القاعدة الضرر الأشد يُزال بالضرر الأخف
القواعد الفقهية الأساسية

- يختار أهون الشرين أو أخف الضررين.
- يدفع أعظم الضررين باحتمال أخفهما.
- إذا اجتمع ضرران أسقط الأصغر الأكبر.
- يدفع شر الشرين.
التوضيح إن الضرر ليس على درجة واحدة، وإنما يتفاوت في ذاته، وفي آثاره، والضرر يجب رفعه لقاعدة: الضرر يزال (م/ 19) وقاعدة: لا ضرر ولا ضرار.
(م/ 18) ولكن إذا لم يمكن إزالة الضرر نهائياً، وكان بعضه أشد من بعض، ولا بدَّ من ارتكاب أحدهما، فتأتي هذه القاعدة: الضرر الأشد يزال ويرفع ويتجنب بارتكاب الضرر الأخف.
وذلك لعظم الأول على الثاني، وشدته في نفسه، أو لأن الضرر الأول عام يعمُّ أثره، والضرر الثاني خاص وينحصر أثره، فتقدم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة (1) .
والأدلة على ذلك كثيرة كقوله تعالى: (وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ) .
والقتال في المسجد الحرام [البقرة: 217/2] وقتال الفئة الباغية حتى ترجع [الحجرات: 49/ 9] وحديث بول الأعرابي في المسجد والأمر بتركه ثم إلقاء الماء عليه.
التطبيقات 1 - الطلاق فيه ضرر، ومع ذلك يرتكب وتطلق الزوجة للضرر والإعسار؛ لأنه ضرر أشد.
(الدعاس ص 25) .
2 - يجوز للمضطر تناول الميتة، مع أن أكل الميتة فيه ضرر، ولكن ضرر الهلاك أشد.
(الدعاس 26، الونشريسي ص 230) .
3 - يجوز للمضطر أكل مال الغير بدون إذنه، لأن ضرر الهلاك أشد من ضرر الغير بأكل ماله، لكنه يضمن.
(الدعاس 26) .
4 - إذا عجز مريد الصلاة عن ستر العورة أو استقبال القبلة، فإنه يصلي كما قَدِرَ (الدعاس 26) .
5 - تجب النفقة في مال الموسرين لأصولهم وفروعهم، لكن لا يشترط في نفقة الأبوين اليسار، بل إذا كان كسوباً ضمهما إليه، كما تجب نفقة الأرحام المحارم من النسب المحتاجين.
(الزرقا ص 199، السدلان ص 532) .
6 - يحبس من وجبت عليه النفقة إذا امتنع عن أدائها، ولو نفقة ابنه، ويجوز ضربه في الحبس إذا امتنع عن الإنفاق.
(الزرقا ص 119) .
7 - إذا بنى شخص بناء، أو غرس في العرصة لسبب شرعي، كما لو ورث إنسان أرضاً فبنى فيها، أو غرس، ثم استحفت فإنه ينظر إلى قيمة البناء أو الغراس مع قيمة العرصة، فأيهما كان أكثر قيمة يتملك صاحبه الآخر بقيمته جبراً على مالكه.
(الزرقا ص 119، السدلان ص 531، (ابن رجب 119/2) .
8 - البيع الفاسد يجب رذُه درءاً للفساد، فإذا فات بالتصرف فيه، أو بيعه، أو تغيره، وجب إمضاؤه بالقيمة، وصار له حكم آخر، ارتكاباً لأخف الضررين.
(الغرياني ص 159) .
9 - المحتكر الذي يجمع السلع من السوق وقت قلتها، ليبيعها وتت الغلاء، تؤخذ منه السلع جبراً، وتباع للناس، ويعطى رأس ماله فقط، ارتكاباً لأصغر الضررين بدفع أعظمهما.
(الغرياني ص 159، الونشريسي ص 370) .
