غزوه اذربيجان وارمينية
غزوات النبي محمد في كتب التاريخ، غزوات الرسول، الغزوات في الأسلام، غزوات الصحابة، الفتوحات الإسلامية، ما هي الغزوات التي مرت في الإسلام،

ذكر الخبر عن ذَلِكَ وما كَانَ من أمر الْمُسْلِمِينَ وأمرهم فِي هَذِهِ الغزوة: ذكر هِشَام بن محمد، أن أبا مخنف حدثه عن فروة بن لقيط الأَزْدِيّ، ثُمَّ الغامدي، أن مغازي أهل الْكُوفَة كَانَتِ الري وأذربيجان، وَكَانَ بالثغرين عشرة آلاف مقاتل من أهل الْكُوفَة، ستة آلاف بأذربيجان وأربعة آلاف بالري، وَكَانَ بالكوفة إذ ذاك أربعون ألف مقاتل، وَكَانَ يغزو هَذَيْنِ الثغرين مِنْهُمْ عشرة آلاف فِي كل سنة، فكان الرجل يصيبه فِي كل أربع سنين غزوة، فغزا الْوَلِيد بن عُقْبَةَ فِي إمارته عَلَى الْكُوفَة فِي سلطان عُثْمَان أذربيجان وأرمينية، فدعا سلمان بن رَبِيعَة الباهلي فبعثه أمامه مقدمة لَهُ، وخرج الْوَلِيد فِي جماعة الناس، وَهُوَ يريد أن يمعن فِي أرض أرمينية، فمضى فِي الناس حَتَّى دخل أذربيجان، فبعث عَبْد اللَّهِ بن شبيل بن عوف الأحمسي فِي أربعة آلاف، فأغار عَلَى أهل موقان والببر والطيلسان، فأصاب من أموالهم وغنم، وتحرز القوم مِنْهُ، وسبى مِنْهُمْ سبيا يسيرا، فأقبل إِلَى الْوَلِيدِ بن عُقْبَةَ ثُمَّ إن الْوَلِيد صالح أهل أذربيجان عَلَى ثمانمائه ألف درهم، وَذَلِكَ هُوَ الصلح الَّذِي كَانُوا صالحوا عَلَيْهِ حُذَيْفَة بن الْيَمَانِ سنة اثنتين وعشرين بعد وقعة نهاوند بسنة ثُمَّ إِنَّهُمْ حبسوها عِنْدَ وفاة عمر، فلما ولي عُثْمَان وولى الوليد ابن عُقْبَةَ الْكُوفَة، سار حَتَّى وطئهم بالجيش، فلما رأوا ذَلِكَ انقادوا لَهُ، وطلبوا إِلَيْهِ أن يتم لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ الصلح، ففعل، فقبض مِنْهُمُ المال، وبث فيمن حولهم من أعداء الْمُسْلِمِينَ الغارات، فلما رجع إِلَيْهِ عَبْد اللَّهِ بن شبيل الأحمسي من غارته تِلَكَ- وَقَدْ سلم وغنم- بعث سلمان بن رَبِيعَة الباهلي إِلَى أرمينية فِي اثني عشر ألفا، سنة أربع وعشرين فسار فِي أرض أرمينية فقتل وسبى وغنم ثُمَّ إنه انصرف وَقَدْ ملأ يديه حتى اتى الْوَلِيد فانصرف الْوَلِيد وَقَدْ ظفر وأصاب حاجته .
إجلاب الروم عَلَى الْمُسْلِمِينَ واستمداد الْمُسْلِمِينَ من بالكوفة وفي هَذِهِ السنة- فِي رواية أبي مخنف- جاشت الروم، حَتَّى استمد من بِالشَّامِ من جيوش الْمُسْلِمِينَ من عُثْمَان مددا.
ذكر الخبر عن ذَلِكَ: قَالَ هِشَامٌ: حَدَّثَنِي أَبُو مِخْنَفٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي فَرْوَةُ بْنُ لُقَيْطٍ الأَزْدِيُّ، قَالَ: لَمَّا أَصَابَ الْوَلِيدُ حَاجَتَهُ مِنْ أَرْمِينِيَةَ فِي الْغَزْوَةِ الَّتِي ذَكَرْتُهَا فِي سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ تَأْرِيخِهِ، وَدَخَلَ الْمَوْصِلَ فَنَزَلَ الْحَدِيثَةَ، أَتَاهُ كِتَابٌ مِنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ كَتَبَ إِلَيَّ يُخْبِرُنِي أَنَّ الرُّومَ قَدْ أَجْلَبَتْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِجُمُوعٍ عَظِيمَةٍ، وَقَدْ رَأَيْتُ أَنْ يَمُدَّهُمْ إِخْوَانُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، فَإِذَا أَتَاكَ كِتَابِي هَذَا فَابْعَثْ رَجُلا مِمَّنْ تَرْضَى نَجْدَتَهُ وَبَأْسَهُ وَشَجَاعَتَهُ وَإِسْلامَهُ فِي ثَمَانِيَةِ آلافٍ أَوْ تِسْعَةِ آلافٍ أَوْ عَشَرَةِ آلافٍ إِلَيْهِمْ مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي يَأْتِيكَ فِيهِ رَسُولِي، وَالسَّلامُ.
فَقَامَ الْوَلِيدُ فِي النَّاسِ، فحمد اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ أَيُّهَا النَّاسُ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْلَى الْمُسْلِمِينَ فِي هَذَا الْوَجْهِ بَلاءً حَسَنًا، رَدَّ عَلَيْهِمْ بِلادَهُمُ الَّتِي كَفَرَتْ، وَفَتَحَ بِلادًا لَمْ تَكُنِ افْتُتِحَتْ، وَرَدَّهُمْ سَالِمِينَ غَانِمِينَ مَأْجُورِينَ، فَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَقَدْ كَتَبَ إِلَيَّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يَأْمُرُنِي أَنْ أَنْدِبَ مِنْكُمْ مَا بَيْنَ الْعَشَرَةِ الآلافِ إِلَى الثَّمَانِيَةِ الآلافِ، تَمُدُّونَ إِخْوَانَكُمْ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، فَإِنَّهُمْ قَدْ جَاشَتْ عَلَيْهِمُ الرُّومُ، وَفِي ذَلِكَ الأَجْرُ الْعَظِيمُ، وَالْفَضْلُ الْمُبِينُ، فَانْتَدِبُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ مَعَ سَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ الْبَاهِلِيِّ قَالَ: فَانْتَدَبَ النَّاسُ، فَلَمْ يَمْضِ ثَالِثَةٌ حَتَّى خَرَجَ ثَمَانِيَةُ آلافِ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، فَمَضَوْا حَتَّى دَخَلُوا مَعَ أَهْلِ الشَّامِ إِلَى أَرْضِ الرُّومِ، وَعَلَى جُنْدِ أَهْلِ الشَّامِ حَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ خَالِدٍ الْفِهْرِيُّ، وَعَلَى جُنْدِ أَهْلِ الْكُوفَةِ سَلْمَانُ بْنُ رَبِيعَةَ [الْبَاهِلِيُّ،] فَشَنُّوا الْغَارَاتِ عَلَى أَرْضِ الرُّومِ، فَأَصَابَ النَّاسُ مَا شَاءُوا مِنْ سَبْيٍ، وَمَلَئُوا أَيْدِيَهُمْ مِنَ الْمَغْنَمِ، وَافْتَتَحُوا بِهَا حُصُونًا كَثِيرَةً.
وَزَعَمَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ الَّذِي أَمَدَّ حَبِيبَ بْنَ مَسْلَمَةَ بِسَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ كَانَ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ، وَقَالَ: كَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ عُثْمَانَ كَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ يَأْمُرُهُ أَنْ يُغْزِيَ حَبِيبَ بْنَ مَسْلَمَةَ فِي أَهْلِ الشَّامِ أَرْمِينِيَةَ، فَوَجَّهَهُ إِلَيْهَا، فَبَلَغَ حَبِيبًا أَنَّ الْمُورِيَانَ الرُّومِيَّ قَدْ تَوَجَّهَ نَحْوَهُ فِي ثَمَانِينَ أَلْفًا مِنَ الرُّومِ وَالتُّرْكِ، فَكَتَبَ بِذَلِكَ حَبِيبٌ إِلَى مُعَاوِيَةَ، فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ بِهِ الى عثمان، فكتب عثمان، الى سعيد ابن الْعَاصِ يَأْمُرُهُ بِإِمْدَادِ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ، فَأَمَدَّهُ بِسَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ فِي سِتَّةِ آلافٍ، وَكَانَ حَبِيبٌ صَاحِبَ كَيْدٍ، فَأَجْمَعَ عَلَى أَنْ يُبَيِّتَ الْمُورِيَانَ، فَسَمِعَتْهُ امْرَأَتُهُ أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ بِنْتُ يَزِيدَ الْكَلْبِيَّةُ يَذْكُرُ ذَلِكَ، فَقَالَتْ لَهُ: فَأَيْنَ مَوْعِدُكَ؟ قَالَ: سُرَادِقُ الْمُورِيَانِ أَوِ الْجَنَّةُ، ثُمَّ بَيَّتَهُمْ، فَقَتَلَ مَنْ أَشْرَفَ لَهُ، وَأَتَى السُّرَادِقَ فَوَجَدَ امْرَأَتَهُ قَدْ سَبَقَتْ، وَكَانَتْ أَوَّلَ امْرَأَةٍ من العرب ضُرِبَ عَلَيْهَا سُرَادِقٌ، وَمَاتَ عَنْهَا حَبِيبٌ، فَخَلَفَ عَلَيْهَا الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ الْفِهْرِيُّ، فَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِ.
وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ حَجَّ بِالنَّاسِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: حَجَّ بِالنَّاسِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ بِأَمْرِ عُثْمَانَ، كَذَلِكَ قَالَ أَبُو مَعْشَرٍ وَالْوَاقِدِيُّ.
وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ حَجَّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ.
وَأَمَّا الاخْتِلافُ فِي الْفُتُوحِ الَّتِي نَسَبَهَا بَعْضُ النَّاسِ إِلَى أَنَّهَا كَانَتْ فِي عَهْدِ عُمَرَ، وَبَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهَا كَانَتْ فِي إِمَارَةِ عُثْمَانَ، فَقَدْ ذَكَرْتُ قَبْلُ فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابِنَا هَذَا ذِكْرُ اخْتِلافِ الْمُخْتَلِفِينَ فِي تَأْرِيخِ كل فتح كان من ذلك خَمْسٍ وَعِشْرِينَ ذكر الأحداث المشهورة الَّتِي كَانَتْ فِيهَا فَقَالَ أَبُو معشر، فِيمَا حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْن ثَابِت الرازي، قَالَ: حَدَّثَنِي محدث، عن إسحاق بن عيسى عنه: كان فتح الإسكندرية سنة خمس وعشرين.
وَقَالَ الْوَاقِدِيّ: وفي هَذِهِ السنة نقضت الإسكندرية عهدها، فغزاهم عمرو بن الْعَاصِ فقتلهم، وَقَدْ ذكرنا خبرها قبل فِيمَا مضى، ومن خالف أبا معشر والواقدى فِي تأريخ ذَلِكَ.
وفيها كَانَ أَيْضًا- فِي قول الْوَاقِدِيّ- توجيه عَبْد اللَّهِ بن سَعْدِ بْنِ أبي سرح الخيل إِلَى المغرب.
قَالَ: وَكَانَ عمرو بن الْعَاصِ قَدْ بعث بعثا قبل ذَلِكَ إِلَى المغرب، فأصابوا غنائم، فكتب عَبْد اللَّهِ يستأذنه فِي الغزو إِلَى إفريقية، فأذن لَهُ.
قَالَ: وحج بِالنَّاسِ فِي هَذِهِ السنة عُثْمَان، واستخلف عَلَى الْمَدِينَة.
قَالَ: وفيها فتح الحصون وأميرهم مُعَاوِيَة بن أَبِي سُفْيَانَ.
قَالَ: وفيها ولد يَزِيد بن مُعَاوِيَة.
قَالَ: وفيها كانت سابور الاولى فتحت سنه 24 ثُمَّ دخلت سنة ست وعشرين ذكر مَا كَانَ فِيهَا من الأحداث المشهورة فكان فِيهَا- فِي قول أبي معشر والواقدي- فتح سابور، وَقَدْ مضى ذكر الخبر عنها فِي قول من خالفهما فِي ذَلِكَ.
وَقَالَ الْوَاقِدِيّ: فِيهَا أمر عُثْمَان بتجديد أنصاب الحرم وَقَالَ: فِيهَا زاد عُثْمَان فِي المسجد الحرام، ووسعه وابتاع من قوم وأبى آخرون، فهدم عَلَيْهِم، ووضع الأثمان فِي بيت المال، فصيحوا بعثمان، فأمر بهم بالحبس، وَقَالَ: أتدرون مَا جرأكم علي! مَا جرأكم علي إلا حلمي، قَدْ فعل هَذَا بكم عمر فلم تصيحوا بِهِ ثُمَّ كلمه فِيهِمْ عَبْد اللَّهِ بن خَالِد بن أسيد، فأخرجوا.
قَالَ: وحج بِالنَّاسِ فِي هَذِهِ السنة عُثْمَان بن عَفَّانَ.
وفي هَذِهِ السنة عزل عُثْمَان سعدا عن الْكُوفَة، وولاها الْوَلِيد بن عُقْبَةَ فِي قول الْوَاقِدِيّ، وأما فِي قول سيف فإنه عزله عنها فِي سنة خمس وعشرين.
وفيها ولي الْوَلِيد عَلَيْهَا، وَذَلِكَ أنه زعم أنه عزل الْمُغِيرَة بن شُعْبَةَ عن الْكُوفَة حين مات عمر، ووجه سعدا إِلَيْهَا عاملا، فعمل لَهُ عَلَيْهَا سنة وأشهرا ذكر سبب عزل عُثْمَان عن الْكُوفَة سعدا واستعماله عَلَيْهَا الْوَلِيد كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شعيب، عن سيف، عن عمرو، عن الشعبي، قَالَ: كَانَ أول مَا نزغ بِهِ بين أهل الْكُوفَة- وَهُوَ أول مصر نزغ الشَّيْطَان بينهم فِي الإِسْلام- أن سعد بن أَبِي وَقَّاص استقرض من عَبْد اللَّهِ بن مسعود من بيت المال مالا، فأقرضه، فلما تقاضاه لم يتيسر عَلَيْهِ، فارتفع بينهما الكلام حَتَّى استعان عَبْد اللَّهِ بأناس مِنَ النَّاسِ عَلَى استخراج المال، واستعان سعد بأناس مِنَ النَّاسِ عَلَى استنظاره، فافترقوا وبعضهم يلوم بعضا، يلوم هؤلاء سعدا ويلوم هَؤُلاءِ عَبْد اللَّهِ.
كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ سَيْفٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ سَعْدٍ، وَعِنْدَهُ ابْنُ أَخِيهِ هَاشِمُ بْنُ عُتْبَةَ، فَأَتَى ابْنُ مَسْعُودٍ سَعْدًا، فَقَالَ لَهُ: أَدِّ الْمَالَ الَّذِي قِبَلَكَ، فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: مَا أَرَاكَ إِلا سَتَلْقَى شَرًّا! هَلْ أَنْتَ إِلا ابْنُ مَسْعُودٍ، عَبْدٌ مِنْ هُذَيْلٍ! فَقَالَ: أَجَلْ، وَاللَّهِ إِنِّي لابْنُ مَسْعُودٍ، وَإِنَّكَ لابْنُ حُمَيْنَةَ، فَقَالَ هَاشِمٌ: أَجَلْ وَاللَّهِ انكما لصاحبا رسول الله ص، يُنْظَرُ إِلَيْكُمَا فَطَرَحَ سَعْدٌ عُودًا كَانَ فِي يده- وكان رجلا فيه جده- وَرَفَعَ يَدَيْهِ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَيْلُكَ! قُلْ خَيْرًا، وَلا تَلْعَنْ، فَقَالَ سَعْدٌ عِنْدَ ذَلِكَ: أَمَا وَاللَّهِ لولا اتِّقَاءُ اللَّهِ لَدَعَوْتُ عَلَيْكَ دَعْوَةً لا تُخْطِئُكَ فَوَلَّى عَبْدُ اللَّهِ سَرِيعًا حَتَّى خَرَجَ.
