باب اللباس
باب اللباس
وَلُبْسُ الْحَرِيرِ حَيْثُ يَكُونُ سُدًى بِحَيْثُ يَكُونُ الْقُطْنُ، وَالْكَتَّانُ أَغْلَى قِيمَةً مِنْهُ، وَفِي تَحْرِيمِهِ إضْرَارٌ بِهِمْ؛ لِأَنَّهُ أَرْخَصُ عَلَيْهِمْ يُخَرَّجُ
عَلَى وَجْهَيْنِ لِتَعَارُضِ لَفْظِ النَّصِّ، وَمَعْنَاهُ، كَالرِّوَايَتَيْنِ فِي إخْرَاجِ غَيْرِ الْأَصْنَافِ الْخَمْسَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ قُوتًا لِذَلِكَ الْبَلَدِ، وَلَوْ كَانَ الظُّهُورُ لِلْحَرِيرِ وَهُوَ أَقَلُّ مِنْ غَيْرِهِ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ التَّحْرِيمُ: وَالْكَرَاهَةُ، وَالْإِبَاحَةُ.
وَحَدِيثُ السِّيَرَاءِ وَالْقَسِّيّ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى تَحْرِيمِ مَا ظَهَرَ فِيهِ خُيُوطُ حَرِيرٍ أَوْ سُيُورٌ لَا بُدَّ أَنْ يُنْسَجَ مَعَ غَيْرِهَا مِنْ الْكَتَّانِ أَوْ الْقُطْنِ لِأَنَّ مَا فِيهِ الْحَرِيرُ، فَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَرَّمَهَا لِظُهُورِ الْحَرِيرِ فِيهَا وَلَمْ يَسْأَلْ هَلْ وَزْنُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مِنْ الْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ أَكْثَرُ أَمْ لَا مَعَ أَنَّ الْعَادَةَ أَنَّهُ أَقَلُّ فَإِنْ اسْتَوَيَا فَالْأَشْبَهُ بِكَلَامِ أَحْمَدَ التَّحْرِيمُ،
وَالثِّيَابُ الْقَسِّيَّةُ: ثِيَابٌ مَخْطُوطَةٌ بِحَرِيرٍ.
قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ ": قَالَ عَاصِمٌ: عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قُلْنَا لِعَلِيٍّ: مَا الْقَسِّيَّةُ؟ قَالَ: ثِيَابٌ أَتَتْنَا مِنْ الشَّامِ أَوْ مِنْ مِصْرَ مُضَلَّعَةٌ فِيهَا حَرِيرٌ كَأَمْثَالِ الْأُتْرُجِّ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: هِيَ ثِيَابٌ يُؤْتَى بِهَا مِنْ مِصْرَ، فِيهَا حَرِيرٌ.
فَقَدْ اتَّفَقُوا كُلُّهُمْ عَلَى أَنَّهَا ثِيَابٌ فِيهَا حَرِيرٌ وَلَيْسَتْ حَرِيرًا مُصْمَتًا.
وَهَذَا هُوَ الْمُلْحَمُ، وَالْخَزُّ أَخَفُّ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ سُدَاهُ مِنْ حَرِيرٍ، وَالسُّدَى أَيْسَرُ مِنْ اللُّحْمَةِ، وَهُوَ الَّذِي بَيَّنَ ابْنِ عَبَّاسٍ جَوَازَهُ بِقَوْلِهِ: فَأَمَّا الْعِلْمُ، وَالْحَرِيرُ، وَالسُّدَى لِثَوْبٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ الْخَزَّ ثَخِينٌ، وَالْحَرِيرُ مَسْتُورٌ بِالْوَبَرِ فِيهِ، فَيَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ الْحَشْوِ.
وَالْخَزُّ اسْمٌ لِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: لِلْوَبَرِ الَّذِي يُنْسَجُ مَعَ الْحَرِيرِ وَهُوَ وَبَرُ الْأَرْنَبِ، وَاسْمٌ لِمَجْمُوعِ الْحَرِيرِ وَالْوَبَرِ، وَاسْمُ لِرَدِيءِ الْحَرِيرِ.
