رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص تحت عنوان الدفع بسبقية البت في الدعوى المدنية
رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص تحت عنوان الدفع بسبقية البت في الدعوى المدنية
رابط تحميل البحث اسفل التقديم
مقدمة
إذا كانت الحياة في جماعة من لوازم الوجود الإنساني، فإن ضبط وتنظيم سلوك أفراد هذه الجماعة بعد من لوازم بقائها واستقرارها. ومن ثم نشأت الحاجة إلى وضع قواعد ملزمة تحدد ما للأفراد من حقوق وما عليهم من واجبات والتزامات، أي تحدد المراكز القانونية التي يمكن أن يشغلها هؤلاء الأفراد في الجماعة وشروط شغل هذه المراكز وهذه القواعد الملزمة في القانون.
والقانون ضرورة اجتماعية لا غنى عنها، فبدونه لا يمكن أن يستتب أمن أو يوجد مجتمع منظم، وتصبح الجماعة حالة من حالات الصراع والهمجية ويكون مالها المحتوم هو الفناء. وحتى تتحقق غايته - من احترام قواعده فعلا في الواقع الاجتماعي - فإن النظام القانوني لا يقوم ولا يحقق أهدافه بمجرد وجود القواعد القانونية، بل يلزم نفاذها الفعلي.
فالأصل أن يتم تنفيذ القانون تلقائيا بواسطة أفراد المجتمع من خلال تعاملهم ونشاطهم ويكون ذلك إما لاقتناعهم بأهمية قواعده وضرورتها لضبط سلوكهم وتعاملاتهم وتصرفاتهم، وإما لخوفهم من الجزاء الذي يوقع عليهم عند مخالفة العمل بأحكامه إلا أن هذا الأصل لا يتحقق على الدوام، فكما أن هناك قواعد تدفع الفرد إلى احترام القانون والعمل بأحكامه وقواعده، فإن هناك عوامل أخرى قد تدفعه إلى مخالفة هذه الأحكام والقواعد كعوامل الأنانية وحب الذات والتنافس على المصالح والأهداف وكذلك جهل الفرد بالقانون وأحكامه وهنا تظهر مشكلة عدم نفاذ القانون أو عدم فاعليته، وهي مشكلة جد خطيرة، إذ أن عدم حلها يطيح بالقانون ذاته ويتحول المجتمع إلى فوضى.
ولقد آل حل مشكلة عدم نفاذ القانون - مع تقدم البشرية إلى الدولة التي أخذت على عائقها حماية القانون والدفاع عنه، وأسندت القيام بهذه المهمة إلى إحدى سلطاتها الأساسية، وهي السلطة
ا . وحدي راغب : المبادئ القضاء المدني، عن 2001، دار النهضة العربية، من 38
فتحي والي الوسيط في قانون القضاء المدني، من 1963 - بند 1، ص 3.
عدم نفاذ القانون في ا المجتمعات الذاتية متروكا للنظام الدفاع الذاتي أو ما يعرف بالقضاء الخاص هذا النظام إلى الشماعة الفوضى الفوضى وعدم الاستقرار ر في في السم المجتمع، كما
معينا وذا مساوي عديدة انت با إلى العدول عنه فاقتضاء الشخص منه بيده بودي له يتنافى مع مبدأ سيادة الدولة .
انظر في ذلك فتحي والي نفس المرجع، من 3
وحدي را علام من من 30
القضائية. ومن ثم فإن وظيفة القضاء تتمثل في حماية القانون والدفاع عنه ضد ما يطرأ على نفاذه من عوارض، وهو ما يعني في حقيقة الأمر حماية الحقوق والمراكز القانونية للأفراد من أي عارض أو عائق يحول دون احترامها ويحول من ثم دون تمتع الأفراد بهذه الحقوق والمراكز.
