مسالة التتار الذين يقدمون الى الشام وقد نطقوا بالشهادتين
مسالة التتار الذين يقدمون الى الشام وقد نطقوا بالشهادتين

مسالة:
ما تقول السادة العلماء ايمة الدين - رضي الله عنهم اجمعين -، واعانهم على بيان الحق المبين، وكشف غمرات الجاهلين والزايغين في: هولاء التتار الذين يقدمون الى الشام مرة بعد مرة وقد تكلموا بالشهادتين، وانتسبوا الى الاسلام ولم يبقوا على الكفر الذي كانوا عليه في اول الامر فهل يجب قتالهم ام لا؟ وما الحجة على قتالهم، وما مذاهب العلماء في ذلك؟ وما حكم من كان معهم ممن يفر اليهم من عسكر المسلمين الامراء وغيرهم؟ وما حكم من قد اخرجوه معهم مكرها؟ وما حكم من يكون مع عسكرهم من المنتسبين الى العلم، والفقه، والفقر، والنصوص، ونحو ذلك.وما يقال فيمن زعم انهم مسلمون والمقاتلون لهم مسلمون وكلاهما ظالم، فلا يقاتل مع احدهما.
وفي قول من زعم انهم يقاتلون كما تقاتل البغاة المتاولون، وما الواجب على جماعة المسلمين من اهل العلم والدين واهل القتال واهل الاموال في امرهم.
افتونا في ذلك باجوبة مبسوطة شافية، فان امرهم قد اشكل على كثير من المسلمين، بل على اكثرهم تارة لعدم العلم باحوالهم، وتارة لعدم العلم بحكم الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - في مثلهم، والله الميسر لكل خير بقدرته ورحمته انه على كل شيء قدير وهو حسبنا ونعم الوكيل؟
الجواب::
الحمد لله رب العالمين، نعم يجب قتال هولاء بكتاب الله، وسنة رسوله، واتفاق ايمة المسلمين، وهذا مبني على اصلين: احدهما: المعرفة بحالهم.والثاني: معرفة حكم الله في مثلهم.
فاما الاول: فكل من باشر القوم بعلم حالهم، ومن لم يباشرهم يعلم ذلك بما بلغه من الاخبار المتواترة، واخبار الصادقين، ونحن نذكر جل امورهم بعد ان نبين الاصل الاخر الذي يختص بمعرفته اهل العلم بالشريعة الاسلامية فنقول: كل طايفة خرجت عن شريعة من شرايع الاسلام الظاهرة المتواترة فانه يجب قتالها باتفاق ايمة المسلمين، وان تكلمت بالشهادتين، فاذا اقروا بالشهادتين وامتنعوا عن الصلوات الخمس، وجب قتالهم حتى يصلوا، وان امتنعوا عن الزكاة، وجب قتالهم حتى يودوا الزكاة، وكذلك ان امتنعوا عن صيام شهر رمضان، او حج البيت العتيق، وكذلك ان امتنعوا عن تحريم الفواحش، او الزنا، او الميسر، او الخمر، او غير ذلك من محرمات الشريعة وكذلك ان امتنعوا عن الحكم في الدماء، والاموال والاعراض، والابضاع، ونحوها بحكم الكتاب والسنة، وكذلك ان امتنعوا عن الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجهاد الكفار الى ان يسلموا ويودوا الجزية عن يد وهم صاغرون.
وكذلك ان اظهروا البدع المخالفة للكتاب والسنة، واتباع سلف الامة وايمتها مثل: ان يظهروا الالحاد في اسماء الله واياته، او التكذيب باسماء الله وصفاته، او التكذيب بقدره وقضايه او التكذيب بما كان عليه جماعة المسلمين على عهد الخلفاء الراشدين، او الطعن في السابقين الاولين من المهاجرين والانصار والذين اتبعوهم باحسان او مقاتلة المسلمين حتى يدخلوا في طاعتهم التي توجب الخروج عن شريعة الاسلام وامثال هذه الامور قال الله تعالى: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله}[الانفال: 39] فاذا كان بعض الدين لله وبعضه لغير الله وجب القتال حتى يكون الدين كله لله.
وقال تعالى: {يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا ان كنتم مومنين}[البقرة: 278] {فان لم تفعلوا فاذنوا بحرب من الله ورسوله}[البقرة: 279] وهذه الاية نزلت في اهل الطايف، وكانوا قد اسلموا وصلوا وصاموا، لكن كانوا يتعاملون بالربا، فانزل الله هذه الاية وامر المومنين فيها بترك ما بقي من الربا، وقال: {فان لم تفعلوا فاذنوا بحرب من الله ورسوله}[البقرة: 279] وقد قري {فاذنوا} و {اذنوا} وكلا المعنيين صحيح، والربا اخر المحرمات في القران، وهو ما يوجد بتراضي المتعاملين، فاذا كان من لم ينته عنه محاربا لله ورسوله فكيف بمن لم ينته عن غيره من المحرمات التي هي اسبق تحريما واعظم تحريما.
وقد استفاض عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الاحاديث بقتال الخوارج، وهي متواترة عند اهل العلم بالحديث.
قال الامام احمد: صح الحديث في الخوارج من عشرة اوجه، وقد رواها مسلم في صحيحه، وروى البخاري منها ثلاثة اوجه: حديث علي، وابي سعيد الخدري، وسهل بن حنيف، وفي السنن، والمسانيد طرق اخر متعددة.
وقد قال - صلى الله عليه وسلم - في صفتهم: «يحقر احدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، وقراءته مع قراءتهم، يقرءون القران لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الاسلام كما يمرق السهم من الرمية، اينما لقيتموهم فاقتلوهم، فان في قتلهم اجرا عند الله لمن قتلهم يوم القيامة، لين ادركتهم لاقتلنهم قتل عاد» .
وهولاء قاتلهم امير المومنين علي بن ابي طالب بمن معه من الصحابة واتفق على قتالهم سلف الامة، وايمتها لم يتنازعوا في قتالهم كما تنازعوا في القتال يوم الجمل وصفين، فان الصحابة كانوا في قتال الفتنة ثلاثة اصناف: قوم قاتلوا مع علي - رضي الله عنه -، وقوم قاتلوا مع من قاتل، وقوم قعدوا عن القتال لم يقاتلوا الواحدة من الطايفتين.
واما الخوارج فلم يكن فيهم احد من الصحابة ولا نهى عن قتالهم احد من الصحابة.
وفي الصحيح: عن ابي سعيد ان النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «تمرق مارقة على حين فرقة من المسلمين تقتلهم اولى الطايفتين بالحق» .
وفي لفظ: «ادنى الطايفتين الى الحق» .
