القاعدة إذا اجتمع المباشر والمتسبب يُضاف الحكم إلى المباشر

القواعد الكلية المتفق عليها

القاعدة إذا اجتمع المباشر والمتسبب يُضاف الحكم إلى المباشر
الألفاظ الأخرى - إذا اجتمع السبب والمباشرة، أو الغرور والمباشرة قُدمت المباشرة.

- إذا اجتمع السبب والمباشرة سقط حكم السبب.

- إذا اجتمع إتلاف أموال الآدميين ونفوسهم إلى مباشرة وسبب تعلق الضمان بالمباشرة دون السبب.

التوضيح المباشر: هو الذي حصل التلف مثلاً بفعله بلا واسطة، والمتسبب: هو الذي لم يحصل التلف بمباشرته وفعله، بل كان فعله سبباً مفضياً إلى التلف.

وإذا اجتمع المباشر للفعل أي الفاعل له بالذات، والمتسبب له، أي المفضي والموصل إلى وقوعه، فيضاف الحكم إلى المباشر، لأن الفاعل هو العلة المؤثرة، والأصل في الأحكام أن تضاف إلى عللها المؤثرة لا إلى أسبابها الموصلة، لأن تلك أقوى وأقرب، إذ المتسبب هو الذي تخلل بين فعله والأثر المترتب عليه، من تلف أو غيره، فعل فاعل مختار، والمباشر هو الذي يحصل الأثر بفعله من غير أن يتخلل بينهما فعل فاعل مختار، فكان أقرب لإضافة الحكم إليه من المتسبب، لأنه إذا اجتمع المباشر والمتسبب فالمباشر مقدم، كالعلة وعلة الحلة، والحكم يضاف إلى العلة، لا إلى علة العلة، والسبب هو ما يضاف إليه الحكم أي يعتمد عليه ويستند إليه الحكم للتعلق به من حيث إنه معرف للحكم.

والغرور: إبداء ما ظاهره السلامة، ثم تخلف.

ولذلك قال بعض الفقهاء: "الإضافة إلى المباشرة حقيقة، وإلى المسبِّب مجاز".

التطبيقات 1 - لو حفر رجل بئراً أو حفرة في الطريق العام، بدون إذن ولي الأمر، فألقى أحد حيوان شخص في البئر أو الحفرة، ضمن الذي ألقى الحيوان؛ لأنه العلة المؤثرة، ولم يتخلل بين فعله والتلف فعل فاعل مختار، دون حافر البئر، فيكون الملقي هو الضامن دون الحافر، لأن الملقي هو المباشر، فيضاف الفعل إليه لأنه ألصق به وأقوى من المتسبب السابق الذي كان فعله مفضياً وموصلاً إلى التلف، إلا أن التلف لم يحصل بفعله، بل تخلل بين فعله والتلف فعل فاعل مختار، وهو مباشر الإلقاء بلا واسطة، فكان الضمان عليه، حتى لو لم يتخلل بين فعله والتلف فعل فاعل مختار بأن تدهور فيه الحيوان بلا صنع أحد ضمن الحافر إذا كان معدياً بأن كان حفره بغير إذن ولي الأمر (م/ 922، 924، 925) ، أما في الحالة الأولى فالملقي هو الضامن دون الحافر، لأن الملقي هو المباشر فيضاف الفعل إليه.

(الزرقا ص 447، الدعاس ص 80، (ابن رجب 2/ 598) .

2 - لو دل إنسان سارقاً على مال لآخر، فسرقه، أو دل كل القتل، أو قطع الطريق، ففعل، فلا ضمان على الدال، بل على السارق والقاتل وقاطع الطريق، لأنه المباشر، ولأنه فعل من مكلف مختار يصح إضافة الحكم إليه (الزرقا ص 448، الدعاس ص 80، الروفي ص 341) .

3 - لو دفع سكيناً إلى صبي مميز ليمسكها له، فقتل الصبي بها نفسه، فلا ضمان على الدافع المتسبب، لأنه تخلل بين فعله والتلف فعل فاعل مختار، وهو الصبي، لأنه ضرب نفسه باختياره، فلو لم يحصل التلف باختياره، بأن وقع السكين من يد الصبي، فجرحه، ضمن الدافع.

(الزرقا ص 448) .

4 - لو أكل المالك طعامه المغصوب جاهلاً به، فلا ضمان على الغاصب في الأظهر، وكذا لو قدَّمه الغاصب للمالك على أنه ضيافة فأكله، فإن الغاصب يبرأ.

(اللحجي ص 93) .

