قول المذاهب الأربعة في التشهد في الصلاة

باب التشهد في صلاة من موطأ الإمام مالك، دراسة فقهية لأحاديث التشهد في هذا الباب مع استحضار كل المذاهب و شرح أقوال التشهد. و قول الفقهاء في التشهد المنقول عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما

قول المذاهب الأربعة في التشهد في الصلاة

حدثني يحيي عن مالك عن ابن شهاب عن عروه بن الزبير عن عبد الرحمن بن عبد القاري انه سمع عمر بن الخطاب وهو علي المنبر يعلم الناس التشهد يقول قولوا التحيات لله الزاكيات لله الطيبات الصلوات لله السلام عليك ايها النبي ورحمه الله وبركاته السلام علينا وعلي عباد الله الصالحين اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا عبده ورسوله

قوله التحيات لله بمعنى الملك لله، و حياك الله بمعنى ملكك الله، و يمكن أن تطلق التحيات على البقاء كقوا التحيات لله بمعنى البقاء لله.

قوله الزاكيات هي الأعمال الصالحة التي تزكو أي تنمو و تنفع صاحبه، و هي ما يراد بها وجه الله.

قوله السلام يقصد به التحية و قد يقصد به السلامة

قوله نبي و تقرأ بالنبيئِ، و تفسر بكون محمد رسول الله منبئ لخبر ربه للناس، و أما نبي فاشتقاقها من النبوة و هي الإرتفاع، فهو صلى الله عليه و سلن رفيع القدر عند الناس و الله و حتى المشركين من قومه كانوا يسمونه الله، و في حدث قال فيه رسول لله أنه نبي لله و ليس نبيئ الله، فقد فرق بينهم و نفى عليه كونه نبيئا، لكنه حديث ضعيف و منهم من قال حديث منكر لا يصح لأن الله سبحانه قال في كتابه "يا أيها النبيئ" بقراءة نافع.

قوله البركات هي الزيادة في كل خير، و هي مشتقة من البَرْكِ التي هي الإبل الكثير.

قوله السلام علينا وعلي عباد الله الصالحين، بعض العلماء قالوا المقصود بعباد الله الصالحين هنا هم الملائكة، و لا معنى لهذا التخصيص، لاسيما و أن رسول الله صلى الله عليه و سلم جاء بها على العموم بقوله في حديث أن 'السلام علينا وعلي عباد الله الصالحين' تصيب كل عبد لله صالح في السماء و الأرض، و الصالح هو الذي يفي بحقوق الله و يفي بحقوق عباد الله، لذا من أراد أي يشمله هذا الدعاء وجب أن يكون من عباد الله الصالحين.

قوله أشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا عبده ورسوله، هذا تشهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه و هو الذي اختاره مالك، أما الحنفية و الحنابلة فاختاروا تشهد بن مسعود كما جاء في الصحيحين  'التحيات لله الصلوات و الطيبات السلام عليك أيها النبي و رحمة الله و بركاته السلام علينا و على عباد الله الصالحين أشهد أن لا إلاه إلا الله و أشهد أن محمدا عبده و رسوله'، و اختار الشافعية تشهد بن عباس كما رواه مسلم في صحيحه عن بن عباس 'كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن يقول: التحيات الصلوات المباركات الطيبات السلام عليك أيها النبي و رحمة الله و بركاته السلام علينا و على عباد الله الصالحين أشهد أن لا إلاه إلا الله و أن محمدا عبده و رسوله'. فرجح المالكية قوللهم بأن عمر بن الخطاب كان يقول به و يصلي به في مسجد رسول الله و كل الصحابة كانوا يصلون به من ورائه، أما الحنفية و الحابلة رجحوا قولهم بقول أنه روي في الصحيحين و هو أعلى درجة الصحة، أما الشافعية فقالوا بقول أن رسول الله من علمهم التشهد و كان يحرص على تعليمهم إياه مثل القرآن. و إن كان الفقهاء يرجحون و يفضلون بينها فالمحدثون قالوا أنها سواء فكله صح عن النبي صلى الله عليه و سلم و هو اختلاف تنوع.