فبهذا الحديث الصحيح ثبت ان عليا واصحابه كانوا اقرب الى الحق من معاوية واصحابه، وان تلك المارقة التي مرقت من الاسلام ليس حكمها حكم احدى الطايفتين، بل امر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقتال هذه المارقة، واكد الامر بقتالها، ولم يامر بقتال احدى الطايفتين، كما امر بقتال هذه، بل قد ثبت عنه في الصحيح: من حديث ابي بكرة انه قال للحسن: «ان ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين طايفتين عظيمتين من المسلمين» .
فمدح الحسن واثنى عليه بما اصلح الله به بين الطايفتين، حين ترك القتال وقد بويع له واختار الاصل وحقن الدماء مع نزوله عن الامر، فلو كان القتال مامورا به لم يمدح الحسن ويثني عليه بترك ما امر الله به وفعل ما نهى الله عنه.
والعلماء لهم في قتال من يستحق القتال من اهل القبلة طريقان: منهم من يرى قتال علي يوم حروراء، ويوم الجمل، وصفين، كله من باب قتال اهل البغي، وكذلك يجعل قتال ابي بكر لمانعي الزكاة، وكذلك قتال ساير من قوتل من المنتسبين الى القبلة، كما ذكر ذلك من ذكره من اصحاب ابي حنيفة، والشافعي، ومن وافقهم من اصحاب احمد وغيرهم، وهم متفقون على ان الصحابة ليسوا فساقا بل هم عدول.
فقالوا: ان اهل البغي عدول مع قتالهم، وهم مخطيون خطا المجتهدين في الفروع، وخالفت في ذلك طايفة كابن عقيل وغيره.
فذهبوا الى تفسيق اهل البغي، وهولاء نظروا الى من عدوه من اهل البغي في زمنهم، فراوهم فساقا، ولا ريب انهم لا يدخلون الصحابة في ذلك، وانما يفسق الصحابة بعض اهل الاهواء من المعتزلة ونحوهم، كما يكفرهم بعض اهل الاهواء من الخوارج والروافض وليس ذلك من مذهب الايمة والفقهاء اهل السنة والجماعة، ولا يقولون: ان اموالهم معصومة كما كانت، وما كان ثابتا بعينه رد الى صاحبه، وما اتلف في حال القتال لم يضمن، حتى ان جمهور العلماء يقولون: لا يضمن لا هولاء ولا هولاء.
كما قال الزهري: وقعت الفتنة واصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متوافرون، فاجمعوا ان كل مال او دم اصيب بتاويل القران فانه هدر، وهل يجوز ان يستعان بسلاحهم في حربهم اذا لم يكن الى ذلك ضرورة على وجهين في مذهب احمد يجوز والمنع قول الشافعي والرخصة قول ابي حنيفة، واختلفوا في قتل اسرهم واتباع مدبرهم والتذفيف على جريحهم اذا كان لهم فية يلجيون اليها، فجوز ذلك ابو حنيفة، ومنعه الشافعي، وهو المشهور في مذهب احمد وفي مذهبه وجه انه يتبع مدبرهم من اول القتال، واما اذا لم يكن لهم فية، فلا يقتل اسير، ولا يذفف على جريح، كما رواه سعيد وغيره عن مروان بن الحكم قال: خرج صارخ، لعله يوم الجمل، لا يقتلن مدبر، ولا يذفف على جريح ومن اغلق بابه فهو امن، ومن القى السلاح فهو امن.
فمن سلك هذه الطريقة فقد يتوهم ان هولاء التتار من اهل البغي المتاولين ويحكم فيهم بمثل هذه الاحكام، كما ادخل من ادخل في هذا الحكم مانعي الزكاة والخوارج وسنبين فساد هذا التوهم ان شاء الله تعالى.
والطريقة الثانية ان قتال مانعي الزكاة، والخوارج، ونحوهم: ليس كقتال اهل الجمل وصفين، وهذا هو المنصوص عن جمهور الايمة المتقدمين وهو الذي يذكرونه في اعتقاد اهل السنة والجماعة، وهو مذهب اهل المدينة: كمالك، وغيره، ومذهب ايمة الحديث كاحمد وغيره، وقد نصوا على الفرق بين هذا وهذا في غير موضع حتى في الاموال فان منهم من اباح غنيمة اموال الخوارج.
وقد نص احمد في رواية ابي طالب في حرورية كان لهم سهم في قرية فخرجوا يقاتلون المسلمين فقتلهم المسلمون فارضهم فيء للمسلمين، فيقسم خمسه على خمسة واربعة اخماسه للذين قاتلوا يقسم بينهم، او يحمل الامير الخراج على المسلمين، ولا يقسم مثل ما اخذ عمر السواد عنوة، ووقفه على المسلمين فجعل احمد الارض التي للخوارج اذا غنمت بمنزلة ما غنم من اموال الكفار، وبالجملة فهذه الطريقة هي الصواب المقطوع به؛ فان النص والاجماع فرق بين هذا وهذا، وسيرة علي - رضي الله عنه - تفرق بين هذا وهذا، فانه قاتل الخوارج بنص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفرح بذلك، ولم ينازعه فيه احد من الصحابة، واما القتال يوم صفين فقد ظهر منه من كراهته والذم عليه ما ظهر، وقال من اهل الجمل وغيرهم: اخواننا بغوا علينا طهرهم السيف، وصلى على قتلى الطايفتين.
واما الخوارج ففي الصحيحين: عن علي بن ابي طالب قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ستخرج قوم في اخر الزمان حداث الاسنان، سفهاء الاحلام، يقولون من خير قول البرية لا يجاوز ايمانهم حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فاينما لقيتموهم فاقتلوهم، فان في قتلهم اجرا لمن قتلهم يوم القيامة» .
وفي صحيح مسلم: عن زيد بن وهب انه كان في الجيش الذي كانوا مع علي الذين ساروا الى الخوارج فقال علي: ايها الناس اني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «يخرج قوم من امتي يقرءون القران، ليس قراءتكم الى قراءتهم بشيء؛ ولا صلاتكم الى صلاتهم بشيء، ولا صيامكم الا صيامهم بشيء، يقرءون القران يحسبون انه لهم، وهو عليهم، لا تجاوز صلاتهم تراقيهم، يمرقون من الاسلام كما يمرق السهم من الرمية لو يعلم الجيش الذين يصيبونهم ما قضي لهم على لسان محمد نبيهم لنكلوا عن العمل، واية ذلك ان فيهم رجلا له عضد ليس له ذراع على عضده مثل حلمة الثدي، عليه شعرات بيض قال: فيذهبون الى معاوية واهل الشام ويتركون هولاء يخلفونكم في ذراريكم واموالكم، والله اني لارجو ان يكونوا هولاء القوم فانهم قد سفكوا الدم الحرام، واغاروا في سرح الناس، فسيروا على اسم الله» .
قال: فلما التقينا وعلى الخوارج يوميذ عبد الله بن وهب رييسا فقال لهم: القوا الرماح، وسلوا سيوفكم من حقوقها، فاني اناشدكم كما ناشدوكم يوم حروراء، فرجعوا فوحشوا برماحهم، وسلوا السيوف، وسحرهم الناس برماحهم.
