 7.

[21] - الإمام إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي، "تفسير ابن كثير" عار عن الطبعة والسنة، دار الفكر، ج 1، ص: 454.

[22] - سورة البقرة، الآية: 282.

[23] - عبد الله روحمات الوكالة في الفقه الإسلامي والتقنين المغربي...، نقلا عن مختصر المزني بهامش كتاب الأم للإمام الشافعي، ص: 36.

[24] - سورة التوبة الآية: 60.

[25] - الإمام القرطبي الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق، ج3، ص: 1229.

[26] - محمد ابن حبان: "صحيح ابن حبان" كتاب النكاح باب الولي رقم الحديث 4072 مؤسسة الرسالة الطبعة الثانية تحقيق الأستاذ شعيب، الأرناؤوط الجزء التاسع، ص: 381.

وأخرج هذا الحديث الإمام البيهقي في كتاب الصداق باب النكاح برقم 14110 وأبو داوود في كتاب النكاح باب فيمن تزوج ولم يسمي صداقا حتى مات رقم الحديث 2114.

[27] - أحمد بن الحسن أبو بكر البيهقي: "سنن  البيهقي الكبرى"، تحقيق محمد عبد القادر عطا، كتاب الصداق باب النكاح ينعقد بدون مهر، رقم الحديث 14112 مكتبة دار الباز عار عن الطبعة الجزء السابع، ص: 232.

[28] - سليمان بن الأشعت أبو داود السجستاني، سنن أبو داود، تحقيق محمد محيى الدين عبد الحميد، كتب النكاح باب الصداق ج2، ص: 235.

[29] - عبد الله روحمات، الوكالة في....، مرجع سابق، ص: 105.

[30] - محمد بن عيسى الترمذي، "سنن الترمذي"، تحقيق محمد شاكر وآخرون كتاب النكاح باب ما جاء في كرامة تزويج المحرم رقم الحديث 840، الجزء الثاني.

[31] - عبد الله رحمات، مرجع سابق، ص: 40.

[32] - الإمام محمد أبو زهرة، "الأحوال الشخصية"، دار القلم عار عن الطبعة والسنة، ص: 130.

[33] - الإمام محمد أبو زهرة، محاضرات في عقد الزواج وآثاره، دار الفكر العربي، ص: 179.

[34] - محمد بن فرج القرطبي، تفسير القرطبي، مرجع سابق، ص: 375.

[35] - سورة النساء، الآية: 21.

[36] - تنم العقود في الزواج لدى قبائل سوس وعند بعض الأسر المحافظة بالوكالة، وحتى عند بعض الأسر في الشمال قديما أما في زمان م.ح.ش، فإن العروس كانت تنوب عنها أختها أو...

[37] - مضمون المادة أنها تتعلق بالبنود والشروط التي يجب أن يتضمنها عقد الزواج، ومنها حضور مجلس عقد الزواج من أجل التوقيع على رسم الصداق.

[38] - محمد بن إبراهيم بن عبد الله الموسوي، "نظرية الضمان الشخصي (الكفالة)"، مكتبة العبكان، الطبعة الأولى، 1419هـ-1999م، ص: 92.

[39] - سورة المائدة، الآية: 3.

[40] - حدو مزيان بناصر: "عقود التبرعات ودورها في تحقيق التكافل الاجتماعي" مطبعة أنفو برانت 2005، الطبعة الأولى، ص: 2.

[41] - سورة الزخرف، الآية: 33.

[42] - عبد الله رحمات "الوكالة في صلح الزوجين بين النص القانوني والواقع العملي" مقال منشور بجريدة التجديد عدد 576، الخمس 27 ذي القعدة 1423 الموافق 30 يناير 2003، ص: 11.

[43] - قانون الالتزامات والعقود آخر التعديلات ظهير 11. 08. 1995. مطبعة النجاح الجديدة ، ط 2003- 2004، ص: 185.

[44] - عبد الله رحمات، الوكالة...، مرجع سابق، ص: 139.

[45] - ابن حزم، المحلى بالآثار، طبعة مصححة على عدة مخطوطات والنسخ المتعددة، تحقيق لجنة إحياء التراث العربي، دار الجليل بيروت، الجزء الثامن، ص: 235- 236.

[46] - محمد بن إدريس الشافعي "كتاب الأم" الجزء الثالث، الطبعة الأولى 1980، دار الفكر، ص: 237.

[47] - الإمام الكسان الحنفي، مرجع سابق، ج 6، ص: 230.

[48] - عبد الله رحمات، مرجع سابق. ص: 141.

[49] - قانون الإلتزامات والعقود، مرجع سابق ص: 185.

[50] - ملاحظة أن المشرع المغربي في مدونة ح.ش. وإن نصت على الوكالة في الزواج في المادة 10، وفي الطـلاق المادة 40 إلا أنه لم ينظم هذه الوكالة بشكل دقيق عكس ما هو عليه الحال الآن في المادة 17، من -قانون الأسرة.

[51] - خالد بنيس "عقد الوكالة" شركة بابل للطباعة والنشر والتوزيع بالرباط، الطبعة الأولى 1997، 1998، ص: 15.

[52] - محمد أبو زهرة، الأحوال الشخصية، مرجع سابق، دار القلم، ص: 131.

[53] - مصطفى السباعي، "شرح قانون الأحوال الشخصية" دار الوراق الطبعة الثامنة 2000، ص: 87.

[54] - سيد سابق "فقه السنة" دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع طبعة 1424هـ/2003م، الجزء الثاني، ص: 97.

[55] -  محمد الكشبور: الوسيط في قانون الأحوال الشخصية، مطبعة النجاح الدار البيضاء، الطبعة الأولى الخامسة، 2003، ص: 212.

[56] - عبد الله روحمات، مرجع سابق، ص: 140.

[57] - قانون الالتزامات والعقود، م.س، ص: 185.

[58] - عبد الله روحمات، م.س، ص: 137.

[59] - قانون الالتزامات والعقود، م.س، ص: 27.

[60] - قانون الإلتزامات والعقود، م.س، ص: 86.

[61] - محمد جميل مبارك، التوثيق والإثبات بالكتابة في الفقه الإسلامي والقانون الوضعي، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى 1921هـ 2000، ص: 301.

[62] - مرزوق آيت الحاج، الوجيـز في التوثيق العدلـي بين النظرى والتطبيـق، مطبعة طوب بريس 1428هـ /2006م، ص: 78-79.

[63] - محمد جميل مبارك، مرجع سابق، ص: 302.

[64] - محمد جميل مبارك، مرجع سابق، ص: 311.

[65] - أحمد الخمليشي، "وجهة نظر" مطبعة دار المعرفة، الجزء الثاني، ص: 332.

[66] - بدران أبو العينين بدران، مرجع سابق، ص: 156.

[67] - عندما يطلق الصاحبان في مذهب الحنفية يراد بهذا المصطلح  محمد بن الحسن...وأبو يوسف صاحبا الإمام أبي حنيفة، وهما أكثروا من روى عنه رحمهم الله.

[68] - الإمام علاء الدين الكاساني الحنفي، مرجع سابق، الجزء السادس، ص: 26.

[69] - محمد ابن معجوز "أحكام الأسرة في الشريعة الإسلامية وفق مدونة الأحوال الشخصية"، مطبعة النجاح الجديدة 1406هـ/1986، ص: 93.

[70] - محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري "المستدرك على الصحيحين" رقم الحديث 2706 كتاب النكاح باب الولي، مطبعة دار الكتب العلمية بيروت 1990م 1411هـ، الطبعة الأولى، تحقيق عبد القادر عطا، الجزء الأول ص: 182.

[71] - المغني المحتاج.... مرجع سابق، ص: 252- 253.

[72] -الإمام علماء الدين الكاساني الحنفي، مرجع سابق، ص: 26.

[73] - محمد الكشبور، الوسيط في قانون الأحوال الشخصية مطبعة النجاح الجديدة، م.س، ص: 212.

[74] - وهبة الزحيلي، "الفقه الإسلامي وأدلته" الجزء السابع، مطبعة دار الفكر الطبعة الثالثة، 1989، ص: 222.

[75] - بدران أبو العينين بدران، مرجع سابق، ص: 158.

[76] - شمس الدين الشيخ محمد عرفة الدسوقـي "حـاشية الدسـوقي" مطبعة دار الفكر بيـروت لبنان بدون طبعة الجزء  الثالث، ص: 12.

[77] - بدران أبو العينين بدران، مرجع سابق، ص: 159.

[78] - شمس الدين الشيخ محمد عرفة الدسوقي "حاشية الدسوقي" مطبعة دار الفكر بيروت لبنان عار عن الطبعة والسنة، الجزء  الثالث، مرجع سابق، ص: 12.

[79] - بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، مرجع سابق الجزء الثاني، ص: 231.

[80] - شمس الدين محمد ابن أحمد السرخسي، "المبسوط"، مطبعة دار المعرفة بيروت لبنان، ج الخامس طبعة 1989، ص: 18.

[81] -  محمد سمارة "أحكام وآثار الزوجية"، رقم 23، ص: 20.

[82] - المبسوط، ج 3، ص: 17 وما بعدها.

[83] - رواه أبو داود، مرجع سابق، رقم الحديث 2114.

[84] - أبو عبد الله محمد بن محمد المغربي المعروف بالحطاب "مواهب الجليل شرح مختصر خليل"،  ج 3 بدون طبعة، ص: 439.

[85] - محمد سمارة، مرجع سابق، ص: 60.

[86] - مصطفى السباعي، مرجع سابق، ص: 89.

[87] - الكاساني، مرجع سابق، ص: 314.

[88] - محمد ابن معجوز، مرجع سابق، ص: 93.

[89] - محمد سمارة، مرجع سابق، ص: 61.

[90] - تخريج الحديث البخاري "صحيح البخاري" باب إذا كان الولي هو الخاطب، كتاب النكاح، رقم الحديث 4737، الجزء الخامس، ص: 1972.

[91] -ابن معجوز، م. س، ص: 94.

[92] - نصت المادة 18 من مدونة  الأسرة على أنه ليس للقاضي أن يتولى بنفسه تزويج من له الولاية عليه من نفسه، ولا من أصوله ولا من فروعه، ونفس التعبير نجده في الفصل الخامس من مدونة الأحوال الشخصية والمعدلة بظهير 10- 9- 1993 والذي نشر بالجريدة الرسمية عدد 422 بتاريخ 29/ 09/ 93، ص: 1833.

[93] - سورة المائدة، الآية 155.

[94] - أحمد فراج حسين، "أحكام الزواج في الشريعة الإسلامية"، مطبعة الدار الجامعية الطبعة الأولى 1986، ص: 90- 91.

[95] - السرخسي "المبسوط"، مرجع سابق، ج6، ص:  144.

[96] - مدونة الأحوال الشخصية.

[97] - قانون رقم 03-70 بكتابة مدونة الأسرة بتنفيذه الظهير الشريف رقم: 22-04-1 في 3 فبراير 2004 المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5184 بتاريخ 5 فبراير 2004، ص: 418.

[98] - السرخسي "المبسوط"، م.س، ج 6، ص: 144.

[99] - محمد بن عابدين، حاشية ابن عابدين" رد المختار لشرح تنوير الأبصار"، دار إحياء التراث العربي، بيروت عار عن الطبعة والسنة، الجزء الثاني، ص: 425.

[100] - أحمد فراج حسين، مرجع سابق، ص: 221- 222.

[101] - محمد الكشبور: "الوسيط في قانون الأحوال الشخصية" مطبعة النجاح الجديدة الطبعة الرابعة 1419هـ/1999م، ص: 22.

[102] - تعريف القانون الدولي الخاص.

[103] - وقد حدثت هذه اللجنة بالظهير الشريف الصادر في 19 غشت 1957 وتطبيقا لهذا الظهير صدر مرسوم 21 غشت 1957 يحدد أعضاء اللجنة والتي ستقوم بإعادة فصول المدونة وتكونت هذه الأخيرة من كبار علماء المغرب.

[104] - الظهير الأول صدر في 22 نونبر 1957 بشأن الزواج وانحلال ميثاقه

 - الظهير الثاني صدر في 18 دجنبر 1957 بشأن الولادة ونتائجها.

- الظهير الثالث صدر في 25 يناير 1958 بشأن الأهلية والنيابة الشرعية.

- الظهير الرابع صدر في 20 فبراير 1958 بشأن الوصية.

- الظهير الخامس صدر في 03 أبريل 1958 بشأن الميراث.

[105] - أحمد الخمليشي: "تعليق على ق.ح.ش، مطبعة المعارف الجديدة الرباط 1994، ج 1، ص: 75.

[106] - طارق الطاهري: "مظاهر حماية المرأة في مدونة الأسرة "الزواج وانحلاله" بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص وحدة التكوين والبحث في قانون الأسرة المغربي والمقارن ج؟ع.س، كلية الحقوق طبعة 2005- 2006، ص: 26.

[107] - إدريس الفاخوري: "الزواج والطلاق في مدونة الأحوال الشخصية آخذ التعديلات ظهير 10/09/1993 دار الجسور الطبعة 6، 1999، ص: 121- 122.

[108] - ينص الفصل الخامس: لا يتم الزواج إلا برضى الزوجة وموافقتها وتوقيعها على ملخص عقد الزواج لدى العدلين، ولا يمكن للولي الإجبار في جميع الحالات مع مراعاة باقي مقتضيات الفصلين 12 و 13 بعد .... وبنص الفصل 12 من أن الولاية حق للمرأة فلا يعقد عليها الولي إلا بتفويض منها على ذلك: - خصوص المرأة لوليها أن يعقد عليها.

- توكل المرأة وصيا تعتمده لمباشرة العقد على ما هو تحت وصايتها.

[109] - عبد الله روحمات: توكيل المرأة في الزواج على ضوء المعمول به في أقسام التوثيق، مقال منشور بجريدة العصر، عدد 296/03/ شوال 1424هـ/ الموافق 28 نونبر 2003، ص: 6.

[110] - عبد الله روحمات، "مقال" مرجع سابق، ص: 7.

[111] - تعديلات مدونة الأحوال الشخصية بظهائره سنة 1993 حصيلة أولية سلسلة الندوات رقم 1، منشورات كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – الرباط – تقديم الدكتور عبد الرزاق مولاي أرشيد أشغال اليوم الدراسي المنظم من قبل شعبة القانون الخاص بتعاون مع مؤسسة "فريد رش، إبرت بالرباط يوم 8 مارس 1997.