وَكَتَبَ إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن الْقَاسِمِ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ عَبْدِ خَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ، قَالَ: لَمَّا وَقَعَ بَيْنَ ابْنِ مَسْعُودٍ وَسَعْدٍ الْكَلامُ فِي قَرْضٍ أَقْرَضَهُ عَبْدُ اللَّهِ إِيَّاهُ، فَلَمْ يَتَيَسَّرْ عَلَى سَعْدٍ قَضَاؤُهُ، غَضِبَ عَلَيْهِمَا عُثْمَانُ، وَانْتَزَعَهَا مِنْ سَعْدٍ، وَعَزَلَهُ وَغَضِبَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ وَأَقَرَّهُ، وَاسْتَعْمَلَ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ- وَكَانَ عَامِلا لِعُمَرَ عَلَى رَبِيعَةَ بِالْجَزِيرَةِ- فَقَدِمَ الْكُوفَةَ فَلَمْ يَتَّخِذْ لِدَارِهِ بَابًا حَتَّى خَرَجَ مِنَ الْكُوفَةِ.
وَكَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ سَيْفٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ وَطَلْحَةَ، قَالا: لَمَّا بَلَغَ عثمان الذي كان بين عبد الله وسعد فِيمَا كَانَ، غَضِبَ عَلَيْهِمَا وَهَمَّ بِهِمَا، ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ، وَعَزَلَ سَعْدًا، وَأَخَذَ مَا عَلَيْهِ، وَأَقَرَّ عَبْدَ اللَّهِ، وَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ، وَأَمَّرَ مَكَانَ سَعْدٍ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ- وَكَانَ عَلَى عَرَبِ الْجَزِيرَةِ عَامِلا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ- فَقَدِمَ الْوَلِيدُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ إِمَارَةِ عُثْمَانَ، وَقَدْ كَانَ سَعْدٌ عَمِلَ عَلَيْهَا سَنَةً وَبَعْضَ أُخْرَى، فَقَدِمَ الْكُوفَةَ، وَكَانَ أَحَبَّ النَّاسِ فِي النَّاسِ وَأَرْفَقَهُمْ بِهِمْ، فَكَانَ كَذَلِكَ خَمْسَ سِنِينَ وَلَيْسَ على داره باب .
سبع وعشرين ذكر الأحداث المشهورة الَّتِي كَانَتْ فِيهَا فِمِمَّا كَانَ فِيهَا من ذَلِكَ فتح إفريقية عَلَى يد عَبْد اللَّهِ بن سَعْدِ بْنِ أبي سرح، كذلك حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ ثابت الرازي، قال: حدثنا محدث، عن إسحاق ابن عِيسَى، عن أبي معشر، وَهُوَ قول الْوَاقِدِيّ أَيْضًا.
ذكر الخبر عن فتحها، وعن سبب ولايه عبد الله بن سعد ابن أبي سرح مصر، وعزل عُثْمَان عمرو بن الْعَاصِ عنها: كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شُعَيْبٍ، عن سيف، عن مُحَمَّد وَطَلْحَة،.
قَالا: مات عمر وعلى مصر عمرو بن الْعَاصِ، وعلى قضائها خارجه بن حذافة السهمي، فولي عُثْمَان، فأقرهما سنتين من إمارته ثم عزل عمرا، واستعمل عبد الله ابن سَعْدِ بْنِ أبي سرح.
وَكَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عن شعيب، عن سيف، عن أبي حارثة وَأَبِي عُثْمَانَ، قَالا: لَمَّا وَلِيَ عُثْمَانُ أَقَرَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ عَلَى عَمَلِهِ، وَكَانَ لا يَعْزِلُ أَحَدًا إِلا عَنْ شَكَاةٍ أَوِ اسْتِعْفَاءٍ مِنْ غَيْرِ شَكَاةٍ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ مِنْ جُنْدِ مِصْرَ، فَأَمَّرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدٍ عَلَى جُنْدِهِ، وَرَمَاهُ بِالرِّجَالِ، وَسَرَّحَهُ إِلَى إِفْرِيقِيَّةَ وَسَرَّحَ مَعَهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ نَافِعِ بْنِ عَبْدِ الْقَيْسِ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ نَافِعِ بْنِ الْحُصَيْنِ الْفِهْرِيَّيْنِ، وَقَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ: إِنْ فَتَحَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكَ غَدًا إِفْرِيقِيَّةَ، فَلَكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ خُمُسُ الْخُمُسِ مِنَ الْغَنِيمَةِ نَفْلا.
وَأَمَرَ الْعَبْدَيْنِ عَلَى الْجُنْدِ، وَرَمَاهُمَا بِالرِّجَالِ، وَسَرَّحَهُمَا إِلَى الأَنْدَلُسِ، وَأَمَرَهُمَا وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدٍ بِالاجْتِمَاعِ عَلَى الأجل، ثُمَّ يُقِيمُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ فِي عَمَلِهِ وَيَسِيرَانِ إِلَى عَمَلِهِمَا فَخَرَجُوا حَتَّى قَطَعُوا مِصْرَ، فَلَمَّا وَغَلُوا فِي أَرْضِ إِفْرِيقِيَّةَ فَأَمْعَنُوا انْتَهَوْا إِلَى الأجل، وَمَعَهُ الأَفْنَاءُ، فَاقْتَتَلُوا، فَقُتِلَ الأجل، قَتَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ وَفَتَحَ إِفْرِيقِيَّةَ سَهْلَهَا وَجَبَلَهَا ثُمَّ اجْتَمَعُوا عَلَى الإِسْلامِ، وَحَسُنَتْ طَاعَتُهُمْ، وَقَسَمَ عَبْدُ اللَّهِ مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَلَى الْجُنْدِ، وَأَخَذَ خُمُسَ الْخُمُسِ، وَبَعَثَ بِأَرْبَعَةِ أَخْمَاسِهِ إِلَى عُثْمَانَ مَعَ ابْنِ وَثِيمَةَ النَّصْرِيِّ، وَضَرَبَ فُسْطَاطًا فِي مَوْضِعِ الْقَيْرَوَانِ، وَوَفَدَ وَفْدًا، فَشَكَوْا عَبْدَ اللَّهِ فِيمَا أَخَذَ، فَقَالَ لَهُمْ: أَنَا نَفَلْتُهُ- وَكَذَلِكَ كَانَ يَصْنَعُ- وَقَدْ أَمَرْتُ لَهُ بِذَلِكَ، وَذَاكَ إِلَيْكُمُ الآنَ، فَإِنْ رَضِيتُمْ فَقَدْ جَازَ، وَإِنْ سَخِطْتُمْ فَهُوَ رَدٌّ قَالُوا: فَإِنَّا نَسْخَطُهُ، قَالَ: فَهُوَ رَدٌّ، وَكَتَبَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بِرَدِّ ذَلِكَ وَاسْتِصْلاحِهِمْ، قَالُوا: فَاعْزِلْهُ عَنَّا، فَإِنَّا لا نُرِيدُ أَنْ يَتْأَمَّرَ عَلَيْنَا، وَقَدْ وَقَعَ مَا وَقَعَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَنِ اسْتَخْلِفْ عَلَى إِفْرِيقِيَّةَ رَجُلا مِمَّنْ تَرْضَى وَيَرْضَوْنَ وَاقْسِمِ الْخُمُسَ الَّذِي كُنْتُ نَفَلْتُكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَإِنَّهُمْ قَدْ سَخِطُوا النَّفْلَ.
فَفَعَلَ، وَرَجَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ إِلَى مِصْرَ وَقَدْ فَتَحَ إِفْرِيقِيَّةَ، وَقَتَلَ الأجل.