قال: واقبل بعضهم على بعض، وما اصيب من الناس يوميذ الا رجلان: فقال علي: التمسوا فيه المخدع.
فالتمسوه، فلم يجدوه فقام على سيفه حتى اتى ناسا قد اقبل بعضهم على بعض.
قال: اخروهم فوجدوه مما يلي الارض فكبر ثم قال: صدق الله، وبلغ رسوله.
قال: فقام اليه عبيدة السلماني فقال: يا امير المومنين الله الذي لا اله الا هو اسمعت هذا الحديث من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: اي والله الذي لا اله الا هو حتى استحلفه ثلاثا وهو يحلف له ايضا.
فان الامة متفقون على ذم الخوارج وتضليلهم، وانما تنازعوا في تكفيرهم، على تكفيرهم على قولين مشهورين من مذهب مالك، واحمد، وفي مذهب الشافعي ايضا نزاع في كفرهم، ولهذا كان فيهم وجهان في مذهب احمد وغيره على الطريقة الاولى: احدهما: انهم بغاة.
والثاني: انهم كفار كالمرتدين يجوز قتلهم ابتداء وقتل اميرهم، واتباع مدبرهم ومن قدر عليه منهم استتيب كالمرتد، فان تاب والا قتل، كما ان مذهبه في مانعي الزكاة اذا قاتلوا الامام عليها، هل يكفرون مع الاقرار بوجوبها على روايتين، وهذا كله مما يبين ان قتال الصديق لمانعي الزكاة، وقتال علي الخوارج ليس مثل القتال يوم الجمل، وصفين، فكلام علي وغيره في الخوارج يقتضي انهم ليسوا كفارا كالمرتدين عن اصل الاسلام.
وهذا هو المنصوص عن الايمة كاحمد وغيره، وليسوا مع ذلك حكمهم كحكم اهل الجمل وصفين، بل هو نوع ثالث وهذا اصح الاقوال الثلاثة فيهم، وممن قاتلهم الصحابة مع اقرارهم الشهادتين، والصلاة، وغير ذلك مانعوا الزكاة، كما في الصحيحين: عن ابي هريرة ان عمر بن الخطاب قال لابي بكر: يا خليفة رسول الله، كيف تقاتل الناس، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «امرت ان اقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا اله الا الله واني رسول الله، فاذا قالوها عصموا مني دماءهم واموالهم، الا بحقها.
» فقال له ابو بكر: الم يقل لك «الا بحقها» فان الزكاة من حقها، والله لو منعوني عناقا كانوا يودونها الى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم على منعها قال عمر: فما هو الا ان رايت ان الله قد شرح صدر ابي بكر للقتال فعلمت انه الحق.
وقد اتفق الصحابة والايمة بعدهم على قتال مانعي الزكاة وان كانوا يصلون الخمس ويصومون شهر رمضان وهولاء لم يكن لهم شبهة سايغة، فلهذا كانوا مرتدين وهم يقاتلون على منعها، وان اقروا بالوجوب كما امر الله.
وقد حكي عنهم انهم قالوا: ان الله امر نبيه باخذ الزكاة بقوله: {خذ من اموالهم صدقة}[التوبة: 103] وقد تسقط بموته.
وكذلك «امر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقتال الذين لا ينتهون عن شرب الخمر» .
واما الاصل الاخر وهو معرفة احوالهم: فقد علم ان هولاء القوم جاروا على الشام في المرة الاولى عام تسعة وتسعين، واعطوا الناس الامان وقرءوه على المنبر بدمشق، ومع هذا فقد سلبوا من ذراري المسلمين، ما يقال: انه ماية الف، او يزيد عليه، وفعلوا ببيت المقدس، وبجبل الصالحية، ونابلس، وحمص، وداريا، وغير ذلك من القتل والسبي ما لا يعلمه الا الله حتى يقال: انهم سبوا من المسلمين قريبا من ماية الف وجعلوا يفجرون بخيار نساء المسلمين في المساجد وغيرها: كالمسجد الاقصى، والاموي، وغيره، وجعلوا الجامع الذي بالعقيبة دكا، وقد شاهدنا عسكر القوم فراينا جمهورهم لا يصلون، ولم نر في عسكرهم موذنا ولا اماما.
وقد اخذوا من اموال المسلمين وذراريهم، وخربوا من ديارهم ما لا يعلمه الا الله ولم يكن معهم في دولتهم الا من كان من شر الخلق، اما زنديق منافق لا يعتقد دين الاسلام في الباطن، واما من هو من شر اهل البدع كالرافضة والجهمية والاتحادية ونحوهم.
واما من هو افجر الناس وافسقهم، وهم في بلادهم مع تمكنهم لا يحجون البيت العتيق، وان كان فيهم من يصلي ويصوم، فليس الغالب عليهم اقام الصلاة ولا ايتاء الزكاة، وهم يقاتلون على ملك جنكيز خان، فمن دخل في طاعتهم جعلوه وليا لهم، وان كان كافرا ومن خرج عن ذلك جعلوه عدوا لهم، وان كان من خيار المسلمين ولا يقاتلون على الاسلام ولا يضعون الجزية، والصغار، بل غاية كثير من المسلمين منهم من اكابر امرايهم ووزرايهم ان يكون المسلم عندهم، كمن يعظمونه من المشركين من اليهود والنصارى.
كما قال اكبر مقدميهم الذين قدموا الى الشام، وهو يخاطب رسل المسلمين، ويتقرب اليهم بانا مسلمون فقال: هذان ايتان عظيمتان جاءا من عند الله: محمد، وجنكيز خان، فهذا غاية ما يتقرب به اكبر مقدميهم الى المسلمين ان يسوي بين رسول الله اكرم الخلق عليه، وسيد ولد ادم، وخاتم المرسلين، وبين ملك كافر مشرك من اعظم المشركين، كفرا وفسادا وعدوانا من جنس بخت نصر وامثاله.
وذلك ان اعتقاد هولاء التتار كان في جنكيز خان عظيما فانهم يعتقدون انه ابن الله من جنس ما يعتقده النصارى في المسيح، ويقولون: ان الشمس حبلت امه، وانها كانت في خيمة فنزلت الشمس من كوة الخيمة فدخلت فيها حتى حبلت، ومعلوم عند كل ذي دين ان هذا كذب.
وهذا دليل على انه ولد زنا، وان امه زنت فكتمت زناها، واخفت هذا حتى تدفع عنها معرة الزنا، وهم مع هذا يجعلونه اعظم رسول عند الله في تعظيم ما سنه لهم، وشرعه بظنه، وهو حتى يقولوا لما عندهم من المال هذا رزق جنكيز خان، ويشكرونه على اكلهم وشربهم، وهم يستحلون قتل من عادى ما سنه لهم هذا الكافر الملعون المعادي لله ولانبيايه ورسوله وعباده المومنين.
