مسالة رجل وقف وقفا على مدرسة واشترط شرطا
مسالة رجل وقف وقفا على مدرسة واشترط شرطا

مسالة:
في رجل وقف وقفا على مدرسة وشرط في كتاب الوقف انه لا ينزل بالمدرسة المذكورة الا من لم يكن له وظيفة بجامكية ولا مرتب.وانه لا يصرف ريعها لمن له مرتب في جهة اخرى؛ وشرط لكل طالب جامكية معلومة، فهل يصح هذا الشرط والحالة هذه؛ واذا صح فنقص ريع الوقف؛ ولم يصل كل طالب الى الجامكية المقررة له، فهل يجوز للطالب ان يتناول جامكية في مكان اخر؟ واذا نقص ريع الوقف ولم يصل كل طالب الى تمام حقه، فهل يجوز للناظر ان يبطل الشرط المذكور ام لا؟ واذا حكم بصحة الوقف المذكور حاكم، هل يبطل الشرط والحالة هذه؟ .
الجواب::
اصل هذه المسايل ان شرط الواقف ان كان قربة وطاعة لله ورسوله كان صحيحا؛ وان لم يكن شرطا لازما.وان كان مباحا، كما لم يسوغ النبي - صلى الله عليه وسلم - السبق الا في خف او حافر او نصل؛ وان كانت المسابقة بلا عوض قد جوزها بالاقدام وغيرها؛ ولان الله تعالى قال في مال الفيء: {كي لا يكون دولة بين الاغنياء منكم}[الحشر: 7] فعلم ان الله يكره ان يكون المال دولة بين الاغنياء.
وان كان الغنى وصفا مباحا فلا يجوز الوقف على الاغنياء؛ وعلى قياسه ساير الصفات المباحة؛ ولان العمل اذا لم يكن قربة لم يكن الواقف مثابا على بذل المال فيه؛ فيكون قد صرف المال فيما لا ينفعه؛ لا في حياته ولا في مماته ثم اذا لم يكن للعامل فيه منفعة في الدنيا؛ كان تعذيبا له بلا فايدة تصل اليه؛ ولا الى الواقف؛ ويشبه ما كانت الجاهلية تفعله من الاحباس المنبه عليها في سورة الانعام؛ والمايدة.
واذا خلا العمل المشروط في العقود كلها عن منفعة في الدين؛ او في الدنيا كان باطلا بالاتفاق في اصول كثيرة؛ لانه شرط ليس في كتاب الله تعالى؛ فيكون باطلا؛ ولو كان ماية شرط.
مثال ذلك: ان يشرط عليه التزام نوع من المطعم؛ او الملبس؛ او المسكن الذي لم تستحبه الشريعة؛ او ترك بعض الاعمال التي تستحب الشريعة عملها ونحو ذلك.
يبقى الكلام في تحقيق هذا المناط في اعتبار المسايل؛ فانه قد يكون متفقا عليه وقد يكون مختلفا فيه؛ لاختلاف الاجتهاد في بعض الاعمال؛ فينظر في شرط ترك من جهة اخرى؛ فما لم يكن فيه مقصود شرعي - خالص او راجح - كان باطلا؛ وان كان صحيحا؛ ثم[اذا] نقص الريع عما شرطه الواقف جاز للمطالب ان يرتزق تمام كفايته من جهة اخرى؛ لان رزق الكفاية لطلبة العلم من الواجبات الشرعية؛ بل هو من المصالح الكلية التي لا قيام للخلق بدونها؛ فليس لاحد ان يشرط ما ينافيها؛ فكيف اذا لم يعلم انه قصد ذلك؟ .
ويجوز للناظر مع هذه الحالة ان يوصل الى المرتزقة بالعلم ما جعل لهم وان لا يمنعهم من تناول تمام كفايتهم من جهة اخرى يرتبون فيها؛ وليس هذا ابطالا للشرط؛ لكنه ترك العمل به عند تعذره؛ وشروط الله حكمها كذلك وحكم الحاكم لا يمنع ما ذكر.
وهذه الارزاق الماخوذة على الاعمال الدينية انما هي ارزاق ومعاون على الدين؛ بمنزلة ما يرتزقه المقاتلة؛ والعلماء من الفيء.
والواجبات الشرعية تسقط بالعذر؛ وليست كالجعالات، على علم دنيوي؛ ولا بمنزلة الاجارة عليها، فهذه حقيقة حال هذه الاموال.
والله اعلم.
What's Your Reaction?