[112] - ظهير شريف معتبر بمثابة قانون رقم 345. 93. 1 صادر في 10 شتنبر 1993 بتتميم ق.ل.ع. ج.ر.ع 4222 بتاريخ 29 شتنبر 1993، ص: 1832.

[113] - ظهير شريف معتبر بمثابة قانون رقم 346. 93. 1 صادر في شتنبر 1993 بتغيير وتتميم بعض الفصول قانون المسطرة المدنية.

[114] - مولود ديدان: "قانون الأسرة الجزائري حسب آخر التعديلات قانون رقم 05/ 09/ والمؤرخ في 4 ماي 2005 سلسلة القانون، دار النجاح، الجزائر، ص: 24.

[115] - بلحاج العربي: "الوجيز في شرح قانون الأسرة الجزائري" ديوان مطبوعات الجامعية الطبعة الرابعة، 2005 ج1، (الزواج والطلاق) ص: 75.

[116] - ينص الفصل التاسع من مجلة الأحوال الشخصية التونسية للزوج والزوجة أن يتولى زواجها بنفسهما وأن يوكلا ما شاء وللولي حق التوكيل أيضا.

[117] - قانون رقم 2001 -2- 05، الصادر بتاريخ 19 يوليوز 2001 ويتضمن مدونة الأحوال الشخصية ص 2 موريتانيا.

[118] - عنان التكروري: شرح قانون الأحوال الشخصية "دار الثقافة للنشر والتوزيع عمان، الطبعة الأولى الإصدار الثاني 2004.

[119] - قانون رقم (20) لسنة 1992 بشأن الأحوال الشخصية وتعديلاته، وزارة الشؤون القانونية الجمهورية اليمنية، مطابع دار التوجيه المعنوي، سبتمبر 2003، ص: 5.

[120] - قانون الأحوال الشخصية لدولة الإمارات العربية المتحدة قانون رقم 28/2005.

[121] - وزارة العدل والأوقاف والشؤون الإسلامية سلطنة عمان "قانون الأحوال الشخصية لسنة 1418هـ/1997م.

[122] - توفيق حسن فرج، "أحكام الأحوال الشخصية لغير المسلمين"، الحارة الجامعية طبعة 1977، ص: 188.

[123] - ينص الفصل العاشر من مجلة الأحوال الشخصية التونسية على ما يلي: (لا يشترط في وكيل الزوج المشار إليه... ويقضي به ما جاء في الفصل التاسع – شروط خاصة ولكن ليس له أن يوكل غيره، بدون إذن موكله أو موكلته ويجب أن يحرر التوكيل في حجة رسمية ويتضمن صراحة تعين الزوجين وإلا عد باطلا). يلاحظ من خلال هذا الفصل أن المشرع التونسي كان يسمح بالتوكيل لكل من الزوج والزوجة ويترتب على الوكالة إذا لم تحرر بطريقة رسمية أثاره بالبطلان.

- أما المشرع المغربي في مدونة الأحوال الشخصية لم يكن يعطي حق التوكيل للزوجة بل كان التوكيل خاصا بالزوج والولي.

[124] - تعتبر من أهم وأبرز المستجدات التي جاءت بها مدونة الأسرة إلى جانب مباحث أخرى.

[125] - قانون رقم 03/ 70 بمثابة مدونة الأسرة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 22. 04. 1 في 3 فبراير 2004 المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5184 بتاريخ 5 فبراير 2004، ص: 418.

[126] - صرح لي بعض العدول أنه من خلال التجربة رأى أن بعض الأشخاص اللذين يريدون إبرام عقود زواجهم، وخاصة الرجال تحصل لهم حالة نفسية من الصعب  تفسيرها، أقل ما يقال عنها أنها حالة اجتمعت فيها عدة أحاسيس: إحساس بالمسؤولية والفرحة والقلق، أما المرأة إن حصل لها هذا الإحساس فيقال عنه حياء ولكن الحقيقة إضافة إلى الحياء هناك أشياء أخرى تعبر عن حكمة الزواج وعن حكمة حضور عقده.

[127] - تتحدث المادة 16 عن الأسباب القاهرة التي حالت دون توثيق عقد الزواج ولحسن الصدف أن المادة 16 تحدثت عن الاستثناء بالسبب القاهر وتحدثت المادة 17 عن الاستثناء الذي يسمح للزوج بأن يوكل في عقد زواجه بالظرف الخاص.

[128] - محمد الكشبور، شرح مدونة الأسرة مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الأولى 1427هـ/2006م الجزء الأول (الزواج) ص: 286.

[129] - محمد الأزهر: شرح مدونة الأسرة (الزواج – انحلال ميثاق الزوجية وآثاره في الولادة ونتائجها) دار النشر المغربي طبعة 2000 بدون ذكر الطبعات، صف: 102.

[130] - القوة القاهرة هي كل "أمر لا يستطيع الإنسان أن يتوقعه كالظواهر الطبيعية (الفيضانات، الجفاف، العواصف، الحرائق، الجراد، غارات العدو، فعل السلطة) ويكون من شأنه أن يجعل تنفيذ الالتزام مستحيلا ولا يعتبر من  قبيل القوة القاهرة الأمر الذي كان ممكنا دفعه ما لم يقم المدين الدليل على أنه بدل كل العناية لدرئه عن نفسه وكذلك لا يعتبر من قبيل القوة القاهرة السبب الذي ينتج عن خطأ سابق للمدين.

[131] - محمد الكشبور: شرح مدونة الأسرة، مرجع سابق، ص: 287.

[132] - للإشارة فهذه القاعدة هي قاعد مزدوجة أي أنها قاعدة أصولية وفي نفس الوقت قاعدة فقهية ومن المعلوم أن الفقه مبني على قواعد، وتتنوع القواعد في حقله إلى ثلاثة قواعد: 1) قواعد أصولية 2) قواعد فقهية 3) قواعد مقاصدية، مع الإشارة إلى أن بعض القواعد يمكن أن تجمع بين القواعد، الأولى والثانية والعكس.

[133] - إيضاح المسالك إلى قواعد الإمام مالك أبي العباس أحمد بن يحيى الونشريسي تحقيق أحمد بوطاهر الخطابي طبع هذا الكتاب بإشراف من اللجنة المشتركة لنشر التراث الإسلامي بين حكومتي المملكة المغربية وحكومة دولة الإمارات العربية المتحدة، بمناسبة مطلع القرن الخامس عشر الهجري في الرباط، سنة 1400هـ/1980 ميلادية ص: 365.

[134] - محمد الشافعي، قانون الأسرة بين الثبات والتطور، سلسلة البحوث الفقهية عدد 8 المطبعة الوراقة الوطنية، مراكش، الطبعة الأولى، 2004، ص: 99.

[135] - عبد اللطيف التغزوتي: عقد الزواج بين شكلية الكتابة وإشكالية الإثبات، بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص وحدة التكوين والبحث في قانون الأسرة المغربي والمقارن، كلية الحقوق جامعة عبد المالك السعدي طنجة السنة الجامعية 2005 – 2006، ص: 35.

[136] - ينص هذا الفصل على أنه: (يلزم لصحة الوكالة أن يكون الموكل أهلا لأن تجري بنفسه التصرف الذي يكون محلا له ولا تلزم نفس الأهلية في الوكيل حيث يكفي فيه أن يكون متمتعا بقواه العقلية، ولو لم تكن له صلاحية إجراء التصرف في حق نفسه فيسوغ للشخص أن يجري باسم الغير ما لا يستطيع أن يجريه بالأصالة عن نفسه.

[137] - تنص المادة 209 من مدونة الأسرة على أن سن الرشد القانوني 18 سنة شمسية كاملة.

[138] - تنص المادة 210 من مدونة الأسرة على أن كل شخص بلغ سن الرشد ولم يثبت سببا من أسباب نقصان أهليته أو انعدامها يكون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه وتحمل التزاماته.

[139] - عبد الرزاق أحمد السنهوري: الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت الطبعة الثالثة، 1998، الجزء السابع، ص: 215 و 216.

[140] - أحمد الخمليشي: التعليق على قانون الأحوال الشخصية الجزء الأول الزواج والطلاق مرجع سابق، ص: 73.

[141] - أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن المغربي المعروف بالحطاب: مواهب الجليل شرح مختصر خليل، مرجع سابق، الجزء الخامس، ص: 85.

[142] - عبد الله روحمات مرجع سابق، ص: 70.

[143] - أبو عبد الله بن عبد الرحمان المعروف بالحطاب: مرجع سابق، ص: 182.

[144] - أبو زكرياء محيي الدين بن شرف النووي: المجموع "شرح المهذب"، دار الفكر عار عن الطبعة والسنة، الجزء 14، ص: 102.

[145] - مواهب الجليل: شرح مختصر خليل، مرجع سابق، ج 5، ص:122.

[146] - سورة النساء، الآية: 140.

[147] - ابن قدامة:  المغني والشرح الكبير مرجع سابق، ج الخامس، ص: 124.

[148] - محمد بن عبد الرحمن المغربي المعروف بالحطاب، مواهب الجليل شرح مختصر خليل، ج 5، مرجع سابق، ص: 122.

[149] - الفقهاء لم يناقشوا فقط أهلية الوكيل بل ناقشوا حتى أهلية الموكل وقالوا، لما كان الموكل ركنا في عقد الوكالة فإنه يتطلب لصحة توكيله أن يكون أهلا لمباشرة عقد الوكالة والأهلية التي تمكنه من التوكيل هي: العقل، والبلوغ، والرشد.

[150] - جميلة المهوطي: المؤسسات القضائية المرصد لحماية الأسرة في مدونة الأسرة رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص جامعة عبد الملك السعدي كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية طنجة، وجدة التكوين والبحث من القانون المغربي والمقارن، السنة الجامعية 2005- 2006، ص: 30.

[151] - محمد الأزهر: شرح مدونة الأسرة، مرجع سابق، ص: 102.

[152] - قانون رقم 03/70 بمثابة مدونة الأسرة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 22. 04. 1. في 3 فبراير 2004، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5184 بتاريخ 5 فبراير 2004، ص: 418.

[153] - عبد اللطيف تيجاني، "أهلية الوكيل"، مجلة الملحق القضائي العدد 28 مارس1994، الني تصدرها وزارة العدل، المعهد القضائي للدراسات القانونية، دار المعرفة مطبعة ومكتبة الأمنية 1994، ص: 171.

[154] - عبد الرزاق أحمد السنهوري: الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، مرجع سابق، ج 7، ص: 403.

[155] - الفقه الإسلامي يجيز التعامل بالوكالة سواء كانت عرفية أو شفوية بل الفقهاء ناقشوا الوكالات العرفية والشفهية أكثر من التي تضمن في صك أو عقد

[156] - الوكالة التي تتم بهذه الطريقة الآن تعتبر وكالة رسمية لأن المخاطب عليها هو موظف عمومي وأي وثيقة خاطب عليها الموظف العمومي تعتبر رسمية.

[157] - محمد الأزهر، شرح مدونة الأسرة، مرجع سابق، ص: 102.

[158] - محمد الشافعي: الزواج في مدونة الأسرة، سلسلة البحوث القانونية العدد 9 المطبعة والوراقة الوطنية مراكش، الطبعة الأولى 2005، ص: 180.

[159] - تحدث الأستاذ الفاخوري عن هذا عندما كان يقارن ما كان عليه الحال في مجلة الأحوال الشخصية التونسية، وما هو موجود في مدونة الأحوال الشخصية (أحكام الزواج في مدونة الأحوال الشخصية)، دراسة مقارنة بين دول المغرب العربي، مرجع سابق، ص: 97.

[160] - وزارة العدل، مجلة فضاء الأسرة العدد الأول، يوليوز 2005 منشورات جمعية نشر المعلومات القانونية والقضائية، ص: 49.

[161] - الطيب الفصيلي: أحكام الزواج والطلاق وفق مدونة الأحوال الشخصية مطبعة الأمانة الطبعة الأولى 1989 مراكش ص: 72، محمد الشافعي شرح قانون مدونة الأحوال الشخصية مرجع سابقن ص: 87.

[162] - إدريس الفاخوري: أحكام الزواج في مدونة الأحوال الشخصية مرجع سابق، ص: 94.

[163] - جملية المهوطي: المؤسسات القضائية المرصدة لحماية الأسرة في مدونة الأسرة، مرجع سابق، ص: 26.

[164] - المادة 26 من قانون الأسرة المغربي.

[165] - لحسن خضيري: الوجيز في أحكام الزواج في ضوء مدونة الأحوال الشخصية، شركة بابل للطباعة والنشر والتوزيع الرباط، الطبعة الثانية 1997، ص: 106.

[166] - المادة 26 من قانون الأسرة المغربي.

[167] - لحسن خضيري: الوجيز في أحكام الزواج في ضوء مدونة الأحوال الشخصية، شركة بابل للطباعة والنشر والتوزيع الرباط، الطبعة الثانية 1997، ص: 106.

[168] -  القاضي  أبي بكر بن محمد بن عاصم الأندلوسي الغرناطي، متن العصمية المسمى بتحفة الحكام في نكت العقود والأحكام في مذهب الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع عار عن الطبعة والسنة، باب النكاح وما يتعلق به ص: 26.

[169] - الشيخ محمد بن يوسف الكافي، "أحكام الأحكام على تحفة الحكام"، على منظومة بن عاصم الغرناطي، دار الفكر، عار عن الطبعة والسنة، ص: 75 و 76.

[170] - الآية 4 من سورة النساء.

[171] - الآية 24 من سورة النساء.

[172] - محمد الكشبور، شرح مدونة الأسرة الجزء الأول، مرجع سابق، ص: 233.

[173] - محمد بن إسماعيل البخاري: صحيح البخاري كتاب النكاح باب السلطان ولي رقم الحديث 4846 مرجع سابقن الجزء الخامس، ص: 1973.

[174] - محمد بن حبان أبو حاتم التميمي البستي: "صحيح ابن حيان"، رقم الحديث 4082 مرجع سابق، الجزء التاسع، ص: 381.