فَالْأَوَّلُ، وَالثَّانِي: حَلَالٌ، وَالثَّالِثُ: حَرَامٌ، وَجَعَلَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ الْمُلْحَمَ، وَالْقَسِّيَّ، وَالْخَزَّ عَلَى الْوَجْهَيْنِ، وَجَعْلُ التَّحْرِيمِ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ؛ لِأَنَّهُ حَرَّمَ الْمُلْحَمَ، وَالْقَسِّيَّ، وَالْإِبَاحَةُ قَوْلُ ابْنِ الْبَنَّاءِ؛ لِأَنَّهُ أَبَاحَ الْخَزَّ، وَهَذَا لَا يَصْلُحُ؛ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ: وَيُلْبَسُ الْخَزِّ، وَلَا يُلْبَسُ الْمُلْحَمُ، وَلَا الدِّيبَاجُ.
وَأَمَّا الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ وَقُدَمَاءِ الْأَصْحَابِ، فَإِبَاحَةُ الْخَزِّ دُونَ الْمُلْحَمِ، وَغَيْرِهِ، فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ فِي الْخَزِّ خِلَافًا فَقَدْ غَلِطَ.
وَأَمَّا لُبْسُ الرِّجَالِ الْحَرِيرَ: كَالْكُلُوبَةِ، وَالْقَبَاءِ: فَحَرَامٌ عَلَى الرِّجَالِ بِالِاتِّفَاقِ عَلَى الْأَجْنَادِ وَغَيْرِهِمْ، لَكِنْ تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِي لُبْسِهِ عِنْدَ الْقِتَالِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ عَلَى قَوْلَيْنِ: أَظْهَرُهُمَا الْإِبَاحَةُ، وَأَمَّا إنْ احْتَاجَ إلَى الْحَرِيرِ فِي السِّلَاحِ وَلَمْ يَقُمْ غَيْرُهُ مَقَامَهُ فَهَذَا يَجُوزُ بِلَا نِزَاعٍ، وَأَمَّا إلْبَاسُهُ الصِّبْيَانَ الَّذِينَ دُونَ الْبُلُوغِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ أَظْهَرُهُمَا: التَّحْرِيمُ.
وَلُبْسُ الْفِضَّةِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ لَفْظٌ عَامٌّ بِالتَّحْرِيمِ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ أَنْ يُحَرِّمَ مِنْهُ إلَّا مَا قَامَ الدَّلِيلُ الشَّرْعِيُّ عَلَى تَحْرِيمِهِ، فَإِذَا جَاءَتْ السُّنَّةُ بِإِبَاحَةِ خَاتَمِ الْفِضَّةِ كَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى إبَاحَةِ ذَلِكَ، وَمَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ، وَمَا هُوَ أَوْلَى مِنْهُ بِالْإِبَاحَةِ، وَمَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ يَحْتَاجُ إلَى نَظَرٍ فِي تَحْلِيلِهِ وَتَحْرِيمِهِ، وَتُبَاحُ الْمِنْطَقَةُ الْفِضَّةُ فِي أَظْهَرْ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ، وَكَذَلِكَ
التركاشي، وَغِشَاءُ الْقَوْسِ، وَالنُّشَّابُ وَالْجَوْشَنُ، والقرقل، وَالْخُوذَةُ، وَكَذَلِكَ حِلْيَةُ الْمِهْمَازِ الَّذِي يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِرُكُوبِ الْخَيْلِ، وَالْكَلَالِيبُ الَّتِي يَحْتَاجُ إلَيْهَا أَوْلَى بِالْإِبَاحَةِ مِنْ الْخَاتَمِ فَإِنَّ الْخَاتَمَ يُتَّخَذُ لِلزِّينَةِ، وَهَذِهِ لِلْحَاجَةِ وَهِيَ مُتَّصِلَةٌ بِالسَّيْرِ لَيْسَتْ مُفْرَدَةً: كَالْخَاتَمِ وَلَا حَدَّ لِلْمُبَاحِ مِنْ ذَلِكَ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُحَرِّمْ لِبَاسَ
الْفِضَّةِ عَلَى الرِّجَالِ وَعَلَى النِّسَاءِ، وَإِنَّمَا حَرَّمَ عَلَى الرِّجَالِ لُبْسَ الذَّهَبِ وَالْحَرِيرِ، وَحَرَّمَ آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَالرُّخْصَةُ فِي اللِّبَاسِ أَوْسَعُ مِنْ الْآنِيَةِ؛ لِأَنَّ حَاجَتَهُمْ إلَى اللِّبَاسِ أَشَدُّ، وَتَنَازُعُ الْعُلَمَاءِ فِي يَسِيرِ الذَّهَبِ فِي اللِّبَاسِ وَالسِّلَاحِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ: أَحَدُهَا: لَا تُبَاحُ.
