مسالة رجل ينكر على من يجهر بالذكر
مسالة رجل ينكر على من يجهر بالذكر

مسالة:
في رجل ينكر على اهل الذكر، يقول لهم: هذا الذكر بدعة وجهركم في الذكر بدعة، وهم يفتتحون بالقران ويختتمون، ثم يدعون للمسلمين الاحياء والاموات، ويجمعون التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير والحوقلة، ويصلون على النبي - صلى الله عليه وسلم - والمنكر يعمل السماع مرات بالتصفيق ويبطل الذكر في وقت عمل السماع.
الجواب::
الاجتماع لذكر الله واستمتاع كتابه والدعاء عمل صالح، وهو من افضل القربات والعبادات في الاوقات، ففي الصحيح، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - انه قال: «ان لله ملايكة سياحين في الارض، فاذا مروا بقوم يذكرون الله تنادوا: هلموا الى حاجتكم» وذكر الحديث، وفيه: «وجدناهم يسبحونك ويحمدونك» .لكن ينبغي ان يكون هذا احيانا في بعض الاوقات والامكنة، فلا يجعل سنة راتبة يحافظ عليها الا ما سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المداومة عليه من الصلوات الخمس في الجماعات ومن الجمعات والاعياد ونحو ذلك.
واما محافظة الانسان على اوراد له من الصلاة او القراءة او الذكر او الدعاء طرفي النهار وزلفا من الليل وغير ذلك، فهذا سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والصالحين من عباد الله قديما وحديثا، فما سن عمله على وجه الاجتماع كالمكتوبات، فعل كذلك، وما سن المداومة عليه على وجه الانفراد من الاوراد عمل كذلك، كما كان الصحابة - رضي الله عنهم - يجتمعون احيانا يامرون احدهم يقرا والباقون يستمعون، وكان عمر بن الخطاب يقول يا ابا موسى ذكرنا ربنا، فيقرا وهم يستمعون، وكان من الصحابة من يقول: " اجلسوا بنا نومن ساعة «وصلى النبي - صلى الله عليه وسلم - باصحابه التطوع في جماعة مرات» ، «وخرج على الصحابة من اهل الصفة وفيهم قاري يقرا فجلس معهم يستمع» .
وما يحصل عند السماع والذكر المشروع من وجل القلب، ودمع العين، واقشعرار الجسوم، فهذا افضل الاحوال التي نطق بها الكتاب والسنة، واما الاضطراب الشديد والغشي والموت والصيحات، فهذا ان كان صاحبه مغلوبا عليه لم يلم عليه، كما قد كان يكون في التابعين ومن بعدهم، فان منشاه قوة الوارد على القلب مع ضعف القلب، والقوة والتمكن افضل كما هو حال النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة.
واما السكون قسوة وجفاء فهذا مذموم لا خير فيه.
واما ما ذكر من السماع فالمشروع الذي تصلح به القلوب ويكون وسيلتها الى ربها بصلة ما بينه وبينها هو سماع كتاب الله الذي هو سماع خيار هذه الامة لا سيما وقد قال - صلى الله عليه وسلم - «ليس منا من لم يتغن بالقران» وقال: «زينوا القران باصواتكم» وهو السماع الممدوح في الكتاب والسنة، لكن لما نسي بعض الامة حظا من هذا السماع الذي ذكروا به القي بينهم العداوة والبغضاء، فاحدث قوم سماع القصايد والتصفيق والغناء مضاهاة لما ذمه الله من المكاء والتصدية والمشابهة لما ابتدعه النصارى، وقابلهم قوم قست قلوبهم عن ذكر الله وما نزل من الحق، وقست قلوبهم فهي كالحجارة او اشد قسوة مضاهاة لما عابه الله على اليهود.
والدين الوسط هو ما عليه خيار هذه الامة قديما وحديثا والله اعلم.
What's Your Reaction?