[175] - عبد الخالق أحمدون: الزواج والطلاق في مدونة الأسرة، دراسة مقارنة مع أحكام الفقه الإسلامي وقوانين دول المغرب العربي والاتفاقات الدولية مطبعة طوب برانس، الطبعة الأولى 2006، ص: 135.

[176] - قال ابن عاصم وهو يلخص هذه المدة المخصصة لدفع المهر المؤجل (وأمد الكوالئ المعينة: ستة أشهر لعشرين سنة) ويعني هذا البيت أن أجل الكواليئ التي يجوز التأخير لها من ستة أشهر إلى عشرين سنة وذلك يختلف حسب المهور قلة وكثرة، أحكام الأحكام على تحفة الحكام للإمام محمد بن يوسف الكافي، مرجع سابق، ص: 78.

[177] -  ابن حزم: المحلى والآثار، مرجع سابق، الجزء التاسع، ص: 515.

[178] - ابن قدامة، المغني والشرح الكبير الجزء التاسع، ص: 483 مرجع سابق.

[179] - خالد الحارثي: التدبير التعاقدي لأحوال الأسرة قراءة في وثائقه، رسالة لنيل دبلوم الدراسات المعمقة جامعة القرويين كلية الشريعة فاس، قسم الدراسات العليا شعبة الأحوال الشخصية والتبرعات السنة الجامعية، 1420/ 1421هـ- 1999/ 2000م.

[180] - عبد الخالق احمدون: الزواج والطلاق في مدونة الأسرة مرجع سابق، ص: 226.

 - محمد الكشبور: شرح مدونة الأسرة الجزء الأول ، مرجع سابق، ص: 159.

[181] - عبد الإله بنيس: دراسة نوازل "اقتران الشرط بالنكاح من خلال المعيار المغربي" جامعة القرويين كلية الشريعة فاس، قسم الدراسات العليا شعبة الأحوال الشخصية، السنة الجامعية 1420/1421هـ - 1999/ 2000م.

[182] - عبد الخالق احمدون: الزواج والطلاق في مدونة الأسرة، مرجع سابق، ص: 70.

[183] - محمد المهدي: "المقتضب في أحكام الأسرة من خلال قانون الأسرة المغربي"، الجزء الأول "الزواج" مطبعة انفو برينت الطبعة الأولى 2004.

[184] - محمد سمارة: مرجع سابق، ص: 58.

[185] - محمد أبو زهرة: "محاضرات في عقد الزواج وآثاره"، مرجع سابق، ص: 179- 180.

[186] - محمد الشافعي: أحكام الأسرة في ضوء مدونة ح.ش، مرجع سابق، ص: 57.

[187] - ابن رشد: "بداية المجتهد ونهاية المقتصد"، مرجع سابق، ص: 171.

[188] - ذكر لي هذا الإشكال قاضي الأسرة المكلف بالزواج محمد المودن القاضي بقسم قضاء الأسرة بفاس ثم اللقاء مع يوم...

[189] - يحدث هذا الإشكال في حالة إذا لم يتفق الوكيل والموكل مسبقا حول هذه الوكالة هل سيكون بدون مقابل، أم أنها ستؤدي بمقابل مع الإشارة إلى أن الوكالة مادة تكون بدون مقابل.

[190] - كل من لم يرد فيه نص في هذه المدونة يرجع فيه إلى المذهب المالكي والاجتهاد الذي يراعى فيه تحقيق قيم الإسلام في العدل والمساواة والمعاشرة بالمعروف.

[191] - لقد ناقش الفقه الإسلامي مخالفات أخرى وإشكالات عميقة تتعلق بوكالات الزواج....مثل المخالفة في الكفاءة وما قيل في ذلك.

[192] - مجلة قضاء الأسرة، عدد 3، ص: 73.

[193] - تنص المادة 10 من قانون الأسرة على أن الزواج ينعقد بإيجاب من أحد المتعاقدين وقبول من الآخر بألفاظ تفيد معنى الزواج لغة أو عرفا.

- يصدر الإيجاب والقبول من العاجز عن النطق بالكتابة إن كان يكتب وإلا فبالإشارة المفهومة من الطرف الآخر ومن الشاهدين.

[194] - محمد المهدي: "المقتضب في أحكام الأسرة" مرجع سابق، ص: 26.

[195] - عبد الخالق أحمدون: "الزواج والطلاق في مدونة الأسرة" مرجع سابق، ص: 122.

[196] - محمد الأزهر: "شرح مدونة الأسرة"، مرجع سابق، ص: 104.

[197] - جميلة المهوطي:  مرجع سابق، ص: 24.

[198] - إدريس الفاخوري: "أحكام الزواج في مدونة ح. ش، مرجع سابق، ص: 24.

[199] - قاضي الأسرة: هو القاضي المختص بقضايا الأسرة يعينه وزير العدل من بين قضاة المحكمة الابتدائية بمقتضى قرار لوزير العدل ولمدة ثلاثة سنوات. وفق المادة 129 من قانون المسطرة المدنية .

[200] - أحمد نصر الجندي: مبادئ القضاء في الأحوال الشخصية الطبعة التالية: عار عن الطبعة 1406هـ/ 1996م، ص: 1352.

[201] - ابن عابدين: حاشية ابن عابدين الجزء 4، ص: 578.

[202] - أحمد نصر الجندي: مرجع سابق، ص: 1352.

[203] - بدران أبو العنين بدران: الفقه المقارن للأحوال الشخصية مرجع سابق، ص: 159.

[204] - الحقوق والواجبات المتبادلة بين الزوجين:

1) المساكنة الشرعية بما تستوجبه من معاشرة زوجية وعدل وتسوية عند التعدد وإحصان كل منهما وإخلاص للآخر يلزم العفة وصيانة العرض والنسل.

2) المعاشرة بالمعروف وتبادل الاحترام والمودة والرحمة والحفاظ على مصلحة الأسرة.

3) تحمل الزوجة مع الزوج مسؤولية تسيير ورعاية شؤون البيت والأطفال.

4) التشاور في اتخاذ القرارات المتعلقة بتسيير شؤون الأسرة والأطفال وتنظيم النسل

5) حسن معاملة كل منهما لأبوي الأخر، ومحارمه واحترامهم وزيارتهم واستزارتهم بالمعروف.

6) حق التوارث بينهما.

[205] - محمد الكشبور، شرح مدونة الأسرة، مرجع سابق، ص: 298.

[206] - عبد الخالق أحمدون: الزواج والطلاق في مدونة الأسرة، مرجع سابق، ص: 244.

[207] - سورة البقرة الآية: 228.

[208] - محمد بودلاحة: محاضرات في الفقه المقارن، بالقانون الوضعي، لطلبة السنة الأولى من السلك الثاني، مكتبة ورقة منديلا، فاس السنة الجامعية، 2002- 2003، ص: 86.

[209] - سورة الروم: جزء من الآية: 21.

[210] - تنص المادة 70 من قانون الأسرة  (لا ينبغي اللجوء إلى حل ميثاق الزوجية بالطلاق والتطليق إلا استثناء وفي حدود الأخذ بقاعدة أخف الضررين لما في ذلك من تفكيك للأسرة و الإضرار بالأطفال).

[211] - سورة الأحزاب، الآيتان 28 و 29.

[212] - محمد بن فرج القرطبي المتوفى سنة 641هـ، تفسير القرطبي، مرجع سابق، الجزء الرابع عشره ص: 124 ==> 126.