10 - يجبر جار المسجد، وجار الطريق، وصاحب ممر الماء، على بيع أرضه أو داره، إذ ضاق المسجد، أو انهدمت الطريق، أو ممر الماء، لتوسعة المسجد والطريق وإصلاح ممر الماء، إذا تعين ولم يوجد غيره، تحصيلاً للمصلحة العامة، ودفعاً للضرر الأكبر بارتكاب أخف الضررين.
(الغرياني ص 159، الونشريسي ص 357) .
11 - يجبر صاحب الماء على بيع الماء لمن به عطش يخاف الموت إذا كان معه ثمن، وإلا بذله مجاناً، ارتكاباً لأخف الضررين، وكذلك بيعه لمن له زرع تعطلت بئره ويخاف هلاكه ومعه الثمن.
(الغرياني ص 160، الونشريسي ص 370) .
12 - يجوز للحكمين في الإصلاح بين الزوجين أن يحكما بخلع تدفعه المرأة إلى الزوج ليطلقها؛ إذا كانت الإساءة منها، أو كانت مشتركة، وعجزا عن الإصلاح، ارتكاباً لأخف الضررين.
(الغرياني ص 165، الونشريسي ص 371) .
13 - يجبر من كان له أسير كافر على بيعه، أو فدائه بأسير مسلم في يد الكفار، إذا شرطوه لإطلاق سراح المسلم الذي بأيديهم، لأن ضرر بقاء المسلم أسيراً لدى الكفار، أعظم من ضرر جبر المسلم على بيع ما تحت يده من أسارى الكفار، لما في الأول من المذلّة للمسلمين، والضرر في الدِّين.
(الغرياني ص هـ 16، الونشريسي ص 371) .
14 - إذا وقع دينار في محبرة غير صاحب الدينار، ولم يمكن استخراجه إلا بكسرها، فإن صاحب القيمة الأقل منهما يجبر على البيع لصاحب القيمة الأكثر، ارتكاباً لأخف الضررين، ومثله لو لقطت دجاجة فصّاً لغير مالكها، أو ثور تعرضت قرونه بين غصني شجرة لمالك آخر، ولم يمكن تخليصه إلا بذبحه أو قطع الغصنين، فإنه ينظر إلى صاحب الأقل قيمة، فيجبر على البيع، وقيل: إن كانت قيمة الثور أقل ذبح، ومصيبته على صاحبه، وإن كانت قيمة الغصنين أقل قطعا، وعلى صاحب الثور قيمتهما.
(الغرياني ص.
6 1، الونشريسي ص 371، (ابن رجب 2/ 119) .
15 - لو أن كبشاً أدخل رأسه في قِدْر لغير صاحبه، لا لسبب من أحد مالكيهما، لم يضمن أحدهما شيئاً، وهو من جُرح العجماء، إلا أن تكون قيمة أحدهما أكبر من الآخر، فيجبر صاحب القليل على البيع لصاحب القيمة الأكبر، ارتكاباً لأخف الضررين.
(الغرياني ص 161، الونشريسي ص 371، (ابن رجب 2/ 119) .
16 - لو أن جملين اجتمعا في مكان ضيق، ولم يمكن نجاة أحدهما إلا بعقر الآخر، فإنه ينحر أقلهما قيمة، ويشترك صاحبهما في القيمة، ارتكاباً لأخف الضررين.
(الغرياني ص ا16، الونشريسي ص 371) .
17 - لو تعين نجاة من في السفينة بإلقاء بعض ما فيها من المتاع في البحر، فإنه يرمى منها ما تكون به نجاتها، ارتكاباً لأخف الضررين، ويتقاعه أصحابها بقيمة ما معهم من المتاع.
(الغرياني ص ا16، الونشريسي ص 371) .