فَمَا زَالُوا مِنْ أَسْمَعِ أَهْلِ الْبُلْدَانِ وَأَطْوَعِهِمْ إِلَى زَمَانِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، أَحْسَنَ أُمَّةً سَلامًا وَطَاعَةً، حَتَّى دَبَّ اليهم أَهْلِ الْعِرَاقِ، فَلَمَّا دَبَّ إِلَيْهِمْ دُعَاةُ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَاسْتَثَارُوهُمْ، شَقُّوا عَصَاهُمْ، وَفَرَّقُوا بَيْنَهُمْ إِلَى الْيَوْمِ وَكَانَ مِنْ سَبَبِ تَفْرِيقِهِمْ أَنَّهُمْ رَدُّوا عَلَى أَهْلِ الأَهْوَاءِ، فَقَالُوا: إِنَّا لا نُخَالِفُ الأَئِمَّةَ بِمَا تَجْنِي الْعُمَّالُ، وَلا نَحْمِلُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَقَالُوا لَهُمْ: إِنَّمَا يَعْمَلُ هَؤُلاءِ بِأَمْرِ أُولَئِكَ، فَقَالُوا لَهُمْ: لا نَقْبَلُ ذَلِكَ حَتَّى نُبَوِّرَهُمْ، فَخَرَجَ مَيْسَرَةُ فِي بِضْعَةَ عَشَرَ إِنْسَانًا حَتَّى يَقْدُمَ عَلَى هِشَامٍ، فَطَلَبُوا الإِذْنَ، فَصَعُبَ عَلَيْهِمْ، فَأَتَوُا الأَبْرَشَ، فَقَالُوا: أَبْلِغْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ أَمِيرَنَا يَغْزُو بِنَا وَبِجُنْدِهِ، فَإِذَا أَصَابَ نَفَلَهُمْ دُونَنَا وَقَالَ: هُمْ أَحَقُّ بِهِ، فَقُلْنَا: هُوَ أَخْلَصُ لِجِهَادِنَا، لأَنَّا لا نَأْخُذُ مِنْهُ شَيْئًا، إِنْ كَانَ لَنَا فَهُمْ مِنْهُ فِي حِلٍّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَنَا لَمْ نُرِدْهُ وَقَالُوا: إِذَا حَاصَرْنَا مَدِينَةً قَالَ: تَقَدَّمُوا وَأَخَّرَ جُنْدَهُ، فَقُلْنَا: تَقَدَّمُوا، فَإِنَّهُ ازْدِيَادٌ فِي الْجِهَادِ، وَمِثْلُكُمْ كَفَى إِخْوَانَهُ، فَوَقَيْنَاهُمْ بِأَنْفُسِنَا وَكَفَيْنَاهُمْ ثُمَّ إِنَّهُمْ عَمِدُوا إِلَى مَاشِيَتِنَا، فَجَعَلُوا يَبْقُرُونَهَا عَلَى السِّخَالِ يَطْلُبُونَ الْفِرَاءَ الْبِيضَ لأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَيَقْتُلُونَ أَلْفَ شَاةٍ فِي جِلْدٍ، فَقُلْنَا: مَا أَيْسَرَ هَذَا لأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ! فَاحْتَمَلْنَا ذَلِكَ، وَخَلَّيْنَاهُمْ وَذَلِكَ ثُمَّ إِنَّهُمْ سَامُونَا أَنْ يَأْخُذُوا كُلَّ جَمِيلَةٍ مِنْ بَنَاتِنَا فَقُلْنَا: لَمْ نَجِدْ هَذَا فِي كِتَابٍ وَلا سُنَّةٍ، وَنَحْنُ مُسْلِمُونَ، فَأَحْبَبْنَا أَنْ نَعْلَمَ: أَعَنْ رَأْيِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ذَلِكَ أَمْ لا؟ قَالَ: نَفْعَلُ، فَلَمَّا طَالَ عَلَيْهِمْ وَنَفِدَتْ نَفَقَاتُهُمْ، كَتَبُوا أَسْمَاءَهُمْ فِي رِقَاعٍ، وَرَفَعُوهَا إِلَى الْوُزَرَاءِ، وَقَالُوا: هَذِهِ أَسْمَاؤُنَا وَأَنْسَابُنَا، فَإِنْ سَأَلَكُمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَنَّا فَأَخْبِرُوهُ، ثُمَّ كَانَ وجههم إِلَى إِفْرِيقِيَّةَ، فَخَرَجُوا عَلَى عَامِلِ هِشَامٍ فَقَتَلُوهُ، وَاسْتَوْلَوْا عَلَى إِفْرِيقِيَّةَ، وَبَلَغَ هِشَامًا الْخَبَرُ، وَسَأَلَ عَنِ النَّفَرِ، فَرُفِعَتْ إِلَيْهِ أَسْمَاؤُهُمْ، فَإِذَا هُمُ الَّذِينَ جَاءَ الْخَبَرُ أَنَّهُمْ صَنَعُوا.
مَا صَنَعُوا.
وَكَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عن شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة، قَالا: وَأَرْسَلَ عُثْمَانُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ نَافِعِ بْنِ الْحُصَيْنِ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ نَافِعِ بْنِ عَبْدِ الْقَيْسِ مِنْ فَوْرِهِمَا ذَلِكَ مِنْ إِفْرِيقِيَّةَ إِلَى الأَنْدَلُسِ، فَأَتَيَاهُمَا مِنْ قِبَلِ الْبَحْرِ.
وَكَتَبَ عُثْمَانُ إِلَى مَنِ انْتُدِبَ مِنْ أَهْلِ الأَنْدَلُسِ أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ إِنَّمَا تُفْتَحُ مِنْ قِبَلِ الأَنْدَلُسِ، وَإِنَّكُمْ إِنِ افْتَتَحْتُمُوهَا كُنْتُمْ شُرَكَاءَ مَنْ يَفْتَحُهَا فِي الأَجْرِ، وَالسَّلامُ وَقَالَ كَعْبُ الأَحْبَارِ: يَعْبُرُ الْبَحْرَ إِلَى الأَنْدَلُسِ أَقْوَامٌ يَفْتَتِحُونَهَا، يُعْرَفُونَ بِنُورِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
وَكَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عن شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة، قَالا: فخرجوا ومعهم البربر، فأتوها من برها، ففتحها اللَّه عَلَى الْمُسْلِمِينَ وإفرنجة، وازدادوا فِي سلطان الْمُسْلِمِينَ مثل إفريقية، فلما عزل عُثْمَان عبد الله ابن سَعْدِ بْنِ أبي سرح صرف إِلَى عمله عَبْدَ اللَّهِ بْنَ نَافِعِ بْنِ عَبْدِ الْقَيْسِ، وَكَانَ عَلَيْهَا، ورجع عَبْد اللَّهِ بن سَعْد إِلَى مصر، ولم يزل أمر الأندلس كأمر إفريقية حَتَّى كَانَ زمان هِشَام، فمنع البربر أرضهم، وبقي من فِي الأندلس عَلَى حاله وأما الْوَاقِدِيّ فإنه ذكر أن ابن أبي سبرة حدثه عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أبي حرملة، عن كُرَيْب، قَالَ: لما نزع عُثْمَان عمرو بن الْعَاصِ عن مصر غضب عمرو غضبا شديدا، وحقد عَلَى عُثْمَانَ، فوجه عَبْد اللَّهِ بن سَعْد، وأمره أن يمضي إِلَى إفريقية، وندب عُثْمَان الناس إِلَى إفريقية، فخرج إِلَيْهَا عشرة آلاف من قريش والأنصار والمهاجرين.
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَحَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ، عَنِ ابْنِ كَعْبٍ، قَالَ: لَمَّا وَجَّهَ عُثْمَانُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدٍ إِلَى إِفْرِيقِيَّةَ، كَانَ الَّذِي صَالَحَهُمْ عَلَيْهِ بِطَرِيقِ إِفْرِيقِيَّةَ جِرْجِيرُ أَلْفَيْ أَلْفِ دينار وخمسمائة أَلْفِ دِينَارٍ وَعِشْرِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، فَبَعَثَ مَلِكُ الروم رسولا، وامره ان يأخذ منهم ثلاثمائة قِنْطَارٍ، كَمَا أَخَذَ مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ، فَجَمَعَ رُؤَسَاءُ إِفْرِيقِيَّةَ، فَقَالَ: إِنَّ الْمَلِكَ قد أمرني ان آخذ منكم ثلاثمائة قنطار ذهب مِثْلَ مَا أَخَذَ مِنْكُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ، فَقَالُوا: مَا عِنْدَنَا مَالٌ نُعْطِيهِ، فَأَمَّا مَا كَانَ بِأَيْدِينَا فَقَدِ افْتَدَيْنَا بِهِ أَنْفُسَنَا، وَأَمَّا الْمَلِكَ فَإِنَّهُ سَيِّدُنَا فَلْيَأْخُذْ مَا كَانَ لَهُ عِنْدَنَا مِنْ جَائِزَةٍ كَمَا كُنَّا نُعْطِيهِ كُلَّ سَنَةٍ.
فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ أَمَرَ بِحَبْسِهِمْ، فَبَعَثُوا إِلَى قَوْمٍ مِنْ أَصْحَابِهِمْ، فَقَدِمُوا عَلَيْهِ، فَكَسَرُوا السِّجْنَ فَخَرَجُوا، وَكَانَ الَّذِي صَالَحَهُمْ عَلَيْهِ عبد الله بن سعد ثلاثمائة قنطار ذهب، فامر بها عُثْمَانُ لآلِ الْحَكَمِ قُلْتُ: أَوْ لِمَرْوَانَ؟ قَالَ: لا ادرى.
قال ابن عمر: وَحَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، قَالَ: نَزَعَ عُثْمَانُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ عَنْ خَرَاجِ مِصْرَ، وَاسْتَعْمَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدٍ عَلَى الْخَرَاجِ، فَتَبَاغَيَا، فَكَتَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ إِلَى عُثْمَانَ يَقُولُ: إِنَّ عَمْرًا كَسَرَ الْخَرَاجَ وَكَتَبَ عَمْرٌو: إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ كَسَرَ عَلَيَّ حِيلَةَ الْحَرْبِ، فَكَتَبَ عُثْمَانُ إِلَى عَمْرٍو: انْصَرِفْ، وَوَلَّى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدٍ الْخَرَاجَ وَالْجُنْدَ، فَقَدِمَ عَمْرٌو مُغْضَبًا، فَدَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ يَمَانِيَّةٌ مَحْشُوَّةً قُطْنًا، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: مَا حَشْوُ جُبَّتِكَ؟ قَالَ: عَمْرٌو، قَالَ عُثْمَانُ: قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ حَشْوَهَا عَمْرٌو وَلَمْ أُرِدْ هَذَا، إِنَّمَا سَأَلْتُ: أَقُطْنٌ هُوَ أَمْ غَيْرُهُ؟ قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَحَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، قَالَ: بَعَثَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ إِلَى عُثْمَانَ بِمَالٍ مِنْ مِصْرَ، قَدْ حُشِدَ فِيهِ، فَدَخَلَ عَمْرٌو عَلَى عُثْمَانَ، فَقَالَ عُثْمَانُ: يَا عَمْرُو، هَلْ تَعْلَمْ أَنَّ تِلْكَ اللِّقَاحُ دُرَّتْ بَعْدَكَ! فَقَالَ عَمْرٌو: إِنَّ فِصَالَهَا هَلَكَتْ.
وَحَجَّ بالناس في هذه السنة عثمان بن عفان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ كَانَ فَتْحُ إِصْطَخَرَ الثَّانِي عَلَى يَدِ عثمان ابن أَبِي الْعَاصِ.
قَالَ: وَفِيهَا غَزَا مُعَاوِيَةُ قِنَّسْرِينَ ثمان وعشرين ذكر الخبر عما كَانَ فِيهَا من الأحداث المشهورة فمما ذكر أنه كَانَ فِيهَا فتح قبرس، عَلَى يد مُعَاوِيَة، غزاها بأمر عُثْمَان إِيَّاهُ، وَذَلِكَ فِي قول الْوَاقِدِيّ.
فأما أَبُو معشر فإنه قَالَ: كَانَتْ قبرس سنة ثلاث وثلاثين، حَدَّثَنِي بِذَلِكَ أَحْمَد بن ثَابِت، عمن حدثه، عن إِسْحَاق بْن عِيسَى، عنه.
وَقَالَ بعضهم: كَانَتْ قبرس سنة سبع وعشرين، غزاها- فِيمَا ذكر- جماعة من أَصْحَاب رسول الله ص، فِيهِمْ أَبُو ذر وعبادة بن الصامت، وَمَعَهُ زوجته أم حرام والمقداد وأبو الدرداء، وشداد بن أوس.
ذكر الخبر عن غزوة مُعَاوِيَة إياها: كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ سَيْفٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ النُّعْمَانِ النَّصْرِيِّ وَأَبِي الْمُجَالِدِ جَرَادِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ وَأَبِي حَارِثَةَ وَأَبِي عُثْمَانَ، عَنْ رَجَاءٍ وَعُبَادَةَ وَخَالِدٍ: قَالُوا: أَلَحَّ مُعَاوِيَةُ فِي زَمَانِهِ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي غَزْوِ الْبَحْرِ وَقُرْبُ الرُّومِ مِنْ حِمْصَ، وَقَالَ: إِنَّ قَرْيَةً مِنْ قُرَى حِمْصَ لَيَسْمَعُ أَهْلُهَا نُبَاحَ كِلابِهِمْ وَصِيَاحَ دَجَاجِهِمْ، حَتَّى كَادَ ذَلِكَ يَأْخُذُ بِقَلْبِ عُمَرَ، فَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: صِفْ لِي الْبَحْرَ وَرَاكِبَهُ، فَإِنَّ نَفْسِي تُنَازِعُنِي إِلَيْهِ وَقَالَ عُبَادَةُ وَخَالِدٌ: لَمَّا أَخْبَرَهُ مَا لِلْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ وَمَا عَلَى الْمُشْرِكِينَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَمْرٌو: إِنِّي رَأَيْتُ خَلْقًا كَبِيرًا يَرْكَبُهُ خَلْقٌ صَغِيرٌ، إِنْ رَكَنَ خَرَقَ الْقُلُوبَ، وَإِنْ تَحَرَّكَ أَزَاغَ الْعُقُولَ، يَزْدَادُ فِيهِ الْيَقِينُ قِلَّةً، وَالشَّكُّ كَثْرَةً، هُمْ فِيهِ كَدُودٍ عَلَى عُودٍ، إِنْ مَالَ غَرِقَ، وَإِنْ نجا برق فَلَمَّا قَرَأَهُ عُمَرُ كَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ: لا وَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ لا أَحْمِلُ فِيهِ مُسْلِمًا أَبَدًا.
وَكَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ سَيْفٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ، عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ الأَزْدِيِّ، قَالَ: كَانَ مُعَاوِيَةُ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ كِتَابًا فِي غَزْوِ الْبَحْرِ يُرَغِّبُهُ فِيهِ، ويَقُولُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ بِالشَّامِ قَرْيَةً يَسْمَعُ أَهْلُهَا نُبَاحَ كِلابِ الرُّومِ وَصِيَاحَ دُيُوكِهِمْ، وَهُمْ تِلْقَاءُ سَاحِلٍ مِنْ سَوَاحِلِ حِمْصَ، فَاتَّهَمَهُ عُمَرُ لأَنَّهُ الْمُشِيرُ، فَكَتَبَ إِلَى عَمْرٍو: أَنْ صِفْ لِي الْبَحْرَ، ثُمَّ اكْتُبْ إِلَيَّ بِخَبَرِهِ: فَكَتَبَ إِلَيْهِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنِّي رَأَيْتُ خَلْقًا عَظِيمًا، يَرْكَبُهُ خَلْقٌ صَغِيرٌ، لَيْسَ إِلا السَّمَاءُ وَالْمَاءُ، وَإِنَّمَا هُمْ كَدُودٍ عَلَى عُودٍ، إِنْ مَالَ غَرِقَ، وَإِنْ نَجَا بَرَقَ.