فهذا وامثاله من مقدميهم كان غايته بعد الاسلام ان يجعل محمدا - صلى الله عليه وسلم - بمنزلة هذا الملعون، ومعلوم ان " مسيلمة الكذاب " كان اقل ضررا على المسلمين من هذا، وادعى انه شريك محمد في الرسالة، وبهذا استحل الصحابة قتاله، وقتال اصحابه المرتدين، فكيف بمن كان فيما يظهره من الاسلام يجعل محمدا كجنكيز خان، والا فهم مع اظهارهم للاسلام يعظمون امر " جنكيز خان " على المسلمين المتبعة لشريعة القران ولا يقاتلون اوليك المتبعين لما سنه " جنكيز خان " كما يقاتلون المسلمين بل اعظم.
اوليك الكفار يبذلون له الطاعة والانقياد، ويحملون اليه الاموال، ويقرون له بالنيابة، ولا يخالفون ما يامرهم به الا كما يخالف الخارج عن طاعة الامام للامام، وهم يحاربون المسلمين ويعادونهم اعظم معاداة ويطلبون من المسلمين الطاعة لهم وبذل الاموال والدخول فيما وضعه لهم، ذلك الملك الكافر المشرك المشابه لفرعون او النمرود ونحوهما.
بل هو اعظم فسادا في الارض منهما.
قال الله تعالى: {ان فرعون علا في الارض وجعل اهلها شيعا يستضعف طايفة منهم يذبح ابناءهم ويستحيي نساءهم انه كان من المفسدين}[القصص: 4] .
وهذا الكافر علا في الارض يستضعف اهل الملل كلهم من المسلمين، واليهود، والنصارى ومن خالفه من المشركين بقتل الرجال، وسبي الحريم، وياخذ الاموال ويهلك الحرث، والنسل، والله لا يحب الفساد، ويرد الناس عما كانوا عليه من سلك الانبياء والمرسلين الى ان يدخلوا فيما ابتدعه من سنته الجاهلية وشريعته الكفرية، فهم يدعون دين الاسلام ويعظمون دين اوليك الكفار على دين المسلمين ويطيعونهم ويوالونهم اعظم بكثير من طاعة الله ورسوله، وموالاة المومنين والحكم فيما شجر بين اكابرهم بحكم الجاهلية، لا بحكم الله ورسوله.
وكذلك الاكابر من وزرايهم وغيرهم يجعلون دين الاسلام كدين اليهود والنصارى وان هذه كلها طرق الى الله بمنزلة المذاهب الاربعة عند المسلمين، ثم منهم من يرجح دين اليهود او دين النصارى، ومنهم من يرجح دين المسلمين.
وهذا القول فاش غالب فيهم حتى في فقهايهم وعبادهم، لا سيما الجهمية من الاتحادية الفرعونية ونحوهم، فانه غلبت عليهم الفلسفة وهذا مذهب كثير من المتفلسفة او اكثرهم وعلى هذا كثير من النصارى او اكثرهم وكثير من اليهود ايضا.
بل لو قال القايل: ان غاب خواص العلماء منهم والعباد على هذا المذهب لما ابعد.
وقد رايت من ذلك وسمعت ما لا يتسع له هذا الموضع، ومعلوم بالاضطرار من دين المسلمين وباتفاق جميع المسلمين ان من سوغ اتباع غير دين الاسلام او اتباع شريعة غير شريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - فهو كافر، وهو ككفر من امن ببعض الكتاب وكفر ببعض الكتاب، كما قال تعالى: {ان الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون ان يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نومن ببعض ونكفر ببعض ويريدون ان يتخذوا بين ذلك سبيلا}[النساء: 150] {اوليك هم الكافرون حقا واعتدنا للكافرين عذابا مهينا}[النساء: 151] .
واليهود والنصارى داخلون في ذلك، وكذلك المتفلسفة يومنون ببعض ويكفرون ببعض، ومن تفلسف من اليهود والنصارى يبقى كفره من وجهين.
وهولاء اكثر وزرايهم الذين يصدرون عن رايه غايته ان يكون من هذا الضرب، فانه كان يهوديا متفلسفا ثم انتسب الى الاسلام مع ما فيه من اليهودية والتفلسف، وضم الى ذلك الرفض فهذا هو اعظم من عندهم من ذوي الاقلام وذاك اعظم من كان عندهم من ذوي السيف فليعتبر المومن بهذا.
وبالجملة: فما من نفاق وزندقة والحاد الا وهي داخلة في اتباع التتار؛ لانهم من اجهل الخلق واقلهم معرفة بالدين وابعدهم عن اتباعه واعظم الخلق اتباعا للظن وما تهوى الانفس.
وقد قسموا الناس اربعة اقسام يال رباع وداشمند وطاط، اي صديقهم وعدوهم والعالم والعامي، فمن دخل في طاعتهم الجاهلية وسنتهم الكفرية كان صديقهم، ومن خالفهم كان عدوهم.
ولو كان من انبياء الله ورسله واوليايه، وكل من انتسب الى علم او دين سموه " داشمند " كالفقيه، والزاهد، والقسيس، والراهب، ودنان اليهود، والمنجم، والساحر، والطبيب، والكاتب، والحاسب، فيدرجون سادن الاصنام فيدرجون في هذا من المشركين واهل الكتاب، واهل البدع ما لا يعلمه الا الله، ويجعلون اهل العلم والايمان نوعا واحدا، بل يجعلون القرامطة الملاحدة الباطنية الزنادقة المنافقين كالطوسي وامثاله، هم الحكام على جميع من انتسب الى علم او دين من المسلمين واليهود والنصارى.
وكذلك وزيرهم السفيه الملقب بالرشيد، يحكم على هذه الاصناف ويقدم شرار المسلمين كالرافضة والملاحدة على خيار المسلمين اهل العلم والايمان، حتى تولى قضاء القضاة من كان اقرب الى الزندقة والالحاد والكفر بالله ورسوله، بحيث تكون موافقة للكفار والمنافقين من اليهود والقرامطة، والملاحدة، والرافضة على ما يريدونه اعظم من غيره ويتظاهر من شريعة الاسلام بما لا بد له منه لاجل من هناك من المسلمين حتى ان وزيرهم هذا الخبيث الملحد المنافق صنف مصنفا مضمونه ان النبي - صلى الله عليه وسلم - رضي بدين اليهود والنصارى، وانه لا ينكر عليهم ولا يذمون، ولا ينهون دينهم، ولا يومرون بالانتقال الى الاسلام واستدل الخبيث الجاهل بقوله: {قل يا ايها الكافرون}[الكافرون: 1] {لا اعبد ما تعبدون}[الكافرون: 2] {ولا انتم عابدون ما اعبد}[الكافرون: 3] {ولا انا عابد ما عبدتم}[الكافرون: 4] {ولا انتم عابدون ما اعبد}[الكافرون: 5] {لكم دينكم ولي دين}[الكافرون: 6] .