وَالثَّانِي: تُبَاحُ فِي السَّيْفِ خَاصَّةً.
وَالثَّالِثُ: تُبَاحُ فِي السِّلَاحِ.
وَكَانَ عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ فِي سَيْفِهِ مِسْمَارٌ مِنْ ذَهَبٍ.
وَالرَّابِعُ: وَهُوَ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُبَاحُ يَسِيرُ الذَّهَبِ فِي اللِّبَاسِ وَالسِّلَاحِ، فَيُبَاحُ طِرَازُ الذَّهَبِ إذَا كَانَ أَرْبَعَةَ أَصَابِعِ فَمَا دُونَهَا، وَخَزُّ الْقَبَّانِ وَحِيلَةُ الْقَوْسِ كَالسَّرْجِ وَالْبُرْدَيْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَحَدِيثُ: «لَا يُبَاحُ مِنْ الذَّهَبِ وَلَوْ خَزُّ بِصِيصَةٍ» وَخَزُّ بِصِيصَةٍ: عَيْنُ الْجَرَادَةِ؛ مَحْمُولٌ عَلَى الذَّهَبِ الْمُفْرَدِ: كَالْخَاتَمِ وَنَحْوِهِ، وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي
مُسْنَدِهِ.
وَجَعَلَ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ تَشَبُّهَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءٍ، وَالنِّسَاءِ بِالرِّجَالِ مِنْ قِسْمِ الْمَكْرُوهِ، وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ مُحَرَّمٌ، وَحَكَى بَعْضُ أَصْحَابِنَا التَّحْرِيمَ رِوَايَةً، وَمَا كَانَ مِنْ لُبْسِ الرِّجَالِ مِثْلُ: الْعِمَامَةِ، وَالْخُفِّ، الْقَبَاءِ الَّذِي لِلرِّجَالِ، وَالثِّيَابِ الَّتِي تُبْدِي مَقَاطِعَ خَلْقِهَا، وَالثَّوْبِ الرَّقِيقِ الَّذِي لَا يَسْتُرُ الْبَشَرَةَ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ تُنْهَى عَنْهُ، وَعَلَى
وَلِيِّهَا كَأَبِيهَا وَزَوْجِهَا أَنْ يَنْهَاهَا عَنْ ذَلِكَ.
وَهَذِهِ الْعَمَائِمُ الَّتِي تَلْبَسُهَا النِّسَاءُ عَلَى رُءُوسِهِنَّ حَرَامٌ بِلَا رَيْبٍ.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: وَقَدْ سُئِلَ عَنْ لُبْسِ الْقَبَاءِ.
وَالنَّظَرِيُّ لَيْسَ لَهُ التَّشْبِيهُ فِي لِبَاسِهِ بِلِبَاسِ أَعْدَاءِ الْمُسْلِمِينَ.
وَاللِّبَاسُ وَالزِّيُّ الَّذِي يَتَّخِذُهُ بَعْضُ النُّسَّاكِ مِنْ الْفُقَرَاءِ، وَالصُّوفِيَّةِ، وَالْفُقَهَاءِ، وَغَيْرِهِمْ بِحَيْثُ يَصِيرُ شِعَارًا فَارِقًا كَمَا أُمِرَ أَهْلُ الذِّمَّةِ بِالتَّمْيِيزِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ فِي شُعُورِهِمْ وَمَلَابِسِهِمْ، فِيهِ مَسْأَلَتَانِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: هَلْ يُشْرَعُ ذَلِكَ اسْتِحْبَابًا لِتَمَيُّزِ الْفَقِيرِ وَالْفَقِيهِ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِنَّ طَائِفَةً مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ اسْتَحَبُّوا ذَلِكَ، وَأَكْثَرُ الْأَئِمَّةِ لَا يَسْتَحِبُّونَ ذَلِكَ
بَلْ قَدْ كَانُوا يَكْرَهُونَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّمْيِيزِ عَنْ الْأُمَّةِ وَبِثَوْبِ الشُّهْرَةِ.
