و في سنة اثنتين و ستين فرغت المدرسة الظاهرية بين القصرين

الخلافة في الإسلام، تراجم الخلفاء، حياة الصحابة، سيرة الصحابة، الأحاديث في حياة الصحابة

و في سنة اثنتين و ستين فرغت المدرسة الظاهرية بين القصرين

و ولى بها تدريس الشافعية التقي ابن رزين و تدريس الحديث الشرف الدمياطيو فيها زلزلت مصر زلزلة عظيمةو في سنة ثلاث و ستين انتصر سلطان المسلمين بالأندلس أبو عبد الله بن الأحمر على الفرنج و استرجع من أيديهم اثنتين و ثلاثين بلدا : من جملتها إشبيلية و مرسيةو فيها كثر الحريق بالقاهرة في عدة مواضع و وجد لفائف فيها النار و الكبريت على الأسطحةو فيها حفر السلطان بحر أشمون و عمل فيه بنفسه و الأمراءو فيها مات طاغية التتار هلاكو و ملك بعده ابنه أبغاو فيها سلطن السلطان ولده الملك السعيد و عمره أربع سنين و ركبه بأبهة الملك في قلعة الجبل و حمل الغاشية بنفسه بين يديه ولده من باب السر إلى باب السلسلة ثم عاد و ركب إلى القاهرة و الأمراء مشاة بين يديهو فيها جدد بالديار المصرية القضاة الأربعة من كل مذهب قاض و سبب ذلك توقف القاضي تاج الدين ابن بنت الأعز عن تنفيذ كثير من الأحكام و تعطلت الأمور و أبقى للششافعي النظر في أموال الأيتام و أمور بيت المال ثم فعل ذلك بدمشقو في رمضان منها حجب السلطان الخليفة و معه الناس لكون أصحابه كانوا يخرجون إلى البلد و يتكلمون في أمر الدولةو في سنة خمس و ستين و ستمائة أمر السلطان بعمل الجامع بالحسنية و تم في سنة سبع و ستين و قرر له خطيب حنفيو في سنة أربع و سبعين وجه السلطان جيشا إلى النوبة و دنقلة فانتصروا و أسر ملك النوبة و أرسل به إلى الملك الظاهر و وضعت الجزية على أهل دنقلة و لله الحمدقال الذهبي : و أول ما غزيت النوبة في سنة إحدى و ثلاثين من الهجرة غزاها عبد الله بن أبي سرح في خمسة آلاف فارس و لم يفتحها فهادنهم و رجع ثم غزيت في زمن هشام و لم تفتح ثم في زمن المنصور ثم غزاها تكن الزنكي ثم كافور الأخشيدي ثم ناصر الدولة ابن حمدان ثم توران شاه أخو السلطان صلاح الدين في سنة ثمانية و ستين و خمسمائة و لم تفتح إلا هذا العام و قال في ذلك ابن عبد الظاهر : ( هذا هو الفتح لا شيء سمعت به
في شاهد العين لا ما في الأسانيد )و في سنة ست و سبعين مات الملك الظاهر بدمشق في المحرم و استقل ابنه الملك السعيد محمد بالسلطنة و له ثمان عشرة سنةو فيها جمع التقي بن رزين بين قضاء مصر و القاهرة و كان قضاء مصر قبل ذلك مفردا عن قضاء القاهرة ثم لم يفرد بعد ذلك قضاء مصر عن قضاء القاهرةو في سنة ثمان و سبعين خلع الملك السعيد من السلطنة و سير إلى الكرك سلطانا بها فمات من عامه و ولوا مكانه بمصر أخاه بدر الدين سلامش ـ و له سبع سنين ـ و لقبوه بـ [ الملك العادل ] و جعلوا أتابكة الأمير سيف الدين قلاوون و ضرب السكة باسمه على وجه و دعي لهما في الخطبة ثم في رجب نزع سلامش من السلطنة بغير نزاع و تسلطن قلاوون و لقب بـ [ الملك المنصور ] و في سنة تسع و سبعين يوم عرفة وقع بديار مصر برد كبار و صواعقو في سنة ثمانين وصل عسكر التتار إلى الشام و حصل الرجيف فخرج السلطان لقتالهم و وقع المصاف و حصل مقتلة عظيمة ثم حصل النصر للمسلمين و لله الحمدو في سنة ثمان و ثمانين أخذ السلطان طرابلس بالسيف و كانت في أيدي النصارى من سنة ثلاث و خمسمائة إلى الآن و كان أول فتحها في زمن معاوية و أنشأ التاج ابن الأثير كتابا بالبشارة بذلك إلى أصحاب اليمن يقول فيه : و كانت الخلفاء و الملوك في ذلك الوقت ما فيهم إلا من هو مشغول بنفسه مكب على مجلس أنسه يرى السلامة غنيمة و إذا عن له وصف الحرب لم يسأل إلا عن طريق الهزيمة قد بلغ أمله من الرتبة و قنع بالسكة و الخطبة أموال تنهب و ممالك تذهب لا يبالون بما سلبوا و هم كما قيل : ( إن قاتلونا قتلوا أو طاردوا طردوا