وزعم ان هذه الاية تقتضي انه يرضى دينهم، وقال: وهذه الاية محكمة ليست منسوخة، وجرت بسبب ذلك امور، ومن المعلوم ان هذا جهل منه، فان قوله لكم دينكم ولي دين ليس فيه ما يقتضي ان يكون دين الكفار حقا ولا مرضيا له، وانما يدل على تبرية من دينهم، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم - في هذه السورة انها براءة من الشرك كما قال في الاية الاخرى: {وان كذبوك فقل لي عملي ولكم عملكم انتم برييون مما اعمل وانا بريء مما تعملون}[يونس: 41] .
فقوله: {لكم دينكم ولي دين}[الكافرون: 6] كقوله لنا اعمالنا ولكم اعمالكم.
وقد اتبع ذلك بموجبه ومقتضاه حيث قال: انتم برييون مما اعمل، وانا بريء مما تعملون، ولو قدر ان في هذه السورة ما يقتضي انهم لم يومروا بترك دينهم فقد علم بالاضطرار من دين الاسلام بالنصوص المتواترة وباجماع الامة انه امر المشركين واهل الكتاب بالايمان به، وانه جاءهم على ذلك واخبر انهم كافرون يخلدون في النار.
وقد اظهروا الرفض ومنعوا ان نذكر على المنابر الخلفاء الراشدين، وذكروا عليا واظهروا الدعوة للاثني عشر الذين تزعم الرافضة انهم ايمة معصومون وان ابا بكر، وعمر، وعثمان: كفار، وفجار، ظالمون لا خلافة لهم، ولا لمن بعدهم.
ومذهب الرافضة شر من مذهب الخوارج المارقين، فان الخوارج غايتهم تكفير عثمان، وعلي، وشيعتهما، والرافضة تكفير ابي بكر، وعمر، وعثمان، وجمهور السابقين الاولين، وتجحد من سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اعظم مما جحد به الخوارج، وفيهم من الكذب والافتراء والغلو والالحاد ما ليس في الخوارج، وفيهم من معاونة الكفار على المسلمين ما ليس من الخوارج، والرافضة تحب التتار ودولتهم لانه يحصل بدولة المسلمين والرافضة هم معاونون للمشركين واليهود والنصارى على قتال المسلمين، وهم كانوا من اعظم الاسباب في دخول التتار قبل اسلامهم الى ارض المشرق بخراسان، والعراق، والشام، وكان من اعظم الناس معاونة لهم على اخذهم لبلاد الاسلام وقتل المسلمين وسبي حريمهم، وقضية ابن العلقمي وامثاله مع الخليفة وقضيتهم في حلب مع صاحب حلب مشهورة يعرفها عموم الناس.
وكذلك في الحروب التي بين المسلمين وبين النصارى بسواحل الشام قد عرف اهل الخبرة ان الرافضة تكون مع النصارى على المسلمين، وانهم عاونوهم على اخذ البلاد لما جاء التتار وعز على الرافضة فتح عكا وغيرها من السواحل، واذا غلب المسلمون النصارى والمشركين كان ذلك غصة عند الرافضة، واذا غلب المشركون والنصارى المسلمين كان ذلك عيدا، ومسرة عند الرافضة، ودخل في الرافضة اهل الزندقة والالحاد من النصيرية، والاسماعيلية، وامثالهم من الملاحدة القرامطة وغيرهم ممن كان بخراسان، والعراق، والشام، وغير ذلك، والرافضة جهمية قدرية، وفيهم من الكذب والبدع والافتراء على الله ورسوله اعظم مما في الخوارج المارقين الذين قاتلهم امير المومنين علي وساير الصحابة بامر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بل فيهم من الردة عن شرايع الدين اعظم مما في مانعي الزكاة الذين قاتلهم ابو بكر الصديق والصحابة، ومن اعظم ما ذم به النبي - صلى الله عليه وسلم - الخوارج قوله: «فهم يقتلون اهل الاسلام ويدعون اهل الاديان» .
كما اخرج في الصحيحين: عن ابي سعيد قال: «بعث علي الى النبي - صلى الله عليه وسلم - بذهيبة فقسمها بين اربعة يعني من امراء نجد فغضبت قريش والانصار قالوا: يعطي صناديد اهل نجد ويدعنا، قال: انما اتالفهم فاقبل رجل غاير العينين مشرف الوجنتين ناتي الجبين، كث اللحية محلوق، فقال: يا محمد اتق الله؛ فقال: من يطيع الله اذا عصيته ايامنني الله على اهل الارض ولا تامنوني فساله رجل قتله فمنعه، فلما ولى قال: ان من ضيضي هذا او في عقب هذا قوما يقرءون القران لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية، يقتلون اهل الاسلام، ويدعون اهل الاوثان، لين ادركتهم لاقتلنهم قتل عاد» وفي لفظ في الصحيحين عن «ابي سعيد قال: بينما نحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقسم قسما اتاه ذو الخويصرة، وهو رجل من بني تميم.
فقال: يا رسول الله، اعدل.
فقال: ويلك فمن يعدل اذا لم اعدل قد خبت وخسرت ان لم اكن اعدل فقال عمر: يا رسول الله، اتاذن لي فيه فاضرب عنقه.
فقال: دعه فان له اصحابا يحقر احدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يقرءون القران لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ينظر الى نصله فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر الى رصافه فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر الى نضيه فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر الى قذذه فلا يوجد فيه شيء قد سبق الفرث والدم، ايتهم رجل اسود احدى عضديه مثل ثدي المراة، او مثل البضعة يخرجون على حين فرقة من الناس» .
قال ابو سعيد: فاشهد اني سمعت هذا الحديث من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ان علي بن ابي طالب قاتلهم، واشهد ان علي بن ابي طالب قاتلهم وانا معه، فامر بذلك الرجل، فالتمس فاتي به حتى نظرت اليه على نعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي نعته، فهولاء الخوارج المارقون من اعظم ما ذمهم به النبي - صلى الله عليه وسلم - انهم يقتلون اهل الاسلام ويدعون اهل الاوثان، وذكر انهم يخرجون على حين فرقة من الناس والخوارج مع هذا لم يكونوا يعاونون الكفار على قتال المسلمين، والرافضة يعاونون الكفار على قتال المسلمين، فلم يكفهم انهم لا يقاتلون الكفار مع المسلمين حتى قاتلوا المسلمين مع الكفار، فكانوا اعظم مروقا عن الدين من اوليك المارقين بكثير كثير.
وقد اجمع المسلمون على وجوب قتال الخوارج والروافض ونحوهم، اذا فارقوا جماعة المسلمين، كما قاتلهم علي - رضي الله عنه -، فكيف اذا ضموا الى ذلك من احكام المشركين كنايسا وجنكيز خان ملك المشركين ما هو من اعظم المضادة لدين الاسلام، وكل من قفز اليهم من امراء فحكمه حكمهم وفيهم من الردة عن شرايع الاسلام، بقدر ما ارتد عنه من شرايع الاسلام.