وَكَتَبَ إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن أَبِي عُثْمَانَ وَأَبِي حَارِثَةَ، عَنْ عُبَادَةَ، عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ وَالرَّبِيعِ وَأَبِي الْمُجَالِدِ، قَالُوا: كَتَبَ عُمَرُ إِلَى مُعَاوِيَةَ: إِنَّا سَمِعْنَا أَنَّ بَحْرَ الشَّامِ يُشْرِفُ عَلَى أَطْوَلِ شَيْءٍ عَلَى الأَرْضِ، يَسْتَأْذِنُ اللَّهَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فِي أَنْ يَفِيضَ عَلَى الأَرْضِ فَيُغْرِقَهَا، فَكَيْفَ أَحْمِلُ الْجُنُودَ فِي هَذَا الْبَحْرِ الْكَافِرِ الْمُسْتَصْعَبِ، وَتَاللَّهِ لَمُسْلِمٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا حَوَتِ الرُّومُ، فَإِيَّاكَ أَنْ تَعْرِضَ لِي، وَقَدْ تَقَدَّمْتُ إِلَيْكَ، وَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَقِيَ الْعَلاءُ مِنِّي، وَلَمْ أَتَقَدَّمْ إِلَيْهِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ.
وَقَالُوا: تَرَكَ مَلِكُ الرُّومِ الْغَزْوَ، وَكَاتَبَ عُمَرَ وَقَارَبَهُ، وَسَأَلَهُ عَنْ كَلِمَةٍ يَجْتَمِعُ فِيهَا الْعِلْمُ كُلُّهُ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: أَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ، وَاكْرَهْ لَهُمْ مَا تَكْرَهُ لَهَا، تَجْتَمِعُ لَكَ الْحِكْمَةُ كُلُّهَا وَاعْتَبِرِ النَّاسَ بِمَا يَلِيكَ، تَجْتَمِعْ لَكَ الْمَعْرِفَةُ كُلُّهَا.
وَكَتَبَ إِلَيْهِ مَلِكُ الرُّومِ- وَبَعَثَ إِلَيْهِ بِقَارُورَةٍ: أَنِ امْلأَ لِي هَذِهِ الْقَارُورَةَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، فَمَلأَهَا مَاءً، وَكَتَبَ إِلَيْهِ: إِنَّ هَذَا كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الدُّنْيَا وَكَتَبَ إِلَيْهِ مَلِكُ الرُّومِ: مَا بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ؟ فَكَتَبَ إِلَيْهِ: أَرْبَعُ أَصَابِعٍ الْحَقُّ، فِيمَا يُرَى عِيَانًا، وَالْبَاطِلُ كَثِيرًا يُسْتَمَعُ بِهِ فِيمَا لَمْ يُعَايَنْ.
وَكَتَبَ إِلَيْهِ مَلِكُ الرُّومِ يَسْأَلُهُ عَمَّا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَبَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، فكتب اليه: مسيره خمسمائة عَامٍ لِلْمُسَافِرِ، لَوْ كَانَ طَرِيقًا مَبْسُوطًا.
قَالَ: وبَعَثَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ إِلَى مَلِكَةِ الرُّومِ بِطِيبٍ وَمَشَارِبَ وَأَحْفَاشٍ مِنْ أَحْفَاشِ النِّسَاءِ، وَدَسَّتْهُ إِلَى الْبَرِيدِ، فَأَبْلَغَهُ لَهَا، وَأَخَذَ مِنْهُ وَجَاءَتِ امْرَأَةُ هِرَقْل، وَجَمَعَتْ نِسَاءَهَا، وَقَالَتْ: هَذِهِ هَدِيَّةُ امْرَأَةِ مَلِكِ الْعَرَبِ، وَبِنْتِ نَبِيِّهِمْ، وَكَاتَبَتْهَا وَكَافَأَتْهَا، وَأَهْدَتْ لَهَا، وَفِيمَا أَهْدَتْ لَهَا عِقْدٌ فَاخِرٌ فَلَمَّا انْتَهَى بِهِ الْبَرِيدُ إِلَيْهِ أَمَرَهُ بِإِمْسَاكِهِ، وَدَعَا: الصَّلاةُ جَامِعَةٌ، فَاجْتَمَعُوا، فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ، وَقَالَ: إِنَّهُ لا خَيْرَ فِي أَمْرٍ أُبْرِمَ عَنْ غَيْرِ شُورَى مِنْ أُمُورِي، قُولُوا فِي هَدِيَّةٍ أَهْدَتْهَا أُمُّ كُلْثُومٍ لامْرَأَةِ مَلِكِ الرُّومِ، فَأَهْدَتْ لَهَا امْرَأَةُ مَلِكِ الرُّومِ، فَقَالَ قَائِلُونَ: هُوَ لَهَا بِالَّذِي لَهَا، وَلَيْسَتِ امْرَأَةُ الْمَلِكِ بِذِمَّةٍ فَتُصَانِعُ بِهِ، وَلا تَحْتَ يَدِكَ فَتَتَّقِيكَ.
وَقَالَ آخَرُونَ: قَدْ كُنَّا نُهْدِي الثِّيَابَ لِنَسْتَثِيبَ، وَنَبْعَثَ بِهَا لِتُبَاعَ، وَلِنُصِيبَ ثَمَنًا فَقَالَ: وَلَكِنَّ الرَّسُولَ رَسُولُ الْمُسْلِمِينَ، وَالْبَرِيدَ بَرِيدُهُمْ، وَالْمُسْلِمُونَ عَظَّمُوهَا فِي صَدْرِهَا فَأَمَرَ بِرَدِّهَا إِلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَرُدَّ عَلَيْهَا بِقَدْرِ نَفَقَتِهَا.
كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ سَيْفٍ، عَنْ أَبِي حَارِثَةَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، قَالَ: أَوَّلُ مَنْ غَزَا فِي الْبَحْرِ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ زَمَانَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَقَدْ كَانَ اسْتَأْذَنَ عُمَرَ فِيهِ فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ، فَلَمَّا وَلِيَ عُثْمَانُ لَمْ يَزَلْ بِهِ مُعَاوِيَةُ، حَتَّى عَزَمَ عُثْمَانُ عَلَى ذَلِكَ بِآخِرَةٍ، وَقَالَ: لا تَنْتَخِبِ النَّاسَ، وَلا تَقْرَعْ بَيْنَهُمْ، خَيِّرْهُمْ، فَمَنِ اخْتَارَ الْغَزْوَ طَائِعًا فَاحْمِلْهُ وَأَعِنْهُ، فَفَعَلَ وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْبَحْرِ عَبْدَ اللَّهِ بن قيس الجاسي حَلِيفَ بَنِي فَزَارَةَ، فَغَزَا خَمْسِينَ غَزَاةً مِنْ بَيْنِ شَاتِيَةٍ وَصَائِفَةٍ فِي الْبَحْرِ، وَلَمْ يَغْرَقْ فِيهِ أَحَدٌ وَلَمْ يَنْكَبْ، وَكَانَ يَدْعُو اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَهُ الْعَافِيَةَ فِي جُنْدِهِ، وَأَلا يَبْتَلِيَهُ بِمُصَابِ أَحَدٍ مِنْهُمْ، فَفَعَلَ، حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُ وَحْدَهُ، خَرَجَ فِي قَارِبِ طَلِيعَةٍ، فَانْتَهَى إِلَى الْمَرْقَى مِنْ أَرْضِ الرُّومِ، وَعَلَيْهِ سُؤَّالٌ يَعْتَرُّونَ بِذَلِكَ الْمَكَانِ، فَتَصَدَّقْ عَلَيْهِمْ، فَرَجَعَتِ امْرَأَةٌ مِنَ السُّؤَّالِ إِلَى قَرْيَتِهَا، فَقَالَتْ لِلرِّجَالِ: هَلْ لَكُمْ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ؟ قَالُوا: وَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَتْ: فِي الْمَرْقَى، قَالُوا: أَيْ عَدُوَّةَ اللَّهِ! وَمِنْ أَيْنَ تَعْرِفِينَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ؟ فَوَبَّخَتْهُمْ، وَقَالَتْ: أَنْتُمْ أَعْجَزُ مِنْ أَنْ يَخْفَى عَبْدَ اللَّهِ عَلَى أَحَدٍ فَثَارُوا إِلَيْهِ، فَهَجَمُوا عَلَيْهِ، فَقَاتَلُوهُ وَقَاتَلَهُمْ، فَأُصِيبَ وَحْدَهُ، وَأَفْلَتَ الْمَلاحُ حَتَّى أَتَى أَصْحَابَهُ، فَجَاءُوا حَتَّى أَرِقُوا، وَالْخَلِيفَةُ مِنْهُمْ سُفْيَانُ بْنُ عَوْفٍ الأَزْدِيُّ، فَخَرَجَ فَقَاتَلَهُمْ، فَضَجَرَ وَجَعَلَ يَعْبَثُ بِأَصْحَابِهِ وَيَشْتُمُهُمْ، فَقَالَتْ جَارِيَةُ عبد الله: وا عبد اللَّهِ، مَا هَكَذَا كَانَ يَقُول حِينَ يُقَاتِلُ! فَقَالَ سُفْيَانُ: وَكَيْفَ كَانَ يَقُولُ؟ قَالَتِ: الْغَمَرَاتُ ثُمَّ يَنْجِلِينَا.
