مسالة حكم الاذان

مسالة حكم الاذان

مسالة حكم الاذان
102 - 18

مسالة:

في الاذان.

هل هو فرض ام سنة؟ وهل يستحب الترجيع ام لا؟ وهل التكبير اربع او اثنتان.

كمالك؟ وهل الاقامة شفع او فرد؟ وهل يقول: قد قامت الصلاة مرة او مرتين؟

الجواب::

الصحيح ان الاذان فرض على الكفاية، فليس لاهل مدينة ولا قرية ان يدعوا الاذان والاقامة، وهذا هو المشهور من مذهب احمد وغيره.

وقد اطلق طوايف من العلماء انه سنة، ثم من هولاء من يقول: انه اذا اتفق اهل بلد على تركه قوتلوا، والنزاع مع هولاء قريب من النزاع اللفظي.

فان كثيرا من العلماء يطلق القول بالسنة على ما يذم تاركه شرعا، ويعاقب تاركه شرعا.

فالنزاع بين هذا وبين من يقول: انه واجب نزاع لفظي، ولهذا نظاير متعددة.

واما من زعم انه سنة لا اثم على تاركيه، ولا عقوبة، فهذا القول خطا.

فان الاذان هو شعار دار الاسلام، الذي ثبت في الصحيح ان النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يعلق استحلال اهل الدار بتركه، فكان يصلي الصبح، ثم ينظر فان سمع موذنا لم يغر؛ والا اغار.

وفي السنن لابي داود والنسايي عن ابي الدرداء قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما من ثلاثة في قرية لا يوذن، ولا تقام فيهم الصلاة، الا استحوذ عليهم الشيطان، فعليك بالجماعة، فان الذيب ياكل الشاة القاصية» .

وقد قال تعالى: {استحوذ عليهم الشيطان فانساهم ذكر الله اوليك حزب الشيطان الا ان حزب الشيطان هم الخاسرون}[المجادلة: 19] .

واما الترجيع وتركه، وتثنية التكبير وتربيعه، وتثنية الاقامة وافرادها، فقد ثبت في صحيح مسلم، والسنن، حديث ابي محذورة الذي علمه النبي - صلى الله عليه وسلم - الاذان عام فتح مكة، وكان الاذان فيه وفي ولده بمكة، ثبت انه علمه الاذان والاقامة، وفيه الترجيع.

وروي في حديثه: «التكبير مرتين» كما في صحيح مسلم.

وروي: " اربعا " كما في سنن ابي داود وغيره.

وفي حديثه انه علمه الاقامة شفعا.

وثبت في الصحيح عن انس بن مالك قال: لما كثر الناس، قال: «تذاكروا ان يعلموا وقت الصلاة بشيء يعرفونه فذكروا ان يوروا نارا، او يضربوا ناقوسا، فامر بلال ان يشفع الاذان.

ويوتر الاقامة» .

وفي رواية للبخاري: «الا الاقامة» .

وفي سنن ابي داود وغيره «ان عبد الله بن زيد لما اري الاذان، وامره النبي - صلى الله عليه وسلم - ان يلقيه على بلال، فالقاه عليه.

وفيه التكبير اربعا، بلا ترجيع» .

واذا كان كذلك فالصواب مذهب اهل الحديث، ومن وافقهم، وهو تسويغ كل ما ثبت في ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

لا يكرهون شييا من ذلك، اذ تنوع صفة الاذان والاقامة، كتنوع صفة القراءات والتشهدات، ونحو ذلك، وليس لاحد ان يكره ما سنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لامته.

واما من بلغ به الحال الى الاختلاف والتفرق حتى يوالي ويعادي ويقاتل على مثل هذا ونحوه مما سوغه الله تعالى، كما يفعله بعض اهل المشرق، فهولاء من الذين فرقوا دينهم، وكانوا شيعا.

وكذلك ما يقوله بعض الايمة.

- ولا احب تسميته - من كراهة بعضهم للترجيع، وظنهم ان ابا محذورة غلط في نقله، وانه كرره ليحفظه، ومن كراهة من خالفهم لشفع الاقامة، مع انهم يختارون اذان ابي محذورة.

هولاء يختارون اقامته، ويكرهون اذانه، وهولاء يختارون اذانه، ويكرهون اقامته.

فكلاهما قولان متقابلان.

والوسط انه لا يكره لا هذا ولا هذا.

وان كان احمد وغيره من ايمة الحديث يختارون اذان بلال واقامته لمداومته على ذلك بحضرته، فهذا كما يختار بعض القراءات والتشهدات ونحو ذلك.

ومن تمام السنة في مثل هذا: ان يفعل هذا تارة، وهذا تارة، وهذا في مكان، وهذا في مكان؛ لان هجر ما وردت به السنة، وملازمة غيره، قد يفضي الى ان يجعل السنة بدعة، والمستحب واجبا ويفضي ذلك الى التفرق والاختلاف، اذا فعل اخرون الوجه الاخر.

فيجب على المسلم ان يراعي القواعد الكلية، التي فيها الاعتصام بالسنة والجماعة، لا سيما في مثل صلاة الجماعة.

واصح الناس طريقة في ذلك هم علماء الحديث، الذين عرفوا السنة واتبعوها، اذ من ايمة الفقه من اعتمد في ذلك على احاديث ضعيفة، ومنهم من كان عمدته العمل الذي وجده ببلده، وجعل ذلك السنة دون ما خالفه، مع العلم بان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد وسع في ذلك، وكل سنة.

وربما جعل بعضهم اذان بلال واقامته ما وجده في بلده، اما بالكوفة، واما بالشام، واما بالمدينة.

وبلال لم يوذن بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - الا قليلا، وانما اذن بالمدينة سعد القرظي موذن اهل قباء.

والترجيع في الاذان اختيار مالك والشافعي، لكن مالك يرى التكبير مرتين، والشافعي يراه اربعا، وتركه اختيار ابي حنيفة.

واما احمد فعنده كلاهما سنة وتركه احب اليه؛ لانه اذان بلال.

والاقامة يختار افرادها مالك والشافعي واحمد، وهو مع ذلك يقول: ان تثنيتها سنة، والثلاثة: ابو حنيفة والشافعي واحمد يختارون تكرير لفظة الاقامة، دون مالك، والله اعلم.

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0