المستنصر بالله منصور بن الظاهر بأمر الله 623 هـ ـ 640ه

الخلافة في الإسلام، تراجم الخلفاء، حياة الصحابة، سيرة الصحابة، الأحاديث في حياة الصحابة

المستنصر بالله منصور بن الظاهر بأمر الله 623 هـ ـ 640ه

المستنصر بالله : أبو جعفر منصور بن الظاهر بأمر اللهولد في صفر سنة ثمان و ثمانين و خمسمائة و أمه جارية تركيةقال ابن النجار : و بويع بعد موت أبيه في رجب سنة ثلاث و عشرين و ستمائة فنشر العدل في الرعايا و بذل الإنصاف في القضايا و قرب أهل العلم و الدين و بنى المساجد و الربط و المدارس و المارستانات و أقام منار الدين و قمع المتمردة و نشر السنن و كف الفتن و حمل الناس على أقوم سننن و قام بأمر الجهاد أحسن قيام و جمع الجيوش لنصرة الإسلام و حفظ الثغور و افتتح الحصونوقال الموفق عبد اللطيف : بويع أبو جعفر فسار السيرة الجميلة و عمر طرق المعروف الدائرة و أقام شعار الدين و منار الإسلام و اجتمعت القلوب على محبته و الألسن على مدحه و لم يجد أحد من المتعنتة فيه معاباو كان جدة الناصر يقربه و يسميه القاضي لهداه و عقله و إنكار ما يجده من المنكرو قال الحافظ زكي الدين عبد العظيم المنذري : كان المستنصر راغبا في فعل الخير مجتهدا في تكثير البر و له في ذلك آثار جميلة و أنشأ المدرسة المستنصرية و رتب فيها الرواتب الحسنة لأهل العلمو قال ابن واصل : بنى المستنصر على دجلة من الجانب الشرقي مدرسة ما بني على وجه الأرض أحسن منها و لا أكثر منها و قوفا و هي بأربعة مدرسين على المذاهب الأربعة و عمل فيها مارستانا و رتب فيها مطبخا للفقهاء و مزملة للماء البارد و رتب لبيوت الفقهاء الحصر و البسط و الزيت و الورق و الحبر و غير ذلك و للفقيه بعد ذلك في الشهر دينارا و رتب لهم حماما و هو أمر لم يسبق إلى مثله و استخدم عساكر عظيمة لم يستخدم مثلها أبوه و لا جده و كان ذا همة عالية و شجاعة و إقدام عظيم و قصدت التتار البلد فلقيهم عسكره فهزموا التتار هزيمة عظيمة و كان له أخ يقال له الخفاجي فيه شهامة زائدة و كان يقول : لئن وليت لأعبرن بالعسكر نهر جيحون و آخذ البلاد من أيدي التتار و استأصلهم فلما مات المستنصر لم الدويدار و لا الشرابي تقليد الخفاجي خوفا منه و أقاما ابنه أبا أحمد للينه و ضعف رأيه ليكون لهم الأمر ليقضي الله أمرا كان مفعولا من هلاك المسلمين في مدته و تغلب التتار فإنا لله و إنا إليه راجعونقال الذهبي و قد بلغ ارتفاع وقوف المستنصرية في العام نيفا و سبعين ألف مثقال و كان ابتداء عمارتها في سنة خمس و عشرين و تمت في سنة إحدى و ثلاثين و نقل إليها الكتب و هي مائة و ستون حملا من الكتب النفسية و عدد فقهائها مائتان و ثمانية و أربعون فقيها من المذاهب الأربعة و أربعة مدرسين و شيخ حديث و شيخ نحو و شيخ طب و شيخ فرائض و رتب فيها الخبز و الطبيخ و الحلاوة و الفاكهة و جعل فيها ثلاثين يتيما و وقف عليها ما لا يعبر عنه كثرة ـ ثم سرد الذهبي القرى و الرباع الموقوفة عليها ـ و قال : و فتحت يوم الخميس في رجب و حضر القضاة و المدرسون و الأعيان و سائر الدولة و كان يوما مشهوداو من الحوادث في أيام المستنصر : في سنة ثمان وعشرين أمر الملك الأشراف صاحب دمشق ببناء دار الحديث الأشرفية و فرغت في سنة ثلاثينو في سنة اثنتين و ثلاثين أمر المستنصر بضرب الدراهم الفضية ليتعامل بها بدلا عن قراضة الذهب فجلس الوزير و أحضر الولاة و التجار و الصيارفة و فرشت الأنطاع و أفرغ عليها الدراهم و قال الوزير : قد رسم مولانا أمير المؤمنين لمعاملتكم بهذه الدراهم عوضا عن قراضة الذهب رفقا بكم و إنقاذا لكم من التعامل بالحرام من الصرف الربوي فأعلنوا بالدعاء ثم أديرت بالعراق و سعرت كل عشرة بدينار فقال الموفق أبو المعالي القاسم بن أبي الحديد : ( لا عدمنا جميل رأيك فينا