18 - لو كان بالدار حيوان صغير فكبر، أو خوابي وأزيار، ولم يقدر بائع الدار على إخراجها إلا بكسر الباب، قال ابن عبد الحكم: لا يجبر صاحب الدار المشتري لها على كلسر بابه، ويذبح البائع حيوانه، ويكسر جراره، وقالط أبو عمران الفاسي: القياس أن يهدم الباب، وبناؤه على بائع الدار صاحب الحيوان.
(الغرياني ص 163، (ابن رجب 2/ 119) .
19 - من غصب خيطاً لربط جرح، أو دواء لعلاج مريض، كان للمالك رده إن كان لا يستلزم إتلاف عضو آدمي محترم، أو حدوث مرض مخوف، بسبب ردّه، فإن استلزم ذلك أجبر على أخذ القيمة، ارتكاباً لأخف الضررين، فإن استلزم تأخير البرء دون إتلاف عضو مختلف فيه.
(الغرياني ص 162) .
20 - إذا أمكن لإنسان ألا يُقدّم مُظهِراً للمنكر في الإمامة وجب ذلك، لكن إذا ولاّه غيره، ولم يمكنه صرفه عن الإمامة، أو كان هو لا يتمكن من صرفه إلا بشر أعظم ضرراً من ضرر ما أظهره من المنكر، فلا يجوز دفع الفساد القليل بالفساد الكثير، ولا دفع أخف الضررين بتحصيل أعظم الضررين (ابن تيمية، الحصين 1/ 209) .
21 - إذا لم يمكن منع المظهر للبدعة رالفجور إلا بضرر زائد على ضرر إمامته، لم يجز ذلك، بل يصلي خلفه ما لا يمكنه فعلها إلا خلفه، كالجمع والعيدين والجماعة إذا لم يكن هناك إمام غيره، فإن تفويت الجمعة والجماعة أعظم فساداً من الاقتداء فيهما بإمامٍ فاجر، لاسيما إذا كان التخلف عنهما لا يدفع فجوره (ابن تيمية، الحصين 1/ 209) 22 - لم تكن من عادة السلف على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وخلفائه الراشدين أن يعتادوا القيام كلما يرونه عليه السلام، كما يفعله كثير من الناس.
.
، والذي ينبغي للناس أن يعتادوا اتباع السلف على ما كانوا عليه على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنهم خير القرون.
وينبغي للمطاع ألا يقر ذلك مع أصحابة، بحيث إذا رأوه لم يقوموا له، إلا في اللقاء المعتاد، ولكن إذا كان من عادة الناس إكرام الجائي بالقيام، ولو ترك لاعتقد أن ذلك لترك حقه، أو قصد خفضه، ولم يعلم العادة الموافقة للسنة، فالأصلح أن يقام له، لأن ذلك إصلاح لذات البين، وإزالة التباغض والشحناء، وأما من عرف عادة القوم الموافقة للسنة فليس له في ترك ذلك إيذاء له، وجماع ذلك الذي يصلح اتباع عادات السلف وأخلاقهم، والاجتهاد عليه بحسب الإمكان، فمن لم يعتقد ذلك، ولم يعرف أنه العادة، وكان في ترك معاملته بما اعتاد من الناس من الاحترام مفسدة راجحة، فإنه يدفع أعظم الفسادين بالتزام أدناهما، كما يجب فعل أعظم الصلاحين بتفويت أدناهما (ابن تيمية، الحصين 1/ 210) .
23 - العقوبة إذا أمكن ألا يُتعدى بها الجاني كان ذلك هو الواجب، ومع هذا فإن كان الفساد في ترك عقوبة الجاني أعظم من الفساد في عقوبة من لم يجن، دُفع أعظم الفسادين بالتزام أدناهما، وهذا معنى قول السلف: لئن أخطئ في العفو، أحب إلي من أن أخطئ في الظلم (ابن تيمية، الحصين 211/1) .
24 - بيع الغرر نهي عنه لما فيه من الميسر والقمار المتضمن لأكل المال بالباطل.