فَتَرَكَ مَا كَانَ يَقُولُ، وَلَزِمَ: الْغَمَرَات ثُمَّ يَنْجَلِينَا وَأُصِيبَ فِي الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ، وَذَلِكَ آخِرُ زَمَانِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ الجاسي، وَقِيلَ لِتِلْكَ الْمَرْأَةِ بَعْدُ: بِأَيِّ شَيْءٍ عَرَفْتِيهِ؟ قَالَتْ: بِصَدَقَتِهِ، أَعْطَى كَمَا يُعْطِي الْمُلُوكُ، وَلَمْ يَقْبِضْ قَبْضَ التُّجَّارِ.
وَكَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شعيب، عن سيف، عن أبي حارثة وأبي عُثْمَانَ، قَالا: قيل لتلك المرأة الَّتِي استثارت الروم عَلَى عَبْد اللَّهِ بن قيس: كيف عرفته؟ قالت: كَانَ كالتاجر، فلما سألته أعطاني كالملك، فعرفت أنه عَبْد اللَّهِ بن قيس.
وكتب إِلَى مُعَاوِيَةَ والعمال: أَمَّا بَعْدُ، فقوموا عَلَى مَا فارقتم عَلَيْهِ عمر، وَلا تبدلوا، ومهما أشكل عَلَيْكُمْ، فردوه إلينا نجمع عَلَيْهِ الأمة، ثُمَّ نرده عَلَيْكُمْ، وإياكم أن تغيروا، فإني لست قابلا مِنْكُمْ إلا مَا كَانَ عمر يقبل.
وَقَدْ كَانَتْ تنتقض فِيمَا بين صلح عمر وولاية عُثْمَان تِلْكَ الناحية فيبعث إِلَيْهَا الرجل فيفتحها اللَّه عَلَى يديه، فيحسب لَهُ ذَلِكَ، وأما الفتوح فلأول من وليها.
قَالَ أَبُو جَعْفَر: ولما غزا مُعَاوِيَة قبرس، صالح أهلها- فِيمَا حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْن سهل، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيد بن مسلم، قَالَ: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَان بن أبي كريمة والليث بن سَعْدٍ وغيرهما من مشيخة ساحل دمشق، أن صلح قبرس وقع عَلَى جزية سبعة آلاف دينار يؤدونها إِلَى الْمُسْلِمِينَ فِي كل سنة، ويؤدون إِلَى الروم مثلها، ليس لِلْمُسْلِمِينَ أن يحولوا بينهم وبين ذَلِكَ، عَلَى أَلا يغزوهم وَلا يقاتلوا من وراءهم ممن أرادهم من خلفهم، وعليهم أن يؤذنوا الْمُسْلِمِينَ بمسير عدوهم من الروم إِلَيْهِم، وعلى أن يبطرق إمام الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِم مِنْهُمْ.
وَقَالَ الْوَاقِدِيّ: غزا مُعَاوِيَة فِي سنة ثمان وعشرين قبرس، وغزاها أهل مصر وعليهم عَبْد اللَّهِ بن سَعْدِ بْنِ أبي سرح، حَتَّى لقوا مُعَاوِيَة، فكان عَلَى الناس.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عن جبير بن نفير، قَالَ: لما سبيناهم نظرت إِلَى أبي الدرداء يبكي، فقلت لَهُ: مَا يبكيك فِي يوم أعز اللَّه فِيهِ الإِسْلام وأهله، وأذل فِيهِ الكفر وأهله؟ قَالَ: فضرب بيده عَلَى منكبي، وَقَالَ: ثكلتك أمك يَا جبير! مَا أهون الخلق عَلَى اللَّه إذا تركوا أمره! بينا هي أمة ظاهرة قاهرة لِلنَّاسِ لَهُمُ الملك، إذ تركوا أمر اللَّه، فصاروا إِلَى مَا ترى، فسلط عَلَيْهِم السباء، وإذا سلط السباء عَلَى قوم فليس لِلَّهِ فِيهِمْ حاجة.
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَحَدَّثَنِي أَبُو سَعِيد، أن مُعَاوِيَة بن أَبِي سُفْيَانَ صالح أهل قبرس فِي ولاية عُثْمَان، وَهُوَ أول من غزا الروم، وفي العهد الَّذِي بينه وبينهم أَلا يتزوجوا فِي عدونا من الروم إلا بإذننا.
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وفي هَذِهِ السنة غزا حبيب بن مسلمة سورية من أرض الروم.
وفيها تزوج عُثْمَان نائلة ابنة الْفُرَافِصَة الكلبية وكانت نصرانية، فتحنثت قبل أن يدخل بِهَا.
قال: وفيها بنى داره بِالْمَدِينَةِ، الزوراء، وفرغ منها.
قَالَ: وفيها كَانَ فتح فارس الأول، وإصطخر الآخر وأميرها هشام ابن عَامِر.
قَالَ: وحج بِالنَّاسِ عُثْمَان فِي هَذِهِ السنه سنة تسع وعشرين ذكر مَا كَانَ فِيهَا من الأحداث المشهورة ففيها عزل عُثْمَان أبا مُوسَى الأَشْعَرِيّ عن الْبَصْرَةِ، وَكَانَ عامله عَلَيْهَا ست سنين، وولاها عَبْد اللَّهِ بن عَامِر بن كريز، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ابن خمس وعشرين سنة، فقدمها وَقَدْ قيل: إن أبا مُوسَى إنما عمل لِعُثْمَانَ عَلَى الْبَصْرَة ثلاث سنين.
وذكر عَلِيّ بن مُحَمَّدٍ أن محاربا أخبره، عن عوف الأعرابي، قَالَ: خرج غيلان بن خرشة الضبي إِلَى عُثْمَانَ بن عَفَّانَ، فَقَالَ: أما لكم صغير فتستشبوه فتولوه الْبَصْرَة! حَتَّى متى يلي هَذَا الشيخ الْبَصْرَة! يعني أبا مُوسَى، وَكَانَ وليها بعد موت عمر ست سنين.
قَالَ: فعزله عُثْمَان عنها، وبعث عَبْد اللَّهِ بن عَامِر بن كريز بن رَبِيعَة ابن حبيب بن عبد شمس، وأمه دجاجة ابنة أسماء السلمي، وَهُوَ ابن خال عُثْمَان بن عَفَّانَ قَالَ مسلمة: فقدم الْبَصْرَة، وَهُوَ ابن خمس وعشرين سنة، سنة تسع وعشرين .