أَقُولُ هَذَا فِيهِ تَفْصِيلٌ فِي كَرَاهَتِهِ وَإِبَاحَتِهِ وَاسْتِحْبَابِهِ فَإِنَّهُ يُجْمَعُ مِنْ وَجْهٍ وَيُفَرَّقُ مِنْ وَجْهٍ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إنَّ لُبْسَ الْمُرَقَّعَاتِ، وَالْمَصْبَغَاتِ، وَالصُّوفِ مِنْ الْعَبَاءَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ: فَالنَّاسُ فِيهِ عَلَى ثَلَاثَةِ طُرُقٍ: مِنْهُمْ مَنْ يَكْرَهُ ذَلِكَ مُطْلَقًا: إمَّا لِكَوْنِهِ بِدْعَةً، وَإِمَّا لِمَا فِيهِ مِنْ إظْهَارِ الدِّينِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ اسْتَحَبَّهُ بِحَيْثُ يَلْزَمُهُ وَيَمْتَنِعُ مِنْ تَرْكِهِ، وَهُوَ حَالُ كَثِيرٍ مِمَّنْ يُنْسَبُ إلَى الْخِرْقَةِ وَاللُّبْسَةِ، وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ وَالْفِعْلَيْنِ خَطَأٌ، وَالصَّوَابُ: أَنَّهُ جَائِزٌ: كَلُبْسِ غَيْرِ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُرَقِّعَ الرَّجُلُ ثَوْبَهُ لِلْحَاجَةِ، كَمَا رَقَّعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ثَوْبَهُ، وَعَائِشَةُ، وَغَيْرُهُمَا مِنْ السَّلَفِ، وَكَمَا لَبِسَ قَوْمٌ الصُّوفَ لِلْحَاجَةِ، وَيُلْبَسُ أَيْضًا لِلتَّوَاضُعِ
وَالْمَسْكَنَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى غَيْرِهِ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: «مَنْ تَرَكَ جَيِّدَ اللِّبَاسِ وَهُوَ يَقْدِرُ كَسَاهُ اللَّهُ مِنْ حُلَلِ الْكَرَامَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» فَأَمَّا تَقْطِيعُ الثَّوْبِ الصَّحِيحِ وَتَرْقِيعُهُ، فَهَذَا فَسَادٌ وَشُهْرَةٌ.
وَكَذَلِكَ تَعَمُّدُ صَبْغِ الثَّوْبِ لِغَيْرِ فَائِدَةٍ، أَوْ حَكُّ الثَّوْبِ لِيَظْهَرَ التَّحْتَانِيُّ، أَوْ الْمُغَالَاةُ فِي الصُّوفِ الرَّفِيعِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ إفْسَادُ الْمَالِ وَنَقْصُ قِيمَتِهِ أَوْ فِيهِ إظْهَارُ التَّشَبُّهِ بِلِبَاسِ أَهْلِ التَّوَاضُعِ وَالْمَسْكَنَةِ مَعَ ارْتِفَاعِ قِيمَتِهِ وَسِعْرِهِ، فَإِنَّ هَذَا مِنْ النِّفَاقِ وَالتَّلْبِيسِ، فَهَذَانِ النَّوْعَانِ فِيهِمَا إرَادَةُ الْعُلُوِّ فِي الْأَرْضِ، أَوْ الْفَسَادِ، وَالدَّارُ الْآخِرَةُ لِلَّذِينَ لَا
يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا، مَعَ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ النِّفَاقِ، وَأَيْضًا فَالتَّقْيِيدُ بِهَذِهِ اللُّبْسَةِ بِحَيْثُ يُكْرَهُ اللَّابِسُ غَيْرَهَا أَوْ يَكْرَهُ أَصْحَابُهُ أَنْ لَا يَلْبَسُوا غَيْرَهَا، هُوَ أَيْضًا مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَلَيْسَ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُطَوِّلَ الْقَمِيصَ وَالسَّرَاوِيلَ، وَسَائِرَ اللِّبَاسِ أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ ".