مسالة يوم قوما فيخص نفسه بالدعاء دونهم

مسالة يوم قوما فيخص نفسه بالدعاء دونهم

مسالة يوم قوما فيخص نفسه بالدعاء دونهم
209 - 125

مسالة:

في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يحل لرجل يوم قوما فيخص نفسه بالدعاء دونهم، فان فعل فقد خانهم» .

فهل يستحب للامام انه كلما دعا الله عز وجل ان يشرك المامومين؟ وهل صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - انه كان يخص نفسه بدعايه في صلاته دونهم؟ فكيف الجمع بين هذين؟

الجواب::

الحمد لله رب العالمين.

قد ثبت في الصحيحين عن «ابي هريرة انه قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: ارايت سكوتك بين التكبير والقراءة.

ما تقول؟ قال: اقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الابيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد» فهذا حديث صحيح صريح في انه دعا لنفسه خاصة، وكان اماما.

وكذلك حديث علي في الاستفتاح الذي اوله: «وجهت وجهي للذي فطر السماوات والارض» - فيه - «فاغفر لي فانه لا يغفر الذنوب الا انت، واهدني لاحسن الاخلاق لا يهدي لاحسنها الا انت، واصرف عني سييها فانه لا يصرف عني سييها الا انت» .

وكذلك ثبت في الصحيح انه كان يقول بعد رفع راسه من الركوع بعد قوله: «لا مانع لما اعطيت، ولا معطي لما منعت» : «اللهم طهرني من خطاياي بالماء والثلج والبرد، اللهم نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الابيض من الدنس» .

وجميع هذه الاحاديث الماثورة في دعايه بعد التشهد من فعله، ومن امره، لم ينقل فيها الا لفظ الافراد.

كقوله: «اللهم اني اعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال» .

وكذا دعاوه بين السجدتين، وهو في السنن من حديث حذيفة، ومن حديث ابن عباس، وكلاهما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه اماما احدهما بحذيفة، والاخر بابن عباس.

وحديث حذيفة «رب اغفر لي، رب اغفر لي» وحديث ابن عباس فيه «اغفر لي، وارحمني، واهدني، وعافني، وارزقني» ونحو هذا، فهذه الاحاديث التي في الصحاح والسنن تدل على ان الامام يدعو في هذه الامكنة بصيغة الافراد.

وكذلك اتفق العلماء على مثل ذلك، حيث يرون انه يشرع مثل هذه الادعية.

واذا عرف ذلك تبين ان الحديث المذكور ان صح فالمراد به الدعاء الذي يومن عليه الماموم: كدعاء القنوت، فان الماموم اذا امن كان داعيا، قال الله تعالى لموسى وهارون: {قال قد اجيبت دعوتكما}[يونس: 89] وكان احدهما يدعو، والاخر يومن.

واذا كان الماموم مومنا على دعاء الامام، فيدعو بصيغة الجمع، كما في دعاء الفاتحة في قوله: {اهدنا الصراط المستقيم}[الفاتحة: 6] فان الماموم انما امن لاعتقاده ان الامام يدعو لهما جميعا، فان لم يفعل فقد خان الامام الماموم.

فاما المواضع التي يدعو فيها كل انسان لنفسه كالاستفتاح، وما بعد التشهد، ونحو ذلك، فكما ان الماموم يدعو لنفسه، فالامام يدعو لنفسه، كما يسبح الماموم في الركوع والسجود، اذا سبح الامام في الركوع والسجود، وكما يتشهد اذا تشهد، ويكبر اذا كبر، فان لم يفعل الماموم ذلك فهو المفرط.

وهذا الحديث لو كان صحيحا صريحا معارضا للاحاديث المستفيضة المتواترة، ولعمل الامة، والايمة، لم يلتفت اليه، فكيف وليس من الصحيح، ولكن قد قيل: انه حسن، ولو كان فيه دلالة لكان عاما، وتلك خاصة، والخاص يقضي على العام.

ثم لفظه «فيخص نفسه بدعوة دونهم» يراد بمثل هذا اذا لم يحصل لهم دعاء، وهذا لا يكون مع تامينهم.

واما مع كونهم مومنين على الدعاء كلما دعا، فيحصل لهم كما حصل له بفعلهم، ولهذا جاء دعاء القنوت بصيغة الجمع: «اللهم انا نستعينك، ونستهديك» الى اخره.

ففي مثل هذا ياتي بصيغة الجمع، ويتبع السنة على وجهها، والله اعلم.

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0