أو حاربوا حربوا أو غالبوا غلبوا )إلى أن أوجد الله من نصر دينه و أذل الكفر و شياطينهو ذكر بعضهم أن معنى طرابلس باللسان الرومي ثلاثة حصون مجتمعةو في سنة تسع و ثمانين مات السلطان قلاوون في ذي القعدة و تسلطن ابنه الملك الأشرف صلاح الدين خليل فأظهر أمر الخليفة و كان خاملا في أيام أبيه حتى إن أباه لم يطلب منه تقليدا بالملك فخطب الخليفة بالناس يوم الجمعة و ذكر في خطبته توليته للملك الأشرف أمر الإسلامو لما فرغ من الخطبة صلى بالناس قاضي القضاة بدر الدين بن جماعة ثم خطب الخليفة مرة خطبة أخرى جهادية و ذكر بغداد و حرض على أخذهاو في سنة لإحدى و تسعين سافر السلطان فحاصر قلعة الرومو في سنة ثلاث و تسعين و ستمائة قتل السلطان بتروجة و سلطنوا أخاه محمد بن المنصور و لقب [ الملك الناصر ] و له يومئذ تسع سنين ثم خلع في المحرم سنة أربع و تسعين و تسلطن كتبغا المنصوري و تسمى بـ [ الملك العادل ] و في هذه السنة و دخل في الإسلام قازان بن أرغون بن أبغا بن هلاكو ملك التتار و فرح الناس بذلك و فشا الإسلام في جيشهو في سنة ست و تسعين و ستمائة كان السلطان بدمشق فوثب لاجين على السلطنة و حلف له الأمراء و لم يختلف عليه اثنان و لقب [ الملك المنصور ] و ذلك في صفر و خلع عليه الخليفة الخلعة السوداء و كتب له تقليدا و سير العادل إلى صرخد نائبا بها ثم قتل لاجين في جمادى الآخرة سنة ثمان و تسعين و أعيد الملك الناصر محمد بن المنصور قلاوون و كان منفيا بالكرك فقلده الخليفة فسير العادل إلى حماة نائبا بها فاستمر إلى أن مات سنة اثنتين و سبعمائةو في سنة إحدى و سبعمائة توفي الخليفة الحاكم إلى رحمة الله ليلة الجمعة ثامن عشر جمادى الأولى و صلى عليه العصر بسوق الخيل تحت القلعة و حضر جنازته رجال الدولة و الأعيان كلهم مشاة و دفن بقرب السيدة نفيسة و هو أول من دفن منهم هناك و استمر مدفنهم إلى الآن و كان عهد بالخلافة لولده أبي الربيع سليمانو ممن مات في أيام الحاكم من الأعلام : الشيخ عزالدين بن عبد السلام و العلم اللورقي و أبو القاسم القباري الزاهد و الزين خالد النابلسي و الحافظ أبو بكر بن سدي و الإمام أبو شامة و التاج ابن بنت الأعز و أبو الحسن بن عدلان و مجد الدين ابن دقيق العيد و أبو الحسن بن عصفور النحوي و الكمال سلار الإربلي و عبد الرحيم ابن يونس صاحب [ التعجيز ] و القرطبي صاحب التفسير و التذكرة و الشيخ جمال الدين ابن مالك و ولده بدر الدين و النصير الطوسي رأس الفلاسفة و خاصة التتار و التاج ابن السباعي خازن المستنصرية و البهان ابن جماعة و النجم الكاتبي المنطقي و الشيخ محيي الدين النووي و الصدر سليمان إمام الحنفية و التاج ابن مسير المؤرخ و الكواشي المفسر و التقي بن رزين و ابن خلكان صاحب [ وفيات الأعيان ] و ابن إياز النحوي و عبد الحليم بن تيمية و ابن جعوان و ناصر الدين بن المنبر و النجم ابن البارزي و البرهان النسفي صاحب التصانيف في الخلاف و الكلام و الرضي الشاطبي اللغوي و الجمال الشريشي و النفسي شيخ الأطباء و أبو الحسين بن أبي الربيع النحوي و الأصبهاني شارح المحصول و العفيف التلمساني الشاعر المنسوب إلى الإلحاد و التاج ابن الفركاح و الزين بن المرحل و الشمس الجوني و العز الفاروقي و المحب الطبري و التقي ابن بنت الأعز و الرضي القسطنطيني و البهاء ابن النحاس النحوي و ياقوت المستعصمي صاحب الخط المنسوب و خلائق آخرون

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0