[213] - ابن العربي أحكام القرآن، مرجع سابق، ص: 551.

[214] - محمد سمارة: مرجع سابق، ص: 286.

[215] - سورة الأحزاب، الآية: 28-29.

[216] - الإمام مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري لمتوفى سنة 206، صحيح مسلم تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي دار إحياء التراث العربي، بيروت، رقم الحديث 1975.

[217] - المرجع السابق، رقم الحديث 1471.

[218] - محمد سمارة مرجع سابق، ص: 286.

[219] - ابن حزم "المحلي بالآثار" مرجع سابق، الجزء 20، ص: 296.

[220] - سورة الأحزاب الآيتان: 29 و 28.

[221] - وهبة الزحيلي، "الفقه الإسلامي وأدلته" (التأمل للأدلة الشرعية والآراء الفقهية وأهم النظريات الفقهية وتحقيق الأحاديث النبوية وتخريجها، وأهم المسائل الفقهية دار الفكر، الطبعة الأولى 1409هـ/1989، والثانية  1404هـ/ 1984، الجزء السابع القسم السادس  الأحوال الشخصية ص: 414.

[222] -  أبو البركات: أحمد بن محمد الدردير المتوفى 1201هـ "الشرح الكبير" بهامشه الدسوقي دار الفكر عار عن الطبعة والسنة.

[223] - الخطاب: مواهب الجليل مرجع سابق الجزء الخامس، ص: 190.

[224] - أبو الوفاء إبراهيم ابن عبد الله بن محمد ابن فرحون، تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام دار الكتب العلمية بيروت المطبعة الشرقية طبعة أولى 1301هـ الجزء الأول، ص: 225.

[225] - عبد الله روحمات نقلا عن كتاب الخرسي على مختصر خليل مرجع سابق، ص: 83.

[226] - ابن عاصم: تحفة ابن عاصم، مرجع سابق، ص: 22.

[227] - الإمام الكساني، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع مرجع سابق، ج 6، ص: 201.

[228] - ابن قدامة: المعنى مرجع سابق الجزء الخامس، ص: 203.

[229] - مصطفى السباعي شرح قانون الأحوال الشخصية مرجع سابق، ص: 218.

[230] - كانت تنص هذه المادة على أنه:  للزوج أن يوكل غير بالتطليق وأن يفوض للمرأة بتطليق نفسها.

[231] - ابن قدامة: المغنى مرجع سابق، الجزء الخامس، ص: 212.

[232] - نفسه، ص: 259.

[233] - سورة الطلاق الآية: 1.

[234] - سورة الأحزاب، الآية: 50.

[235] - سورة الطلاق الآية: 1.

[236] - محمد بن يزيد أبو عبد الله القزويني المتوفى سنة 207 "سنن ابن ماجة" كتاب النكاح باب طلاق العبد رقم الحديث 2089 تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي دار الفكر، بيروت عار عن الطبعة والسنة، الجزء الأول، ص: 672.

[237] - ابن حزم المحلي مرجع سابق، الجزء 10، ص: 216.

[238] -  سورة الأنعام، الآية: 165.

[239] - ابن حزم المحلى، مرجع سابقن الجزء الثامن، ص: 245.

[240] - أنور الخطيب، مرجع سابق، ص: 53.

[241] - بدران أبو العينين بدران، مرجع سابق، الجزء الأول، ص: 387.

[242] - ابن جزي، القوانين الفقهية، بدون ذكر الطبعة وسنة الصدور. يطلب من مكتبة أسامة بن زيد الباب الخامس، ص: 155.

[243] - وهبة الزحيلي: الفقه الإسلامي وأدلته مرجع سابق، الجزء السابع، ص: 314.

[244] - وهبة الزحيلي، مرجع سابق، ص:417.

[245] - ابن قدامة، المغني والشرح الكبير على متن المقنع في فقه الإمام أحمد بن حنبل، ط1، 1404هـ/1984م، دار الفكر بيروت، ج6، ص: 259.

[246] - مصطفى السباعي شرح قانون الأحوال الشخصية، مرجع سابق، ص: 218.

[247] - عبد الكريم شهبون: الشافي في شرح مدونة الأسرة، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء الطبعة الأولى 1427هـ 2006 الجزء الأول، ص: 231.

[248] - عبد الكريم شهبون، مرجع سابق، ص: 231.

[249] - وهبة الزحيلي، مرجع سابق، ص: 417.

[250] - عبد الهادي ادريس أبو أصبع، الأحكام الشرعية للأحوال الشخصية، ط1، 1494، دار الكتب الوطنية، ص: 102.

[251] - وهبة الزحيلي، مرجع سابق، ص: 415.

[252] - وهبة الزحيلي، مرجع سابق، ص: 415.

[253] - شمس الدين محمد بن الخطيب الشربيني، مرجع سابق، الجزء الثالث، ص: 285.

[254] - محمد سمارة، مرجع سابق، ص: 287 و 288.

[255] - ابن عابدين، مرجع سابق، الجزء الثالث، ص: 317.

[256] - ابن رشد، "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" مرجع سابق، المجلد الأول والثاني، ص: 35 دار الفكر.

[257] - ينص الفصل 179 المعدل بظهير 10 شتنبر 1993 على ما يلي يجب على القاضي قبل الإذن بالطلاق القيام بمحاولة إصلاح ذات البين بين الزوجين بكل الوسائل التي يراها ملائمة ومنها بعث حكمين عند الاقتضاء للسداد بينهما، على الحكمين أن يتفهما أسباب الشقاق بين الزوجين ويبذلا جهدهما في الإصلاح.

 -.... إذا حصل التصالح سجله الحكمان في تقريرهما، ورفعاه إلى القاضي.

 - وينص الفصل 212 من قانون المسطرة المدنية على ما يلي:

يقدم وفقا للإجراءات العادية مقال التطليق إلى المحكمة بالمحل الذي يوجد به موطن الزوجين.

يستدعي القاضي بعد تقييد المقال الزوجين قصد محاولة التصالح بينهما، إذا تم التوفيق بينهما أثبتت المحكمة ذلك بأمر تنتهي به إجراءات الدعوى.

إذا فشلت المحاولة أو بعد استدعاءين وتخلف الزوجين أو أحدهما عن الحضور أصدر القاضي أمرا بعدم التصالح وأذن للمدعي بمواصلة الدعوى.

[258] - تنص المادة 81 من قانون الأسرة على ما يلي:

تستدعي المحكمة الزوجين لمحاولة الإصلاح، إذا توصل الزوج شخصيا بالاستدعاء ولم يحصر، اعتبر ذلك منه تراجعا عن طلبه.

إذا توصلت الزوجة شخصيا بالاستدعاء ولم تحضر، ولم تقدم ملاحظات مكتوبة أخطرتها المحكمة عن طريق النيابة العامة بأنها إذا لم تحصر سيتم البث في الملف إذا تبين أن عنوان الزوجة مجهول، استعانت المحكمة بالنيابة العامة للوصول إلى الحقيقة وإذا ثبت تحايل الزوج طبقت عليه العقوبة المنصوص عليها في المادة 361 من القانون الجنائي بطلب من الزوجة.