وحدثني عن مالك عن نافع ان عبد الله بن عمر كان يتشهد فيقول باسم الله التحيات لله الصلوات لله الزاكيات لله السلام علي النبي ورحمه الله وبركاته السلام علينا وعلي عباد الله الصالحين شهدت ان لا اله الا الله شهدت ان محمدا رسول الله يقول هذا في الركعتين الاوليين ويدعو اذا قضي تشهده بما بدا له فاذا جلس في اخر صلاته تشهد كذلك ايضا الا انه يقدم التشهد ثم يدعو بما بدا له فاذا قضي تشهده واراد ان يسلم قال السلام علي النبي ورحمه الله وبركاته السلام علينا وعلي عباد الله الصالحين السلام عليكم عن يمينه ثم يرد علي الامام فان سلم عليه احد عن يساره رد عليه

بدأ عبد الله بن عمر رضي الله عنهما بالبسملة في التشهد هو صحيح لكن لم يتابعه في الإمام مالك على أنه سنة للتشهد و لا باقي الفقهاء، و قال مالك في المدونة أنه لا يعرف بسم الله الرحمان الرحيم في التشهد.

قوله السلام علي النبي ورحمه الله وبركاته، و في لفظ عمر قال السلام عليك أيها النبي، ففي لفظ عمر رضي الله عنه جاءت بلفظ الخطاب، و في لفظ عبد الله بن عمر رضي الله عنه جاءت بلفظ الغائب، و من الأقول للجمع بين هذان القولان أنه في حياة رسول الله كان يقال السلام عليك، و بعد موته أصبح يقال السلام على النبي بلفظ الغائب، و يوجد أحاديث دالة على هذا القول، لكن يشكل عليه هذا الحديث قيد الدراسة لأن عمر بن الخطاب يعلم الناس التشهد بلفظ السلام عليك بعد موت رسول الله، لذا أكثر الفقهاء لم يفرقوا بين القولين.

قوله شهدت ان لا اله الا الله شهدت ان محمدا رسول الله، كذلك لم يتبع فيه بن عمر على أنه سنة.

قوله ويدعو اذا قضي تشهده: كان بن عمر يدعوا في التشهد لكن لم يتابع فيه على أنه سنة، و الدعاء عند التشهد الأول رواية عند الإمام مالك لكن جمهور المالكية أنه يكره الدعاء في التشهد الأول و هذا مذهب الحنفية و الحنابلة أيضا، لكن الشافعية أجازوا الصلاة على النبي خاصة. و الظاهر هو مذهب الجمهور لأن المستحب في التشهد تقصيره و الدعاء يزيد منه، و قال بن القيم رحمه الله كان النبي صلى الله عليه و سلم يقصر التشهد الأول جدا و لم يثبت عنه في حديث قط أنه دعى في هذا التشهد.

أما الدعاء في التشهد الثاني مستحب عند العلماء و قوله بما بدى له أي من خير الدنيا و الآخرة، ذهب الأحناف انه لا يُدعى في التشهد إلا بمأثور سواء جاء من طريق القرآن أو السنة، أما المالكية و الشافعية و الحنفية انه يدعوا المصلي بما شاء في التشهد الأخير.

التسليم في الصلاة: السلام عند المالكية من فرائض الصلاة، لقوله صلى الله عليه و سلم 'مفتاح الصلاة الطُهور و تحريمها التكبير و تحليلها التسليم'، و هو مذهب الشافعية و الحنابلة، و ذهب أبو حنفية أن التسليم ليس بفرض و قال أن المصلي إذا قعد ما يكفيه للتشهد فإنه يقضي صلاته و تصح و ليس عليه أن يتلفظ بالتسليم، و الظاهر قول الجمهور.

أما التشهد فهو من سنن الصلاة الأول و الآخر. أما الجمهور قيقول أن التشهد من الفرائض و دليلهم أحاديث التشهد التي جاءت بصيغة الأمر كقوله صلى الله عليه و سلم في حديث بن مسعود 'إذا صلى أحدكم فليقل' و قول عمر بن الخطاب 'قولوا' و هي صيغ جاءت بصيغة الأمر و لفظ الأمر عند الإطلاق يفيد الوجوب كما قال الأصوليون، أما المالكية فاستدلوا بحديث المسيئ صلاته حيث أن النبي صلى الله عليه و سلم لم يذكر التشهد

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
1
sad
0
wow
0