ويؤدي القضاء وظيفته في حماية النظام القانوني وحماية الحقوق والمراكز القانونية بناء على طلب من ذوي الشأن عن طريق إصدار أحكام قضائية والقضاء حين يتدخل لتفعيل القانون إنما يفعل ذلك بتنزيل القاعدة القانونية الواجبة التطبيق على نحو ما يثبت أمامه وبناء على ظاهر الوقائع المرفوعة إليه، وبالتالي فإن أقل ما نتوخاه منه هو اليقين، لكن اليقين القانوني وليس الواقعي، لأن هذا متعذر باعتبار أن التغاير بين ما يحكم به القاضي وواقع الأمر يبقى وارداء فلا تكون عدالة القاضي - باعتباره بشرا يخطئ إلا نسبية، وأنتذ لو اكتشف هذا التغاير بعد صدور الحكم القضائي، فإن مصلحة المحكوم عليه أن يبحث عن العدالة المطلقة، بأن يمارس الدعوى مجددا إلى المحكمة للتوصل إلى التطابق بين حقيقتها وما قضى به بشأنها وتجديد المنازعة ليس بالضرورة أن يتم مرة واحدة، بل قد يكون متسلسلا يؤدي إلى تناقض وتهاتر الأحكام بشأن نفس الدعوى، وبالتالي تعذر تنفيذها، ومن ثم تعطيل الوظيفة القضائية وتجويفها من مهمتها في تفعيل القانون، واعتبار أعمالها مجرد لغو أي كون المجتمع الإنساني في وضع "لا أمن" قانوني.
فما يمنح الحكم القضائي قيمته الكاملة، ويضمن للقضاء هيبته ليس تطابقه مع الحقيقة المطلقة التي يتعذر الوصول إليها، وإنما ما يترتب على صدوره من حجية للأمر المقضي تفرض احترام ما قضى به في أية دعوى تالية يثار فيها مضمون ما قضى به كمسألة أولية، وتمنع المساس به خارج طرق الطعن وتحول دون المنازعة فيما فصل فيه من جديد بين نفس الخصوم ولنفس الأسباب وبنفس الموضوع، لأنه يجب وضع حد للمنازعة الشيء الذي يضمن الاستقرار والأمن بين الناس.
وما يهمنا هنا هو الأثر السلبي لحجية الأمر المقضي فيه، أو ما يسمى بالدفع بسبقية البت والذي يعد أحد أهم الدفوع التي توجه إلى الدعوى بقصد منع المحكمة من نظرها لسبق الفصل في
ا - جمال الطاهري حجية الأمر المقضي في المادة المدنية، الطبعة الأولى 2011 دار الأفاق المغربية من 3
الأثر الإيجاني الحجية الأمر المقضي فيه الأثر السلبي الحجية الأمر المقضي فيه
2
موضوعها بحكم قضائي حائز لحجية الأمر المقضي به، ذلك أنه من غير المقبول عقلا وعملا استمرار الخصومات والمنازعات بين الخصوم وعدم وقوفها عند حد معين، فتصير مؤيدة لا تنتهي، مع ما يترتب على ذلك من عدم استقرار المراكز القانونية، وعدم حصول صاحب الحق على حقه، بما يؤدي إلى تعطيل المعاملات بين الناس ومن ثم كان لا بد من وقوف المنازعات عند حد معين تنتهي عنده الخصومة، بحيث لا تستمر بعده، وهذا الحد هو صدور حكم فاصل في موضوع الخصومة، بحيث يصير هذا الحكم حجة بما انتهى إليه، ويمنع من العودة إلى المسألة التي حسمها باية وسيلة أخرى بخلاف طرق الطعن المقررة قانونا على هذا الحكم ولهذا تقررت حجية الأحكام وهي نوع من الحرمة التي يتمتع بها الحكم، ويعتبر بمقتضاها متضمنا قرينة لا تقبل الدليل العكسي من حيث الموضوع، ولا بد لهذه الحجية من وسيلة إجرائية تحميها، وتحول دون المساس بها، ومن هذا نص المشرع المغربي على الدفع بقوة يقصد: حجية الأمر المقضي.
في إطار التعريف بالمفاهيم الأساسية فإن الدفع في اللغة يحمل عدة معان فيها الإزالة بقوة يقال دفع الشيء دفعا أي محاه وأزاله بقوة، ويقال دفعته على ودفع عنه الأذى والشر ودفع إليه
رابط التحميل
https://drive.google.com/file/d/1WxipMA8mKhb2KK_AiYfzK5t2vEnACpOc/view?usp=drivesdk