*أما المادتان 82 و 3 فتعالج موضوع مسطرة الصلح وبعث الحكمين والكيفية التي يتم بها الاستدعاء إلى المحكمة.

[259] - سورة النساء، الآية: 113.

[260] - سناء حبي: "الصلح أمام القضاء في الفقه الإسلامي والقانون الوضعي" رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، قسم الدراسات العليا وحدة الفقه الإسلامي المقارن بالقانون الوضعي، تخصص – قضاء – إفتاء – شروط، جامعة القرويين كلية الشريعة- فاس، السنة الجامعية، 1424 - 1425هـ/ 2003-2004 صفحة -9 .

[261] - سورة الحجرات، الآية: 9.

[262] - الإمام القرطبي: الجامع لأحكام القرآن مرجع سابق، الجزء 16، ص: 315.

[263] - سورة النساء، الآية: 127.

[264] - الإمام القرطبي: الجامع لأحكام القرآن مرجع سابق، الجزء الخامس ص: 403.

[265] - ابن كثير، تفسير أبي كثير" مرجع سابق، الجزء الخامس، ص: 563.

[266] - أبو داود: سنن أبي داود مرجع سابق، كتاب الأقضية باب الصلح، الجزء الثالث، ص: 304. والترمذي في كتاب الأحكام باب الصلح، الجزء الثالث ص: 634، ورواه ابن ماجة في كتاب الأحكام باب الصلح الجزء الثاني، ص: 788.

[267] - الإمام الشوكاني نيل الأوطار مرجع سابق، الجزء الخامس، ص: 378- و 379.

[268] - الإمام النووي: المجموعة شرح المذهب، مرجع سابق، الجزء 13، ص: 385.

[269] - الإمام الشوكاني نيل الأوطار مرجع سابق، الجزء الخامس، ص: 380.

[270] - أبو داود سنن أبي داود مرجع سابق، كتاب القضاء باب إذا أخطأ القاضي الجزء الثالث، ص: 166.

[271] - الإمام الشوكاني، نيل الأوطار مرجع سابق، الجزء الخامس، ص: 377.

[272] - المرجع نفسه، ص: 377.

[273] - الإمام البخاري صحيح البخاري، كتاب الصلح باب قول الإمام لأصحابه اذهب بنا نصلح، مرجع سابق، الجزء الثالث، ص: 166.

[274] - ابن رشد: بداية المجتهد ونهاية المقتصد، الجزء الثاني، ص: 293.

[275] - محمد علي أبو غمجة: "الوكالة في الفقه الإسلامي"، المنشأة العامة للنشر والتوزيع طرابلس الطبعة الأولى 1996، ص: 346.

[276] - الإمام السرخسي: "المبسوط"، مرجع سابق، الجزء 20، ص: 134.

[277] - عبد الخالق احمدون: "الزواج والطلاق في مدونة الأسرة مرجع سابق، ص: 69 و 70.

[278] -  إدريس الفاخوري: المركز القانوني للمرأة المغربية من خلال نصوص مدونة الأحوال الشخصية، أبحاث ودراسات، مطبعة دار النشر الجسور، وجدة 2002، ص: 170.

[279] - إدريس الفاخوي: "المركز القانوني للمرأة المغربية" مرجع سابق، ص: 173 و 174.

[280] - إدريس الفاخوري: "الصلح في العمل القضائي المغربي المقارن "مجلة القصر العدد الرابع يناير 2003، ص: 41.

[281] - ابن قدامة: المعنى والشرح الكبير مرجع سابق، الجزء 5، ص: 3.

[282] - سناء حبي: الصلح أمام القضاء في الفقه الإسلامي والقانون الوضعي، مرجع سابق، ص: 19.

[283] - الإمام الونشريسي: المعيار المعرب والجامع المعرب عن فتاوى أهل إفريقي والأندلس والمغرب، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية للمملكة المغربية، دار الغرب الإسلامية، طبعة 1981م، الجزء السادس، ص: 536.

[284] - سناء حبي: الصلح أمام القضاء نقلا عن ابن فرحون وبن حزم، مرجع سابق، ص: 20.

[285] - الإمام الونشريسي: المعيار، مرجع سابق، الجزء السادس، ص: 514.

[286] - محمد الكشبور: "التطليق بسبب الشقاق في مدونة الأسرة" سلسلة الدراسات القانونية المعاصرة (11) مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 1427هـ/2006م، ص: 105.

[287] - عبد الرزاق أحمد السنهوري: الوسيط، مرجع سابق، الجزء الثاني، ص:

[288] - سورة النساء، الآية: 35.

[289] - ...للمحكمة أن تقوم بالإجراءات، بما فيها انتداب حكمين أو مجلس العائلة أو من تراه مؤهلا لإصلاح ذات البين...

[290] - محمد بن جرير الطبري، جامع البيان عن.... مرجع سابق، الجزء الرابع، ص: 81.

[291] - ابن العربي: أحكام القرآن مرجع سابق، الجزء الأول، ص: 423.

[292] - محمد الكشبور: الوسيط، مرجع سابق، ص: 350.

[293] -  أحمد بن علي الرازي المعروف بالجصاص: "أحكام القرآن" المطبعة البهية مصر 1317هـ، الجزء الثاني، ص: 191.

[294] - أحدث مجلس العائلة بمقتضى المرسوم رقم 88. 04. 2. الصادر في 25 من ربيع الآخر 1425 (14 يونيو 2004) بشأن تكوين مجلس العائلة وتحديدها مهامه، وقد تحدد مواد هذا المرسوم في 10 مواد، تحدثت كلها من الطريقة التي يجب أن يتكون بها هذا المجلس وعن تحديد مهامه.

[295] - محمد الكشبور: التطليق بسبب الشقاق في مدونة الأسرة، مرجع سابق، ص: 118.

[296] - عبد الله روحمات: الوكالة في صلح الزوجين بين النص القانوني والواقع العملي، مقال منشور بمجلة الإشعاع العدد السابع والعشرون، غشت 2003 مجلة نصف سنوية تصدرها هيئة المحامين بالقنيطرة، ص: 116 و 117.

[297] - محمد الكشبور: شرح مدونة الأسرة، مرجع سابق، ص: 72.

[298] - محمد الكشبور: التطليق بسبب الشقاق في مدونة الأسرة، مرجع سابق، ص: 111.

[299] - عبد الله روحمات: الوكالة في صلح الزوجين، مرجع سابق، ص: 117.

[300] - عبد الله روحمات: الوكالة في الصلح بين الزوجين بين النص القانوني والواقع العملي، مرجع سابق، ص: 117.

[301] - عبد العزيز توفيق: مدونة الأحوال الشخصية، مع آخر التعديلات ظهير 10/09/1993 الكتاب الثاني الباب الأول: الطلاق، دار الثقافة للنشر والتوزيع، ص: 45.

[302] - إدريس الفاخوري: الزواج والطلاق، وفق آخر التعديلات ظهير 10/09/1993، الطبعة السادسة 1999 دار النشر الجسور وجدة، ص: 247- 248.

[303] - عبد الله روحمات: الوكالة في الفقه الإسلامي، مرجع سابق، الجزء الأول، ص: 148.

[304] - أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن علي الخرشي المتوفى سنة 1101هـ شرح الخرشي على مختصر خليل المسمى منحة الخليل الجزء الرابع، دار الفكر بيروت، ص: 70.