5 - لو حفر بئراً فرداه فيها آخر، أو أمسكه فقتله آخر، أو ألقاه من شاهق فتلقاه آخر، فقدَّه، فالقصاص على المردي، والقاتل، والقاد فقط.

(اللحجي ص 94) .

6 - لو غُرَّ بامرأة معيبة أو رقيقة، ووطا، وفسخ نكاحها، فإذا غرم المهر لم يرجع على الغار.

(اللحجي ص 94) .

7 - إذا تعاون شخص مع ظالم ودلّه على آخر فقتله، أو حسّن له ظلم رجل، فالضمان على المباشر دون المتسبب المتعاون (ابن عبد الهادي ص 99) .

8 - إذا قال لرجل يعرف تحريم القتل؛ اقتل فلاناً، فقتله، فالضمان على المباشر.

(ابن عبد الهادي ص 99) .

9 - إذا أعاره سيفاً أو سكيناً أو نحو ذلك، فقتل به، فالضمان على المباشر (ابن عبد الهادي ص 99) .

10 - إذا دلّ شخص سارقاً على مال فسرقه، كان الضمان على السارق؛ لأنه مباشر، أما الدال فهو متسبب.

(الروقي ص 341) .

11 - إذا حرّض شخص إنساناً على غَصْب مال غيره كان الضمان على الغاصب؛ لأنه مباشر، أما المحرض فهو متسبب.

(الروقي ص 341) .

12 - لو فتح قفصاً عن طائر، فاستقر بعد فتحه، فجاء آخره فنفره، فالضمان على المنفِّر وحده.

(ابن رجب 2/ 598) .

13 - لو رمى معصوماً من شاهق، فتلقاه آخر بسيف، فقدّه به، فالقاتل هو الثاني دون الأول.

(ابن رجب 2/ 598) .

المستثنى 1 - إذا كان السبب يعمل في الإتلاف إذا انفرد عن المباشر، كالسوق مع الركوب، فإن المباشر والمتسبب يشتركان حيئذ في ضمان ما تتلفه الدابة، لأن السائق، وإن كان متسبباً، والراكب وإن كان مباشراً، فإن السبب هاهنا، وهو السوق، يعمل في الإتلاف إذا انفرد عن الركوب فيضمنان بالسوية.

أما الضمان على المباشر وحده دون السبب فهو إذا كان السبب لا يعمل في الإتلاف إذا انفرد عن المباشرة، كحفر البئر، فإنه بانفراده لا يوجب التلف ما لم يوجد الدفع الذي هو المباشرة، وإن كان لولا الحفر لا يتلف بالدفع.

(الزرقا ص 448) .

2 - لو حفر شخص حفرة، فسقط فيها حيوان من تلقاء نفسه، ولم يلقه أحد، فإن الحافر يضمن، لأنه انفرد بالسبب.

(الدعاس ص 80) .

3 - لو دل المودع نفسُه السارق على الوديعة فسرقها، فإنه يضمن لترك الحفظ، إلا إذا منعه حين الأخذ، فأخذها كرهاً فلا يضمن، بخلاف وارث المودع إذا دلّ السارق عليها فإنه لا يضمن، لأنها في يده أمانة محضة لم يلتزم الحفظ فيها.

(الزرقا ص 448) .

ويظهر أن مثل وارث المودع في عدم الضمان ما لو ألقت الريح ثوب الجار في داره، فدل السارق عليه، لتصريحهم بأنه أمانة محضة، لا التزام للحفظ فيها.

(الزرقا ص 448) .

4 - إذا غصب شاة، وأمر قصّاباً بذبحها، وهو جاهل بالحال، - فقرار الضمان على الغاصب قطعاً.

(اللحجي ص 94) .

5 - إذا استأجره لحمل طعام فسلمه زائداً، فحمله المؤجر جاهلاً، فتلفت الدابة، ضمنها المستأجر الذي هو الغار، لأن يد المباشرة، والحالة هذه، كيد الغار، لأنه نائب عنه.

(اللحجي ص 94) .

6 - إذا أفتاه أهل الفتوى بإتلاف، ثم تبين خطؤه، فالضمان على المفتي، فإن لم يكن المفتي أهلاً فلا يضمن، لأن المستفتي مقصر.

وقال بعضهم: والمقرر في الفروع عدم الضمان مطلقاً لا على المجتهد، ولا على المفتي وإن لم يكن عالماً، لأن المباشرة مقدمة على السبب، وعبارة "الروض وشرحه ": "وإن تلف بفتواه ما استفتاه فيه، ثم بان أنه خالف القاطع، أو نص إمامه، لم يغرم من أفتاه، ولو كان أهلاً للفتوى، إذ ليس فيها إلزام ".

(اللحجي ص 94) .

7 - إذا قتل الجلاد شخصاً بأمر الإمام ظلماً، وهو جاهل، فالضمان على الإمام، بخلاف ما إذا كان عالماً بظلمه أو خطئه، فالضمان عليه.

(اللحجي ص 94) .

8 - لو وقف ضيعة على قوم، فصرفت غلتها إليهم، فخرجت مستحقة، ضمن الواقف لتغريره.

(اللحجي ص 94) .

9 - إذا شهد الشهود عمداً عند الحاكم بالقتل فقتل، ثم رجع الشهود، فالضمان على الشهود (1) ، لأنهم متسببون في القتل، دون الحاكم المباشر (ابن عبد الهادي ص 98، الروقي ص 342، (ابن رجب 2/ 599) وكذلك إذا شهدوا عمداً، وثبتت شهادة الزور عليهم.

(الروقي ص 341) لأن التسبب أقوى من المباشرة فيغلب عليها.

والشاهد أولى بالضمان (القرافي 2/ 258) .

10 - إذا قال: أعتق عبدَك، وعليَّ ثمنه، ففعل، فالضمان والعتق على المسبب، وليس المباشر (ابن عبد الهادي ص 98) .

11 - إذا دلّ المحرِمُ المحرِمَ على الصيد، أو أشار إليه، أو أعاره سكيناً ونحوها، فالضمان على المباشر والمتسبب معاً (ابن عبد الهادي ص 99) .

12 - إذا كره شخص آخر على قتل غيره، فإن القصاص عند المالكية على المكرِه والمكرَه، لأن التسبب هنا له قوة المباشرة أو أكثر، فيعطى حكمها (الروقي 341) .

13 - لو ضرب بطن امرأة فألقت جنيناً وفيه حياة غير مستقرة، ففربه آخر فمات، فالقاتل هو الأول، وعليه الغرة، ويعزر الثاني؛ لأن الضارب الأول ليس متسبباً فحسب، بل هو مباشر للقتل، فلذلك لزمه الضمان.

(ابن رجب 2/599) .

14 - لو رمى صيداً فأصاب مقتله، ثم رماه آخر فمات، فالقاتل هو الأول، فيباح الصيد بذلك، والثاني جانٍ عليه، فيضمن ما خرق من جلده، وهذا قول الأكثرين.

وفي قول: يضمن الثاني قيمته كاملة.

(ابن رجب 2/599) .

15 - إذا قدَّم إليه طعاماً مسموماً عالماً به، فأكله وهو لا يعلم بالحال، فالقاتل هو المقدِّم؛ لأنه متسبب، وعليه القصاص والدية، مع أن الآكل هو المباشر.

(ابن رجب 2/599) 16 - المكرَه على إتلاف مال الغير، ففي الضمان وجهان، الأول: استثناء من القاعدة وهو على المكرِه وحده، لكن للمستحق مطالبة المتلف ويرجع به على المكرِه، لأن معذور في ذلك الفعل، فلم يلزمه الضمان، بخلاف المكرَه على القتل فإنه غير معذور فلهذا شاركه في الضمان.

والوجه الثاني: الضمان عليهما كالدية لاشتراكهما في الإثم، فالإكراه لا يبيح إتلاف مال الغير.

(ابن رجب 2/ 602) .

17 - المكرَه على القتل، المذهب اشتراك المكرِه والمكرَه في القَوَد والضمان، لأن الإكراه ليس بعذر في القتل، وفي قول إن القود على المكرَه المباشر، تطبيقاً للقاعدة.

(ابن رجب 2/ 656) .

18 - لو حفر بئراً عدواناً في الطريق، فوضع آخر حجراً إلى جانبها، ففي رواية الضمان على الواضع حسب القاعدة، وفي رواية يشتركان فيه كالممسك والقاتل.

لكن لو كان الحافر غير متعد، فالضمان على الواضع وحده، لأنه المباشر تطبيقاً للقاعدة.

(ابن رجب 2/ 657) .

19 - لو دلّ المودع لصاً على الوديعة، فسرقها، فالضمان عليهما، كما لو دلّ المحرم محرماً آخر على صيد فقتله، ولو دلّ حلالاً، فالضمان على المحرم وحده.

(ابن رجب 2/ 607) .

20 - لو أحرم وفي يده المشاهدة صيد، وتمكن من إرساله، فلم يفعل حتى قتله محرم آخر، فالضمان عليهما، على الأول باليد، وعلى الثاني بالمباشرة في رواية، وفي رواية: الضمان على القاتل؛ لأن مباشر، والأول متسبب غير ملجئ، تطبيقاً للقاعدة.

(ابن رجب 2/ 607) .

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0