باب الشروط والعيوب في النكاح

باب الشروط والعيوب في النكاح

باب الشروط والعيوب في النكاح
ِ إذَا شَرَطَ الزَّوْجُ لِلزَّوْجَةِ فِي الْعَقْدِ أَوْ اتَّفَقَا قَبْلَهُ أَنْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْ دِيَارِهَا أَوْ بَلَدِهَا أَوْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ لَا يَتَسَرَّى أَوْ إنْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَلَهَا تَطْلِيقُهَا صَحَّ الشَّرْطُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَلَوْ خَدَعَهَا فَسَافَرَ بِهَا ثُمَّ كَرِهَتْهُ لَمْ يُكْرِهْهَا وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ يَتَسَرَّى وَقَدْ شَرَطَ لَهَا عَدَمَ ذَلِكَ فَقَدْ يُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِ أَصْحَابِنَا جَوَازُهُ بِدُونِ إذْنِهَا لِكَوْنِهِمْ إنَّمَا ذَكَرُوا أَنَّ لَهَا الْفَسْخَ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِلْمَنْعِ. قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: وَمَا أَظُنُّهُمْ قَصَدُوا ذَلِكَ، وَظَاهِرُ الْأَثَرِ وَالْقِيَاسُ يَقْتَضِي مَنْعَهُ كَسَائِرِ الشُّرُوطِ الصَّحِيحَةِ وَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ ثُمَّ قَبْلَ أَنْ تَفْسَخَ طَلَّقَ أَوْ بَاعَ فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ الْفَسْخَ وَأَمَّا إنْ شَرَطَ إنْ كَانَ لَهُ زَوْجَةٌ أَوْ سُرِّيَّةٌ فَصَدَاقُهَا أَلْفَانِ ثُمَّ طَلَّقَ الزَّوْجَةَ أَوْ أَعْتَقَ السُّرِّيَّةَ بَعْدَ الْعَقْدِ قَبْلَ أَنْ تُطَالِبَهُ فَفِي إعْطَائِهَا ذَلِكَ نَظَرٌ وَمَنْ شَرَطَ لَهَا أَنْ يُسْكِنَهَا مَنْزِلَ أَبِيهِ فَسَكَنَتْ ثُمَّ طَلَبَتْ سُكْنَى مُنْفَرِدَةً وَهُوَ عَاجِزٌ لَمْ يَلْزَمْهُ مَا عَجَزَ عَنْهُ بَلْ لَوْ كَانَ قَادِرًا فَلَيْسَ لَهَا عِنْدَ مَالِكٍ وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ غَيْرُ مَا شَرَطَ لَهَا. وَعَلَيْهِ بُطْلَانُ نِكَاحِ الشِّغَارِ مِنْ اشْتِرَاطِ عَدَمِ الْمَهْرِ فَإِنْ سَمَّوْا مَهْرًا صَحَّ وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ شَرْطٌ لَازِمٌ لِأَنَّهُ شَرْطٌ اسْتَحَلَّ بِهِ الْفَرْجَ وَلَوْلَا لُزُومُهُ لَمْ يَكُ قَوْلُ الْمُجِيبِ وَالْقَابِلِ مُصَحِّحًا لِنِكَاحِ الْأَوَّلِ وَإِنْ شَرَطَ الزَّوْجَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا فِيهِ خِيَارًا صَحَّ الْعَقْدُ وَالشَّرْطُ وَإِنْ شَرَطَهَا بِكْرًا أَوْ جَمِيلَةً أَوْ ثَيِّبًا فَبَانَتْ بِخِلَافِهِ مَلَكَ الْفَسْخَ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَقَوْلُ مَالِكٍ وَأَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهَا أَنْ تُحَافِظَ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ أَوْ تَلْزَمَ الصِّدْقَ وَالْأَمَانَةَ فِيمَا بَعْدَ الْعَقْدِ فَتَرَكَتْهُ فِيمَا بَعْدُ مَلَكَ الْفَسْخَ كَمَا لَوْ شَرَطَتْ عَلَيْهِ تَرْكَ التَّسَرِّي فَتَسَرَّى فَيَكُونَ فَوَاتُ الصِّفَةِ إمَّا مُقَارِنًا وَإِمَّا حَادِثًا كَمَا أَنَّ الْعَنَتَ إمَّا مُقَارِنٌ أَوْ حَادِثٌ. وَقَدْ يَتَخَرَّجُ فِي فَوَاتِ الصِّفَةِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ قَوْلَانِ كَمَا فِي فَوَاتِ الْكَفَاءَةِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَحُدُوثِ الْعَنَتِ لَكِنَّ الْمَشْرُوطَ هُنَا فِعْلٌ تُحْدِثُهُ أَوْ تَرْكُهَا فِعْلًا لَيْسَ هُوَ صِفَةً ثَابِتَةً لَهَا وَلَوْ شَرَطَتْ مَقَامَ وَلَدِهَا عِنْدَهَا وَنَفَقَتَهُ عَلَى الزَّوْجِ فَهُوَ مِثْلُ اشْتِرَاطِ الزِّيَادَةِ فِي الصَّدَاقِ وَيُرْجَعُ فِي ذَلِكَ إلَى الْعُرْفِ كَالْأَجِيرِ بِطَعَامِهِ وَكُسْوَتِهِ وَلَوْ شَرَطَتْ أَنَّهُ يَطَؤُهَا فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ ذَكَرَ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ أَنَّهُ مِنْ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ وَنَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي الْأَمَةِ يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ أَهْلُهَا أَنْ تَخْدُمَهُمْ نَهَارًا وَيُرْسِلُوهَا لَيْلًا يُتَوَجَّهُ مِنْهُ صِحَّةُ هَذَا الشَّرْطِ إنْ كَانَ فِيهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ لَهَا بِالنَّهَارِ عَمَلٌ فَتَشْتَرِطَ أَنْ لَا يَسْتَمْتِعَ بِهَا إلَّا لَيْلًا وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَشَرْطُ عَدَمِ النَّفَقَةِ فَاسِدٌ وَيُتَوَجَّهُ صِحَّتُهُ لَا سِيَّمَا إذَا قُلْنَا: إنَّهُ إذَا أَعْسَرَ الزَّوْجُ وَرَضِيَتْ الزَّوْجَةُ بِهِ لَمْ تَمْلِكْ الْمُطَالَبَةَ بَعْدُ وَإِذَا شَرَطَتْ أَنْ لَا تُسَلِّمَ نَفْسَهَا إلَّا فِي وَقْتٍ بِعَيْنِهِ فَهُوَ نَظِيرُ تَأْخِيرِ التَّسْلِيمِ فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ صِحَّتُهُ وَذَكَرَ أَصْحَابُنَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَلَوْ شَرَطَتْ زِيَادَةً فِي النَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ وُجُوبُ الزِّيَادَةِ. وَكَذَلِكَ إذَا شَرَطَتْ زِيَادَةً عَلَى الْمَنْفَعَةِ الَّتِي يَسْتَحِقُّهَا بِمُطْلَقِ الْعَقْدِ مِثْلُ أَنْ تَشْتَرِطَ أَنْ لَا يَتْرُكَ الْوَطْءَ إلَّا شَهْرًا أَوْ أَنْ لَا يُسَافِرَ عَنْهَا أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ فَإِنَّ أَصْحَابَنَا الْقَاضِيَ وَغَيْرَهُ قَالَ فِي تَعْلِيلِ الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّهَا شَرَطَتْ عَلَيْهِ شَرْطًا لَا يَمْنَعُ الْمَقْصُودَ بِعَقْدِ النِّكَاحِ وَلَهَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ فَيَلْزَمُ الزَّوْجَ الْوَفَاءُ بِهِ كَمَا لَوْ شَرَطَتْ مِنْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي صِحَّةَ كُلِّ شَرْطٍ لَهَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ وَلَا يَمْنَعُ مَقْصُودَ النِّكَاحِ وَلَا يَصِحُّ نِكَاحُ الْمُحَلِّلِ وَنِيَّةُ ذَلِكَ كَشَرْطِهِ وَأَمَانِيه الِاسْتِمْتَاعُ وَهُوَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا. وَمَنْ نِيَّتُهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِي وَقْتٍ أَوْ عِنْدَ سَفَرِهِ فَلَمْ يَذْكُرْهَا الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَلَا الْجَامِعِ وَلَا ذَكَرَهَا أَبُو الْخَطَّابِ. وَذَكَرَهَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَقْدِسِيُّ وَقَالَ النِّكَاحُ صَحِيحٌ لَا بَأْسَ بِهِ فِي قَوْلِ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ إلَّا الْأَوْزَاعِيَّ. قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: وَلَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِنَا ذَكَرَ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ تَصْرِيحًا إلَّا أَبَا مُحَمَّدٍ وَأَمَّا الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ فَسَوَّى بَيْنَ نِيَّتِهِ عَلَى طَلَاقِهَا فِي وَقْتٍ بِعَيْنِهِ وَبَيْنَ التَّحْلِيلِ وَكَذَلِكَ الْجَدُّ وَأَصْحَابُ الْخِلَافِ وَإِذَا ادَّعَى الزَّوْجُ الثَّانِي أَنَّهُ نَوَى التَّحْلِيلَ أَوْ الِاسْتِمْتَاعَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُ فِي بُطْلَانِ نِكَاحِ الْمَرْأَةِ إلَّا أَنْ تُصَدِّقَهُ أَوْ تَقُومَ بَيِّنَةُ إقْرَارٍ عَلَى التَّوَاطُؤِ قَبْلَ الْعَقْدِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ عَلَى الزَّوْجِ الْأَوَّلِ فَتَحِلُّ فِي الظَّاهِرِ بِهَذَا النِّكَاحِ إلَّا أَنْ يُصَدَّقَ عَلَى إفْسَادِهِ فَأَمَّا إنْ كَانَ الزَّوْجُ الثَّانِي مِمَّنْ يُعْرَفُ بِالتَّحْلِيلِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِتَقَدُّمِ اشْتِرَاطِهِ إلَّا أَنْ يُصَرِّحَ لَهُ قَبْلَ الْعَقْدِ بِأَنَّهُ نِكَاحُ رَغْبَةٍ. وَأَمَّا الزَّوْجُ الْأَوَّلُ فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُ الزَّوْجِ الثَّانِي حُرِّمَتْ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَلَوْ تَقَدَّمَ شَرْطٌ عُرْفِيٌّ أَوْ لَفْظِيٌّ بِنِكَاحِ التَّحْلِيلِ وَادَّعَى أَنَّهُ قَصَدَ إلَى نِكَاحِ الرَّغْبَةِ قُبِلَ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ إنْ صَحَّحْنَا هَذَا الْعَقْدَ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ ادَّعَاهُ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ فَفِيهِ نَظَرٌ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُقْبَلَ قَوْلُهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ خِلَافُهُ وَلَوْ صُدِّقَتْ الزَّوْجَةُ أَنَّ النِّكَاحَ الثَّانِيَ كَانَ فَاسِدًا فَلَا تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ لِاعْتِرَافِهَا بِالتَّحْرِيمِ عَلَيْهِ. وَوَلَدُ الْمَغْرُورِ بِأَمَةٍ حُرٌّ بِفِدْيَةِ وَالِدَةٍ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ وَجْهًا وَاحِدًا لِأَنَّهُ ضَمَانُ جِنَايَةٍ مَحْضَةٍ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ ضَمَانَ جِنَايَةٍ لَمْ يَلْزَمْهُ الضَّمَانُ بِحَالٍ لِانْتِفَاءِ كَوْنِهِ ضَمَانَ عَقْدٍ أَوْ ضَمَانَ يَدٍ فَيُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ ضَمَانَ إتْلَافٍ أَوْ مَنْعٍ لِمَا كَانَ يَنْعَقِدُ مِلْكًا لِلسَّيِّدِ كَضَمَانِ الْجَنِينِ وَفَارَقَ مَا لَوْ اسْتَدَانَ الْعَبْدُ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ قَبَضَ الْمَالَ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ وَهُنَا قَبَضَ مَالِيَّةَ الْأَوْلَادِ بِدُونِ إذْنِ السَّيِّدِ فَهِيَ جِنَايَةٌ مَحْضَةٌ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي نِكَاحِ حُرَّةٍ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي الْإِتْلَافِ أَوْ الِاسْتِدَانَةِ عَلَى رِوَايَةٍ.

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0