واذا كان السلف قد سموا مانعي الزكاة مرتدين مع كونهم يصومون ويصلون، ولم يكونوا يقاتلون جماعة المسلمين، فكيف ممن صار مع اعداء الله ورسوله قاتلا للمسلمين مع انه والعياذ بالله لو استولى هولاء المحاربون لله ورسوله المحادون لله ورسوله المعادون لله ورسوله، على ارض الشام ومصر.
في مثل هذا الوقت لافضى ذلك الى زوال دين الاسلام ودروس شرايعه.
اما الطايفة بالشام ومصر ونحوهما فهم في هذا الوقت المقاتلون عن دين الاسلام، وهم من احق الناس دخولا في الطايفة المنصورة التي ذكرها النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله في الاحاديث الصحيحة المستفيضة عنه: «لا تزال طايفة من امتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى تقوم الساعة» .
وفي رواية لمسلم: «لا يزال اهل الغرب» .
والنبي - صلى الله عليه وسلم - تكلم بهذا الكلام بمدينته النبوية، فغربه ما يغرب عنها، وشرقه ما يشرق عنها، فان التشريق والتغريب من الامور النسبية، اذ كل بلد له شرق وغرب، ولهذا اذا قدم الرجل الى الاسكندرية من الغرب يقولون: سافر الى الشرق، وكان اهل المدينة يسمون اهل الشام اهل الغرب، ويسمون اهل نجد والعراق اهل الشرق، كما في حديث ابن عمر قال: قدم رجلان من اهل المشرق فخطبا.
وفي رواية: «من اهل نجد» .
ولهذا قال احمد بن حنبل: اهل الغرب هم اهل الشام.
يعني هم اهل الغرب كما ان نجدا والعراق اول الشرق، وكل ما يشرق عنها فهو من الشرق، وكل ما يغرب عن الشام من مصر وغيرها فهو داخل في الغرب.
وفي الصحيحين: ان معاذ بن جبل قال في الطايفة المنصورة، وهم بالشام فانها اصل المغرب، وهم فتحوا ساير المغرب: كمصر، والقيروان، والاندلس، وغير ذلك، واذا كان غرب المدينة النبوية ما يقرب عنها فالنيرة ونحوها على مسامتة المدينة النبوية كما ان حران والرقة وسمنصاط ونحوها على مسامتة مكة، فما يغرب عن النيرة فهو من الغرب الذين وعدهم النبي - صلى الله عليه وسلم - لما تقدم.
وقد جاء في حديث اخر في صفة الطايفة المنصورة انهم باكناف البيت المقدس، وهذه الطايفة هي التي باكناف البيت المقدس اليوم ومن يدبر احوال العالم في هذا الوقت فعلم ان هذه الطايفة هي اقوم الطوايف بدين الاسلام علما وعملا وجهادا عن شرق الارض وغربها، فانهم هم الذين يقاتلون اهل الشوكة العظيمة من المشركين، واهل الكتاب، ومغازيهم مع النصارى، ومع المشركين من الترك، ومع الزنادقة المنافقين من الداخلين في الرافضة وغيرهم: كالاسماعيلية، ونحوهم من القرامطة، معروفة معلومة قديما وحديثا والعز الذي للمسلمين بمشارق الارض ومغاربها هو بعزهم ولهذا لما هزموا سنة تسع وتسعين وستماية دخل على اهل الاسلام من الذل والمصيبة بمشارق الارض ومغاربها ما لا يعلمه الا الله، والحكايات في ذلك كثيرة ليس هذا موضعها، وذلك ان سكان اليمن في هذا الوقت ضعاف عاجزون عن الجهاد او مضيعون له، وهم مطيعون لمن ملك هذه البلاد حتى ذكروا انهم ارسلوا بالسمع والطاعة لهولاء، وملك المشركين لما جاء الى حلب جرى بها من القتل ما جرى.
واما سكان الحجاز فاكثرهم او كثير منهم خارجون عن الشريعة، وفيهم من البدع والضلال والفجور ما لا يعلمه الا الله، واهل الايمان والدين فيهم مستضعفون عاجزون، وانما تكون لهم القوة والعزة في هذا الوقت لغير اهل الاسلام بهذه البلاد، فلو ذلت هذه الطايفة والعياذ بالله تعالى لكان المومنون بالحجاز من اذل الناس لا سيما وقد غلب فيهم الرفض، وملك هولاء التتار المحاربون لله ورسوله الان مرفوضون فلو غلبوا لفسد الحجاز بالكلية.
واما بلاد افريقية فاعرابها غالبون عليها، وهم من شر الخلق بل هم مستحقون للجهاد والغزو.
واما الغرب الاقصى فمع استيلاء الافرنج على اكثر بلادهم لا يقومون بجهاد النصارى الذين هناك بل في عسكرهم من النصارى الذين يحملون الصلبان خلق عظيم لو استولى التتار على هذه البلاد لكان اهل المغرب معهم من اذل الناس لا سيما والنصارى تدخل مع التتار فيصيرون حزبا على اهل المغرب، فهذا وغيره مما يبين ان هذه العصابة التي بالشام ومصر في هذا الوقت هم كتيبة الاسلام، وعزهم عز الاسلام، وذلهم ذل الاسلام، فلو استولى عليهم التتار لم يبق للاسلام عز ولا كلمة عالية، ولا طايفة ظاهرة عالية يخافها اهل الارض تقاتل عنه، فمن قفز عنهم الى التتار كان احق بالقتال من كثير من التتار، فان التتار فيهم المكره وغير المكره.
وقد استقرت السنة بان عقوبة المرتد اعظم من عقوبة الكافر الاصلي من وجوه متعددة: منها: ان المرتد يقتل بكل حال، ولا يضرب عليه جزية، ولا تعقد له ذمة بخلاف الكافر الاصلي.
ومنها: ان المرتد يقتل وان كان عاجزا عن القتال بخلاف الكافر الاصلي الذي ليس هو من اهل القتال فانه لا يقتل عند اكثر العلماء كابي حنيفة، ومالك، واحمد.
ولهذا كان مذهب الجمهور ان المرتد يقتل كما هو مذهب مالك، والشافعي، واحمد.
ومنها ان المرتد لا يرث، ولا يناكح، ولا توكل ذبيحته، بخلاف الكافر الاصلي، الى غير ذلك من الاحكام، واذا كانت الردة عن اصل الدين اعظم من الكفر باصل الدين، فالردة عن شرايعه اعظم من خروج الخارج الاصلي عن شرايعه، ولهذا كان كل مومن يعرف احوال التتار ويعلم ان المرتدين الذين فيهم من الفرس والعرب وغيرهم شر من الكفار الاصليين من الترك ونحوهم، وهم بعد ان تكلموا بالشهادتين مع تركهم لكثير من شرايع الدين خير من المرتدين من الفرس والعرب وغيرهم.