أنت باعدتنا عن التطفيف ) ( و رسمت اللجين حتى ألفتاه
و ما كان قبل بالمألوف ) ( ليس للجمع كان منعك للصر
ف و لكن للعدل و التعريف )و في سنة خمس و ثلاثين و ستمائة ولي قضاء دمشق شمس الدين أحمد الجوني و هو أول قاضي رتب الشهود بالبلد و كان قبل ذلك يذهب الناس إلى بيوت العدول يشهدونهمو فيها مات الإخوان السلطان الأشرف صاحب دمشق و الكامل صاحب مصر بعده بشهرين و تسلطن بمصر ولد الكامل قلامة و لقب العادل ثم خلع و تملك أخوه الصالح أيوب نجم الدينو في سنة سبع و ثلاثين و ستمائة ولي خطابة دمشق الشيخ عزالدين بن عبد السلام فخطب خطبة عرية من البدع و أزال الأعلام المذهبة و أقام هو عوضها سودا بأبيض و لم يؤذن قدامه سوى مؤذن واحد و فيها رسول الأمين الذي تملك اليمن نور الدين عمر بن علي بن رسول التركماني إلى الخليفة يطلب تقليد السلطنة باليمن بعد موت الملك المسعود ابن الملك الكامل و بقي الملك في بيته إلى سنة خمسة و ستين و ثمانمائةو في سنة تسع و ثلاثين و ستمائة بنى الصالح صاحب مصر المدرسة التي بين القصرين و القلعة التي بالروضة ثم أخرب غلمانه القلعة المذكورة سنة إحدى و خمسين و ستمائةو في سنة أربعين و ستمائة توفي المستنصر يوم الجمعة عاشر جمادى الآخرة و رثاه الشعراء فمن ذلك قول صفي الدين عبد الله بن جميلو من مناقب المستنصر أن الوجيه القيرواني مدحه بقصيدة يقول فيها : ( لو كنت في يوم السقيفة حاضرا
كنت المقدم و الإمام الأورغا )فقال له قائل بحضرته : أخطأت قد كان حاضرا العباس جد أمير المؤمنين و لم يكن المقدم إلا أبو بكر فأقر ذلك المستنصر و خلع على قائل ذلك خلعة و أمر بنفي الوجيه فخرج إلى مصر حكاها الذهبيو ممن مات في أيام المستنصر من الأعلام : الإمام أبو القاسم الرافعي و الجمال المصري و ابن معزوز النحوي و ياقوت الحموي و السكاكي صاحب [ المفتاح ] و الحافظ أبو الحسن بن القطان و يحيى بن معطي صاحب [ الأليفة ] في النحو و الموفق عبد اللطيف البغدادي و الحافظ أبو بكر بن نقطة و الحافظ عزالدين علي بن الأثير صاحب [ التاريخ و الأنساب و أسد الغابة ] و ابن عتبي الشاعر و السيف الآمدي و ابن فضلان و عمر بن الفرض صاحب التائية و الشهاب السهرودي صاحب [ عوارف المعارف ] و البهاء بن شداد و أبو العباس العوفي صاحب المولد النبوي و العلامة أبو الخطاب بن دحية و أخوه أبو عمرو و الحافظ أبو الربيع بن سالم صاحب [ الاكتفاء ] في المغازي و ابن الشواء الشاعر و الحافظ زكي الدين البرزالي و الجمال الحصري شيخ الحنفية و الشمس الجوبي و الحراني أبو عبد الله الزيني و أبو البركات ابن المستوفي و الضياء بن الأثير صاحب [ المثل السائر ] و ابن عربي صاحب [ الفصوص ] و الكمال بن يونس شارح [ التنبيه ] و خلائق آخرون

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0