فإذا كان في بعض الصور من فوات الأموال وفسادها ونقصها على أصحابها بتحريم البيع أعظم مما فيه من حله، لم يجز دفع الفساد القليل بالتزام الفساد الكثير ومن أمثلة ذلك بيع المغيبات في الأرض كالجزر واللفت، وبيع المقاثي كالبطيخ فيجوز مع الغرر؛ لأن الضرر فيه أخف من منعه (ابن تيمية، الحصين 218/1) .
25 - إذا كان الناس قد التزموا ألا يبيع الطعام أو غيره إلا أناس معروفون، لا تُباع السلعُ إلا لهم، ثم يبيعونها هم، فلو باع ذلك غيرهم منع، فهاهنا يجب التسعير عليهم لما في ذلك من الفساد، ويجبرون على البيع بقيمة المثل، والشراء بقيمة المثل بلا تردد في ذلك عند أحد العلماء (ابن تيمية، الحصين 222/1) .
26 - من كان في ماله شبهة، أو في بعض موارده شيء محرم، أو مشتبه بمحرم، فإنه يجعل الحلال الطيب لأكله وشربه، ثم الذي يليه للناس، ثم الذي يليه لعلف الجمال والدواب، لأن الله تعالى يقول: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) .
فعلى كل إنسان أن يتقي الله ما استطاع، وما لم يمكن إزالته من الشَّر يخفف بحسب الإمكان (ابن تيمية، الحصين 223/1) .
27 - لو وضعت مظلمة على أهل قرية أو درب أو سوق أو مدينة، فتوسط رجل منهم محسن في الدفع عنهم بغاية الإمكان، وقسطها بينهم على قدر طاقتهم، من غير محاباة لنفسه ولا لغيره، ولا ارتشاء، بل توكل لهم في الدفع عنهم والإعطاء كان محسناً؛ لأن ما لا يمكن إزالته من الشر يخفف بقدر الإمكان (ابن تيمية، الحصين 1/224) .
28 - لو باع داراً فيها ناقة لم تخرج من الباب إلا بهدمه، فإنه يهدم، ويضمن للمشتري النقص.
(ابن رجب 118/2) .
29 - لو حمل السيل إلى أرضه غرس غيره، فنبت فيها، فقلعه مالكه، فعليه تسوية حفره.
(ابن رجب 2/ 119) .
المستثنى 1 - لو غصب إنسان أرضاً فبنى فيها أو غرس، ثم طلبها مالكها فإن الغاصب يؤمر بقلع البناء أو الغرس مهما بلغت قيمته، ولو كان الضرر أشد عليه، إلا إذا كان قلعهما يضر بالأرض، فإن المالك يتملكهما بقيمتها مستحقين للقلع (م/906) .
(الزرقا ص 119) (ابن تيمية، الحصين 1/196، (ابن رجب 2/109) .
2 - من غصب حجراً، أو خشبة وبنى عليها بناء، أو لوحاً وسمَّره في سفية، فقيل: يخير المغصوب منه بين نقض البناء وأخذ حجره أو خشبه، وبين أن يتركه ويأخذ قيمته، لأن الآخر غاصب، وهو أحق بالتشديد عليه، استثناء من القاعدة.
وقيل: يجبر المغصوب منه على أخذ القيمة ارتكاباً لأخف الضررين.
(الغرياني ص 162) .
3 - لو غصب فصيلاً وأدخله داره، وكبر وتعذر إخراجه بدون هدمها، فإنها تهدم من غير ضمان لتفريطه، وكذلك إذا غصب غراساً وغرسه في أرضه، فإنه يقلع ولا يضمن حفره.
(ابن رجب 2/ 119) .
4 - لو غصب ثوباً فصبغه، ثم طلب قلع صبغه، فعليه ضمان نقص الثوب بذلك، كما لو غرس الأرض التي غصبها، ثم قلع غرسه.
(ابن رجب 2/ 119) .
What's Your Reaction?