وبهذا يتبين ان من كان معهم ممن كان مسلم الاصل هو شر من الترك الذين كانوا كفارا، فان المسلم الاصلي اذا ارتد عن بعض شرايعه كان اسوا حالا ممن لم يدخل بعد في تلك الشرايع مثل: مانعي الزكاة وامثالهم ممن قاتلهم الصديق.
وان كان المرتد عن بعض الشرايع متفقها، او متصوفا او تاجرا، او كاتبا، او غير ذلك فهولاء شر من الترك الذين لم يدخلوا في تلك الشرايع واصروا على الاسلام، ولهذا يجد المسلمون من ضرر هولاء على الدين ما لا يجدونه من ضرر اوليك، وينقادون للاسلام وشرايعه وطاعة الله ورسوله اعظم من انقياد هولاء الذين ارتدوا عن بعض الدين ونافقوا في بعضه، وان تظاهروا بالانتساب الى العلم والدين، وغاية ما يوجد من هولاء يكون ملحدا نصيريا، او اسماعيليا، او رافضيا، وخيارهم يكون جهميا اتحاديا او نحوه، فانه لا ينضم اليهم طوعا من المظهرين للاسلام الا منافق، او زنديق، او فاسق فاجر، ومن اخرجوه معهم مكرها فانه يبعث على نيته، ونحن علينا ان نقاتل العسكر جميعه اذ لا يتميز المكره من غيره.
وقد ثبت في الصحيح: عن النبي - صلى الله عليه وسلم - انه قال: «يغزو هذا البيت جيش من الناس، فبينما هم ببيداء من الارض اذ خسف بهم فقيل: يا رسول الله، ان فيهم المكره.
فقال: يبعثون على نياتهم» .
والحديث مستفيض عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجوه متعددة اخرجه ارباب الصحيح عن عايشة، وحفصة، وام سلمة.
ففي صحيح مسلم: عن ام سلمة قالت: «قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يعوذ عايذ بالبيت فيبعث اليه بعث فاذا كانوا ببيداء من الارض خسف بهم فقلت: يا رسول الله، فكيف بمن كان كارها.
قال: يخسف به معهم ولكنه يبعث يوم القيامة على نيته» وفي الصحيحين: عن عايشة قالت: «عبث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في منامه فقلنا: يا رسول الله، صنعت شييا في منامك لم تكن تفعله.
فقال: العجب ان ناسا من امتي يومون هذا البيت برجل من قريش، وقد لجا الى البيت حتى اذا كانوا بالبيداء خسف بهم.
فقلنا: يا رسول الله، ان الطريق قد يجمع الناس.
قال: نعم، فيهم المستنصر والمجنون وابن السبيل فيهلكون مهلكا واحدا ويصدرون مصادر شتى، يبعثهم الله عز وجل على نياتهم» وفي لفظ للبخاري: عن عايشة قالت: «قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يغزو جيش الكعبة فاذا كانوا ببيداء من الارض يخسف باولهم واخرهم.
قالت: قلت: يا رسول الله، يخسف باولهم واخرهم، وفيهم اسواقهم ومن ليس منهم.
قال: يخسف باولهم واخرهم ثم يبعثون على نياتهم» .
وفي صحيح مسلم: عن حفصة «ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: سيعوذ بهذا البيت - يعني الكعبة - قوم ليست لهم منعة ولا عدد ولا عدة، يبعث اليهم جيش يوميذ حتى اذا كانوا ببيداء من الارض خسف بهم» .
قال يوسف بن ماهك: واهل الشام يوميذ يسيرون الى مكة فقال عبد الله بن صفوان: اما والله ما هو بهذا الجيش فالله تعالى اهلك الجيش الذي اراد ان ينتهك حرماته المكره فيهم وغير المكره.
مع قدرته على التمييز بينهم مع انه يبعثهم على نياتهم.
فكيف يجب على المومنين المجاهدين ان يميزوا بين المكره وغيره وهم لا يعلمون ذلك بل لو ادعى مدع انه خرج مكرها لم ينفعه ذلك بمجرد دعواه.
كما روي «ان العباس بن عبد المطلب قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - لما اسره المسلمون يوم بدر: يا رسول الله، اني، كنت مكرها.
فقال: اما ظاهرك فكان علينا واما سريرتك فالى الله» .
بل لو كان فيهم قوم صالحون من خيار الناس ولم يمكن قتالهم الا بقتل هولاء لقتلوا ايضا فان الايمة متفقون على ان الكفار لو تترسوا بمسلمين وخيف على المسلمين اذا لم يقاتلوا فانه يجوز ان نرميهم ونقصد الكفار، ولو لم نخف على المسلمين جاز وهي اوليك المسلمين ايضا في احد قولي العلماء.
ومن قتل لاجل الجهاد الذي امر الله به ورسوله هو في الباطن مظلوم كان شهيدا، وبعث على نيته، ولم يكن قتله اعظم فسادا من قتل من يقتل من المومنين المجاهدين، واذا كان الجهاد واجبا وان قتل من المسلمين ما شاء الله فقيل من يقتل في صفهم من المسلمين لحاجة الجهاد ليس اعظم من هذا، بل قد امر النبي - صلى الله عليه وسلم - المكره في قتال الفتنة بكسر سيفه وليس له ان يقاتل، وان قتل، كما في صحيح مسلم عن ابي بكرة «قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: انها ستكون فتن الا ثم تكون فتن الا ثم تكون فتن القاعد فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، الا فاذا نزلت او وقعت فمن كان له ابل فليلحق بابله، ومن كانت له غنم فليلحق بغنمه، ومن كانت له ارض فليلحق بارضه، قال: فقال رجل يا رسول الله، ارايت من لم يكن له ابل، ولا غنم، ولا ارض قال: يعمد الى سيفه فيدق على حده بحجر، ثم لينج ان استطاع النجاة.
اللهم هل بلغت، اللهم هل بلغت اللهم هل بلغت.
فقال رجل: يا رسول الله، ارايت ان اكرهت حتى ينطلق بي الى احدى الصفين او احدى الفيتين فيضربني رجل بسيفه او بسهمه فيقتلني.
قال: يبوء باثمه واثمك، ويكون من اصحاب النار» .
ففي هذا الحديث انه نهى عن القتال في الفتنة بل امر بما يتعذر معه القتال من الاعتزال او افساد السلاح الذي يقاتل به.
وقد دخل في ذلك المكره وغيره ثم بين ان المكره اذا قتل ظلما كان القاتل قد باء باثمه واثم المقتول كما قال تعالى في قصة ابني ادم عن المظلوم {اني اريد ان تبوء باثمي واثمك فتكون من اصحاب النار وذلك جزاء الظالمين}[المايدة: 29] ومعلوم ان الانسان اذا صال صايل على نفسه جاز له الدفع بالسنة والاجماع وانما تنازعوا هل يجب عليه الدفع بالقتال على قولين هما روايتان عن احمد: احداهما: يجب الدفع عن نفسه ولو لم يحضر الصف.