[305] - أبو عبد الله محمد بن علي الخرشي: مرجع سابق، الجزء الرابع، ص: 70.

[306] - ابن رشد: بداية المجتهد ونهاية المقتصد، مرجع سابق، الجزء الثاني، ص: 53.

[307] - محمد الكشبور: الوسيط في شرح مدونة، ص: 304 نقلا عن صلاح الدين ركي، أحكام الأسرة في الفقه الإسلامي، ص: 223.

[308] - محمد الكشبور: الوسيط....مرجع سابق، ص: 304 و 305.

[309] - محمد الكشبور: التطليق بسبب الشقاق في مدونة الأسرة، مرجع سابق، ص: 106.

[310] - محمد الكشبور: شرح مدونة الأسرة، مرجع سابق، الجزء الثاني، ص: 66 و 67.

[311] - نفس المرجع، ص: 55.

[312] - الجمهورية الإسلامية الموريتانية، قانون رقم 2001/025 الصادر بتاريخ 19 يوليوز 2001 يتضمن مدونة الأحوال الشخصية، ص: 8.

[313] - عبد الهادي إدريس أبو اصبع: الأحكام الشرعية للأحوال الشخصية الطبعة الأولى 1994م، دار الكتب الوطنية، ص: 232.

[314] - الجمهورية الإسلامية الموريتانية قانون رقم 2001/025 مرجع سابق، ص: 8.

[315] - مولود ديدان: قانون الأسرة حسب آخر تعديل به قانون رقم 05- 09 المؤرخ في 04 مايو سنة 2005، سلسلة النصوص القانونية في متناول الجميع، دار النجاح للكتاب الجزائر، ص: 46.

[316] - بلحاج العربي: الوجيز في شرح قانون الأسرة الجزائري مرجع سابق، ص: 356 و 357.

[317] - بلحاج العربي: مرجع سابق، ص: 358.

[318] - دولة الإمارات العربية المتحدة: قانون رقم 28/2005 بمثابة قانون الأحوال الشخصية، ص: 11.

[319] - وزارة العدل والأوقاف والشؤون الإسلامية سلطة عمان، قانون الأحوال الشخصية 1418هـ/1997، ص: 33.

[320] - قانون رقم 22/2006 بمثابة قانون للأسرة لدولة قطر تاريخ الطباعة 11/05/2007، ص: 14.

[321] - قانون رقم 51 لسنة 1984 في شأن الأحوال الشخصية (لدولة الكويت) (51/1984) المعدل بقانون رقم 61 لسنة 1996، ص: 11.

[322] - الجمهورية اليمنية وزارة الشؤون القانونية: قانون رقم (20) لسنة 1992م بشأن الأحوال الشخصية وتعديلاته طبع بمطابع دائرة التوجيه المعنوي سبتمبر 2003، ص: 11.

[323] - عثمان التكروري: شرح قانون الأحوال الشخصية الأردني، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى الإصدار الثاني 2004، ص: 187 و 188.

[324] - يمنع هذا القسم أن يقدم الطلب بالإذن للإشهاد على الطلاق والتطليق التي يتم بالوكالة أو الطلب الذي يقدمه صاحبه ويضمن معه الوكالة في الطلاق، حيث ينوي صاحبه أن تتم باقي الإجراءات عن طريق هذه الوكالة، يرفض هذا القسم الطلب التي يقدم بهذه الطريقة. ويأمر بمن قدمه بتصميم بالمسطرة المتبعة في تقديم طلبات الإذن بالاستشهاد على الطلاق، حيث أنه في نظر هذا القسم يعتبر هذا القسم يعتبر هذا الطلب الذي يقدم بهذا الشكل غير صحيح، والدليل على ذلك أن هذا القسم يأمر أصحاب الوكالة في تصحيح المسطرة صرح لي بهذه المعلومات أحد القضاة الزملاء، الذي يعمل بقسم قضاء الأسرة بتطوان ثم اللقاء يوم 20/04/2007.

[325] - صرح لنا بهذا الأستاذ حميد فضلي قاضي الطلاق والتطليق بقسم  قضاء الأسرة  التابع للمحكمة الابتدائية بطنجة، تم اللقاء بحضور جماعة من الزملاء يوم 07/02/2007 تحت المدونة على الطلاق الإنفاقي في المادة 114 وجاء فيها: يمكن للزوجين...

[326] - ادريس حمادي: البعد المقاصدي وإصلاح مدونة الأسرة، مطبعة افريقية الشرق الطبعة الأولى 2005، ص: 164.

[327] - المحكمة الابتدائية بتازة مقرر تمهيدي بانتداب السيد قنصل المملكة المغربية بتاريخ 21-11-2005. مقرر غير منشور..

[328] - مضمن مقال: سمير آيت أجر دال: الصلح في دعاوى الطلاق والتطليق وفق مدونة الأسرة بين النص والممارسة العدد25 الطبعة الأولى 2006 صفحة 264.

[329] -  البيان العام الصادر عن المؤتمر العام 26 لجمعية هيئات المحامين بالمغرب  الذي انعقد بهيئة المحامين بطنجة: جريدة النهار المغربية (المغرب السياسي) العدد 1236 السبب الأحد 24-25 ماي 2008.

[330] - ورقة حول اليومين الدراسيين الذي نظما بمدينة إفران يومي 20-21 نونبر 2006 بشأن قضايا الأسرة وزارة العدل، مديرية الشؤون المدنية.

[331] - يعتبر الأستاذ محمد فرشادو أحد أقطاب القضاة في المملكة، فهو يخالف في أحكامه عدة قضاة ويعتمد فيه مخالفته هذه على اجتهاد خاص به يؤسسا في الغالب على تحقيق المصلحة وعلى رفع المشقة على الناس. وعلى تكوينه الشرعي. فالأستاذ محمد فرشادو وكبير السن قضى جل حياته في سلك القضاء فهو متقاعد لكنه يعمل (بظهير) ملكي حسب ما قيل لي، نظرا لكفاءته فالملك ألح عليه كي يتابع مشواره في سلك القضاء.

والأستاذ محمد فرشاو قيل أن يتولى رئاسة قسم  قضاء الأسرة كان يرأس غرفة بالمجلس الأعلى والاتجاه الذي يسير فيه هذا القسم إنما ينتسب إلى هذا القاضي، تم الالتقاء مع هذا الأستاذ يوم 03-04-2008 بقسم قضاء بغرفة المشورة وقد ناقشت معه الوكالة في الطلاق والتوجه الذي ذهب فيه وقد انتهى على هذا الموضوع وعلى اختياري لدواعي معي.

[332] - عبد اللطيف البغيل: الشامل في القانون القضائي الخاص المغربي، نظرية الأحكام الجزء الثاني، الطبعة الأولى مطبعة طوريست، 2006م، ص: 36.

[333] - قرار رقم 319 في ملف 47/733/2006 الصادر عن محكمة الاستئناف بالجديد بتاريخ 08/05/2007 منشور ، بمجلة الملف العدد 11 أكتوبر 2007 مطبعة النجاح الجديدة، ص: 246

  - قرار غير منشور صادر عن المحكمة الابتدائية بمراكش صدر بتاريخ 30-05-2005 في ملف رقم 3097، ط 05.

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0