ذكر الخبر عن سبب عزل عُثْمَان أبا مُوسَى عن الْبَصْرَة كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، يَذْكُرُ أَنَّ شُعَيْبًا حَدَّثَهُ، عَنْ سَيْفٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ وَطَلْحَةَ، قَالا: لَمَّا وَلِيَ عُثْمَانُ أَقَرَّ أَبَا مُوسَى عَلَى الْبَصْرَةِ ثَلاثَ سِنِينَ، وَعَزَلَهُ فِي الرَّابِعَةِ، وَأَمَّرَ عَلَى خُرَاسَانَ عُمَيْرَ بْنَ عُثْمَانَ بْنِ سَعْدٍ، وَعَلَى سِجِسْتَانَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَيْرٍ الليثى- وهو من كنانه- فَأَثْخَنَ فِيهَا إِلَى كَابُلَ، وَأَثْخَنَ عُمَيْرٌ فِي خُرَاسَانَ حَتَّى بَلَغَ فَرْغَانَةَ، فَلَمْ يَدَعْ دُونَهَا كُورَةً إِلا أَصْلَحَهَا، وَبَعَثَ إِلَى مُكْرَانَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ مَعْمَرٍ التَّيْمِيَّ، فَأَثْخَنَ فِيهَا حَتَّى بلغ النهر وَبَعَثَ عَلَى كَرْمَانَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ غُبَيْسٍ، وَبَعَثَ إِلَى فَارِسٍ وَالأَهْوَازِ نَفَرًا، وَضَمَّ سَوَادَ الْبَصْرَةِ إِلَى الْحُصَيْنِ بْنِ أَبِي الْحُرِّ، ثُمَّ عَزَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَيْرٍ، وَاسْتَعْمَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرٍ فَأَقَرَّهُ عَلَيْهَا سَنَةً ثُمَّ عَزَلَهُ، وَاسْتَعْمَلَ عَاصِمَ بْنَ عَمْرٍو، وَعَزَلَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ غُبَيْسٍ، وَأَعَادَ عَدِيَّ بْنَ سُهَيْلِ بْنِ عَدِيٍّ.
وَلَمَّا كَانَ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ كَفَرَ أَهْلُ إِيذَجَ وَالأَكْرَادِ، فَنَادَى أَبُو مُوسَى فِي النَّاسِ، وَحَضَّهُمْ وَنَدَبَهُمْ، وَذَكَرَ مِنْ فَضْلِ الْجِهَادِ فِي الرَّجْلَةِ، حَتَّى حَمَلَ نَفَرٌ عَلَى دَوَابِّهِمْ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنْ يَخْرُجُوا رِجَالا وَقَالَ آخَرُونَ: لا وَاللَّهِ لا نَعْجَلُ بِشَيْءٍ حَتَّى نَنْظُرَ مَا صَنِيعُهُ؟ فَإِنْ أَشْبَهَ قَوْلَهُ فِعْلُهُ فَعَلْنَا كَمَا فَعَلَ أَصْحَابُنَا.
فَلَمَّا كَانَ يَوْمٌ خَرَجَ أَخْرَجَ ثِقَلَهُ مِنْ قَصْرِهِ عَلَى أَرْبَعِينَ بَغْلا، فَتَعَلَّقُوا بِعِنَانِهِ، وَقَالُوا: احْمِلْنَا عَلَى بَعْضِ هَذِهِ الْفُضُولِ، وَارْغَبْ مِنَ الرَّجْلَةِ فِيمَا رَغَّبْتَنَا فِيهِ، فَقَنَعَ الْقَوْمَ حَتَّى تَرَكُوا دَابَّتَهُ وَمَضَى، فَأَتَوْا عُثْمَانَ، فَاسْتَعْفُوهُ مِنْهُ، وَقَالُوا: مَا كُلُّ مَا نَعْلَمُ نُحِبُّ أَنْ نَقُولَهُ، فَأَبْدِلْنَا بِهِ، فَقَالَ: مَنْ تُحِبُّونَ؟ فَقَالَ غَيْلانُ بْنُ خَرَشَةَ: فِي كُلِّ أَحَدٍ عِوَضٌ مِنْ هَذَا الْعَبْدِ الَّذِي قَدْ أَكَلَ أَرْضَنَا، وَأَحْيَا أَمْرَ الْجَاهِلِيَّةِ فِينَا، فَلا نَنْفَكُّ مِنْ أَشْعَرِيٍّ كَانَ يُعَظِّمَ مُلْكَهُ عَنِ الأَشْعَرِينَ، وَيَسْتَصْغِرُ مَلِكَ الْبَصْرَةِ، وَإِذَا أَمَّرْتَ عَلَيْنَا صَغِيرًا كَانَ فِيهِ عِوَضٌ مِنْهُ، أَوْ مُهْتَرًّا كَانَ فِيهِ عِوَضٌ مِنْهُ، وَمَنْ بَيْنَ ذَلِكَ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ خَيْرٌ مِنْهُ.
فَدَعَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرٍ وَأَمَّرَهُ عَلَى الْبَصْرَةِ، وَصَرَفَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ مَعْمَرٍ إِلَى فَارِسٍ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى عَمَلِهِ عُمَيْرَ بْنَ عُثْمَانَ بْنِ سَعْدٍ فَاسْتَعْمَلَ عَلَى خُرَاسَانَ فِي سَنَةَ أَرْبَعٍ أَمِينَ بْنَ أَحْمَرَ الْيَشْكُرِيَّ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى سِجِسْتَانَ فِي سَنَةَ أَرْبَعٍ عِمْرَانَ بْنَ الْفَصِيلِ الْبُرْجُمُيَّ، وَعَلَى كَرْمَانَ عَاصِمَ بْنَ عَمْرٍو، فَمَاتَ بِهَا.
فَجَاشَتْ فَارِسٌ، وَانْتَقَضَتْ بِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ، فَاجْتَمَعُوا لَهُ بِإِصْطَخَرَ، فَالْتَقَوْا عَلَى بَابِ إِصْطَخَرَ، فَقُتِلَ عُبَيْدُ اللَّهِ وَهُزِمَ جُنْدُهُ، وَبَلَغَ الخبر عبد الله ابن عَامِرٍ، فَاسْتَنْفَرَ أَهْلَ الْبَصْرَةِ، وَخَرَجَ مَعَهُ النَّاسُ، وعلى مقدمته عثمان ابن أَبِي الْعَاصِ، فَالْتَقَوْا هُمْ وَهُمْ بِإِصْطَخَرَ، وَقُتِلَ مِنْهُمْ مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ لَمْ يَزَالُوا مِنْهَا فِي ذُلٍّ، وَكَتَبَ بِذَلِكَ إِلَى عُثْمَانَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ بِإِمْرَةِ هِرَمِ بْنِ حَسَّانٍ الْيَشْكُرِيِّ، وَهَرَمِ بْنِ حَيَّانَ الْعَبْدِيِّ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ، والخريت بن راشد من بنى سامه، وَالْمُنْجَابِ بْنِ رَاشِدٍ، وَالتَّرْجُمَانِ الْهُجَيْمِيِّ، عَلَى كُوَرِ فَارِسٍ، وَفَرَّقَ خُرَاسَانَ بَيْنَ نَفَرٍ سِتَّةٍ: الأَحْنَفُ عَلَى الْمُرْوَيْنِ، وَحَبِيبُ بْنُ قُرَّةَ الْيَرْبُوعِيُّ عَلَى بَلْخَ- وَكَانَتْ مِمَّا افْتَتَحَ أَهْلُ الْكُوفَةِ- وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُهَيْرٍ عَلَى هَرَاةَ، وَأَمِينُ بْنُ أَحْمَدَ الْيَشْكُرِيُّ عَلَى طُوسٍ، وَقَيْسُ بن الهيثم السُّلَمِيُّ عَلَى نَيْسَابُورَ- وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ خَرَجَ- وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَازِمٍ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّهِ ثُمَّ إِنَّ عُثْمَانَ جَمَعَهَا لَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ، فَمَاتَ وَقَيْسٌ عَلَى خُرَاسَانَ، وَاسْتَعْمَلَ أَمِينَ بْنَ أَحْمَرَ عَلَى سِجِسْتَانَ، ثُمَّ جَعَلَ عَلَيْهَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ- وَهُوَ مِنْ آلِ حَبِيبِ ابن عَبْدِ شَمْسٍ، فَمَاتَ عُثْمَانُ وَهُوَ عَلَيْهَا، وَمَاتَ وعمران على كرمان- وعمير ابن عُثْمَانَ بْنِ سَعْدٍ عَلَى فَارِسٍ، وَابْنُ كُنْدِيرٍ الْقُشَيْرِيُّ عَلَى مُكْرَانَ.
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَشْيَاخِهِ، قَالَ: قَالَ غَيْلانُ بْنُ خَرَشَةَ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفّ?
What's Your Reaction?






