مسالة البغاة والخوارج هل هي الفاظ مترادفة

مسالة البغاة والخوارج هل هي الفاظ مترادفة

مسالة البغاة والخوارج هل هي الفاظ مترادفة
742 - 96 - سيل: عن " البغاة، والخوارج ": هل هي الفاظ مترادفة بمعنى واحد؟ ام بينهما فرق؟ وهل فرقت الشريعة بينهما في الاحكام الجارية عليهما، ام لا؟ واذا ادعى مدع ان الايمة اجتمعت على ان لا فرق بينهم، الا في الاسم؛ وخالفه مخالف مستدلا بان امير المومنين عليا - رضي الله عنه - فرق بين اهل الشام واهل النهروان: فهل الحق مع المدعي؟ او مع مخالفه؟

الجواب::

الحمد لله.

اما قول القايل: ان الايمة اجتمعت على ان لا فرق بينهما الا في الاسم.

فدعوى باطلة، ومدعيها مجازف، فان نفي الفرق انما هو قول طايفة من اهل العلم من اصحاب ابي حنيفة والشافعي واحمد وغيرهم، مثل كثير من المصنفين في قتال اهل البغي فانهم قد يجعلون قتال ابي بكر لمانعي الزكاة، وقتال علي الخوارج، وقتاله لاهل الجمل وصفين الى غير ذلك من قتال المنتسبين الى الاسلام.

من باب قتال اهل البغي.

ثم مع ذلك فهم متفقون على ان مثل طلحة والزبير ونحوهما من الصحابة من اهل العدالة؛ لا يجوز ان يحكم عليهم بكفر ولا فسق؛ بل مجتهدون: اما مصيبون، واما مخطيون.

وذنوبهم مغفورة لهم.

ويطلقون القول بان البغاة ليسوا فساقا.

فاذا جعل هولاء واوليك سواء لزم ان تكون الخوارج وساير من يقاتلهم من اهل الاجتهاد الباقين على العدالة[سواء] ؛ ولهذا قال طايفة بفسق البغاة، ولكن اهل السنة متفقون على عدالة الصحابة.

واما جمهور اهل العلم فيفرقون بين " الخوارج المارقين " وبين " اهل الجمل وصفين " وغير اهل الجمل وصفين.

ممن يعد من البغاة المتاولين.

وهذا هو المعروف عن الصحابة، وعليه عامة اهل الحديث، والفقهاء، والمتكلمين وعليه نصوص اكثر الايمة واتباعهم: من اصحاب مالك، واحمد، والشافعي، وغيرهم.

وذلك انه قد ثبت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - انه قال: «تمرق مارقة على حين فرقة من المسلمين تقتلهم اولى الطايفتين بالحق» وهذا الحديث يتضمن ذكر الطوايف الثلاثة، ويبين ان المارقين نوع ثالث ليسوا من جنس اوليك؛ فان طايفة علي اولى بالحق من طايفة معاوية.

وقال في حق الخوارج المارقين: «يحقر احدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم وقراءته مع قراءتهم، يقرءون القران لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الاسلام كما يمرق السهم من الرمية، اينما لقيتموهم فاقتلوهم؛ فان في قتلهم اجرا عند الله لمن قتلهم يوم القيامة» وفي لفظ: «لو يعلم الذين يقاتلونهم مالهم على لسان نبيهم لنكلوا عن العمل» .

وقد روى مسلم احاديثهم في الصحيح من عشرة اوجه وروى هذا البخاري من غير وجه، ورواه اهل السنن والمسانيد؛ وهي مستفيضة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - متلقاة بالقبول، اجمع عليها علماء الامة من الصحابة ومن اتبعهم، واتفق الصحابة على قتال هولاء الخوارج.

واما " اهل الجمل، وصفين " فكانت منهم طايفة قاتلت من هذا الجانب واكثر اكابر الصحابة لم يقاتلوا لا من هذا الجانب ولا من هذا الجانب، واستدل التاركون للقتال بالنصوص الكثيرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ترك القتال في الفتنة، وبينوا ان هذا قتال فتنة.

وكان علي - رضي الله عنه - مسرورا لقتال الخوارج، ويروي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الامر بقتالهم؛ واما قتال " صفين " فذكر انه ليس معه فيه نص؛ وانما هو راي راه، وكان احيانا يحمد من لم ير القتال.

وقد ثبت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «انه قال في الحسن: ان ابني هذا سيد، وسيصلح الله به بين فيتين عظيمتين من المسلمين» " فقد مدح الحسن واثنى عليه باصلاح الله به بين الطايفتين: اصحاب علي واصحاب معاوية، وهذا يبين ان ترك القتال كان احسن، وانه لم يكن القتال واجبا ولا مستحبا.

" وقتال الخوارج " قد ثبت عنه انه امر به، وحض عليه، فكيف يسوي بين ما امر به وحض عليه، وبين ما مدح تاركه واثنى عليه؟ ،،.

فمن سوى بين قتال الصحابة الذين اقتتلوا بالجمل وصفين، وبين قتال ذي الخويصرة التميمي وامثاله من الخوارج المارقين، والحرورية المعتدين: كان قولهم من جنس اقوال اهل الجهل والظلم المبين.

ولزم صاحب هذا القول ان يصير من جنس الرافضة والمعتزلة الذين يكفرون او يفسقون المتقاتلين بالجمل وصفين، كما يقال مثل ذلك في الخوارج المارقين؛ فقد اختلف السلف والايمة في كفرهم على قولين مشهورين، مع اتفاقهم على الثناء على الصحابة المقتتلين بالجمل وصفين، والامساك عما شجر بينهم.

فكيف نشبه هذا بهذا؟ ،، وايضا «فالنبي - صلى الله عليه وسلم - امر بقتال الخوارج» قبل ان يقاتلوا.

واما " اهل البغي " فان الله تعالى قال فيهم: {وان طايفتان من المومنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما فان بغت احداهما على الاخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء الى امر الله فان فاءت فاصلحوا بينهما بالعدل واقسطوا ان الله يحب المقسطين}[الحجرات: 9] فلم يامر بقتال الباغية ابتداء.

فالاقتتال ابتداء ليس مامورا به؛ ولكن اذا اقتتلوا امر بالاصلاح بينهم؛ ثم ان بغت الواحدة قوتلت؛ ولهذا قال من قال من الفقهاء: ان البغاة لا يبتديون بقتالهم حتى يقاتلوا.

واما الخوارج فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - فيهم: «اينما لقيتموهم فاقتلوهم فان في قتلهم اجرا عند الله لمن قتلهم يوم القيامة» وقال: «لين ادركتهم لاقتلنهم قتل عاد» .

وكذلك مانعوا الزكاة؛ فان الصديق والصحابة ابتدءوا قتالهم، قال الصديق: والله لو منعوني عناقا كانوا يودونها الى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم عليه.

وهم يقاتلون اذا امتنعوا من اداء الواجبات وان اقروا بالوجوب.

ثم تنازع الفقهاء في كفر من منعها وقاتل الامام عليها مع اقراره بالوجوب؟ على قولين، هما روايتان عن احمد، كالروايتين عنه في تكفير الخوارج واما اهل البغي المجرد فلا يكفرون باتفاق ايمة الدين؛ فان القران قد نص على ايمانهم واخوتهم مع وجود الاقتتال والبغي.

والله اعلم.

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0