والثانية: يجوز له الدفع عن نفسه.
واما الابتداء بالقتال في الفتنة فلا يجوز بلا ريب، والمقصود انه اذا كان المكره على القتال في الفتنة ليس له ان يقاتل، بل عليه افساد سلاحه، وان يصبر حتى يقتل مظلوما فكيف بالمكره على قتال المسلمين مع الطايفة الخارجة عن شرايع الاسلام: كمانعي الزكاة، والمرتدين، ونحوهم، فلا ريب ان هذا يجب عليه اذا اكره على الحضور ان لا يقاتل وان قتله المسلمون كما لو اكرهه الكفار على حضور صفهم ليقاتل المسلمين، وكما لو اكره رجل رجلا على قتل مسلم معصوم فانه لا يجوز له قتله باتفاق المسلمين، وان اكرهه بالقتل فانه ليس حفظ نفسه بقتل ذلك المعصوم اولى من العكس، فليس له ان يظلم غيره فيقتله، ليلا يقتل هو، بل اذا فعل ذلك كان القود على المكره جميعا عند اكثر العلماء: كاحمد، ومالك، والشافعي، في احد قوليه، وفي الاخر: يجب القود على المكره فقط كقول: ابي حنيفة، ومحمد، وقيل: القود على المكره المباشر كما روي ذلك عن زفر، وابو يوسف: يوجب الضمان بالدية بدل القود ولم يوجبه.
وقد روى مسلم في صحيحه: عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قصة اصحاب الاخدود وفيها ان الغلام امر بقتل نفسه لاجل مصلحة ظهور الدين، ولهذا جوز الايمة الاربعة ان ينغمس المسلم في صف الكفار وان غلب على ظنه انهم يقتلونه اذا كان في ذلك مصلحة للمسلمين.
وقد بسطنا القول في هذه المسالة في موضع اخر، فاذا كان الرجل يفعل ما يعتقد انه يقتل به لاجل مصلحة الجهاد مع ان قتله نفسه اعظم من قتله لغيره كان ما يفضي الى قتل غيره لاجل مصلحة الدين التي لا تحصل الا بذلك ودفع ضرر العدو المفسد للدين والدنيا، الذي لا يندفع الا بذلك اولى واذا كانت السنة والاجماع متفقين على ان الصايل المسلم اذا لم يندفع صوله الا بالقتل قتل وان كان المال الذي ياخذه قيراطا من دينار، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: «من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون حرمه فهو شهيد» .
فكيف بقتال هولاء الخارجين عن شرايع الاسلام المحاربين لله ورسوله الذين صولهم وبغيهم اقل ما فيهم، فان قتال المعتدين الصايلين ثابت بالسنة والاجماع، وهولاء معتدون صايلون على المسلمين في انفسهم، واموالهم، وحرمهم، ودينهم، وكل من هذه يبيح قتال الصايل عليها، ومن قتل دونها فهو شهيد، فكيف بمن قاتل عليها كلها وهم من شر البغاة المتاولين الظالمين، لكن من زعم انهم يقاتلون كما تقاتل البغاة المتاولون فقد اخطا خطا قبيحا وضل ضلالا بعيدا فان اقل ما في البغاة المتاولين ان يكون لهم تاويل سايغ خرجوا به.
ولهذا قالوا: ان الامام يراسلهم، فان ذكروا شبهة بينها، وان ذكروا مظلمة ازالها، فاي شبهة لهولاء المحاربين لله ورسوله الساعين في الارض فسادا، والخارجين عن شرايع الدين ولا ريب انهم لا يقولون انهم اقوم بدين الاسلام علما وعملا من هذه الطايفة بل هو مع دعواهم الاسلام يعلمون ان هذه الطايفة اعلمهم باسلام منهم، واتبع له منهم، وكل من تحت اديم السماء من مسلم وكافر يعلم ذلك وهم مع ذلك ينذرون المسلمين بالقتال، فامتنع ان تكون لهم شبهة بينة يستحلون بها قتال المسلمين كيف وهم قد سبوا غالب حريم الرعية الذين لم يقاتلوهم؟ حتى ان الناس قد راوهم يعظمون البقعة وياخذون ما فيها من الاموال، ويعظمون الرجل ويتبركون به، ويسلبونه ما عليه من الثياب، ويسبون حريمه ويعاقبونه بانواع العقوبات التي لا يعاقب بها الا اظلم الناس وافجرهم، والمتاول تاويلا دينيا لا يعاقب الا من يراه عاصيا للدين، وهم يعظمون من يعاقبونه في الدين، ويقولون: انه اطوع لله منهم، فاي تاويل بقي لهم، ثم لو قدر انهم متاولون لم يكن تاويلهم سايغا، بل تاويل الخوارج ومانعي الزكاة اوجه من تاويلهم، اما الخوارج فانهم ادعوا اتباع القران، وان ما خالفه من السنة لا يجوز العمل به.
واما مانعوا الزكاة فقد ذكروا انهم قالوا: ان الله قال لنبيه: خذ من اموالهم صدقة وهذا خطاب لنبيه فقط فليس علينا ان ندفعها لغيره فلم يكونوا يدفعونها لابي بكر ولا يخرجونها له، والخوارج لهم علم وعبادة وللعلماء معهم مناظرات كمناظرتهم مع الرافضة والجهمية، واما هولاء فلا يناظرون على قتال المسلمين، فلو كانوا متاولين لم يكن لهم تاويل يقوله ذو عقل، وقد خاطبني بعضهم بان قال: ملكنا ملك ابن ملك ابن ملك الى سبعة اجداد، وملككم ابن مولى فقلت: له: اباء ذلك الملك كلهم كفار، ولا فخر بالكافر، بل المملوك المسلم خير من الملك الكافر، قال الله تعالى {ولعبد مومن خير من مشرك ولو اعجبكم}[البقرة: 221] .
فهذه وامثالها حججهم، ومعلوم ان من كان مسلما وجب عليه ان يطيع المسلم ولو كان عبدا ولا يطيع الكافر.
وقد ثبت في الصحيح: عن النبي - صلى الله عليه وسلم - انه قال: «اسمعوا واطيعوا وان امر عليكم عبد حبشي كان راسه زبيبة ما اقام فيكم كتاب الله» .
ودين الاسلام انما يفضل الانسان بايمانه وتقواه لا بابايه، ولو كانوا من بني هاشم اهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فانه خلق الجنة لمن اطاعه وان كان عبدا حبشيا، وخلق النار لمن عصاه ولو كان شريفا قرشيا.
وقد قال تعالى: {يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبايل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم}[الحجرات: 13] وفي السنن عنه - صلى الله عليه وسلم - انه قال: «لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لاسود على ابيض، ولا لابيض على اسود الا بالتقوى، الناس من ادم وادم من تراب» .
وفي الصحيحين: عنه انه قال لقبيلة قريبة منه: «ان ال ابي فلان ليسوا با
What's Your Reaction?






