مقال بعنوان الاستخدام القضائي للذكاء الاصطناعي وسؤال المحاكمة العادلة

الاستخدام القضائي للذكاء الاصطناعي وسؤال المحاكمة العادلة

مقال بعنوان الاستخدام القضائي للذكاء الاصطناعي وسؤال المحاكمة العادلة

رابط تحميل المقال اسفل التقديم

الخلاصة: تقارب هذه الورقة تأثير استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي في الجهاز القضائي من زاوية ضمان مبادئ المحاكمة العادلة على النحو الذي تحميه المواثيق والاتفاقيات الدولية والقوانين الوطنية. وفي هذا الإطار برز اتجاهين حول اعتماد هذا النظام أحدهما يدافع عن اعتماد الذكاء الاصطناعي في القضاء كليا أو جزئيا في جميع مراحل الدع دعوى بما فيها اتخاذ القرار القضائي، بينما يتحفظ اتجاه آخر على تفويض سلطة اتخاذ القرار القضائي لخوارزميات الذكاء الاصطناعي نظرا لأهمية مرفق العدالة وتدخل الشركات الخاصة طرفا ثالثا فيها، مما قد يشكل خطرا على ضمان مبادئ المحاكمة العادلة. وهو ما توضحه هذه الورقة التي تبرز تأثير استخدام الذكاء الاصطناعي على مبادئ المحاكمة العادلة بسبب ارتفاع تكلفة الولوج الى مرفق القضاء الآلي، باعتبار خوارزميات هذا الأخير ملكا خاصا لشركات القطاع الخاص الذي يهدف إلى الربح، بالإضافة إلى الإخلال بالتوازن بين وسائل الدفاع بتسهيل الإجراءات لبعض الأطراف التي تتوفر على الاعتمادات المالية الكافية والخبرة الفنية الكبيرة والدراية باجهزة الكمبيوتر عكس الأطراف الأخرى التي تفتقر لهذه الوسائل. كما أن غياب شفافية الخوارزميات، باعتبارها سرا تجاريا، من شأنه تعطيل الحق في التجريحوالتشكك المشروع وكذا الحرمان من استخدام طرق الطعن لانعدام تعليل القرارات القضائية الآلية، مما يزيد من شدة التخوف من إقامة العدالة الآلية السرية المبنية على

التحيز والتمييز بين المتقاضين.

الكلمات الجوهرية الذكاء الاصطناعي الخوارزميات المحاكمة العادلة، القضاء الالكتروني، البيانات الضخمة، الذكاء العاطفي.

المقدمة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين ..

لقد جبل الانسان على حب الخير ونبذ الشر، فهو في بحث دائم عن الآليات التي تحقق أمنه واستقراره ورفاهيته ودفع كل ما يهدد مصالحه ويتسبب في الإضرار به قدر الإمكان، وهذه الغريزة تتماشى مع المقصد العام من الشريعة الإسلامية المتمثل في إقامة العدل وجلب المصالح ودرء المفاسد بميزان الشرع.

ولما كان القضاء يد العدالة، التي هي من الأمور المقدسة والأمانة التي يجب المحافظة عليها وأدائها إلى أهلها، مصداقا لقوله تعالى: " إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمُ أَن تَؤُدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكموا بالعدل"، [1] فإن البحث في تطوير

246

المحور الثاني الذكاء الاصطناعي في الميدان القانوني والقضائي

الآليات والتقنيات التي من شأنها تجويد العمل القضائي لتحقيق أكبر قدر من العدالة امر مطلوب شرعا لأن ما لا يقوم الواجب إلا به فهو واجب طبقا لنظرية المقاصد

الشرعية والوسائل الموصلة إليها ..

وتماشيا مع الثورة التكنولوجية التي تعمل على تغيير حياتنا بسرعة كبيرة، عرفت الإدارة القضائية تطورات مهمة على مستوى طريقة المحاكمة وإجراءات التحقيق وصناعة واتخاذ القرار القضائي، إذ مرت من المرحلة الشفوية إلى المرحلة الورقية ثم المرحلة حلة الالكترونية لتدخل مرحلة القضاء الذكي باستخدام الذكاء الاصطناعي في مجال العدالة، وهو ما قد يشكل ثورة في المنظومة القضائية ككل، فضلا عن التأثيرات

المحتملة على قواعد ومبادئ المحاكمة العادلة.

فالذكاء الاصطناعي ولد في الاجتماع الذي عقد في دارموث سنة 1956م، من طرف كارثي Me Carthy وشكل موضوع اهتمام العديد من الباحثين الذين عرفوه بتعريفات مختلفة نذكر منها تعريف نيلسون. ج من جامعة ستانفورد" الذكاء الاصطناعي يهتم بالسلوك الذكي الذي يجعل الآلات ذكية حتى تتمكن من التصرف بشكل مناسب في البيئات ذات الإدراك" .[2] وعرفه وينستون من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا على أنه: "دراسة كيفية جعل أجهزة الكمبيوتر قادرة على الادراك والتفكير والتصرف ".[3] كما نصت موسوعة بريطانيكا كذلك على أن الذكاء الاصطناعي هو قدرة الكمبيوتر الرقمي أو الروبوت الذي يتم التحكم فيه عن طريق الكمبيوتر الأداء المهام المرتبطة بشكل شائع بالكائنات الذكية" . (4)

وقد طال الذكاء الاصطناعي عدة قطاعات كالأمن والبحث العلمي والتعليم والصحة والثقافة والتجارة وغيرها من الاستخدامات المتزايدة والمعقدة المرتبطة بقواعد البيانات الضخمة، وفي المجال القضائي أصبحت العديد من المنابر تتحدث عن عدالة الروبوت وتدعي أن الخوارزميات يمكنها التنبؤ بقرارات المحكمة بشكل دقيق دون قضاة من البشر، في حين يرى اتجاه آخر أن الذكاء الاصطناعي لا يمكنه أن يحل محل القاضي في جميع الأحوال وإنما يشكل أداة مساعدة له فقط.

ومن هذا المنطلق تأتي هذه الورقة لدراسة موضوع الاستعمال القضائي للذكاء الاصطناعي وسؤال المحاكمة العادلة، وذلك لأهمية هذا الموضوع العلمية والعملية المتمثلة في الاهتمام الدولي بالموضوع من خلال عقد العديد من المؤتمرات الدولية والوطنية وعقد اجتماعات متخصصة في المجال، كما تكمن أهميته كذلك في الرفع من منسوب الكتابات العربية وإثارة انتباه الباحثين إلى الاهتمام بالآفاق الجديدة التي يفتحها الذكاء الاصطناعي، وما يجلبه من اضطراب انتروبولوجي واجتماعي في أعقابه إضافة إلى التعريف بتجارب الدول التي تطبق الذكاء الاصطناعي في نظامها القضائي وإبراز التأثيرات السلبية المحتملة لاستخدام هذا التطبيق على حقوق الانسان خاصة

الحق في المحاكمة العادلة . وعليه فإن الذكاء الاصطناعي الذي يتسم بالقدرة على التعلم الذاتي وتحليل البيانات

رابط التحميل

https://drive.google.com/file/d/1OAzG_FOEce9wbVcgmooShfO2dEGdvA8T/view?usp=drivesdk

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0