أفضل أوقات صلاة الصبح

• الحديث رقم 4 : " عن عائشة زوج النبي صلي الله عليه وسلم أنها قالت إن كان رسول الله صلي الله عليه وسلم ليصلي الصبح فينصرف النساء متلففات بمروطهن ما يعرفن من الغلس" :

قوله 'يحيى بن سعيد'، عالم المدينة في زمانه و تلميذ الفقهاء السبعة و شيخ مالك. مات سنة 243.

الفقهاء السبعة هم جمعوا فقه المدينة في عصرهم بعد أن كان متفرق، و كلهم تابعون و هم :

• عبيد الله : هو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود.
• عروة : عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد (إبن أخت عائشة أم المؤمنين).
• قاسم : القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق.
• سعيد : سعيد بن المسيب.
• أبو بكر : أبو بكر بن محمد بن عمر بن حزم.
• سليمان : بن يسار.
• خارجة : بن زيد بن ثابت.

قوله 'إن كان' ف 'إن' أصلاها إن بتشديد النون و لكن خففت من غير تشديد في النطق.

إن خففت 'إن' فإنها تفقد عملها و لكن يجب إتباعها ب 'ل'، و تسمى اللام الفارقة للتفريق بين 'إن' الثقيلة و 'إن' التي هي للنفي. "كقول إن زيد لا قائم". و هذا الأكثر في لغة العرب.

قوله 'متلفعات' فإن في رواية يحيى تأتي بقول 'متلففات'، و تأتي ب'متلفعات' في أغلب الروايات الأخرى.

و التلفع هو أن تأخذ المرأة الثوب و تغطي به على رأسها و تشمل به جسدها كله. و لا يكون التلفع إلا مع تغطية الرأس.

و أما التلفف هو التلفع بدون اشتراط تغطية الرأس.

هذا الحديث فيه مسألتان من الفقه :

الأولى أن النساء مباح لهم حضور الصلوات الليلية في المساجد، و لكن يشترط في ذلك أن تؤمن الفتنة عليهن و بهن.

الثانية هي أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يصلي صلاة الصبح في أول وقتها، كون أن النساء كانوا يغادرون ما يعرفن من الغلس، و يغادرون بعد نهاية الصلاة، أي أن الصلاة تنتهي و الغلس كائن و هذا أول الوقت. و هذه المسألة موضع خلاف بين الفقهاء بقول هل صلاة الصبح أفضل أن تصلى بغلس أو تصلى في الإسفار = الجمهور من المالكية و الشافعية و الحنابلة يقولون بأن الأفضل و الأعظم أجرا هو صلاة الصبح بغلس و دليلهم هو هذا الحديث، و موضع الشاهد قوله 'كان' و التي تعني الإستمرار، أي أنه كان الغالب من فعل رسول الله، و دليلهم كذلك حديث لأبي داوود عن أبي مسعود البدري و فيه أنه قال " ... و صلى مرة الصبح بغلس و صلى مرة أخرى فأسفر، ثم كان صلاته بعد ذلك بالتغليس حتى مات و لم يعد أن يسفر ...". و أيضا دليلهم حديث في سنن بن ماجة (7358) " حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا نَهِيكُ بْنُ يَرِيمَ الأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا مُغِيثُ بْنُ سُمَىٍّ، قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ الصُّبْحَ بِغَلَسٍ فَلَمَّا سَلَّمَ أَقْبَلْتُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ فَقُلْتُ مَا هَذِهِ الصَّلاَةُ قَالَ هَذِهِ صَلاَتُنَا كَانَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَلَمَّا طُعِنَ عُمَرُ أَسْفَرَ بِهَا عُثْمَانُ ‏".

و أما الأحناف فقد قالوا بإسفار الصبح، و دليلهم على ذلك بما رواه الترمذي (13944) و النسائي (12549) و ابن ماجة "حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، - هُوَ ابْنُ سُلَيْمَانَ - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ‏"‏ أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلأَجْرِ ‏"‏ ‏.‏ (قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ مَعْنَى الإِسْفَارِ أَنْ يَضِحَ الْفَجْرُ فَلاَ يُشَكَّ فِيهِ وَلَمْ يَرَوْا أَنَّ مَعْنَى الإِسْفَارِ تَأْخِيرُ الصَّلاَةِ ‏.‏). و هذا الحديث يحمله الجمهور أن معنى أسفرةا هنا هي بينوا الصبح و تأكدوا من دخول وقته. و منهم ما يقول أسفروا بالصبح في وقت الغيم... .

و القول الظاهر هو قول الجمهور و أن أفضل وقت لصلاة الصبح هو التغليس. و الدليل قول رسول الله لما سئل عن أفضل الأعمال قال " الصلاة لأول وقتها".