بطلان إجراء من إجراءات القسمة لايبطل بقية الاجراءات
مواضيع وعروض في القانون العقاري و الحقوق العينية في مختلف المواضيع. المحررات الاكترونية في المعاملات العقارية، عروض في القانون العقاري، عروض في الحقوق العينية، الملكية في القانون المغربي، قراراتالمحافظ، التعرضات، النظام العقاري في المغرب، المساطر الخاصة للتحفيظ، المسطرة الادارية للتحفيظ، المسطرة القضائية للتحفيظ
بطلان إجراء من إجراءات القسمة لايبطل بقية الاجراءات
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء
إجراءات القسمة كثيرة( حصر ورثة وحصر تركة و مسح وتثمين وحلف يمين وتركيز وتحرير فصول وتمييز وتسليم..... إلخ )، ويستغرق كل إجراء منها مدة من الزمن، وبعض هذه الإجراءات متوالية يلي بعضها البعض، في حين تتداخل بعضها مع بعضها الاخر، علاوة عن أن بعض هذه الإجراءات تترتب بعضها على بعض وترتبط وتتعلق بها، في حين بعضها ينفصل عن بعض، فإذا كان الإجراء منفصلا عن غيره من الإجراءات، وكان هذا الإجراء قد تم صحيحاً فأنه لا يتأثر ببطلان الإجراءات الأخرى، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 11-12-2012م في الطعن رقم (461070)، وقد سبق ذلك ان قضى الحكم الاستئنافي بأن المستأنف ضده قد قام بالتوقيع على( التركيز)المتضمن حصر موجودات القسمة، لذلك لا يحق له الطعن في كشوفات الحصر والتركيز، وإن كانت الإجراءات التالية لذلك لم تكن صحيحة، فالبطلان مقتصر عليها دون الإجراءات السابقة لها، وقد أقرت الدائرة الشخصية الحكم الاستئنافي، وقد ورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا: ((فما اثاره الطاعن في عريضة طعنه مجادلة في المسائل الموضوعية التي سبق له اثارتها أمام محكمة الموضوع التي ناقشتها بموجب سلطتها التقديرية، ولذلك فإن الحكم المطعون فيه موافق للشرع والقانون لما علل به وأستند إليه))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:
الوجه الأول: إجراءات القسمة وتداخلها واستقلالها وبطلان بعضها وصحة بعضها:
تتعدد إجراءات القسمة: منها حصر الورثة (إنحصار الورثة) وحصر مصاريف ومخاريج موت المورث وحصر الديون القائمة على المورث وحصر الوصايا والأوقاف التي قررها المورث في تركته وحصر مطالبات الورثة المتعلقة بالتركة وحصر أموال التركة وتثمينها وحصر أموال التركة القابلة للقسمة بين الورثة، وبيان اثمانها وتحديد نصيب كل وارث منها (التركيز)، وهو التركيز الذي أشار إليه الحكم محل تعليقنا ثم تحرير فصول القسمة أو الفروز أو التخاريج بلهجة حضرموت التي تتضمن نصيب كل وارث على حدة ثم تسليم الفصول إلى كل وارث ثم تمييز الأموال الواردة في الفصول على الواقع العملي وهو عبارة عن فرز أموال كل وارث على حدة، وذلك يعد تسليم فعلي لنصيب الوارث إلى يده.
ومن خلال ما تقدم يظهر بجلاء تام ان هذه الإجراءات تتداخل مع بعضها أو تترتب عليها، فعندئذ يتأثر كل إجراء ببطلان الإجراء المترتب عليه أو المتداخل معه، فمثلاً إذا بطل التركيز وهو الوثيقة التي تتضمن حصر التركة وتثمينها وتوزيعها على الورثة فإن بطلان التركيز يؤدي إلى بطلان الفصول، لأن الفصول عبارة عن نقل نصيب كل وارث مما ورد في التركيز، غير أن بطلان التركيز لا يؤدي إلى بطلان الإجراءات السابقة عليه إذا تمت صحيحة.
الوجه الثاني: عقد القسمة واجراءات القسمة :
من المعلوم ان القسمة الرضائية هي عبارة عن عقد حسبما عرفها القانون المدني، وهذا يستدعي معرفة موقع عقد القسمة بين إجراءات القسمة، فلا شك ان المقصود بعقد القسمة هي الوثيقة التي تتضمن حصر التركة واثمان موجوداتها وتوزيعها على الورثة بحسب الفرائض الشرعية وإقرار الورثة وتوقيعهم على ان ماورد في هذه الوثيقة هو جميع تركة المورث القابلة للقسمة وأنهم قد قبلوا بقسمتها عليها بحسب ماورد في الوثيقة، وعقد القسمة الذي أشار إليه الحكم محل تعليقنا بأن هو( النركيز)، وفي غالب الأحيان في القسمة الرضائية يقوم الورثة بالتوقيع على عقد اخر يتضمن اتفاقهم على إجراءات القسمة قبل الشروع في إجراء القسمة، ومع أهمية هذا العقد الا انه عقد يتفق فيه الورثة أو الشركاء على الإجراءات الواجب إتخاذها منذ البداية وحتى إستلام كل وارث أو شريك لنصيبه المقرر شرعاً.
الوجه الثالث: عدم تأثر إجراءات القسمة ببطلان بعضها ومبدأ عدم الهدر الإجرائي:
مبدأ عدم الهدر الإجرائي أو مبدأ الإقتصاد في الإجراءات يعني عدم إعادة الإجراءات التي تمت صحيحة، لما في ذلك من إهدار للوقت والجهد والمال بالنسبة للقضاة والخصوم والمجتمع، ومؤدى ذلك ان لا تعاد إلا الإجراءات التي كانت باطلة، أما الإجراءات التي تمت صحيحة فلا يلزم إعادتها حسبما قضى الحكم محل تعليقنا.
الوجه الرابع: توقيع المقاسم على التركيز يمنعه من الطعن في البيانات الواردة فيه :
سبق القول ان التركيز وفقاً للمفهوم الوارد في الحكم محل تعليقنا: هوعقد القسمة الذي يتضمن حصر موجودات التركة والبيانات اللازمة بشأنها كأوصافها وحدودها ومساحتها واثمانها ونصيب كل وارث منها، وهناك من يطلق عليها وصف (الأمية) وقد قضى الحكم محل تعليقنا بأن توقيع المقاسم على التركيز أو الأمية يمنعه من الإدعاء لاحقاً بعدم صحة البيانات الواردة في التركيز، والله اعلم .